مصباح الناسك في شرح المناسك المجلد الاول

اشارة

نام كتاب: مصباح الناسك في شرح المناسك

موضوع: فقه فتوايي

نويسنده: قمّي، سيد تقي طباطبايي

تاريخ وفات مؤلف: ه ق

زبان: عربي

قطع: وزيري

تعداد جلد: 2

ناشر: انتشارات محلاتي

تاريخ نشر: 1425 ه ق

نوبت چاپ: اول

مكان چاپ: قم- ايران

شابك: 4- 19- 7455- 964

محقق/ مصحح: غالب سيلاوي

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام علي محمّد و آله الطاهرين و اللعن علي أعدائهم الي يوم الدين.

و بعد، فلا يخفي علي روّاد العلم و الفضيلة انا شرحنا قبل سنين كتاب المناسك لسيدنا الاستاذ الخوئي قدّس سرّه و طبعناه و أخيرا راجعناه و جددنا النظر فيه و اشرنا الي جملة من المباني التي تغير رأينا فيها و حيث ان هذا الشرح نافع و مفيد لأرباب الفضل بنينا علي تجديد طبعه و ارجو من المولي أن يقبله بقبول حسن و يجعله مصباحا منيرا لذلك اليوم العسر الذي لا ينفع فيه مال و لا بنون الا من أتي اللّه بقلب سليم و اهدي هذه البضاعة المزجاة الي سيدي و مولاي مولي الكونين و الثقلين غريب بغداد باب الحوائج موسي بن جعفر عليهما آلاف التحية و الثناء و أرواح العالمين لتراب مقدمهما الفداء و أنا الحقير المحتاج الي رحمة ربه تقي بن الحسين الطباطبائي القمي عفي عنهما.

2 ربيع الثاني/ 1425 الهجري القمري

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 5

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام علي أشرف الأنبياء و المرسلين محمّد و آله الطيبين الطاهرين و اللعنة علي أعدائهم أجمعين الي يوم الدين.

و بعد، إنّ هذه رسالة في مناسك الحج وافية بأغلب ما يبتلي به عادة من المسائل و هي رسالة منظمة مرتبة يسهل فهمها و مراجعتها و قد افردت

فيها المستحبات عن الواجبات لئلا يلتبس الأمر علي المؤمنين و ارجو من اللّه تعالي أن يجعلها ذخرا لي يوم لا ينفع مال و لا بنون.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 7

[وجوب الحج]

اشارة

وجوب الحج:

يجب الحج علي كل مكلّف جامع للشرائط الآتية و وجوبه ثابت بالكتاب و السنة القطعية و الحج ركن من أركان الدين و وجوبه من الضروريات و تركه مع الاعتراف بثبوته معصية كبيرة كما انّ إنكار أصل الفريضة إذا لم يكن مستندا الي شبهة كفر قال اللّه تعالي في كتابه المجيد (وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ).

و روي الشيخ الكليني بطريق معتبر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من مات و لم يحج حجة الاسلام و لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا و هناك روايات كثيرة تدل علي وجوب الحج و الاهتمام به لم نتعرض لها طلبا للاختصار و فيما ذكرناه من الآية الكريمة و الرواية كفاية للمراد، و اعلم أنّ الحج الواجب علي المكلف في أصل الشرع انما هو لمرة واحدة و يسمي ذلك بحجة الاسلام (1).

______________________________

(1) في المقام فروع:

الفرع الأول: أنه يجب الحج علي كل مكلف جامع للشرائط هذا من الواضحات الأولية لمن يكون عارفا بالأحكام الشرعية و لمن لا يكون اجنبيا عن دين الاسلام و ان شئت قلت المدعي من الضروريات مضافا الي الاجماع و الكتاب

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 8

______________________________

و السنة أما الاجماع فلا خلاف بين الأصحاب و أمّا الكتاب فقوله تعالي فِيهِ آيٰاتٌ بَيِّنٰاتٌ مَقٰامُ إِبْرٰاهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ

كٰانَ آمِناً وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ «1» و أما السنة فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه أبو العبّاس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ قال هما مفروضان «2»، و منها ما رواه عمر بن اذينة قال: كتبت الي أبي عبد اللّه عليه السّلام بمسائل بعضها مع ابن بكير و بعضها مع أبي العباس فجاء الجواب بإملائه سألت عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا يعني به الحجّ و العمرة جميعا لانّهما مفروضان و سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ قال: يعني بتمامها اداءهما و اتقاء ما يتقي المحرم فيهما و سألته عن قوله تعالي الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ما يعني بالحج الأكبر فقال الحج الأكبر الوقوف بعرفة و رمي الجمار و الحجّ الأصغر العمرة «3». منها ما رواه أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ قال: هما مفروضان «4» و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العمرة واجبة علي الخلق بمنزلة الحج علي من استطاع لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ و انما انزلت العمرة بالمدينة قال قلت له: «فمن تمتع

______________________________

(1) آل عمران: 97.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص:

9

______________________________

بالعمرة الي الحج» ا يجزئ ذلك عنه قال: نعم «1».

فانّ هذه النصوص تدل علي وجوبه علي العباد و لا يخفي علي الخبير انّ المستفاد من هذه الروايات وجوب أصل الحج لا اتمامه بعد الشروع فيه و حيث ان هذه الأحاديث واردة في ذيل الآية المباركة و ناظرة إليها و مفسرة لها نفهم ان المراد من قوله تعالي وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ أصل الاتيان بهما لا اتمامهما بعد الشروع و الدخول فيهما و هذا أمر اساسي في باب الحج و يترتّب عليه أثر مهم إذ علي ما ذكرنا لا يجب الاتمام بعد الدخول و الشروع و بعبارة اخري لا يكون المراد من الآية ان قطع الحج حرام كقطع الصلاة فليكن هذا بذكرك لعله ينفعك في المستقبل.

لا يقال الحديث إذا كان مخالفا للكتاب يضرب عرض الجدار لانه يقال هذا فيما يكون الحديث معارضا للقرآن و اما اذا كان مفسرا و حاكما فلا فإن كلام العترة الطاهرة عدل القرآن و أحد الثقلين فلا تغفل.

الفرع الثاني: انّ الحج ركن من أركان الدين و وجوبه من الضروريات أما كونه من اركان الدين فتدل عليه جملة من الروايات منها ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الاسلام علي خمس علي الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية، الحديث «2». و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الاسلام علي خمسة أشياء علي الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية قال زرارة: فقلت: و أيّ شي ء من ذلك أفضل فقال الولاية أفضل لأنّها مفتاحهن و الوالي هو الدليل عليهنّ قلت: ثم الذي يلي ذلك في الفضل فقال:

الصلاة قلت:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب الحج، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 10

______________________________

ثم الذي يليها في الفضل قال: الزكاة لانه قرنها بها و بدأ بالصلاة قبلها قلت: فالذي يليها في الفضل قال: الحج قلت: ما ذا يتبعه قال: الصوم، الحديث «1». و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الاسلام علي خمسة أشياء علي الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية، الحديث «2» و منها ما رواه ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من مات و لم يحجّ حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديّا أو نصرانيّا «3» و منها ما رواه حماد بن عمرو و انس بن محمد عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السّلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السّلام قال: يا علي كفر باللّه العظيم من هذه الأمة عشرة القتّات و الساحر و الديّوث ناكح المرأة حراما في دبرها و ناكح البهيمة و من نكح ذات محرم و الساعي في الفتنة و بائع السلاح من اهل الحرب و مانع الزكاة و من وجد سعة فمات و لم يحج، يا علي تارك الحج و هو مستطيع كافر يقول اللّه تبارك و تعالي وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ يا علي من سوّف الحج حتي يموت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديا أو نصرانيّا «4» و منها

ما في المعتبر عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: من مات و لم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا أو نصرانيا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) الوسائل: الباب 7 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(4) الوسائل: الباب 7 من أبواب وجوب الحج، الحديث 3.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 11

______________________________

فانّ المستفاد من هذه الروايات بوضوح انّ الحج من أركان الدين و من اسسه و لذا يموت تاركه يهوديا أو نصرانيا و أما كونه من الضروريات فقد مرّ بيانه قريبا فلا نعيد و مما يناسب ذكره في المقام انّ المستفاد من جملة من الأحاديث المتقدمة انّ الاسلام مبني علي أركان منها الولاية فمن لا ولاية له لا اسلام له و بعبارة واضحة غير الشيعي الاثني عشري كافر في وعاء الشرع و لعله بهذا التقريب حكم بعض الاصحاب بكفر غير الامامي.

ان قلت كيف يمكن القول بهذه المقالة و الالتزام بها مع استلزامه القول بكفر تارك الصلاة مثلا و هل يمكن القول به.

قلت: ظاهر الحديث بل صريحه يقتضي هذه المقالة بالنسبة الي جميع الفقرات و لكن نرفع اليد عنه بالنسبة الي غير الولاية بلحاظ حكم الضرورة بالخلاف و انّ تارك الصلاة مثلا لا يكون كافرا و اما بالنسبة الي الولاية فلا وجه لرفع اليد عن الظهور بل الصراحة.

إن قلت كيف يمكن الحكم بكفر المخالف مع أنه لا اشكال في ترتب أحكام الاسلام عليه كحلية ذبيحته و امثالها.

قلت: لا تنافي بين الامرين فان ترتيب هذه الأحكام لمصالح تقتضيها في نظر الشارع و اللّه العالم.

الفرع الثالث: ان تركه مع الاعتراف بثبوته معصية كبيرة: لاحظ ما رواه المحاربي

«1»، فانّ هذه الرواية تدل بوضوح علي انّ ترك الحج معصية كبيرة و لذا يموت تاركه يهوديا أو نصرانيا و لا يخفي انّ مقتضي اطلاق النص انّ تركه كبيرة و لو

______________________________

(1) لاحظ ص 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 12

______________________________

لم يكن عالما به بل يكفي كونه قابلا لتوجه التكليف إليه نعم لا يشمل النص الغافل المحض و لاحظ ما رواه عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني قال: حدثني أبو جعفر الثاني عليه السّلام قال: سمعت أبي يقول سمعت أبي موسي بن جعفر عليه السّلام يقول: دخل عمرو بن عبيد علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فلمّا سلّم و جلس تلا هذه الآية وَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبٰائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَوٰاحِشَ ثم أمسك فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام ما أسكتك قال: أحبّ ان اعرف الكبائر من كتاب اللّه عزّ و جلّ فقال: نعم يا عمرو أكبر الكبائر الاشراك باللّه يقول اللّه مَنْ يُشْرِكْ بِاللّٰهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّٰهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ و بعده الاياس من روح اللّه لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول لٰا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّٰهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكٰافِرُونَ ثم الأمن من مكر اللّه لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول فَلٰا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّٰهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخٰاسِرُونَ و منها عقوق الوالدين لانّ اللّه سبحانه جعل العاق جبّارا شقيّا و قتل النفس التي حرّم اللّه الّا بالحق لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول فَجَزٰاؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِيهٰا الي آخر الآية و قذف المحصنة لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول لُعِنُوا فِي الدُّنْيٰا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ و أكل مال اليتيم لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً وَ سَيَصْلَوْنَ

سَعِيراً و الفرار من الزحف لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّٰا مُتَحَرِّفاً لِقِتٰالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِليٰ فِئَةٍ فَقَدْ بٰاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّٰهِ وَ مَأْوٰاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ و أكل الربا لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبٰا لٰا يَقُومُونَ إِلّٰا كَمٰا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطٰانُ مِنَ الْمَسِّ و السحر لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلٰاقٍ و الزنا لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثٰاماً يُضٰاعَفْ لَهُ الْعَذٰابُ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهٰاناً و اليمين الغموس الفاجرة لان اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 13

______________________________

وَ أَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولٰئِكَ لٰا خَلٰاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ و الغلول لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمٰا غَلَّ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ و منع الزكاة المفروضة لان اللّه عزّ و جلّ يقول فَتُكْويٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ و شهادة الزور و كتمان الشهادة لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول وَ مَنْ يَكْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ و شرب الخمر لانّ اللّه عزّ و جلّ نهي عنهما كما نهي عن عبادة الأوثان و ترك الصلاة متعمدا أو شيئا ممّا فرض اللّه عزّ و جلّ لانّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة اللّه و ذمة رسوله و نقض العهد و قطيعة الرحم لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدّٰارِ* قال فخرج عمرو و له صراخ من بكائه

و هو يقول هلك من قال برأيه و نازعكم في الفضل و العلم «1» فانّ المستفاد من الحديث ان ترك ما فرضه اللّه كبيرة و الحج فريضة إلهية.

الفرع الرابع: انّ انكار وجوبه اذا لم يكن عن شبهة يوجب الكفر فنقول تارة انكار الضروري يرجع الي تكذيب النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فمرجعه الي انكار الرسالة و لا اشكال في ايجابه الكفر لكن لا من باب انكار الضروري و أخري لا يرجع إليه فهل يمكن القول بأنّ مجرد انكار الضروري موجب للكفر أم لا؟

مقتضي بعض النصوص انّ إنكار وجوب الفريضة الالهية يوجب الكفر لاحظ ما رواه داود بن كثير الرقيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام سنن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم كفرائض اللّه عزّ و جلّ فقال انّ اللّه عزّ و جلّ فرض فرائض موجبات علي العباد فمن ترك فريضة من الموجبات فلم يعمل بها و جحدها كان كافرا و امر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بأمور كلها حسنة فليس من ترك بعض ما أمر اللّه عزّ و جلّ به عباده من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 46 من أبواب جهاد النفس، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 14

______________________________

الطاعة بكافر و لكنه تارك للفضل منقوص من الخير «1» فان مقتضي هذه الرواية ان انكار الفريضة الالهية يوجب الكفر و ان لم يكن ضروريا بل و إن كان عن شبهة فان الاطلاق و رفض القيود يقتضي سريان الحكم أينما يسري الموضوع و لكن هل يمكن الالتزام بمفاد الحديث؟ و أما الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي فِيهِ آيٰاتٌ بَيِّنٰاتٌ مَقٰامُ إِبْرٰاهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً

وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ «2» بتقريب انّ التعبير عن الترك بالكفر يدل علي انّ المراد من الكفر انكار وجوبه فغير تام إذ قد فسر الكفر بالترك في النص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال اللّه وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: هذه لمن كان عنده مال إلي أن قال و عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ مَنْ كَفَرَ يعني من ترك «3» لكن يستفاد من حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السّلام قال: ان اللّه عزّ و جلّ فرض الحج علي أهل الجدة في كل عام و ذلك قوله عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ قال: قلت: فمن كان يحج منّا فقد كفر قال: لا و لكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر «4» ان انكار وجوبه يوجب الكفر و الظاهر انّ انكار وجوب الحج بالنحو الذي ورد في الحديث أي انكار وجوبه في كل عام لأهل الجدة يوجب الكفر و لكن لا يمكن العمل بهذه الرواية فانها خلاف الضرورة كما نتعرض

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 2.

(2) آل عمران: 97.

(3) الوسائل: الباب 7 من أبواب وجوب الحج، الحديث 2.

(4) الوسائل: الباب 2 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 15

______________________________

لهذه الجهة أيضا عن قريب.

الفرع الخامس: أنه يجب الحج في جميع العمر مرة واحدة بالاجماع بل بالضرورة و مقتضي القاعدة الأولية إذا

لم يكن دليل علي التكرار كفاية المرة إذ قد ثبت في الاصول ان صيغة الأمر لا تدل علي المرة و لا التكرار لكن مقتضي الاطلاق كفاية المرة فان انطباق المأمور به علي المأتي به طبيعي و الأجزاء عقلي أضف الي ذلك أنه قد صرح في بعض النصوص بالكفاية لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما كلّف اللّه العباد الّا ما يطيقون انما كلّفهم في اليوم و الليلة خمس صلوات الي أن قال و كلّفهم حجة واحدة و هم يطيقون اكثر من ذلك «1» لكن قد دلت جملة من النصوص علي وجوبه في كل عام علي أهل الجدة منها ما رواه علي بن جعفر «2» و قانون التعارض يقتضي ترجيح الأحدث و الأحدث ما يدل علي وجوبه كل عام لكن لا يمكن الالتزام به فانه خلاف الضرورة و السيرة و ابدائه يقرع الاسماع و يوجب الاستنكار فلا بد من رفع اليد عن ظهوره في الوجوب و لا غرو فان الصيغة ظاهرة في الوجوب لو لا القرينة الدالة علي خلافه و هذا ظاهر واضح.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 14.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 16

[(مسألة 1): وجوب الحج بعد تحقق شرائطه فوري]

(مسألة 1): وجوب الحج بعد تحقق شرائطه فوري فتجب المبادرة إليه في سنة الاستطاعة و إن تركه فيها عصيانا أو لعذر وجب في السنة الثانية و هكذا و لا يبعد أن يكون التأخير من دون عذر من الكبائر (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع ثلاثة:

الفرع الأول: ان وجوب الحج عند اجتماع شرائطه فوري و الظاهر انه لا اشكال في انّ فوريته مرتكزة عند أهل الشرع و نقل اجماع

العلماء عليه و يدل عليه النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قدر الرجل علي ما يحجّ به ثم دفع ذلك و ليس له شغل يعذره به فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام الحديث «1» و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام علي ما في تقريره الشريف ان الفورية علي القاعدة إذ بعد تنجز التكليف و احتمال الفوت لا يجوز التأخير و لا معذر للعقل إذا فات نعم مع الوثوق بالبقاء يجوز التأخير كما لو اطمأن أول الظهر ببقائه الي الغروب يجوز ان يؤخر صلاته و أما مع عدم الوثوق فلا.

و يرد عليه انه قد ثبت في الاصول اعتبار الاستصحاب الاستقبالي و عليه لا نري مانعا من جريانه و يترتب عليه جواز التأخير و لو مع عدم الوثوق و ان شئت قلت الاستصحاب يقوم مقام القطع الطريقي.

الفرع الثاني: ان وجوبه فورا ففورا و الأمر كذلك و هذا علي طبق القاعدة فانّ اطلاق حديث الحلبي و امثاله يشمل السنة الثانية و الثالثة.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب وجوب الحج، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 17

[(مسألة 2): إذا حصلت الاستطاعة و توقف الاتيان بالحج علي مقدمات و تهيئة الوسائل]

(مسألة 2): إذا حصلت الاستطاعة و توقف الاتيان بالحج علي مقدمات و تهيئة الوسائل وجبت المبادرة الي تحصيلها و لو تعددت الرفقة فإن وثق بالادراك مع التأخير جاز له ذلك و الّا وجب الخروج من دون تأخير (1).

______________________________

و هكذا و بعبارة واضحة لو لم يأت بالحج و كان مستطيعا يشمله دليل الفورية و لا فرق من هذه الجهة بين السنة الاولي و غيرها فلاحظ.

الفرع الثالث: ان تركه لا يبعد أن يكون من الكبائر بل الأظهر انه كذلك و الوجه فيه انه

يشمله حديث عبد العظيم اذ يصدق أنه ترك فريضة من فرائض اللّه و أيضا يصدق عليه حديث ذريح فان المفروض انه كان واجبا عليه و تركه و ان مات كان يهوديا أو نصرانيا و من الواضح أنه يفهم منه كون تركه من الكبائر.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو حصلت الاستطاعة و توقف الاتيان بالحج علي مقدمات وجبت المبادرة إليها و الوجه فيه أنه تنجز الواجب عليه و المفروض أنه لا يمكن الاتيان به الّا مع مقدمات فتجب عليه المقدمات بحكم العقل و هذا ظاهر واضح بعد فرض وجوب المقدمة بحكم العقل كما هو المفروض.

الفرع الثاني: أنه لو تعددت الرفقة جاز له التأخير مع الوثوق بالادراك و الّا فلا و الوجه فيه أنه مع الوثوق بالادراك لا يلزم في ادراك العقل المبادرة و بعبارة اخري لانه لا تجب المبادرة في الواجب الموسع و المفروض أنه مع الوثوق يري الواجب موسعا من حيث المقدمات و اما مع عدم الوثوق فتجب المبادرة اذ لا معذر عند العقل في التأخير اللهمّ الا أن يقال ما المانع من جريان الاستصحاب الاستقبالي بأن يقال الاستصحاب يقتضي بقاء القدرة فكما يجري الاستصحاب مع الشك في البقاء كذلك يجري مع الشك في بقاء القدرة.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 18

[(مسألة 3): إذا أمكنه الخروج مع الرفقة الاولي و لم يخرج معهم]

(مسألة 3): إذا أمكنه الخروج مع الرفقة الاولي و لم يخرج معهم لوثوقه بالادراك مع التأخير و لكن اتفق انه لم يتمكن من المسير أو انه لم يدرك الحج بسبب التأخير استقر عليه الحج و ان كان معذورا في تأخيره (1).

______________________________

(1) ما يمكن ان يستدل به علي المدعي وجوه:

الوجه الأول: ان الحج استقر في ذمته فيجب الاتيان به و لو

مع زوال الاستطاعة و فيه انّ الاستقرار مع زوال الاستطاعة التي تكون موضوعا للوجوب أول الكلام.

الوجه الثاني: انّ التسويف يوجب الاستقرار و فيه انه لا تسويف في المقام إذ المفروض أن التأخير بأذن من الشارع فيكون معذورا عقلا.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي وجوب الاستنابة عن الذي كان مستطيعا و لم يحج حتي مات و من تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل مات و لم يحج حجة الاسلام و لم يوص بها أ يقضي عنه قال:

نعم «1» بتقريب انه لو كانت الاستنابة واجبة بعد الموت يجب علي المكلف القيام بهذه المهمة بالأولوية.

و فيه أنه لا مجال للتقريب المذكور إذ الاستنابة بعد الموت قد فرضت مع وفاء التركة بها و الكلام في المقام فيمن زالت استطاعته مضافا الي أنّ وجوب الاستنابة بعد الاستقرار و عدم الاتيان به في سنة الاستطاعة مركوز في اذهان أهل الشرع و أنه يجب عليه علي كل تقدير فالنتيجة انه لا دليل علي الاستقرار.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 28 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 19

[شرائط وجوب حجة الاسلام:]

اشارة

شرائط وجوب حجة الاسلام:

[الشرط الأول البلوغ]

اشارة

الشرط الأول البلوغ فلا يجب علي غير البالغ و ان كان مراهقا و لو حج الصبي لم يجزئه عن حجة الاسلام و ان كان حجه صحيحا علي الأظهر (1).

______________________________

(1) في المقام فرعان:

الفرع الأول: أنه يشترط البلوغ في وجوب الحج فلا يجب علي غير البالغ و لا اشكال في الحكم المذكور و هو مركوز في اذهان اهل الشرع و يعرفه حتي السوقي و يدل علي المدعي ما رواه الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة فقال: إذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «1» فان المستفاد من الحديث عدم جريان القلم علي الصبي قبل البلوغ و علي هذا الاساس قلنا ان غير البالغ اذا اتلف مال الغير لا يكون ضامنا لان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين التكليف و الوضع و يدل علي المدعي أيضا ما رواه اسحاق بن عمار قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن ابن عشر سنين يحج قال عليه حجة الاسلام إذا احتلم و كذلك الجارية عليها الحج اذا طمثت «2».

الفرع الثاني: أنه لو حج الصبي لم يجز عن حجة الاسلام تارة نتكلم علي مقتضي القاعدة الأولية و اخري علي طبق النص الخاص أما القاعدة فمقتضاها

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 12.

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 20

[(مسألة 4): إذا خرج الصبي الي الحج فبلغ قبل أن يحرم من الميقات و كان مستطيعا]

(مسألة 4): إذا خرج الصبي الي الحج فبلغ قبل أن

يحرم من الميقات و كان مستطيعا فلا اشكال في انّ حجه حجة الاسلام و اذا احرم فبلغ بعد احرامه لم يجز له اتمام حجه ندبا و لا عدوله الي حجة الاسلام بل يجب عليه الرجوع الي أحد المواقيت و الاحرام منه لحجة الاسلام فان لم يتمكن من الرجوع إليه ففي محل احرامه تفصيل يأتي إن شاء اللّه تعالي في حكم من تجاوز الميقات جهلا أو نسيانا و لم يتمكن من الرجوع إليه في المسألة 169 (1).

______________________________

الأجزاء إذ المفروض انّ عبادته تامة صحيحة و من ناحية أخري تحصيل الحاصل محال فالاجزاء علي القاعدة و أما من حيث النص الخاص فلا يكون مجزيا لاحظ ما رواه ابن عمار «1» فان مقتضي الحديث عدم الاجزاء.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو خرج الصبي الي الحج فبلغ قبل أن يحرم و كان مستطيعا يكون حجه حجة الاسلام و الوجه فيه أنه يدخل في موضوع الوجوب فيجب عليه.

الفرع الثاني: أنه لو احرم فبلغ بعد احرامه لا يجوز له اتمام حجه و لا يجوز له العدول إليه بل لا بدّ من الرجوع الي احد المواقيت و الاحرام منه لحجة الاسلام بتقريب ان المفروض وجوب الحج عليه فلا يجوز ادائه الحج الندبي.

و يرد عليه انه قد ثبت في الأصول انّ الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده و من ناحية اخري ان الترتب جائز و علي طبق القاعدة فلا وجه لعدم الجواز كما انه لا وجه لعدم الصحة نعم اذا اتم يكون عاصيا بالنسبة الي ترك حجة الاسلام.

______________________________

(1) لاحظ ص 19.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 21

[(مسألة 5): إذا حج ندبا معتقدا بأنه غير بالغ فبان بعد أداء الحج أنه كان بالغا]

(مسألة 5): إذا حج ندبا معتقدا بأنه غير بالغ فبان بعد أداء الحج

أنه كان بالغا اجزأه عن حجة الاسلام (1).

______________________________

و اما عدم جواز العدول فلأن العدول علي خلاف القاعدة و يحتاج الي الدليل فلا بد من تجديد الاحرام من الميقات ان قلت انه قد فرض صحة احرامه الأول فكيف يجوز له تجديده و بما ذا يحلّ منه قلت في فرض عدم العصيان يكون ايجاب حجة الاسلام متوجها إليه ففي فرض عدم العصيان يكون احرامه الأول كالعدم.

ان قلت هذا علي تقدير الاتيان بالحج الندبي و اما لو كان قصده من الأول حجة الاسلام و من ناحية اخري تكون عبادة الصبي مشروعة فما الوجه في وجوب تجديد الاحرام قلت قد مرّ قريبا ان المستفاد من النص الخاص ان حج الصبي لا يجزي عن حجة الاسلام فلا مناص عن الرجوع الي الميقات و تجديد الاحرام منه.

الفرع الثالث: أنه لو لم يتمكن من الرجوع ففيه تفصيل يأتي في مسألة 169 فانتظر.

(1) تارة يحج حجة الاسلام و يعتقد عدم الوجوب و اخري يعتقد عدم الوجوب و ينوي الحج الندبي أما في الصورة الاولي فلا اشكال في اجزائه عن حجة الواجب اذ المفروض انه نوي حجة الاسلام و لم ينو العمل المقيد بهذا القيد و لم يعلق عمله علي كونه مندوبا بل يكون خطأ في التطبيق فأتي بما هو واجب علي كل مكلف فلا وجه لعدم الاجزاء بل لنا ان نقول اذا قيد أو علق يكون مجزيا أيضا اذ المفروض مع الاعتقاد بعدم الوجوب لا يمكن أن يكون واجبا و بعبارة واضحة مع عدم امكان الانبعاث لا يمكن البعث فلو قيد العمل بكونه مندوبا أو لو علق حجه علي فرض كونه ندبا يكون ما نواه مطابقا مع الواقع اذ لو لم يكن واجبا

يكون مندوبا فاجزائه علي طبق القاعدة الأولية.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 22

[(مسألة 6): يستحب للصبي المميز أن يحج]

(مسألة 6): يستحب للصبي المميز أن يحج و لا يشترط في صحته اذن الولي (1).

______________________________

و أما في الصورة الثانية فلا يجزي لانّ المفروض انّ الحج الندبي يغاير حجة الاسلام و لا بد في تميز احدهما عن الآخر من القصد فاذا لم يميز به لا يكون حجة الاسلام فلا يكون مجزيا و لذا لو فرضنا ان المستطيع لو أتي بالحج ناويا الحج الندبي لا يكون امتثالا.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه يستحب للصبي المميز الحج و يمكن الاستدلال عليه بوجهين أحدهما الاطلاقات الاولية الدالة علي استحباب الحج ثانيهما النصوص الدالة علي ان حجه قبل البلوغ لا يجزي عن حجة الاسلام إذ من الضروري أن الحج الباطل لا يكون مجزيا فيعلم ان حجه صحيح لكن لا يكفي عن حجه الواجب.

الفرع الثاني: انه لا يشترط في صحته اذن الولي و هذا علي طبق القاعدة الأولية اذ مقتضي الاطلاق عدم الاشتراط فان اطلاق دليل الاستحباب يقتضي عدم الاشتراط كما انّ مقتضي الاصل العملي كذلك فان مقتضي الاستصحاب عدم الاشتراط لكن يرد عليه ان التقابل بين الاطلاق و التقييد بالتضاد فلا يحرز الاطلاق بالاصل المذكور الا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به مضافا الي انه يعارضه استصحاب عدم الاطلاق لكن يكفي لاثبات المدعي الاطلاقات كما تقدم.

و ربما يستدل علي الاشتراط بتقريبين:

التقريب الأول: ان العبادات توقيفية متلقاة من الشرع فيلزم رعايتها و فيه انه يكفي لاثبات المشروعية الاطلاقات.

التقريب الثاني: ان بعض أحكام الحج يستلزم التصرف المالي

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 23

[(مسألة 7): يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميز ذكرا كان أم أنثي]

(مسألة 7): يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميز ذكرا كان أم أنثي و ذلك بأن يلبسه ثوبي الاحرام و يأمره بالتلبية و يلقنه اياها ان

كان قابلا للتلقين و الا لبي عنه و يجنبه عما يجب علي المحرم الاجتناب عنه و يجوز أن يؤخر تجريده عن الثياب الي فخ اذا كان سائرا من ذلك الطريق و يأمره بالاتيان بكل ما يتمكن منه من افعال الحج و ينوب عنه فيما لا يتمكن و يطوف به و يسعي به بين الصفا و المروة و يقف به في عرفات و المشعر و يأمره بالرمي ان قدر عليه و الّا رمي عنه و كذلك صلاة الطواف و يحلق رأسه و كذلك بقية الاعمال (1).

______________________________

كالكفارات و ثمن الهدي فيلزم اذن الولي و هذا الوجه أيضا لا يثبت المدعي أما بالنسبة الي الكفارة فيمكن ان يقال بعدم وجوبها عليه اذ القلم غير جار عليه كما تقدم و أما ثمن الهدي فان توقف الهدي علي الشراء و لم يأذن يدخل في العاجز و يترتب عليه حكمه.

(1) في هذه المسألة جهات من البحث:

الجهة الأولي: انه يستحب للولي أن يحرم بالصبي ادعي فيه عدم الخلاف في بعض الكلمات و يدل علي المدعي النص الخاص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه الي الجحفة أو الي بطن مرّ و يصنع بهم ما يصنع بالمحرم و يطاف بهم و يرمي عنهم و من لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليّه «1» فلا اشكال في أصل الحكم نصا و فتوي.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 17 من أبواب اقسام الحج، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 24

______________________________

الجهة الثانية: انه ما المراد من الولي هل المراد به الولي الشرعي أو يشمل من كان متولّيا لامر الطفل و لو لم يكن وليا

شرعيا الظاهر هو الثاني و لا وجه للالتزام بالاختصاص و لا دليل عليه و يؤيد المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: مرّ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم برويثة و هو حاجّ إليه امرأة و معها صبي لها فقالت: يا رسول اللّه أ يحج عن مثل هذا قال: نعم و لك أجره «1» فان هذه الرواية تدل علي جواز قيام الام بهذه المهمة مع انّ الام لا ولاية لها شرعا لكن الحديث مخدوش سندا فيكون مؤيدا لكن المستفاد من الحديث جواز الحج عن الصبي و الكلام في المقام في جواز الاحرام بالصبي فالحديث غير دال علي المطلوب لكن يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت له: ان معنا صبيا مولودا فكيف نصنع به فقال: مر أمّه تلقي حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها فاتتها فسألتها كيف تصنع بصبيانها فاتتها فسألتها كيف تصنع فقالت اذا كان يوم التروية فاحرموا عنه و جرّدوه و غسّلوه كما يجرد المحرم وقفوا به المواقف فاذا كان يوم النحر فارموا عنه و احلقوا رأسه ثم زوروا به البيت و مري الجارية ان تطوف به بين الصفا و المروة «2» فان المستفاد من الحديث بنحو الصراحة ان حميدة كانت متكلفة لهذه الجهة و الامام روحي فداه أرجع إليها للتعلم فلاحظ.

الجهة الثالثة: أنه ما الوجه في التقييد بغير المميز و يمكن ان يكون الوجه فيه ان العبادة توقيفية تحتاج الي ترخيص من الشارع و المستفاد من نصوص الباب

______________________________

(1) الوسائل: الباب 20 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث

1.

(2) الوسائل: الباب 17 من اقسام الحج، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 25

______________________________

بحسب المتفاهم العرفي ان الشارع الأقدس ناظر الي من لا يكون قابلا لان يأتي بالعمل بنفسه و بعبارة اخري اذا كان الشخص قابلا لان يطوف و يسعي و يلبي بنفسه لم يكن وجه للاستنابة عنه و هذا العرف ببابك و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه ما تقدم من ان غير البالغ يستحب له أن يأتي بالحج فلا يحتاج الي الإحجاج.

الجهة الرابعة: ان الحكم المذكور يعم الانثي كالذكر أو يختص بالثاني الظاهر ان المشهور ذهبوا الي عموم الحكم و عدم الاختصاص و صاحب المستند ذهب الي الاختصاص علي ما نقل عنه و مقتضي القاعدة هو الاختصاص.

و لا دليل علي العموم و لا مجال للاستدلال علي العموم بحديث يونس بن يعقوب عن أبيه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ان معي صبية صغارا و انا اخاف عليهم البرد فمن أين يحرمون قال ائت بهم العرج فليحرموا منها فانّك اذا أتيت بهم العرج وقعت في تهامة ثم قال فان خفت عليهم فأت بهم الجحفة «1» بتقريب انّ لفظ صبية الواقع مورد السؤال يشمل الذكر و الانثي اذ يرد عليه أولا ان هذه الكلمة بدلت بلفظ صبيان علي ما في هامش الوسائل و ثانيا ان جمع صبية صبايا و الوارد في الحديث لفظ صبية و صفوة القول انه مع عدم احراز كون اللفظ جمعا لكلا الفريقين يشكل الحكم بالعموم اذ مع الشك في عموم المفهوم يكون مقتضي الاصل عدم العموم ان قلت قاعدة الاشتراك يقتضي العموم قلت هذه القاعدة انما تجري فيما يتعلق بالذكر و بقاعدة الاشتراك نحكم بشموله للانثي و أما

في المقام فان الخطاب الي الولي نعم لا بأس ان يقال ان مقتضي قاعدة الاشتراك شمول الحكم للانثي اذا كانت ولية علي الصغير فالجزم بالحكم مشكل و من ناحية اخري ان العبادة توقيفية

______________________________

(1) الوسائل: الباب 17 من أقسام الحج، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 26

______________________________

و مقتضي الاصل عدم عموم الجعل فالاحتياط يقتضي الالتزام بالاختصاص.

الجهة الخامسة: ان يلبسه ثوبي الاحرام و يأمره بالتلبية و يلقنه اياها ان كان قابلا و الا لبّي عنه و يجنبه عما يجب علي المحرم الاجتناب عنه لاحظ حديثي معاوية بن عمّار «1» و زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال اذا حجّ الرجل بابنه و هو صغير فانه يأمره ان يلبي و يفرض الحجّ فان لم يحسن ان يلبّي لبّوا عنه و يطاف به و يصلّي عنه، قلت: ليس لهم ما يذبحون قال: يذبح عن الصغار و يصوم الكبار و يتقي عليهم ما يتقي من المحرم من الثياب و الطيب و ان قتل صيدا فعلي أبيه «2» فانه يستفاد من الحديثين جميع المذكورات.

الجهة السادسة: انه يجوز تأخير تجريده عن الثياب الي فخ اذا كان سائرا من ذلك الطريق لاحظ ما رواه أيّوب أخي أديم قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام من أين يتجرّد الصبيان فقال كان أبي يجرّدهم من فخ «3».

الجهة السابعة: ان يأمره بالاتيان بكل ما يتمكن منه و ينوب عنه فيما لا يتمكن و لا يبعد ان يستفاد المدعي من حديث زرارة المتقدم آنفا فان العرف يفهم انه لا خصوصية في التلبية و ان الحكم هكذا أي يلزم المباشرة مع الامكان و مع عدمه تصل النوبة الي النيابة.

الجهة الثامنة: ان مقتضي حديث محمد بن الفضيل قال:

سألت أبا جعفر

______________________________

(1) لاحظ ص 23.

(2) الوسائل: الباب 17 من أبواب اقسام الحج، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 27

[(مسألة 8): نفقة حج الصبي في ما يزيد علي نفقة الحضر علي الولي لا علي الصبي]

(مسألة 8): نفقة حج الصبي في ما يزيد علي نفقة الحضر علي الولي لا علي الصبي نعم اذا كان حفظ الصبي متوقفا علي السفر به أو كان السفر مصلحة له جاز الانفاق عليه من ماله (1).

______________________________

الثاني عليه السّلام عن الصبي متي يحرم به قال: إذا أثغر «1» ان الاحرام بالصبي يختص بصورة الاثغار و لا أدري ما الوجه في عدم تعرض جملة من الاصحاب لهذه الجهة في هذا المقام و الاثغار عبارة عن سقوط اسنانه الرواضع و نباتها مكانها و يمكن ان الوجه في عدم العمل بالحديث ان السيرة جارية علي خلافه و انه لو كان الحكم معلقا علي الاثغار لكان معلوما و شايعا و اللّه العالم بحقائق الأمور و يمكن أن يكون الوجه في الاعراض عن الخبر المشار إليه انه لا اعتبار بسنده فان محمد بن فضيل الراوي عن الامام ارواحنا فداه لم تثبت وثاقته فان محمد بن فضيل بن غزوان وثق و لكن هو من اصحاب الصادق فلا اعتبار بسند الحديث.

(1) ما افاده علي طبق القاعدة فانه لا يجوز التصرف في ماله الّا اذا توقف حفظه علي بذل مال أو كان البذل في سبيل مصلحته و الا فلا يجوز التصرف و النصوص الدالة علي جواز الإحجاج لا تكون في مقام البيان من هذه الجهة مثلا اذا قال المولي يستحب غسل الجمعة هل يمكن أن يقال أنه يجوز الاغتسال بالماء المغصوب.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 28

[(مسألة 9): ثمن هدي الصبي علي الولي]

(مسألة 9): ثمن هدي الصبي علي الولي و ذلك كفارة صيده و اما الكفارات التي تجب عند الاتيان بموجبها عمدا فالظاهر أنها لا تجب بفعل الصبي لا علي الولي و لا في

مال الصبي (1).

______________________________

(1) قد ذكر قدّس سرّه في هذه المسألة فروعا ثلاثا:

الفرع الأول: ان ثمن هديه علي وليه و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة «1» فان الظاهر من هذه الرواية ان الذبح علي الولي و مثله حديث اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غلمان لنا دخلوا معنا مكة بعمرة و خرجوا معنا الي عرفات بغير احرام قال: قل لهم يغتسلون ثم يحرمون و اذبحوا عنهم كما تذبحون عن أنفسكم «2» و يستفاد من حديث آخر لمعاوية بن عمار «3» ان الهدي علي نفس الصبي اذا كان واجدا و الا فليصم عنه وليه فتكون النسبة بين هذه الرواية و تلك الطائفة بالعموم و الخصوص و مقتضي الصناعة تخصيص العام بالخاص و صفوة القول أنه يجمع بين النصوص بان يقال انّ الطفل اذا كان واجدا يذبح من ماله و ان لم يجد فان كان الولي واجدا يذبح عن الصغير و عن نفسه و ان كان واجدا في الجملة يذبح عن الصغير و يصوم عن نفسه و ان لم يجد اصلا يصوم عنه و عن نفسه و لكن مقتضي الاحتياط ان يذبح الولي عنه اذا كان واجدا و الّا يصوم عنه و لا يتصرف في مال الصغير.

الفرع الثاني: ان كفارة صيده علي الولي لاحظ ما رواه زرارة المتقدم آنفا فانه

______________________________

(1) لاحظ ص 26.

(2) الوسائل: الباب 17 من أبواب اقسام الحج، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 23.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 29

[الشرط الثاني: العقل]

الشرط الثاني: العقل فلا يجب الحج علي المجنون و ان كان ادواريا نعم اذا افاق المجنون في أشهر الحج و كان مستطيعا و متمكنا من الاتيان بأعمال الحج

وجب عليه و ان كان مجنونا في بقية الأوقات (1).

[الشرط الثالث: الحرية]

اشارة

الشرط الثالث: الحرية فلا يجب الحج علي المملوك و ان كان مستطيعا و مأذونا من قبل المولي و لو حج بأذن مولاه صح و لكن لا يجزيه عن حجة الاسلام فتجب عليه الاعادة اذا كان واجدا للشرائط بعد العتق.

______________________________

لا يبعد ان يفهم العرف من الرواية ان كفارة الصيد علي من يكون متوليا لامره بلا خصوصية للأب.

الفرع الثالث: أنه لو أتي عمدا بما يوجب الكفارة لا تجب لا عليه و لا علي وليه اما عدم وجوبه عليه فلوجهين:

الوجه الأول: أنه قد مرّ و تقدم أنه قبل البلوغ لا يجري عليه القلم.

الوجه الثاني: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عمد الصبي و خطاه واحد «1» فان المستفاد من الحديث ان عمد الصبي يعتبر خطأ فان لم يكن حكم للخطأ لا يحكم عليه و ان كان له حكم يحكم عليه بذلك الحكم نعم يمكن عدم جريان حكم الخطأ بالنسبة الي غير البالغ ببركة عدم جريان القلم عليه و أما عدم وجوبها علي الولي فلعدم المقتضي و مقتضي الأصل العملي عدم الوجوب.

(1) اشتراط وجوب الحج بالعقل و كون المكلف عاقلا لا خلاف فيه بل هو أمر واضح ظاهر و ان شئت قلت اعتبار العقل في التكليف لا اختصاص له بمورد دون آخر اضف الي ذلك ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لما خلق

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب العاقلة، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 30

[(مسألة 10): إذا أتي المملوك المأذون من قبل مولاه في الحج بما يوجب الكفارة]

(مسألة 10): إذا أتي المملوك المأذون من قبل مولاه في الحج بما يوجب الكفارة فكفارته علي مولاه في غير الصيد و علي نفسه فيه.

[(مسألة 11): إذا حج المملوك باذن مولاه و انعتق قبل ادراك المشعر]

(مسألة 11): إذا حج المملوك باذن مولاه و انعتق قبل ادراك المشعر أجزأه عن حجة الاسلام بل الظاهر كفاية ادراكه الوقوف بعرفات معتقا و ان لم يدرك المشعر و يعتبر في الأجزاء الاستطاعة حين الانعتاق فان لم يكن مستطيعا لم يجزئ حجه عن حجة الاسلام و لا فرق في الحكم بالاجزاء بين اقسام الحج من الافراد و القرآن و التمتع اذا كان المأتي به مطابقا لوظيفته الواجبة.

[(مسألة 12): إذا انعتق العبد قبل المشعر في حج التمتع فهديه عليه]

(مسألة 12): إذا انعتق العبد قبل المشعر في حج التمتع فهديه عليه و ان لم يتمكن فعليه ان يصوم بدل الهدي علي ما يأتي و ان لم ينعتق فمولاه بالخيار فان شاء ذبح عنه و ان شاء أمره بالصوم (1).

______________________________

اللّه العقل استنطقه ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له أدبر فادبر ثم قال: و عزتي و جلالي ما خلقت خلقا هو احب إليّ منك و لا اكملتك الّا فيمن احبّ اما انّي ايّاك آمر و ايّاك أنهي و ايّاك اعاقب و ايّاك اثيب «1» و لا فرق في هذا الحكم بين الاطباقي و الادواري لوحدة الملاك و الدليل نعم اذا افاق في اشهر الحج و كان جامعا للشرائط يجب عليه اذ ترتب الحكم علي موضعه طبيعي.

(1) لا نتعرض لأحكام المملوك لعدم الابتلاء بها في أمثال زماننا.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 31

[الشرط الرابع: الاستطاعة]

اشارة

الشرط الرابع: الاستطاعة،

[و يعتبر فيها أمور]

[الأول: السعة في الوقت]

و يعتبر فيها أمور:

الأول: السعة في الوقت و معني ذلك وجود القدر الكافي من الوقت للذهاب الي مكة و القيام بالأعمال الواجبة هناك و عليه فلا يجب الحج اذا كان حصول المال في وقت لا يسع للذهاب و القيام بالأعمال الواجبة فيها أو أنه يسع ذلك و لكن بمشقة شديدة لا تتحمل عادة و في ذلك يجب عليه التحفظ علي المال الي السنة القادمة فإن بقيت الاستطاعة إليها وجب الحج فيها و الّا لم يجب (1).

______________________________

(1) لا اشكال و لا كلام في اعتبار الشرط المذكور كتابا و سنة و اجماعا و ارتكاز و سيرة بل اشتراط الاستطاعة من ضروريات الفقه بل من ضروريات المذهب بل من ضروريات الاسلام انما الكلام في جهاتها و خصوصياتها و حدودها و الامور المعتبرة فيها و من تلك الأمور السعة في الوقت أي يكون الوقت كافيا للذهاب الي مكة و القيام باعمالها و هذا من الواضحات الأولية فان كل تكليف مشروط بالقدرة و مع عدم سعة الوقت لا يكون الحج مقدورا فلا يجب ثم انه اذا كان الوقت كافيا لكن كان القيام حرجيا و شاقا و لا يكون قابلا للتحمل عادة افاد قدّس سرّه بعدم الوجوب و ذلك لقاعدة نفي الحرج الحاكمة علي ادلة الأحكام و قد ثبت في محله اعتبارها و في المقام نصوص تدل علي وجوب الحج بمجرد القدرة العقلية و ان كان حرجيا لاحظ ما رواه محمد بن مسلم في حديث قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام فإن عرض عليه الحج فاستحيي قال هو ممّن يستطيع الحج و لم يستحيي و لو علي حمار اجدع ابتر قال فان كان يستطيع أن يمشي بعضا و

يركب بعضا فليفعل «1»

______________________________

(1) الوسائل: الباب 10 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 32

______________________________

و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: فان كان دعاه قوم ان يحجّوه فاستحيي فلم يفعل فانه لا يسعه الّا أن يخرج و لو علي حمار اجدع ابتر «1» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت له فان عرض عليه ما يحجّ به فاستحيي من ذلك أ هو ممّن يستطيع إليه سبيلا قال: نعم ما شأنه يستحيي و لو يحج علي حمار أجدع ابتر فان كان يستطيع أن يمشي بعضا و يركب بعضا فليحج «2» و منها ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول من عرض عليه الحج و لو علي حمار أجدع مقطوع الذنب فأبي فهو مستطيع للحج «3» و منها ما رواه أبو بصير أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل كان له مال فذهب ثم عرض عليه الحجّ فاستحيي فقال من عرض عليه الحج فاستحيي و لو علي حمار أجدع مقطوع الذنب فهو ممّن يستطيع الحج «4» و منها ما رواه أبو اسامة زيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال:

سألته ما السبيل قال يكون له ما يحج به قلت: أ رأيت ان عرض عليه مال يحج به فاستحيي من ذلك قال هو ممّن استطاع إليه سبيلا قال و ان كان يطيق المشي بعضا و الركوب بعضا فليفعل قلت أ رأيت قول اللّه وَ مَنْ

كَفَرَ أ هو في الحج قال: نعم قال: هو كفر النعم و قال: من ترك «5».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

(5) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 33

______________________________

و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل عليه دين أ عليه أن يحج قال: نعم ان حجة الاسلام واجبة علي من اطاق المشي من المسلمين و لقد كان من حجّ مع النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلم مشاة و لقد مرّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم بكراع الغميم فشكوا إليه الجهد و العناء فقال شدّوا أزركم و استبطنوا ففعلوا ذلك فذهب عنهم «1» و منها ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: يخرج و يمشي إن لم يكن عنده قلت: لا يقدر علي المشي قال: يمشي و يركب قلت لا يقدر علي ذلك أعني المشي قال: يخدم القوم و يخرج معهم «2» و يعارضها طائفة اخري من الروايات منها ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام قوله تعالي: وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: يكون له ما يحج به، الحديث «3» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ما السبيل قال: أن يكون له ما يحج به، الحديث «4»

و منها ما رواه محمد بن يحيي الخثعمي قال: سأل حفص الكناسي أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ما يعني بذلك قال: من كان صحيحا في بدنه مخلّي سربه له زاد و راحلة فهو ممن يستطيع الحج أو قال ممن كان له مال فقال له حفص الكناسي

______________________________

(1) الباب 11 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الباب 8 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 34

______________________________

فاذا كان صحيحا في بدنه مخلي في سربه له زاد و راحلة فلم يحج فهو ممن يستطيع الحج قال: نعم «1» و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله رجل من أهل القدر فقال: يا ابن رسول اللّه أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا أ ليس قد جعل اللّه لهم الاستطاعة فقال ويحك انما يعني بالاستطاعة الزاد و الراحلة ليس استطاعة البدن، الحديث «2» و منها ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام في كتابه الي المأمون قال: و حج البيت فريضة علي من استطاع إليه سبيلا و السبيل الزاد و الراحلة مع الصحة «3» و منها ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ما يعني بذلك قال: من كان صحيحا في بدنه مخلّي سربه له زاد و راحلة «4» و منها ما رواه في

تحف العقول عن الرضا عليه السّلام في كتابه الي المأمون قال: و حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا و السبيل زاد و راحلة «5» و منها ما رواه عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: من كان صحيحا في بدنه مخلّي سربه له زاد و راحلة فهو مستطيع للحج «6» و منها ما رواه عبد الرحمن بن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

(5) نفس المصدر، الحديث 9.

(6) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 35

______________________________

الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله: وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: الصحة في بدنه و القدرة في ماله «1» و في رواية حفص الاعور عنه عليه السّلام قال: القوة في البدن و اليسار في المال «2» فما الحيلة و ما الوسيلة افاد سيد المستمسك قدّس سرّه ان النصوص الدالة علي كفاية القدرة بأي نحو كان مورد اعراض الأصحاب فلا تكون حجة فلا معارض للطائفة المقابلة لها و هذا الكلام غير مقبول عندنا اذ ذكرنا مرارا انه قد حقّق في محله ان اعراض المشهور عن النص المعتبر لا يسقطه عن الاعتبار كما ان عملهم بحديث غير معتبر لا يكون جابرا له و من الغريب انهم في الأصول يقولون بعدم اعتبار الشهرة و في الفقه يسقطون الخبر المعتبر باعراض المشهور و يعملون بخبر غير معتبر باعتبار عمل المشهور به و التنافي بين الأمرين كالنار علي المنار و اجاب سيدنا الاستاد بأن الطائفة الدالة علي

كفاية القدرة محكومة بقاعدة لا حرج و حمل هذه الطائفة علي من استقر عليه الحج و يرد عليه انه قد ثبت في محله ان الحكم الوارد في مورد الحرج لا يكون محكوما بالقاعدة بل ذلك الدليل يكون مخصصا للقاعدة و اما حمل تلك الطائفة علي من استقر عليه الحج فهو حمل و جمع غير عرفي و لا يصار إليه اذ هو خلاف الصناعة و الّا يمكن الجمع بين جميع المتعارضات كما لو ورد في دليل يجب اكرام العلماء و في دليل آخر ورد قوله لا يجب اكرامهم يمكن الجمع بين الطرفين يحمل دليل الوجوب علي العدول و حمل دليل عدم الوجوب علي الفساق و يلزم سد باب المعارضة في جميع أبواب الفقه و هو كما تري و في الدورة السابقة قلنا ان الطائفة الدالة علي كفاية القدرة الفعليّة مخالفة مع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 12.

(2) نفس المصدر، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 36

______________________________

الكتاب حيث ان المستفاد منه رفع الحرج فالترجيح مع الطائفة المقابلة لا يقال الطائفة الدالة علي الكفاية مطابقة مع اطلاق الكتاب إذ المستفاد منه مطلق الاستطاعة فانه يقال ان دليل رفع الحرج يقيد الاطلاق و يرد عليه ان الاطلاق الكتابي بعد التقييد قابل لان يخصص بالخبر الواحد فلا تنافي بين الطائفة الاولي و الكتاب بل يخصص الكتاب بتلك الطائفة لكن الطائفة الاولي معارضة بالطائفة الثانية و قلنا في بحث الاصول ان المرجح الوحيد الاحدثية، و من الغريب ان يقال انه مقطوع الخلاف و كيف يكون كذلك و الحال ان الحديث المعتبر دال عليه و ذهب إليه صاحب الحدائق أي سلم ان الأحدثية من المرجحات

و التفصيل موكول الي مجال آخر و حيث ان الأحدث غير محرز و غير مشخص لا يمكن الترجيح بها فنقول مقتضي الصناعة رفع اليد عن كلا الطرفين و العمل بالإطلاق الكتابي ثم رفع اليد عن الاطلاق بقاعدة رفع الحرج اللهم الا أن يقال لا اشكال في ورود كلتا الطائفتين ففي زمان كان الوجوب متوقفا علي وجوب الزاد و الراحلة و في زمان كان الوجوب متحققا و لو مع العسر و الحرج و لا يمكن احراز زمان الاطلاق الكتابي فلا يتم الاطلاق أي نقطع بعدمه و ان شئت فقل رفع اليد عن الاطلاق ببركة قاعدة لا حرج يتوقف علي احراز عدم احدثية الطائفة الأولي و انّي لنا بذلك و بعبارة اخري لا يمكن رفع اليد عن الطائفة الاولي الدالة علي الوجوب بأي نحو ممكن نعم يمكن ان يقال انه اذا وصلت النوبة الي الشك لا مانع عن الأخذ بالبراءة و الحكم بعدم الوجوب في صورة الحرج و المشقة اضف الي ذلك انا نقطع بعدم وجوب الحج الحرجي فانه لو كان واجبا بأي نحو ممكن لشاع و كان ظاهرا واضحا و الحال انّ خلافه كذلك و بعبارة واضحة لا يكفي لوجوب الحج القدرة العقلية إذ لو كان الحج واجبا بمجرد

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 37

[الثاني: الأمن و السلامة]
اشارة

الثاني: الأمن و السلامة و ذلك بأن لا يكون خطرا علي النفس أو المال أو العرض ذهابا و ايابا و عند القيام بالاعمال (1).

______________________________

القدرة العقلية لما كان باقيا تحت الستار و شاع و ذاع و الحال ان خلافه مركوز عند الكل و السيرة جارية عليه و القول بالكفاية يقرع الاسماع و هذا السوق الشرعي و الارتكاز المتشرعي ببابك فتحصل انه

مع الحرج و المشقة لا يجب الحج بل لو لم يكن حرج و لم يكن مال لا يجب عليه الحج بلا اشكال و لا كلام ثم انه قدّس سرّه حكم بوجوب حفظ المال الي السنة الآتية فان بقيت الاستطاعة يجب في تلك السنة و الا فلا و الوجه في وجوب الحفظ ان الحج واجب علي المستطيع و لا يكون وجوبه مشروطا بتحقق أشهر الحج و بعبارة اخري لا يكون واجبا مشروطا بل وجوبه معلق و داخل في الواجب التعليقي و عليه من هذه السنة يتوجه إليه التكليف بالحج حيث فرض كونه مستطيعا في السنة الآتية فيجب عليه الحفظ لان مقدمة الواجب واجبة بحكم العقل فلاحظ.

(1) تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن يحيي الخثعمي «1» و منها ما رواه هشام بن الحكم «2» و منها ما رواه عبد الرحمن بن سيابة «3» ان قلت:

يستفاد من بعض نصوص الباب كفاية ما يحج به لاحظ ما رواه الحلبي «4».

قلت: النسبة بين هذه الرواية و حديث الكناسي نسبة العام الي الخاص و مقتضي الصناعة تخصيص العام بالخاص اضف الي ذلك انه لولاه يكون الحج

______________________________

(1) لاحظ ص 33.

(2) لاحظ ص 34.

(3) لاحظ ص 34.

(4) لاحظ ص 33.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 38

كما ان الحج لا يجب مباشرة علي مستطيع لا يتمكن من قطع المسافة لهرم أو مرض أو لعذر آخر و لكن تجب عليه الاستنابة علي ما سيجي ء تفصيله (1).

[(مسألة 13): اذا كان للحج طريقان احدهما مأمون و الآخر غير مأمون]

(مسألة 13): اذا كان للحج طريقان احدهما مأمون و الآخر غير مأمون لم يسقط وجوب الحج بل وجب الذهاب من الطريق المأمون و ان كان أبعد (2).

[(مسألة 14): اذا كان له في بلده مال معتد به و كان ذهابه الي الحج مستلزما لتلفه]

(مسألة 14): اذا كان له في بلده مال معتد به و كان ذهابه الي الحج مستلزما لتلفه لم يجب عليه الحج و كذلك اذا كان هناك ما يمنعه عن الذهاب شرعا كما اذا استلزم حجه ترك واجب اهم من الحج كإنقاذ غريق أو حريق أو توقف حجه علي ارتكاب محرم كان الاجتناب عنه أهم من الحج (3).

______________________________

بحسب العادة حرجيا و قاعدة رفع الحرج ترفع وجوبه.

(1) فانتظر.

(2) الأمر كما افاده اذ في مفروض الكلام موضوع الحكم بتمام معني الكلمة يتحقق و ترتب الحكم علي موضوعه طبيعي.

(3) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو استلزم الحج وقوعه في الضرر المالي بأن يكون له مال معتد به يتلف اذا حج لا يكون الحج واجبا و الوجه فيه انّ قاعدة نفي الضرر تنفي الأحكام الضررية أي الأحكام الموجبة للضرر و المفروض كذلك.

ان قلت: القاعدة و ان كانت نافية للضرر لكن الحكم الوارد في مورد الضرر

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 39

______________________________

يكون مخصصا للقاعدة كوجوب الخمس و امثاله و وجوب الحج من هذا القبيل.

قلت: ان المفروض في المقام توجه ضرر خارج عن المقدار المعروف في الحج علي النحو المتعارف و بعبارة اخري المقدار اللازم صرفه لا يشمله دليل لا ضرر و اما الزائد عليه فلا مثلا لو استلزم ايصال الخمس الي صاحبه ضررا واردا علي المكلف لا يكون الاداء واجبا.

و في المقام اشكالان أحدهما ان هذا التقريب انما يتم علي مسلك المشهور حيث ذهبوا الي ان مفاد القاعدة نفي الأحكام الضررية و

اما علي مسلك من يري ان مفاد القاعدة النهي عن الاضرار فلا يتم.

ثانيهما: أنه ما الوجه في تقييد المال بالمعتد به فان الميزان صدق عنوان الضرر بلا فرق بين كونه معتدا أو لم يكن فلا تغفل.

الفرع الثاني: انه لو استلزم الحج ترك الواجب الاهم أو ارتكاب حرام كذلك لا يجب الحج و الوجه فيه ان قاعدة التزاحم تقتضي تقديم الاهم و ربما يقال لا يلزم في جواز ترك الحج ان يكون المزاحم الاهم بل يكون مانعا عن الاطلاق و الوجه فيه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا قدر الرجل علي ما يحج به ثم دفع ذلك و ليس له شغل يعذره به فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام، الحديث «1» بتقريب انّ المستفاد من الحديث أنه لو اشتغل بشغل يكون عاذرا عن ترك الحج و مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق.

و يرد عليه انه علق الترك علي شغل يكون عاذرا و كون غير الأهم عذرا أول الكلام و الاشكال و بعبارة واضحة انه لا اشكال في عدم كفاية الاشتغال بمطلق

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب وجوب الحج، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 40

______________________________

الشغل كما لو اشتغل بتجارة أو سفر إلي غيرهما من الاشغال بل اللازم ان يكون معذورا شرعا فلا بد من احرازه فلا بد من احراز الأهمية ثم انه لا وجه لاختصاص الحكم بالاهم بل الامر كذلك حتي مع التساوي إذ قد ثبت في محله من الاصول انه لو دار الامر بين الضدين المتساويين تكون النتيجة التخيير فلو فرض التساوي و اشتغل بالضد يصدق انه اشتغل بشغل يعذره عن الحج فالنتيجة انه لو اشتغل بواجب اهم مثلا

أو مساوي لا يكون عاصيا و أما لو لم يشتغل به فربما يقال بعدم وجوب الحج عليه لان المانع الشرعي كالمانع العقلي فالمزاحم اذا كان أهم يكون مانعا عن تحقق الاستطاعة فلا تجب عليه الحج.

و يرد عليه ان الاستطاعة قد فسرت في النصوص و لا يكون من شروطها عدم المزاحمة فهذا القول غير سديد بل لنا ان نقول انه لو كان وجوب الحج معلقا علي القدرة لم يكن التزاحم موجبا لانتفاء الموضوع و بعبارة واضحة ان الظاهر من القدرة كون المكلف قادرا علي العمل تكوينا و إرادة الجامع بين القدرة العقلية و الشرعية من لفظ القدرة تحتاج الي الدليل فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 41

[(مسألة 15): اذا حج مع استلزام حجه ترك واجب أهم أو ارتكاب محرم كذلك]

(مسألة 15): اذا حج مع استلزام حجه ترك واجب أهم أو ارتكاب محرم كذلك فهو و ان كان عاصيا من جهة ترك الواجب أو فعل الحرام الا أن الظاهر أنه يجزئ عن حجة الاسلام اذا كان واجدا لسائر الشرائط و لا فرق في ذلك بين من كان الحج مستقرا عليه و من كان أول سنة استطاعته (1).

[(مسألة 16): اذا كان في الطريق عدو لا يمكن دفعه الا ببذل مال معتد به]

(مسألة 16): اذا كان في الطريق عدو لا يمكن دفعه الا ببذل مال معتد به لم يجب بذله و يسقط وجوب الحج (2).

______________________________

(1) الظاهر انّ ما أفاده مبني علي صحة الترتب التي ثبتت في الأصول فانه مع العصيان يكون مستطيعا فيكون حجه صادرا عن اهله واقعا في محله و لا فرق بين من يكون الحج مستقرا عليه و من لا يكون كذلك لوحدة الملاك و لا فارق بين المقامين.

(2) الأقوال في المسألة ثلاثة:

الأول: سقوط الحج و عدم وجوب بذل المال نقل عن الشيخ و جماعة بتقريب انه يشترط وجوب الحج بالأمن في الطريق و المفروض عدمه.

و يرد عليه ان دفع العدو بالمال كدفع السبع أو البرودة و امثالهما و من الظاهر انه لا يصدق عدم الأمن مع امكانه صرف المال.

و ربما يستدل علي المدعي بأن المأخوذ ظلم و لا تجوز الاعانة علي الاثم.

و فيه انه لا دليل علي حرمة الاعانة علي الاثم و علي فرض كونها حراما لا تكون كذلك في المقام اذ الحج أهم ملاكا من الاعانة و ربما يستدل بان من يخالف اخذ ماله قهرا لا يكون مستطيعا و المقام من مصاديقه و فيه انّ المقام لا يكون من

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 42

[(مسألة 17): لو انحصر الطريق بالبحر لم يسقط وجوب الحج]

(مسألة 17): لو انحصر الطريق بالبحر لم يسقط وجوب الحج الّا مع خوف الغرق أو المرض و لو حج مع الخوف صح حجه علي الأظهر (1).

______________________________

مصاديقه مضافا الي فساد التقريب في المقيس عليه.

الثاني: وجوبه علي الاطلاق لتمامية موضوع الوجوب.

الثالث: التفصيل بين المضر بحاله و المجحف به فلا يجب و الّا فيجب.

أقول: إذا كان رفع المال حرجيا يرتفع الوجوب بقاعدة لا حرج و اما اذا لم يكن كذلك

فان قلنا بأن مفاد قاعدة لا ضرر النهي عن الاضرار فيجب بلغ الضرر ما بلغ و اما ان قلنا بمقالة المشهور فالميزان صدق الضرر و عدمه فعلي الاول لا يجب و علي الثاني يجب و لا أدري ما الوجه في تقييد الماتن المال بالمعتد به فان مفاد القاعدة علي مسلك المشهور يرفع الحكم الضرري فلا بد من صدق عنوان الضرر و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين انواعه و لقائل أن يقول ان دليل لا ضرر لا يشمل المقام حتي علي مسلك المشهور في مفاد القاعدة و الوجه فيه ان القاعدة مخصصة بالأدلّة الواردة في مورد الضرر كالمقام فلاحظ.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو انحصر الطريق بالبحر لا يسقط وجوب الحج و هذا علي طبق القاعدة الأولية اذ الميزان وجود طريق مأمون بلا فرق بين الجو و البر و البحر و هذا واضح.

الفرع الثاني: أنه يجب مع خوف الغرق أو المرض و أما مع خوف الغرق.

فلا يجب لان الخوف طريق عقلائي و مع الخوف لا يكون الطريق مأمونا و بتقريب آخر مع الخوف يكون موضوع الوجوب غير محرز بل محرز العدم و أما مع خوف المرض فان كان خائفا من المرض الذي لا يكون قادرا علي الاتيان بالواجب

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 43

______________________________

أو كان قابلا و لكن يكون موجبا للحرج فيكون كخوف الغرق أي يوجب سقوط الوجوب اذ قد صرح في جملة من النصوص انه يشترط في وجوب الحج الصحة في البدن كما انّ المستفاد من دليل رفع الحرج عدم الوجوب اذا كان الحج حرجيا و اما اذا لم يكن كذلك فهل يمكن القول بسقوط الوجوب الانصاف انه مشكل و بعبارة واضحة

لا دليل علي كون مجرد المرض علي نحو الاطلاق يكون مانعا عن وجوب الحج و الّا يلزم سقوطه عن اكثر الناس إذ قلّما يتفق ان شخصا يكون سالما في بدنه علي نحو الاطلاق و هل يكون فرق بين حدوثه و بقائه نعم علي القول المشهور في مقتضي حديث لا ضرر يمكن ان يقال بان الحج اذا كان موجبا لحدوث المرض لا يكون واجبا لقاعدة لا ضرر الّا أن يقال لا يمكن الالتزام بسقوط الوجوب بمجرد توجه الضرر.

الفرع الثالث: أنه لو حج و الحال هذه يكون حجه صحيحا و الظاهر انّ الوجه فيه أنه بعد طيه المسافة و وصوله الي الميقات يدخل تحت عنوان المستطيع فيكون حجه تاما.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 44

[الثالث: الزاد و الراحلة]
اشارة

الثالث: الزاد و الراحلة و معني الزاد هو وجود ما يتقوت به في الطريق من المأكول و المشروب و سائر ما يحتاج إليه في سفره أو وجود مقدار من المال «النقود و غيرها» يصرفه في سبيل ذلك ذهابا و ايابا و معني الراحلة هو وجود وسيلة يتمكن بها من قطع المسافة ذهابا و ايابا و يلزم في الزاد و الراحلة ان يكونا مما يليق بحال المكلف (1).

______________________________

(1) الظاهر انّ ما افاده تام لجملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه الحلبي 2 و منها ما رواه محمد بن يحيي الخثعمي 3 و منها ما رواه السكوني 4 و منها ما رواه الفضل بن شاذان 5 و منها ما رواه هشام بن الحكم 6 كما انّ العرف يفهم من النصوص الدالة علي اشتراط الزاد و الراحلة ما يليق بحاله ذهابا و ايابا و بعبارة اخري كما انّ

المستفاد من المئونة في باب الخمس حيث دل الدليل علي انه بعد المئونة ما يكون موافقا لشأنه كذلك الحال في المقام و العرف ببابك و أما الاستدلال علي المدعي بانه لو لم يكن لائقا بشأنه يكون حرجيا و دليل لا حرج يرفع الوجوب فيرد عليه أولا أنه اخص من المدعي إذ ربما لا يكون حرجا بالنسبة الي شخص و ثانيا أنه لا يمكن القول بأن الحرج علي الاطلاق يرفع وجوب الحج كيف و إن دليل وجوبه وارد في مورد عمل يكون موجبا للحرج و الضرر و ببيان أوضح ان الحج في الأزمنة السابقة كان بحسب طبعه الأولي فعلا ذا مشقة موجبة للحرج و الضرر و لا يقاس ذلك الزمان بأمثال زماننا و قد حقق في محله ان الادلة الواردة في مورد الحرج أو الضرر تخصص القاعدة.

بقي شي ء و هو انه لا اشكال في انّ العرف يفهم من دليل الزاد و الراحلة وجدان ما يكون تحصيلهما به فلا فرق بين العين و القيمة مضافا الي أنه لا خلاف في

______________________________

(1) 1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6 لاحظ ص 33- 34.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 45

[(مسألة 18): لا يختص اشتراط وجود الراحلة بصورة الحاجة إليها]

(مسألة 18): لا يختص اشتراط وجود الراحلة بصورة الحاجة إليها بل يشترط مطلقا و لو مع عدم الحاجة إليها كما اذا كان قادرا علي المشي من دون مشقة و لم يكن منافيا لشرفه (1).

[(مسألة 19): العبرة في الزاد و الراحلة بوجودهما فعلا]

(مسألة 19): العبرة في الزاد و الراحلة بوجودهما فعلا فلا يجب علي من كان قادرا علي تحصيلهما بالاكتساب و نحوه و لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب و البعيد (2).

______________________________

هذه الجهة و السيرة جارية عليه فلاحظ.

(1) لعدم المقتضي للتقييد و ان شئت فقل لو كان مجرد الامكان كافيا للوجوب لم يكن وجه لتفسير الآية بوجود الزاد و الراحلة و بعبارة واضحة ان المولي في مقام البيان و لم يفرق و لم يفصل بين الموردين.

(2) قد ثبت في محله ان الوجوب المشروط لا يتحقق الّا بعد تحقق الشرط و بعبارة اخري الواجب علي المكلف بحسب الدليل الوجوب المشروط عند وجود الموضوع الذي يكون عبارة عن الشرط فما دام لا يكون موجودا لا يتحقق الوجوب اما وجوب تحصيل الشرط فلا دليل عليه بل مقتضي الصناعة عدم الوجوب اضف الي ذلك ان الحكم من الواضحات الفقهية.

ثم انه هل يكون فرق بين القريب و البعيد بان يقال لا يشترط في القريب كما لو كان المكلف مكيا و يريد عرفات الظاهر انّ الحكم عام و لا وجه للتفصيل فان ما يمكن ان يقال في تقريب المدعي وجهان:

الوجه الأول: انصراف الدليل عن القريب.

الوجه الثاني: ان الآية و ما ورد في تفسيرها من النصوص ناظرة الي السفر الي مكة و بيت اللّه فلا يشمل الدليل من يكون وظيفته السفر الي عرفات.

و يرد علي الوجه الأول أنه لا وجه للانصراف فإن ملاكات الأحكام

مصباح الناسك في شرح المناسك،

ج 1، ص: 46

[(مسألة 20): الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج انما هي الاستطاعة من مكانه لا من بلده]

(مسألة 20): الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج انما هي الاستطاعة من مكانه لا من بلده فاذا ذهب المكلف الي المدينة مثلا للتجارة أو لغيرها و كان له هناك ما يمكن أن يحج به من الزاد و الراحلة أو ثمنهما وجب عليه الحج و ان لم يكن مستطيعا من بلده (1).

______________________________

الشرعية لا تنالها عقولنا و يرد علي الوجه الثاني انّ زيارة البيت لا تختص بمكلف دون آخر غاية الأمر قد تكون زيارة البيت مقدمة للرواح الي عرفات و اخري تكون متأخرة مضافا الي انّ مقتضي التقريب ان السفر الي عرفات خارج عن دائرة الآية و النصوص فلا مجال للتقريب المذكور و بعبارة اخري الرواح الي عرفات إمّا جزء للعمل و إمّا لا و علي كلا التقديرين لا مجال للتقريب اما علي الأول فلأن المفروض وجوبه و أما علي الثاني فلا يكون السفر الي عرفات واجبا.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية إذ الميزان في وجوب الحج تحقق الاستطاعة و المفروض حصولها فيجب لكن هل يشترط في وجوبه ان يكون زاد و راحلة الي أن يرجع الي بلده أو يكفي رجوعه الي البلد الذي صار مستطيعا فيه يظهر من سيد المدارك علي ما نقل عنه الأول و الظاهر انّ الأمر كما أفاده إذ المستفاد من الأدلة اشتراطهما ذهابا و ايابا فيلزم التحفظ عليه و الحاصل انه يكفي للقول بالوجوب اطلاق الادلة و هل يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يمرّ مجتازا يريد اليمين أو غيرها من البلدان و طريقه بمكة فيدرك الناس و هم يخرجون الي الحج فيخرج معهم الي المشاهد أ يجزيه

ذلك عن حجة الاسلام قال: نعم «1» بتقريب انّ المستفاد من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 47

[(مسألة 21): إذا كان للمكلف ملك و لم يوجد من يشتريه بثمن المثل و توقف الحج علي بيعه بأقل منه بمقدار معتد به]

(مسألة 21): إذا كان للمكلف ملك و لم يوجد من يشتريه بثمن المثل و توقف الحج علي بيعه بأقل منه بمقدار معتد به لم يجب البيع و أما إذا ارتفعت الاسعار فكانت أجرة المركوب مثلا في سنة الاستطاعة أكثر منها في السنة الآتية لم يجز التأخير (1).

______________________________

الحديث كون الحج مجزيا بلا فرق بين كونه مستطيعا من بلده أم لا فيدل علي الأجزاء و إن لم يكن مستطيعا من بلده الحق أنه يشكل الاستدلال بالحديث إذ ما يستفاد من الحديث هو الاجزاء و الكلام في الوجوب و لا تفي الرواية بهذه الجهة.

(1) أنه قد تعرض في هذه المسألة لفرعين:

الفرع الأول: أنه لو كان له ملك لا يباع الّا بأقل من ثمن المثل و كان الفرق و التفاوت معتدا به لا يجب الحج و الظاهر أنه ناظر الي دليل لا ضرر فان تلك القاعدة ترفع الحكم الضرري فلا يجب.

أقول: أما علي مسلك شيخ الشريعة الذي اخترناه و قلنا انّ المستفاد من القاعدة النهي عن الاضرار بالغير لا نفي الحكم الضرري فلا مجال للاستدلال المذكور.

و أما علي مسلك المشهور فيرد علي الاستدلال أولا أنه لا وجه للتفصيل بين المعتد به و غيره فان الميزان تحقق الضرر فلا فرق بين أفراده، و ثانيا انّ دليل الضرر يخصص بالأدلّة الواردة في مورد الضرر و منها المقام فلا وجه لرفع اليد عن الاطلاق و بعبارة واضحة اطلاق الخاص و المقيد محكم.

و ما في كلام سيدنا الاستاد من انّ دليل لا ضرر يرفع

الضرر الزائد علي المقدار المتعارف مدخول فيه بعدم شاهد علي مدعاه و هل يمكن رفع الوجوب بقاعدة لا حرج إذا كان حرجيا لا يبعد ان الامر بالنسبة الي تلك القاعدة أيضا كذلك

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 48

[(مسألة 22): انما يعتبر وجود نفقة الاياب في وجوب الحج فيما إذا أراد المكلف العود الي وطنه]

(مسألة 22): انما يعتبر وجود نفقة الاياب في وجوب الحج فيما إذا أراد المكلف العود الي وطنه و أما إذا لم يرد العود و أراد السكني في بلد آخر غير وطنه فلا بد من وجود النفقة الي ذلك البلد و لا يعتبر وجود مقدار العود الي وطنه نعم إذا كان البلد الذي يريد السكني فيه أبعد من وطنه لم يعتبر وجود النفقة الي ذلك المكان بل يكفي في الوجوب وجود مقدار العود الي وطنه (1).

______________________________

إذ صرف النظر عن المال و بذله في سبيل الحج يكون حرجيا بالنسبة الي كثير من الناس و مع ذلك أوجب الشارع الحج للمستطيع فيعلم ان الحرج كالضرر لا يوجب رفع وجوبه و إن شئت فقل لو كان الأمر دائرا مدار عدم الحرج لشاع و ذاع و كان الحكم واضحا ظاهرا اللهم الا أن يقال السفر الي الحج في حد نفسه لا يكون و لم يكن من أول الأمر حرجيا بحيث يقال انّ دليله وارد في مورده و بعبارة اخري السفر الي مكة لا يكون بحسب الطبع الاولي حرجيا و عليه إذا كان حرجيا يرفع وجوبه دليل رفع الحرج فلاحظ.

الفرع الثاني: إنه إذا ارتفعت الاسعار في هذه السنة بالنسبة الي السنوات السابقة يجب الحج و لا يسقط وجوبه و الوجه فيه أنه يصدق عليه ان له زادا و راحلة و لا يكون الضرر المتوجه إليه زائدا علي المقدار المتعارف فلا وجه لعدم

الوجوب و لا يجوز التأخير.

(1) الأمر كما أفاده إذ اشتراط وجود نفقة العود و الرجوع ليس لأجل موضوعية لها بل من باب ان المستفاد من دليل الزاد و الراحلة بحسب الفهم العرفي نفقة الذهاب و الإياب و مع فرض عدم الرجوع الي بلده لا يبقي موضوع للشرط المذكور و أما بالنسبة الي البلد الذي يريد السكني فيه فيشترط وجود و الراحلة للوصول إليه هذا إذا كان ذلك البلد أقرب من بلده أو مساويا و أما إذا كان أبعد بحيث

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 49

[الرابع: الرجوع الي الكفاية]

الرابع: الرجوع الي الكفاية و هو التمكن بالفعل أو بالقوة من اعاشة نفسه و عائلته بعد الرجوع و بعبارة واضحة يلزم أن يكون المكلف علي حالة لا يخشي معها علي نفسه و عائلته من العوز و الفقر بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحج و عليه فلا يجب علي من يملك مقدارا من المال يفي بمصارف الحج و كان ذلك وسيلة لإعاشته و إعاشة عائلته مع العلم بأنه لا يتمكن من الاعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه فبذلك يظهر أنه لا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه من أمواله فلا يجب بيع دار سكناه اللائقة بحاله و ثياب تجمله و اثاث بيته و لا آلات الصنائع التي يحتاج إليها في معاشه و نحو ذلك مثل الكتب بالنسبة الي أهل العلم مما لا بدّ منه في سبيل تحصيله و علي الجملة كل ما يحتاج إليه الانسان في حياته و كان صرفه في سبيل الحج موجبا للعسر و الحرج لم يجب بيعه نعم لو زادت الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحج بل

من كان عنده دار قيمتها ألف دينار مثلا و يمكنه بيعها و شراء دار أخري بأقل منها من دون عسر و حرج لزمه ذلك إذا كان الزائد وافيا بمصارف الحج ذهابا و ايابا و بنفقة عياله (1).

______________________________

يحتاج الي نفقة أكثر من نفقة الرجوع الي بلده لم يعتبر وجود النفقة الي ذلك الا بعد بل يكفي وجودها لرجوعه الي بلده و الوجه فيه أنه في هذا الحال يصدق عليه عنوان الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(1) وقع الكلام في الاشتراط المذكور و عدمه و اختلف الأصحاب فيه و ما

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 50

______________________________

يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي وجوه:

الوجه الأول: الاجماع و فيه أنه كيف يمكن تحصيل الاجماع مع اختلاف الأصحاب فيه مضافا الي أنه علي فرض حصوله محتمل المدرك فلا يكون اجماعا من المرءوسين كي يكون كاشفا عن رأي الرئيس أي الامام أرواحنا فداه.

الوجه الثاني: أصل البراءة إذ مع الشك في الوجوب في صورة عدم الرجوع الي الكفاية تجري البراءة عن الوجوب.

و فيه انه لا مجال للأصل مع وجود الدليل الاجتهادي فاذا كانت النصوص دالة علي الوجوب علي الاطلاق لا مجال للأصل كما هو واضح.

الوجه الثالث: جملة من النصوص منها ما رواه أبو الربيع الشامي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فقال ما يقول الناس قال: فقلت له الزاد و الراحلة قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام قد سئل أبو جعفر عليه السّلام عن هذا فقال: هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت عياله و يستغني به

عن الناس ينطلق إليهم فيسلبهم ايّاه لقد هلكوا اذا فقيل له فما السبيل قال فقال السعة في المال إذا كان يحج ببعض و يبقي بعضا لقوت عياله أ ليس قد فرض اللّه الزكاة فلم يجعلها الّا علي من يملك مائتي درهم «1» و هذه الرواية ضعيفة بالشامي حيث إنّه لم يوثق و توصيف الحديث بالحسن أو الراوي بالحسن لا يكون توثيقا بل دال علي عدم احراز الوثاقة و الّا لم يكن وجه لتبديل لفظ الثقة بالحسن كما انّ كونه في اسناد تفسير القمي لا اثر له و الوجه فيه انا نري جملة من الملاعين الكذابين في اسناده اخبثهم عائشة لعنة اللّه عليها فيصير كلامه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 51

______________________________

و توثيقه مجملا إذ كيف يمكن ان يشمل التوثيق مثل عائشة و كيف يمكن أن لا يكون مثل القمي عارفا بحال مثل عائشة فلا يمكن الأخذ بعموم كلامه و ظاهر مقالته مضافا الي انّ كلامه في حد نفسه مجمل مبهم حيث يقول «إنا ذاكرون عن مشايخنا و ثقاتنا» فانا نسأل ان عطف لفظ ثقاتنا علي مشايخنا هل يكون من العطف التفسيري أو من عطف العام علي الخاص أو من عطف المباين علي المباين أو مجمل أما كونه عطفا تفسيريا فهو خلاف القاعدة الأولية فانّ الظاهر يقتضي التأسيس و اما كونه من عطف العام علي الخاص فهو أيضا علي خلاف اسلوب الكلام فلا يصار إليه و أما كونه من عطف المباين علي مثله فمرجعه الي عدم شمول التوثيق للمشايخ فتكون روايات التفسير كلها ساقطة عن الاعتبار الا أن يتم أمر الاعتبار من طريق آخر و

اما علي فرض الإجمال فأيضا لا يمكن الاعتماد بتوثيقه حيث فرض ان كلامه مجمل و غير واضح المراد و يؤكد الاجمال قوله في أول تفسيره ثقاتنا حيث ان هذا اللفظ ظاهر في كون المراد من الثقات ثقات الامامية لا مطلق الثقات و الوجه في الظهور أنه اضاف اللفظ الي نفسه فكما لو قال أحد من الأصحاب قال علمائنا أو أصحابنا يكون اللفظ ظاهرا في علماء الامامية و أصحابهم كذلك اللفظ المذكور في المقام ظاهر في ثقات الاماميّة فلا يكون توثيقا لمطلق الروات و عليه يكون عطفا تفسيريا لقوله مشايخنا فلا يكون توثيقا لغير الطبقة الاولي.

و الحق ان الأمر لا يكون كذلك فان الظاهر من قوله حيث يقول و رواه مشايخنا و ثقاتنا عن اللذين فرض اللّه طاعتهم ان مراده الطبقة الأخيرة المتصلة بالمعصومين فإن من يروي عن الأئمة أو عن الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلم هو الراوي عنهم بالمباشرة هذا من ناحية و من ناحية اخري كما تقدم منا ان الطبقة الاخيرة المتصلة

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 52

______________________________

بالمعصومين فيهم جملة من الملاعين كعائشة فلا مجال للأخذ بكلامه فلا اثر لتوثيقاته لا بنحو العموم و لا بنحو الخصوص.

و لكن الذي اختلج أخيرا ببالي القاصر انّ كلامه دال علي توثيق الطبقة الاولي و هي طبقة المشايخ و الوجه فيه انّ لفظ المشايخ صريح في تلك الطبقة و لفظ ثقاتنا عطف تفسيري للمشايخ إذ لو أخبر أحد بخبر و بعد الاخبار يقول اخبرني بهذا الخبر اساتيدي و أوليائي و أحبائي يفهم منه انّ المخبرين كلهم اساتيده و أوليائه و أحبائه و العرف ببابك و بعبارة اخري العطف في مثله يكون ظاهرا في العطف

التفسيري فلا اشكال في ظهور الكلام في الطبقة الاولي غاية الأمر هذه الطبقة لا يرون عن الامام الّا مع الواسطة فيصح اسناد الرواية إليهم و لو مجازا فالنتيجة ان الطبقة الاولي في التفسير موثّقون بتوثيق القمي و لقائل أن يقول ان قياس كلامه بمورد المثال مع الفارق و الحمل علي العطف التفسيري خلاف الظاهر.

و منها ما رواه الأعمش عن جعفر بن محمد عليه السّلام في حديث شرائع الدين قال و حج البيت واجب علي من استطاع إليه سبيلا و هو الزاد و الراحلة مع صحة البدن و ان يكون للانسان ما يخلفه علي عياله و ما يرجع إليه من حجّه «1» و الحديث ضعيف سندا بالأعمش بل و بغيره و منها ما رواه الطبرسي في قوله تعالي وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال المروي عن ائمتنا عليهم السّلام انه الزاد و الراحلة و نفقة من تلزمه نفقته و الرجوع الي كفاية اما من مال أو ضياع أو حرفة مع الصحة في النفس و تخلية الدرب من الموانع و امكان المسير «2» و الحديث

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب وجوب الحج، الحديث 4.

(2) الوسائل: الباب 9 من أبواب وجوب الحج، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 53

______________________________

ضعيف بالارسال و منها ما رواه المحاربي «1» بتقريب انّ المستفاد من الحديث انه لو كان الحج موجبا للاجحاف به يكون ساقطا و من الظاهر انه لو كان بحيث يختل امر معاشه و حياته يكون من اظهر مصاديق الاجحاف فالانصاف ان هذه الرواية تفي بإثبات المطلوب.

الوجه الرابع: أن العرف يفهم من نصوص الباب انّ الشارع الأقدس في عين ايجاب الحج علي المكلف في

مقام التحفظ علي بقائه و ما يتعلق به من شئونه.

الوجه الخامس: انه لو كان الحج واجبا بلغ أمره الي حد أن المكلف بعد رجوعه يكون مضطرا و ساقطا عن الاعتبار و بعبارة اخري يكون الحج واجبا و لو كان سببا لمهانته و وقوعه في المشقة و الزحمة لكان شايعا و لم يكن مخفيا و مستورا.

الوجه السادس: قاعدة رفع الحرج و لكن تقدم الاشكال في الاستدلال بالقاعدة لعدم الوجوب و لكن تقدم أيضا الاشكال فيه و قلنا ليس السفر الي البيت من الامور الحرجية فعلي فرض كونه حرجيا في مورد يشمله دليل رفعه و الانصاف ان السفر الي الحج في الازمنة السابقة كان حرجيا و بما ذكر ظهر ما يتعلق بما افاده الي آخر المسألة و الميزان الكلي أنه إذا كان الحج موجبا للاجحاف عليه و تحقق الخلل في معاشه و جهاته لا يجب و الّا يجب.

______________________________

(1) لاحظ ص 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 54

[(مسألة 23): إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل الحج لحاجته إليه ثم استغني عنه]

(مسألة 23): إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل الحج لحاجته إليه ثم استغني عنه وجب عليه بيعه لاداء فريضة الحج مثلا إذا كان للمرأة حلي تحتاج إليه و لا بدّ لها منه ثم استغنت عنه لكبرها أو لأمر آخر وجب عليها بيعه لأداء فريضة الحج (1).

[(مسألة 24): إذا كانت له دار مملوكة و كانت هناك دار اخري يمكنه السكني فيها من دون حرج عليه]

(مسألة 24): إذا كانت له دار مملوكة و كانت هناك دار اخري يمكنه السكني فيها من دون حرج عليه كما إذا كانت موقوفة تنطبق عليه وجب عليه بيع الدار المملوكة إذا كانت وافية بمصارف الحج و لو بضميمة ما عنده من المال و يجري ذلك في الكتب العلمية و غيرها مما يحتاج إليه في حياته (2).

[(مسألة 25): إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحج و كان بحاجة الي الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير ذلك مما يحتاج إليه]

(مسألة 25): إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحج و كان بحاجة الي الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير ذلك مما يحتاج إليه فإن كان صرف ذلك المال في الحج موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحج و الّا وجب عليه (3).

______________________________

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية إذ المفروض تغير الموضوع و كونه مستطيعا و لا يمنع عن حجه شي ء فيجب عليه الحج بلا اشكال.

(2) الأمر كما أفاده إذ المفروض تحقق الاستطاعة بلا وجود مانع فيجب أن يحج فورا.

(3) الظاهر انّ ما أفاده تام و يمكن الاستدلال عليه بحديث ذريح المحاربي «1» فإن الزامه بالحج و الحال هذه يكون اجحافا به فلا يجب.

______________________________

(1) لاحظ ص 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 55

[(مسألة 26): إذا كان ما يملكه دينا علي ذمة شخص و كان الدين حالا وجبت عليه المطالبة]

(مسألة 26): إذا كان ما يملكه دينا علي ذمة شخص و كان الدين حالا وجبت عليه المطالبة فإن كان المدين مماطلا وجب اجباره علي الاداء و إن توقف تحصيله علي الرجوع الي المحاكم العرفية لزم ذلك كما تجب المطالبة فيما اذا كان الدين مؤجلا و لكن المدين يؤديه لو طالبه و اما اذا كان المدين معسرا أو مماطلا و لا يمكن اجباره أو كان الاجبار مستلزما للحرج أو كان الدين مؤجلا و المدين لا يسمح باداء ذلك قبل الأجل ففي جميع ذلك ان امكنه بيع الدين بما يفي بمصارف الحج و لو بضميمة ما عنده من المال و لم يكن في ذلك ضرر و لا حرج وجب البيع و الّا لم يجب (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو كان مملوكه دينا علي الغير و كان حالا وجب عليه المطالبة إذ المفروض أنه مستطيع فيجب القيام

بمقدمات الواجب و الّا يكون تاركا للحج عصيانا.

الفرع الثاني: انّ المدين لو كان مماطلا وجب اجباره و لو بالمراجعة الي المحاكم العرفية.

و ربما يقال بأنه مع المماطلة لا يجب الحج إذ الاستطاعة غير حاصله و تحصيل شرط الوجوب غير واجب و يرد عليه انّ المقدور بالواسطة مقدور و بعبارة واضحة ان المفروض كونه واجدا للمال و أيضا قد فرض امكان صرفه و لو بهذا الطريق فلا مجال للتقريب المذكور.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 56

______________________________

و ربما يقال لا بدّ من التفصيل بين جواز الرجوع الي الظالم و عدمه فعلي الأول يجب و علي الثاني لا يجب و هذا التفصيل أيضا مخدوش إذ نفرض ان الرجوع الي الظالم حرام لكن المفروض ان الاستطاعة و هي وجود الزاد و الراحلة موجودة غاية ما في الباب توقف القيام بالواجب علي ارتكاب محرم فيكون المقام داخلا في باب التزاحم.

الفرع الثالث: أنه لو كان الدين مؤجلا و لكن المدين يؤديه لو طالبه تجب المطالبة و الحج و هذا علي طبق القاعدة لوجود المقتضي و عدم المانع.

الفرع الرابع: أنه لو لم يمكن تحصيل المال بأخذه من المدين بأحد الوجوه المذكورة في المتن فان أمكن تحصيل مئونة السفر ببيع الدين بلا توجه محذور يجب اذ المفروض كونه ذا مال بالمقدار اللازم فيجب عليه الحج فتجب مقدمته.

بقي شي ء و هو انّ الماتن جعل الضرر من الموانع و هذا يتم علي مسلك المشهور حيث ذهبوا الي رفع الحكم الضرري و أما علي مسلك شيخ الشريعة فلا يتم الأمر مضافا الي انّ وجوب الحج ضرري فلا تصل النوبة الي تخصيص الدليل بالقاعدة بل المحكم اطلاق دليل وجوب الحج حيث انه مخصص لدليل القاعدة و

يمكن ان يسري الاشكال بالنسبة الي الحرج و التقريب هو التقريب.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 57

[(مسألة 27): كل ذي حرفة كالحدّاد و البنّاء و النجّار و غيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم و نفقة عوائلهم]

(مسألة 27): كل ذي حرفة كالحدّاد و البنّاء و النجّار و غيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم و نفقة عوائلهم يجب عليهم الحج إذا حصل لهم مقدار من المال بإرث أو غيره و كان وافيا بالزاد و الراحلة و نفقة العيال مدة الذهاب و الاياب (1).

[(مسألة 28): من كان يرتزق من الوجوه الشرعية كالخمس و الزكاة و غيرهما]

(مسألة 28): من كان يرتزق من الوجوه الشرعية كالخمس و الزكاة و غيرهما و كانت نفقاته بحسب العادة مضمونة من دون مشقة لا يبعد وجوب الحج عليه فيما إذا ملك مقدارا من المال يفي بذهابه و ايابه و نفقة عائلته و كذلك من قام أحد بالانفاق عليه طيلة حياته و كذلك كل من لا يتفاوت حاله قبل الحج و بعده من جهة المعيشة ان صرف ما عنده في سبيل الحج (2).

______________________________

(1) الأمر كما أفاده إذ المفروض تحقق الاستطاعة و الرجوع الي الكفاية فيجب الحج.

(2) إذ يجب الحج علي المستطيع و المفروض أنه كذلك فيجب عليه و بعبارة واضحة قد فرض ان له زادا و راحلة و حاله في الذهاب و الاياب سيان و ان شئت فقل أنه يمكنه أن يحج و لا يمنعه عنه مانع فلا وجه لعدم الوجوب.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 58

[(مسألة 29): لا يعتبر في الاستطاعة الملكية اللازمة]

(مسألة 29): لا يعتبر في الاستطاعة الملكية اللازمة بل تكفي الملكية المتزلزلة أيضا فلو صالحه شخص ما يفي بمصارف الحج و جعل لنفسه الخيار الي مدة معينة وجب عليه الحج و كذلك الحال في موارد الهبة الجائزة (1).

[(مسألة 30): لا يجب علي المستطيع أن يحج من ماله]

(مسألة 30): لا يجب علي المستطيع أن يحج من ماله فلو حج متسكعا أو من مال شخص آخر أجزأه نعم إذا كان ثوب طوافه أو ثمن هديه مغصوبا لم يجزئه ذلك (2).

______________________________

(1) و الوجه فيه انّ الاستطاعة تتحقق بحصول الزاد و الراحلة و المفروض تحققها فيجب الحج لتحقق شرطه نعم إذا كان الحج موجبا لوقوعه في العسر و الحرج و يكون الحج اجحافا بالنسبة إليه يسقط الوجوب كما هو المستفاد من حديث المحاربي و لكن لو شك في الرجوع و عدمه، يمكن احراز عدمه بالاستصحاب الاستقبالي هذا بالنسبة الي الصلح و أما بالنسبة الي الهبة فيجب علي المتهب التصرف في الموهوب كي لا يكون للواهب الرجوع فيها.

(2) لعدم دليل علي لزوم كونه من مال نفسه بل الواجب عليه الحج بلا قيد حتي لو صرف المغصوب في سبيل الحج يكون مجزيا نعم لو اشتري الهدي بعين المغصوب يكون البيع باطلا فلا يجزي و أما اذا كان ثوب طوافه مغصوبا فحكم ببطلان طوافه و للنقاش فيه مجال إذ لو قلنا بأن الواجب التقيدي أي الجزء العقلي فلا وجه للبطلان إذ المحرم القيد أي الستر فيكون التركيب بين الحرام و الواجب انضماميا لا اتحاديا كما لو صلّي و في الصلاة ينظر الي الاجنبية بل لنا أن نقول لو تردد

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 59

[(مسألة 31): لا يجب علي المكلف تحصيل الاستطاعة بالاكتساب أو غيره]

(مسألة 31): لا يجب علي المكلف تحصيل الاستطاعة بالاكتساب أو غيره فلو وهبه أحد ما لا يستطيع به لو قبله لم يلزمه القبول و كذلك لو طلب منه ان يؤجر نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعا و لو كانت الخدمة لائقة بشأنه نعم لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج و استطاع

بذلك وجب عليه الحج (1).

______________________________

الأمر بين كون الواجب التقيد أو القيد يكون مقتضي الأصل عدم وجوب القيد فالنتيجة هي الصحة و لقائل أن يقول المستفاد من حديث معاوية بن وهب قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التهيؤ للاحرام فقال: اطل بالمدينة فانه طهور و تجهّز بكل ما تريد و ان شئت استمتعت بقميصك حتي تأتي الشجرة فتفيض عليك من الماء و تلبس ثوبيك ان شاء اللّه «1» ان الواجب نفس اللبس فيكون التركيب اتحاديا.

(1) الأمر كما أفاده فانه قد تقدم ان تحصيل شرط الوجوب غير واجب هذا من ناحية و من ناحية اخري قد استفيد من الادلة ان شرط الوجوب أما وجدان الزاد و الراحلة و أما البذل و لا يتحقق شي ء من الأمرين في مفروض المسألة فلا يجب عليه القبول أي قبول الهبة كما أنه لا يجب عليه ايجار نفسه نعم لو قبل الهبة أو آجر نفسه و بعد العقد صار مصداقا للموضوع يجب عليه كما هو ظاهر حتي انه لو آجر نفسه للخدمة و لو لم تكن الخدمة لائقة بحاله يجب عليه إذا لم يكن اجحافا به.

ثم ان الظاهر ان المراد بالخدمة الخدمة في طريق الحج و عليه يكون الحج واجبا عليه بعنوانين أحدهما بلحاظ وجوب الوفاء و اداء مملوك المستأجر ثانيهما بلحاظ وجوب الحج فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب الاحرام، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 60

[(مسألة 32): اذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحج و استطاع بمال الاجارة]

(مسألة 32): اذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحج و استطاع بمال الاجارة قدم الحج النيابي إذا كان مقيدا بالسنة الحالية فان بقيت الاستطاعة الي السنة القادمة وجب عليه الحج و الّا فلا و ان لم يكن الحج النيابي مقيدا

بالسنة الفعلية قدم الحج عن نفسه (1).

[(مسألة 33): إذا اقترض مقدارا من المال يفي بمصارف الحج و كان قادرا علي وفائه بعد ذلك]

(مسألة 33): إذا اقترض مقدارا من المال يفي بمصارف الحج و كان قادرا علي وفائه بعد ذلك وجب عليه الحج (2).

______________________________

(1) قد تعرض في هذه المسألة لفروع ثلاثة:

الفرع الأول: أنه لو آجر نفسه نيابة عن الغير و استطاع للحج فان كان الحج النيابي مقيدا بهذه السنة يجب عليه ان ينوب.

إن قلت المفروض استطاعته فيجب عليه الحج الاصالي قلت: قد فرض ان الاستطاعة حاصله بالاجارة فان لم تكن الاجارة صحيحة لا تتحقق الاستطاعة و إن كانت صحيحة يجب عليه الحج النيابي كما هو الظاهر.

الفرع الثاني: أنه ان بقيت استطاعته الي السنة اللاحقة يجب عليه الحج في تلك السنة إذ المفروض صيرورته مستطيعا في السنة اللاحقة فيجب عليه الحج فيها.

الفرع الثالث: أنه لو لم يكن الحج النيابي فوريا و فرضنا أنه مستطيع بالنسبة الي الحج الواجب يجب تقديم حجة الاسلام إذ المفروض أنه فوري بخلاف الحج النيابي كما هو المفروض.

(2) ما أفاده تام إذ المفروض أنه مالك لمصارف الحج و لا يكون أدائه فوريا و يكون قادرا علي الوفاء بعد ذلك يجب الحج لحصول موضوعه و بعد تحقق الموضوع يترتب عليه الحكم بلا كلام انما الكلام في صورة عدم قدرته علي الوفاء بعد ذلك أو نفرض ان الدين حال و الدائن مطالب في هذه الصورة فلقائل أن يقول إن لم يكن

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 61

[(مسألة 34): إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج و كان عليه دين و لم يكن صرف ذلك في الحج منافيا لاداء ذلك الدين]

(مسألة 34): إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج و كان عليه دين و لم يكن صرف ذلك في الحج منافيا لاداء ذلك الدين وجب عليه الحج و الا فلا و لا فرق في الدين بين أن يكون حالا أو مؤجلا و بين أن يكون سابقا علي حصول ذلك

المال أو بعد حصوله (1).

______________________________

الحج موجبا لاستيصاله و بعبارة اخري تارة يصدق ما ورد في النص من ان له حاجة تجحف به لا يكون الحج واجبات بلا اشكال و اما اذا لم يكن كذلك فيمكن أن يقال ان المقام يدخل في باب التزاحم فلا بد من ملاحظة مرجحات ذلك الباب و صفوة القول أنه لا وجه للقول يكون الدين مانعا عن الحج و للكلام تتمة نتعرض لها في المسألة التالية.

(1) قد فصّل قدّس سرّه بين عدم تنافي الحج أداء الدين و صورة تنافيه فحكم بوجوب الحج في الصورة الاولي و عدمه في الصورة الثانية أما وجوب الحج في الصورة الاولي فعلي طبق القاعدة إذ المفروض انّ كل واحد من الأمرين واجب و من ناحية اخري المفروض قدرة المكلف علي الاتيان بهما فلا اشكال و أما في صورة التنافي و التزاحم بين الامرين فما يمكن أن يذكر في تقريب تقديم الدين وجوه:

الوجه الأول: ان المستفاد من بعض النصوص اشتراط وجوب الحج باليسار لاحظ ما رواه عبد الرحيم القصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله حفص الأعور و انا اسمع عن قول اللّه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال: ذلك القوة في المال و اليسار قال: فان كانوا موسرين فهم ممّن يستطيع قال:

نعم، الحديث «1» و الحديث ضعيف سندا.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب وجوب الحج، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 62

______________________________

الوجه الثاني: ان حق الناس مقدم علي حق اللّه و فيه أنه أول الكلام و الاشكال و هل يمكن القول بأنه لو دار الأمر بين اتلاف درهم لزيد و الزنا أو اللواط يقدم

الأول و أما الاستدلال علي المدعي بما رواه سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الظلم ثلاثة ظلم يغفره اللّه و ظلم لا يغفره اللّه و ظلم لا يدعه اللّه فاما الظلم الذي لا يغفره فالشرك و أما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه و بين اللّه و أما الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد «1» فيرد عليه بأنه لا اعتبار بسند الحديث.

الوجه الثالث: ان وجوب الحج مشروط بالقدرة الشرعية و أداء الدين مشروط بالقدرة العقلية و من مرجحات باب التزاحم أنه يقدم ما يكون مشروطا بالقدرة العقلية و يرد عليه أولا انّ الحج لا يكون مشروطا بالقدرة الشرعية بل مشروط بالزاد و الراحلة و المفروض وجودهما و ثانيا ان الدعوي المذكورة غير مسموعة إذ لا دليل علي حمل القدرة علي الشرعية بل مقتضي الظهور حمل القدرة علي العقلية.

و ثالثا: انه لا دليل علي تقديم ما يكون مشروطا بالقدرة العقلية و التفصيل موكول الي بحث المرجحات في باب التزاحم.

الوجه الرابع: ما رواه معاوية بن عمّار «2» و تقريب الاستدلال بالحديث علي المدعي أنه يستفاد من الحديث بوضوح انّ المال لا بدّ من صرفه في الدين و بعبارة واضحة ان المستفاد من الحديث حكمان أحدهما وجوب صرف المال في الدين ثانيهما الحج بالمشي و ارتفاع اليد عن الحكم الثاني لا يقتضي رفع اليد عن الحكم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 78 من أبواب جهاد النفس، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 33.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 63

______________________________

الآخر و ربما يقال يقدم الحج و يمكن في تقريب المدعي الاستدلال بوجوه:

الوجه الأول: جملة من النصوص منها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه

السّلام قال: قلت له أ رأيت الرجل التاجر ذا المال حين يسوّف الحج كل عام و ليس يشغله عنه الّا التجارة أو الدين فقال: لا عذر له يسوّف الحج إن مات و قد ترك الحج فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام «1» و هذه الرواية لا تدل علي المقصود بل تدل علي انّ من ترك الحج و سوّف فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام.

و منها ما رواه معاوية بن وهب عن غير واحد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يكون عليّ الدين فتقع في يدي الدراهم فان وزّعتها بينهم لم يبقي شي ء فاحج بها أو أوزّعها بين الغرام فقال تحج بها و ادع اللّه أن يقضي عنك دينك «2» و هذه الرواية ساقطة بالارسال فان عنوان غير واحد لا يوجب تعنون الخبر بالتواتر و مثله في المضمون ما رواه الحسن بن زياد العطار «3» و الحديث بسنده الآخر أيضا غير تام فان الراوي الأخير مردد بين حسن و حسين و حسين لم يوثق مضافا الي الأمر إذا دار بين الزائد و الناقص يؤخذ بالزائد.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحج واجب علي الرجل و ان كان عليه دين «4» و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا مضافا الي أنّ دلالتها علي المدعي بالإطلاق حيث انّ مقتضي اطلاقها عدم الفرق

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث 4.

(2) الباب 50 من هذه الأبواب، الحديث 10.

(3) الوسائل: الباب 50 من أبواب وجوب الحج و شرائطه ذيل الحديث العاشر.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 64

______________________________

بين امكان أداء الدين

إذا حج و عدم امكانه و الاطلاق يقيد بحديث ابن عمار حيث دل علي انّ الواجب أداء الدين و تقديمه علي الحج و منها ما رواه أبو همام قال: قلت للرضا عليه السّلام الرجل يكون عليه الدين و يحضره الشي ء أ يقضي دينه أو يحج قال:

يقضي ببعض و يحج ببعض قلت: فانه لا يكون الّا بقدر نفقة الحج قال: يقضي سنة و يحج سنة قلت: أعطي المال من ناحية السلطان قال: لا بأس عليكم «1» و غاية ما يستفاد من الحديث جواز تقديم الحج بالإطلاق فيقيد بحديث ابن عمّار و بعبارة اخري يستفاد من الحديث التخيير بين الأمرين و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين التزاحم بين الأمرين و عدمه و بعبارة واضحة أنه تارة يكون الحج مزاحما مع أداء الدين الحال و الواجب أدائه و اخري لا يكون كذلك و هذا الاطلاق يقيد بحديث ابن عمّار.

الوجه الثاني: حديث الخثعمية أنها أتت الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقالت: يا رسول اللّه ان فرض الحج قد ادرك أبي و هو شيخ لا يقدر علي ركوب الراحلة أ يجوز ان احج عنه قال صلّي اللّه عليه و آله و سلم: يجوز، قالت: يا رسول اللّه ينفعه ذلك قال صلّي اللّه عليه و آله و سلم:

أ رأيت لو كان علي أبيك دين فقضيته أ ما كان يجزي قالت: نعم قال: فدين اللّه أحق «2» بتقريب انّ المستفاد من الحديث ان دين اللّه احق و الحديث ضعيف.

الوجه الثالث: انّ الحج أهم و عند التزاحم يجب تقديمه و فيه انّ كونه أهم أول الكلام مضافا الي أنه اجتهاد في مقابل النص و قد استفيد من حديث

ابن عمار وجوب تقديم أداء الدين.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) مستدرك الوسائل: الباب 18 من أبواب وجوب الحج، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 65

[(مسألة 35): إذا كان عليه خمس أو زكاة و كان عنده مقدار من المال و لكن لا يفي بمصارف الحج لو ادّاهما]

(مسألة 35): إذا كان عليه خمس أو زكاة و كان عنده مقدار من المال و لكن لا يفي بمصارف الحج لو ادّاهما وجب عليه أداؤهما و لم يجب عليه الحج و لا فرق في ذلك بين أن يكون الخمس و الزكاة في عين المال أو يكونا في ذمته (1).

[(مسألة 36): إذا وجب عليه الحج و كان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة]

(مسألة 36): إذا وجب عليه الحج و كان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها و لم يجز له تأخيره لاجل السفر الي الحج و لو كان ثياب طوافه و ثمن هديه من المال الذي قد تعلق به الحق لم يصح حجه (2).

______________________________

(1) تارة يكون الخمس أو الزكاة في عين المال و اخري في الذمة أما علي الأول فلا اشكال في تقدمهما علي الحج إذ المفروض عدم كون المال ملكا طلقا للمكلف فلا مجال لتعلق وجوب الحج به و أما علي الثاني فيجب تقديمهما أيضا لما مرّ قريبا من وجوب تقديم الدين و تقديم الحج.

(2) قد تعرض في هذه المسألة لفرعين:

الفرع الأول: أنه لو كان مستطيعا و وجب عليه الحج و كان عليه حقوق من الخمس أو الزكاة أو غيرهما من الحقوق التي يجب أدائها فورا يكون المكلف ملزما ان يؤدي تلك الحقوق ثم يحج و الظاهر انّ مراده بعدم جواز السفر وجوب التأدية لا انّ السفر يكون حراما لما حقق في محله من ان الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده و الحاصل ان أداء الدين واجب فوري فيجب المبادرة الي أدائه.

الفرع الثاني: أنه لو كان ثمن هديه أو ثوب طوافه من المال الذي تعلق به الحق لم يصح حجه و قد تقدم الكلام حول الفرع و قلنا يمكن أن يقال

بصحة الطواف

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 66

[(مسألة 37): إذا كان عنده مقدار من المال و لكنه لا يعلم بوفائه بنفقات الحج]

(مسألة 37): إذا كان عنده مقدار من المال و لكنه لا يعلم بوفائه بنفقات الحج لم يجب عليه الحج و لا يجب عليه الفحص و إن كان الفحص أحوط (1).

[(مسألة 38): إذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحج منفردا أو منضما الي المال الموجود عنده]

(مسألة 38): إذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحج منفردا أو منضما الي المال الموجود عنده فان لم يكن متمكنا من التصرف في ذلك المال و لو بتوكيل من يبيعه هناك لم يجب عليه الحج و الّا وجب (2).

______________________________

بتقريب انّ الواجب التقيد أي الجزء العقلي لا نفس الستر كي يتحد متعلقا الأمر و النهي و تقدم الاشكال فيه.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة إذ مع الشك في الاستطاعة يشك في تعلق وجوب الحج عليه و مقتضي الاستصحاب عدم التعلق كما انّ مقتضي البراءة كذلك بل مقتضي الاستصحاب الجاري في الموضوع أي استصحاب عدم كون المال وافيا يكون حاكما علي الأصل الحكمي فلا تصل النوبة إليه و بعبارة واضحة بالاستصحاب يحرز خروجه عن دائرة المكلفين و يحكم بعدم كونه ذا مال و ان شئت فقل بالأصل يحرز عدم وجدانه للزاد و الراحلة.

و ربما يقال بوجوب الفحص إذ مع عدمه يقع المكلف في المخالفة الكثيرة القطعية أي تتحقق المخالفة القطعية و لو بالنسبة الي بعض المكلفين.

و يرد عليه انّ وقوع شخص المكلف في المخالفة الكثيرة غير معلوم و أما وقوع المكلف في المخالفة علي الاجمال فلا دليل علي لزوم منعه و ما افيد اجتهاد في مقابل النص فان دليل البراءة و الاستصحاب دال علي عدم الوجوب فلاحظ.

(2) ما أفاده تام أما مع عدم امكان الوصول فلا يكون مستطيعا فلا يجب

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 67

[(مسألة 39): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج وجب عليه الحج]

(مسألة 39): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج وجب عليه الحج و لم يجز له التصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة و لا يمكنه التدارك و لا فرق في ذلك بين تصرفه بعد التمكن من المسير و تصرفه

فيه قبله بل الظاهر عدم جواز التصرف فيه قبل أشهر الحج أيضا نعم إذا تصرف فيه ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك حكم بصحة التصرف و ان كان آثما بتفويته الاستطاعة (1).

______________________________

الحج و الّا وجب.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو كان له ما يفي بمصارف الحج يجب عليه و هذا علي طبق القاعدة إذ المفروض تحقق الموضوع فيترتب عليه الحكم و لا يجوز له التصرف و اعدام المال.

ان قلت كما لا يجب ايجاد الشرط و تحصيله كذلك لا يجب ابقائه فلا يجب ابقاء المال فيجوز افنائه.

قلت: يرد عليه أولا بالنقض و هو انّ المكلف إذا كان واجدا للماء فهل يجوز اراقته و الاتيان بالتيمم كلا ثم كلا و اما الحل فان القياس مع الفارق إذ قبل تحقق شرط الوجوب لا يتعلق الحكم بالمكلف فعدم وجوب تحصيل الشرط علي طبق القاعدة الأولية و أما بعد تحقق الشرط و تعلق الوجوب لا مجال لهذا البيان إذ مرجعه الي عدم الامتثال بعد تنجز التكليف و بعبارة واضحة المفروض تحقق شرط الوجوب و تنجزه إذ كيف لا يكون منجزا مع فرض تحقق الاستطاعة من جميع الجهات و الّا يلزم في جميع الواجبات جواز اعدام الشرائط و بعبارة اخري يلزم جواز تعجيز المكلف نفسه عن الاتيان بالواجب و هذا عبارة اخري عن ترك الواجب و عصيانه فالشبهة واهية و لا فرق فيما ذكره بين أن يكون التصرف قبل

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 68

[(مسألة 40): الظاهر أنه لا يعتبر في الزاد و الراحلة ملكيتهما]

(مسألة 40): الظاهر أنه لا يعتبر في الزاد و الراحلة ملكيتهما فلو كان عنده مال يجوز له التصرف فيه وجب عليه الحج اذا كان وافيا بنفقات الحج مع وجدان سائر الشرائط

(1).

______________________________

التمكن من المسير أو بعده كما انّ الأمر كذلك إذا كان التصرف قبل أشهر الحج و الوجه فيما أفاده و في امثاله ان تعلق وجوب الحج مشروط بالزاد و الراحلة و بقية الشرائط ففي كل زمان تحقق الشرط بتحقق الوجوب و إن شئت فقل وجوب الحج بالنسبة الي شرائط الاستطاعة مشروط بها و أما بالنسبة الي تعلقه بالاعمال من قبيل المعلق فما أفاده تام نعم لا وجه لكون التصرف في المال و اعدامه حراما إذ الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده.

الفرع الثاني: أنه لو تصرف في المال ببيع و نحوه يكون تصرفه صحيحا لكن يكون آثما و الوجه فيه أنّ الحرمة التكليفية لا تلازم الفساد الوضعي مضافا الي أنه لا وجه لكون التصرف حراما كما تقدم قريبا.

(1) يستفاد من جملة من النصوص اشتراط وجوب الحج بكون الزاد و الراحلة مملوكين للمكلف لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه الحلبي «2» و ما رواه الخثعمي «3» و ما رواه هشام بن الحكم «4» و ما رواه عبد الرحمن بن سيابة «5» فان الظاهر من قولهم عليهم السّلام له زاد و راحلة الملكية و يستفاد من بعض النصوص الأعم من

______________________________

(1) لاحظ ص 33.

(2) لاحظ ص 33.

(3) لاحظ ص 33.

(4) لاحظ ص 34.

(5) لاحظ ص 34.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 69

______________________________

الملكية لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان المستفاد من الحديث كفاية القدرة علي هذا المقدار و لا يمكن أن يقال أنه لا تنافي بين الدليلين إذ تلك الطائفة بالمفهوم تدل علي عدم الوجوب مع عدم الملكية و تكون نسبتها الي حديث الحلبي نسبة الخاص الي العام و مقتضي الصناعة تخصيص العام بالخاص.

و

أفاد سيدنا الاستاد في المقام بأن الجار لا يكون ظاهرا في الملكية و لذا يقال الجلّ للفرس و من ناحية اخري ان المطلق انما يحمل علي المقيد فيما إذا كان تناف بينهما و أما مع عدم التنافي فلا موجب للحمل و من الظاهر أنه لا تنافي بين تحقق الاستطاعة بالملك و بالاعم منه هذا ملخص كلامه.

و قبل الايراد عليه نعرض ما أفاده الي أهل الخبرة و الصناعة و نريد منهم امعان النظر في كلامه و بعد ذلك نقول أما قوله من عدم ظهور الجار في الملكية فيعد من غرائب الكلام و هذا العرف ببابك و كيف لا و الحال ان الاصحاب حكموا بأن خمس الربح مملوك لاصحابه لقوله تعالي وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «2».

و أما النقض بجل الفرس فغير وارد فان الفرس لا يكون قابلا للمالكية في نظر العقلاء و الشرع فطبعا يكون للاختصاص و نسأل إذا كان مال مملوكا لأحد و اباح التصرف فيه لصديقه فهل يكون ذلك المال لمالكه أو للمباح له أو لكليهما لا اشكال في كونه مملوكا لمالكه و لا يصدق أنه للمباح له و أما افاده من عدم التنافي فهذا أيضا غريب إذ قد ثبت في الاصول انّ الشرط له مفهوم و مفهوم الطائفة الاولي اخص من

______________________________

(1) لاحظ ص 16.

(2) الانفال: 41.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 70

[(مسألة 41): كما يعتبر في وجوب الحج وجود الزاد و الراحلة حدوثا كذلك يعتبر بقاء الي اتمام الأعمال]

(مسألة 41): كما يعتبر في وجوب الحج وجود الزاد و الراحلة حدوثا كذلك يعتبر بقاء الي اتمام الأعمال بل الي العود الي وطنه فإن تلف المال في بلده أو في أثناء الطريق لم يجب

عليه الحج و كشف ذلك عن عدم الاستطاعة من أوّل الأمر و مثل ذلك ما اذا حدث عليه دين قهري كما إذا أتلف مال غيره خطأ و لم يمكنه أداء بدله إذا صرف ما عنده في سبيل الحج نعم الاتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحج بل يبقي الحج في ذمته مستقرا فيجب عليه أداؤه و لو متسكعا هذا كله في تلف الزاد و الراحلة و أما تلف ما به الكفاية من ماله في بلده فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أول الأمر بل يجتزئ حينئذ بحجه و لا يجب عليه الحج بعد ذلك (1).

______________________________

المنطوق الطائفة الثانية كما تقدم فيلزم التقييد و التخصيص و الذي يهون الخطب ان العصمة مخصوصة بأهلها و اهل البيت أرواحنا و أرواح العالمين فداء لتراب اقدامهم المقدسة الطاهرة.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه كما ان وجود الزاد و الراحلة شرط في وجوب الحج حدوثا شرط للوجوب بقاء الي اتمام الحج و الوجه فيه ان المستفاد من النصوص كذلك فلو تلف ماله في بلده أو أثناء الطريق أو ضمن للغير بالاتلاف غير العمدي لا يجب عليه الحج و يتضح ذلك ملاحظة نظائره مثلا لو قال المولي يجب علي المسافر تقصير الصلاة لا يجب القصر علي من يكون مسافرا في مقدار من صلاته و صار حاضرا في البقية.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 71

______________________________

الفرع الثاني: أنه لو اتلف المال عمدا يستقر في ذمته الحج إذ المفروض تعلق التكليف به و باختياره عصي و ترك الواجب و لكن استقرار الحج في ذمته بالعصيان أول الكلام و الاشكال و لا دليل عليه و الروايات الدالة علي وجوب الحج بأي نحو كان تعارضه

النصوص الدالة علي اشتراط الوجوب بالزاد و الراحلة و نتعرض لتفصيل البحث في ذيل مسألة 72 فانتظر.

الفرع الثالث: أنه لو تلف ما به الكفاية من ماله في بلدة لا يكون كاشفا عن عدم الاستطاعة من أول الامر بل يكون حجه مجزيا بتقريب ان دليل اعتبار الرجوع الي الكفاية ليس الّا قاعدة الحرج و القاعدة امتنانية و الحكم بعدم الاجزاء خلاف الامتنان كما لو توضأ شخص أو اغتسل و بعد الفراغ علم بأن عمله كان حرجيا لا يحكم بفساد غسله و وضوئه لانه خلاف الامتنان و يرد عليه أولا ان هذا الدليل اخص من المدعي إذ من الممكن أن يكون التلف قبل الحج أو في الاثناء.

و ثانيا: أنه أي دليل دل علي كون رفع الحرج من باب الامتنان كي يقال بأنه لا تجري في المقام لان الرفع خلاف الامتنان الّا أن يقال انه يستفاد المدعي من قوله تعالي يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ «1» فان المستفاد من الآية ان اللّه منّ علي عباده برفع العسر عنهم.

و ثالثا: أنه لو فرض انّ المكلف يشتاق الي العمل الحرجي و الي كونه واجبا عليه كي يثاب المرتبة العالية من الثواب فهل يمكن أن يقال ان القاعدة لا تشمله لأنها خلاف الامتنان.

و رابعا: انّ ما أفاده من انكشاف كون الوضوء أو الغسل كان حرجيا

______________________________

(1) البقرة: 158.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 72

[(مسألة 42): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج لكنه معتقد بعدمه أو كان غافلا عنه]

(مسألة 42): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج لكنه معتقد بعدمه أو كان غافلا عنه أو كان غافلا عن وجوب الحج عليه غفلة عذر لم يجب عليه الحج و أما إذا كان شاكا فيه أو كان غافلا عن وجوب الحج عليه غفلة

ناشئة عن التقصير ثم علم أو تذكر بعد أن تلف المال فلم يتمكن من الحج فالظاهر استقرار وجوب الحج عليه إذا كان واجدا لسائر الشرائط حين وجوده (1).

______________________________

غريب فانّ الغسل أو الوضوء إذا كانا حرجين كيف يمكن أن ينكشف بعد ذلك و بعبارة اخري حين العمل إذا لم يكن المكلف في الحرج لا يعقل الانكشاف بعد ذلك إذا عرفت ما تقدم نقول قد ذكرنا انّ دليل لا حرج لا يمكن أن يكون رافعا لوجوب الحج إذ دليله وارد في مورد الحرج و مقتضي اطلاق دليل المخصّص سريان الحكم و بعبارة اخري المرجع اطلاق دليل وجوب الحج و عليه نقول لو كان الحج مصداقا لحديث المحاربي و كان الحج بالنسبة إليه اجحافا يكون ساقطا بلا فرق بين كون المكلف عالما بالحال أو لم يعلم به كان التلف قبل الاتيان الاعمال أو بعده أو في أثنائه و اللّه العالم.

(1) إذا كان غافلا من كونه مستطيعا أو عن كونه ذا مال و يكون معذورا في غفلته لا يجب عليه الحج في زمان الاستطاعة و المفروض انتفائها بعده ففي زمان وجود الشرائط لم يتوجه إليه التكليف و بعد زوال الغفلة الشرائط غير تامة فلا وجه للاستقرار و بعبارة اخري انما يستقر الحج علي المكلف فيما يكون واجبا عليه و عصي و لم يحج و أما إذا لم يكن كذلك بل كان متوجها و كان محتملا لوجود الاستطاعة أو كان محتملا لوجوبه عليه و مع ذلك لم يحج يستقر عليه إذ المفروض أن الحكم الواقعي في ظرف الجهل و الالتفات موجود و منه يظهر أنه لو لم يكن واجبا عليه بقيام البينة أو الاصل بأن اخبرت البينة بعدم تحقق الاستطاعة

أو جري الأصل و احرز به عدمها

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 73

______________________________

و الحال أنها كانت موجودة في الواقع يستقر عليه بعين التقريب المتقدم و أما إذا كان غافلا عن الحكم أو الموضوع غفلة لا تكون معذورا فيها يستقر عليه أيضا لا لانّ الحكم الواقعي محفوظ في الواقع فإنه لا يعقل وجود الحكم الواقعي بالنسبة الي الغافل إذ الحكم انما يتحقق بالنسبة الي من يكون قابلا للانبعاث أو الانزجار و من الظاهر انّ الغافل غير قابل للانبعاث بل لأنه إذا كان مقصرا يؤخذ بتقصيره فيؤتي به يوم القيامة و يسأل عن سبب تركه الحج فيجب بأنه كان جاهلا بالوجوب يقال له هلا تعلمت فيعامل معه معاملة من ترك الحج عمدا و أما إذا فرضنا أنه يعلم بأنه يصير ذا مال بعد شهر و يفي ذلك المال بمصارف حجه أو يعلم بوجوب الحج و يعلم بصيرورته ذا مال واف بالحج و لكن قبل حضور زمان الوجوب يشرب مائعا يوجب غفلته عن الموضوع أو عن الحكم فهل يكون مؤاخذا و هل يستقر عليه الحج الانصاف ان الجزم بالاستقرار في غاية الاشكال إذ المفروض كونه غير قابل للتكليف حين تمامية الموضوع ففي زمان الالتفات لم يكن مكلفا و في زمان اجتماع الشرائط لا يكون قابلا للتكليف و الانبعاث و لا يخفي انّ هذا البحث انما يتم علي فرض القول بالاستقرار و قد تقدم الاشكال فيه.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 74

[(مسألة 43): كما تتحقق الاستطاعة بوجدان الزاد و الراحلة تتحقق بالبذل]

(مسألة 43): كما تتحقق الاستطاعة بوجدان الزاد و الراحلة تتحقق بالبذل و لا يفرق في ذلك بين أن يكون الباذل واحدا أو متعددا و إذا عرض عليه الحج و التزم بزاده و راحلته و نفقة

عياله وجب عليه الحج و كذلك لو أعطي مالا يصرفه في الحج و كان وافيا بمصارف ذهابه و ايابه و عياله و لا فرق في ذلك بين الاباحة و التمليك و لا فرق بين بذل العين و ثمنها (1).

______________________________

(1) وجوب الحج بالبذل نقل عليه الاجماع و الأمر أوضح من أن يخفي و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل لم يكن له مال فحجّ به رجل من اخوانه أ يجزيه به ذلك عن حجة السلام أم هي ناقصة قال: بل هي حجة تامة «2» و منها ما رواه ابن عمّار أيضا «3» و منها ما في المقنعة قال: قال عليه السّلام: من عرضت عليه نفقة الحج فاستحيي فهو ممن ترك الحج مستطيعا إليه السبيل «4» و منها ما رواه الحلبي «5» و منها ما رواه أبو بصير «6» و منها ما رواه أبو بصير أيضا «7» و منها ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص 31.

(2) الوسائل: الباب 10 من أبواب وجوب الحج، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 32.

(4) الوسائل: نفس الباب، الحديث 4.

(5) لاحظ ص 32.

(6) لاحظ ص 32.

(7) لاحظ ص 32.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 75

______________________________

اسامة بن زيد «1».

إن قلت المستفاد من هذه النصوص وجوبه و لو علي حمار أجدع أبتر و كيف يمكن الالتزام به قلت نجيب عن الاشكال أولا بأنه نرفع اليد عن المقدار الذي لا يمكن العمل به و نعمل بالباقي.

و ثانيا: نقول لا يبعد أن النصوص الدالة علي الوجوب علي حمار أجدع أبتر ناظرة الي صورة الحياء و ترك الحج

بعد العرض فيكون الاعراض و الترك بعد استقرار الحج و علي مثله يجب الحج بأي نحو ممكن لكن قد تعرضنا في ذيل الشرط الرابع للوجوب حول الفرع بالتفصيل فراجع ما ذكرناه هناك مضافا الي انّ الظاهر من النصوص أنه لا يجوز الرد بعد العرض فلا تكون الروايات ناظرة الي وجوب الحج بعد الاستقرار فلاحظ.

و أفاد سيدنا الاستاد يكفي لوجوب الحج عند العرض الآية الشريفة و النصوص المفسرة للآية.

و يرد عليه أن اطلاق الآية مقيدا بالنصوص و النصوص قد فسرت الاستطاعة بكون المكلف مالكا للزاد و الراحلة.

ثم أنه لا فرق بين أن يكون الباذل واحدا أو متعددا إذ الميزان صدق عنوان العرض و لم يقيد في لسان الدليل بكون من يعرض الحج واحدا فيكون مقتضي الاطلاق عدم الفرق و هل يلزم في البذل أن يبذل الباذل نفقة عيال المبذول له فيه اشكال فان اطلاق نصوص الباب ينفي القيد المذكور لاحظ ما رواه ابن عمار «2»

______________________________

(1) لاحظ ص 32.

(2) لاحظ ص 32.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 76

[(مسألة 44): لو أوصي له بمال ليحج به]

(مسألة 44): لو أوصي له بمال ليحج به وجب الحج عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافيا بمصارف الحج و نفقة عياله و كذلك لو وقف شخص لمن يحج أو نذر أو أوصي بذلك و بذل له المتولي أو الناذر أو الوصي وجب عليه الحج (1).

[(مسألة 45): لا يجب الرجوع الي الكفاية في الاستطاعة البذلية]

(مسألة 45): لا يجب الرجوع الي الكفاية في الاستطاعة البذلية نعم لو كان له مال لا يفي بمصارف الحج و بذل له ما يتمم ذلك وجب عليه القبول و لكن يعتبر حينئذ الرجوع الي الكفاية (2).

______________________________

و هل يكون فرق بين الاباحة و التمليك الذي يختلج بالبال ان يقال لا دليل علي الوجوب لو كان البذل علي نحو التمليك اذ الموضوع الوارد في لسان الدليل عنوان عرض الحج و في مفروض الكلام عرض التمليك للحج اللهم الا أن يقال انه يصدق عنوان العرض فالاطلاق محكم فلا فرق بين أنواع البذل و العرض و لا فرق بين العين و ثمنها و هذا للاطلاق أيضا و العرف ببابك.

(1) الأمر كما أفاده لصدق البذل و تحقق موضوع الوجوب.

(2) ذكر في هذه المسألة فرعين:

الفرع الأول: أنه لا يشترط الرجوع الي الكفاية في الاستطاعة البذلية و لا خلاف في هذا الحكم كما في بعض الكلمات و الظاهر أنه لا فرق بين المقامين و ان الميزان في كلا الموردين ان لا يكون حاجة تجحف به و ان شئت قلت: إذا كان حرجيا و صدق عنوان الاجحاف لا يجب فالنتيجة أنه لا فرق بين المقامين.

الفرع الثاني: أنه لو كان له مقدار من المال بحيث لا يفي بمصارف الحج و بذل له ما يكون متمما يجب و يعتبر في الغرض المذكور الرجوع الي الكفاية و ما يمكن

أن يذكر

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 77

[(مسألة 46): إذا أعطي مالا هبة علي أن يحج وجب عليه القبول]

(مسألة 46): إذا أعطي مالا هبة علي أن يحج وجب عليه القبول و أما لو خيّره الواهب بين الحج و عدمه أو أنه وهبه مالا من دون ذكر الحج لا تعيينا و لا تخييرا لم يجب عليه القبول (1).

______________________________

في تقريب الاستدلال علي وجوب الحج بالاتمام وجوه:

الوجه الأول: أن بذل الجميع مع عدم وجدانه لشي ء يوجب الزام الحج ففي مفروض الكلام أي في فرض وجدانه لمقدار من المال يجب بالأولوية.

و فيه أنه لا أولوية بل الأولوية فيما يكون المبذول جميع المصارف لا بعضه.

الوجه الثاني: أن المستفاد من دليلي الاستطاعة الملكية و البذلية ان الموضوع هو الجامع بين الامرين و فيه ان المستفاد من مجموع الادلة ان الموضوع هو الجامع بين الخصوصيتين و أما مع عدم كليتهما فلا.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 1، ص: 77

الوجه الثالث: اطلاق ادلة العرض و فيه ان الدليل دال علي عرض جميع المصارف لا بعضها فالحكم مبني علي الاحتياط.

ثم انه لا فرق بين الصور بالنسبة الي اعتبار الرجوع الي الكفاية و ان الميزان عدم الحرج و عدم تحقق الاجحاف.

(1) إذا أعطي مالا هبة علي أن يحج وجب القبول إذ يصدق عليه عرض الحج فيجب عليه القبول من باب وجوب المقدمة و أما إذا وهبه مالا و خيره بين الحج و عدمه فلا وجه للقبول إذ لا يصدق عليه عرض الحج فلا يجب تحصيل الاستطاعة و اظهر منه ما لو وهبه و لم يخيره بين الحج و غيره.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص:

78

[(مسألة 47): لا يمنع الدين من الاستطاعة البذلية]

(مسألة 47): لا يمنع الدين من الاستطاعة البذلية نعم إذا كان الدين حالا و كان الدائن مطالبا و المدين متمكنا من ادائه إن لم يحج لم يجب عليه الحج (1).

[(مسألة 48): إذا بذل مال لجماعة ليحج أحدهم]

(مسألة 48): إذا بذل مال لجماعة ليحج أحدهم فإن سبق أحدهم بقبض المال المبذول سقط التكليف عن الآخرين و لو ترك الجميع مع تمكن كل واحد منه من القبض استقر الحج علي جميعهم (2).

______________________________

(1) إذ المفروض انه لا مال له كي يلزم تقديم اداء الدين علي الحج فلا مانع عن لزوم الحج نعم مع كون الدين حالا و تمكن المدين من الاداء مع ترك الحج و كون الدائن مطالبا يقع التزاحم بين الامرين و لا بدّ من اعمال قانونه و حيث انه لا يمكن الجزم بأحد الطرفين تكون النتيجة التخيير.

(2) الظاهر انّ ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية إذ في صورة سبق أحدهم يكون الوجوب مستقرا عليه و يسقط التكليف عن الباقي و أما مع ترك جميع الحاضرين يصدق علي كل واحد منهم انه عرض عليه الحج و لم يقبل فيكون كل واحد منهم عاصيا و تاركا.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 79

[(مسألة 49): لا يجب بالبذل الّا الحج الذي هو وظيفة المبذول له علي تقدير استطاعته]

(مسألة 49): لا يجب بالبذل الّا الحج الذي هو وظيفة المبذول له علي تقدير استطاعته فلو كانت وظيفته حج التمتع فبذل له حج القرآن أو الافراد لم يجب عليه القبول و بالعكس و كذلك الحال لو بذل لمن حج حجة الاسلام و أما من استقرت عليه حجة الاسلام و صار معسرا فبذل له وجب عليه ذلك و كذلك من وجب عليه الحج لنذر أو شبهه و لم يتمكن منه (1).

[(مسألة 50): لو بذل له مال ليحج به فتلف المال اثناء الطريق]

(مسألة 50): لو بذل له مال ليحج به فتلف المال اثناء الطريق سقط الوجوب نعم لو كان متمكنا من الاستمرار في السفر من ماله وجب عليه الحج و اجزأه عن حجة الاسلام الّا أن الوجوب حينئذ مشروط بالرجوع الي الكفاية (2).

______________________________

(1) إذا فرض ان وظيفته حج القران لكن بذل له حج الافراد أو بالعكس لا يجب القبول إذ بالبذل لا يتغير الموضوع و لا يوجب تغير التكليف و كذلك لو بذل له حجة الاسلام و الحال أنه أتي بها لا يجب كما تقدم نعم مع الاستقرار و عدم امكان الحج لعدم المصرف يجب عليه القبول و مثله ما لو وجب عليه بالنذر مثلا و لم يتمكن من القيام به و كان البذل لمطلق الحج فانه يجب عليه القبول إذ المفروض أن الحج واجب عليه و المانع عدم القدرة فاذا تحققت القدرة يجب.

(2) أما في صورة التلف فلا يجب عليه لان الحج مشروط بالاستطاعة حدوثا و بقاء هذا فيما لا يكون متمكنا من الاستمرار و أما مع التمكن فيجب لتمامية الموضوع و يكون مجزيا عن حجة الاسلام علي طبق القاعدة الأولية و بعبارة اخري انطباق المأمور به علي المأتي به طبيعي و الاجزاء عقلي و أما

الرجوع الي الكفاية

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 80

[(مسألة 51): لا يعتبر في وجوب الحج البذل نقدا]

(مسألة 51): لا يعتبر في وجوب الحج البذل نقدا فلو و كله علي ان يقترض عنه و يحج به و اقترض وجب عليه (1).

[(مسألة 52): الظاهر انّ ثمن الهدي علي الباذل]

(مسألة 52): الظاهر انّ ثمن الهدي علي الباذل فلو لم يبذله و بذل بقية المصارف لم يجب الحج علي المبذول له الّا إذا كان متمكنا من شرائه من ماله نعم إذا كان صرف ثمن الهدي فيه موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول و أما الكفارات فالظاهر انها واجبة علي المبذول له دون الباذل (2).

______________________________

فقد مرّ الكلام حوله و قلنا انّ الدليل لو كان قاعدة نفي الحرج أو حديث المحاربي لم يكن فرق بين الموارد أي يشترط في الوجوب الرجوع إليها.

(1) لتحقق الموضوع فيترتب عليه الحكم بل يمكن أن يقال بأنه يجب عليه و لو مع عدم الاقتراض فيجب عليه الاقتراض إذ يصدق عليه عنوان عرض الحج فيجب.

(2) إذ مع عدم البذل لا يتحقق الموضوع فلا يجب و أما مع تمكنه من الثمن فأيضا لا يجب إذ قد مرّ ان المركب لا اثر له فلا تصل النوبة الي الاسقاط بعروض الحرج و أما الكفارات فلا اشكال في أنها علي المبذول له إذ الكفارات أحكام مترتبة علي ارتكاب المحرم جملة من الامور و من الظاهر أنها لا ترتبط بثمن الحج و مصارفه.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 81

[(مسألة 53): الحج البذلي يجزئ عن حجة الاسلام]

(مسألة 53): الحج البذلي يجزئ عن حجة الاسلام و لا يجب عليه الحج ثانيا إذا استطاع بعد ذلك (1).

[(مسألة 54): يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الاحرام أو بعده]

(مسألة 54): يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الاحرام أو بعده لكن إذا رجع بعد الدخول في الاحرام وجب علي المبذول له اتمام الحج إذا كان مستطيعا فعلا و علي الباذل ضمان ما صرفه للاتمام و إذا رجع الباذل في أثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1» و ربما يقال أنه يعارض حديث ابن عمار بحديث الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل لم يكن له مال فحج به اناس من أصحابه أ قضي حجة الاسلام قال: نعم فان أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج قلت: هل تكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله قال: نعم قضي عنه حجة الاسلام و تكون تامة و ليست بناقصة و إن أيسر فليحج الحديث «2» فيقع التعارض بين الجانبين فما الحيلة و لكن الحق أنه لا تعارض بينهما إذ قد صرح في الحديث الثاني بتحقق حجة الاسلام و مع ذلك حكم بالحج بعد اليسار و حيث انا نعلم علما وجدانيا بعدم وجوب حج آخر غير حجة الاسلام يحمل علي الندب فلاحظ.

(2) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الاحرام و لا بدّ من فرض

______________________________

(1) لاحظ ص 74.

(2) الوسائل: الباب 10 من أبواب وجوب الحج، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 82

______________________________

الكلام فيما لا يكون موجب لعدم الجواز و بعبارة اخري تارة يكون البذل علي نحو شرط النتيجة في ضمن عقد أو

ايقاع أو غيرهما بحيث يصدق البذل المشروط و اخري يكون البذل بلا تعنونه بعنوان ملزم أما علي الاول فلا كلام في عدم الجواز و انما الكلام في الصورة الثانية و جواز الرجوع فيها علي طبق القاعدة الاولية إذ كل انسان يكون مسلطا علي ماله و نفسه و لا مقتضي لعدم الجواز.

الفرع الثاني: أنه هل يجوز للباذل الرجوع عن اذنه بعد الدخول في الاحرام أم لا لا اشكال في انّ مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز و عدمه يحتاج الي قيام دليل عليه و ما يمكن أن يذكر في تقريب عدم الجواز وجوه:

الوجه الأول: ان الباذل اذن في الدخول و الاذن في الدخول اذن في الاتمام لان الاذن في الشي ء اذن في لوازمه.

و فيه انه لا اشكال في اذن الباذل في الاتمام انما الاشكال في عدم جواز رجوعه عن اذنه و عدم جواز رجوعه عن بذله و الحال ان اختيار مال كل احد بيده.

الوجه الثاني: انّ وجوب الاتمام علي المبذول له يستلزم حرمة رجوع الباذل عن بذله.

و فيه أولا انه لا دليل علي وجوب الاتمام فانه مع عدم الاستطاعة يكشف ان احرامه لحجة الاسلام في غير محله و كان باطلا و ثانيا انه لا يرتبط احد المقامين بالآخر و لا دليل علي الملازمة المدعاة.

الوجه الثالث: انّ مقتضي حديث لا ضرر عدم جواز الرجوع فان المبذول له يتضرر برجوع الباذل.

ان قلت: يتعارض ضرر المبذول له بضرر الباذل حيث انه يتضرر بعدم

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 83

______________________________

جواز الرجوع.

قلت: ان الباذل بنفسه اقدم علي الضرر فلا تشمله القاعدة.

و يرد عليه أولا ان المبذول له ان لم يكن مستطيعا بعد الرجوع فلا يجب عليه الاتمام و ان كان مستطيعا

فلا يشمله دليل لا ضرر لان دليل الحج وارد في مورد الضرر و ثانيا: انّ الباذل اقدم علي الضرر ما دام الاذن و اما مع عدمه فلا و بعبارة واضحة ان عدم شمول القاعدة للباذل يتوقف علي صدق الاقدام و الحال انّ صدقه يتوقف علي عدم شمول القاعدة و هذا دور.

و ثالثا: انّ التقريب المذكور يتوقف علي مختار المشهور في مفاد القاعدة و اما علي المسلك المنصور فمفاد القاعدة أجنبي عن المقام بالكلية إذ عليه يكون مفادها حرمة الاضرار بالغير.

الوجه الرابع: أنه لا يجوز الرجوع في جملة من الموارد التي تكون نظائر للمقام منها انه لو اذن احد في رهن ماله لا يجوز له الرجوع.

و فيه انّ القياس مع الفارق إذ لو تحقق الرهن لا يجوز فسخه بمقتضي وجوب الوفاء بالعقد و أما في المقام فلا دليل علي لزوم بقاء الاذن.

و منها انه لو اذن في الصلاة في ملكه لا يجوز الرجوع عن اذنه إذ لا يجوز ابطال الصلاة.

و فيه أولا انه لا دليل علي عدم جواز الرجوع في ذلك المقام و لا مجال للقول بحرمة الابطال إذ مع فرض رجوع الأذن عن اذنه تكون الصلاة باطلة و لا يحتاج بطلانها الي الابطال هذا علي تقدير كون التركيب اتحاديا و اما علي تقدير كون التركيب انضماميا و الالتزام بحرمة ابطال الصلاة يدخل المورد في باب التزاحم و لا بد

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 84

______________________________

من ملاحظة المرجحات إذ علي حرمة الابطال مزاحمته مع حرمة التصرف في مال الغير و علي كلا التقديرين لا دليل علي حرمة الرجوع عن الاذن.

و منها انه لو اذن الزوج للزوجة في الحج لا يجوز له الرجوع.

و فيه انه لا

دليل علي عدم جواز الرجوع هناك أيضا فانه لو رجع عن اذنه لا بد من ملاحظة الادلة و بيان حكم الزوجة من حيث رفع اليد عن الاتمام و عدمه.

الفرع الثالث: انه لو رجع عن البذل بعد دخول المبذول له في الاحرام وجب عليه اتمام الحج اذا كان مستطيعا فعلا و الوجه فيه ان المفروض تحقق موضوع الوجوب و ترتب الحكم علي الموضوع علي طبق القاعدة الاولية الا أن يقال بأن المركب من البذل و غيره لا يكون موضوعا للوجوب فلاحظ.

الفرع الرابع: انّ الباذل ضامن لما يصرفه للاتمام و ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه:

الوجه الأول: الاجماع و حال الاجماع في الاشكال ظاهر أما المنقول منه فغير حجة و اما المحصل منه فغير حاصل و علي فرض حصوله لا يكون اجماعا كاشفا عن رأي المعصوم فلا أثر له.

الوجه الثاني: قاعدة نفي الضرر بدعوي أنه يتضرر إذا لم يكن الآذن ضامنا و يرد عليه أولا وجوب الحج وارد في مورد الضرر فلا يشمله دليل القاعدة.

و ثانيا: انّ ضرره يتعارض بضرر الباذل و لا مرجح لتقديم احدهما علي الآخر.

و ثالثا: انّ دليل لا ضرر ينفي الحكم الضرري لا أنه يثبت حكما آخر فلا مجال لا ثبات الضمان بدليل القاعدة و أيضا ان مقتضي المسلك المنصور ان مفاد القاعدة

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 85

[(مسألة 55): إذا أعطي من الزكاة من سهم سبيل اللّه علي أن يصرفها في الحج]

(مسألة 55): إذا أعطي من الزكاة من سهم سبيل اللّه علي أن يصرفها في الحج و كان فيه مصلحة عامة وجب عليه ذلك و ان اعطي من سهم السادة أو من الزكاة من سهم الفقراء و اشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحج لم يصح الشرط فلا يجب عليه الحج (1).

______________________________

النهي

عن الاضرار لا نفي الحكم الضرري.

الوجه الرابع: قاعدة الغرور فان المغرور يرجع الي من غرّه و فيه انّ صدق الغرور يتوقف علي قصد الغار و تعمده في ايقاع المغرور في الضرر و في المقام لا يكون كذلك.

الوجه الخامس: انّ الامر بعمل محترم بنفسه موجب لضمان الآمر مثلا لو أمر غيره بكنس داره و ذلك الغير كنس الدار يكون الآمر ضامنا لاجرة المثل.

و فيه انّ المفروض انه رجع عن بذله فلا مجال للتقريب المذكور.

الفرع السادس: انه لو رجع عن بذله اثناء الطريق يكون ضامنا لنفقته العود و قد ظهر مما مر الاشكال في الحكم المذكور إذ المفروض أنه رجع عن اذنه و بذله و قد فرض انه يجوز له الرجوع فالحكم بالضمان متوقف علي اقامة دليل عليه و الظاهر انه لا وجه له و لقائل أن يقول ان العقلاء يغرّمون مثل هذا الشخص و يحكمون عليه بالضمان و بعبارة واضحة ان كل شخص يتعهد للآخر اجرة لعمله أعم من أن يكون مورد التعهد عينا شخصية أو كليا في الذمة يلزم عليه أن يفي بعهده غاية الأمر لا تنافي بين رجوعه عن بذله بالنسبة الي العين الشخصية و كونه محكوما بالغرامة و ببيان أوضح أنه لا يمكن ان يوجب احد استيصال غيره ثم رفع اليد عنه بحجة اني رجعت عن عزمي و تعهدي.

(1) في هذه المسألة فرعان:

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 86

______________________________

الفرع الأول: أنه لو أعطي من الزكاة من سهم سبيل اللّه و كان فيه مصلحة وجب عليه القبول بتقريب انه مصداق لعرض الحج و قد تقدم انه يجب الحج عند عرضه و هذا ظاهر انما الكلام في قيد المصلحة و الحال أنه من الظاهر

ان الحج أمر ذو مصلحة و في شرح كلامه ذكر بأنه يلزم صرف سهم سبيل اللّه في المصالح العامة و لا يجوز صرفه في المصالح الشخصية.

و يرد عليه أنه يكفي للجواز صدق عنوان سبيل اللّه و أما الشرط المذكور فلا دليل عليه و في كل مورد علمنا بعدم الجواز لا نجوز و في غير تلك الموارد نلتزم بالجواز.

الفرع الثاني: أنه لو اعطاه من سهم السادة أو من الزكاة من سهم الفقراء و اشترط عليه أن يحج به لا يكون الشرط صحيحا و لا يجب عليه الحج بتقريب انّ الشرط في المقام لا يصدق و لا يتحقق مفهومه إذ لا يكون للمعطي الا الدفع الخارجي و من الظاهر انّ الدفع الخارجي من الامور التكوينية و لا يجري فيها التعليق و الشرط و لذا لا معني لان يعلق احد أكله علي كون اليوم يوم الجمعة فان الاكل علي تقدير تحققه يكون موجودا بلا فرق بين كون اليوم يوم الجمعة أو السبت فالشرط المذكور باطل و يترتب عليه عدم وجوب الحج.

و يرد عليه أولا أنه لا اشكال في انّ الاختيار بيد المكلف في تطبيق الكلي علي الفرد و من ناحية اخري التطبيق يتوقف علي القصد و ما دام لا يتحقق القصد لا يتحقق الانطباق و لا يقاس بالأكل و القيام و القعود فعلي ذلك يمكن أن يعلق قصده علي التزام الطرف المقابل بان يحج هذا أولا و ثانيا أنه لا اشكال في صدق عرض الحج علي المقام و لو مع فرض بطلان الشرط و بعد صدق العنوان المذكور يجب الحج للاطلاق فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 87

[(مسألة 56): إذا بذل له مال فحج به ثم انكشف انه كان مغصوبا]

(مسألة 56): إذا بذل له مال فحج به ثم

انكشف انه كان مغصوبا لم يجزئه عن حجة الاسلام و للمالك ان يرجع الي الباذل أو الي المبذول له لكنه اذا رجع الي المبذول له رجع هو الي الباذل ان كان جاهلا بالحال و الّا فليس له الرجوع (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انه لو بذل له مال للحج و بعد الاتمام انكشف انه كان مغصوبا لا يكون حجه مجزيا عن حجة الاسلام بتقريب ان البذل المشار إليه لم يكن بذلا في الواقع فلا يكون موضوعا للحكم فلا يكون مصداقا للمأمور به فلا يجزي.

إن قلت: ان المبذول له لم يكن عالما بالحال فكان التصرف جائزا له.

قلت: هذا جواز ظاهري و من الظاهر ان الجهل لا يغير الواقع و علي الجملة ما دام لم يتحقق الموضوع لا مجال لترتب الحكم عليه هذا تقريب المدعي و لقائل أن يقول الحكم بعدم الاجزاء علي الاطلاق مشكل إذ لو فرضنا ان المكلف بنفسه كان مستطيعا و مع ذلك بذل له مصرف الحج و حج لا يكون وجه لعدم الاجزاء إذ المفروض انه وجب عليه الحج و قد فرض انه حج لكن الظاهر انّ الماتن غير ناظر الي الاطلاق بل ناظر الي الحج البذلي.

الفرع الثاني: انّ للمالك الرجوع الي كل واحد من الباذل و المبذول له لما ثبت في محله من ان تعاقب الأيدي يوجب ضمان الجميع و بعبارة اخري قاعدة اليد تقتضي ضمان ذي اليد مضافا الي قاعدة الاتلاف فإنّ الاتلاف يوجب ضمان المتلف و لا فرق في تحقق الضمان عند تحقق سببه بين العمل و الجهل فان وضع اليد علي مال الغير و لو عن جهل يوجب الضمان كما انّ الاتلاف كذلك.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1،

ص: 88

[(مسألة 57): إذا حج لنفسه أو عن غيره تبرعا أو بإجارة]

(مسألة 57): إذا حج لنفسه أو عن غيره تبرعا أو بإجارة لم يكفه عن حجة الاسلام فيجب عليه الحج إذا استطاع بعد ذلك (1).

______________________________

ثم انه لو رجع المالك الي الباذل و اخذ منه البدل فهل له الرجوع الي المبذول له بتقريب انّ الباذل بعد اعطاء البدل يكون مالكا لما في ذمة المبذول له فيجوز له الرجوع إليه الظاهر انه لا يمكن الالتزام به إذ الباذل إمّا يبذل مع علمه بالحال و إما مع جهله أما في الصورة الاولي فهو غار للمبذول له و لا مجال لرجوع الغار الي المغرور هذا فيما يكون المبذول له جاهلا بالحال و أما اذا فرضنا كونه عالما بالغصب فهل يكون للباذل الرجوع إليه بعد افراغ ذمته للمالك بتقريب انه بعد افراغ ذمته يكون مالكا للبدل و المفروض ان قرار الضمان علي المبذول له فيكون المبذول له ضامنا للبذل الانصاف انه مشكل فان الحاكم بالضمان هم العقلاء و الظاهر انهم لا يحكمون بالضمان في مثل هذه الموارد و أما في الصورة الثانية فهو بنفسه الغي احترام ماله و ان شئت قلت: ان العقلاء في هذه الصورة لا يرون حقا للباذل.

الفرع الثالث: انّ المالك لو رجع الي المبذول له و أخذ البدل منه فهل للمبذول له الرجوع الي الباذل أم لا فنقول اما في صورة علمه بالحال فليس له ان يرجع الي الباذل لانه بنفسه غاصب و متلف للمال فلا وجه لرجوعه إليه و اما اذا كان جاهلا فان كان مغرورا من قبل الباذل يكون له الرجوع إليه لقاعدة الغرور و أما ان لم يكن مغرورا فلا وجه لرجوعه إليه.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو حج عن نفسه

ندبا ثم استطاع يجب عليه الحج و الامر كما افاده إذ كون الحج الندبي السابق مجزيا عن حجة الاسلام التي صارت واجبة عليه الآن خلاف القاعدة فان الاجزاء يحتاج الي الدليل.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 89

[(مسألة 58): إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحج ندبا قاصدا امتثال الأمر الفعلي ثم بان أنه كان مستطيعا]

(مسألة 58): إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحج ندبا قاصدا امتثال الأمر الفعلي ثم بان أنه كان مستطيعا أجزأه ذلك و لا يجب عليه الحج ثانيا (1).

______________________________

الفرع الثاني: أنه لو حج عن الغير تبرعا أو بإجارة لا يكون حجه مجزيا عن حجة الاسلام و هذا علي طبق القاعدة الاولية كما تقدم لكن في المقام جملة من النصوص تدل علي الاجزاء منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

حجّ الصرورة يجزي عنه عن من حج عنه «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حج عن غيره يجزيه ذلك عن حجة الاسلام قال: نعم، الحديث «2» و منها ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل ليس له مال حجّ عن رجل أو أحجه غيره ثم أصاب مالا هل عليه الحجّ فقال:

يجزي عنهما جميعا «3» و من الظاهر انه لا مجال للعمل بهذه النصوص إذ كفاية الحج الندبي أو النيابي عن حجة الاسلام لو كانت موافقة مع الحكم الشرعي لكانت واضحة كمال الوضوح فلا بد من ارجاع علمها الي أهلها أو حملها علي بعض المحامل.

(1) بتقريب انّ حجه واجد لجميع الاجزاء و الشرائط و لا نقصان فيه و مجرد قصد الندب غير ضائر أقول تارة نقول بأن الحج واجب عليه في الواقع و هو يتصور كونه مستحبا و

يكون خطاء في التطبيق و في هذه الصورة لا اشكال في الاجزاء لانّ انطباق المأمور به علي المأتي به طبيعي و الاجزاء عقلي و اخري نقول لا يكون الحج واجبا عليه في الواقع و لكن مع ذلك يكون مجزيا و للمناقشة في الالتزام بالاجزاء

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 90

[(مسألة 59): لا يشترط اذن الزوج للزوجة في الحج إذا كانت مستطيعة]

(مسألة 59): لا يشترط اذن الزوج للزوجة في الحج إذا كانت مستطيعة كما لا يجوز للزوج منع زوجته عن الحج الواجب عليها نعم يجوز له منعها من الخروج في أول الوقت مع سعة الوقت و المطلقة الرجعية كالزوجة ما دامت في العدة (1).

______________________________

مجال إذ المفروض ان المكلف معتقد بعدم الاستطاعة و مع هذا الاعتقاد يعتقد بعدم الوجوب و هل يمكن الزام القاطع بالخلاف و هل يمكن أن يكون داعيا للمكلف و الحال أن امكان الانبعاث شرط في تعلق التكليف و لنا ان نقول ان توجيه الخطاب بايجاب الحج بعنوان كونه حجة الاسلام و ان كان غير ممكن لما ذكر لكن اصل توجيه الخطاب إليه أمر ممكن اللهم الا أن يقال الاشكال في الالزام و الايجاب مع اعتقاد المكلف بعدم الوجوب فاذا لم يكن واجبا يشكل الحكم بالاجزاء إذ مقتضي اطلاق دليل الوجوب وجوبه حتي في هذه الصورة أي مقتضي دليل وجوب الحج وجوبه علي مثل هذا الشخص فلا يجزي لكن الظاهر انّ المجتهد يقطع بالاجزاء اذ المفروض ان المقتضي موجود و من ناحية اخري ان ما أتي به واجد لجميع الاجزاء و الشرائط و لا قصور في المأتي به فتأمّل.

إن قلت: قد تقدم ان حج

الصبي قبل البلوغ لا يكون مجزيا عن حجة الاسلام و ان كان واجدا لجميع الاجزاء و الشرائط قلت: قد دل علي عدم الاجزاء النص الخاص الوارد في ذلك المقام فراجعه.

(1) تارة الزوج يمنع الزوجة عن الحج الواجب عليها فلا اشكال في عدم وجوب اطاعته إذ مرجعه الي النهي عما أمر به الشارع الأقدس و مثله النهي عن الصلاة و الصوم فإنه لا آمر و لا ناهي في قبال مولي الموالي و بعبارة واضحة لزوم اطاعة الزوج بايجاب من اللّه و لا يعقل ان الشارع الأقدس يأمر بعمل و في عين

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 91

______________________________

الوقت ينهي عنه و هذا واضح ظاهر و اخري يأمر الزوجة بضد ما امر به الشارع كأن يقول أبقي هنا عندي أو اجلسي في البيت و من المقرر في الأصول ان الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده فأمر الشارع بالحج لا يقتضي النهي عن البقاء في البلد فيقع التزاحم بين التكليفين لكن المعروف بين القوم أنه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه محمد يعني بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن امرأة لم تحج و لها زوج و أبي ان يأذن لها في الحج فغاب زوجها فهل لها أن تحج قال: لا طاعة له عليها في حجة الاسلام «1» و يجوز للزوج منعها عن الخروج في أول الوقت مع امكان الخروج بعده إذا مر الخروج بيد الزوج و مع منعه لا يجوز للزوجة الخروج لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: جاءت امرأة الي النبي صلّي اللّه عليه و آله

و سلّم فقالت: يا رسول اللّه ما حق الزوج علي المرأة فقال: لها أن تطيعه و لا تعصيه و لا تصدق من بيته الّا باذنه و لا تصوم تطوعا الّا باذنه و لا تمنعه نفسها و ان كانت علي ظهر قتب و لا تخرج من بيتها الّا باذنه و ان خرجت بغير اذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتي ترجع الي بيتها قالت: يا رسول اللّه من أعظم الناس حقا علي الرجل قال: والده قالت: فمن اعظم الناس حقا علي المرأة قال: زوجها قالت: فمالي عليه من الحق مثل ما له عليّ قال: لا و لا من كلّ مائة واحدة، الحديث «2» و أما المطلقة الرجعية فالنصوص الواردة فيها علي طوائف:

الطائفة الأولي: ما يدل علي جواز حجها علي الاطلاق لاحظ ما رواه محمد

______________________________

(1) الوسائل: الباب 59 أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 79 من أبواب مقدمة النكاح، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 92

[(مسألة 60): لا يشترط في وجوب الحج علي المرأة وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة علي نفسها]

(مسألة 60): لا يشترط في وجوب الحج علي المرأة وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة علي نفسها و مع عدم الأمن لزمها استصحاب محرم لها و لو بأجرة اذا تمكنت من ذلك و الّا لم يجب الحج عليها (1).

______________________________

ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: المطلقة تحج في عدّتها «1».

الطائفة الثانية: ما يدل علي المنع علي الاطلاق لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: لا تحج المطلقة في عدّتها «2».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي الجواز علي تقدير اذن الزوج و عدمه علي تقدير عدمه لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد

اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول:

المطلقة تحجّ في عدّتها ان طابت نفس زوجها «3» فلا بد من التوفيق بين هذه النصوص فنقول يقع التعارض بين الطائفة الاولي و الثانية و تسقطان بالمعارضة و تبقي الطائفة الثالثة و حيث ان المستفاد من جملة من النصوص كما تقدم انه لا يشترط حج الزوجة باذن زوجها تحمل الطائفة الثالثة علي انّ المراد من الحج الندبي فلاحظ.

(1) الأمر كما أفاده إذ مع الأمن يصدق سرب الطريق فلا مقتضي للاشتراط كما أنه مع عدم الأمن يلزم استصحاب محرم و لو مع الاجرة إذا كانت متمكنة إذ مع القدرة تصدق الاستطاعة و أما مع عدم القدرة فلا يجب الحج لانتفاء الاستطاعة التي تكون شرطا للوجوب و مع انتفاء الشرط لا يبقي موضوع للمشروط.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 60 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) الوسائل: الباب 22 من أبواب العدد، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 93

[(مسألة 61): إذا نذر أن يزور الحسين عليه السّلام في كل يوم عرفة مثلا و استطاع بعد ذلك]

(مسألة 61): إذا نذر أن يزور الحسين عليه السّلام في كل يوم عرفة مثلا و استطاع بعد ذلك وجب عليه الحج و انحلّ نذره و كذلك كل نذر يزاحم الحج (1).

______________________________

(1) وقع الكلام بين القوم بالنسبة الي هذه المسألة و ذهب بعضهم الي تقديم النذر و بعض آخر الي تقديم الحج و من القائلين بالقول الثاني السيد الماتن قدّس سرّه و ذكر في وجه تقديم النذر ان وجوب النذر مشروط بالقدرة العقلية و وجوب الحج مشروط بالقدرة الشرعية و الميزان الكلي في باب التزاحم تقديم ما يكون مشروطا بالقدرة العقلية.

و يرد عليه انّ الاستطاعة المأخوذة في وجوب الحج قد فسّرت في النصوص بالزاد و الراحلة و تخلية السرب و الصحة

في البدن فلا مجال للتقريب المذكور و بعبارة اخري لم يرد في دليل وجوب الحج عنوان كونه مستطيعا كي يقال مع وجوب العمل بالنذر لا يكون مستطيعا مضافا الي انه لو فرض تعليق حكم علي مطلق الاستطاعة لا وجه لحملها علي القدرة الشرعية بل يحمل الدليل علي كون المراد القدرة العقلية كما انه لا مجال لتقريب المدعي بالاستدلال بما رواه الحلبي «1» إذ يرد عليه أولا بالنقض و ثانيا بالحل أما النقض فانه عليه يمكن لكل مكلف أن ينذر فعلا في أوان الحج فعلا مانعا عن الحج و هل يمكن القول به و أما الحل و هو ان الحكم لا يعين موضوع نفسه و لا يعقل فنقول ما المراد من العذر أي ان العذر المذكور في الحديث عذر شرعي أو أيّ عذر شرعيا كان أو غيره أما الثاني فلا يمكن القول به إذا العذر العرفي لا يكون مانعا عن القيام بالتكليف و بعبارة اخري العذر المأخوذ في لسان

______________________________

(1) لاحظ ص 39.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 94

______________________________

الدليل مطلق العذر أو العذر الشرعي أو المهمل؟ أما الأول و الثالث فلا يمكن فيكون المراد الثاني فلو شك في شرعيّته لم يمكن الأخذ بالإطلاق لعدم جواز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية.

و استدل للقول الثاني بأن متعلق النذر لا بدّ أن يكون صالحا لاضافة الي اللّه إذا كان متعلقه مستلزما لترك الواجب لا يكون صالحا للاضافة إليه تعالي فلا يكون النذر منعقدا و هذا الذي افيد من غرائب الكلام إذ لازمه ان المكلف لو ترك الحج عصيانا و زار الحسين عليه السّلام في عرفة لا يكون مأجورا إذ لا يكون العمل المستلزم لترك الحج صالحا للاضافة الي المولي

و هل يتفوه بهذه المقالة احد و الحال انه قد حقق في الاصول ان الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده و صفوة القول ان النذر إذا تعلق بالفعل الحرام أو بترك الواجب لا ينعقد قطعا إذ يلزم ان يكون متعلقه راجحا و أما اذا تعلق بفعل مستحب كزيارة الحسين عليه السّلام في يوم عرفة ينعقد قطعا و بلا اشكال غاية الامر يدخل المقام تحت كبري التزاحم و لا بدّ من تقدم الاهم و حيث ان الحج اهم من العمل بالنذر يقدم عليه بلا كلام و لا اشكال و ربما يستدل علي المدعي بحديث محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل تزوّج امرأة و شرط لها أن هو تزوّج عليها امرأة أو هجرها أو اتخذ عليا سريّة فهي طالق فقضي ذلك ان شرط اللّه قبل شرطكم فان شاء و في لها بما اشترط و ان شاء امسكها و اتخذ عليها و نكح عليها «1» بتقريب انّ الامام عليه السّلام حكم ببطلان الشرط المذكور و علل البطلان بكون شرط اللّه قبل شرطكم أي ان اللّه تبارك و تعالي حكم ببطلان الشرط المذكور فلا أثر للشرط المخالف مع شرط اللّه و بعموم العلة نقول في كل مورد يكون الشرط مخالفا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 38 من أبواب المهور، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 95

[(مسألة 62): يجب علي المستطيع الحج بنفسه إذا كان متمكنا من ذلك]

(مسألة 62): يجب علي المستطيع الحج بنفسه إذا كان متمكنا من ذلك و لا يجزئ عنه حج غيره تبرعا أو باجارة (1).

______________________________

مع شرط اللّه يكون فاسدا.

و يرد عليه أنه لا يرتبط ما نحن فيه بمورد الخبر فان الشرط الصادر عن الزوج كون الزوجة طالقا عند التزويج أو التسري و

من الظاهر انّ الشرط المذكور فاسد و خلاف المقرر الشرعي لان الطلاق يشترط بشروط و يتحقق بسببه الذي قرره الشارع و أما المقام فأولا لا يكون النذر مصداقا للشرط و ثانيا ان زيارة الحسين عليه السّلام يوم عرفة أمر راجح بلا اشكال فلا يكون مخالفا للشرع فيكون منعقدا فالأمر كما قدمناه و حققناه فلاحظ.

(1) هذا من الواضحات الاولية فان اجزاء عمل غير المكلف عنه خلاف القاعدة و يحتاج الي الدليل و ان شئت فقل ان ذمة المكلف مشغولة بالعمل الصادر عن نفسه و مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين ان يأتي به الغير أو عدمه و علي فرض الاتيان لا يفرق بين التبرع و الاجارة هذا بحسب الاصل اللفظي و أما لو وصلت النوبة الي الاصل العملي فمقتضي استصحاب بقاء الوجوب المتوجه إليه وجوبه و عدم كفاية النيابة لكن يعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي البراءة.

إن قلت: كيف يمكن أن يتمشي عن الغير قصد القربة في النيابة و الحال ان مشروعية النيابة في الفرض محل الاشكال و مع الشك في المشروعية لا تجوز النيابة إذ مضافا الي ان مجرد الشك في المشروعية كاف في عدم الجواز، مقتضي الاصل عدم المشروعية فان الاستصحاب يقتضي عدم مشروعية النيابة.

قلت: يمكن أن يفرض كون النائب غافلا عن هذه الجهة و كونه قاطعا

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 96

[(مسألة 63): إذا استقر عليه الحج و لم يتمكن من الحج بنفسه]

(مسألة 63): إذا استقر عليه الحج و لم يتمكن من الحج بنفسه لمرض أو حصر أو هرم أو كان ذلك حرجا عليه و لم يرج تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج وجبت عليه الاستنابة و كذلك من كان موسرا و لم

يتمكن من المباشرة أو كانت حرجية و وجوب الاستنابة كوجوب الحج فوري (1).

______________________________

بالمشروعية مضافا الي انّ باب الرجاء مفتوحة بكلا مصراعيها.

هذا من ناحية و من ناحية اخري الحكم الظاهري يمكن ان لا يكون موافقا مع الحكم الواقعي فالمجتهد يحتمل كفاية النيابة بحسب الواقع فيتحقق اشكال معارضة استصحاب بقاء المجعول مع استصحاب عدم الجعل الزائد اللهم الا أن يقال انّ الشك في السقوط سبب عن مشروعية النيابة و مع الاصل السببي لا تصل النوبة الي الأصل المسببي و ان شئت فقل الشك في بقاء الوجوب مسبب عن شرعية النيابة فالشك في الحقيقة في الرافع و الميزان الكلي في استصحاب الحكم الشرعي أنه لو كان الشك في مقدار الجعل يتحقق التعارض و أما لو كان الشك في البقاء من ناحية تحقق الغاية أو الاكتفاء بالبدل و امثالهما يكون الاصلي السببي جاريا و حاكما علي الأصل الحكمي هذا ما تقتضيه الدقة فافهم و اغتنم.

(1) قد تعرض الماتن في هذه المسألة لفروع ثلاثة:

الفرع الأول: ان من استقر عليه الحج و العمل و اهمل و سوّف حتي حال بينه و بين الحج مانع من مرض أو كبر أو غيرهما و لم يتمكن من المباشرة وجب عليه الاستنابة و هذا هو المشهور بين القوم بل عن الجواهر حكايته عن الروضة و المسالك ان الوجوب أي وجوب الاستنابة قول واحد و العمدة النصوص الواردة في المقام فمن تلك النصوص ما رواه سلمة أبو حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ان رجلا

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 97

______________________________

أتي عليا عليه السّلام و لم يحج قط فقال انّي كنت كثير المال و فرّطت في الحج حتي كبرت سنّي فقال: فتستطيع الحج فقال:

لا فقال له علي عليه السّلام: ان شئت فجهز رجلا ثم ابعثه يحج عنك «1» و الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا بسلمة فانه لم يوثق و منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألته عن رجل مسلم حال بينه و بين الحج مرض أو امر يعذره اللّه فيه فقال عليه ان يحج من ماله صرورة لا مال له «2» و الرواية ساقطة سندا بعلي بن أبي حمزة و بغيره و منها ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السّلام ان عليا عليه السّلام قال لرجل كبير لم يحج قطّ ان شئت ان تجهّز رجلا ثم ابعثه يحج عنك «3» و الحديث ضعيف بسهل.

و منها ما ارسله المفيد في المقنعة عن الفضل بن العباس قال: أتت امرأة من خثعم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقالت: ان أبي ادركته فريضة الحج و هو شيخ كبير لا يستطيع أن يلبث علي دابته فقال لها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فحجي عن أبيك «4» و الحديث ضعيف بالارسال مضافا الي انه لا يرتبط بالمقام اذ الظاهر منه ان الاستطاعة حصلت في أيام كبره و الكلام في المقام راجع الي انّ المكلف بعد قدرته علي الحج سوف و فوّت الحج.

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و ان كان موسرا و حال بينه و بين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره اللّه فيه فانّ عليه أن يحج عنه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 24 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 24 من أبواب وجوب الحج و

شرائطه، الحديث 7.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 98

______________________________

من ماله صرورة لا مال له «1» و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام إذ الظاهر منه انّ المانع عن الحج من الاعذار الشرعية و كلامنا بالنسبة الي من يسوف و يفوت الحج عصيانا.

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان علي عليه السّلام يقول: لو ان رجلا اراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطيع الخروج فليجهّز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه «2» و الكلام فيه هو الكلام أي لا يرتبط الحديث بالمقام فلاحظ.

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه أمر شيخا كبيرا لم يحج قط و لم يطق الحج لكبره ان يجهز رجلا يحج عنه «3» و هذه الرواية تامة سندا و دلالة علي المدعي كما هو ظاهر عند الخبير بأسلوب الكلام إذ الظاهر ان مورد الحديث من كان قادرا و لم يحج فامره روحي فداه بأن يجهّز رجلا يحج عنه و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انّ عليا عليه السّلام رأي شيخا لم يحج قط و لم يطق الحج من كبره فامره أن يجهّز رجلا فيحجّ عنه «4» و هذه الرواية أيضا تامة سندا و دلالة علي المدعي و في المقام اشكال و هو انّ المذكور في الحديث عنوان الشيخ الكبير و ان المانع عن الحج الكبر فبأي وجه نلتزم بسريان الحكم و جريانه الي كل عذر كالمرض و الحصر و الحرج

______________________________

(1) الوسائل: الباب 24

من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 99

______________________________

و الحال ان الحكم المذكور علي خلاف القاعدة الاولية فالانصاف ان الجزم بسريان الحكم الي الاقسام المذكورة مشكل فيكون الحكم مبنيا علي الاحتياط نعم بالنسبة الي الحرج فيما يكون المكلف قاصدا لعروضه أي يتعمد لوقوعه في الحرج كي يسقط عنه وجوب المباشرة يمكن أن يقال بوجوب المباشرة إذ المفروض ان دليل نفي الحرج لا يشمل صورة تحقق الحرج بالاختيار و سوء الإرادة فالدليل الدال علي وجوب الحج المباشري يقتضي ان يحج بنفسه و أما في غير هذه الصورة فلا تجب المباشرة لتحقق العذر الشرعي و لا تجب الاستنابة لاختصاص دليلها بصورة كون المانع كبر السن و قد تقدم منا ان الحرج لا يرفع وجوب الحج إذ وجوبه وارد في مورد كون العمل حرجيا.

الفرع الثاني: أنه لو كان المكلف موسرا و لم يتمكن من المباشرة أو كانت حرجية علي القول بكونه مانعا يجب عليه أن يبعث احدا و يستنيب و قد ذهب الي هذا القول جملة من الاساطين و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين «1» فان الظاهر منهما ان المستطيع إذا كان معذورا عن المباشرة شرعا تجب عليه الاستنابة و من الظاهر انّ قوله عليه السّلام أو أمر يعذره اللّه فيه يشمل جميع الاعذار حتي الحرج فلا مجال للتأمل و الاشكال انما الكلام في انّ المذكور في النصوص اشتراط كون النائب رجلا و الحال انه لا اشكال في جواز نيابة المرأة و أيضا قد اشترط في النائب عنوان الصرورة و الحال أنهم لم يلتزموا بالشرط المذكور فلا بد من حمل

النصوص علي الاستحباب و اجاب عن الاشكال سيدنا الاستاد قدّس سرّه بأنه ترفع اليد عن القيد و لا وجه لرفع اليد عن اصل وجوب الاستنابة و يرد عليها انه تارة يرد في الدليل الأمر

______________________________

(1) لاحظ ص 97- 98.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 100

______________________________

بفعلين كما لو قال المولي يجب غسل الجنابة و الجمعة و اخري يرد الامر بعمل مقيد كما لو قال المولي اغتسل يوم الجمعة بماء الفرات فان قام الدليل علي عدم وجوب غسل الجمعة ترفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب بالنسبة إليه و نعمل بالوجوب بالنسبة الي غسل الجنابة و اما لو قام الدليل علي استحباب غسل الجمعة بماء الفرات لا مجال لرفع اليد عن الامر بالنسبة الي خصوص القيد إذ المفروض انه لا يكون الّا امرا واحدا متعلقا بالمقيد فيدور الامر بين رفع اليد عن أصل الحكم و بين ابقائه علي حاله إذ القيد لا أمر له في قبال الأمر بالمقيد و مقامنا كذلك فانّ المذكور في حديث معاوية تجهيز رجل و الوارد في حديث الحلبي أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له و في حديث ابن مسلم عنوان رجل لا مال له و في حديث ابن سنان عنوان الرجل و لا مجال فرع اليد عن خصوص القيد في شي ء من الروايات فنقول مقتضي القاعدة العمل بالنصوص طابق النعل بالنعل فبالنسبة الي الفرع الأول نقول يلزم بعث رجل و بالنسبة الي الفرع الثاني نلتزم ببعث رجل صرورة لا مال له نعم لو قام اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم علي وجوب مطلق النائب بلا قيد من القيود و بعبارة اخري يلزم ان يتحقق في المقام اجماعان أحدهما علي

عدم وجوب المقيد ثانيهما علي وجوب المطلق.

الفرع الثالث: ان وجوب الاستنابة فوري كوجوب الحج المباشري و الوجه فيه انه يفهم عرفا من الدليل ان الشارع الأقدس اكتفي في فرض العذر بالنيابة فكان النائب هو المكلف و يقوم مقامه و بعبارة اخري المأمور به باق بحاله و انما الاختلاف في المباشرة و النيابة فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 101

[(مسألة 64): إذا حج النائب عمن لم يتمكن من المباشرة فمات المنوب عنه مع بقاء العذر]

(مسألة 64): إذا حج النائب عمن لم يتمكن من المباشرة فمات المنوب عنه مع بقاء العذر اجزأه حج النائب و ان كان الحج مستقرا عليه و اما اذا اتفق ارتفاع العذر قبل الموت فالأحوط أن يحج هو بنفسه عند التمكن و اذا كان قد ارتفع العذر بعد ان احرم النائب وجب علي المنوب عنه الحج مباشرة و لا يجب علي النائب اتمام عمله (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو حج النائب عن غير المتمكن من المباشرة فمات المنوب عنه قبل زوال العذر أجزأه حج النائب و هذا علي طبق القاعدة فان الشارع جعل بدل حجه المباشري حج النائب إذ المفروض تحقق البدل فلا مقتضي لعدم الاجزاء و بعبارة اخري لا بدّ من الالتزام بالاجزاء.

الفرع الثاني: أنه لو ارتفع العذر قبل الموت فالأحوط ان يحج بنفسه نقل عن المستند نفي الخلاف عن الوجوب بل قيل بأنه كاد يكون اجماعا و عن التذكرة أيضا نفي الخلاف و كيف كان الوجوب علي طبق القاعدة الأولية اذ المفروض ان الاستنابة مقتضي الحكم الظاهري و قد حقق في محله عدم أجزاء الحكم الظاهري عن الواقعي و علي هذا الأساس ينكشف بطلان حج النائب و عليه تكون الاجارة الواقعة عليه باطلة إذ لا تصح الاجارة علي العبادة الباطلة و

هل يمكن الالتزام بهذا اللازم.

الفرع الثالث: أنه لو ارتفع العذر بعد ان احرم النائب وجب علي المنوب عنه الحج بالمباشرة لما تقدم آنفا و لا وجه للاعادة.

الفرع الرابع: انه لا يجب علي النائب اتمام عمله إذ بارتفاع العذر ينكشف فساد النيابة و فساد الاحرام فلا مجال لوجوب الاتمام فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 102

[(مسألة 65): إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة سقط الوجوب]

(مسألة 65): إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة سقط الوجوب و لكن يجب القضاء عنه بعد موته ان كان الحج مستقرا عليه و الّا لم يجب و لو أمكنه الاستنابة و لم يستنب حتي مات وجب القضاء عنه (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: ان المعذور ان لم يتمكن من الاستنابة سقط الوجوب و هذا علي طبق القاعدة الأولية فان القدرة من الشرائط العامة للتكليف.

الفرع الثاني: أنه لو مات و استقر عليه الحج يجب القضاء عنه بلا خلاف بين الاصحاب كما في الحدائق و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يموت و لم يحج حجة الاسلام و يترك مالا قال: عليه ان يحج من ماله رجلا صرورة لا مال له «1» و منها محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل مات و لم يحج حجة الاسلام يحج عنه قال: نعم «2» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: يقضي عن الرجل حجة الاسلام من جميع ماله «3».

و منها ما رواه سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يموت و لم يحج حجة الاسلام و لم يوص بها و

هو موسر فقال: يحج عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك «4» و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 28 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 103

______________________________

رجل مات و لم يحج حجة الاسلام و لم يوص بها أ يقضي عنه قال: نعم «1» و منها ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يموت و لم يحج حجة الاسلام و لم يوص بها أ تقضي عنه قال: نعم «2» و منها ما رواه رفاعة أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل و المرأة يموتان و لم يحجّا أ يقضي عنهما حجة الاسلام قال:

نعم «3» و منها ما رواه حكم بن حكيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام انسان هلك و لم يحج و لم يوص بالحج فأحج عنه بعض أهله رجلا أو امرأة هل يجزي ذلك و يكون قضاء عنه و يكون الحج لمن حج و يؤجر من أحج عنه قال: ان كان الحاج غير صرورة أجرا عنهما جميعا و أجر الذي احجه «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن الفضل الهاشمي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ان عليّ دينا كثيرا و لي عيال و لا أقدر علي الحج فعلمني دعاء أدعو به فقال: قل في دبر كل صلاة مكتوبة اللهم صلّ علي محمّد و آل محمّد و اقض عني دين الدنيا و دين الآخرة قلت: له: أما دين الدنيا فقد عرفته فما دين

الآخرة قال: دين الآخرة الحج «5».

فان موضوع وجوب الاستنابة بعد الموت عنوان من لم يحج حجة الاسلام و هذا العنوان يصدق علي المقام و مقتضي اطلاق النصوص عدم الفرق بين كون تركه لعذر أو من غير عذر و علي فرض كونه معذورا لا فرق بين كون العذر عارضا

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

(5) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 104

[(مسألة 66) إذا وجبت الاستنابة و لم يستنب و لكن تبرع متبرع عنه]

(مسألة 66) إذا وجبت الاستنابة و لم يستنب و لكن تبرع متبرع عنه لم يجزئه ذلك و وجبت عليه الاستنابة (1).

______________________________

أو كان من أول الأمر الا أن يقال انّ العذر إذا كان عارضا من أول الامر و لم يكن المعذور قادرا علي الاستنابة لم يكن موجب لوجوبها بعد الموت إذ المفروض انّ القضاء تابع للاداء فإذا لم يكن الأداء في زمان الحياة واجبا لا تصل النوبة إلي القضاء بعد الموت.

الفرع الثالث: أنه لو مات قبل استقرار الحج عليه لم يجب القضاء بعد الموت و الوجه فيه ظاهر لما تقدم آنفا من أنّ القضاء تابع للأداء و يمكن أن يستفاد عدم الوجوب من حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان و ماتت في شوّال فأوصتني أن أقضي عنها قال: هل برئت من مرضها قلت: لا ماتت فيه قال: لا تقضي عنها فانّ اللّه لم يجعله عليها قلت: فانّي اشتهي أن أقضي عنها و قد أوصتني بذلك قال: كيف تقضي شيئا لم يجعله اللّه عليها فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم «1».

الفرع الرابع: أنه لو أمكنه الاستنابة و لم يستنب حتي مات

وجب القضاء عنه و ذلك للنصوص المشار إليها فان مقتضاها وجوب القضاء بعد الموت.

(1) و الوجه فيه انّ اطلاق دليل الاستنابة يقتضي وجوبها بلا فرق بين أن يتبرع الغير عنه أم لا بل يمكن أن يقال انّ التبرع في المقام نوع تشريع فكما لا يجوز الاستنابة في بقية الواجبات كذلك في المقام و ان شئت قلت: ان العبادة توقيفية يلزم فيها اتباع الشارع فلا تجوز المبادرة من تلقاء النفس بل تحتاج الي الاذن و التشريع من قبل الشارع الأقدس فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 12.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 105

[(مسألة 67): يكفي في الاستنابة الاستنابة من الميقات]

(مسألة 67): يكفي في الاستنابة الاستنابة من الميقات و لا تجب الاستنابة من البلد (1).

[(مسألة 68): من استقر عليه الحج إذا مات بعد الاحرام في الحرم]

(مسألة 68): من استقر عليه الحج إذا مات بعد الاحرام في الحرم اجزأه عن حجة الاسلام سواء في ذلك حج التمتع و القران و الافراد و اذا كان موته في أثناء عمرة التمتع أجزأ عن حجه أيضا و لا يجب القضاء عنه و ان مات قبل ذلك وجب القضاء حتي إذا كان موته بعد الاحرام و قبل دخول الحرم أو بعد الدخول في الحرم بدون احرام و الظاهر اختصاص الحكم بحجة الاسلام فلا يجري في الحج الواجب بالنذر أو الافساد بل لا يجري في العمرة المفردة أيضا فلا يحكم بالاجزاء في شي ء من ذلك و من مات بعد الاحرام مع عدم استقرار الحج عليه فان كان موته بعد دخوله الحرم فلا اشكال في أجزائه عن حجة الاسلام و أما إذا كان قبل ذلك فالظاهر وجوب القضاء عنه أيضا (2).

______________________________

(1) فانّ الواجب الاتيان بالحج و أول أعماله الاحرام فلا وجه للزوم الاستنابة من بلده و ان شئت فقل بلده كبقية الأماكن في عدم الدخل فيما هو الواجب و الذي يدل عليه بوضوح أنه لو أمكنه السفر الي المدينة المنورة بقصد زيارة الرسول الأكرم و الائمة عليهم السّلام و هناك استناب من الميقات هل يمكن القول بعدم الكفاية كلا و صفوة القول انّ المقدمة لا دخل لها فيما هو الواجب و انصراف دليل الاستنابة من البلد علي فرض تسلمه بدويا لا يعتد به فلاحظ.

(2) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّ من استقر عليه الحج إذا مات بعد الاحرام في الحرم أجزأه

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 106

______________________________

عن حجة الاسلام بلا خلاف

كما عن المدارك و الحدائق و عن المنتهي دعوي الاجماع عليه و تدل عليه طائفة من النصوص منها ما رواه ضريس عن أبي جعفر عليه السّلام قال في رجل خرج حاجّا حجة الاسلام فمات في الطريق فقال ان مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام و ان مات دون الحرم فليقض عنه وليّه حجة الاسلام «1»، و منها ما رواه بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل خرج حاجا و معه جمل له و نفقة و زاد فمات في الطريق قال: إن كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجة الاسلام و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله و زاده و نفقته و ما معه في حجة الاسلام فان فضل من ذلك شي ء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين قلت أ رأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله و نفقته و ما معه قال: يكون جميع ما معه و ما ترك للورثة إلا أن يكون عليه دين فيقضي عنه أو يكون أوصي بوصية فينفذ ذلك لمن أوصي له و يجعل ذلك من ثلثه «2» و في المقام حديث رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا احصر الرجل بعث بهديه إلي أن قال: قلت: فان مات و هو محرم قبل أن ينتهي الي مكة قال: يحج عنه إن كانت حجة الاسلام و يعتمر انما هو شي ء عليه «3» ربما يتوهم التعارض بينه و بين ما تقدم و سيدنا الاستاد قدّس سرّه أفاد بأنه ترفع اليد عن ظهور حديث زرارة بصراحة الطائفة المتقدمة في الأجزاء

إذا كان موته في الحرم و لا يمكننا قبول ما أفاده فان صراحة أحد المتعارضين لا توجب الجمع العرفي إذ الميزان في التقديم كون

______________________________

(1) الوسائل: الباب 26 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 107

______________________________

أحد الدليلين قرينة علي الدليل الآخر.

و الذي يختلج ببالي القاصر أنه لا تعارض بين الطرفين فان المستفاد من حديث زرارة أنه لو لم يدخل مكة و مات لا يكون احرامه مجزيا و هذا مطلق و يقيد بما دل علي الاجزاء لو كان موته في الحرم فلا تعارض و الحمد للّه.

الفرع الثاني: أنه لا فرق في هذا الحكم بين حج التمتع و القران و الافراد فإن الميزان كون الحج حجة الاسلام فلا فرق في أقسامه لاطلاق الدليل.

الفرع الثالث: انه إذا كان موته في أثناء عمرة التمتع أجزأ عن حجه أيضا لظاهر النصوص المشار إليها فان حج التمتع عمل واحد مركب من العمرة و الحج فيشمله الدليل و بعبارة واضحة يصدق علي المعتمر بعمرة التمتع عنوان من خرج حاجا و ان شئت فقل ان عمرة التمتع لا بدّ من الاتيان بها قبل الحج فلا اشكال في انّ العنوان المأخوذ في النصوص شامل لمن خرج معتمرا عمرة التمتع و بعبارة واضحة لا يكون للدليل مصداق غير المعتمرة في حج التمتع بل الأمر كذلك في حج الافراد و القران فانه يصدق عنوان انه خرج حاجا.

الفرع الرابع: أنه لو كان موته قبل ذلك وجب القضاء و لو كان موته بعد الاحرام قبل دخول الحرم لعدم الدليل علي الأجزاء إن قلت المستفاد من ذيل حديث العجلي «1» ان الميزان في الأجزاء تحقق الاحرام فان

قوله عليه السّلام و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم الخ يدل بالمفهوم علي ان الموت لو كان بعد الاحرام لا يضر بالاجزاء.

قلت: يكون الذيل منافيا مع الصدر فان مفهوم الصدر يدل علي عدم

______________________________

(1) لاحظ ص 106.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 108

______________________________

الاجزاء لو كان الموت قبل دخول الحرم مضافا الي انّ حديث ضريس حيث دل بالصراحة علي عدم الاجزاء لو كان الموت قبل دخول الحرم اضف الي ذلك أنه يمكن أن يكون المراد بالاحرام في ذيل حديث العجلي دخول الحرم إذ يقال لمن ورد النجد انجد و لمن ورد اليمن ايمن فلاحظ.

الفرع الخامس: أنه لو دخل الحرم بلا احرام ثم مات لا يكون مجزيا و الوجه فيه انّ الظاهر من دخول الحرم الوارد في النص الورود الشرعي المقرر من قبل الشارع الأقدس أي الدخول مع الاحرام فلا مجال للاشكال و هذا العرف ببابك.

الفرع السادس: اختصاص الحكم المذكور بحجة الاسلام و لا يجري في غيره و الوجه فيه اختصاص دليل الاجزاء بها فلا مقتضي لجريان الحكم في غيرها كما هو ظاهر و أيضا لا يجري في العمرة المفردة بعين التقريب المتقدم.

الفرع السابع: انّ من لم يستقر عليه الحج إذا مات في الحرم بعد الاحرام فلا اشكال و لا كلام في الأجزاء لاطلاق دليل الاجزاء بل الاجزاء مع الاستقرار يستلزمه مع عدم الاستقرار و بعبارة اخري الاجزاء مع عدم الاستقرار أولي فلاحظ.

الفرع الثامن: أنه لو مات قبل ذلك وجب القضاء تارة يتكلم في هذه الصورة علي طبق القاعدة الاولية و اخري بحسب المستفاد من النص اما مقتضي القاعدة الاولية فلا يجب القضاء إذ القضاء تابع للأداء و المفروض ان مثله لا يكون

مستطيعا فلا موضوع لوجوب الحج لا أداء و لا قضاء و لذا وقع المقام موقع النظر للاعلام و بعضهم التزم بعدم وجوب القضاء و أما بحسب المستفاد من النص فالانصاف ان مقتضي الاطلاق وجوب القضاء لاحظ قوله عليه السّلام في حديث ضريس ان مات في

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 109

[(مسألة 69): إذا اسلم الكافر المستطيع]

(مسألة 69): إذا اسلم الكافر المستطيع وجب عليه الحج و أما لو زالت استطاعته ثم اسلم لم يجب عليه (1).

______________________________

الحرم الخ شمول الحكم لمن لم يستقر عليه الحج فانه يصدق عليه عنوان من خرج حاجا فمات في الطريق كما انّ مقتضي الصناعة الأخذ بظهور الامر بالقضاء في الوجوب و لا وجه لحمله علي الندب و اللّه العالم.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو أسلم الكافر في حال الاستطاعة وجب عليه الحج و هذا علي طبق القاعدة فان الدليل تام بالنسبة الي وجوب الحج علي كل مستطيع و المقام داخل في موضوع الوجوب.

الفرع الثاني: أنه لو زالت الاستطاعة ثم اسلم لم يجب الحج عليه و هذا هو المشهور بين القوم و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الأول: حديث الجب «1» و الحديث ضعيف سندا.

الوجه الثاني: ان قضاء صلاته بعد اسلامه غير واجب بالاجماع بل و بالضرورة فعدم وجوب قضاء الحج بالأولوية.

الوجه الثالث: أنه لم يعهد من أول الاسلام ان الكافر بعد اسلامه يقضي ما فات منه من العبادات ان قلت وجوب الحج بعد اسلامه علي طبق القاعدة الاولية إذ المفروض أنه لم يأت بالوظيفة في زمان كونه مستطيعا فيجب عليه الحج بأيّ نحو كان قلت مقتضي القاعدة الأولية عدم الوجوب فان بقاء الحكم تابع لبقاء الموضوع و مع انتفائه ينتفي الحكم و المقام

كذلك إذ المفروض ان وجوب الحج مترتب علي الاستطاعة و المفروض انتفائها غاية ما في الباب تحقق الاجماع علي وجوب الحج

______________________________

(1) مجمع البحرين مادة: جب.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 110

[(مسألة 70): المرتد يجب عليه الحج لكن لا يصح منه حال ارتداده]

(مسألة 70): المرتد يجب عليه الحج لكن لا يصح منه حال ارتداده فإن تاب صح منه و ان كان مرتدا فطريا علي الاقوي (1).

______________________________

بالنسبة الي من أهمل و لم يأت بالحج و لا الاجماع في المقام بل تقدم ان الاجماع بل الضرورة علي عدم الوجوب اللهم الا أن يقال بأنه يكفي لوجوب القضاء اطلاق دليل وجوبه و كيف يمكن ادعاء كون عدم الوجوب ضروريا و أني لنا باثبات هذا المدعي.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّ المرتد يجب عليه الحج فان مقتضي ادلة وجوبه من الكتاب و السنة وجوبه علي المرتد بلا فرق بين كونه مليا أو فطريا أما علي المختار من كون الكفار مكلفون بالفروع فالأمر ظاهر و اما علي القول الآخر فانما الكلام في الكافر الأصلي و الكلام في المقام في المرتد.

الفرع الثاني: أنه لا يصح منه حال ارتداده إذ يشترط في صحة العبادة الايمان و ان شئت فقل الايمان شرط الفعل في العبادات فلا تنافي بين الوجوب و عدم الصحة الّا مع الشرط.

الفرع الثالث: انّ المرتد إذ أسلم و آمن يصح منه الحج بلا فرق بين الملي و الفطري أما في الأول فظاهر و أما في الثاني فلان الدليل الدال علي عدم قبول توبته يختص بقتله وارث ماله و انفصاله عن زوجته و أما اسلامه فيقبل.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 111

[(مسألة 71): إذا حج المخالف ثم استبصر لا تجب عليه اعادة الحج]

(مسألة 71): إذا حج المخالف ثم استبصر لا تجب عليه اعادة الحج إذا كان ما أتي به صحيحا في مذهبه و إن لم يكن صحيحا في مذهبنا (1).

______________________________

(1) ما أفاده في المتن هو المشهور بين القوم و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه بريد بن معاوية العجلي

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم منّ اللّه عليه و عرّفه الولاية فانه يؤجر عليه الّا الزكاة فانه يعيدها لانه يضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية و أما الصلاة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء «1» و منها ما رواه زرارة و بكير و الفضيل و محمد بن مسلم و بريد العجلي كلّهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام انهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الأمر و يحسن رأيه أ يعيد كلّ صلاة صلّاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه اعادة شي ء من ذلك قال ليس عليه اعادة شي ء من ذلك غير الزكاة لا بد أن يؤدّيها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها و إنّما موضعها أهل الولاية «2» و منها ما رواه ابن اذينة قال: كتبت إليّ أبو عبد اللّه عليه السّلام ان كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم منّ اللّه عليه و عرّفه هذا الأمر فانه يؤجر عليه و يكتب له الّا الزكاة فانه يعيدها لانّه وضعها في غير موضعها و انّما موضعها اهل الولاية و أما الصلاة و الصوم فليس عليه قضاؤهما «3» و هنا حديثان يدلان علي عدم الاجزاء أحدهما ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و كذلك

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 3 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في

شرح المناسك، ج 1، ص: 112

______________________________

الناصب إذا عرف فعليه الحج و ان كان قد حج «1».

و ثانيهما: ما رواه علي بن مهزيار قال: كتب ابراهيم بن محمد بن عمران الهمداني الي أبي جعفر عليه السّلام اني حججت و انا مخالف و كنت صرورة فدخلت متمتعا بالعمرة الي الحج قال فكتب إليه أعد حجك «2» و كلاهما ضعيفان و في المقام طائفة من النصوص تدل علي استحباب الاعادة منها ما رواه بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حجّ و هو لا يعرف هذا الأمر ثم منّ اللّه عليه بمعرفته و الدينونة به عليه حجة الاسلام أو قد قضي فريضته فقال قد قضي فريضته و لو حج لكان احبّ إليّ قال و سألته عن رجل حج و هو في بعض هذه الاصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم منّ اللّه عليه فعرف هذا الأمر يقضي حجة الاسلام فقال يقضي أحبّ إليّ الحديث «3» و منها ما رواه عمر بن اذينة قال:

كتبت الي أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن رجل حج و لا يدري و لا يعرف هذا الأمر ثم منّ اللّه عليه بمعرفته و الدينونة به أ عليه حجة الاسلام قال: قد قضي فريضة اللّه و الحج أحبّ إليّ «4» و منها ما رواه ابن اذينة أيضا مثله و زاد أنه سأله عن رجل هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم منّ اللّه عليه فعرف هذا الأمر أ يقضي عنه حجة الاسلام أو عليه أن يحج من قابل قال يحج أحبّ إليّ «5»

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 5.

(2) نفس المصدر،

الحدث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

(5) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 113

[(مسألة 72): إذا وجب الحج و أهمل المكلف في أدائه حتي زالت الاستطاعة]

(مسألة 72): إذا وجب الحج و أهمل المكلف في أدائه حتي زالت الاستطاعة وجب الاتيان به بأي وجه تمكن و لو متسكعا ما لم يبلغ حد العسر و الحرج و اذا مات وجب القضاء من تركته و يصح التبرع عنه بعد موته من دون اجرة (1).

______________________________

و لا تعارض بين ما يدل علي عدم وجوب الاعادة و الدليل الدال علي رجحانها فأصل الحكم ظاهر انما الكلام في انّ الاجزاء يختص بما أتي به موافقا لمذهبه و إن كان مخالفا لمذهبنا أو ما يكون موافقا لمذهبنا أو يكون موافقا لكلا المذهبين و الظاهر من نصوص الاجزاء هو الأول و هذا العرف ببابك و يتضح المدعي باستثناء الزكاة فان وضعها في غير موضعها بحسب مذهبنا فان أداء الزكاة بحسب مذهبه كبقية اعماله لكن الزكاة وحدها غير مقبولة.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو حصلت الاستطاعة و اهمل حتي زالت وجب عليه الاتيان به و لو متسكعا أي بغير زاد و راحلة و مقتضي القاعدة الأولية عدم الوجوب لانتفاء الحكم عند انتفاء شرطه و المفروض انتفاء الاستطاعة و ما يمكن أن يذكر في تقريب الوجوب وجوه:

الوجه الأول: جملة من النصوص منها ما رواه ذريح المحاربي «1» بتقريب انّ المستفاد من الحديث انّ من لم يحج حجة الاسلام يموت يهوديا أو نصرانيا و يرد علي التقريب المذكور ان المذكور في الدليل ترك حجة الاسلام و كون الحج بعد زوال الاستطاعة حجة الاسلام أول الكلام و الاشكال.

______________________________

(1) لاحظ ص 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 114

______________________________

الوجه الثاني: الاجماع

و التسالم فلو تم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم فهو و الّا فإن مجرد الاجماع لا اثر له و علي فرض القول بالوجوب انما يجب عليه اذا لم يكن فيه حرج و عسر و الوجه فيه انه تكليف كبقية التكاليف و دليل رفع العسر و الحرج حاكم علي أدلة الأحكام إلّا أن يقال انّ تخصيص الوجوب في المقام بمن لا يكون في حقه عسر و حرج تخصيص بالفرد النادر بل أقل قليل و لكن هذا التقريب لا يقتضي رفع اليد عن دليل الحرج فان الدليل منحصر في الاجماع فلا بأس بالالتزام باختصاصه بالمورد الخاص اذ لا لسان له، اللهم إلّا أن يقال أنّ دليل لا حرج لا يشمل دليل وجوب الحج إذ دليله وارد في مورد الحرج.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي انّ من مات و لم يحج حجة الاسلام يجب القضاء عنه منها ما رواه معاوية بن عمار و منها ما رواه محمد بن مسلم و منها ما رواه الحلبي و منها ما رواه سماعة بن مهران و منها ما رواه محمد بن مسلم و منها ما رواه رفاعة و منها ما رواه رفاعة أيضا و منها ما رواه حكم بن حكيم و منها ما رواه عبد اللّه ابن الفضل الهاشمي «1» فان المستفاد من هذه النصوص ان ترك حجة الاسلام يوجب اشتغال الذمة بالحج و لو مع ارتفاع الاستطاعة.

لكن يرد عليه ان ايجاب الشارع الاستنابة عنه بعد موته لا يقتضي وجوبه في حال حياته حتي بعد فرض زوال الاستطاعة.

الفرع الثاني: انه يجب القضاء من تركته لجملة من النصوص لاحظ ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص 102- 103.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 115

______________________________

محمد بن

مسلم و ما رواه رفاعة و ما رواه محمد بن مسلم أيضا المتقدمة قريبا.

الفرع الثالث: أنه لو تبرع عنه أحد بغير اجرة يجزي هذا علي طبق القاعدة إذ المقصود ان ينوب عنه أحد مضافا الي انه مورد النص الخاص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل مات و لم يكن له مال و لم يحج حجة الاسلام فحج عنه بعض اخوانه هل يجزي ذلك عنه أو هل هي ناقصة قال بل هي حجة تامة «1» و ما رواه عامر بن عميرة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام بلغني عنك انك قلت لو انّ رجلا مات و لم يحج حجة الاسلام فحج عنه بعض أهله أجزاء ذلك عنه فقال نعم اشهد بها علي أبي أنه حدّثني أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اتاه رجل فقال يا رسول اللّه انّ أبي مات و لم يحج فقال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حج عنه فان ذلك يجزي عنه «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 31 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 116

[الوصية بالحج]

اشارة

الوصية بالحج

[(مسألة 73): تجب الوصية علي من كانت عليه حجة الاسلام و قرب منه الموت]

(مسألة 73): تجب الوصية علي من كانت عليه حجة الاسلام و قرب منه الموت فإن مات تقضي من أصل تركته و ان لم يوص بذلك و كذلك ان اوصي بها و لم يقيدها بالثلث و ان قيدها بالثلث فإن وفي الثلث بها وجب اخراجها منه و تقدم علي سائر الوصايا و ان لم يف الثلث بها لزم تتميمه من الاصل (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّ من كانت عليه حجة الاسلام و قرب منه الموت تجب عليه الوصية بالحج و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن المستفاد من طائفة من الروايات وجوب الاستنابة عمن كانت عليه حجة الاسلام و مات لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» فان المستفاد من هذه الطائفة ان الحج دين في ذمته هذا من ناحية و من ناحية اخري ان العقل يحكم بوجوب الخروج عن عهدة التكاليف فتجب عليه الوصية و لقائل أن يقول وجوب القضاء عن الميت تكليف بالنسبة الي المنوب عنه أو تكليف بالنسبة الي الاحياء و بعبارة واضحة ان الميت ما دام لم يمت لا موضوع للقضاء عنه و بعد الموت لا معني لتوجه التكليف إليه فلا مقتضي للوجوب و لا يقاس

______________________________

(1) لاحظ ص 102.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 117

______________________________

المقام بما لو كانت ذمته مشغولة بمال لغيره إذ في مورد كونه مديونا ماليا للغير يكون الدين حاصلا حال الحياة فيمكن أن يقال بوجوب الوصية بالتقريب المتقدم و أما فيما نحن فيه فالأمر بالقضاء يتحقق بعد الموت فبأيّ بيان نقول تلزم الوصية.

ثم انه علي فرض كونها واجبة عليه فهل تجب علي الاطلاق حتي في صورة علمه بعدم قيام الوصي بالمهمة أو تجب مع الشك

أو تجب في خصوص صورة العلم بالقيام الظاهر اختصاص الحكم بصورة الاخير إذ مع العلم بعدم القيام أي أثر يتصور للوصية و أما مع الشك فأيضا لا وجه للالزام إذ بالاستصحاب يحرز عدم القيام و أن ابيت عن جريان الاستصحاب يمكن الاخذ بالبراءة و يرفع الالزام فالنتيجة ان ما أفاده في المتن مبني علي الاحتياط نعم لا اشكال في انّ المستفاد من النص وجوب القضاء عنه و لا يعارض هذه الطائفة ذيل حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل توفّي و أوصي أن يحج عنه قال: إن كان صرورة فمن جميع المال أنه بمنزلة الدين الواجب و إن كان قد حج فمن ثلثه و من مات و لم يحج حجة الاسلام و لم يترك الّا قدر نفقة الحمولة و له ورثة فهم أحق بما ترك فان شاءوا أكلوا و ان شاءوا حجوا عنه «1» فانه ربما يتوهم ان الحديث يدل علي عدم الوجوب و انتقال المال الي الورثة لكن التوهم المذكور غير تام إذ الحديث قد فرض فيه انه ترك بمقدار نفقة الحمولة فقط و كلامنا في مورد من يفي ما تركه للحج و بعبارة واضحة ذلك وارد في مورد عدم وفاء المال بالحج و تلك الطائفة واردة في مورد الوفاء فلا تعارض بين الدليلين نعم يعارض الطائفة الدالة علي وجوب القضاء ما رواه هارون بن الحمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل مات و لم يحج حجة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 25 من أبواب وجوب الحج، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 118

______________________________

الاسلام و لم يترك الّا قدر نفقة الحج و له ورثة قال هم أحق

بميراثه ان شاءوا اكلوا و ان شاءوا حجّوا عنه «1» فان المستفاد من هذه الرواية عدم الوجوب و انتقال ماله الي ورثته و حيث لا يميز الاحدث عن غيره تصل النوبة الي الميراث و لكن هل يمكن القول بعدم الوجوب و الحال انه نفي الاشكال و الخلاف في بعض الكلمات و عن المستند انه اجماعي و عن المنتهي انه قول علمائنا أجمع و عن الجواهر أنه اجماعي بقسميه فكيف يمكن رفع اليد عن النصوص و الفتاوي و اللّه العالم بحقائق الأمور.

الفرع الثاني: أنه لو مات تقضي من أصل تركته و ان لم يوص بذلك و الدليل علي المدعي ما رواه سماعة بن مهران «2».

الفرع الثالث: أنها تقضي من الاصل ان أوصي بها و لم يقيدها بالثلث و تدل علي المدعي طائفة من النصوص لاحظ ما رواه ابن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل مات فأوصي ان يحج عنه قال ان كان صرورة فمن جميع المال و ان كان تطوعا فمن ثلثه «3».

الفرع الرابع: أنه لو أوصي بالثلث وجب اخراجها منه أن و في الثلث بها و تقدم علي سائر الوصايا أما لزوم اخراجها من الثلث فلأن العمل بالوصية لازم و اما تقدمها علي سائر الوصايا فلطائفة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: أوصت إليّ امرأة من أهل بيتي بمالها و أمرت ان يعتق عنها و يحج و يتصدق فلم يبلغ ذلك فسألت أبا حنيفة فقال يجعل ذلك اثلاثا ثلثا في الحج و ثلثا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 102.

(3) الوسائل: الباب 25 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك،

ج 1، ص: 119

______________________________

في العتق و ثلثا في الصدقة فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت له ان امرأة من أهلي ماتت و أوصت إليّ بثلث مالها و أمرت أن يعتق عنها و يحج عنها و يتصدق فنظرت فيه فلم يبلغ فقال أبدأ بالحج فإنه فريضة من فرائض اللّه عزّ و جلّ و اجعل ما بقي طائفة في العتق و طائفة في الصدقة فاخبرت أبا حنيفة بقول أبي عبد اللّه عليه السّلام فرجع عن قوله و قال بقول أبي عبد اللّه عليه السّلام «1» فان المستفاد من هذه الطائفة انّ الحج مقدم علي بقية الوصايا و قد علل في كلامهم عليهم السلام ان الحج فريضة من فرائض اللّه و ليس المراد من الفريضة كونه مورد الوصية إذ بقية الامور أيضا موردا لها كما انه ليس المراد منها كونه واجبا في حال الحياة إذ الظاهر من العنوان كونه فريضة بالفعل لا كونه كذلك سابقا فان المشتق ظاهر في حال التلبس فيكون المراد انّ الحج فريضة مع قطع النظر عن الوصية و يؤيد المدعي إن لم يدل عليه ما رواه بريد العجلي قال:

سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل خرج حاجّا و معه جمل له و نفقة و زاد فمات في الطريق قال ان كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجة الاسلام و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم جعل جمل و زاده و نفقته و ما عمه في حجة الاسلام فان فضل من ذلك شي ء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين قلت أ رأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله و

نفقته و ما معه قال يكون جميع ما معه و ما ترك للورثة الّا أن يكون عليه دين فيقضي عنه أو يكون أوصي بوصية فينفذ ذلك لمن أوصي له و يجعل ذلك من ثلثه «2» فإن المستفاد من الحديث ان الحج مقدم علي الدين.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 65 من أبواب الوصايا، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 26 من أبواب وجوب الحج، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 120

[(مسألة 74): من مات و عليه حجة الاسلام و كان له عند شخص وديعة و احتمل ان الورثة لا يؤدونها ان ردّ المال إليهم]

(مسألة 74): من مات و عليه حجة الاسلام و كان له عند شخص وديعة و احتمل ان الورثة لا يؤدونها ان ردّ المال إليهم وجب عليه ان يحج بها عنه فاذا زاد المال من اجرة الحج ردّ الزائد الي الورثة و لا فرق بين أن يحج الودعي بنفسه أو يستأجر شخصا آخر و يلحق بالوديعة كل مال للميت عند شخص بعارية أو اجارة أو غصب أو دين أو غير ذلك (1).

______________________________

الفرع الخامس: أنه لو لم يف الثلث يجب اتمامه من الاصل فانه تقدم أنه يجب اخراجه من الاصل و إن لم يوص بها.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّ الودعي اذا احتمل عدم قيام الورثة بالاحجاج عن الميت يجب عليه الإحجاج عنه و يدل عليه ما رواه بريد العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن رجل استودعني مالا و هلك و ليس لولده شي ء و لم يحج حجة الاسلام قال حج عنه و ما فضل فأعطهم «1».

الفرع الثاني: أنه لو زاد عن اجرة الحج يجب رده الي الورثة و هذا علي طبق القاعدة الاولية فانه يجب رد مال الغير إليه مضافا الي انه صرح به في نفس الحديث فلاحظ.

الفرع الثالث: أنه لا فرق بين أن

يحج بنفسه عنه أو احجاج غيره قال في الحدائق مقتضي النص ان يحج بنفسه.

أقول: الظاهر ان العرف يفهم من النص لزوم النيابة عن الميت بلا فرق بين

______________________________

(1) الوسائل: الباب 13 من أبواب النيابة.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 121

[(مسألة 75): من مات و عليه حجة الاسلام و كان عليه دين و خمس و زكاة و قصرت التركة]

(مسألة 75): من مات و عليه حجة الاسلام و كان عليه دين و خمس و زكاة و قصرت التركة فإن كان المال المتعلق به الخمس أو الزكاة موجودا بعينه لزم تقديمهما و إن كانا في الذمة يتقدم الحج عليهما كما يتقدم علي الدين (1).

______________________________

الودعي و غيره.

الفرع الرابع: أنه لا فرق في الحكم المذكور بين كون المال بعنوان الوديعة أو بغير هذا العنوان و الوجه في الالحاق انّ العرف يفهم ان الميزان الجامع بين الامور المذكورة.

(1) فصل قدّس سرّه بين كون الخمس أو الزكاة في العين و بين كونهما في الذمة بتقديمهما في الصورة الاولي و تقديم الحج في الثانية و الامر كما أفاده إذ لو كان حق الغير في المال و بعبارة اخري لو كان ما تركه الميت مملوكا للغير لا يجوز التصرف فيه و لا بد من تسليم مملوك الغير الي مالكه و إن شئت فقل الحج يقضي من مال الميت لا من مال الغير و بعبارة أوضح انه لا يصدق عليه عنوان ما تركه الميت كما هو ظاهر و أما اذا كان في الذمة فيقدم الحج كما يقدم علي الدين و الدليل علي تقديم الحج علي الدين ما رواه العجلي «1» فإن المستفاد من هذه الرواية بوضوح ان حجة الاسلام مقدمة علي الدين و ما نحن فيه من مصاديق الدين و بعبارة واضحة العنوان المذكور في الحديث «و عليه دين» و الدين بإطلاقه

يشمل المقام و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه معاوية ابن عمّار قال: قلت له رجل يموت و عليه خمس مائة درهم من الزكاة و عليه حجة الاسلام و ترك ثلاثمائة درهم و أوصي بحجة الاسلام و ان

______________________________

(1) لاحظ ص 119.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 122

[(مسألة 76): من مات و عليه حجة الاسلام لم يجز لورثته التصرف في تركته قبل استئجار الحج]

(مسألة 76): من مات و عليه حجة الاسلام لم يجز لورثته التصرف في تركته قبل استئجار الحج سواء كان مصرف الحج مستغرقا للتركة أم لم يكن مستغرقا علي الأحوط نعم اذا كانت التركة واسعة جدا و التزم الوارث بادائه جاز له التصرف في التركة كما هو الحال في الدين (1).

______________________________

يقضي عنه دين الزكاة قال يحج عنه من أقرب ما يكون و تخرج البقية في الزكاة «1» و الحديث و إن كان واردا في الزكاة لكن يمكن استفادة المقام منه بالأولوية فان الزكاة أهم من الخمس و مع ذلك تقدم حجة الاسلام عليها فتقدّم علي الخمس بالفحوي.

و تؤيد المدعي رواية اخري لابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل مات و ترك ثلاثمائة درهم و عليه من الزكاة سبعمائة درهم و اوصي ان يحج عنه قال يحج عنه من اقرب المواضع و يجعل ما بقي الزكاة «2» و هذه الرواية قاصرة سندا فإن اسناد الشيخ الي ابن فضال غير تام.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انه لا يجوز تصرف الوارث فيما تركه الميت قبل استئجار الحج إذا كان مصرف الحج مستغرقا للتركة و الدليل علي المدعي ان المستفاد من الكتاب و السنة ان رتبة الارث متأخرة عن الدين أما الكتاب فقوله تعالي مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ «3» و أما السنة فلاحظ ما رواه

محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام انّ الدين قبل الوصية ثم الوصية علي اثر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 42 من أبواب الوصايا.

(3) النساء: 12.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 123

______________________________

الدين ثم الميراث بعد الوصية فانّ أوّل القضاء كتاب اللّه «1» و لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أوّل شي ء يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث «2» هذا من ناحية و ناحية اخري ان المستفاد من النصوص ان الحج مثل الدين بل المستفاد من حديث العجلي انّ الحج مقدم علي الدين ان قلت يلزم ان يكون المال إما يكون ملكا للميت و إما يكون بلا مالك فما الحيلة قلت:

الالتزام ببقاء المال في ملك الميت لا محذور فيه كما ان الالتزام بعدم كونه مملوكا أيضا ممكن لكن لا يكون من المباحات الاصلية بحيث يجوز لكل احد تملكه.

الفرع الثاني: أنه لو لم يكن مصرف الحج مستغرقا لا يجوز للورثة التصرف أيضا قبل استيجار الحج علي الاحوط و أفاد الماتن علي ما في تقريره الشريف انّ الوارث مالك للزائد علي نحو الكلي في المعين و له تطبيق الكلي علي كل فرد أراد الي أن يبقي مقدار مصرف الحج نظير جواز تصرف البائع لصاع من صبرة فإنه يجوز له التصرف في الصبرة الي ان يبقي مقدار حق المشتري و يرد عليه أولا انه أي دليل علي المدعي المذكور مع انّ الظاهر انّ الشركة علي نحو الاشاعة الا أن يقال بأنه استفيد من الدليل جواز تصرف الوارث في التركة و له أن يؤدي سهم الدائن

من كل جزء و الاختيار بيده و هذا يدل علي عدم الاشاعة فيكون الدائن مالكا للكلي في المعين و ثانيا أنه لا مجال لقياس المقام بباب بيع صاع من الصبرة فان المالك للصبرة يبيع مقدار صاع من المشتري علي نحو الكلي في المعين و البائع حيث أنه مالك للصبرة الّا مقدار صاع علي نحو الكلي في المعين له أن يتصرف في الصبرة الي أن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 28 من أبواب الوصايا، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 124

______________________________

يبقي مقدار صاع و أما في المقام فالوارث علي ما يقول سيدنا الاستاد مالك للزائد علي نحو الكلي في المعين فلا يجوز له تصرف لكن الذي يهون الخطب ان النص يدل علي الجواز لاحظ حديثي البزنطي أنه سئل عن رجل يموت و يترك عيالا و عليه دين أ ينفق عليهم من ماله قال ان يستيقن ان الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم و ان لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال «1».

و عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السّلام مثله الّا أنه قال ان كان يستيقن ان الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق عليهم و إن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال «2».

فان الحديثين يدلان علي الجواز في صورة كون ما تركه الميت أزيد من مصرف الحج مضافا الي السيرة المدعاة في كلام سيدنا الاستاد.

الفرع الثالث: أنه لو كان ما تركه الميت واسعا جدا و التزم الوارث بأدائه جاز الصرف و الظاهر انه لا فرق بين الصورتين نعم مقتضي الاحتياط التفصيل.

بقي شي ء و هو انه لا يستفاد من النص جواز تصرف الوارث بل المستفاد منه ان المتصدي

للتصرف من يكون مرجعا في هذا الامر فلا بد من رعاية هذه الجهة و ان شئت فقل ان المقام من صغريات الامور الحسبية فالمرجع هو الفقيه الجامع للشرائط الذي يكون حاكما شرعيا.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 29 من أبواب الوصايا، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 29 من أبواب الوصايا، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 125

[(مسألة 77): من مات و عليه حجة الاسلام و لم تكن تركته وافية بمصارفها]

(مسألة 77): من مات و عليه حجة الاسلام و لم تكن تركته وافية بمصارفها وجب صرفها في الدين أو الخمس أو الزكاة إن كان عليه شي ء من ذلك و الّا فهي للورثة و لا يجب عليهم تتميمها من مالهم لاستئجار الحج (1).

[(مسألة 78): من مات و عليه حجة الاسلام لا يجب الاستئجار عنه من البلد]

(مسألة 78): من مات و عليه حجة الاسلام لا يجب الاستئجار عنه من البلد بل يكفي الاستئجار عنه من الميقات بل من أقرب المواقيت الي مكة ان أمكن و الّا فمن الأقرب فالأقرب و الأحوط الأولي الاستئجار من البلد إذا وسع المال لكن الزائد عن اجرة الميقات لا يحسب علي الصغار من الورثة (2).

______________________________

(1) ما افاده تام فإن المفروض عدم وفاء ما تركه للحج فلا يجب ان يحج عنه لعدم ما يحج به عنه و لا دليل علي وجوب تتميمها و بعد عدم وجوب الإحجاج عنه تصل النوبة الي الدين و مع عدمه تصل النوبة الي الارث فما افاده الماتن تام.

(2) لا اشكال في اصل الحكم و يجب أن يحج عنه إن كانت عليه حجة الاسلام انما الكلام في كون الواجب الاستيجار من البلد أو الميقات بل من اقرب المواقيت و الحق هو الثاني إذ المطلوب النفسي و الذي يكون محبوبا للمولي نفس الاعمال التي أولها الاحرام فلا يلزم من البلد.

إن قلت لو كان حيّا يجب عليه صرف المال من البلد قلت لا يكون صرف المال من البلد واجبا نفسيا بل واجب غيري مقدمي بحكم العقل فالمقتضي للوجوب فيه نعم مقتضي الاحتياط أن يكون من البلد ان كان المال واسعا بشرط أن لا يتصرف في سهم الصغار فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 126

[(مسألة 79): من مات و عليه حجة الاسلام تجب المبادرة الي الاستئجار عنه في سنة موته]

(مسألة 79): من مات و عليه حجة الاسلام تجب المبادرة الي الاستئجار عنه في سنة موته فلو لم يمكن الاستئجار في تلك السنة من الميقات لزم الاستئجار من البلد و يخرج بدل الايجار من الاصل و لا يجوز التأخير الي السنة القادمة و لو مع العلم بإمكان الاستئجار فيها من

الميقات (1).

______________________________

(1) استدل سيدنا للاستاذ قدّس سرّه علي ما في تقريره الشريف علي وجوب المبادرة بأن المال الذي يصرف في الحج باق في ملك الميت هذا من ناحية و من ناحية اخري لا يجوز التصرف في مال الغير فلا يجوز التصرف حتي بالابقاء الي السنة اللاحقة فوجوب المبادرة علي طبق القاعدة الاولية.

أقول: يرد عليه انه علي فرض تمامية المدعي يكون الدليل أخص من المدعي إذ يمكن أن لا يكون المال المتروك من الميت في تصرف الوارث فلا موضوع لحرمة التصرف.

إذا عرفت ما قلنا نقول الذي يختلج بالبال أن يقال ان المال إمّا في تصرف الوارث و إمّا لا اما علي الاول فيجب عليه المبادرة لما قرره سيدنا الاستاد و اما علي الثاني فالوجه فيه ان المستفاد من الدليل ان الحج دين علي الميت و من ناحية اخري قد علم من الشرع الاقدس تقدم الدين علي بقية الامور بل الحج مقدم علي الدين أيضا و من ناحية ثالثة قد علم من الشرع الأقدس ان الحج واجب فوري فاذا كان المكلف حيّا يجب عليه فورا اذا كان قادرا و الّا تجب الاستنابة كذلك و اذا كان ميتا تجب الاستنابة و ان أبيت عن هذا التقريب.

أقول: الحج دين و أداء الدين واجب فوري فيدخل المقام تحت كبري الامور الحسبية و المرجع فيها الحاكم الشرعي فاذا قام الوارث بهذه المهمة يسقط

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 127

[(مسألة 80): من مات و عليه حجة الاسلام إذا لم يوجد من يستأجر عنه الّا باكثر من اجرة المثل]

(مسألة 80): من مات و عليه حجة الاسلام إذا لم يوجد من يستأجر عنه الّا باكثر من اجرة المثل يجب الاستيجار عنه و يخرج من الاصل و لا يجوز التأخير الي السنة القادمة توفيرا علي الورثة و إن كان فيهم الصغار

(1).

______________________________

عن غيره و لا يحتاج الي الاستيذان من الحاكم لان السيرة جارية علي تصدي الوارث لهذه المهمة بلا اذن بلا نكير من اهل الشرع و اما اذا قام غيره فيحتاج الي الاستيذان من الحاكم الشرعي و صفوة القول ان وجوب الاستنابة عنه واجب كفائي غاية الامر يحتاج الي الاستيذان من الحاكم إذا كان المتصدي غير الوارث و أما الوارث فلا يحتاج إليه و مما ذكرنا ظهر وجه وجوب الاستيجار من البلد إن لم يمكن من الميقات و كذا ظهر وجه عدم جواز التأخير و لو مع فرض كون الاجرة أقل لو تأخرت الاستنابة و ذلك لعدم جواز تأخير الواجب الفوري ان قلت يتضرر الوارث فيرفع الوجوب لقاعدة نفي الضر قلت: الوارث لا يتضرر بل لا ينتفع و فرق بين المقامين مضافا الي انّ قاعدة الضرر نهي لا نفي.

(1) الأمر كما أفاده إذ قد عرفت في المسألة السابقة ان هذا المقدار مملوك للميت و من ناحية اخري قلنا تجب الاستنابة فورا فما افيد تام و الوجه فيه واضح ظاهر فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 128

[(مسألة 81): من مات و اقرّ بعض ورثته بأن عليه حجة الإسلام و انكره الآخرون]

(مسألة 81): من مات و اقرّ بعض ورثته بأن عليه حجة الإسلام و انكره الآخرون فالظاهر انه يجب علي المقرّ الاستئجار للحج و لو بدفع تمام مصرف الحج من حصته غاية الأمر أن له اقامة الدعوي علي المنكرين و مطالبتهم بحصته من بقية التركة و يجري هذا الحكم في الاقرار بالدين أيضا نعم اذا لم يف تمام حصته بمصرف الحج لم يجب عليه الاستئجار بتتميمه من ماله الشخصي (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: انه لو اقرّ بعض الورثة بأن عليه حجة الاسلام و انكره الآخرون فالظاهر وجوب الاستيجار

علي المقرّ لانّ المفروض انّ الحج بحكم الدين ففي الحقيقة المقرّ يقرّ بأن الميت مديون و من ناحية اخري ان ما زاد عن حصته بمقتضي القانون الشرعي لغير المقر فيجب عليه أن يصرفه في الاستئجار إن كان وافيا و أما إن لم يكن وافيا فلا يجب عليه تتميمه من ماله الشخصي لعدم الدليل علي الوجوب إن قلت ان غاية ما في المقام أنّ الميت شريك مع الورثة و مقتضي الشركة أن يرد النقصان الناشي من انكار باقي الورثة علي الميت و المقر فما وجه وجوب صرف جميع الحصة علي المقر قلت التقريب المذكور يتوقف علي القول بالاشاعة و أما علي القول بأن الدين يكون بالنسبة الي ما تركه نسبة الكلي الي المعين فلا يتم البيان المذكور هذا مضافا الي أنه يدل علي المدعي أي وجوب الاستيجار ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل مات فاقرّ بعض ورثته لرجل بدين قال: يلزم ذلك في حصته «1» و لا يعارضه ما رواه أبو البختري وهب بن وهب عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 26 من أبواب الوصايا، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 129

[(مسألة 82): من مات و عليه حجة الاسلام و تبرع متبرع عنه بالحج]

(مسألة 82): من مات و عليه حجة الاسلام و تبرع متبرع عنه بالحج لم يجب علي الورثة الاستئجار عنه بل يرجع بدل الاستئجار الي الورثة نعم اذا أوصي الميت باخراج حجة الاسلام من ثلثه لم يرجع بدله الي الورثة بل يصرف في وجوه الخير أو يتصدق به عنه (1).

______________________________

جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام قال: قضي علي عليه السّلام في رجل مات و ترك ورثة فاقرّ أحد الورثة بدين علي أبيه أنه يلزم ذلك في حصة بقدر

ما ورث و لا يكون ذلك في ماله كله و إن أقرّ اثنان من الورثة و كانا عدلين اجيز ذلك علي الورثة و إن لم يكونا عدلين الزما في حصتهما بقدر ما ورثا و كذلك ان اقرّ بعض الورثة بأخ أو أخت انما يلزمه في حصته «1» لعدم تمامية سند الحديث.

الفرع الثاني: ان له اقامة الدعوي علي بقية الوارث لإحقاق حقه و هذا علي طبق القاعدة الاولية لانه معتقد و مدع ان حصته من الارث في الباقي فله احقاق الحق علي طبق المقرر.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لو تبرع متبرع عمن عليه حجة الاسلام و استناب عنه بالحج متبرع لم يجب علي الورثة الاستنابة بعد ذلك بل لا تكون مشروعة إذ يسقط الواجب عن الميت بالتبرع و لا موضوع بعده لها و إن شئت قلت تحصيل الحاصل محال و تدل علي صحة التبرع مضافا الي ادلة عموم النيابة رواية معاوية بن عمار «2».

الفرع الثاني: ان بدل الاستيجار يرجع الي الورثة إذ المفروض ان المال تركه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) لاحظ ص 115.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 130

______________________________

الميت فهو لوارثه و انما كان الحج مانعا عن الانتقال إليه و المفروض ارتفاعه فالمقتضي موجود و المانع مفقود.

الفرع الثالث: أنه لو أوصي بالثلث أي أوصي باخراج حجة الاسلام و تبرع عنه متبرع لم يرجع البدل الي الورثة بتقريب انّ العمل بالوصية واجب و من ناحية اخري ان غرض الميت وصول الثواب إليه فكانه أوصي بصرف الثلث في الأمور الخيرية و في الدرجة الاولي الحج ثم الاقرب فالأقرب و بعبارة أوضح ان وصية الميت تنحل الي تعدد المطلوب الاول فالاول هذا غاية ما قيل في

هذا المقام و للمناقشة فيما ذكر مجال إذ الوصية من الأمور الانشائية فكيف يمكن الالتزام بها بهذا النحو مع عدم دليل عليها في مقام الاثبات بل الجزم بأن غرض الموصي ايصال الثواب علي الاطلاق أول الكلام و الاشكال و في المقام حديث رواه بن زيد صاحب السابري قال: أوصي إليّ رجل بتركته فامرني أن احج بها عنه فنظرت في ذلك فاذا هي شي ء يسير لا يكفي للحج فسألت أبا حنيفة و فقهاء اهل الكوفة فقالوا تصدق بها عنه الي أن قال فلقيت جعفر ابن محمد عليه السّلام في الحجر فقلت له رجل مات و أوصي إليّ بتركته ان احج بها عنه فنظرت في ذلك فلم يكف للحج فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا تصدّق بها فقال ما صنعت قلت تصدقت بها قال:

ضمنت الّا أن لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة فان كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان و ان كان يبلغ ما يحج به من مكة فانت ضامن «1» و السند غير تام فلا يعتد به.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 37 من أبواب الوصايا، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 131

[(مسألة 83): من مات و عليه حجة الاسلام و أوصي بالاستئجار من البلد]

(مسألة 83): من مات و عليه حجة الاسلام و أوصي بالاستئجار من البلد وجب ذلك و لكن الزائد علي اجرة الميقات يخرج من الثلث و لو أوصي بالحج و لم يعين شيئا اكتفي بالاستئجار من الميقات الّا اذا كانت هناك قرينة علي إرادة الاستئجار من البلد كما اذا عين مقدارا يناسب الحج البلدي (1).

[(مسألة 84): إذا أوصي بالحج البلدي و لكن الوصي أو الوارث استأجر من الميقات]

(مسألة 84): إذا أوصي بالحج البلدي و لكن الوصي أو الوارث استأجر من الميقات بطلت الاجارة ان كانت الاجارة من مال الميت و لكن ذمة الميت تفرغ من الحج بعمل الاجير (2).

______________________________

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: انّ من عليه حجة الاسلام لو أوصي بالحج البلدي يجب العمل بما أوصي غاية الامر يخرج الزائد عن الاجرة الميقاتية من الثلث اذ العمل بالوصية لازم و المفروض ان حجة الاسلام تخرج من اصل المال نعم الزائد عن اجرة الميقاتية يخرج عن الثلث، و يستفاد المدعي من حديث معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل مات فأوصي ان يحج عنه: قال: ان كان صرورة فمن جميع المال و ان كان تطوعا فمن ثلثه «1».

الفرع الثاني: انه لو أوصي بالحج بلا تعيين يكفي الاستيجار عن الميقات لان الواجب العمل من الميقات و المفروض انّ الوصية لم تتعلق بالبلدي نعم اذا كانت هناك قرينة علي الاستجار عن البلد يجب لأن ظواهر الالفاظ و لو مع القرينة عامة أو خاصة حجة.

(2) في هذه المسألة فرعان:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 25 من أبواب وجوب الحج و شرائطه، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 132

[(مسألة 85): إذا أوصي بالحج البلدي من غير بلده]

(مسألة 85): إذا أوصي بالحج البلدي من غير بلده كما اذا أوصي ان يستأجر من النجف مثلا وجب العمل بها و يخرج الزائد عن اجرة الميقاتية من الثلث (1).

[(مسألة 86): إذا أوصي بالاستئجار عنه لحجة الاسلام و عيّن الاجرة]

(مسألة 86): إذا أوصي بالاستئجار عنه لحجة الاسلام و عيّن الاجرة لزم العمل بها و تخرج من الاصل إن لم تزد علي اجرة المثل و الّا كان الزائد من الثلث (2).

______________________________

الفرع الأول: انه لو أوصي بالحج البلدي و لكن الوصي أو الوارث استأجر من الميقات تكون الاجارة باطلة ان كانت من مال الميت إذ المفروض انه تصرف في مال الغير بدون الاذن و يكون فضوليا.

الفرع الثاني: أنه تفرغ ذمة الميت اذ المفروض ان الاجير حج عن الميت فلا وجه لبقاء اشتغال ذمته.

(1) ما أفاده انما يتم علي مسلك من يقول بكفاية الحج الميقاتي كما اخترناه اذ المفروض انه لا يجب الا الميقاتي و انما يجب البلدي لاجل نفوذ الوصية غاية الامر يخرج الزائد عن الثلث علي ما هو المقرر.

(2) ما أفاده مقتضي القاعدة إذ الوصية واجبة الانفاذ و من ناحية اخري له حق الوصية في الثلث فالمقدار الزائد عن اجرة الميقاتية يخرج من الثلث.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 133

[(مسألة 87): إذا أوصي بالحج بمال معين و علم الوصي ان المال الموصي به فيه الخمس أو الزكاة]

(مسألة 87): إذا أوصي بالحج بمال معين و علم الوصي ان المال الموصي به فيه الخمس أو الزكاة وجب عليه اخراجه أولا و صرف الباقي في سبيل الحج فإن لم يف الباقي بمصارفه لزم تتميمه من اصل التركة إن كان الموصي به حجة الاسلام و الّا صرف الباقي في وجوه البر (1).

[(مسألة 88): إذا وجب الاستئجار للحج عن الميت بوصية أو بغير وصية و اهمل من يجب عليه الاستئجار فتلف المال]

(مسألة 88): إذا وجب الاستئجار للحج عن الميت بوصية أو بغير وصية و اهمل من يجب عليه الاستئجار فتلف المال ضمنه و يجب عليه الاستئجار من ماله (2).

______________________________

(1) أما ما أفاده من وجوب اخراج الخمس أو الزكاة أو لا فلأنّ التصرف في مال الغير لا يجوز فلا بد من ايصال مملوك الغير الي مالكه و لكن هل يجوز للوصي أن يتصرف و يخرج الخمس أو الزكاة بلا استيذان من الحاكم الشرعي الانصاف انه علي خلاف القاعدة و ان شئت فقل من أين حصل للوصي الولاية علي التصرف المذكور و اما صرف الباقي في الحج فهو علي طبق القاعدة إذ الوصية نافذة و يجب العمل بها و اما التفصيل بين كون الحج حجة الاسلام أو غيره بلزوم تتميم المال إن لم يكن وافيا من الاصل في الصورة الاولي و صرف الباقي في وجوه البر في الصورة الثانية فلان حجة الاسلام تخرج من الاصل و لو مع الوصية و اما صرف الباقي في وجوه البر في الصورة الثانية فلما مرّ منه ان الوصية تنحل الي وصايا عديدة فان لم يكن العمل بها في موردها تصل النوبة الي العمل بما يطلبه الميت من بقية وجوه البر و قد تقدم منا الاشكال في هذه الدعوي و قلنا ان اقامة الدليل عليه في غاية الاشكال.

(2) قد استدل سيدنا

الاستاد قدّس سرّه علي المدعي بأن المال عنده امانة شرعية فاذا اهمل و فرط تصير يده يد خيانة و عدوان و بمقتضي قاعدة علي اليد يكون ضامنا.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 134

______________________________

و يرد عليه ان الدليل المذكور أخص من المدعي إذ يمكن ان يفرض ان المال لا يكون تحت يده و العجب انه قدّس سرّه لم يستدل بالنصوص الواردة في المقام.

منها ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتي تقسم فقال اذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن الي ان قال و كذلك الوصيّ الذي يوصي إليه يكون ضامنا لما دفع إليه اذا وجد ربه الذي امر بدفعه إليه فان لم يجد فليس عليه ضمان «1»، و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال في رجل توفّي فأوصي الي رجل و علي الرجل المتوفي دين فعمد الذي أوصي إليه فعزل الذي للغرماء فرفعه في بيته و قسم الذي بقي بين الورثة فسرق الذي للغرماء من الليل ممن يؤخذ قال هو ضامن حيث عزله في بيته يؤدي من ماله «2».

و منها ما رواه سليمان بن عبد اللّه الهاشمي عن أبيه قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أوصي الي رجل فاعطاه الف درهم زكاة ماله فذهبت من الوصي قال:

هو ضامن و لا يرجع علي الورثة «3» و منها ما رواه أبان عن رجل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أوصي الي رجل انّ عليه دينا فقال يقضي الرجل ما عليه من دينه و يقسم ما بقي بين الورثة قلت:

فسرق ما أوصي به من الدين ممن يؤخذ الدين أ من الورثة أم من الوصي قال: لا يؤخذ من الورثة و لكن الوصي ضامن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 36 من أبواب الوصايا، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 135

[(مسألة 89): إذا علم استقرار الحج علي الميت و شك في أدائه]

(مسألة 89): إذا علم استقرار الحج علي الميت و شك في أدائه وجب القضاء عنه و يخرج من أصل المال (1).

______________________________

لها «1» و منها ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:

سألته عن مال اليتيم هل للوصي أن يعينه أو يتّجر فيه قال: ان فعل فهو ضامن «2» فان النصوص المشار إليها صريحة في ضمان الوصي و أما إذا لم يكن وصيا و كان وارثا و كان المال في يده فيتم ما أفاده قدّس سرّه و أما إذا لم يكن لا هذا و لا ذاك يدخل تحت كبري الامور الحسبية و المرجع فيها هو الحاكم الشرعي فلاحظ.

(1) الظاهر ان ما أفاده تام إذ الاستقرار مورد اليقين و المفروض ان الاداء مشكوك فيه فبمقتضي الاستصحاب نحكم بأنه باق في ذمته فيجب الاخراج من الاصل و احتمل سيد العروة عدم الوجوب عملا بظاهر حال المسلم و انه لا يترك ما وجب عليه و لا يمكن مساعدته إذ لم يدل دليل علي حجية هذا الظاهر مضافا الي أنه لا يكون ظاهر حال كل مسلم العمل بوظائفه الشرعية كما لو كان الشخص لا يبالي في أمور الدين أضف الي ذلك أنه لو تكلم مسلم و شككنا في أنه سلم أو شتم يلزم جواب سلامه إذ ظاهر حال المسلم العمل بالوظيفة اضف الي ذلك لو ترتب حكم علي

من يعمل بوظائفه الشرعية يلزم ترتبه علي كل مسلم شك في أنه هل يعمل بوظائفه أم لا و انّي لنا باثبات هذا المدعي و لسيد المستمسك قدّس سرّه كلام في المقام و هو ان الحج دين كما يستفاد من النص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «3».

هذا من ناحية و من ناحية اخري انه قد ثبت في باب الدين علي الميت انه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) لاحظ ص 117.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 136

______________________________

لا يثبت باستصحاب عدم الاتيان الا أن يضم باليمين فيكون ما دل علي اعتبار اليمين في باب الدين مخصصا لادلة الاستصحاب و اورد عليه سيدنا الاستاد قدّس سرّه بان الدليل علي هذه الدعوي حديثان أحدهما مكاتبة محمد ابن الحسن يعني الصفّار الي أبي محمد عليه السّلام هل تقبل شهادة الوصيّ للميت بدين له علي رجل مع شاهد آخر عدل فوقّع إذا شهد معه آخر عدل فعلي المدّعي يمين و كتب أ يجوز للوصيّ أن يشهد لوارث الميت صغيرا أو كبيرا و هو القابض للصغير و ليس لكبير بقابض فوقّع عليه السّلام نعم و ينبغي للوصيّ أن يشهد بالحق و لا يكتم الشهادة و كتب أو تقبل شهادة الوصي علي الميت مع شاهد آخر عدل فوقّع نعم من بعد يمين «1».

و المستفاد من هذه الرواية أنه لا يثبت الدين علي الميت الّا مع ضم اليمين الي البينة و لا يستفاد اسقاط الاستصحاب عن الاعتبار و بعبارة واضحة المستفاد من الحديث عدم ثبوت الدين علي الميت بالبينة وحدها بل يحتاج الاثبات الي ضم اليمين الي البينة و اما اذا علم أنه مديون و شك في بقائه فلا مانع

عن جريان الاستصحاب لعدم الدليل علي سقوطه عن الاعتبار.

ثانيهما: ما رواه عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه قال: قلت للشيخ عليه السّلام خبّرني عن الرجل يدّعي قبل الرجل الحق فلم تكن له بيّنة بماله قال فيمين المدعي عليه فان حلف فلا حق له و ان ردّ اليمين علي المدعي فلم يحلف فلا حق له و إن لم يحلف فعليه و ان كان المطلوب بالحق قد مات فاقيمت عليه البينة فعلي المدعي اليمين باللّه الذي لا إله الّا هو لقد مات فلان و ان حقه لعليه فان حلف و الّا فلا حق له لأنّا لا ندري لعله قد أوفاه ببينة لا نعلم موضعها أو غير بينة قبل الموت فمن ثم صارت

______________________________

(1) الوسائل: الباب 28 من أبواب الشهادات.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 137

[(مسألة 90): لا تبرأ ذمة الميت بمجرد الاستئجار]

(مسألة 90): لا تبرأ ذمة الميت بمجرد الاستئجار فلو علم انّ الأجير لم يحج لعذر أو بدونه وجب الاستئجار ثانيا و يخرج من الاصل و إن أمكن استرداد الأجرة من الأجير تعين ذلك إذا كانت الاجرة مال الميت (1).

______________________________

عليه اليمين مع البينة فان ادّعي بلا بينة فلا حق له لأنّ المدعي عليه ليس بحيّ و لو كان حيّا لا لزم اليمين أو الحق أو يرد اليمين عليه فمن ثم لم يثبت الحق «1» و هذه الرواية ساقطة سندا لعدم توثيق الضرير في الرجال و الظاهر ان ما أورده عليه تام لا نقاش فيه فإن المستفاد من الحديث الأول كما تقدم عدم اثبات اصل الدين بالبينة وحدها و اما مع العلم به و الشك في سقوطه و عدمه فلا تعرض في الرواية له.

(1) أما ما أفاده من عدم الفراغ بمجرد الاستئجار فلأن المطلوب

العمل الخارجي فلا يترتب أثر علي مجرد الاستيجار لا بالنسبة الي الميت و لا بالنسبة الي الوصي أو الوارث و أما ما أفاده بأنه لو علم أن الأجير لم يحج الي آخر كلامه فالظاهر عدم اختصاص الحكم بصورة العلم بعدم الاتيان بل الحكم كذلك مع مجرد الاحتمال إذ مع الاحتمال يكون مقتضي الأصل عدم الاتيان به فلا بد من دليل و أمارة علي قيام الاجير بالمهمة و أما ما أفاده من لزوم استرداد الاجرة مع الامكان إن كان من مال الميت فأفاد الماتن في شرح عبارة المتن أنه لو لم يسترد يكون تضييعا لمال الميت.

أقول: تارة يكون المتصدي للامر الوصي و اخري غيره أما علي الأول فالظاهر انّ وظيفته حفظ مال الميت و العمل بما أوصي به فيجب عليه الاسترداد ان أمكن و اما علي الثاني كما لو كان المتصدي الوارث فلا أري وجها لوجوب الاسترداد

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب كيفية الحكم، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 138

[(مسألة 91): إذا تعدّد الأجراء فالأحوط استئجار أقلهم أجرة]

(مسألة 91): إذا تعدّد الأجراء فالأحوط استئجار أقلهم أجرة اذا كانت الاجارة بمال الميت و إن كان الأظهر جواز استئجار المناسب لحال الميت من حيث الفضل و الشرف فيجوز استئجاره بالأزيد (1).

[(مسألة 92): العبرة في وجوب الاستئجار من البلد أو الميقات بتقليد الوارث أو اجتهاده لا بتقليد الميت أو اجتهاده]

(مسألة 92): العبرة في وجوب الاستئجار من البلد أو الميقات بتقليد الوارث أو اجتهاده لا بتقليد الميت أو اجتهاده فلو كان الميت يعتقد وجوب الحج البلدي و الوارث يعتقد جواز الاستئجار من الميقات لم يلزم علي الوارث الاستئجار من البلد (2).

______________________________

عليه بل يدخل المقام تحت كبري الامر الحسبي و المرجع فيه الحاكم الشرعي.

(1) لا يبعد أن يكون مراده بمال الميت ما تركه في مقابل تبرع متبرع و عليه لا بدّ من التفصيل بين مورد وجود صغير للميت و عدمه ففي الصورة الاولي يكون مقتضي القاعدة رعاية حال الصغير و لا يجوز التصرف الزائد علي المقدار اللازم و أما في الصورة الثانية فالأمر موكول الي الورثة إذ تصرفهم في مملوكهم و هم مسلطون علي مالهم و أما جواز الاستيجار بالازيد رعاية لشرف الميت فلا يبعد أن يكون المستفاد من نصوص وجوب الحج عن الميت جواز ما يكون مناسبا لشأنه كما ان الامر كذلك في مئونة السنة حيث انّ بناء الاصحاب علي رعاية الشأن في مقدارها.

(2) ما أفاده تام إذ كل مكلف يكون ملزما بالعمل علي طبق ما قام عنده من الحجة فاذا فرضنا ان اعتقاد الوارث علي لزوم البلدي فمعناه أنه يري الميت مديونا بالعمل المقيد بهذا القيد و من ناحية اخري يكون المال وافيا يجب عليه الاستنابة من البلد و اعتقاد الميت اجتهادا أو تقليدا لا يكون حجة عليه كما انه لو انعكس الامر و يري الميت وجوب البلدي و الوارث يري كفاية

الميقاتي يكتفي به بعين ذلك البيان فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 139

[(مسألة 93): إذا كانت علي الميت حجة الاسلام و لم تكن له تركة]

(مسألة 93): إذا كانت علي الميت حجة الاسلام و لم تكن له تركة لم يجب الاستئجار عنه علي الوارث نعم يستحب ذلك علي الولي (1).

[(مسألة 94): إذا أوصي بالحج فإن علم ان الموصي به هو حجة الاسلام]

(مسألة 94): إذا أوصي بالحج فإن علم ان الموصي به هو حجة الاسلام اخرج من اصل التركة الّا فيما إذا عين اخراجه من الثلث و أما اذا علم ان الموصي به غير حجة الاسلام أو شك في ذلك فهو يخرج من الثلث (2).

______________________________

(1) أما ما أفاده من عدم وجوب الاستيجار في صورة عدم تركة للميت فهو علي طبق القاعدة إذ لا دليل علي الوجوب بل الدليل قائم علي عدمه و هي البراءة، و أما ما أفاده من استحباب ذلك علي الولي فالظاهر أنه لا اشكال في محبوبية النيابة في الامور العبادية عن الغير و النصوص الدالة علي الاستحباب المذكور كثيرة و لكن لا خصوصية للولي بل يستحب علي جميع الناس و علي الوارث و أما الولي بعنوانه فقد ورد في حديث ضريس «1»، و الحديث في مورث خاص و هو من يكون مستطيعا ذا مال فمات في الطريق و لا يشمل المقام مضافا الي ما عن الجواهر بأن عدم الوجوب قطعي.

(2) أما لزوم اخراجه من الاصل مع العلم بأن الموصي به حجة الاسلام فلأن حجة الاسلام تخرج عن الاصل الّا فيما عين الموصي اخراجها من الثلث لكن تقدم ان المستفاد من النص ان حجة الاسلام تخرج من الأصل حتي مع الوصية بإخراجها من الثلث لاحظ حديث معاوية بن عمّار «2» و أما في صورة العلم بأن الموصي به غير حجة الاسلام أو شك في ذلك فلا يجوز الاخراج عن الأصل إذ بمقتضي الاستصحاب يحرزان الوصية لم تتعلق بحجة الاسلام و

من ناحية أخري الوصية تخرج من الثلث.

______________________________

(1) لاحظ ص 106.

(2) لاحظ ص 131.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 140

[(مسألة 95): إذا أوصي بالحج و عين شخصا معينا لزم العمل بالوصية]

(مسألة 95): إذا أوصي بالحج و عين شخصا معينا لزم العمل بالوصية فإن لم يقبل الا بأزيد من أجرة المثل اخرج الزائد من الثلث فان لم يمكن ذلك أيضا استؤجر غيره بأجرة المثل (1).

[(مسألة 96): إذا أوصي بالحج و عين أجرة لا يرغب فيها أحد]

(مسألة 96): إذا أوصي بالحج و عين أجرة لا يرغب فيها أحد فإن كان الموصي به حجة الاسلام لزم تتميمها من اصل التركة و إن كان الموصي به غيرها بطلت الوصية و تصرف الاجرة في وجوه البر (2).

______________________________

(1) أما ما أفاده من لزوم العمل بالوصية فمقتضي القاعدة و بعبارة واضحة لا اشكال في وجوب العمل بالوصية و أما ما أفاده من ان ذلك الشخص إن لم يقبل باجرة المثل يخرج من الثلث فأيضا إذ لا وجه لاخراج الزائد من الاصل و أما إذا لم يمكن تصل النوبة إلي استيجار غيره باجرة المثل فما أفاده أيضا تام و ببيان واضح إذا لم يمكن استيجار ذلك الشخص تبطل الوصية بالنسبة الي هذه الجهة و لكن الاستيجار لحجة الاسلام لازم و لو مع عدم الوصية نعم لو لم يكن الحج الموصي به حجة الاسلام يكون مقتضي القاعدة بطلان الوصية بالكلية إذ ما قصده غير قابل للاجراء و غيره لم يقع مورد الوصية.

(2) الموصي به إذا كان حجة الاسلام يلزم تتميم النقصان من اصل التركة إذ المفروض انّ الدليل قائم علي خروج حجة الاسلام من اصل التركة فالوصية و إن لم تكن قابلة للاجراء لكن مقتضي الدليل الاخراج عن الاصل بل تقدم ان حجة الاسلام تخرج من الاصل علي الاطلاق، و أما إذا كان الموصي به غير حجة الاسلام تكون الوصية باطلة و تصرف الاجرة في وجوه البر اما بطلان الوصية فلعدم امكان العمل بها

إذ المفروض أنه لا يقوم بالعمل أحد و لا يجوز تتميمها من الاصل لعدم الدليل عليه و أما صرف الاجرة في وجوه البرّ فأفاد في شرح المتن علي ما في

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 141

[(مسألة 97): إذا باع داره بمبلغ مثلا و اشترط علي المشتري ان يصرفه في الحج عنه بعد موته]

(مسألة 97): إذا باع داره بمبلغ مثلا و اشترط علي المشتري ان يصرفه في الحج عنه بعد موته كان الثمن من التركة فإن كان الحج حجة الاسلام لزم الشرط و وجب صرفه في اجرة الحج ان لم يزد علي أجرة المثل و الّا فالزائد يخرج من الثلث و إن كان الحج غير حجة الاسلام لزم الشرط أيضا و يخرج تمامه من الثلث و إن لم يف الثلث لم يلزم الشرط في المقدار الزائد (1).

______________________________

تقريره الشريف ان الثلث باق في ملك الميت فيلزم أن يصرف مقدار الثلث في وجوه البرّ لانحلال الوصية الي وصايا متعددة و يرد عليه انه قد مرّ منا انه لا دليل علي الانحلال فلاحظ.

(1) أما ما أفاده في الصورة المفروضة من ان الثمن من التركة فعلي القاعدة و الامر كما أفاده كما هو ظاهر واضح و الشرط نافذ بمقتضي دليل نفوذه و وجب صرفه في الحج علي الاطلاق ان كان الحج حجة الاسلام غاية الامر الزائد علي الاجرة المثل فيخرج عن الثلث و بعبارة واضحة مرجع الاشتراط المذكور الي الوصية و الوصية نافذة في الثلث فانه للميت كما ان المقدار المتعارف لمصرف حجة الاسلام له و له أن يوصي به و اما اذا لم يكن الحج حجة الاسلام يخرج كله من الثلث إذ لا وجه لخروجه عن الاصل و إن لم يف الثلث لم يلزم في المقدار الزائد لعدم المقتضي للزوم الشرط في الزائد فإن

الزائد مملوك للوارث و لا حق للميت فيه و لا يخفي ان الظاهر من عبارة المتن ان في الصورة المفروضة أي في صورة عدم وفاء الثلث للحج لا تصل النوبة الي صرفه في وجوه البرّ لانه في مقام البيان و لم يبين و عليه يكون مؤيدا لما قلنا و مناقضا لما قاله فلا تغفل.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 142

[(مسألة 98): إذا صالحه داره مثلا علي ان يحج عنه بعد موته]

(مسألة 98): إذا صالحه داره مثلا علي ان يحج عنه بعد موته صح و لزم و خرجت الدار عن ملك المصالح الشارط و لا تحسب من التركة و ان كان الحج ندبيا و لا يشملها حكم الوصية و كذلك الحال اذا ملكه داره بشرط ان يبيعها و يصرف ثمنها في الحج عنه بعد موته فجميع ذلك صحيح لازم و ان كان العمل المشروط عليه ندبيا و لا يكون للوارث حينئذ حق في الدار و لو تخلف المشروط عليه عن العمل بالشرط لم ينتقل الخيار الي الوارث و ليس له اسقاط هذا الخيار الذي هو حق للميت و انّما يثبت الخيار للحاكم الشرعي و بعد فسخه يصرف المال فيما شرط علي المفسوخ عليه فإن زاد شي ء صرف في وجوه الخير (1).

______________________________

(1) ما أفاده في صدر كلامه علي القاعدة فان الدار بالصلح تخرج من ملك المصالح بالكسر و تدخل في ملك المصالح بالفتح و الشرط الذي شرطه جائز و بدليل نفوذ الشرط و لزومه يلزم فلا اشكال فيه من هذه الجهة و لا يخفي علي الخبير ان الشرط لا يوجب ملكية شي ء للشارط بل يكون له حق اجبار المشروط عليه بالعمل بالشرط و حق الاجبار ثابت بالسيرة العقلائية الممضاة عند الشارع الاقدس و أما ما أفاده

في الذيل بان الخيار الناشئ عن تخلف الشرط ينتقل الي الحاكم الشرعي فالظاهر انّ الوجه في نظره ان الخيار يتحقق بتخلف الشرط و في زمان التخلف الشارط غير موجود فلا مجال لكون الخيار للوارث إذ ليس مما تركه الميت فيكون الخيار للحاكم الشرعي الذي يكون وليا للامور الحسبية.

و يرد عليه انه لا اشكال في ان دليل الشرط لا يكون مشرعا و عليه أيّ دليل

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 143

[(مسألة 99): لو مات الوصي و لم يعلم أنه استأجر للحج قبل موته]

(مسألة 99): لو مات الوصي و لم يعلم أنه استأجر للحج قبل موته وجب الاستئجار من التركة فيما إذا كان الموصي به حجة الاسلام و من الثلث إذا كان غيرها و إذا كان المال قد قبضه الوصي و كان موجودا أخذ و ان احتمل ان الوصي قد استأجر من مال نفسه و تملك ذلك بدلا عما اعطاه و ان لم يكن المال موجودا فلا ضمان علي الوصي لاحتمال تلفه عنده بلا تفريط (1).

______________________________

يدل علي جواز اشتراط الخيار لما بعد الموت مضافا الي انّ الخيار إذا كان للميت فيلزم انتقاله الي الوارث لا الي الحاكم و يضاف الي ذلك كله انّ إرث الخيار محل الكلام و التفصيل موكول الي مجال آخر و إن كان مجعولا للحاكم فهو بنفسه مورد الاشكال فان جعل الخيار للاجنبي لا دليل عليه فالنتيجة ان جعل الخيار و ما يترتب عليه غير تام اضف الي ذلك كله ان صرف الزائد في وجوه الخير محل الكلام و الاشكال كما تقدم منا.

(1) أما وجوب الاستيجار من التركة مع التفصيل بين كون مورد الوصية حجة الاسلام أو غيرها بالاخراج من الاصل في الصورة الاولي و من الثلث في الصورة الثانية فالدليل عليه استصحاب عدم

الاستيجار فيلزم العمل بالوصية علي التفصيل المذكور في المتن.

إن قلت اصالة الصحة بالنسبة الي الوصي تقتضي عدم الوجوب أي ببركتها نحكم بتحقق العمل من الوصي.

قلت: اصالة الصحة تتكفل للحكم بالصحة بالنسبة الي العمل الصادر عن الغير و أما لو شك في أصل العمل فلا دليل علي الحكم بتحققه بل المرجع استصحاب عدم التحقق نعم في المقام شبهة تختلج بالبال و هي أنّ الوصية إذا كانت بغير حجة

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 144

[(مسألة 100): إذا تلف المال في يد الوصي بلا تفريط]

(مسألة 100): إذا تلف المال في يد الوصي بلا تفريط لم يضمنه و وجب الاستئجار من بقية التركة إذا كان الموصي به حجة الاسلام و من بقية الثلث إن كان غيرها فان كانت البقية موزعة علي الورثة استرجع منهم بدل الايجار بالنسبة و كذلك الحال ان استؤجر احد للحج و مات قبل الاتيان بالعمل و لم يكن له تركة أو لم يمكن الاخذ من تركته (1).

______________________________

الاسلام كما لو تعلقت بالحج الندبي فما الدليل علي وجوب الاستيجار ثانيا.

و بعبارة واضحة لا تعدد في الوصية بل وصية واحدة و الوصي شخص خاص فلا دليل علي وجوب الاستيجار ثانيا و أما وجوب أخذ المال الذي أخذه الوصي حتي مع احتمال دفع بدله من مال نفسه فلأن الاحتمال لا أثر له و المرجع استصحاب عدم الاستيجار فيلزم استنفاذ مال الميت و صرفه في المورد المقرر الشرعي و أما عدم ضمان الوصي في صورة عدم المال المأخوذ فلان الضمان خلاف الاصل و مقتضي القاعدة عدم الضمان و ان شئت قلت يشك في انّ الوصي هل فرط المال أم لا و الاصل عدمه فلاحظ.

(1) أما عدم ضمان الوصي في صورة عدم التفريط فعلي القاعدة كما تقدم فإن

يده يد امانة و ليس علي الامين الّا اليمين و أما وجوب الاستيجار من بقية ما تركه إذا كان مورد الوصية حجة الاسلام فلأن حجة الاسلام تخرج من الاصل فما أفاده تام و أما اذا لم يكن حجة الاسلام فوجوب الاخراج عن الثلث مبني علي تعدد الوصية و هو مورد الاشكال كما تقدم منا قريبا و اما استرجاع الاجرة من الورثة في صورة التوزيع فلأن المفروض في كلامه ان مال الميت عندهم فيلزم الأخذ منهم و أما استيجار غير الاجير الأول في فرض موته و الأخذ من الورثة مع عدم تركته

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 145

[(مسألة 101): إذا تلف المال في يد الوصي قبل الاستئجار و لم يعلم ان التلف كان عن تفريط]

(مسألة 101): إذا تلف المال في يد الوصي قبل الاستئجار و لم يعلم ان التلف كان عن تفريط لم يجز تغريم الوصي (1).

[(مسألة 102): إذا أوصي بمقدار من المال لغير حجة الاسلام و احتمل انه زائد علي ثلثه]

(مسألة 102): إذا أوصي بمقدار من المال لغير حجة الاسلام و احتمل انه زائد علي ثلثه لم يجز صرف جميعه (2).

______________________________

للأجير أو عدم امكان الأخذ فلأن المفروض ان إخراج الحج لازم فطبعا ما أفاده علي طبق القاعدة كما هو ظاهر عند الخبير بالصناعة.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة إذ تقدم قريبا ان الضمان مترتب علي التفريط و هو منفي بالأصل.

(2) و الوجه فيه انّ الوصية جائزة في الثلث فقط و مع الشك في الزيادة شك في صحتها و الأصل عدمها لا يقال مقتضي اصالة الصحة نفوذها فإنه يقال لا دليل علي الاصل المذكور فإن اصالة الصحة انما تجري فيما يكون جواز التصرف للمتصرف محرزا و كان الشك في انه يحمل علي الوجه الصحيح أم لا تجري اصالة الصحة و أما إذا شك في أصل التصرف كما لو باع دارا لا تكون تحت يده و يحتمل أن لا تكون مملوكة لا مجري لاصالة الصحة اللهم الا أن يقال هذا التقريب في المقام غير تام إذا الشك في الصحة ناش عن احتمال الزيادة عن الثلث و مقتضي الاصل عدم كونه زائدا و الاصل الجاري في السبب مقدم علي الاصل الجاري في المسبب فببركة الاصل السببي نحكم بعدم كونه أزيد و يترتب عليه الصحة فافهم و اغتنم.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 146

[فصل في النيابة]

اشارة

فصل في النيابة

[(مسألة 103): يعتبر في النائب أمور]

اشارة

(مسألة 103): يعتبر في النائب أمور:

[الأول: البلوغ]

الأول: البلوغ فلا يجزئ حج الصبي من غيره في حجة الاسلام و غيرها من الحج الواجب و إن كان الصبي مميزا نعم لا يبعد صحة نيابته في الحج المندوب بأذن الولي (1).

______________________________

(1) يقع الكلام في هذه المسألة في موارد:

المورد الأول: في نيابة الصبي غير المميز و من الواضح أنه لا أثر لفعله إذ لا شعور له و لا قصد له فلا مجال للبحث.

المورد الثاني: نيابة المميز عن الميت و ما يمكن أن يقال في هذا المقام أو قيل وجوه:

الوجه الأول: أنه لا وثوق به و مع عدم الوثوق كيف يمكن الاكتفاء به.

و فيه ان الكلام في مقام الثبوت و الواقع لا في مقام الاثبات مضافا الي أنّ الوجه المذكور أخص من المدعي إذ ربما يكون مورد الوثوق.

الوجه الثاني: أنّ عدم الدليل علي الجواز يكفي للحكم بالعدم فإن الاجزاء يحتاج الي الدليل و مع الشك لا يمكن الجزم به بل مقتضي الاصل عدم كونه مجزيا و هذا الوجه تام لكن الاستدلال به يتوقف علي عدم دليل علي الكفاية كما هو ظاهر عند الخبير.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 147

______________________________

الوجه الثالث: أنه قد دل الدليل علي أنّ عمده خطأ لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و من الظاهر انّ العمل الصادر عن الخطأ لا أثر له و فيه أنه ان تم الدليل علي الجواز يخصّص الحديث المشار إليه و الّا يكفي لعدم الجواز عدم الدليل كما تقدم.

الوجه الرابع: ان المستفاد من النص ان القلم مرفوع عنه لاحظ ما رواه عمّار «2» و مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق بين القلم الالزامي و غيره فلا تكون الاستنابة مشروعة في حقه.

و فيه

انه قد حقق في محله ان عباداته مشروعة لا تمرينية فتكون نيابته مشروعة كبقية عباداته بل صرح في بعض ان الولد يحج عن والديه لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما يلحق الرجل بعد موته فقال سنة سنّها يعمل بها بعد موته فيكون له مثل أجر من يعمل بها من غير أن ينتقص من اجورهم شي ء و الصدقة الجارية تجري من بعده و الولد الطيب يدعو لوالديه بعد موتهما و يحج و يتصدق و يعتق عنهما و يصلّي و يصوم عنهما فقلت اشركهما في حجتي قال نعم «3» مضافا الي انه ادعي ان المراد في حديث الرفع قلم الالزام.

الوجه الخامس: انّ عبادة الصبي تمرينية فلا يترتب عليها أثر و قد تقدم الجواب عن الوجه المذكور بما ذكرناه في الوجه السابق و قلنا ان عبادته شرعية.

الوجه السادس: انصراف ادلة النيابة عن الصبي و فيه انه علي فرض تسلمه بدوي يزول بالتأمل و بعبارة واضحة بعد فرض كون عبادته تامة مشروعة ما

______________________________

(1) لاحظ ص 29.

(2) لاحظ ص 19.

(3) الوسائل: الباب 28 من أبواب الاحتضار، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 148

______________________________

الفارق بين ما يأتي به و غيره من البالغين و هل يمكن التفريق بين الموردين بزيادة دقيقة مثلا إذا لم يكن قبل تلك الدقيقة بالغا فكان عمله غير معتد به و بعد مضي دقيقة صار بالغا و يعتد بعمله الانصاف انه بعيد عن النظر العرفي العقلائي اضف الي ذلك انه ربما يكون عمل غير البالغ أفضل و ادق و اقرب الي الواقع من عمل البالغ.

الوجه السابع: انه يستفاد من طائفة من النصوص لزوم نيابة الرجل عن الميت لاحظ

ما رواه معاوية بن عمار «1» و لاحظ ما رواه حكم بن حكيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يحج الرجل عن المرأة و المرأة عن الرجل و المرأة عن المرأة «2» و هذا الوجه تام لا اشكال فيه إذ المستفاد من لزوم كون النائب رجلا و من الظاهر انّ عنوان الرجل منصرف عن غير البالغ.

إن قلت ما الفرق بين غير البالغ القريب من البلوغ و الذي يكون أول يوم من بلوغه قلت لا كلام و لا اشكال في انّ الجواز يترتب علي البالغ مهما كان مضافا الي انه لا يبعد صحة اطلاق عنوان الرجل عليه و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما يقال في الفارسية (مرد شده است).

ان قلت عنوان الرجل من باب المثال قلت لا وجه لرفع اليد عن ظهور اللفظ في اللزوم، ان قلت في المقام جملة من النصوص لا يكون فيها عنوان الرجل لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3» و لاحظ ما رواه الحلبي «4» فما المانع عن الأخذ بالإطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص 102.

(2) الوسائل: الباب 8 من أبواب النيابة، الحديث 6.

(3) لاحظ ص 102.

(4) لاحظ ص 102.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 149

______________________________

قلت يلزم رفع اليد عن الاطلاق بما صرح فيه بعنوان الرجل إذ الحكم مترتب علي صرف الوجود لا مطلق الوجود فيلزم حمل المطلق علي المقيد.

المورد الثالث: أنه هل يجوز نيابته عن الحي الحق عدم الجواز اذ مقتضي حديث حكم بن حكيم عدم الفرق و بعبارة واضحة مقتضي اطلاقه عموم الحكم أي مقتضي تلك الرواية ان النائب يلزم ان يكون رجلا فلا يعتد بنيابة غير البالغ مضافا الي انّ النص الوارد في النيابة عن الحي قد اخذ

فيه عنوان الرجل لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1» فلاحظ.

المورد الرابع: أنه تجوز نيابته في الحج المندوب و الوجه فيه انّ عبادته مشروعة كما تقدم هذا من ناحية و من ناحية اخري ان دليل استحباب النيابة يشمله و ان شئت فقل كما انه يشمله دليل استحباب صلاة الليل يشمله دليل استحباب النيابة و هل يشترط باذن الولي أم لا يشترط الماتن الجواز بالشرط المذكور و افاد في شرح العبارة علي ما في تقريره الشريف ان النيابة اما بالاجارة و اما بالتبرع اما الاجارة فتحتاج الي قيام الولي بالأمر و الّا لم تكن الاجارة صحيحة و اما التبرع فلا يجوز الانتفاع من الصبي و استيفاء منافعه متوقف علي اذن وليه و ما افاده بمراحل عن الواقع إذ يمكن ان يتصدي الصبي للمهمة من تلقاء نفسه فهل يمكن ان يقال ان الصبي لا تصح صلاة الليل منه الا باذن الولي كلا ثم كلا.

______________________________

(1) لاحظ ص 98.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 1، ص: 150

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 150

[الثاني: العقل]

الثاني: العقل فلا تجزئ استنابة المجنون سواء في ذلك ما اذا كان جنونه مطبقا أم كان ادواريا اذا كان العمل في دور جنونه و أما السفيه فلا بأس باستنابته (1).

[الثالث: الايمان]

الثالث: الايمان فلا عبرة بنيابة غير المؤمن و ان أتي بالعمل علي طبق مذهبنا (2).

______________________________

(1) هذا من الواضحات فانّ المجنون مرفوع عنه القلم و لا يميز بين الامور و لذا يكون معذورا في الأمور الصادرة عنه عند العرف و العقلاء فكيف بالشارع الاقدس اضف الي ذلك النص الخاص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و أما السفيه فلا دليل علي عدم صحته نيابته اذ غاية ما يكون في حقه ان يكون محجورا و ممنوعا من التصرف في أمواله و حجره لا ينافي صحة عباداته و لذا لا اشكال في صحة صلاته و صومه فلاحظ.

(2) تارة لا يعمل علي طبق المقرر الشرعي عندنا و اخري يأته علي طبق مذهبنا أما علي الأول فلا اشكال في البطلان فان الاجزاء يحتاج الي الدليل و لا دليل علي كفاية عمله و اما علي الثاني فأيضا لا يكفي عمله لأنّ الايمان شرط في صحة العبادات لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كل من دان اللّه عزّ و جلّ بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول و هو ضالّ متحيّر و اللّه شانئ لأعماله الي أن قال و ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق و اعلم يا محمد ان ائمة الجور و اتباعهم لمعزولون عن دين اللّه فقد ضلّوا و أضلّوا فاعمالهم التي يعملونها لرماد اشتدت به الريح في يوم

______________________________

(1) لاحظ ص 29-

30.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 151

[الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمة بحج واجب عليه في عام النيابة]

الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمة بحج واجب عليه في عام النيابة إذا تنجز الوجوب عليه و لا بأس باستنابته فيما اذا كان جاهلا بالوجوب أو غافلا عنه و هذا الشرط شرط في صحة الاجارة لا في صحة النائب فلو حج و الحالة هذه برئت ذمة المنوب عنه و لكنه لا يستحق الأجرة المسماة بل يستحق أجرة المثل (1).

______________________________

عاصف لا يقدرون مما كسبوا علي شي ء ذلك هو الضلال البعيد «1»، فانّ الحديث صريح في بطلان عمله بل محكوم بالكفر عند الموت بل يمكن أن يقال انّ من لا ايمان له كافر بمقتضي الروايات غاية الامر انّ الشارع الاقدس جوّز أن يعامل معه معاملة الاسلام.

(1) في المقام فروع:

الفرع الأول: أنّ النائب يشترط فيه ان لا تكون ذمته مشغولة بحج واجب عليه و ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه:

الوجه الأول: انّ من استقرّ عليه الحج يجب عليه ان يحج عن نفسه و الأمر بشي ء يقتضي النهي عن ضده و النهي عن العبادة يوجب فسادها فحج النائب فاسد لكونه منهيا عنه.

و يرد عليه انّ الأمر بشي ء لا يقتضي النهي عن ضده مضافا الي انّ النهي الغيري لا يكون ناشيا عن المبغوضية فلا وجه للفساد.

الوجه الثاني: انّ الأمر بالحج الأصالي يوجب اختصاص الزمان به فلا يكون الزمان قابلا لوقوع الحج النيابي كما انّ شهر رمضان غير قابل لإيقاع صوم آخر فيه.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 152

______________________________

و يرد عليه انّ الوجه المذكور أول الكلام و لا دليل عليه و لذا ناقشنا في عدم صحة صوم آخر في شهر

رمضان الا أن يتم الأمر بالاجماع و التسالم.

الوجه الثالث: انّ قوله تعالي وَ لِلّٰهِ عَلَي النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ يوجب كون الحج الأصالي مملوكا له تعالي و لا يجوز التصرف في ملك الغير.

و يرد عليه أولا انّ الوجه المذكور علي فرض تماميته يكون أخص من المدعي إذ الكلام في مطلق الحج الواجب لا في خصوص حجة الاسلام و ثانيا انّ الآية الشريفة لا تكون دالة علي الملكية الاعتبارية فانه تعالي مالك لجميع الموجودات بالملكية الحقيقية و ثالثا انّ غاية ما في الباب أن تكون الذمة مشغولة بدين إلهي لكن هذا لا يوجب بطلان النيابة عن الغير.

الوجه الرابع: انّ الأمر بالحج الأصالي و إن لم يقتضي النهي عن الضد لكن يكون مانعا عن الأمر بالضد إذ يلزم الأمر بالضدين و فيه انه قرر في الأصول أنه يجوز الأمر بالضد بالترتب.

الوجه الخامس: أنه قد أخذ في موضوع الأمر بالحج القدرة و الأمر بالأهم معجز و يوجب عدم القدرة و فيه أولا ان الموضوع في حجة الاسلام الاستطاعة لا في مطلق الحج.

و ثانيا قد فسّرت الاستطاعة بأمور فلا ترتبط بالمدعي.

السادسة: جملة من النصوص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل صرورة مات و لم يحج حجة الاسلام و له مال قال يحج عنه صرورة لا مال له «1» فانّ المستفاد من الحديث انه يشترط في النائب أن يكون

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب النيابة، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 153

______________________________

صرورة لا مال له و بعبارة واضحة ان المستفاد من الحديث انحصار النائب في الصرورة الذي لا مال له و هو خلاف الاجماع و السيرة القطعية فلا يعتد بالحديث الا

أن يحمل علي الندب و إن أبيت عما ذكر فيدل علي الجواز ما رواه سعد بن ابي خلف قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السّلام عن الرجل الصرورة يحج عن الميت قال: نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه فان كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزي عنه حتي يحج من ماله و هي تجزي عن الميت إن كان للصرورة مال و إن لم يكن له مال «1» و لاحظ ما رواه سعيد بن عبد اللّه الأعرج أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصرورة أ يحج عن الميت فقال: نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به فان كان له مال فليس له ذلك حتي يحج من ماله و هو يجزي عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال «2» فانه صرح فيهما بالجواز مع المال و حديث سعد عن أبي الحسن روحي فداه و هو احدث فيؤخذ به بلا اشكال.

الفرع الثاني: أنه لو كان غافلا تصح النيابة و إن قلنا بعدم الصحة في صورة عدم الغفلة إذ الغفلة لو كانت عن قصور لا يكون المكلف عاصيا و لا يكون مكلفا بالحكم الواقعي و لا يعقل أن يكلف مع فرض الغفلة لعدم امكان انبعاثه و انزجاره فالمقتضي للصحة موجود و المانع مفقود.

الفرع الثالث: أن يكون جاهلا بالحكم الواقعي فان النيابة أيضا صحيحة إذ بعد الالتزام بالصحة في صورة العلم كما تقدم فالصحة في صورة الجهل بالأولوية و سوّي سيدنا الاستاد بين الغفلة و الجهل و الحال أنه فرق بين المقامين فان الغافل كما

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب النيابة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك

في شرح المناسك، ج 1، ص: 154

______________________________

تقدم غير مكلف حتي واقعا و لكن الجاهل يكون مكلفا غاية الأمر لا يكون التكليف منجزا بالنسبة إليه.

الفرع الرابع: أنه تصح اجارته للنيابة أم لا اما في صورة الغفلة فلا مانع عن صحة الاجارة إذ المفروض أن الغافل غير مكلف حتي واقعا فلا فرق بينه و بين بقية الافراد و أما في صورة العلم و تنجز التكليف فهل يمكن الالتزام بصحة الاجارة الحق أنه يمكن إذ تقدم أن حج النائب صحيح بالامر الترتبي و الاجارة انما تصح بالترتب أي يصح أن يوجر نفسه معلقا علي العصيان إن قلت التعليق يفسد العقد قلت لا دليل علي بطلان التعليق علي نحو الاطلاق و لا اشكال في أنّ التعليق علي ما يتوقف عليه صحة العقد لا يكون مبطلا و لذا لو كان البائع شاكا في كون المبيع مملوكا له أم لا، يصح أن يعلق البيع علي كونه مملوكا له بقوله إن كان هذا الكتاب مملوكا لي فقد بعتك اياه و إن شئت فقل إن بطلان التعليق بالاجماع فلا بد من الاقتصار علي المقدار الذي أحرز كونه موردا له فلا تغفل فالنتيجة ان الاجارة علي النيابة علي نحو التعليق علي ترك ما عليه تامة و لا مجال لان يقال يلزم اجرة المثل من باب قاعدة كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده بل اللازم الاجرة المسماة لما ذكرنا من عدم المانع عن صحة الاجارة.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 155

[(مسألة 104): يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه احراز عمل النائب و الاتيان به صحيحا]

(مسألة 104): يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه احراز عمل النائب و الاتيان به صحيحا فلا بد من معرفته بأعمال الحج و احكامه و ان كان ذلك بإرشاد غيره عند كل عمل كما لا

بد من الوثوق به و إن لم يكن عادلا (1).

[(مسألة 105): لا بأس بنيابة المملوك عن الحر إذا كان باذن مولاه]

(مسألة 105): لا بأس بنيابة المملوك عن الحر إذا كان باذن مولاه (2).

[(مسألة 106): لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز]

(مسألة 106): لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز كما لا بأس بالنيابة عن المجنون بل يجب الاستئجار عنه إذا استقر عليه الحج في حال افاقته و مات مجنونا (3).

______________________________

(1) المعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه عمل النائب علي الوجه الشرعي و لا اشكال في ان العمل الصحيح يتحقق بالاحتياط في كل مورد فلا يتوقف علي معرفته باعمال الحج هذا بحسب مقام الثبوت و الواقع و أما بحسب مقام الاثبات فيحتاج الي الوثوق بأن يعمل نعم لو عمل يكفي لاحراز المأمور به إحراز اصالة الصحة في عمله و هذا واضح ظاهر و افاد سيدنا الاستاد في المقام بانّ الاجارة مع الجهل بالأحكام باطلة للغرر و يرد عليه أولا انه لا دليل معتبر علي بطلان المعاملة الغررية.

و ثانيا انّ الغرر إما يكون المراد منه الخطر و إما التغرير و يمكن اجارة نفسه مع فرض عدم خطر و تغرير إذ يمكن أن يكون الاجير عالما بكونه رابحا علي جميع التقادير و أما التغرير فلا يلازم الاجارة في محل الكلام فلاحظ.

(2) الأمر كما أفاده لوجود المقتضي و عدم المانع.

(3) أما النيابة عن الصبي المميز فلا اشكال فيها و تشملها أدلة النيابة عن الغير

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 156

[(مسألة 107): لا تشترط المماثلة بين النائب و المنوب عنه]

(مسألة 107): لا تشترط المماثلة بين النائب و المنوب عنه فتصح نيابة الرجل عن المرأة و بالعكس (1).

______________________________

و أما النيابة عن المجنون إذا فات عنه الحج حال افاقته فيدل علي وجوب الاستنابة عنه ما يدل علي وجوبها عمن مات و عليه حجة الاسلام و أما النيابة عن المجنون في غير فرض الاستقرار فأفاد سيدنا الاستاد قدّس سرّه بأنه كالبهائم و الانصاف ان القياس مع الفارق إذ بالنسبة الي البهائم

لا دليل و لا يختلج ببال أحد جواز النيابة عنها و اما المجنون فالظاهر انّ اطلاق مشروعية النيابة عن الغير يشمله و اما الصبي غير المميز فلقائل أن يقول بانصراف الدليل و إن لم يكن خاليا عن التأمل و لذا نري مشروعية احجاجه إذا اثغر كما في الخبر.

(1) في بعض كلمات القوم أنه لا خلاف بين الاصحاب في عدم اشتراط المماثلة في الجملة و لا اشكال في انّ السيرة جارية علي نيابة المرأة عن الرجل كما انّ مقتضي الاطلاقات الدالة علي تشريع النيابة عدم الاشتراط و أيضا مقتضي اصالة البراءة كذلك إذ المقام داخل في كبري الشك بين الاقل و الاكثر ان قلت مقتضي الاصل في الأمور الوضعية الاحتياط لا البراءة قلت: الأمر كما ذكرت لكن بعد فرض توجه التكليف بالنيابة لو شك في قيد أو شرط ينفي بالأصل إن قلت أنتم قائلون بأن الاصول تتعارض في دوران الأمر بين الأقل و الأكثر كما هو كذلك دوران الأمر بين المتباينين قلت: الأمر كما قلتم لكن قد ذكرنا في محله ان جريان الاصل في بعض الاطراف بلا مانع و أي فرق بين مقامنا و الشك في انّ الوجوب المتعلق بالمركب هل تعلق بعشرة أجزاء أو أقل و يضاف الي ذلك كله جملة من النصوص منها ما رواه أبو أيوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام امرأة من أهلنا مات أخوها فأوصي بحجة و قد حجّت المرأة فقالت: إن كان يصلح حججت أنا و عن

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 157

______________________________

أخي و كنت أنا احق بها من غيري فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام لا بأس بأن تحج عن أخيها و إن كان لها مال

فلتحج من مالها فانه أعظم لأجرها «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الرجل يحج عن المرأة و المرأة تحج عن الرجل قال: لا بأس «2» و منها ما رواه حكم بن حكيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام انسان هلك و لم يحج و لم يوص بالحج فأحج عنه بعض أهله رجلا أو امرأة الي أن قال فقال إن كان الحاج غير صرورة أجزأ عنهما جميعا و أجزأ الذي أحجّه «3» و منها ما رواه مصادف عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المرأة تحج عن الرجل الصرورة فقال: إن كانت قد حجت و كانت مسلمة فقيهة فربّ امرأة أفقه من رجل «4» و منها ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: تحج المرأة عن اختها و عن أخيها و قال: تحج المرأة عن أبيها «5» و منها ما رواه حكم بن حكيم «6» و يستفاد من حديث عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل الصرورة يوصي أن يحجّ عنه هل تجزي عنه امرأة قال: لا كيف تجزي امرأة و شهادته شهادتان قال: انما ينبغي أن تحجّ المرأة عن المرأة و الرجل عن الرجل و قال: لا بأس أن يحجّ الرجل عن المرأة «7» عدم جواز نيابة المرأة عن الرجل الصرورة و لا اشكال في انّ صدر الحديث يدل علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب النيابة، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 8 من أبواب النيابة، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

(6) لاحظ ص 148.

(7) الباب 9 من هذه الأبواب، الحديث

2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 158

[(مسألة 108): لا بأس باستنابة الصرورة عن الصرورة و غير الصرورة]

(مسألة 108): لا بأس باستنابة الصرورة عن الصرورة و غير الصرورة سواء كان النائب أو المنوب عنه رجلا أو امرأة نعم المشهور أنه يكره استنابة الصرورة و لا سيما إذا كان النائب امرأة و المنوب عنه رجلا و يستثني من ذلك ما اذا كان المنوب عنه رجلا حيا و لم يتمكن من حجة الاسلام فان الأحوط فيه لزوما استنابة الرجل الصرورة (1).

______________________________

عدم الجواز إذا كان المنوب عنه صرورة و الذيل لا يعارض الصدر إذ غاية ما يمكن أن يقال انّ المستفاد من مادة ينبغي الاستحباب لا الالزام لكن لا ينافي الصدر إذ المستفاد منه المنع في مورد خاص فما أفاده سيدنا الاستاد في المقام من عدم دلالة الحديث في غير محله نعم انما الاشكال في السند فان اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال ضعيف و التفصيل موكول الي مجال آخر فلاحظ.

(1) مقتضي القاعدة الأولية هو الجواز فان اطلاقات النيابة تقتضي الجواز كما في المتن و الالتزام بعدم الجواز و التقييد يحتاج الي الدليل و عن الشيخ المنع عن نيابة المرأة الصرورة علي الاطلاق و ربما يستدل بما رواه سليمان بن جعفر قال: سألت الرضا عليه السّلام عن امرأة صرورة حجت عن امرأة صرورة فقال لا ينبغي «1»، و الحديث ضعيف سندا بعلي بن أحمد بن أشيم فلا يعتد به مضافا الي انّ مضمون الحديث لا ينطبق علي المدعي و عن الشيخ أيضا المنع عن نيابة الصرورة عن الرجال و تدل علي منع نيابة المرأة الصرورة عدة نصوص منها ما رواه مصادف قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أ تحجّ المرأة عن الرجل قال: نعم

اذا كانت فقيهة مسلمة و كانت

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب النيابة، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 159

______________________________

قد حجت رب امرأة خير من رجل «1» و منها ما رواه مصادف «2» أيضا و منها ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: يحجّ الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة و لا تحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة «3» و هذه النصوص كلها ضعيفة أما حديث مصادف فضعيف به بل و بغيره و قس عليه حديثه الآخر و أما حديث زيد الشحام فضعيف بمفضل و اما كراهة استنابة الصرورة فلا أدري ما الوجه فيها مع انّ الافتاء بكل حكم شرعي يحتاج الي مستند معتبر و في المقام حديثان أحدهما ما رواه ابراهيم بن عقبة قال: كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحج قط حجّ عن صرورة لم يحج قطّ أ يجزي كل واحد منهما تلك الحجة عن حجة الاسلام أو لا بيّن لي ذلك يا سيدي ان شاء اللّه فكتب عليه السلام لا يجزي ذلك «4».

و ثانيهما: ما رواه بكر بن صالح قال: كتبت إلي أبي جعفر عليه السّلام ان ابني معي و قد أمرته أن يحجّ عن أمي أ يجزي عنها حجة الاسلام فكتب لا و كان ابنه صرورة و كانت أمّه صرورة «5» و كلاهما ضعيفان أما الأول فبابراهيم بن عقبة فانه لم يوثق و كونه في اسناد كامل الزيارات لا يفيد و أما الثاني فببكر بن صالح فان الرجل لم يوثق و كونه في رجال تفسير القمي لا أثر له هذا من حيث السند و اما من حيث

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب النيابة، الحديث

7.

(2) لاحظ ص 157.

(3) الباب 9 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) الباب 6 من هذه الأبواب، الحديث 3.

(5) الوسائل: الباب 6 من هذه أبواب، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 160

______________________________

الدلالة فالانصاف ان حديث ابراهيم لا قصور فيه و يدل علي المنع و حمله علي صورة عدم استنابة المنوب عنه خلاف الاطلاق كما ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون المنوب عنه حيا أو ميتا.

بقي فرع من الفروع التي تعرض لها الماتن في هذه المسألة و هو انّ المنوب عنه إذا كان رجلا حيا لا يقدر علي الحج يجب أن ينوب عنه رجل صرورة أما الدليل علي وجوب كون النائب رجلا فيدل عليه عدة نصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه سلمة أبي حفص «2» و منها ما رواه محمد بن مسلم «3» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «4» و أما الدليل علي وجوب كون النائب صرورة فالدليل عليه ما رواه الحلبي «5» هذا إذا كان المنوب عنه حيّا و أما إذا كان ميتا فيدل علي وجوب كون النائب رجلا صرورة ما رواه عمّار «6» و تدل علي جواز نيابة المرأة عن الرجل الميت ما رواه أبو أيوب «7» فيقع التعارض بين الحديثين و الاحدث منهما غير معلوم و المرجع اطلاق ما يدل علي جواز نيابة كل من الرجل و المرأة عن الآخر لاحظ ما رواه ابن عمّار «8».

______________________________

(1) لاحظ ص 98.

(2) لاحظ ص 96.

(3) لاحظ ص 98.

(4) لاحظ ص 98.

(5) لاحظ ص 97.

(6) لاحظ ص 152.

(7) لاحظ ص 156.

(8) لاحظ ص 157.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 161

[(مسألة 109): يشترط في المنوب عنه الاسلام]

(مسألة 109): يشترط في المنوب

عنه الاسلام فلا تصح النيابة عن الكافر فلو مات الكافر مستطيعا و كان الوارث مسلما لم يجب عليه استئجار الحج عنه و الناصب كالكافر الّا أنه يجوز لولده المؤمن أن ينوب عنه في الحج (1).

______________________________

(1) استدل للمدعي بوجهين:

الوجه الأول: انصراف ادلة وجوب النيابة عن الكافر و الجزم بالانصراف في جميع أدلة النيابة مشكل لاحظ ما رواه الحلبي «1».

الوجه الثاني: السيرة الخارجية الجارية علي عدم الاستنابة عن الكافر مضافا الي أنها بعيدة عن اذهان اهل الشرع اضف الي ذلك انه لو كان واجبا لذاع و الشاع فتأمل و الناصب كالكافر الذي أنجس من الكلب و الخنزير و يدل علي عدم الجواز بالنسبة الي الناصب حديث وهب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أ يحج الرجل عن الناصب فقال: لا، قلت: فان كان أبي قال: فان كان أباك فنعم «2» فانه يدل علي عدم الجواز الا أن يكون النائب ابن الناصب و بهذا الحديث يخصّص حديث ابن عمّار عن أبي ابراهيم عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يحجّ فيجعل حجته و عمرته أو بعض طوافه لبعض أهله و هو عنه غائب ببلد آخر قال: فقلت فينقص ذلك من أجره قال: لا هي له و لصاحبه و له أجر سوي ذلك بما وصل قلت: و هو ميّت هل يدخل ذلك عليه قال: نعم حتي يكون مسخوطا عليه فيغفر له أو يكون مضيقا عليه فيوسّع عليه فقلت: فيعلم هو في مكانه إن عمل ذلك لحقه قال: نعم

______________________________

(1) لاحظ ص 102.

(2) الوسائل: الباب 20 من أبواب النيابة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 162

[(مسألة 110): لا بأس بالنيابة عن الحي في الحج المندوب]

(مسألة 110): لا بأس بالنيابة عن الحي في الحج المندوب

تبرعا كان أو بإجارة و كذلك في الحج الواجب إذا كان معذورا عن الاتيان بالعمل مباشرة علي ما تقدم و لا تجوز النيابة عن الحي في غير ذلك و أما النيابة عن الميت فهي جائزة مطلقا سواء كانت باجارة أو تبرع و سواء كان الحج واجبا أو مندوبا (1).

______________________________

قلت: و إن كان ناصبيا ينفعه قال: نعم يخفف عنه «1» بل يمكن أن يقال انه لا تعارض بين الخبرين فان حديث وهب ناظر الي النيابة و حديث ابن عمّار ناظر الي اهداء الثواب فلا معارضة بين الطرفين لكن الانصاف ان المعارضة بحالها فان حديث ابن عمار أيضا ناظر الي النيابة و لذا ذكر الحديث صاحب الوسائل في باب 25 من أبواب النيابة لكن الذي يهون الخطب ان حديث وهب يكون مخصصا لحديث ابن عمّار كما تقدم.

(1) لا اشكال و لا كلام في جواز التطوع عن الحي و الميت و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه موسي بن القاسم البجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام اني أرجو ان اصوم بالمدينة شهر رمضان فقال تصوم بها ان شاء اللّه تعالي قلت:

و أرجو أن يكون خروجنا في عشر من شوّال و قد عوّد اللّه زيارة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و زيارتك فربّما حججت عن أبيك و ربما حججت عن أبي و ربما حججت عن الرجل من اخواني و ربما حججت عن نفسي فكيف اصنع فقال: تمتع فقلت انّي مقيم بمكة منذ عشر سنين فقال: تمتع «2».

______________________________

(1) الباب 25 من هذه الأبواب، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 25 من أبواب النيابة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 163

______________________________

و منها ما رواه عمرو

بن إلياس في حديث قال: قال أبي لأبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا أسمع ان ابني هذا صرورة و قد ماتت أمّه فاحبّ أن يجعل حجته لها أ فيجوز ذلك له فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام يكتب له و لها و يكتب له أجر البر «1» و منها ما رواه صفوان الجمّال قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل عليه الحارث بن المغيرة فقال بأبي أنت و أمي لي ابنة قيّمة لي علي كلّ شي ء و هي عاتق فأجعل لها حجتي قال: امّا انّه يكون لها أجرها و يكون لك مثل ذلك و لا ينقص من أجرها شي ء «2» و منها ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في حديث من حجّ فجعل حجّته عن ذي قرابته يصله بها كانت حجّته كاملة و كان للذي حجّ عنه مثل أجره ان اللّه عزّ و جلّ واسع لذلك «3» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار «4» و منها ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من وصل قريبا بحجّة أو عمرة كتب اللّه له حجتين و عمرتين و كذلك من حمل عن حميم يضاعف اللّه له الأجر ضعفين «5» و منها ما رواه عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و سألته امرأة فقال: ان ابنتي توفّيت و لم يكن بها بأس فاحجّ عنها قال: نعم قالت: أنها كانت مملوكة فقال: لا عليك بالدعاء فانه يدخل عليها كما يدخل البيت الهدية «6»، و منها ما رواه علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 25 من أبواب

النيابة، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) لاحظ ص 161.

(5) الوسائل: الباب 25 من أبواب النيابة عن الحج، الحديث 6.

(6) الوسائل: الباب 25 من أبواب النيابة، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 164

______________________________

ابن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل جعل ثلث حجته لميّت و ثلثيها لحيّ فقال للميت فامّا الحيّ فلا «1» و منها ما رواه حازم بن حبيب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ان أبي هلك و هو رجل أعجميّ و قد أردت أن احج عنه و أتصدّق فقال: افعل فانه يصل إليه الحديث «2» و منها ما رواه حازم بن حبيب أيضا دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت له اصلحك اللّه أن ابويّ هلكا و لم يحجّا و ان اللّه قد رزق و احسن فما تري في الحجّ عنهما فقال: افعل فانه يرد لهما الحديث «3» لكن الحكم مخصوص بالحج المندوب و أيضا لا اشكال في جواز النيابة عن الحيّ في الحجّ المندوب و ربما تجب بالاجارة أو الشرط أو بعنوان من العناوين الموجبة للوجوب اذ بعد فرض كون العمل جائزا بل راجحا تشمله ادلة المذكورات هذا بالنسبة الي الحج المندوب.

و أما النيابة عن الحيّ في الواجب فيجوز في مورد خاص و تعرضنا لحكم الفرع في المسألة (63) و صفوة القول انّ النيابة عن الغير تحتاج الي الدليل ففي كل مورد قام الدليل علي جوازها نلتزم و اما اذا لم يكن دليل عليها فالقاعدة الاولية تقتضي عدم الجواز هذا بالنسبة الي النيابة عن الحيّ و اما النيابة عن الميت فلا اشكال في الحج المندوب لما تقدم من

السيرة و النصوص الواردة المشار إليها كما انه لا اشكال في جواز الاجارة عليها و غيرها مما تقدم ذكره و اما في الحج الواجب فلا اشكال في جواز النيابة في حجة الاسلام و اما في غير حجة الاسلام فالحكم بالجواز

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 9.

(2) نفس المصدر، الحديث 10.

(3) نفس المصدر، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 165

[(مسألة 111): يعتبر في صحة النيابة تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين]

(مسألة 111): يعتبر في صحة النيابة تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين و لا يشترط ذكر اسمه كما يعتبر فيها قصد النيابة (1).

______________________________

يحتاج الي الدليل اذ النيابة علي خلاف الاصل الاولي.

(1) أما لزوم التعيين و لو اجمالا فعلي القاعدة اذ بلا تعيين و مشخص لا يكون و لا يقع عن أحد و بعبارة اخري العمل اما يكون للمباشر فيقصد العمل لنفسه و أما لموكله فلا بد من قصده و أما للمنوب عنه فالأمر كذلك و أما للمولي عليه و الحكم فيه كسابقيه و بعبارة واضحة هذا امر واضح لا يحتاج الي تطويل البحث و ان شئت فقل الامر الذي يكون قوامه بالقصد لا يعقل ان يتحقق بدونه اذ يلزم الخلف و اما عدم اشتراط ذكر اسمه فهو علي القاعدة فان الاشتراط يحتاج الي الدليل مضافا الي دلالة النص علي عدم لزوم ذكر الاسم لاحظ حديث البزنطي أنه قال: سأل رجل أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه قال اللّه لا تخفي عليه خافية «1» و يعارضه حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

قلت له ما يجب علي الذي يحج عن الرجل قال: يسمّيه في المواطن و المواقف «2» و حمل حديث ابن مسلم علي الاستحباب جمع غير

عرفي و مقتضي القاعدة ترجيح حديث البزنطي بالاحدثية و أما اعتبار قصد النيابة فلا افهم المراد منه اذ بعد اشتراط تعيين المنوب عنه يكون العمل من قبله و بعبارة واضحة مفهوم المنوب عنه اشرب فيه لزوم كون العمل من قبله و لولاه لا معني لاشتراط تعيين المنوب عنه.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب النيابة، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 166

[(مسألة 112): كما تصح النيابة بالتبرع و بالاجارة تصح بالجعالة و بالشرط في ضمن العقد،]

(مسألة 112): كما تصح النيابة بالتبرع و بالاجارة تصح بالجعالة و بالشرط في ضمن العقد، و نحو ذلك (1).

[(مسألة 113): من كان معذورا في ترك بعض الأعمال أو في عدم الاتيان به علي الوجه الكامل لا يجوز استئجاره]

(مسألة 113): من كان معذورا في ترك بعض الأعمال أو في عدم الاتيان به علي الوجه الكامل لا يجوز استئجاره بل لو تبرع المعذور و ناب عن غيره يشكل الاكتفاء بعمله نعم اذا كان معذورا في ارتكاب ما يحرم علي المحرم كمن اضطر الي التظليل فلا بأس باستئجاره و استنابته و لا بأس لمن دخل مكة بعمرة مفردة أن ينوب عن غيره لحج التمتع فمع العلم انه لا يستطيع الاحرام الّا من أدني الحل كما لا بأس بنيابة النساء أو غيرهن ممن تجوز لهم الافاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر و الرمي ليلا للحج و عن الرجل أو المرأة (2).

______________________________

(1) هذا علي طبق القاعدة الأولية و قد تقدم منا ما يكون دليلا علي المدعي في المقام فراجع و لاحظ.

(2) أما عدم جواز استيجار المعذور للنيابة فقد استدل عليه سيدنا الاستاد قدّس سرّه بأن المستفاد من الدليل ان من يمكنه الاتيان بالعمل التام لا يجوز له الاتيان بالفاقد المجعول للمعذور و عليه فلا بد في المقام أيضا من استيجار القادر و ان لم يمكن تصل النوبة الي استيجار المعذور.

و يرد عليه ان التقريب المذكور غير تام لان المكلف ما لم يكن معذورا لا يشمله دليل العمل الاضطراري فلا بد من العمل الاختياري و هذا واضح ظاهر و اما اذا وصلت النوبة الي الاستنابة فأي دليل دل علي تقديم القادر و الحال انّ مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الفريقين.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 167

______________________________

ثم إنه لو قلنا بلزوم تقديم القادر فبأيّ دليل تصل النوبة الي العاجز

و بعبارة اخري إما يكون دليل تشريع النيابة مطلقا و شاملا لكلا الفريقين و إما خاص بالقادر و أما علي الاول فلا وجه للترجيح و أما علي الثاني فما وجه جواز استنابة العاجز اللهم الا أن يقال ان العرف يفهم ان المقام كالتكليف المتوجه الي نفس المكلف فكما ان الترتيب يلاحظ هناك كذلك يلاحظ هنا فالعمدة الاشكال في قياس المقام علي ذلك المقام.

ان قلت العمل الاضطراري لا يكون واجدا لملاك العمل الاختياري فلا بد من رعاية الترتيب قلت لا دليل علي المدعي المذكور بل الدليل قائم علي التسوية في باب التيمم فان قوله عليه السّلام التراب أحد الطهورين يكفيك عشر سنين يدل علي التسوية ان قلت فعلي ذلك يجوز للمكلف ادخال نفسه اختيارا في موضوع العاجز قلت الادلة الدالة علي الوظيفة عند الاضطرار منصرفة عن الاضطرار الاختياري ان قلت فلو ادخل المكلف نفسه في الفاقد للماء لا بدّ أن لا يكون التيمم في حقه مشروعا قلت قاعدة الصلاة لا تسقط بحال تدل علي لزوم الاتيان بالمقدار الممكن من الاجزاء و الشرائط الا أن يقال انّ الدليل الاولي إذا لم يشمل الاضطرار الاختياري فلا قيمة للشرط أي لا أثر للتيمم في الفرض و يكون اجنبيا عن الواجب و بعبارة واضحة لو فرض ان دليل مشروعية التيمم لا يشمل عدم الوجدان الناشي عن الاختيار فلا مجال للتيمم و عليه يكون مقتضي عدم سقوط الصلاة ان يصلي المكلف في مفروض الكلام بلا وضوء و لا يتمم اما عدم الوضوء فلأن المفروض انه فاقد للماء و اما التيمم فلعدم دليل علي كونه مشروعا و اما ما افاده في ذيل المسألة من جواز النيابة لمن دخل مكة بعمرة مفردة و

جواز الاحرام من أدني الحل مع عدم

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 168

______________________________

امكان غيره فيمكن الاستدلال عليه بحديث عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة أو الحديبية أو ما أشبهها «1» فان مقتضي اطلاق الحديث جواز الاحرام من أدني الحل في مفروض المسألة بلا فرق بين كونه قادرا علي الاحرام من احد المواقيت أم لا و بلا فرق بين كون الاحرام للمفردة أو للتمتع فلاحظ.

و أما ما أفاده من جواز نيابة النساء عن الرجال و من يلحق بهن في جواز الافاضة من مزدلفة قبل طلوع الفجر و الرمي فالوجه فيه ان جواز الافاضة و الرمي لا يكونان حكمين اضطرارين كي يكون الاضطرار مانعا عن النيابة بل حكمان تابعتان لموردهما في حد نفسه و عليه لا مانع عن الاستنابة و أما ما افاده من جواز استتابة من يكون معذورا في ارتكاب بعض المحرمات علي المحرم في حال الاختيار فلان ارتكابه الفعل الفلاني عند العذر لا يوجب نقصا في أعمال الحج و بعبارة اخري لا يكون عمله عملا اضطراريا كي يتحقق ذلك التقريب علي فرض تماميته بل لنا أن نقول الاتيان العمدي بالمحرم لا يوجب صيرورة عمله بدلا اضطراريا بل غايته صيرورته عاصيا بارتكابه ما كان محرما عليه و هذا لا يقتضي تغيرا في أعماله التي ترتبط بالحج فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 169

[(مسألة 114): إذا مات النائب قبل أن يحرم]

(مسألة 114): إذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرأ ذمة المنوب عنه فتجب الاستنابة عنه ثانية في ما تجب الاستنابة فيه و إن مات بعد الاحرام أجزأ عنه و

ان كان موته قبل دخول الحرم علي الأظهر و لا فرق في ذلك بين حجة الاسلام و غيرها و لا بين أن تكون النيابة بأجرة أو بتبرع (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه اذا مات النائب قبل الاحرام لا تبرأ ذمة المنوب عنه و ما افاده علي طبق القاعدة الاولية إذا الأجزاء يحتاج الي الدليل و لكن في المقام حديث رواه اسحاق بن عمّار قال: سألته عن الرجل يموت فيوصي بحجة فيعطي رجل دراهم يحج بها عنه فيموت قبل ان يحج ثم أعطي الدراهم غيره فقال: إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فانه يجزي عن الاول قلت: فان ابتلي بشي ء يفسد عليه حجه حتي يصير عليه الحج من قبل أ يجزي عن الأول قال: نعم قلت: لان الأجير ضامن للحج قال: نعم «1» و مقتضي هذا الحديث أنه اذا مات النائب في الطريق يجزي عن المنوب عنه و مقتضي اطلاقه عدم الفرق في الحكم المذكور بين كون الموت بعد الاحرام و قبله و يعارضه ما رواه عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل حجّ عن آخر و مات في الطريق قال: قد وقع أجره علي اللّه و لكن يوصي فان قدر علي رجل يركب في رحله و يأكل زاده فعل «2» و جمع بين الحديثين سيدنا الاستاد و قال: حديث عمّار أعم من حديث اسحاق اذ حديث

______________________________

(1) الوسائل: الباب 15 من أبواب النيابة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 170

______________________________

اسحاق مخصوص بما يكون الموت بعد الاحرام فيخصص به حديث عمار الذي هو أعم من هذه الناحية و ما افاده غير تام

اذ كما قلنا ان حديث اسحاق مطلق و عام كحديث عمّار فيقع التعارض بين الجانبين و حيث ان الاحدث غير معلوم يدخل المقام في كبري عدم تميز الحجة عن غيرها فلا بد من العمل علي طبق القاعدة الاولية التي تقتضي عدم الاجزاء كما تقدم في صدر المسألة اللهم الا أن يتم الامر بالاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم ارواحنا فداه و لقائل أن يقول المستفاد من رواية عمّار ان الامام عليه السّلام ناظر الي صورة موت النائب في الطريق قبل الإحرام و الوجه فيه انه روحي فداه أمر أن يوصي النائب أن يحج عن الميت أي يحج عن الميت و يقوم بمهمة الحج من أول الاعمال الي آخرها و بعبارة اخري لا يكون المراد ان يعمل النائب الثاني الباقي من الاعمال بحيث يكون الحج عن الميت و المنوب عنه مركبا من عملين بل المستفاد من الحديث أنه ان مات في الطريق قبل الاحرام يوصي و يعين غيره للقيام بهذه المهمة و علي هذا الاساس لو قلنا بان حديث اسحاق لا يشمل ما قبل الاحرام فلا تعارض بين الخبرين أصلا و لا جامع بينهما و إن قلنا بان حديث اسحاق يشمل ما قبل الاحرام كما قلنا يكون خبر عمّار مخصصا له فافهم و اغتنم.

الفرع الثاني: الحكم بالأجزاء اذا مات بعد الاحرام و لو قبل دخول الحرم لحديث اسحاق علي ما رامه و تقدم الكلام حول هذه الجهة.

الفرع الثالث: أنه لا فرق بين كون الحج حجة الاسلام أو غيرها كما انه لا فرق بين كون عمل النائب بالاجارة أو بالتبرع و استدل بالإطلاق أقول الاطلاق بالنسبة كونه حجة الاسلام أو غيرها تام و أما الاطلاق من حيث

الاجارة و التبرع

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 171

[(مسألة 115): إذا مات الاجير بعد الاحرام استحق تمام الاجرة]

(مسألة 115): إذا مات الاجير بعد الاحرام استحق تمام الاجرة إذا كان أجيرا علي تفريغ ذمة الميت و أما اذا كان اجيرا علي الاتيان بالاعمال استحق الاجرة بنسبة ما أتي به و إن مات قبل الاحرام لم يستحق شيئا نعم اذا كانت المقدمات داخلة في الاجارة استحق من الأجرة بقدر ما أتي به منها (1).

______________________________

فغير تام لان الحديث قد فرضت فيه الاجارة فلا وجه لتسرية الحكم الي صورة التبرع فلاحظ.

(1) أما استحقاقه لتمام الاجرة إذا كان موته بعد الاحرام فلما تقدم من حديث اسحاق و تقدم أيضا كونه معارضا بحديث عمار و أما اذا كان أجيرا علي الاتيان بالاعمال فالوجه في استحقاقه بالنسبة فلبناء الماتن علي انحلال الاجارة و هذا مورد الاشكال و ذكرنا في محله أنه لا يمكن الالتزام بالانحلال و ربما يستدل علي الانحلال بحديثي أبي شعيب المحاملي الرفاعي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قبل رجلا حفر بئر عشر قامات بعشرة دراهم فحفر قامة ثم عجز فقال له جزء من خمسة و خمسين جزءا من العشرة دراهم «1» و ما رواه أيضا: قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قبل رجلا أن يحفر له عشر قامات بعشرة دراهم فحفر له قامة ثم عجز فقال تقسّم عشرة علي خمسة و خمسين جزءا فما أصاب واحدا فهو للقامة الاولي و الاثنان للثانية و الثلاثة للثالثة و علي هذا الحساب الي العشرة «2» لكن الحديثين واردان في مورد خاص و لا وجه لاسراء مفادهما الي بقية الموارد،

______________________________

(1) الوسائل: الباب 35 من أبواب الاجارة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك

في شرح المناسك، ج 1، ص: 172

[(مسألة 116): إذا استأجر للحج البلدي و لم يعين الطريق]

(مسألة 116): إذا استأجر للحج البلدي و لم يعين الطريق كان الأجير مخيرا في ذلك و إذا عين طريقا لم يجز العدول منه الي غيره فإن عدل و أتي بالاعمال فان كان اعتبار الطريق في الاجارة علي نحو الشرطية دون الجزئية استحق الأجير تمام الأجرة و كان للمستأجر خيار الفسخ فإن فسخ يرجع الي أجرة المثل و إن كان اعتباره علي نحو الجزئية كان للمستأجر الفسخ أيضا فإن لم يفسخ استحق من الأجرة المسماة بمقدار عمله و يسقط بمقدار مخالفته (1).

______________________________

و عليه يكون مورد الاستحقاق اجرة المثل لقاعدة كل ما يضمن الخ و اما عدم استحقاقه اذا كان موته قبل الاحرام فلعدم المقتضي نعم اذا كانت الاجارة شاملة للمقدمات يستحق بالنسبة علي مذاق القوم هو أجرة المثل علي ما قلنا و اما لو لم تكن الاجارة شاملة للمقدمات فلا مقتضي للضمان.

ان قلت المفروض في الاجارة الفاسدة استحقاق الأجير لأجرة المثل في قبال عمله فاللازم الاستحقاق أيضا في المقام لكون عمله محترما قلت القياس مع الفارق فان العمل في الاجارة الفاسدة مترتب علي العقد و قاعدة ما يضمن تقتضي الضمان و اما مع عدم الاجارة فلا مقتضي للضمان و ان شئت فقل ان الاجير بمقتضي وظيفته يأتي بالمقدمات لا عن أمر المستأجر فلا تغفل.

(1) اما اختيار الاجير في الصورة الاولي فهو علي القاعدة إذ لا مقتضي للتعين فهو مختار و بعبارة اخري استأجر علي الجامع بين الافراد و اما في صورة التعيين فلا بد من العمل علي طبق الاجارة فلا خيار له في افراد الجامع و هذا ظاهر و في هذه الصورة تارة يكون الفرد المعين علي نحو الاشتراط و

الحال ان الاجارة علي

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 173

______________________________

الجامع و اخري علي نحو الجزئية، و أما علي الأول فيكون مستحقا لتمام الاجرة غاية الامر لتخلف الاجير عن العمل بالشرط يكون للمستأجر خيار التخلف فإن لم يأخذ بالخيار فهو و إن فسخ ترجع الاجرة المسماة الي المستأجر لانحلال عقد الاجارة و صيرورته كالعدم و يكون للاجير اجرة المثل و قد استدل الماتن علي ما في تقريره الشريف بان عمل الاجير كان بامر المستأجر فيكون المستأجر ضامنا و يرد عليه ان المفروض ان ضمان المستأجر بعقد الاجارة و المفروض أيضا انحلاله و بعبارة واضحة تارة يكون عمل العامل بأمر صادر عن غيره و يكون ناشئا منه فيمكن ان يقال ان العمل محترم و بناء العقلاء علي الضمان و السيرة جارية عليه و اما اذا كان منشأ العمل عقد الاجارة كما هو المفروض و الامر الصادر عن المستأجر علي فرض تسلمه مبني علي العقد فأي دليل علي كونه موجبا للضمان و الانصاف ان دعوي السيرة في مثله مشكلة اللهم الا أن يقوم عليه اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السّلام و أما علي الثاني فأيضا يكون للمستأجر الخيار فإن اعمل خياره و فسخ لا يكون للاجير شي ء إذ لم يسلم العمل الذي كان مورد الاجارة و لا موجب للضمان علي المستأجر من ناحية اخري و اما ان لم يفسخ فأفاد الماتن بأنه تسقط الاجرة و ينقص منها بالمقدار الذي نقص و يرد عليه ان ما أفاده من التقسيط يتوقف علي القول بالانحلال الذي لا نقول به فالحق أن يقال أنه ان لم يفسخ تبقي الاجرة بحالها و لا ينقص منها شي ء مضافا الي انه لا

وجه لنقصان الاجرة إذ الاجير بمقتضي عقد الاجارة يتملك تمام الاجرة و لا وجه للنقصان غاية ما في الباب أنه يكون ضامنا للمستأجر اجرة المثل في قبال المقدار الذي لم يأت به هكذا ينبغي ان يحرر المقام.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 174

[(مسألة 117): إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة]

(مسألة 117): إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة لم تصح اجارته عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضا و تصح الاجارتان مع اختلاف السنتين أو مع عدم تقيد أحدي الاجارتين أو كلتيهما بالمباشرة (1).

______________________________

(1) ما يمكن أن يقال في وجه عدم صحة الاجارة الثانية وجوه:

الوجه الأول: ان القدرة علي تسليم العمل شرط في صحة الاجارة و الأجير في مفروض الكلام غير قادر علي تسليم مورد الاجارة و يرد عليه انه ما الدليل علي هذا المدعي و أي دليل علي بطلان الاجارة في صورة عدم القدرة علي تسليم مورد الاجارة فلو آجر داره في حال كونها مغصوبة و تحت يد الجائر ما الدليل علي عدم صحة الاجارة الا أن يقال أنه لو آجر نفسه لعمل أولا لا يكون مالكا لذلك العمل كي يملكه من غيره فلا بد من الاستدلال علي البطلان بعدم كون مورد الاجارة مملوكا له و لنا أن نقول لا نري مانعا عن الاجارة الثانية علي نحو الترتب بان يعلق التمليك أي تمليك ما في ذمته ثابتا معلقا علي عدم العمل بالاجارة الاولي إذ مع عدم التعليق لا يمكن امضاء الشارع كلتا الاجارتين لانه لا يمكن الجمع بينهما و اما مع الترتب فيمكن و ان شئت فقل الذمة وسيعة و قابلة لاشتغالها بأمور متعددة متضادة انما المانع من الصحة عدم امكان الجمع و يعتبر في

صحة الاجارة امكان العمل بموردها و هذا المانع يرتفع بالتعليق و الترتب و بعبارة واضحة لا يقاس ما في الذمة بالظرف الجزئي الخارجي فانه لو آجر داره من زيد لا يمكن اجارته من بكر اذ المنفعة مملوكة لزيد و لا يجوز التصرف في مال الغير و اما ظرف الذمة فلا مانع فيه من هذه الجهة.

الوجه الثاني: ان الاجارة الاولي توجب امر الاجير باتيان الحج عن المستأجر الاول و الامر بالشي ء يقتضي النهي عن ضده فيكون الحج للثاني حراما

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 175

______________________________

فلا تصح اجارته و فيه ان الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده.

الوجه الثالث: انه بالاجارة الاولي صار عمله ملكا للمستأجر الاول و لا يجوز التصرف في ملك الغير و فيه ان ذمته مشغولة أولا للمستأجر الاول و ثانيا تصير مشغولة الذمّة للثاني و دعوي التنافي بين الامرين مصادرة بالمطلوب و الحق ان الاستدلال تام كما تقدم منا فان الذمة لا تقبل الا العمل واحد و لكن قد تقدم منا انه تصح الاجارة الثانية علي نحو التعليق.

الوجه الرابع: ان الأمر بالشي ء و إن لم يقتضي النهي عن ضده لكن كيف يمكن الامر بالضدين و يرد عليه انه يتم الامر بالترتب إذ ما لم يكن عاصيا و تاركا للعمل للمستأجر الاول لا تتحقق الاجارة الثانية فان الاجارة الثانية معلقة علي العصيان و التعليق علي ما يتوقف عليه صحة العقد لا يكون باطلا و أما في صورة العصيان فلا نري مانعا لا عن الحكم التكليفي و لا عن الحكم الوضعي لكن الاشكال في فرض عدم الترتب و أما علي النحو الترتبي فلا موضوع للاشكال.

الوجه الخامس: ان الانسان لا يكون مالكا للمنافع المتضادة و

لذا لا تجوز اجارة العين الخارجية من متعدد و المقام كذلك اذ المفروض ان الحج الثاني يضاد الحج الاول.

و الجواب ان الأجير في المقام يملّك المستأجر الحج في ذمته و بعبارة اخري كما ان المستأجر الاول بالاول بالاجارة الاولي يتملك الحج في ذمة الأجير في السنة الفلانية كذلك المستأجر الثاني يتملك الحج في ذمة الاجير في تلك السنة لكن علي تقدير ترك الأجير متعلق الاجارة الاولي و لا نري تنافيا و تضادا بين الامرين و ان شئت فقل ظرف الذمة وسيع و لا يقاس بالعين الخارجية فان العين الخارجية بعد اجارتها

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 176

[(مسألة 118): إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لم يجز له التأخير و لا التقديم]

(مسألة 118): إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لم يجز له التأخير و لا التقديم و لكنه لو قدّم أو أخّر برئت ذمة المنوب عنه و لا يستحق الأجرة إذا كان التقديم أو التأخير بغير رضي المستأجر (1).

______________________________

من احد لا تكون قابلة للاجارة من شخص آخر لاجل منفعة متضادة مع المنفعة الاولي اذ المالك للعين لا يكون مالكا للمنافع المتضادة فلا تصلح الاجارة الثانية و اما المقام فلا يكون كذلك إذ لا يكون تصرفا في ملك الغير فلا يكون التضاد مانعا عن صحة الاجارة الثانية.

الوجه السادس: ما رواه ابن بزيع قال: امرت رجلا أن يسأل أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يأخذ من رجل حجّة فلا تكفيه أله أن يأخذ من رجل آخر حجة اخري و يتسع بها و تجزي عنهما جميعا أو يتركهما جميعا إن لم يكفه إحداهما فذكر انه قال احبّ إليّ أن تكون خالصة لواحد فان كانت لا تكفيه فلا يأخذ «1» و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام اصلا إذ المستفاد منها انه

لا يجوز جعل حجة واحد لكلا الشخصين فلا يكون الحديث ناظرا الي ما نحن فيه مضافا الي أنه يمكن النقاش في سند الحديث إذ كون الذاكر لقول الامام ثقة أول الكلام.

(1) اما عدم جواز التأخير أو التقديم فعلي القاعدة فإنه يجب علي الأجير العمل بمقتضي الاجارة و هذا واضح ظاهر و اما براءة ذمة المنوب عنه فهي أيضا علي طبق القاعدة إذ عمل الاجير في صورة الخلاف لا يكون أقل من عمل المتبرع و الحال أنه لو تبرع أحد عن المنوب عنه تبرأ ذمته الّا فيما يستفاد من الدليل ان الاستنابة لها موضوعية و إذا كانت كذلك لا اثر للنيابة في المقام أيضا إذ المفروض

______________________________

(1) الوسائل: الباب 19 من أبواب النيابة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 177

[(مسألة 119): إذا صدّ الاجير أو احصر فلم يتمكن من الاتيان بالاعمال]

(مسألة 119): إذا صدّ الاجير أو احصر فلم يتمكن من الاتيان بالاعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه و يأتي بيان ذلك ان شاء اللّه تعالي و انفسخت الاجارة إذا كانت مقيدة بتلك السنة و يبقي الحج في ذمته إذا لم تكن مقيدة بها (1).

[(مسألة 120): إذا أتي النائب بما يوجب الكفارة فهي من ماله]

(مسألة 120): إذا أتي النائب بما يوجب الكفارة فهي من ماله سواء كانت النيابة باجارة أو بتبرع (2).

______________________________

أن ما استوجر له لم يأت به و ما أتي به لم يكن مورد الاستيجار فتشكل الصحة فلا تبرأ ذمة المنوب عنه و اما عدم استحقاقه للاجرة فيرد عليه ان الاستحقاق يحصل بالعقد لا بالعمل الخارجي غاية ما في الباب ان المستأجر له حق خيار الفسخ.

(1) أما اتحاد حكم الاجير في صورة الصد أو الاحصار مع الحاج لنفسه فنتعرض لدليله عند تعرض الماتن فانتظر و اما انفساخ الاجارة إذا كان الحج مقيدة بتلك السنة فلأن الاجير بحسب الواقع لم يكن قادرا علي العمل و من لم يكن مالكا بشي ء لا يجوز له أن يؤجر له و المفروض ان الأجير لا يمكنه العمل فلا تصح الاجارة و الصحيح ان يعبر بانكشاف فساد الاجارة لا بانفساخها فانّ المفروض بطلان الاجارة من الاول و الّا لم يكن وجه لانفساخها بعد انعقادها صحيحة و أما بقاء الحج في ذمته إذا لم يكن مقيدا بتلك السنة فهو علي طبق القاعدة الاولية لان العمل لم يتحقق و من ناحية اخري لا يكون العمل مقيدا بكونه في ذلك الظرف الخاص فما أفاده تام.

(2) ما أفاده علي طبق القاعدة فان الكفارة تترتب علي فعل النائب و لا مقتضي لكونها علي المستأجر كما ان الأمر كذلك في صورة التبرع.

مصباح الناسك في شرح

المناسك، ج 1، ص: 178

[(مسألة 121): إذا استأجره للحج بأجرة معينة فقصرت الأجرة عن مصارفه]

(مسألة 121): إذا استأجره للحج بأجرة معينة فقصرت الأجرة عن مصارفه لم يجب علي المستأجر تتميمها كما أنها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد (1).

[(مسألة 122): إذا استأجره للحج الواجب أو المندوب فأفسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر]

(مسألة 122): إذا استأجره للحج الواجب أو المندوب فأفسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر وجب عليه اتمامه و أجزأ المنوب عنه و عليه الحج من قابل و كفارة بدنة و الظاهر انه يستحق الاجرة و إن لم يحج من قابل لعذر أو غير عذر و تجري الأحكام المذكورة في المتبرع أيضا غير أنه لا يستحق الاجرة (2).

______________________________

(1) الأمر كما أفاده إذ لا مقتضي لا للتتميم و لا للاسترداد و الوجه فيه انه بالاجارة يملك المستأجر العمل و الاجير الاجرة فما أفاده لا غبار عليه و اللّه العالم.

(2) أما وجوب اتمام الاجير حجه بعد الافساد فلا طلاق طائفة من النصوص منها ما رواه زرارة قال: سألته عن محرم غشي امرأته و هي محرمة قال:

جاهلين أو عالمين قلت أجبني في الوجهين جميعا قال: إن كانا جاهلين استغفرا ربهما و مضيا علي حجهما و ليس عليهما شي ء و إن كانا عالمين فرّق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه و عليهما بدنة و عليهما الحج من قابل فاذا بلغا المكان الذي احدثا فيه فرّق بينهما حتّي يقضيا نسكهما و يرجعا الي المكان الذي أصابا فيه ما اصابا قلت: فأيّ الحجتين لهما قال الأولي التي أحدثا فيها ما أحدثا و الاخري عليهما عقوبة «1» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث قال:

قلت له أ رأيت من ابتلي بالرفث و الرفث هو الجماع ما عليه قال يسوق الهدي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 9.

مصباح

الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 179

______________________________

و يفرّق بينه و بين أهله حتّي يقضيا المناسك و حتي يعودا الي المكان الذي أصابا فيه ما أصابا فقلت أ رأيت ان أراد ان يرجعا في غير ذلك الطريق قال فليجتمعا إذا قضيا المناسك «1» فان مقتضي اطلاق الحديثين عدم الفرق في الحكم المذكور بين الحج النيابي و الاصالي كما أنه لا فرق من هذه الجهة بين كون الحج واجبا أو مندوبا و أما اجزائه عن المنوب عنه فلما رواه اسحاق بن عمّار «2».

و ما رواه اسحاق بن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يحجّ عن آخر فاجترح في حجّه شيئا يلزمه فيه الحج من قابل أو كفارة قال هي للأول تامّة و علي هذا ما اجترح «3» و أما وجوب الحج من قابل و كفارة بدنة فيدل علي المدعي حديثا ابن عمّار «4» و زرارة «5» و اما استحقاق الاجرة و إن لم يحج من قابل لعذر أو غير عذر فلانه صرح في حديث زرارة ان الحج المأمور به أولا هي الأولي و الثانية عقوبة و أما ترتب الأحكام المذكورة علي المتبرع بلا اجرة فلعدم المقتضي للاجرة إذ المفروض انه تبرع فلا مجال لثبوت الاجرة و أما ترتب الأحكام فللاطلاق بعض نصوص الباب لاحظ حديث زرارة و لاحظ حديث ابن عمار المتقدم آنفا و بحديث ابن عمّار المشار إليه تقيد الاطلاقات الدالة علي فساد الحج.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 15.

(2) لاحظ ص 169.

(3) الوسائل: الباب 15 من أبواب النيابة، الحديث 2.

(4) لاحظ ص 169.

(5) لاحظ ص 178.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 180

[(مسألة 123): الأجير و إن كان يملك الأجرة بالعقد و لكن لا يجب تسليمها إليه الّا بعد العمل]

(مسألة 123): الأجير و إن

كان يملك الأجرة بالعقد و لكن لا يجب تسليمها إليه الّا بعد العمل إذا لم يشترط التعجيل و لكن الظاهر جواز مطالبة الأجير للحج الاجرة قبل العمل و ذلك من جهة القرينة علي اشتراط ذلك فان الغالب ان الأجير لا يتمكن من الذهاب الي الحج أو الاتيان بالأعمال قبل أخذ الاجرة (1).

[(مسألة 124): إذا آجر نفسه للحج فليس له ان يستأجر غيره الّا مع اذن المستأجر]

(مسألة 124): إذا آجر نفسه للحج فليس له ان يستأجر غيره الّا مع اذن المستأجر (2).

______________________________

(1) لا اشكال في انّ الاجير يملك الاجرة بالعقد و لكن لا تنافي بين كونه مالكا لها و عدم استحقاقه للاخذ قبل الاتيان بمورد الاجارة للسيرة العقلائية الجارية في المعاملات علي الشرط الضمني و هو شرط التسليم عند التسلم الّا مع قيام قرينة علي خلاف السيرة كما افاده الماتن في اجارة الانسان نفسه للحج فما افاده في المسألة تام لا غبار عليه.

(2) عدم الجواز علي طبق القاعدة الاولية إذ المفروض ان المستأجر ملك بالاجارة الحج مباشرة و لا حق له ان يستأجر غيره له و أما حديث عثمان بن عيسي قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام ما تقول في الرجل يعطي الحجة فيدفعها الي غيره قال: لا بأس «1» فلا يرتبط بباب الاجارة مضافا الي انه حكم سيدنا الاستاد في هذا المقام بأن الحديث ضعيف سندا و ما أفاده قريب من الصواب فلا يعتد به.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب النيابة.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 181

[(مسألة 125): إذا استأجر شخصا لحج التمتع مع سعة الوقت و اتفق ان الوقت قد ضاق فعدل الأجير عن عمرة التمتع الي حج الافراد]

(مسألة 125): إذا استأجر شخصا لحج التمتع مع سعة الوقت و اتفق ان الوقت قد ضاق فعدل الأجير عن عمرة التمتع الي حج الافراد و أتي بعمرة مفردة بعده برئت ذمة المنوب عنه لكن الاجير لا يستحق الاجرة إذا كانت الاجارة علي نفس الأعمال نعم إذا كانت الاجارة علي تفريغ ذمة الميت استحقها (1).

______________________________

(1) تارة يستأجر من لا يمكنه حج التمتع و الظاهر انّ الاستنابة المذكورة فاسدة إذ يلزم أن يكون ما يؤتي به مماثلا مع ما فات عن الميت و اما اذا استأجر شخصا لحج التمتع مع سعة الوقت و

لكن صادف الضيق و اضطر النائب الي العدول الي الحج الافراد و الاتيان بالعمرة المفردة بعد الفراغ عن الحج فهل يكون عمل النائب موجبا لفراغ الذمة و هل يكفي أو لا بدّ من تجديد الاستنابة وقع الفرع محل الكلام و الظاهر ان الحق ما أفاده الماتن إذ مقتضي جملة من النصوص بإطلاقها عدم الفرق بين كون الحاج حاجا اصاليا أو نيابيا لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اهلّ بالحج و العمرة جميعا ثم قدم مكة و الناس بعرفات فخشي ان هو طاف و سعي بين الصفا و المروة ان يفوته الموقف قال: يدع العمرة فاذ إذا أتمّ حجه صنع كما صنعت عائشة و لا هدي عليه «1» فإذا أتم الاطلاق كما هو كذلك فلا وجه للتفريق هذا بالنسبة الي فراغ ذمة الميت و اما بالنسبة الي استحقاق الاجرة فلا اشكال في انّ الاستحقاق يتحقق بعقد الاجارة و لا يرتبط بالعمل الخارجي فان كانت الاجارة لتفريغ الذمة فهو و اما ان كانت الاجارة للاعمال فما أفاده من التقسيط فقد مرّ الكلام في انه مشكل و خلاف الصناعة و لا دليل عليه بل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من أبواب اقسام الحج، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 182

[(مسألة 126): لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحج المندوب]

(مسألة 126): لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحج المندوب و أما الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن اثنين و ما زاد الّا إذا كان وجوبه عليهما أو عليهم علي نحو الشركة كما اذا نذر شخصان أن يشترك كل منهما مع الآخر في الاستئجار في الحج فحينئذ يجوز لهما أن يستأجرا شخصا واحدا للنيابة عنهما (1).

______________________________

الحق ان يقال انه

يثبت للمستأجر خيار فسخ الاجارة فان فسخ ترجع الاجرة إليه و لا شي ء للاجير كما تقدم منا الّا ان الاحتياط يقتضي ارضائه و إن لم يفسخ فيجب علي الاجير تسليم اجرة المثل للعمل و اللّه العالم بحقائق الامور و هو المستعان.

(1) أما جواز النيابة عن جماعة في الحج الواحد المندوب فقد دلت عليه جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام كم أشرك في حجتي قال: كم شئت «1» و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قلت له اشرك أبوي في حجّتي قال: نعم قلت: اشرك اخوتي في حجتي قال: نعم انّ اللّه عزّ و جلّ جاعل لك حجّا و لهم حجّا و لك أجر لصلتك أيّاهم الحديث «2» و منها ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يشرك أباه و اخاه و قرابته في حجّه فقال إذا يكتب لك حجّا مثل حجّهم و تزداد أجرا بما وصلت «3» و ربما يقال ان المستفاد من هذه النصوص جواز الاشتراك في حج نفسه و أما إذا كان نيابيا فلا يشمله دليل الاشتراك و يدفع التوهم المذكور بان حج النائب أيضا يصدق عليه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 28 من أبواب النيابة، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 28 من أبواب النيابة، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 183

______________________________

انه حجه غاية الامر الحاج تارة يكون اصاليا و اخري يكون نيابيا و لذا النائب في الحج يصدق عليه الحاج و لا يكون صرورة و يترتب عليه أحكام الحاج كما تقدم قريبا في المسألة (125) مضافا الي انه يمكن

أن يقال ان العرف يفهم من النصوص المشار إليها ان الاشراك جائز في الحج المندوب بلا خصوصية لمورد و أما عدم جواز الاشراك في الحج الواجب فمضافا الي ان الجواز خلاف الارتكاز عند المتشرعة و لعله يعد مستنكرا يكون علي مقتضي القاعدة الأولية فإن النيابة علي خلاف القاعدة و تحتاج الي الدليل و مع الشك كيف يمكن الحكم بالاجزاء و الكفاية مضافا الي ان الاصل يقتضي عدم مشروعيته فلاحظ و أما جواز الاشتراك في مورد النذر كما فرض في المتن فأيضا علي وفق القاعدة إذ المفروض ان النيابة عن المتعدد مشروعة و مطلوبة فيكون متعلق نذر الناذر راجحا فيصير بالنذر واجبا كما اشترط علي شخصين ان ينيبا عنهما نائبا للحج و هذا ظاهر واضح.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 184

[(مسألة 127): لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميت أو حي تبرعا أو بالاجارة فيما اذا كان الحج مندوبا]

(مسألة 127): لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميت أو حي تبرعا أو بالاجارة فيما اذا كان الحج مندوبا و كذلك في الحج الواجب فيما إذا كان متعددا كما اذا كان علي الميت أو الحي حجان واجبان بنذر مثلا أو كان أحدهما حجة الاسلام و كان الآخر واجبا بالنذر فيجوز حينئذ استيجار شخصين أحدهما الواجب و الآخر لآخر و كذلك يجوز استيجار شخصين عن واحد أحدهما للحج الواجب و الآخر للمندوب بل لا يبعد استيجار شخصين لواجب واحد كحجة الإسلام من باب الاحتياط لأحتمال نقصان حج أحدهما (1).

______________________________

(1) أما جواز نيابة المتعدد عن واحد في عام واحد تبرعا أو باجارة فقد دل عليه اطلاق دليل جواز النيابة و يؤيد المدعي ما عن الرضا أرواحنا فداه و هو ما رواه محمد بن عيسي اليقطيني قال: بعث إليّ أبو الحسن الرضا عليه

السّلام رزم ثياب و غلمانا و حجّة لي و حجة لأخي موسي بن عبيد و حجة ليونس بن عبد الرحمن و أمرنا أن نحجّ عنه فكانت بيننا مائة دينار اثلاثا فيما بيننا الحديث «1» و أما جوازه فيما يكون عليه حجان واجبان أحدهما حجة الاسلام و الآخر الحج المنذور فهو علي طبق القاعدة الاولية و عدم الجواز يحتاج الي الدليل كما ان الأمر كذلك فيما يكون احدهما واجبا و الآخر مستحبا كل ذلك علي طبق القاعدة و صفوة القول انه بعد ما ثبت جواز النيابة فيجوز اذ مقتضي الاطلاق رفض القيود انما الكلام في انّ الحج الفوري متي يجب الاستنابة فيه و الكلام حوله موكول الي مجال آخر و الحكم في المقام علي فرض تحقق الموضوع و اما جواز استنابة شخصين لواحد في حجة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 34 من أبواب النيابة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 185

[(مسألة 128): الطواف مستحب في نفسه]

(مسألة 128): الطواف مستحب في نفسه فتجوز النيابة فيه عن الميت و كذا عن الحي إذا كان غائبا عن مكة أو حاضرا فيها و لم يتمكن من الطواف مباشرة (1).

______________________________

الاسلام من باب الاحتياط فقد استدل عليه سيدنا الاستاد علي ما في تقريره الشريف بأن الاحتياط حسن و باب الرجاء واسع فيجوز تعدد النيابة كما هو الحال في بقية العبادات.

و يرد عليه انه لا يقاس المقام ببقية العبادات إذ غاية ما يكون في باب الصلاة أو الصوم ان أحد العملين لغو و لا ضرر في تقدم احدهما علي الآخر و اما في الحج لو فرضنا تقدم احرام احدهما علي الآخر و كان صحيحا يكون الاحرام الثاني لغوا و إذا كان لغوا لا يمكن للثاني دخول مكة بلا

احرام فلا بد من علاج هذا المحذور فلاحظ و تأمل نعم اذا كان عمل احدهما مطابقا مع الآخر يحتمل أن يقال بالجواز كما لو صام اثنان عن واحد و هل يكون مثله صحيحا و يكون مشروعا بحيث كل واحد منهما يقصد القربة و يسند عمله الي الشارع الاقدس و الانصاف ان المسألة تحتاج الي التأمل و الدقة.

(1) أما كون الطواف مستحبا نفسيا فمضافا الي السيرة الجارية و كونه مركوزا في اذهان اهل الشرع تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انه قال: يا أبان هل تدري ما ثواب من طاف بهذا البيت اسبوعا فقلت لا و اللّه ما أدري قال: يكتب له ستة آلاف حسنة و يمحي عنه ستة آلاف سيئة و يرفع له ستة آلاف درجة «1». و روي اسحاق بن عمار

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب الطواف، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 186

______________________________

و يقضي له ستة آلاف حاجة «1».

و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان اللّه جعل حول الكعبة عشرين و مائة رحمة منها ستون للطائفين الحديث «2» و منها ما رواه علي بن ميمون الصائغ قال: قدم رجل علي علي بن الحسين عليهما السّلام فقال: قدمت حاجّا فقال نعم فقال: أ تدري ما للحاج قال: لا قال من قدم حاجّا و طاف بالبيت و صلّي ركعتين كتب اللّه له سبعين ألف حسنة و محا عنه سبعين ألف سيئة و رفع له سبعين ألف درجة و شفعه في سبعين ألف حاجة و كتب له عتق سبعين ألف رقبة قيمة كل

رقبة عشرة آلاف درهم «3» و منها ما رواه أبو عبد اللّه الخزاز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان للكعبة للحظة في كل يوم يغفر لمن طاف بها أو حنّ قلبه إليها أو حبسه عنها عذر «4» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي يقول من طاف بهذا البيت اسبوعا و صلّي ركعتين في أيّ جوانب المسجد شاء كتب اللّه له ستة آلاف حسنة و محا عنه ستة آلاف سيئة و رفع له ستة آلاف درجة و قضي له ستة آلاف حاجة فما عجل منها فبرحمة اللّه و ما أخّر منها فشوقا الي دعائه «5» و منها ما رواه عبد اللّه الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان موضع الكعبة ربوة من الأرض بيضاء تضي ء كضوء الشمس و القمر حتي قتل ابنا آدم

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 187

______________________________

أحدهما صاحبه فاسودت فلمّا نزل آدم رفع اللّه له الارض كلها حتي رآها قال:

يا رب ما هذه الارض البيضاء المنيرة قال: هي أرضي و قد جعلت عليك أن تطوف بها كل يوم سبعمائة طواف «1» قال: و روي انّ من طاف بالبيت خرج من ذنوبه «2» قال: و قال أبو جعفر عليه السّلام من صلّي عند المقام ركعتين عدلتا عتق ستّ نسمات «3» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا اسحاق من طاف بهذا البيت طوافا واحدا كتب اللّه له ألف حسنة و محا عنه

ألف سيئة و رفع له ألف درجة و غرس له ألف شجرة في الجنة و كتب له ثواب عتق ألف نسمة حتي إذا صار الي الملتزم فتح اللّه له ثمانية أبواب الجنة فقال له ادخل من أيّها شئت قال: فقلت جعلت فداك هذا كله لمن طاف قال: نعم أ فلا أخبرك بما هو أفضل من هذا قال:

قلت بلي قال: من قضي لأخيه المؤمن حاجة كتب اللّه له طوافا و طوافا حتي بلغ عشرة «4».

و منها ما رواه المشمعل الاسدي انه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام: كنت حاجّا قال:

و تدري ما للحاج من الثواب قال: لا فقال ان العبد إذا طاف بهذا البيت اسبوعا و صلّي ركعتين و سعي بين الصفا و المروة كتب اللّه له ستة آلاف حسنة و حطّ عنه ستة آلاف سيئة و رفع له ستة آلاف درجة و قضي له ستة آلاف حاجة للدنيا كذا و ادّخر له للآخرة كذا فقلت جعلت فداك انّ هذا لكثير فقال أ فلا اخبرك بما هو اكثر

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

(3) نفس المصدر، الحديث 9.

(4) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 188

______________________________

مع ذلك قال قلت بلي فقال عليه السّلام: لقضاء حاجة امرئ مؤمن أفضل من حجّة و حجّة و حجّة حتي عدّ عشر حجج «1» و أما جواز النيابة فيه عن الميت فمضافا الي جريان السيرة عليه يمكن ان يستفاد من جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ما يمنع الرجل منكم ان يبرّ والديه حيّين و ميّتين يصلّي عنهما و يتصدق عنهما و يحج عنهما و يصوم

عنهما فيكون الذي صنع لهما و له مثل ذلك فيزيد اللّه عزّ و جلّ ببرّه و صلته خيرا كثيرا «2» و منها ما رواه علي بن أبي حمزة في أصله و هو من رجال الصادق و الكاظم عليهما السّلام قال: سألته عن الرجل يحج و يعتمر و يصلّي و يصوم و يتصدق عن والديه و ذوي قرابته قال: لا بأس به يؤجر فيما يصنع و له أجر آخر بصلة قرابته قلت إن كان لا يري ما أري و هو ناصب قال: يخفّف عنه بعض ما هو فيه «3» و منها ما رواه هشام بن سالم في أصله و هو من رجال الصادق و الكاظم عليهما السلام قال هشام في كتابه و عنه عليه السّلام قال: قلت له يصل الي الميت الدعاء و الصدقة و الصوم و نحوها قال: نعم قلت أو يعلم من يصنع ذلك به قال: نعم ثم قال: يكون مسخوطا عليه فيرضي عنه «4».

و منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السّلام أحج و اصلي و أتصدّق عن الاحياء و الاموات من قرابتي و اصحابي قال: نعم تصدق عنه و صلّ

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب الطواف، الحديث 11.

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 189

______________________________

عنه و لك أجر بصلتك ايّاه «1» و منها ما رواه الحسن بن محبوب في كتاب «المشيخة» عن الصادق عليه السّلام قال: تدخل علي الميت في قبره الصلاة و الصوم و الحج و الصدقة و البرّ و الدعاء و يكتب أجره للذي فعله و للميت «2»

و منها ما رواه كردين قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الصدقة و الصوم و الحج يلحق بالميت قال: نعم قال: و قال هذا القاضي خلفي و هو لا يري ذلك قلت و ما انا و ذا فو اللّه لو أمرتني ان أضرب عنقه لضربت عنقه «3» و منها ما رواه حماد بن عثمان في كتابه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ان الصلاة و الصوم و الصدقة و الحج و العمرة و كلّ عمل صالح ينفع الميت حتي ان الميت ليكون في ضيق فيوسّع عليه و يقال هذا بعمل ابنك فلان و بعمل أخيك فلان أخوك في الدين «4».

و منها ما رواه عبد اللّه بن جندب قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السّلام أسأله عن الرجل يريد أن يجعل اعماله من البرّ و الصلاة و الخير اثلاثا ثلثا له و ثلثين لأبويه أو يفردهما من أعماله بشي ء ممّا يتطوّع به و إن كان احدهما حيّا و الآخر ميّتا فكتب إليّ أما الميت فحسن جائز و أمّا الحي فلا الّا البرّ و الصلة «5» و منها ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له انّ أمّي هلكت و لم أتصدّق بصدقة منذ هلكت الّا عنها فيلحق ذلك بها قال: نعم قلت: و الصلاة قال: نعم قلت: و الحج قال: نعم ثم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات، الحديث 9.

(2) نفس المصدر، الحديث 10.

(3) نفس المصدر، الحديث 12.

(4) نفس المصدر، الحديث 15.

(5) نفس المصدر، الحديث 16.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 190

______________________________

سألت أبا الحسن عليه السّلام بعد ذلك عن الصوم فقال: نعم «1» و منها ما رواه عبد

اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقضي عن الميّت الحج و الصوم و العتق و فعاله الحسن «2» و منها ما رواه العلاء بن رزين في كتابه و هو احد رجال الصادق عليه السّلام قال: يقضي عن الميّت الحج و الصوم و العتق و فعال الخير «3» و منها ما رواه البزنطي و كان من رجال الرضا عليه السّلام قال: يقضي عن الميّت الصوم و الحج و العتق و فعله الحسن «4» و منها ما عن صاحب الفاخر ممّا اجمع عليه و صحّ من قول الائمة عليهم السلام قال: يقضي عن الميت أعماله الحسنة كلّها «5» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقضي عن الميت الحج و الصوم و العتق و فعاله الحسن «6» و منها ما رواه حمّاد بن عثمان في كتابه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام من عمل من المؤمنين عن ميت عملا أضعف اللّه له أجره و ينعم به الميت «7» و منها ما رواه عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام من عمل من المؤمنين عن ميّت عملا صالحا أضعف اللّه أجره و ينعم بذلك الميّت «8» و منها ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 17.

(2) نفس المصدر، الحديث 19.

(3) نفس المصدر، الحديث 20.

(4) نفس المصدر، الحديث 21.

(5) نفس المصدر، الحديث 22.

(6) نفس المصدر، الحديث 23.

(7) نفس المصدر، الحديث 24.

(8) نفس المصدر، الحديث 25.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 191

______________________________

الصادق عليه السّلام قال: يقضي عن الميّت الحجّ و الصوم و العتق و الفعل الحسن «1» و منها

ما رواه عمر بن يزيد قال: و قال عليه السّلام يدخل علي الميت في قبره الصلاة و الصوم و الحجّ و الصدقة و البرّ و الدعاء و يكتب اجره للذي يفعله و للميت «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما يلحق الرجل بعد موته فقال سنة سنّها يعمل بها بعد موته فيكون له مثل أجر من يعمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شي ء و الصدقة الجارية تجري من بعده و الولد الطيّب يدعو لوالديه بعد موتهما و يحجّ و يتصدق و يعتق عنهما و يصلي و يصوم عنهما فقلت اشركهما في حجتي قال: نعم «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أيّ شي ء يلحق الرجل بعد موته قال: يلحقه الحجّ عنه و الصدقة عنه و الصوم عنه «4» و اما استحباب النيابة عن الغائب فيدل عليه حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت له فأطوف عن الرجل و المرأة و هما بالكوفة فقال:

نعم يقول حين يفتتح الطواف اللهم تقبل من فلان للذي يطوف عنه «5» و اما جواز النيابة عن الحاضر المعذور عن الطواف بنفسه فتدل عليه جملة من النصوص و منها ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المريض المغلوب و المغمي عليه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 27.

(2) الوسائل: الباب 28 من أبواب الاحتضار، الحديث 3.

(3) الوسائل: الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

(5) الوسائل: الباب 18 من أبواب النيابة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 192

______________________________

يرمي

عنه و يطاف عنه «1» و منها ما رواه حريز أيضا أنه روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام رخصة في ان يطاف عن المريض و عن المغمي عليه و يرمي عنه «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال المبطون و الكسير يطاف عنهما و يرمي عنهما «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار نحوه و زاد و قال في الصبيان يطاف بهم و يرمي عنهم «4» و منها ما رواه حبيب الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

أمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أن يطوف عن المبطون و الكسير «5» و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكسير يحمل فيطاف به و المبطون يرمي و يطاف عنه و يصلي عنه «6» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا أنه روي عنه عليه السّلام رخصة في الطواف و الرمي عنهما «7» ان قلت هذه الروايات ناظرة الي صورة كون الطواف واجبا عليه و حيث انه معذور يطاف عنه قلت يكفي دليلا علي الجواز اطلاق ما يدل علي جواز النيابة لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من اخوانك فائت الحجر الأسود و قل بسم اللّه اللهمّ تقبّل من فلان «8» و أما عدم جواز النيابة عن الحاضر المختار فيدل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 49 من أبواب النيابة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 49 من أبواب الطواف، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

(6) نفس المصدر،

الحديث 6.

(7) نفس المصدر، الحديث 8.

(8) الوسائل: الباب 51 من هذه الأبواب، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 193

[(مسألة 129): لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحج النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره]

(مسألة 129): لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحج النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره كما لا بأس أن يطوف عن نفسه أو عن غيره (1).

______________________________

عليه ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: كنت الي جنب أبي عبد اللّه عليه السّلام و عنده ابنه عبد اللّه أو ابنه الذي يليه فقال له رجل اصلحك اللّه يطوف الرجل عن الرجل و هو مقيم بمكة ليس به علة فقال لا لو كان ذلك يجوز لأمرت ابني فلانا فطاف عنّي سمّي الأصغر و هما يسمعان «1» و لقائل أن يقول ان عنوان المقيم منصرف عن مطلق الحضور و لو بمقدار ساعة مثلا.

(1) أما جواز الاتيان بالعمرة المفردة بعد الحج فمضافا الي انّ السيرة جارية علي الاتيان بها بلا نكير تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة بن أعين في حديث قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام الذي يلي الحجّ في الفضل قال العمرة المفردة ثم يذهب حيث شاء «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اعتمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثلاث عمر متفرقات عمرة ذي القعدة اهلّ من عسفان و هي عمرة الحديبية و عمرة أهلّ من الجحفة و هي عمرة القضاء و عمرة من الجعرانة بعد ما رجع من الطائف من غزوة حنين «3» و منها ما رواه أبان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

اعتمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم عمرة

الحديبية و قضي الحديبيّة من قابل و من الجعرانة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 51 من أبواب الطواف، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 2 من أبواب العمرة، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 194

______________________________

حين اقبل من الطائف ثلاث عمر كلهنّ في ذي القعدة «1» و منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ذكر انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اعتمر في ذي القعدة ثلاث عمر كل ذلك توافق عمرته ذا القعدة «2» و منها ما أرسله الصدوق قال: اعتمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تسع عمر «3» و منها ما رواه ابن عباس ان النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اعتمر أربع عمر عمرة الحديبية و عمرة القضاء من قابل و الثالثة من الجعرانة و الرابعة التي مع حجته «4».

و أما جواز النيابة عن الغير فلقد تقدم ان المستفاد من النص جواز النيابة عن الغير في العمرة و أما اشتراط الفصل بين العمرتين فالمستفاد من الدليل انه مخصوص بالعمرتين المفردتين عن نفسه و أما في غير ذلك فلا و نتعرض له ان شاء اللّه تعالي فانتظر.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب العمرة، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 195

[الحج المندوب]

[(مسألة 130): يستحب لمن يمكنه الحج أن يحج و إن لم يكن مستطيعا أو أنه أتي بحجة الاسلام]

الحج المندوب (مسألة 130): يستحب لمن يمكنه الحج أن يحج و إن لم يكن مستطيعا أو أنه أتي بحجة الاسلام و يستحب تكراره في كل سنة لمن يتمكن من ذلك (1).

______________________________

(1) أما استحباب الحج علي من لا يكون مستطيعا فلا اشكال فيه من حيث السيرة الخارجية

و الارتكاز عند أهل الشرع مضافا الي دلالة جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن وهب عن غير واحد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام اني رجل ذو دين أ فأتدين و احج فقال: نعم هو أقضي للدين «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل عليه دين أ عليه ان يحج قال: نعم، الحديث «2» و منها ما رواه جفينة قال: جاءني سدير الصيرفي فقال ان أبا عبد اللّه يقرأ عليك السلام و يقول لك ما لك لا تحج استقرض و حج «3» و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحج واجب علي الرجل و إن كان عليه دين «4»، و منها ما رواه عبد الملك بن عتبة قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل عليه دين يستقرض و يحج قال: إن كان له وجه في مال فلا بأس «5» و منها

______________________________

(1) الوسائل: الباب 50 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 196

______________________________

ما رواه أبو همام قال: قلت للرضا عليه السّلام الرجل يكون عليه الدين و يحضره الشي ء أ يقضي دينه أو يحج قال: يقضي ببعض و يحجّ ببعض قلت: فانه لا يكون الّا بقدر نفقة الحجّ قال: يقضي سنة و يحجّ سنة قلت: أعطي المال من ناحية السلطان قال:

لا بأس عليكم «1» و منها ما رواه موسي بن بكر الواسطي قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يستقرض و

يحجّ فقال إن كان خلف ظهره مال ان حدث به حدث أدي عنه فلا بأس «2» و منها ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يحجّ بدين و قد حجّ حجة الاسلام قال: نعم ان اللّه سيقضي عنه إن شاء اللّه «3» و منها ما رواه موسي بن بكر عن أبي الحسن الاول عليه السّلام قال: قلت له: هل يستقرض الرجل و يحجّ إذا كان خلف ظهره ما يؤدّي عنه إذا حدث به حدث قال: نعم «4» و منها ما رواه معاوية بن وهب عن غير واحد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يكون عليّ الدين فتقع في يدي الدراهم فان وزّعتها بينهم لم يبق شي ء فاحجّ بها أو اوزّعها بين الغرام فقال: تحج بها و ادع اللّه أن يقضي عنك دينك «5» و اما استحبابه بالنسبة الي من أتي بحجة الاسلام فيدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي ابراهيم بن ميمون كنت جالسا عند أبي حنيفة فجاءه رجل فسأله فقال:

ما تري في رجل قد حجّ حجة الاسلام الحج أفضل أم يعتق رقبة قال: لا بل يعتق

______________________________

(1) الوسائل: الباب 50 من أبواب وجوب الحج، الحدث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

(4) نفس المصدر، الحديث 9.

(5) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 197

______________________________

رقبة فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كذب و اللّه و أثم لحجة أفضل من عتق رقبة و رقبة و رقبة حتي عد عشرا ثم قال: ويحه في أيّ رقبة طواف بالبيت و سعي بين الصفا و المروة و

الوقوف بعرفة و حلق الرأس و رمي الجمار و لو كان كما قال لعطل الناس الحج و لو فعلوا كان ينبغي للامام أن يخبرهم علي الحجّ إن شاءوا و ان أبوا فان هذا البيت انما وضع للحج «1» مضافا الي اطلاقات استحباب الحج و أما استحبابه في كل سنة فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه أبو محمد الفرّاء قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: تابعوا بين الحجّ و العمرة فانهما ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد «2».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحج و العمرة سوقان من أسواق الآخرة اللازم لهما في ضمان اللّه ان أبقاه أدّاه الي عياله و ان أماته أدخله الجنة «3» و منها ما رواه الطيّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حجج تتري و عمر تسعي يدفعن عيلة الفقر و ميتة السوء «4» و منها ما رواه غياث بن ابراهيم بن جعفر عليه السّلام قال:

لم يحج النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بعد قدوم المدينة الّا واحدة و قد حج بمكة مع قومه حجّات «5» و منها ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام حجّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 43 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(2) الباب 45 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

(5) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 198

______________________________

عشر حجّات مستسرا في كلها يمرّ بالمأزمين فينزل

فيبول «1» و منها ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أحجّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم غير حجة الوداع قال: نعم عشرين حجة «2» و منها ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كان لعلي بن الحسين عليه السّلام ناقة قد حجّ عليهما اثنتين و عشرين حجّة ما قرعها قرعة قط، الحديث «3» و منها ما رواه فضيل بن يسار عن أحدهما عليهما السّلام قال: من حجّ ثلاث سنين متوالية ثم حجّ أو لم يحجّ فهو بمنزلة مدمن الحجّ «4» قال: و روي انّ مدمن الحجّ الذي إذا وجد حجّ كما ان مدمن الخمر الذي إذا وجده شربه «5» و منها ما رواه اسلم المكي رواية عامر بن واثلة قال: قلت له كم حجّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم حجة قال:

عشرة أ ما تسمع حجة الوداع فتكون حجة الوداع الّا و قد حجّ قبل ذلك «6» و منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: حجّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم عشرين حجة «7» و منها ما أرسله الصدوق قال: قال الصادق عليه السّلام من حجّ حجّة الاسلام فقد حلّ عقدة من النار من عنقه و من حجّ حجتين لم يزل في خير حتي يموت و من حجّ ثلاث حجج متوالية ثم حجّ أو لم يحجّ فهو بمنزلة مدمن الحج «8» و منها ما أرسله

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

(4) نفس المصدر، الحديث 9.

(5) نفس المصدر، الحديث 10.

(6) نفس المصدر، الحديث 11.

(7)

نفس المصدر، الحديث 12.

(8) نفس المصدر، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 199

______________________________

أيضا الصدوق قال: و روي انّ من حجّ ثلاث حجج لم يصبه فقر أبدا و ايّما بعير حجّ عليه ثلاث سنين جعل من نعم الجنة «1» و منها ما أرسله الصدوق أيضا قال: قال الرضا عليه السّلام: من حجّ بثلاثة من المؤمنين فقد اشتري نفسه من اللّه عزّ و جلّ بالثمن و لم يسأله من أين اكتسب ماله من حلال أو حرام و من حجّ أربع حجج لم تصبه ضغطة القبر أبدا و إذا مات صوّر اللّه الحجج التي حجّ في صورة حسنة أحسن ما يكون من الصور بين عينيه يصلّي في جوف قبره حتي يبعثه اللّه من قبره و يكون ثواب تلك الصلاة له و اعلم انّ الركعة من تلك الصلاة تعدل ألف ركعة من صلاة الآدميين و من حجّ خمس حجج لم يعذّبه اللّه أبدا و من حجّ عشر حجج لم يحاسبه اللّه أبدا و من حجّ عشرين حجة لم ير جهنم و لم يسمع شهيقها و لا زفيرها و من حجّ أربعين حجة قيل له اشفع فيمن أحببت و يفتح له باب من أبواب الجنّة يدخل منه هو و من شفع له و من حجّ خمسين حجّة بني له مدينة في جنة عدن فيها ألف قصر في كلّ قصر ألف حوراء من الحور العين و ألف زوجة و يجعل من رفقاء محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلم في الجنة و من حجّ أكثر من خمسين حجة كان كمن حج خمسين حجّة مع محمّد و الأوصياء و كان ممّن يزوره اللّه تبارك و تعالي كلّ جمعة و

هو ممّن يدخل جنة عدن التي خلقها اللّه عزّ و جلّ بيده و لم ترها عين و لم يطلع عليها مخلوق و ما أحد يكثر الحجّ الّا بني اللّه له بكلّ حجة مدينة في الجنة فيها غرف كلّ غرفة فيها حوراء من الحور العين مع كلّ حوراء ثلاثمائة جارية لم ينظر الناس الي مثلهنّ حسنا و جمالا «2» و منها ما أرسله الصدوق أيضا قال: و قال الصادق عليه السّلام من

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 14.

(2) نفس المصدر، الحديث 16.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 200

______________________________

حجّ سنة و سنة لا فهو ممّن أدمن الحج «1» و منها ما أرسله أيضا و قال أبو جعفر عليه السّلام أتي آدم عليه السّلام هذا البيت ألف آتية علي قدميه منها سبعمائة حجّة و ثلاثمائة عمرة «2» قال: و اعتمر صلّي اللّه عليه و آله و سلم تسع عمر و لم يحجّ حجة الوداع الّا و قبلها حجّ «3» و منها ما رواه أحمد بن عامر الطائي عن علي بن موسي الرضا عن آبائه عليهم السّلام في حديث طويل انّ رجلا سأل أمير المؤمنين عليه السّلام كم حجّ آدم من حجّة فقال له سبعمائة حجة ماشيا علي قدميه و أول حجّة حجّها كان معه الصرد يدلّه علي الماء و خرج معه من الجنّة و قد نهي عن أكل الصرد و الخطاف و سأله عن أوّل من حجّ من أهل السماء فقال جبرئيل عليه السّلام «4» و منها ما رواه صفوان بن مهران الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من حجّ حجتين لم يزل في خير حتي يموت «5» و منها ما رواه ابن مهران الجمّال أيضا عن

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من حجّ ثلاث حجج لم يصبه فقر أبدا «6». و منها ما رواه عيسي بن حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أيّ بعير حجّ عليه ثلاث سنين جعل من نعم الجنّة «7» و منها ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن حجّ أربع حجج ماله من الثواب قال: يا منصور من حجّ أربع

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 17.

(2) نفس المصدر، الحديث 18.

(3) نفس المصدر، الحديث 19.

(4) نفس المصدر، الحديث 20.

(5) نفس المصدر، الحديث 21.

(6) نفس المصدر، الحديث 22.

(7) نفس المصدر، الحديث 23.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 201

______________________________

حجج لم تصبه ضغطة القبر أبدا «1» و منها ما رواه أبو بكر الحضرمي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما لمن حجّ خمس حجج قال: من حجّ خمس حجج لم يعذبه اللّه أبدا «2».

و منها ما رواه الحضرمي أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من حجّ عشر حجج لم يحاسبه اللّه أبدا «3» و منها ما رواه أيضا الحضرمي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من حجّ عشرين حجّة لم ير جهنم و لم يسمع شهيقها و لا زفيرها «4» و منها ما رواه زكريّا الموصلي كوكب الدم قال: سمعت العبد الصالح عليه السّلام يقول: من حجّ أربعين حجّة قيل له اشفع فيمن أحببت و يفتح له باب من أبواب الجنّة يدخل منه هو و من يشفع له «5» و منها ما رواه هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول من حجّ سبعين حجّة بني اللّه له مدينة في جنة عدن فيها مائة ألف

قصر في كل قصر حوراء من حور العين و ألف زوجة و يجعل من رفقاء محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلم في الجنّة «6».

و منها ما رواه علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسي الرضا عليه السّلام عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السّلام قال: لمّا حضرت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام الوفاة بكي فقيل له يا ابن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم:

أ تبكي و مكانك من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم الذي أنت به و قد قال فيك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم ما

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 25.

(2) نفس المصدر، الحديث 26.

(3) نفس المصدر، الحديث 27.

(4) نفس المصدر، الحديث 28.

(5) نفس المصدر، الحديث 29.

(6) نفس المصدر، الحديث 30.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 202

[(مسألة 131): يستحب نية العود علي الحج حين الخروج من مكة]

(مسألة 131): يستحب نية العود علي الحج حين الخروج من مكة (1).

______________________________

قال و قد حججت عشرين حجّة ماشيا و قد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتي النعل و النعل فقال عليه السّلام: انّما أبكي لخصلتين هول المطّلع و فراق الأحبة «1» مضافا الي الاطلاقات فلاحظ.

(1) تدل عليه جملة من الروايات منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان العبد المؤمن الفقير ليقول يا ربّ ارزقني حتي افعل كذا و كذا من البرّ و وجوه الخير فاذا علم اللّه ذلك منه بصدق نية كتب اللّه له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله ان اللّه واسع كريم «2» و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه

السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم: نية المؤمن خير من عمله و نية الكافر شر من عمله و كلّ عامل يعمل علي نيته «3» و منها ما رواه أبو هاشم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انّما خلّد أهل النار في النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا اللّه أبدا و انّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها ان يطيعوا اللّه أبدا فبالنيات خلّد هؤلاء و هؤلاء ثم تلا قوله تعالي: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَليٰ شٰاكِلَتِهِ قال: علي نيته «4».

و منها ما رواه سفيان بن عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث و النية أفضل من العمل الا و انّ النية هي العمل ثم تلا قوله تعالي: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَليٰ شٰاكِلَتِهِ

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 31.

(2) الوسائل: الباب 6 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 203

______________________________

يعني علي نيته «1» و منها ما رواه زرارة عن أحدهما عليه السّلام قال: انّ اللّه تبارك و تعالي جعل لآدم في ذريته انّ من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة و من همّ بحسنة و عملها كتبت له عشرا و من همّ بسيئة لم تكتب عليه و من همّ بها و عملها كتبت عليه سيئة «2» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انّ المؤمن ليهمّ بالحسنة و لا يعمل بها فتكتب له حسنة و ان هو عملها كتبت له عشر حسنات و ان المؤمن ليهمّ بالسيئة

ان يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه «3» و منها ما رواه بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أو عن أبي جعفر عليه السّلام ان اللّه تعالي قال لآدم عليه السّلام يا آدم جعلت لك ان من همّ من ذريّتك بسيئة لم تكتب عليه فان عملها كتبت عليه سيئة و من همّ منهم بحسنة فان لم يعملها كتبت له حسنة و ان هو عملها كتبت له عشرا، الحديث «4».

و منها ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا همّ العبد بالسيئة لم تكتب عليه و اذا همّ بحسنة كتبت له «5» و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من حسنت نيّته زاد اللّه تعالي في رزقه «6».

و منها ما رواه خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي قال: سأل عيسي بن عبد اللّه القمي أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا حاضر فقال: ما العبادة فقال: حسن النية بالطاعة من

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

(5) نفس المصدر، الحديث 10.

(6) نفس المصدر، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 204

______________________________

الوجه الذي يطاع اللّه منه «1» و منها ما رواه زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

انّي سمعتك تقول نيّة المؤمن خير من عمله فكيف تكون النيّة خيرا من العمل قال:

لانّ العمل ربّما كان رياء للمخلوقين و النيّة خالصة لربّ العالمين فيعطي عزّ و جلّ علي النيّة ما لا يعطي علي العمل «2» قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ان العبد لينوي من نهاره أن يصلّي بالليل فتغلبه عينه فينام

فيثبت اللّه له صلاته و يكتب نفسه تسبيحا و يجعل نومه عليه صدقة «3» و منها ما أرسله الحسن بن الحسين عن أبي جعفر عليه السّلام انه كان يقول نيّة المؤمن أفضل من عمله و ذلك لأنه ينوي من الخير ما لا يدركه و نية الكافر شر من عمله و ذلك لانّ الكافر ينوي الشرّ و يأمل من لشرّ ما لا يدركه «4» و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: من تمني شيئا و هو للّه رضا لم يخرج من الدنيا حتي يعطاه «5» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من صدق لسانه زكا عمله و من حسنت نيّته زاد اللّه في رزقه و من حسن برّه باهله زاد اللّه في عمره «6» و منها ما رواه حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشرا و يضاعف اللّه لمن يشاء

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 13.

(2) نفس المصدر، الحديث 15.

(3) نفس المصدر، الحديث 16.

(4) نفس المصدر، الحديث 17.

(5) الوسائل: الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 18.

(6) نفس المصدر، الحديث 19.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 205

______________________________

الي سبعمائة و من همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه حتي يعملها فان لم يعملها كتبت له حسنة و ان عملها أجّل تسع ساعات فان تاب و ندم عليها لم تكتب عليه و إن لم يتب و لم يندم عليها كتبت عليه

سيئة «1» و منها ما رواه مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال: لو كانت النيات من أهل الفسق يؤخذ بها أهلها اذا لأخذ كل من نوي الزنا بالزنا و كل من نوي السرقة بالسرقة و كل من نوي القتل بالقتل و لكنّ اللّه عدل كريم ليس الجور من شأنه و لكنّه يثيب علي نيّات الخير أهلها و اضمارهم عليها و لا يؤاخذ أهل الفسق حتي يفعلوا، الحديث «2».

و منها ما رواه الفضيل بن يسار عن جعفر عن آبائه عليهم السّلام ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: نيّة المؤمن أبلغ من عمله و كذلك نية الفاجر «3» و منها ما رواه الحسن بن زياد الصيقل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صدق لسانه زكا عمله و من حسنت نيّته زيد في رزقه و من حسن برّه باهل بيته زيد في عمره «4» و منها ما رواه أبو ذر عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في وصيته له قال يا أبا ذر همّ بالحسنة و إن لم تعملها لكي لا تكتب من الغافلين «5» و منها ما رواه عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني عن أبي جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام في حديث قال: ان اللّه بكرمه و فضله يدخل العبد بصدق النية

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 20.

(2) الوسائل: الباب 6 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 21.

(3) نفس المصدر، الحديث 22.

(4) نفس المصدر، الحديث 23.

(5) نفس المصدر، الحديث 24.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 206

[(مسألة 132): يستحب احجاج من لا استطاعة له]

(مسألة 132): يستحب احجاج من لا استطاعة له كما يستحب الاستقراض للحج إذا كان واثقا

بالوفاء بعد ذلك و يستحب كثرة الانفاق في الحج (1).

______________________________

و السريرة الصالحة الجنة «1» و يؤيد المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من رجع من مكة و هو ينوي الحج من قابل زيد في عمره «2».

(1) لا اشكال في انّ التسبيب الي فعل الخير أمر راجح شرعا و يدل علي المدعي ما رواه شهاب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت له: أم ولد أحجها مولاها أ يجزي عنها قال: لا قلت: أله أجر في حجها قال: نعم «3» و يؤيد المدعي حديث الحسن بن علي الديلمي مولي الرضا عليه السّلام قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشتري نفسه من اللّه عزّ و جلّ بالثمن و لم يسأله من أين اكتسب ماله من حلال أو حرام «4» و أما استحباب الاستقراض للحج فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن وهب عن غير واحد «5» و منها ما رواه معاوية بن عمار «6» و منها ما رواه جفينة «7» و منها ما رواه عبد الرحمن بن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 25.

(2) الوسائل: الباب 57 من أبواب وجوب الحج، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 16 من أبواب وجوب الحج، الحديث 8.

(4) الباب 39 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(5) لاحظ ص 195.

(6) لاحظ ص 195.

(7) لاحظ ص 195.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 207

[(مسألة 133): يستحب إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها]

(مسألة 133): يستحب إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها (1).

______________________________

أبي عبد اللّه «1» و منها ما رواه عبد الملك بن عتبة «2» و منها ما رواه أبو همام «3» و منها ما

رواه موسي بن بكر الواسطي «4» و منها ما رواه يعقوب بن شعيب «5» و منها ما رواه موسي بن بكر «6» و منها ما رواه معاوية بن وهب «7» و أما اشتراط كونه واثقا بنفسه من الأداء فيدل عليه ما رواه عبد الملك بن عتبة المتقدم آنفا، فلاحظ و اما استحباب كثرة الانفاق في الحج فيدل عليه ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: ما من نفقة أحبّ الي اللّه عزّ و جلّ من نفقة قصد و يبغض الإسراف الا في حج أو عمرة «8».

(1) أقول: من مصارف الزكاة سبيل اللّه هذا من ناحية و من ناحية اخري قد تقدم ان التسبيب الي الحج راجح فيتم الامر أضف الي ذلك النص الخاص الدال علي المطلوب لاحظ ما رواه علي بن يقطين انه قال لأبي الحسن الأوّل عليه السّلام يكون عندي

______________________________

(1) لاحظ ص 195.

(2) لاحظ ص 195.

(3) لاحظ ص 196.

(4) لاحظ ص 196.

(5) لاحظ ص 196.

(6) لاحظ ص 196.

(7) لاحظ ص 196.

(8) الوسائل: الباب 35 من أبواب آداب السفر الي الحج، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 208

[(مسألة 134): يشترط في حج المرأة اذن الزوج اذا كان الحج مندوبا]

(مسألة 134): يشترط في حج المرأة اذن الزوج اذا كان الحج مندوبا و كذلك المعتدة بالعدة الرجعية و لا يعتبر ذلك في البائنة و في عدة الوفاة (1).

______________________________

المال من الزكاة أ فاحج به مواليّ و أقاربي قال: نعم لا بأس «1» و ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الصرورة أ يحجّه الرجل من الزكاة، قال: نعم «2».

(1) فان الزوجة لا تجوز لها

الخروج عن البيت بدون اذن زوجها لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن المرأة أ لها أن تخرج بغير اذن زوجها قال: لا و سألته عن المرأة أ لها أن تصوم بغير اذن زوجها قال: لا بأس «3».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: جاءت امرأة الي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقالت: يا رسول اللّه ما حق الزوج علي المرأة فقال لها: ان تطيعه و لا تعصيه و لا تصدق من بيته الّا باذنه و لا تصوم تطوعا الّا باذنه و لا تمنعه نفسها و ان كانت علي ظهر قتب و لا تخرج من بيتها الّا بإذنه و إن خرجت بغير اذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتي ترجع الي بيتها قالت: يا رسول اللّه من أعظم الناس حقا علي الرجل قال: والده قالت: فمن أعظم الناس حقا علي المرأة قال: زوجها قالت: فما لي عليه من الحق مثل ما له عليّ قال: لا و لا من كل مائة واحدة، الحديث «4».

و تلحق بالزوجة المعتدة الرجعية لانها اما زوجة حقيقة و أما في حكمها فعلي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 42 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) الوسائل: الباب 79 من أبواب مقدمات النكاح، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 209

[أقسام العمرة]

اشارة

أقسام العمرة:

[(مسألة 135): العمرة كالحج فقد تكون واجبة و قد تكون مندوبة و قد تكون مفردة و قد تكون متمتعا بها]

(مسألة 135): العمرة كالحج فقد تكون واجبة و قد تكون مندوبة و قد تكون مفردة و قد تكون متمتعا بها (1).

[(مسألة 136): تجب العمرة كالحج علي كل مستطيع واجد للشرائط]

(مسألة 136): تجب العمرة كالحج علي كل مستطيع واجد للشرائط و وجوبها كوجوب الحج فوري فمن استطاع لها و لو لم يستطع للحج وجبت عليه نعم الظاهر عدم وجوبها علي من كانت وظيفته حج التمتع و لم يكن مستطيعا و لكنه و لكنه استطاع لها و عليه فلا تجب علي الاجير للحج بعد فراغه من عمل النيابة و إن كان مستطيعا من الاتيان بالعمرة المفردة لكن الاتيان بها أحوط و اما من أتي بحج التمتع فلا يجب عليه الاتيان بالعمرة المفردة جزما (2).

______________________________

كلا التقديرين تترتب عليهما أحكام الزوجة و أما المعتدة بعدة البائنة و كذلك المعتدة بعدة الوفاة فلا تكون محكومة بالحكم المذكور إذ هو مخصوص بالزوجة و الحكم في كل مورد تابع لموضوعه.

(1) الأمر كما أفاده فان العمرة قد تكون واجبة بالاصالة و ربما تكون واجبة بالعرض كما لو وقعت تلو الشرط في ضمن العقد و قد تكون مندوبة كما أنها قد تكون مفردة كما لو لم تكن داخلة في الحج و قد تكون عمرة التمتع و هي ما يكون داخلا في الحج.

(2) أما كون العمرة واجبة كالحج فقد ادعي عليه عدم الخلاف و عن الجواهر دعوي الاجماع عليه محصلا و منقولا و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي:

وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 210

______________________________

رُءُوسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1».

فان الآية الشريفة ببركة النص الخاص تدل علي المدعي لاحظ ما رواه البقباق عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ قال:

هما مفروضان «2» و ما رواه زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث قال:

العمرة واجبة علي الخلق بمنزلة الحج لانّ اللّه تعالي يقول وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ و انما نزلت العمرة بالمدينة «3» و تدل علي المدعي أيضا جملة من الروايات لاحظ حديثي أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العمرة مفروضة مثل الحج، الحديث «4» و معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العمرة واجبة علي الخلق بمنزلة الحج علي من استطاع إليه سبيلا لانّ اللّه عزّ و جلّ يقول وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ «5» الي غيرهما من النصوص و المستفاد من مجموع الادلة انّ العمرة واجبة كالحج و التخصيص يحتاج الي الدليل و ان شئت فقل ان المستفاد من الادلة ان

______________________________

(1) البقرة: 196.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب العمرة، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

(5) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 211

______________________________

العمرة فرد من افراد الواجب في قبال الحج و لا يرتبط أحدهما بالآخر نعم ثبت من كالدليل الخاص انّ حج التمتع يرتبط بالعمرة و بعبارة اخري عمل خاص مركب من

العمرة و الحج و نتيجة ما تقدم ان وجوبها كوجوب الحج فوري و أيضا ظهر مما تقدم انه لم يكن المكلف مكلفا بالحج و لكن يمكنه الاتيان بالعمرة تجب عليه و أما عدم وجوبها علي من تكون وظيفته حج التمتع فهو المشهور بين القوم و يكون مرتكزا في أذهان أهل الشرع و السيرة جارية علي المنوال المذكور بل ابداء الشبهة يكون قارعا للاسماع و في بعض الكلمات ارسال بعضهم عدم الوجوب ارسال المسلمات أضف الي ذلك جملة من النصوص الدالّة علي ان العمرة داخلة في الحج و مرتبطة به لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: دخلت العمرة في الحج الي يوم القيامة لانّ اللّه تعالي يقول فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فليس لاحد الّا أن يتمتع لانّ اللّه انزل ذلك في كتابه و جرت به السنة من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «1» فانّ هذه الرواية تدلّ بوضوح علي انّ العمرة داخلة في الحج و لا تكون واجبة مستقلة في قباله و مقتضي اطلاق الحديث كون الحكم كذلك بالنسبة الي جميع المكلفين لكن لا بدّ من رفع اليد عن الاطلاق و العموم بما دل علي التخصيص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ قال: يعني أهل مكة لي عليهم متعة كل من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلا ذات عرق و عسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية و كل من كان أهله وراء

ذلك فعليهم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب اقسام الحج، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 212

______________________________

المتعة «1» و مما ذكرنا ظهر ان النائب بعد فراغه من اعمال الحج لا تجب عليه العمرة و إن كان مستطيعا و لعلّ الوجه في الاحتياط المذكور في المتن الخروج عن شبهة الخلاف و أما عدم وجوبها علي من أتي بحج التمتع فمضافا الي وضوح الأمر تدلّ عليه جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا استمتع الرجل بالعمرة فقد قضي ما عليه من فريضة العمرة «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ أ يجزئ ذلك عنه قال: نعم «3» و منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن العمرة أ واجبة هي قال: نعم قلت: فمن تمتع تجزئ عنه قال:

نعم «4» و منها ما رواه يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام قول اللّه عزّ و جلّ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ يكفي الرجل اذا تمتع بالعمرة الي الحج مكان تلك العمرة المفردة قال: كذلك امر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أصحابه «5» و منها ما رواه نجية عن أبي جعفر عليه السّلام قال: اذا دخل المعتمر مكة غير متمتع فطاف بالبيت و سعي بين الصفا و المروة و صلّي الركعتين خلف مقام ابراهيم عليه السّلام فليلحق بأهله ان شاء و قال انّما انزلت العمرة المفردة و المتعة لانّ المتعة دخلت في الحج و لم تدخل العمرة المفردة

______________________________

(1)

الوسائل: الباب 6 من أبواب اقسام الحج، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 5 من أبواب العمرة، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

(5) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 213

______________________________

في الحج «1» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العمرة مفروضة مثل الحج فاذا ادّي المتعة فقد ادّي العمرة المفروضة «2».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و قال اذا استمتع الرجل بالعمرة فقد قضي ما عليه من قريضة المتعة «3» و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: انّ العمرة واجبة بمنزلة الحج لان اللّه يقول وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ ما ذلك هي واجبة مثل الحج و من تمتع أجزأته و العمرة في الشهر الحج متعة «4».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 214

[(مسألة 137): يستحب الاتيان بالعمرة المفردة مكررا]

(مسألة 137): يستحب الاتيان بالعمرة المفردة مكررا و الأولي الاتيان بها في كل شهر و الاظهر جواز الاتيان بعمرة في شهر و ان كان في آخره و بعمرة أخري في شهر آخر و إن كان في أوله و لا يجوز الاتيان بعمرتين في شهر واحد فيما اذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر و إن كان لا بأس بالاتيان بالثانية رجاء و لا يعتبر هذا فيما اذا كانت احد العمرتين عن نفسه و الاخري عن غيره أو كانت كلتاهما عن شخصين غيره كما لا يعتبر هذا بين العمرة المفردة و عمرة التمتع فمن اعتمر عمرة مفردة جاز

له الاتيان بعمرة التمتع بعدها و لو كانت في نفس الشهر و كذلك الحال في الاتيان بالعمرة المفردة بعد الفراغ من أعمال الحج و لا يجوز الاتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع و الحج (1).

______________________________

(1) أما استحباب الاتيان بالعمرة المفردة كرارا فمضافا الي الارتكاز و السيرة تدل عليه النصوص منها ما رواه زرارة بن أعين في حديث قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام الذي يلي الحج في الفضل قال: العمرة المفردة ثم يذهب حيث شاء «1».

و أمّا أولوية الاعتمار في كل شهر فقد دلت عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في كتاب علي عليه السّلام في كل

______________________________

(1) الباب 2 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 215

______________________________

شهر عمرة «1» و منها ما رواه يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: انّ عليا عليه السّلام كان يقول في كل شهر عمرة «2» و منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل يدخل مكة في السنة المرة و المرتين و الأربعة كيف يصنع قال: اذا دخل فليدخل ملبّيا و اذا خرج فليخرج محلا قال و لكلّ شهر عمرة فقلت يكون اقلّ فقال في كل عشرة أيّام عمرة ثم قال: و حقك لقد كان في عامي هذه السنة ست عمر قلت: و لم ذاك قال: كنت مع محمد بن ابراهيم بالطائف فكان كلّما دخل دخلت معه «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

كان علي عليه السّلام يقول لكل شهر عمرة «4» و منها ما

رواه يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كان علي عليه السّلام يقول لكل شهر عمرة «5» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكل شهر عمرة «6» و منها ما رواه علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن موسي عليه السّلام قال: لكل شهر عمرة قال: قلت أ يكون أقل من ذلك قال: لكل عشرة أيّام عمرة «7».

و منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السّلام أنه قال: لكل شهر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب العمرة، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

(6) نفس المصدر، الحديث 8.

(7) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 216

______________________________

عمرة «1» و أما جواز الاتيان بها في شهر و ان كان في آخره و اخري في شهر آخر و ان كان في أوله لاطلاق النصوص فانه يصدق الاعتمار في كل شهر و بعبارة اخري المستفاد من الادلة جواز الاعتمار في كل شهر بلا قيد و مقتضاه ما افاده في المتن و أما عدم جواز الاتيان بعمرتين إذا كان من شخص المعتمر أو من شخص آخر فلما نص عليه في الروايات فانه بعد ما ثبت عدم الجواز الّا مرة في كل شهر فلا يجوز الاعتمار عن الغير أزيد من مرة و هذا القول هو المشهور بين القوم و في قبال هذا القول قول باعتبار الفصل بعشرة أيام و استدل عليه بما رواه البطائني «2».

و الرواية لا يعتد بها سندا فان البطائني كذّاب و لا يعتدّ

بقوله و في قبال القول المشهور قول آخر و هو اعتبار الفصل بسنة لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: العمرة في كل سنة مرة «3» و يعارض هذه الرواية بما رواه البزنطي «4» فان حديث البزنطي أحدث من معارضه فيقدم عليه للاحدثية فتحصل ان الحق هو ما ذهب إليه المشهور و المراد من الشهر هو الهلالي لا ثلاثين يوما و الوجه فيه ظهور النصوص في ذلك و العرف ببابك أضف الي ذلك ما رواه اسحاق بن عمّار «5» فلا اشكال من هذه الجهة أيضا و أما جواز التعدد اذا كان إحداهما عن نفسه و الاخري عن غيره أو تكون كلتاهما عن شخصين آخرين فلأن المستفاد من

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 11.

(2) لاحظ ص 215.

(3) الوسائل: الباب 6 من أبواب العمرة، الحديث 6.

(4) لاحظ ص 215.

(5) لاحظ ص 215.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 1، ص: 217

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 217

______________________________

النصوص عدم الجواز عن شخص واحد و اما جوازها قبل اعمال الحج أو بعد الفراغ منها فلأن الظاهر من نصوص التحديد بيان العمرة المفردة و أما عمرة التمتع فهي داخلة في الحج فلا تشملها النصوص و لا أقل من عدم امكان الجزم بالإطلاق فتبقي الادلة الدالة علي الاستحباب سالمة عن المعارض لكن في المقام حديث رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع يجي ء فيقضي متعته ثم تبدو له الحاجة فيخرج الي المدينة و الي ذات عرق أو الي بعض المعادن قال:

يرجع الي مكة بعمرة إن

كان في غير الشهر الذي تمتع فيه لانّ لكل شهر عمرة و هو مرتهن بالحج قلت: فانه دخل في الشهر الذي خرج فيه قال كان أبي مجاورا هاهنا فخرج يتلقي بعض هؤلاء فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج و دخل و هو محرم بالحج «1» يستفاد منه ان عمرة التمتع مثل المفردة في هذا الحكم فلا يجوز الاتيان بالعمرة المفردة للمتمتع نعم في المقام حديث رواه أبو الجارود عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن العمرة بعد الحج في ذي الحجة قال:

حسن «2».

و الحديث يدل بالصراحة علي جواز الاتيان بالعمرة بعد الحج و الظاهر ان حديث أبي الجارود أخص من حديث ابن عمار اذ حديث أبي الجارود وارد في خصوص الاتيان بالعمرة بعد الحج و بعبارة واضحة ان حديث أبي الجارود دال علي الجواز في فرض خاص و حديث اسحاق اعم من هذه الجهة فتكون النتيجة ان الاتيان بعمرتين في شهر واحد غير جائز الّا في هذه الصورة الخاصة فلاحظ و اغتنم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب أقسام الحج، الحديث 8.

(2) الوسائل: الباب 7 من أبواب العمرة، الحديث 12.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 218

[(مسألة 138): كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة كذلك تجب بالنذر أو الحلف أو العهد]

(مسألة 138): كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة كذلك تجب بالنذر أو الحلف أو العهد أو غير ذلك (1).

______________________________

و أما عدم جواز الاتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع و الحج فنتعرض لدليله عند تعرض الماتن ان شاء اللّه تعالي فانتظر.

بقي شي ء و هو انّ ما أفاده من الاتيان بالثانية رجاء فلا مجال لما افاده إذ مع عدم جواز الدخول بلا احرام الي مكة كيف يتحقق عنوان الرجاء فان الرجاء انما يمكن فيما لا يكون محذور في

العمل الذي يؤتي به رجاء و في المقام لا يكون كذلك اذ كما قلنا دخول مكة بلا إحرام حرام و من ناحية اخري أنّ الاحرام الثاني بحسب القواعد باطل فدخوله مكة حرام فافهم و اغتنم.

(1) ما أفاده من الواضحات فان العمرة المفردة عمل راجح مندوب فلو وقعت تلو احد العناوين الموجبة للالزام كالنذر مثلا تجب فيصح أن يقال العمرة المفردة تارة واجبة بالوجوب الاصالي و اخري واجبة بالوجوب العارضي و ثالثة تكون مندوبة.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 219

[(مسألة 139): تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في أعمالها]

(مسألة 139): تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في أعمالها و سيأتي بيان ذلك و تفترق عنها في أمور:

(1) انّ العمرة المفردة يجب لها طواف النساء و لا يجب ذلك لعمرة التمتع.

(2) ان عمرة التمتع لا تقع الّا في أشهر الحج و هي شوال و ذو القعدة و ذو الحجة و تصحّ العمرة المفردة في جميع الشهور و أفضلها شهر رجب و بعده شهر رمضان.

(3) ينحصر الخروج عن الاحرام في عمرة التمتع بالتقصير فقط و لكن الخروج عن الاحرام في العمرة المفردة قد يكون بالتقصير و قد يكون بالحلق.

(4) يجب أن تقع عمرة التمتع و الحج في سنة واحدة علي ما يأتي و ليس كذلك في العمرة المفردة فمن وجب عليه حج الافراد و العمرة المفردة جاز له أن يأتي بالحج في سنة و العمرة في سنة اخري.

(5) ان من جامع في العمرة المفردة عالما عامدا قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا اشكال و وجبت عليه الاعادة بأن يبقي في مكة الي الشهر القادم فيعيدها فيه و أما من جامع في عمرة التمتع ففي فساد عمرته اشكال و الاظهر عدم الفساد كما يأتي (1).

______________________________

(1)

أما الكلام حول الاعمال المشتركة فموكول الي زمان تعرض الماتن و نتكلم عند تعرضه ان شاء اللّه فانتظر و اما وجوب طواف النساء في العمرة المفردة

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 220

______________________________

فمضافا الي السيرة تدل عليه طائفة من النصوص منها ما رواه ابراهيم بن أبي البلاد أنه قال لابراهيم بن عبد الحميد يسأل له أبا الحسن موسي عليه السّلام عن العمرة المفردة علي صاحبها طواف النساء فجاء الجواب ان نعم هو واجب لا بدّ منه فدخل عليه اسماعيل بن حميد فسأله عنها فقال نعم هو واجب فدخل بشر بن اسماعيل بن عمّار الصيرفي فسأله عنها فقال نعم هو واجب «1».

و نقل عن الجعفي عدم الوجوب و يمكن أن يستند الي جملة من الروايات منها ما رواه صفوان بن يحيي قال: سأله أبو حرث عن رجل تمتع بالعمرة الي الحج فطاف و سعي و قصّر هل عليه طواف النساء قال: لا انما طواف النساء بعد الرجوع من مني «2» و لا يستفاد من الحديث الّا الحصر الاضافي أي لا يكون طواف النساء في عمرة التمتع و منها ما رواه أبو خالد مولي علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء قال: ليس عليه طواف النساء «3» و الحديث ضعيف بأبي خالد و منها ما رواه يونس قال: ليس طواف النساء الّا علي الحاج «4».

و الرواية قابلة للتخصيص بالعمرة المفردة مضافا الي ضعف السند و نقل عن الشيخ أنه قال أنها موقوفة غير مستندة الي احد من الائمة عليهم السّلام و أما عدم وجوبه في عمرة التمتع فمضافا الي جريان السيرة علي عدم الاتيان بها و انه لو كان

واجبا لشاع و ذاع يدل عليه حديث صفوان فانه صريح في عدم وجوبه بالنسبة الي من أتي بعمرة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 82 من أبواب الطواف، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 9.

(4) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 221

______________________________

التمتع و أما اشتراط وقوع عمرة التمتع في أشهر الحج فمضافا الي دعوي عدم الخلاف و الاجماع بقسميه يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل مكة معتمرا مفردا للعمرة فقضي عمرته فخرج كان ذلك له و إن أقام الي أن يدركه الحج كانت عمرته متعة و قال ليس يكون متعة الّا في أشهر الحج «1» و أما كون أشهر الحج الثلاثة المذكورة في المتن فتدل عليه جملة من النصوص منها معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان اللّه تعالي يقول الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِي الْحَجِّ» و هي شوال و ذو القعدة و ذو الحجة «2» و منها ما رواه ابن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ و الفرض التلبية و الاشعار و التقليد فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحج و لا يفرض الحج الّا في هذه الشهور التي قال اللّه عزّ و جلّ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ و هو شوال و ذو القعدة و ذو الحجة «3».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ شوّال و ذو القعدة و ذو الحجة، الحديث

«4» و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «الحج اشهر معلومات» شوّال و ذو القعدة و ذو الحجة ليس

______________________________

(1) الوسائل: الباب 15 من أبواب أقسام الحج، الحديث 1.

(2) الباب 11 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 222

______________________________

لأحد أن يحج فيما سواهنّ «1» و منها ما رواه أبان عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ قال: شوّال و ذو القعدة و ذو الحجة ليس لاحد أن يحرم بالحج فيما سواهنّ «2» و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ قال: شوّال و ذو القعدة و ذو الحجة قال: و في خبر آخر و شهر مفرد للعمرة رجب «3» و الاقوال المخالفة لهذا القول ضعيفة لا مدرك معتبر لها و اما حديث القمي: قال الشهر الحج شوّال و ذو القعدة و عشر من ذي الحجة و اشهر السياحة عشرون من ذي الحجة و المحرّم و صفر و شهر ربيع الأوّل و عشر من شهر ربيع الآخر «4» فلا اعتبار به سندا و أما جواز الاتيان بالعمرة المفردة في كل شهر فمضافا الي انه مرتكز في الأذهان و العمل الخارجي علي طبقه بلا نكير يدل عليه مما دل علي انّ لكل شهر عمرة «5».

و أما عمرة رجب أفضل من غير بقية الشهور فتدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن جعفر عليه السّلام في حديث قال: و أفضل العمرة عمرة رجب و قال المفرد للعمرة ان اعتمر ثم أقام للحج

بمكة كانت عمرته تامة و حجّته ناقصة مكية «6» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فافضل

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

(3) نفس المصدر، الحديث 13.

(4) نفس المصدر، الحدث 6.

(5) لاحظ ص 215.

(6) الوسائل: الباب 3 من أبواب العمرة، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 223

______________________________

العمرة عمرة رجب «1».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المعتمر يعتمر في أي شهور السنة شاء و أفضل العمرة عمرة رجب «2» و منها ما أرسله الصدوق قال: و روي عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم انه قال الحجة ثوابها الجنة و العمرة كفارة لكل ذنب و افضل العمرة عمرة رجب «3».

و أما أفضلية عمرة رمضان بعد رجب فلم أجد لها دليلا معتبرا الا أن يقال انّ حديث علي بن حديد قال: كنت مقيما بالمدينة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة و مائتين فلما قرب الفطر كتبت الي أبي جعفر عليه السّلام أسأله عن الخروج في شهر رمضان أفضل أو أقيم حتي ينقضي الشهر و اتم صومي فكتب إليّ كتابا قرأته بخطه سألت رحمك اللّه عن أي العمرة افضل عمرة شهر رمضان أفضل يرحمك اللّه «4».

ذكر فيه الثواب و يتم استحباب مفاده بالتسامح في أدلة السنن و لكن لم يذكر في الحديث الثواب كي يدخل تحت تلك الكبري فلا تصل النوبة الي الاخذ بدليل التسامح.

و أما انحصار الخروج من الاحرام في عمرة التمتع بالتقصير فنتكلم حوله عند تعرض الماتن فانتظر و أما التخيير بالنسبة الي العمرة المفردة فيدل عليه ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي

عبد اللّه عليه السّلام قال: المعتمر عمرة مفردة اذا فرغ من طواف

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 9.

(2) نفس المصدر، الحديث 13.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) الوسائل: الباب 4 من أبواب العمرة، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 224

______________________________

الفريضة و صلاة الركعتين خلف المقام و السعي بين الصفا و المروة حلق أو قصّر و سألته عن العمرة المبتولة فيها الحلق قال: نعم، الحديث «1».

و أما وجوب وقوع عمرة التمتع و الحج في سنة واحد فيدل عليه مضافا الي السيرة الجارية علي عدم الفصل و كون الفصل بينهما مخالف لارتكاز المتشرعة و انه لو كان جائزا لبان و ظهر و مضافا الي عدم الخلاف فيه ما رواه الحلبي «2».

فان المستفاد من الحديث ان العمرة من أجزاء الحج فمن وجب عليه الحج في السنة الفلانية يجب ان يأتي بالعمرة ثم بالحج في تلك السنة و الا لم يأت بما وظيفة عليه و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بما رواه عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث أنه قال لرجل اعجمي رآه في المسجد طف بالبيت سبعا و صلّ ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام واسع بين الصفا و المروة و قصّر من شعرك فاذا كان يوم التروية فاغتسل و اهلّ بالحج و اصنع كما يصنع الناس «3» فان المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي أنه يجب علي المكلف أولا ان يأتي بالعمرة فاذا كان يوم التروية يحرم للحج و دلالة الحديث علي المدعي تامة و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا محمد كان عندي رهط من اهل البصرة فسألوني عن الحج

فأخبرتهم بما صنع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و بما أمر به فقالوا لي ان عمر قد أفرد الحج فقلت لهم: ان هذا رأي رآه عمر و ليس رأي عمر كما صنع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب التقصير، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 211.

(3) الوسائل: الباب 3 من أبواب اقسام الحج، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 225

______________________________

رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «1».

فان الظاهر من الحديث وجوب الاتيان بالحج كما صنع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و من الظاهر ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يفصل بين العمرة و الحج و يدل علي المدعي ما دل من النصوص علي انّ من اعتمر عمرة التمتع محتبس في مكة ليس له الخروج من مكة الّا محرما للحج منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: كيف أتمتع قال:

تأتي الوقت فتلبي الي أن قال و ليس لك أن تخرج من مكة حتي تحج «2» و منها ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: كيف أتمتع فقال:

تأتي الوقت فتلبي بالحج فاذا أتي مكة طاف و سعي و احلّ من كل شي ء و هو محتبس ليس له أن يخرج من مكة حتي يحج «3» و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل قدم متمتعا ثم أحلّ قبل يوم التروية أله الخروج قال: لا يخرج حتي يحرم بالحج و لا يجاوز الطائف و شبهها «4».

فانّ دلالة هذه الطائفة من الروايات علي

المدعي واضحة ظاهرة و بعبارة واضحة يستفاد من النصوص المشار إليها أنه لا بدّ من الاتيان بالحج علي ما هو المتعارف من الاتيان به في السنة التي أتي فيها بالعمرة فلا مجال لان يقال بأن كونه محبوسا في مكة حتي يحج لا يدل علي المدعي إذ يمكن أن يبقي فيها الي السنة الآتية و صفوة القول ان المستفاد من مجموع الادلة وجوب الاتيان بهما في سنة واحدة

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) الوسائل: الباب 22 من أبواب أقسام الحج، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 226

______________________________

بلا فرق بين البقاء في مكة الي السنة الآتية و عدمه و بلا فرق بين الخروج عن الاحرام بالتقصير و بقائه فيه فإن التفريق بين العملين مستنكر عند أهل الشرع مضافا الي بقية الوجوه و بعبارة واضحة لا اشكال في انّ المستفاد من النصوص لزوم الاتيان بهما في سنة واحدة و يضاف الي جميع ذلك أنه لو دل الدليل علي عمل مركب من جزءين أو الاجزاء يستفاد منه لزوم التوالي و جواز الفصل يحتاج الي الدليل و أما عدم الاشتراط المذكور في عمرة الحج الافراد و القران فانه مقتضي القاعدة الاولية و ان شئت فقل الاشتراط يحتاج الي الدليل و مجرد كونهما واجبين فوريين علي المستطيع لا يقتضي الارتباط و الاشتراط مضافا الي دلالة جملة من النصوص علي المدعي منها ما رواه معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال في القارن لا يكون قران الّا بسياق الهدي و عليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم و سعي بين الصفا و المروة و طواف بعد الحج و هو طواف

النساء و اما المتمتع بالعمرة أي الحج فعليه ثلاثة أطواف بالبيت و سعيان بين الصفا و المروة.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: التمتع أفضل الحج و به نزل القرآن و جرت السنة فعلي المتمتع إذا قدم مكة طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم و سعي بين الصفا و المروة ثم يقصّر و قد احل هذا للعمرة و عليه للحج طوافان و سعي بين الصفا و المروة و يصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام و أما المفرد للحج فعليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم و سعي بين الصفا و المروة و طواف الزيارة و هو طواف النساء و ليس عليه هدي و لا اضحية «1» و أما حكم من جامع في العمرة المفردة أو عمرة التمتع فالكلام حوله يقع عند تعرض الماتن فانتظر.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب أقسام الحج، الحديث 1 و 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 227

[(مسألة 140): يجوز الاحرام للعمرة المفردة من نفس المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع]

(مسألة 140): يجوز الاحرام للعمرة المفردة من نفس المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع و يأتي بيانها و إذا كان المكلف في مكة و أراد الاتيان بالعمرة المفردة جاز له أن يخرج من الحرم و يحرم و لا يجب عليه الرجوع الي المواقيت و الاحرام منها و الأولي أن يكون احرامه من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم (1).

______________________________

(1) أما جواز الاحرام للعمرة المفردة من المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع فلاطلاق الدليل الذي عين هذه المواقيت للاحرام منها بلا قيد لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من تمام الحج و العمرة ان تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللّه

صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا تجاوزها الّا و أنت محرم فانه وقت لأهل العراق و لم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق و وقّت لأهل اليمن يلملم و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل و وقّت لأهل المغرب الجحفة و هي مهيعة و وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و من كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكة فوقته منزله «1».

و ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الاحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا ينبغي لحاج و لا لمعتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة يصلي فيه و يفرض الحج و وقّت لأهل الشام الجحفة و وقّت لأهل النجد العقيق و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل و وقّت لأهل اليمن يلملم و لا ينبغي لاحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب المواقيت، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 228

______________________________

و أما جواز الاحرام للمفردة من ادني الحل فيقع الكلام حوله في الميقات العاشر و أما أولوية المواضع المذكورة في المتن فلعلها لذكرها في النصوص لاحظ ما رواه جميل بن درّاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة الحائض اذا قدمت مكة يوم التروية قال: تمضي كما هي الي عرفات فتجعلها حجة ثم تقيم حتي تطهر فتخرج الي التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة قال ابن أبي عمير كما صنعت عائشة «1».

و لاحظ ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه

عليه السّلام قال: من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة أو الحديبية أو ما أشبهها «2» و لاحظ ما أرسله الصدوق قال: و ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم اعتمر ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة عمرة أهلّ فيها من عسفان و هي عمرة الحديبية و عمرة القضاء احرم فيها من الجحفة و عمرة أهلّ فيها من الجعرانة و هي بعد أن رجع من الطائف من غزاة حنين «3».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من أبواب أقسام الحج، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 22 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 229

[(مسألة 141): تجب العمرة المفردة لمن أراد أن يدخل مكة]

(مسألة 141): تجب العمرة المفردة لمن أراد أن يدخل مكة فإنه لا يجوز الدخول فيها الّا محرما و يستثني من ذلك من يتكرر منه الدخول و الخروج كالحطاب و الحشاش و نحوهما و كذلك من خرج من مكة بعد اتمامه أعمال الحج أو بعد العمرة المفردة فإنه يجوز له العود إليها من دون احرام قبل مضي الشهر الذي أدي نسكه فيه و يأتي حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع و قبل الحج (1).

______________________________

(1) أما عدم جواز الدخول في مكة الّا محرما فمضافا الي دعوي عدم الخلاف بل في بعض الكلمات دعوي الاجماع عليه تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عاصم بن حميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يدخل الحرام أحد الّا محرما قال: لا الّا مريض أو مبطون «1» و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام هل يدخل الرجل الحرم بغير احرام قال: لا الّا أن يكون مريضا

أو به بطن «2» و منها ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل بن بطن و وجع شديد يدخل مكة حلالا قال: لا يدخلها الّا محرما، الحديث «3».

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام: هل يدخل الرجل مكة بغير احرام قال: لا الّا مريضا أو من به بطن «4»، و منها ما رواه وردان عن أبي الحسن الاول عليه السّلام قال: من كان من مكة علي مسيرة عشرة أميال لم يدخلها الّا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 50 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحدث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 230

______________________________

باحرام «1».

و منها ما رواه سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعده حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراءته حتي دعوا رجلا فقرأه فاذا فيه انا اللّه ذو بكة حرّمتها يوم خلقت السماوات و الأرض و وضعتها بين هذين الجبلين و حففتها بسبعة أملاك حفّا «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم فتح مكة ان اللّه حرّم مكة يوم خلق السماوات و الأرض و هي حرام الي أن تقوم الساعة لم تحل لاحد قبلي و لا تحل لاحد بعدي و لم تحل لي الّا ساعة من نهار «3» و منها ما رواه رفاعة بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يعرض له المرض الشديد قبل أن يدخل مكة قال: لا يدخلها الّا باحرام «4» و منها ما

رواه كليب الاسدي عن أبي بعد اللّه عليه السّلام انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم استأذن اللّه عزّ و جلّ في مكة ثلاث مرّات من الدهر فأذن له فيها ساعة من النهار ثم جعلها حراما ما دامت السماوات و الأرض «5» و منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن رجل يدخل مكة في السنة المرة و المرتين و الثلاث كيف يصنع قال اذا دخل فليدخل ملبيا و اذا خرج فليخرج محلا «6» و منها ما رواه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

(5) نفس المصدر، الحديث 9.

(6) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 231

______________________________

جميل بن درّاج عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السّلام في الرجل يخرج من الحرم الي بعض حاجته ثم يرجع من يومه قال: لا بأس بأن يدخل بغير احرام «1» و منها ما رواه بشير النبّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث فتح مكة ان النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: الا أن مكة محرّمة بتحريم اللّه لم تحلّ لأحد كان قبلي و لم تحلّ لي الّا من ساعة من نهار الي أن تقوم الساعة لا يختلي خلاها و لا يقطع شجرها و لا ينفر صيدها و لا تحلّ لقطتها الّا لمنشد قال و دخل مكة بغير احرام و عليهم السلاح و دخل البيت لم يدخله في حج و لا عمرة و دخل وقت الصلاة فأمر بلالا فصعد علي الكعبة فاذّن «2».

فان المستفاد من هذه النصوص عدم جواز دخول مكة الّا مع الاحرام

و حيث انّ الاحرام لا يكون الّا للحج أو للعمرة فتجب العمرة المفردة لغير الحاج وجوبا شرطيا نعم اذا وجب دخول مكة تجب العمرة المفردة من باب المقدمة وجوبا مقدميا ثم ان في بعض النصوص الواردة في المقام لفظ حرم و سيدنا الاستاد قدّس سرّه أنكر اشتراط دخول الحرم بلا احرام و استدل علي مدعاه بوجوه:

الوجه الأول: أنه لا ريب في عدم الوجوب و لا نحتمل ان من كان له حاجة في الحرم و لا يريد النسك ان يجب عليه الاحرام.

و يرد عليه انه لا وجه لهذه الدعوي مع تمامية الدليل علي الوجوب و الحكم الشرعي تعبدي لا بدّ فيه من اتباع الشارع.

الوجه الثاني: أنه كيف يمكن وجوب الاحرام و لو مع عدم إرادة دخول مكة و بعبارة اخري الاحرام مقدمة للاعمال و المفروض عدم إرادة المكلف دخول مكة.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 50 من أبواب الاحرام، الحديث 11.

(2) نفس المصدر، الحديث 12.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 232

______________________________

و يرد عليه انه لو تم الدليل نقول لا يجوز له الدخول الّا مع الاحرام و القيام بالاعمال فتجب العمرة المفردة بالوجوب الشرطي و بالوجوب المقدمي العقلي.

الوجه الثالث: ان المستفاد من بعض النصوص ان مكة لها مزيّة و خصوصية لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1».

فان المستفاد من الحديث ان اللّه حرّم مكة بناء علي ان المراد من الحرمة عدم جواز دخولها الّا محرما.

و يرد عليه انه لا تنافي بين الاثباتين و علي فرض التنزل و الالتزام بالمفهوم يكون المفهوم قابلا للتخصيص بالحرم و بعبارة اخري لا تنافي بين الحكمين و عليه لو تم دليل علي الجواز بالنسبة الي الحرم فهو و الّا فلا بد من الالتزام بعدم

الجواز الّا مع الاحرام و أما جواز الدخول بلا احرام للداخل مكررا كالحطاب فمضافا الي دعوي عدم الخلاف و الاشكال استدل بما رواه رفاعة بن موسي قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام انّ الحطابة و المجتلبة اتوا النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فسألوه فأذن لهم أن يدخلوا حلالا «2» بتقريب انّ عنوان الاجتلاب المذكور في الحديث يشمل كل من يقوم بجلب حوائج الناس فلا خصوصية للحطاب و هذا التقريب تام لكن في بعض النسخ ذكر لفظ «و المختلية» فلا يتم التقريب اذ لا طريق لان يميز ما هو الواقع ان قلت يكفي للاطلاق عنوان الحطابة أو الحطابين إذ يحمل علي المثال.

قلت: لا مجال لهذه الدعوي اذ المذكور في الحديث ان الحطّابة و المجتلبة أتوا النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و انما اجاز روحي فداه لهم و كيف يمكن أن يلتزم بالجواز بالنسبة الي

______________________________

(1) لاحظ ص 230.

(2) الوسائل: الباب 51 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 233

______________________________

غيرهم و كيف كان لا وجه لما عن ظاهر المشهور من التعدي الي كل من تكرر منه الدخول الي مكة و لو لحوائج شخصية و أما جواز الدخول بدون الاحرام اذا كان بعد اتمامه اعمال الحج أو بعد العمرة المفردة اذا كان الدخول قبل مضي شهر فتارة يستدل عليه بأن المستفاد من الدليل عدم جواز الدخول بلا احرام و أيضا استفيد من الدليل ان لكل شهر عمرة فيجوز الدخول بلا احرام قبل مضي الشهر و يرد عليه ان التقريب المذكور غير تام اذ المستفاد من النصوص عدم جواز الدخول بلا احرام.

لكن يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث حماد

بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل مكة متمتعا في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج حتي يقضي الحج فان عرضت له حاجة الي عسفان أو الي الطائف أو الي ذات عرق خرج محرما و دخل ملبيا بالحج فلا يزال علي احرامه فان رجع الي مكة رجع محرما و لم يقرب البيت حتي يخرج مع الناس الي مني علي احرامه و إن شاء وجهه ذلك الي مني قلت: فان جهل فخرج الي المدينة أو الي نحوها بغير احرام ثم رجع في إبّان الحج في أشهر الحج يريد الحج فيدخلها محرما أو بغير احرام قال:

ان رجع في شهره دخل بغير احرام و إن دخل في غير الشهر دخل محرما قلت فأيّ الاحرامين و المتعتين متعته الأولي أو الاخيرة قال: الأخيرة هي عمرته و هي المحتبس بها التي وصلت بحجته قلت: فما فرق بين المفردة و بين عمرة المتعة اذا دخل في أشهر الحج قال: أحرم بالعمرة و هو ينوي العمرة ثم أحل منها و لم يكن عليه دم و لم يكن محتبسا بها لانه لا يكون ينوي الحج «1».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب أقسام الحج، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 234

______________________________

فانه يستفاد الجواز من الحديث و يعارضه ما رواه اسحاق بن عمّار قال:

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع يجي ء فيقضي متعته ثم تبدو له الحاجة فيخرج الي المدينة و الي ذات عرق أو الي بعض المعادن قال: يرجع الي مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع فيه لان لكل شهر عمرة و هو مرتهن بالحج قلت فانه دخل في الشهر الذي خرج فيه قال

كان أبي مجاورا هاهنا فخرج يتلقي بعض هؤلاء فلما رجع فبلغ ذات عرق احرم من ذات عرق بالحج و دخل و هو محرم بالحج «1».

فانّ المستفاد من الحديث عدم جواز الدخول بلا احرام إن كان دخوله في شهر العمرة و الترجيح مع حديث اسحاق لكونه احدث و بعبارة اخري المستفاد من حديث حماد جواز الدخول بلا احرام إن كان دخوله في شهر العمرة و حديث اسحاق ينفي الجواز بلا احرام حتي مع كون الدخول في ذلك الشهر فيقع التعارض بين الحدثين و الترجيح مع حديث اسحاق للاحدثية فلاحظ و أما حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع و قبل الحج فيأتي حكمه كما في المتن و نتكلم حول الفرع هناك إن شاء اللّه تعالي فانتظر.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب أقسام الحج، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 235

[(مسألة 142): من أتي بعمرة مفردة في أشهر الحج و بقي اتفاقا في مكة الي أوان الحج]

(مسألة 142): من أتي بعمرة مفردة في أشهر الحج و بقي اتفاقا في مكة الي أوان الحج جاز له أن يجعلها عمرة التمتع و يأتي بالحج و لا فرق في ذلك بين الحج الواجب و المندوب (1).

______________________________

(1) جعل العمرة المفردة عمرة التمتع علي خلاف القاعدة الأولية كما هو ظاهر عند الخبير بالصناعة فلا بد من قيام الدليل علي الجواز و كون الجواز مشهورا لا اثر له كما هو ظاهر فالعمدة النصوص الواردة في المقام و هي مختلفة من حيث المفاد فمنها ما يدل علي انّ العمرة في أشهر الحج متعة لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المعتمر في أشهر الحج قال: هي متعة «1» و منها ما يدل علي ان من دخل مكة آتيا بالعمرة المفردة إن

أقام الي زمان ادراك الحج كانت عمرته متعة لاحظ ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل مكة معتمرا مفردا للعمرة فقضي عمرته ثم خرج كان ذلك له و إن أقام الي أن يدرك الحج كانت عمرته متعة «2» و قريب منه ما رواه عمر بن يزيد أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل مكة بعمرة فأقام الي هلال ذي الحجة فلي له أن يخرج حتي يحج مع الناس و هذه الرواية لا اعتبار بسندها فلا يعتد بها «3» و منها ما يدل علي انه لو أقام في مكة الي يوم التروية يجب عليه الحج لاحظ ما رواه عمر بن يزيد أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج الي أهله متي شاء الّا أن يدركه خروج الناس يوم التروية «4».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب العمرة، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

(4) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 236

______________________________

و منها ما يدل علي أنّ من اعتمر في شوال و أقام الي أوان الحج يكون متمتعا لاحظ ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال من حج معتمرا في شوال و من نيّته أن يعتمر و يرجع الي بلاده فلا بأس بذلك و ان أقام الي الحج فهو متمتع لان أشهر الحج شوال و ذو القعدة و ذو الحجة، الحديث «1» و منها ما يدل علي من أتي بالعمرة المفردة في أشهر الحج يجوز له أن يرجع الي أهله لاحظ ما رواه ابراهيم بن عمر اليماني

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سئل عن رجل خرج في أشهر الحج معتمرا ثم خرج الي بلاده قال: لا بأس و إن حج من عامه ذلك و افرد الحج فليس عليه دم و ان الحسين بن علي عليه السّلام خرج يوم التروية الي العراق و كان معتمرا «2» و الذي يختلج بالبال ان يقال يمكن الجمع بين النصوص المشار إليها بأنه لو أتي بالعمرة المفردة في أشهر الحج و أقام في مكة الي يوم التروية تكون عمرته المفردة عمرة التمتع فان هذه الرواية التي تدل علي المقيد بهذا النحو تكون أخص من بقية الروايات.

و يرد عليه التقريب المذكور ان حديثا آخر لعمر بن يزيد و هو الحديث السادس «3» من الباب قد عين فيه انّ الحد لجواز الخروج هلال ذي الحجة فيكون الحديثان متعارضين و لا يمكن تخصيص احدهما بالآخر إذ يلزم رفع اليد عن احدهما و بعبارة واضحة الحد أما هلال ذي الحجة أو يوم التروية و هما متباينان لكن الذي يهون الخطب ان الرواية ضعيفة سندا كما مر اذا عرفت ما تقدم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب العمرة، الحديث 13.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 235.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 237

______________________________

فنقول و علي اللّه التكلان ان حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحج ثم يرجع الي أهله «1» يقتضي جواز الرجوع علي الاطلاق و حيث انّ الدال علي التقييد غير معلوم لا بدّ من الاخذ بالقدر المتيقن و هو البقاء الي يوم التروية ففي هذه الصورة يجب الحج و أما في غير هذه الصورة يكون المرجع

حديث ابن سنان الدال علي جواز الرجوع بل نقول بجواز الخروج حتي في صورة البقاء الي يوم التروية اذ حديث ابراهيم بن عمر اليماني «2» يدل بالصراحة علي جواز الخروج حتي في الفرض المزبور و احتمال كون خروج الحسين أرواحنا فداه كان للاضطرار لا يوجب رفع اليد عن دلالة الحديث بالصراحة علي جواز الخروج يوم التروية اذ يحتمل كون الحديث المذكور أحدث فلا يكون دليلا علي وجوب الحج.

إن قلت: ان جملة من هذه النصوص مروية عن عمر بن يزيد و هو مشترك بين بياع السابري و الصيقل، و الصيقل لم يوثق فيسقط الحديث عن الاعتبار.

قلت: أولا ان الصيقل ثقة بنقل ابن داود لكن ابن داود بنفسه محل الكلام و الاشكال إذ لم يوثق.

و ثانيا: انّ سيدنا الاستاد قدّس سرّه يقول عمر بن يزيد منصرف الي من يكون موثقا فانه المشهور المعروف فلا اشكال من هذه الناحية و بناء علي تمامية وثاقة عمر بن يزيد نقول الحديث التاسع من الباب الذي رواه عمر بن يزيد «3» يستفاد منه انه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب العمرة، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 236.

(3) لاحظ ص 235.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 238

______________________________

يجوز الخروج و عدم الاتيان بالحج الي خروج الناس يوم التروية و من الممكن أن الحديث المشار إليه احدث احدث هذا من ناحية و من ناحية اخري مقتضي الاستصحاب عدم كون المكلف الآتي بالعمرة المفردة محتبسا بالحج فالنتيجة جواز الخروج و عدم الاتيان بالحج الي زمان خروج الناس يوم التروية فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 239

[أقسام الحج]

[(مسألة 143): أقسام الحج ثلاثة: تمتع و افراد و قران]

أقسام الحج (مسألة 143): أقسام الحج ثلاثة: تمتع و افراد و قران و الأول فرض من كان البعد بين

أهله و المسجد الحرام أكثر من ستة عشر فرسخا و الآخر ان فرض من كان أهله حاضري المسجد الحرام بأن يكون البعد بين أهله و المسجد الحرام أقل من ستة عشر فرسخا (1).

______________________________

(1) أما كون الحج اقساما ثلاثة فمضافا الي الشهرة و وضوح الأمر عند أهل الشرع و السيرة و عدم الخلاف بل الاجماع كما في بعض الكلمات بل عن بعض الاعلام أنه من الضروريات تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول الحج ثلاثة أصناف حج مفرد و قران و تمتع بالعمرة الي الحج و بها أمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الفضل فيها و لا نأمر الناس الّا بها «1» و منها ما رواه منصور الصيقل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحج عندنا علي ثلاثة أوجه حاج متمتع و حاج مفرد سائق للهدي و حاج مفرد للحج «2» و منها ما رواه أبو بصير و زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال: الحاج علي ثلاثة وجوه رجل أفرد الحج و ساق الهدي و رجل افرد الحج و لم يسق الهدي و رجل تمتع بالعمرة الي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب أقسام الحج، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 240

______________________________

الحج «1» و أما ان حج التمتع وظيفة من كان البعد بين أهله و المسجد الحرام أكثر من ستة عشر فرسخا الذي هو المشهور بين القوم فيدل عليه ما رواه زرارة «2».

و في قبال المشهور قول بأن الحد عبارة عن أثني عشر ميلا من كل جانب و الذي يمكن

أن يذكر لتقريب القول المذكور وجوه:

الوجه الأول: ما يدل بإطلاقه علي وجوب التمتع علي كل احد و انما الخارج من كان دون الحد المذكور لاحظ ما رواه الحلبي «3» و الجواب ان المطلق قابل للتقييد فلا بد من تقييد الاطلاق بما تقدم من الدليل علي كون الحد فيه اكثر من ستة عشر فرسخا و بعبارة واضحة استفيد من الادلة ان التمتع وظيفة للنائي.

الوجه الثاني: انّ المستفاد من الآية الشريفة ان وظيفة الحاضر القران و الافراد و وظيفة المسافر التمتع و بعبارة اخري الحد الموجب للقصر حد التمتع و هو يحصل باثني عشر ميلا و الجواب ان المستفاد من الآية ليس كذلك بل المستفاد من الآية الشريفة ان وظيفة الحاضر القران و الافراد و من لم يكن حاضرا تكون وظيفته التمتع و قد حدد في النص بما ذهب إليه المشهور.

الوجه الثالث: انّ العرف لا يري صدق عنوان الحاضر الذي يكون موضوعا للقران و الافراد علي من كان بعيدا عن مكة باثني عشر ميلا بل يصدق عليه عنوان غير الحاضر و الجواب عنه ان اللازم العمل بالنص الدال علي التحديد فلا يكون النظر العرفي مناطا بل المناط المستفاد من النص المشار إليه.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) لاحظ ص 211.

(3) لاحظ ص 211.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 241

______________________________

الوجه الرابع: انّ المستفاد من الآية الشريفة ان التمتع لا يكون وظيفة اهالي مكة و ألحق بهم بالاجماع القطعي أهالي (مر) و (سرف) كما في حديث الفضلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس لأهل مكة و لا لأهل مر و لا لأهل سرف متعة و ذلك لقول اللّه عزّ و جلّ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي

الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ «1»، فالباقي من المكلفين تجب عليهم المتعة.

و يرد عليه انه استفيد من النص الحد المخصوص للمتعة فلا مجال لما ذكر فإلي الآن ثبت ان الحق مذهب المشهور و في المقام حديث رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ قال: من كان منزله علي ثمانية عشر ميلا من بين يديها و ثمانية عشر ميلا من خلفها و ثمانية عشر ميلا عن يمينها و ثمانية عشر ميلا عن يسارها فلا متعة له مثل مرّ و اشباهه «2» و المستفاد منه وجوب المتعة علي من بعد من مكة بمقدار ثمانية عشر ميلا و بعبارة اخري يستفاد من الحديث انّ الحد ما ذكر فيه إن قلت ان الحديث المذكور متعرض لعدم المتعة لمن يكون في الحد المذكور و لا تعرض فيه للزيادة عن الحد فلا يكون معارضا لحديث زرارة حيث عين الحد فيه ثمانية و أربعين ميلا قلت: لا اشكال في انّ المستفاد من حديث حريز بيان الحد فيدل بالمفهوم علي وجوب المتعة علي من يكون بينه و بين مكة أزيد من ثمانية عشر ميلا فلا اشكال في التعارض و الترجيح بالاحدثية مع حديث حريز لكن هل يمكن الالتزام به مع عدم القائل به علي ما في كلام بعض الاصحاب الانصاف انه مشكل و يمكن الاستدلال علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب اقسام الحج، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 242

______________________________

بأن المسألة مورد الابتلاء العام فلو كان الحكم موافقا مع مفاد حديث حريز لشاع و ذاع و لكن مع ذلك ينبغي رعاية الاحتياط و في

المقام حديثان آخران يستفاد منهما ان الميزان في عدم وجوب المتعة ما دون المواقيت لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في حاضري المسجد الحرام قال: ما دون المواقيت الي مكة فهو حاضري المسجد الحرام و ليس لهم متعة «1».

و لاحظ ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حاضري المسجد الحرام قال: ما دون الاوقات الي مكة «2».

و الكلام فيهما هو الكلام ثم انّ المستفاد من حديث زرارة بحسب الفهم العرفي ان الحد المذكور في الحديث يلاحظ بين المسجد الحرام و أهله لا بين مكة و الاهل و إن أبيت و قلت ان الحديث مجمل من هذه الجهة قلت لا بدّ من جعل المسجد الحرام مبدأ و الوجه فيه انّ المستفاد من الآية الشريفة بوضوح ان المكلف إمّا حاضر المسجد الحرام و إمّا لا و أما الاول فلا متعة له و أما الثاني فله المتعة فاذا شك في سعة المراد من الحضور و ضيقه لا بدّ من الاقتصار علي المتيقن كما ان التقريب المذكور يجري بالنسبة الي حديث زرارة أي لو شك في انّ مبدأ الحد المسجد أو مكة لا بدّ من الاقتصار علي الاول إذ الزائد عليه مورد الشك و لا دليل علي شمول الحكم ازيد منه فلاحظ و أما القران و الافراد فيستفاد من نفس الآية الشريفة ان المتعة وظيفة غير الحاضر و الآخران وظيفة الحاضر و يمكن اثبات المدعي بوجه آخر و هو انّ المستفاد من جملة من النصوص ان الحج اصناف ثلاثة تمتع و افراد و قران و بعد ما علم من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب أقسام الحج، الحديث 4.

(2) الوسائل:

الباب 6 من أبواب اقسام الحج، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 243

[(مسألة 144): لا بأس للبعيد أن يحج حج الافراد أو القران ندبا]

(مسألة 144): لا بأس للبعيد أن يحج حج الافراد أو القران ندبا كما لا بأس للحاضر أن يحج حج التمتع ندبا و لا يجوز ذلك في الفريضة فلا يجزي حج التمتع عمن وظيفته الافراد أو القرآن و كذلك العكس نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع الي الافراد كما يأتي (1).

______________________________

الشرع ان المتعة وظيفة غير الحاضر يعلم ان الآخرين وظيفة غير الحاضر اضف الي ذلك ان الامر مسلم لا شبهة فيه.

(1) أما جواز اتيان النائي بالقران أو الافراد أو اتيان القريب بالتمتع اذا كان حجا ندبيا فيمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام في السنة التي حج فيها و ذلك في سنة اثنتي عشرة و مائتين فقلت بأي شي ء دخلت مكة مفردا أو متمتعا فقال: متمتعا فقلت له:

أيما أفضل المتمتع بالعمرة الي الحج أو من افرد و ساق الهدي فقال: كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: المتمتع بالعمرة الي الحج أفضل من المفرد السائق للهدي و كان يقول ليس يدخل الحاج بشي ء أفضل من المتعة «1».

و منها ما رواه صفوان الجمال قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ان بعض الناس يقول جرّد الحج و بعض الناس يقول اقرن و سق و بعض الناس يقول تمتع بالعمرة الي الحج و قال لو حججت الف عام لم أقر بها الا متمتعا «2» و منها ما رواه موسي بن القاسم البجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: ربما حججت عن أبيك و ربما حججت عن أبي و ربما حججت عن

الرجل من اخواني و ربما حججت عن نفسي فكيف اصنع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب أقسام الحج، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 244

______________________________

فقال: تمتع فقلت: اني مقيم بمكة منذ عشر سنين فقال: تمتع «1».

و منها ما رواه علي بن حديد قال: كتب إليه علي بن جعفر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان ثم حضر الموسم أ يحج مفردا للحج أو يتمتع أيّهما أفضل فكتب إليه يتمتع أفضل «2»، و منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام قال: كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: المتمتع بالعمرة الي الحج أفضل من المفرد السائق للهدي و كان يقول ليس يدخل الحاج بشي ء أفضل من المتعة «3»، و منها ما رواه معاوية قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: انهم يقولون في حجة التمتع حجة مكية و عمرة عراقية فقال: كذبوا أو ليس هو مرتبطا بالحج لا يخرج منها حتي يقضي حجّه «4».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: انّي سقت الهدي و قرنت قال: و لم فعلت ذلك التمتع أفضل ثم قال: يجزيك فيه طواف بالبيت و سعي بين الصفا و المروة واحد و قال طف بالبيت يوم النحر «5»، و منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المتعة و اللّه أفضل و بها نزل القرآن و جرت السنة «6». و منها ما رواه اسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السّلام ان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب اقسام الحج، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث

4.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 7.

(6) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 245

______________________________

أصحابنا يختلفون في وجهين من الحج يقول بعضهم احرم بالحج مفردا فاذا طفت بالبيت و سعيت بين الصفا و المروة فاحل و اجعلها عمرة و بعضهم يقول احرم و انو المتعة بالعمرة الي الحج أيّ هذين احبّ أليك فقال انو المتعة «1»، و منها ما رواه عبد الملك بن عمرو أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التمتع بالعمرة الي الحج فقال: تمتع فقضي أنه افرد الحج في ذلك العام أو بعده فقلت أصلحك اللّه سألتك فأمرتني بالتمتع و أراك قد افردت الحج العام فقال أما و اللّه ان الفضل لفي الذي امرتك به و لكني ضعيف فشق عليّ طوافان بين الصفا و المروة فلذلك افردت الحج «2»، و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل يحج عن أبيه أ يتمتع قال: نعم المتعة له و الحجة عن أبيه «3».

و منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: كيف صنعت في عامك فقال: اعتمرت في رجب و دخلت متمتعا و كذلك أفعل اذا اعتمرت «4»، و منها ما رواه صفوان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

بأبي أنت و أمي ان بعض الناس يقول اقرن و سق و بعض يقول تمتع بالعمرة الي الحج فقال: لو حججت ألفي عام ما قدمتها الّا متمتعا «5».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اني قرنت العام

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 9.

(2)

نفس المصدر، الحديث 10.

(3) نفس المصدر، الحديث 11.

(4) نفس المصدر، الحديث 12.

(5) نفس المصدر، الحديث 14.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 246

______________________________

و سقت الهدي فقال: و لم فعلت ذلك التمتع و اللّه أفضل لا تعودن «1»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام و نحن بالمدينة: اني اعتمرت في رجب و انا أريد الحج فاسوق الهدي أو افرد الحج أو اتمتع قال: في كل فضل و كل حسن قلت: فأيّ ذلك أفضل فقال: انّ عليا عليه السّلام كان يقول لكل شهر عمرة تمتع فهو و اللّه أفضل ثم قال: انّ أهل مكة يقولون انّ عمرته عراقية و حجّته مكية و كذبوا أو ليس هو مرتبطا بحجة لا يخرج حتي يقضيه «2».

و منها ما رواه بريد و يونس بن ظبيان قالا: سألنا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل يخرج في رجب أو في شهر رمضان حتي اذا كان أوان الحج أتي متمتعا قال:

لا بأس بذلك «3»، و منها ما رواه اسحاق بن عبد اللّه قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المعتمر بمكة يجرّد الحج أو يتمتع مرة أخري فقال: يتمتع احبّ إليّ و ليكن احرامه من مسيرة ليلة أو ليلتين «4»، و منها ما رواه عبد الصمد بن بشير قال: قال لي عطية قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: افرد الحج جعلت فداك لسنة فقال لي: لو حججت ألفا و ألفا لتمتعت فلا تفرد «5» و منها ما رواه جميل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما دخلت قط الّا متمتعا الّا في هذه السنة فانّي و اللّه ما افرغ من السعي حتي تتقلقل اضراسي

و الذي

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 17.

(2) نفس المصدر، الحديث 18.

(3) نفس المصدر، الحديث 19.

(4) نفس المصدر، الحديث 20.

(5) نفس المصدر، الحديث 21.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 247

______________________________

صنعتم أفضل «1»، و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام:

ما أفضل ما حج الناس فقال: عمرة في رجب و حجّة مفردة في عامها فقلت: فالذي يلي هذا قال: المتعة الي أن قال: قلت فما الذي يلي هذا قال: القران و القران أن يسوق الهدي قلت: فما الذي يلي هذا قال: عمرة مفردة و يذهب حيث شاء فان أقام بمكة الي الحج فعمرته تامة و حجته ناقصة مكية قلت فما الذي يلي هذا قال:

ما يفعله الناس اليوم يفردون الحج فاذا قدموا مكة و طافوا بالبيت احلّوا و اذا لبّوا احرموا فلا يزال يحلّ و يعقد حتي يخرج الي مني بلا حج و لا عمرة «2».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الحج مفردا هو افضل أو الاقران قال: اقران الحج أفضل من الافراد قال: و سألته عن المتعة و الحج مفردا و عن الاقران أيّة افضل قال: المتمتع أفضل من المفرد و من القارن السائق ثم قال: ان المتعة هي التي في كتاب اللّه و التي أمر بها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ثم قال: ان المتعة دخلت في الحج الي يوم القيامة ثم شبّك اصابعه بعضها في بعض قال: و كان ابن عباس يقول من أبي حالفته، قال: و سألته عن الاحرام بحجة ما هو قال: اذا احرم بحجة فهي عمرة يحلّ بالبيت فتكون

عمرة كوفية و حجة مكية «3».

فانّ المستفاد من هذه النصوص جواز الاتيان بكل واحد من الأقسام الثلاثة كما انه يستفاد من بعضها ان التمتع افضل و بعبارة اخري المستفاد من النص الخاص

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 22.

(2) نفس المصدر، الحديث 23.

(3) نفس المصدر، الحديث 24.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 248

[(مسألة 145): إذا أقام البعيد في مكة]

(مسألة 145): إذا أقام البعيد في مكة فإن كانت اقامته بعد استطاعته و وجوب الحج عليه وجب عليه حج التمتع و أما اذا كانت استطاعته بعد اقامته في مكة وجب عليه حج الافراد أو القران بعد الدخول في السنة الثالثة و أما اذا استطاع قبل ذلك وجب عليه حج التمتع هذا اذا كانت اقامته بقصد المجاورة و اما اذا كانت بقصد التوطن فوظيفته حج الافراد أو القران من أول الأمر إذا كانت استطاعته بعد ذلك و أما اذا كانت قبل قصد التوطن في مكة فوظيفته حج التمتع و كذلك الحال فيمن قصد التوطن في غير مكة من الأماكن التي يكون البعد بينها و بين المسجد الحرام أقل من ستة عشر فرسخا (1).

______________________________

الوارد في ذيل الآية الشريفة ان الوظيفة الواجبة بالنسبة الي البعيد التمتع و بالنسبة الي القريب القسمان الآخران و أما اذا كان ندبيا فيجوز لكل واحد ان يأتي بكل واحد منها و لا تنافي بين الأمرين بل يمكن أن يقال انّ الاطلاقات الأولية تكفي لاثبات المدعي فان الدليل قائم علي محبوبية الحج و أيضا الدليل قائم علي انّ الحج أقسام ثلاثة و أما عدم الجواز بالنسبة الي الفريضة فهو علي القاعدة إذ المستفاد من الدليل كما تقدم وجوب التمتع علي البعيد و وجوب القسمين الآخرين علي القريب و من الظاهر انّ جزاء غير

المأمور به عنه خلاف القاعدة نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع الي الافراد كما يأتي و يأتي الكلام حوله.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّ البعيد إذا صار مجاورا في مكة و كانت اقامته بعد استطاعته تجب عليه المتعة و لا تنقلب وظيفته الي الافراد و بالنسبة الي هذا الفرع تارة نتكلم

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 249

______________________________

علي طبق القاعدة الاولية و اخري علي طبق النص الخاص أما القاعدة الاولية فلا اشكال فيها من حيث الحكم إذ المفروض ان الدليل قائم علي ان البعيد يجب عليه حج التمتع و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين صيرورته مجاورا في مكة و عدمها هذا بحسب القاعدة الاولية و أما بحسب النص فيستفاد من بعض النصوص ان من أقام بمكة سنتين فلا متعة له لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له فقلت لأبي جعفر عليه السّلام: أ رأيت إن كان له أهل بالعراق و أهل بمكة قال: فلينظر ايّهما الغالب عليه فهو من أهله «1».

و ما رواه عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المجاور بمكة يتمتع بالعمرة الي الحج الي سنتين فاذا جاوز سنتين كان قاطنا و ليس له أن يتمتع «2».

فانّ المستفاد من الخبرين انّ المقيم في مكة سنتين لا متعة له فان قلنا انّ الحديثين لا يشملان من وجب عليه الحج سابقا فالمقام خارج عن تحت الحديثين موضوعا و إن قلنا انهما مجملان من هذه الناحية فالقاعدة تقتضي عدم شمول الحكم لمن وجب عليه الحج سابقا و إن قلنا انّ اطلاق الدليل يشمل المقام أي يكون شاملا لمن وجب

عليه الحج سابقا يقع التعارض بين ما يدل علي وجوب التمتع و ما يدل علي انه لا متعة له و حيث ان الأحدث لا يمكن تميزه يؤخذ بما دل علي انّ الواجب علي كل مكلف بأن يأتي بالتمتع لاحظ حديث الفضلاء «3» فان مقتضي اطلاق الحدث المشار إليه انّ وظيفة البعيد حج التمتع و لو جاور مكة سنتين و لاحظ

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب أقسام الحج، الحدث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 241.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 250

______________________________

حديث عمر بن يزيد «1»، فانّ مقتضي اطلاق هذا الحديث انّ من جاور مكة سنتين لا متعة له و لو كانت استطاعته سابقة و كان حج التمتع واجبا عليه فيقع التعارض بين الخبرين و لا يميز الأحدث عن السابق إذ كلاهما مرويان عن الصادق روحي فداه فيؤخذ بما دل علي وجوب التمتع علي كل أحد الّا من خرج بالدليل لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «2» فانّ المستفاد من الحديث انّ الواجب علي كل احد حج التمتع اضف اي ذلك دعوي الاجماع علي ان وظيفة من كانت حج التمتع لا تتبدل بالمجاورة و الظاهر انّ التقريب المذكور مخدوش اذ المستفاد من دليل الحكومة ان المجاور في مكة سنتين محكوم بحكم أهالي مكة و يكون حكمه حج الافراد و من الظاهر انّ الدليل الحاكم مقدم و بعبارة واضحة المستفاد من مجموع النصوص أنه يجب علي المكلف حج التمتع الّا من كان حاضر المسجد الحرام فالحاضر تكون وظيفته الافراد هذا من ناحية و من ناحية اخري قد استفيد من الدليل ان من جاور في مكة سنتين يكون من أهالي مكة فلا تعارض بين الأدلة بوجه

فالنتيجة أن المجاور الذي كانت استطاعته سابقة يكون الواجب عليه حج الافراد لكن لا ينبغي ترك الاحتياط سيما بعد نقل الاجماع علي عدم تغير الوظيفة.

الفرع الثاني: أنه لو جاور مكة و استطاع بعد المجاورة تكون وظيفته حج الافراد و هذا الحكم علي خلاف القاعدة الأولية فان مقتضاها ان مثله تجب عليه المتعة لكن بمقتضي النص الخاص لا بد من رفع اليد عن القاعدة و النصوص الواردة في المقام مختلفة فطائفة منها تدل علي انه لو جاور مكة سنتين تكون وظيفته الافراد

______________________________

(1) لاحظ ص 249.

(2) لاحظ ص 239.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 251

______________________________

لاحظ حديثي زرارة «1» و عمر بن يزيد «2» و يستفاد من طائفة من النصوص أنه لو جاور في مكة سنة لا تكون له متعة لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام لاهل مكة ان يتمتعوا فقال: لا ليس لأهل مكة أن يتمتعوا قال: قلت فالقاطنين بها قال: إذا اقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة فاذا اقاموا شهرا فان لهم ان يتمتعوا قلت: من أين قال: يخرجون من الحرم قلت: من أين يهلّون بالحج فقال:

من مكة نحوا مما يقول الناس «3» و لاحظ ما رواه حماد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أهل مكة أ يتمتعون قال: ليس لهم متعة قلت: فالقاطن بها قال: إذا أقام بها سنة أو سنتين صنع صنع أهل مكة قلت فان مكث الشهر قال: يتمتع قلت: من أين قال:

يخرج من الحرم قلت: من أين يهل بالحج قال: من مكة نحوا مما يقول الناس «4».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

المجاور بمكة سنة يعمل عمل اهل مكة يعني يفرد الحج مع أهل مكة و ما كان دون السنة فله أن يتمتع «5» و لاحظ ما رواه حريز عمن أخبره عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة فهو مكي فاذا أراد أن يحج عن نفسه أو أراد أن يعتمر بعد ما انصرف من عرفة فليس له أن يحرم من مكة و لكن يخرج الي الوقت و كلّما

______________________________

(1) لاحظ ص 249.

(2) لاحظ ص 249.

(3) الوسائل: الباب 9 من أقسام الحج، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 7.

(5) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 252

______________________________

حول رجع الي الوقت «1».

و لاحظ ما رواه الحسين بن عثمان و غيره عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أقام بمكة خمسة أشهر فليس له أن يتمتع «2».

و طائفة من الروايات يستفاد منها انّ مجرد المجاورة في مكة يوجب انقلاب الوظيفة لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: انّي أريد الجوار فكيف اصنع فقال: اذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فاخرج الي الجعرانة فأحرم منها بالحج الي أن قال: ان سفيان فقيهكم أتاني فقال: ما يحملك علي أن تأمر اصحابك يأتون الجعرانة فيحرمون منها قلت له: هو وقت من مواقيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقال: و أيّ وقت من مواقيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم هو فقلت:

أحرم منها حين قسّم غنائم حنين و مرجعه من الطائف فقال: انّما هذا شي ء أخذته عن عبد اللّه بن عمر كان اذا رأي الهلال صاح بالحج فقلت:

أ ليس قد كان عندكم مرضيّا فقال: بلي و لكن أ ما علمت أن أصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم احرموا من المسجد فقلت: ان اولئك كانوا متمتعين في أعناقهم الدماء و ان هؤلاء قطنوا مكة فصاروا كانّهم من أهل مكة و أهل مكة لا متعة لهم فاحببت أن يخرجوا من مكة الي بعض المواقيت و ان يستغبوا به اياما فقال لي و أنا أخبره انها وقت من مواقيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يا أبا عبد اللّه فاني أري لك أن لا تفعل فضحكت و قلت و لكني أري لهم ان يفعلوا فسأل عبد الرحمن عمن معنا من النساء كيف يصنعن فقال: لو لا ان خروج النساء شهرة لأمرت الصرورة منهنّ أن تخرج و لكن مر من كان منهن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحدث 9.

(2) الباب 8 من هذه الأبواب، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 253

______________________________

صرورة ان تهل بالحج في هلال ذي الحجة و أما اللواتي قد حججن فان شئن ففي خمسة من الشهر و إن شئن فيوم التروية فخرج و اقمنا فاعتل بعض من كان معنا من النساء الصرورة منهن فقدم في خمس من ذي الحجة فارسلت إليه انّ بعض من معنا من صرورة النساء قد اعتل فكيف تصنع قال فلتنظر ما بينها و بين التروية فان طهرت فلتهل بالحج و الّا فلا يدخل عليها يوم التروية الّا و هي محرمة و أما الأواخر فيوم التروية، الحديث «1»، فيقع التعارض بين النصوص فربما يقال ان حديث السنة معرض عنه عند المشهور فلا يعتد به و المطلق يقيد بحديث سنتين و يرد عليه انه قد

ذكرنا مرارا ان اعراض المشهور لا يوجب سقوط الخبر المعتبر عن الاعتبار فما الحيلة و ما الوسيلة و قد جمع سيدنا الاستاد قدّس سرّه بين المتعارضين بان مقتضي العموم ان الوظيفة حج التمتع و لكن القدر المتيقن التخصيص بالمجاور سنتين و اختصاص الحكم به و ما افاده من غرائب الكلام إذ تارة نقول المتعارضان لا تعارض بينهما في الدلالة الالتزامية و الدلالة الالتزامية لا تكون تابعة للمطابقية بقاء بل التبعية تختص بخصوص الحدوث و أما بقاء فتكون تابعة لها و اخري لا نقول كذلك بل نقول هي تابعة لها حدوثا و بقاء و الحق هو الثاني و لذا لو قال احد الدليلين علي كون المحل الفلاني نجس بالنجاسة البولية و الدليل الآخر قام علي كونه نجسا بالنجاسة الدومية و تساقط الدليلان لا يمكن ان يقال انهما متفقان علي اصل النجاسة و الوجه فيه ان الدليل علي البول يدل علي ان المحل نجس بالبول لا بالدم و الدليل الآخر دال علي انه نجس بالدم لا بالبول فكل منهما ينفي مدلول الآخر فبالنتيجة يتساقطان بالكلية و علي هذا الاساس لا يمكن الاخذ بالقدر المتيقن اذ لا دليل عليه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب اقسام الحج، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 254

______________________________

فلا بد من الاخذ بما يدل علي ان الميزان مطلق المجاورة إذا عرفت ما تقدم نقول الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان يقال انه لا بد من الاخذ بالاحدث و حيث لا يميز اللاحق عن السابق و الأحدث عن الحديث لا بد من الأخذ بالقدر المتيقن إذ الزائد عليه مورد الشك و مقتضي القاعدة الأخذ بما دل بإطلاقه علي وجوب حج التمتع و

أما ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المجاور بمكة يخرج الي أهله ثم يرجع الي مكة بأيّ شي ء يدخل فقال: إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع و إن كان أقل من ستة أشهر فله أن يتمتع «1» و ما رواه ابن عثمان «2» الدال الاول منهما علي الميزان الجوار أكثر من ستة أشهر و الثاني علي أنّ الميزان خمسة أشهر فمضافا الي ضعف السند في الثاني يجري فيهما ما قلنا بالنسبة الي دليل السنة و السنتين طابق النعل و النقل.

الفرع الثالث: ما لو توطن في مكة بعد صيرورته مستطيعا قبله و الكلام فيه ما تقدم في الفرع الأول أي يقع التعارض بين النصوص بالعموم من وجه و حيث لا تميز يجب عليه أن يحج حج التمتع بمقتضي ما دل بإطلاقه علي وجوب التمتع علي كل احد اللهم الا أن يقال بأن المستفاد من الآية الشريفة و هي فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ «3» ان وظيفة من يكون من أهل مكة حجة الافراد بلا فرق بين كون الاستطاعة حاصلة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب أقسام الحج، الحديث 3.

(2) لاحظ ص 252.

(3) البقرة: 196.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 255

[(مسألة 146): إذا أقام في مكة و كانت استطاعته في بلده أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه الي حج الافراد أو القران]

(مسألة 146): إذا أقام في مكة و كانت استطاعته في بلده أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه الي حج الافراد أو القران فالاظهر جواز احرامه من ادني الحل و إن كان الاحوط ان يخرج الي احد المواقيت و

الإحرام منها لعمرة التمتع بل الأحوط أن يخرج الي ميقات أهل بلده (1).

______________________________

سابقا أو كانت حاصلة بعد صيرورته حاضر المسجد و لقائل أن يقول لا تصل النوبة الي ما ذكر اذ الجوار اعم من التوطن و بالنسبة الي المتوطن لا نحتاج الي دليل علي جواز إتيانه بالافراد أو القرآن اذ الدليل الدال علي وجوبهما تام بالنسبة إليه.

الفرع الرابع: أن يتوطن في مكة و صار مستطيعا بعده و هذا يجب عليه الافراد بمجرد صدق كونه من أهل مكة و لا يتوقف علي مضي سنتين إذ ذلك الدليل يختص بالمجاور و لا يشمل المتوطن.

الفرع الخامس: انّ من توطن في غير مكة من الأماكن التي يكون البعد بينها و بين المسجد الحرام أقل من المقدار المعين في النصوص و هو الحد الذي يوجب وجوب حج التمتع يجب عليه الافراد و هذا واضح ظاهر و يكون مقتضي القاعدة.

(1) إذا فرضنا وجوب حج التمتع عليه يجب عليه الخروج من مكة و الاحرام لعمرة التمتع من الميقات و هذا لا اشكال فيه انما الكلام في تعيين الميقات و الأقوال في المقام مختلفة:

القول الأول: أنه لا بد أن يحرم من ميقات أهله و يدل عليه ما رواه سماعة عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن المجاور أله أن يتمتع بالعمرة الي الحج قال:

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 256

______________________________

نعم يخرج الي مهل ارضه فيلبي ان شاء «1» و هذه الرواية ضعيفة بمعلي بن محمد.

القول الثاني: جواز الاحرام من أحد المواقيت و يدل عليه ما رواه سماعة أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال: من حج معتمرا في شوال و من نيته أن يعتمر و يرجع الي بلاده فلا

بأس بذلك و إن هو أقام الي الحج فهو متمتع لأن أشهر الحج شوال و ذو القعدة و ذو الحجة فمن اعتمر فيهنّ و اقام الي الحج فهي متعة و من رجع الي بلاده و لم يقم الي الحج فهي عمرة و إن اعتمر في شهر رمضان أو قبله و اقام الي الحج فليس بمتمتع و انما هو مجاور افرد العمرة فان هو احبّ ان يتمتع في أشهر الحج بالعمرة الي الحج فليخرج منها حتي يجاوز ذات عرق أو يجاوز عسفان فيدخل متمتعا بالعمرة الي الحج فان هو أحبّ أن يفرد الحج فليخرج الي الجعرانة فيلبّي منها «2» فانّ المستفاد من هذه الرواية انه لا خصوصية لميقات معين بل الميزان الاحرام من الميقات.

القول الثالث: الاحرام من أدني الحل و استدل عليه بما رواه سماعة أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المجاور بمكة إذا دخلها بعمرة في غير أشهر الحج فان أشهر الحج شوال و ذو القعدة و ذو الحجة من دخلها بعمرة في غير أشهر الحج ثم أراد أن يحرم فليخرج الي الجعرانة فيحرم منها ثم يأتي مكة و لا يقطع التلبية حتي ينظر الي البيت ثم يطوف بالبيت و يصلي الركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام ثم يخرج الي الصفا و المروة فيطوف بينهما ثم يقصر و يحل ثم يعقد التلبية يوم التروية «3» و هذه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب اقسام الحج، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 10 من أبواب اقسام الحج، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 8 من أبواب اقسام الحج، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 257

______________________________

الرواية لا اعتبار بها فانّ في سندها اسماعيل بن مرار و استدل عليه

أيضا بما رواه الحلبي «1».

فانّ مقتضي اطلاق الحديث كفاية الخروج عن الحرم و الاحرام من أدني الحل لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقه و تقييده بما دل علي وجوب الاحرام من الميقات و إن أبيت و قلت لا يكون قابلا للتقييد نقول يقع التعارض بين الطرفين و حيث لا يميز الأحدث لا بد من العمل علي طبق القاعدة الأولية و هو الاحرام عن الميقات و طريق الاحتياط ما أفاده في المتن.

______________________________

(1) لاحظ ص 251.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 258

[حج التمتع]

[(مسألة 147): يتألف هذا الحج من عبادتين تسمي أولاهما بالعمرة و الثانية بالحج]

حج التمتع (مسألة 147): يتألف هذا الحج من عبادتين تسمي أولاهما بالعمرة و الثانية بالحج و قد يطلق حج التمتع علي الجزء الثاني منهما و يجب الاتيان بالعمرة فيه قبل الحج (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة أمران:

الأمر الأول: انّ حج التمتع مركب من عبادتين الأولي العمرة و الثانية الحج و هذا من الواضحات حتي عند كثير من العوام و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1» و تدل علي المدعي نصوص كثيرة منها ما رواه الحلبي «2».

الأمر الثاني: أنه يجب الاتيان بالعمرة قبل الحج و تدل علي المدعي مضافا الي السيرة طائفة من النصوص منها ما رواه زرارة «3» و منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل قضي متعته و عرضت له حاجة أراد أن يمضي إليها قال فقال فليغتسل للاحرام و ليعمل بالحج

و ليمض في حاجته فان لم يقدر علي الرجوع الي مكة مضي الي عرفات «4».

______________________________

(1) البقرة: 196.

(2) لاحظ ص 211.

(3) لاحظ ص 225.

(4) الوسائل: الباب 22 من أبواب اقسام الحج، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 259

[(مسألة 148): تجب في عمرة التمتع خمسة أمور]

(مسألة 148): تجب في عمرة التمتع خمسة أمور:

الأمر الأول: الاحرام من احد المواقيت و ستعرف تفصيلها.

الأمر الثاني: الطواف حول البيت.

الأمر الثالث: صلاة الطواف.

الأمر الرابع: السعي بين الصفا و المروة.

الأمر الخامس: التقصير و هو أخذ شي ء من الشعر أو الاظفار.

فاذا أتي المكلف بهذه الأعمال الخمسة خرج من احرامه و حلت له الامور التي كانت قد حرمت عليه بسبب الاحرام.

[(مسألة 149): يجب علي المكلف أن يتهيأ لأداء وظائف الحج فيما اذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام]

(مسألة 149): يجب علي المكلف أن يتهيأ لأداء وظائف الحج فيما اذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام و واجبات الحج ثلاثة عشر و هي كما يلي:

______________________________

(1) الاحرام من مكة علي تفصيلي يأتي.

(2) الوقوف في عرفات بعد مضي ساعة من ظهر اليوم التاسع أو من نفس الظهر من ذي الحجة الحرام الي المغرب و تقع عرفات علي بعد أربعة فراسخ من مكة.

(3) الوقوف في المزدلفة يوم العيد الاضحي من الفجر الي طلوع الشمس و تقع المزدلفة بين عرفات و مكة.

(4) رمي جمرة العقبة في مني يوم العيد و مني علي بعد فرسخ واحد من مكة تقريبا.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 260

(5) النحر أو الذبح في مني يوم العيد.

(6) الحلق أو أخذ شي ء من الشعر أو الظفر في مني و بذلك يحل له ما حرم عليه من جهة الإحرام ما عدا النساء و الطيب بل الصيد علي الاحوط.

(7) طواف الزيارة بعد الرجوع الي مكة.

(8) صلاة الطواف.

(9) السعي بين الصفا و المروة و بذلك يحل الطيب أيضا.

(10) طواف النساء.

(11) صلاة طواف النساء و بذلك تحل النساء أيضا.

(12) المبيت في مني ليلة الحادي عشر و ليلة الثاني عشر بل ليلة الثالث عشر في بعض الصور كما سيأتي.

(13) رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر و الثاني

عشر بل في اليوم الثالث عشر أيضا فيما إذا بات المكلف هناك علي الاحوط (1).

______________________________

(1) نتكلّم حول كل واحد من الامور المذكورة ان شاء اللّه تعالي فانتظر.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 261

[(مسألة 150): يشترط في حج التمتع أمور:]

(مسألة 150): يشترط في حج التمتع أمور:

1- النية بأن يقصد الاتيان بحج التمتع بعنوانه فلو نوي غيره أو تردد في نيته لم يصح حجه.

2- أن يكون مجموع العمرة و الحج في أشهر الحج فلو أتي بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح العمرة.

3- أن يكون الحج و العمرة في سنة واحدة فلو أتي بالعمرة و اخّر الحج الي السنة القادمة لم يصح التمتع و لا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكة الي السنة القادمة و أن يرجع الي أهله ثم يعود إليها كما لا فرق بين أن يحل من احرامه بالتقصير و أن يبقي محرما الي السنة القادمة.

4- أن يكون احرام حجه من نفس مكة مع الاختيار و أفضل مواضعه المقام أو الحجر و اذا لم يمكنه الاحرام من نفس مكة احرم من أي موضع تمكن منه.

5- أن يؤدي مجموع عمرته و حجه شخص واحد عن شخص واحد فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت أو حي أحدهما لعمرته و الآخر لحجه لم يصح ذلك و كذلك لو حج شخص و جعل عمرته عن واحد و حجه عن آخر لم يصح (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة أمور:

الأمر الأول: النية بأن يقصد الاتيان بعنوان حج التمتع و هذا علي وفق

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 262

______________________________

القاعدة الاولية اذ المفروض انه لا يعين الّا بالقصد كالآتي فان الآتي بها لا بد أن يعين المأمور به بالقصد أضف الي ذلك ان

طائفة من النصوص تدل عليه لاحظ ما رواه البزنطي عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل تمتع كيف يصنع قال: ينوي العمرة و يحرم بالحج «1» و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي الحسن علي بن موسي عليه السّلام كيف أصنع اذا أردت أن اتمتع فقال: لبّ بالحج و أنو المتعة فاذا دخلت مكة طفت بالبيت و صلّيت الركعتين خلف المقام و سعيت بين الصفا و المروة و قصرت فنسختها و جعلتها متعة «2».

و لا يخفي انّ الماتن و إن لم يتعرض لاشتراط القربة لكن لا اشكال في لزومها اذ العبادة متقومة بالداعي القربي فلا تغفل.

الأمر الثاني: أن يكون مجموع العمرة و الحج في أشهر الحج عن جملة من الاعيان دعوي الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل مكة معتمرا مفردا للعمرة فقضي عمرته فخرج كان ذلك له و إن أقام الي أن يدركه الحج كانت عمرته متعة و قال ليس يكون متعة الّا في أشهر الحج «3»، و منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الذي يلي المفرد للحج في الفضل فقال: المتعة فقلت و ما المتعة فقال: يهل بالحج في أشهر الحج فاذا طاف بالبيت فصلّي الركعتين خلف المقام و سعي بين الصفا و المروة قصّر و احلّ فاذا كان يوم التروية اهلّ بالحج و نسك المناسك و عليه الهدي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 22 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) الوسائل: الباب 15 من أبواب أقسام الحج، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 263

______________________________

فقلت و ما الهدي

فقال افضله بدنة و أوسطه بقرة و أخفضه شاة و قال قد رأيت الغنم يقلّد بخيط أو بسير «1» و منها ما رواه سماعة بن مهران «2».

الامر الثالث: انه يجب الاتيان بكلا العملين في سنة واحدة و قد تكلّمنا حول الفرع في مسألة 139.

الامر الرابع: أن يكون احرامه للحج من مكة مع الاختيار ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حماد «3» و يستفاد خلاف المدعي من حديث اسحاق بن عمّار «4» لكن يمكن أن يقال انّ فعل الامام من باب الضرورة و لا وجه للقول بأنّ الحديث مضطرب من حيث المتن و إن أبيت عما ذكرنا نرجع المراد من الحديث الي أهله و بعبارة واضحة يمكن أن يكون الصادق عليه السّلام كان مرتهنا بالحج و كان دخوله الي مكة في أشهر الذي احرم فيه لعمرة التمتع فكان عليه روحي فداه الاحرام للحج لعدم جواز دخول مكة بلا احرام و أما حديث الصيرفي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام من أين أهلّ بالحج فقال: إن شئت من رحلك و إن شئت من الكعبة و إن شئت من الطريق «5» الدال علي جواز الاحرام من الطريق فيحمل علي الطريق الواقع في مكة و بعبارة اخري حمل المطلق علي المقيد مقتضي القاعدة و افاد الماتن انّ أفضل مواضع المسجد المقام أو الحجر و يمكن الاستدلال علي المدعي

______________________________

(1) الباب 5 من هذه الأبواب، الحديث 3.

(2) لاحظ ص 256.

(3) لاحظ ص 251.

(4) لاحظ ص 234.

(5) الوسائل: الباب 21 من أبواب المواقيت، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 264

______________________________

بما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا

كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل ثم ألبس ثوبيك و ادخل المسجد الي أن قال ثم صلّ ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمّ احرم بالحج الحديث «1» و ان أبيت و قلت بأن العرف يري التعارض بين هذه الرواية و ما يدل علي جواز الاحرام من مكة قلت: حيث انّ الأحدث غير معلوم تجري البراءة عن الخصوصية و لا مجال للقول بالمعارضة فان الظاهر تقابل المطلق و المقيد و مقتضي القاعدة الالتزام بالتقييد و لكن لا يمكن الالتزام به فانه خلاف السيرة فالنتيجة كفاية كون الاحرام من أي موضع من مواضع مكة لكن لا بد من كون الاحرام من مكة القديمة و الوجه فيه انّ الظاهر من النصوص الاشارة الي مكة علي نحو القضية الخارجية و لا يكون الحكم علي نحو القضية الحقيقية كي يقال يكفي الاحرام من أي موضع من مواضع مكة و لو صارت كبيرة و بعبارة اخري يكون الميزان صدق عنوان مكة فانه خلاف الظاهر بل لو شك في أنه بأي نحو لا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن أي مكة القدمية فلاحظ و لكن سوف يأتي في محله ان الأمر ليس كذلك فأنتظر.

الأمر الخامس: أنه لو لم يمكنه الاحرام من مكة أحرم من أي موضع تمكن منه و ما يمكن أن يستدل علي المدعي وجوه:

الوجه الأول: التسالم بين الأصحاب علي ما في بعض الكلمات و هل يمكن الاستناد الي الوجه المذكور مع ان غايته الاجماع و اشكاله ظاهر الا أن يكون الامر واضحا عندهم بحيث لا يكون قابلا للاشكال.

الوجه الثاني: النصوص الواردة بالنسبة الي من ترك الاحرام من الميقات و من تلك النصوص ما رواه زرارة

عن اناس من أصحابنا حجّوا بامرأة معهم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من المواقيت، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 265

______________________________

فقدموا الي الميقات و هي لا تصلي فجهلوا ان مثلها ينبغي أن تحرم فمضوا بها كما هي حتي قدموا مكة و هي طامث حلال فسألوا الناس فقال تخرج الي بعض المواقيت فتحرم منه فكانت اذا فعلت لم تدرك الحج فسألوا أبا جعفر عليه السّلام فقال:

تحرم من مكانها قد علم اللّه نيتها «1».

فانّ المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي ان الاحرام من غير الميقات لا بأس به عند الضرورة و إن شئت فقل يمكن أن يقال ان قوله عليه السّلام تحرم من مكانها قد علم اللّه نيتها بمنزلة العلة المنصوصة السارية في غير مورد السؤال و الظاهر انّ هذا الوجه لا بأس به.

الوجه الثالث: الحديثان الواردان في حق من ترك الاحرام من مكة حال كونه معذورا لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن رجل كان متمتعا خرج الي عرفات و جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتي رجع الي بلده قال: إذا قضي المناسك كلها فقد تم حجّه «2».

و لاحظ ما رواه علي بن جعفر أيضا عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكر و هو بعرفات فما حاله قال: يقول اللهم علي كتابك و سنة نبيك فقد تم احرامه «3».

الأمر السادس: أن يؤدي مجموع حجه و عمرته شخص واحد عن شخص واحد لا اشكال في انّ مقتضي القاعدة الاولية كذلك إذ من الواضح ان عمرة التمتع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من المواقيت، الحديث 6.

(2) الوسائل: الباب 20 من أبواب المواقيت، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح

الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 266

______________________________

داخلة في الحج و مجموعهما عمل واحد و لا دليل علي جواز الانفكاك بين الأمرين فلا بد من أن يأتي بهما شخص واحد عن شخص واحد هذا بحسب القاعدة الأولوية و أما بحسب النص ففي المقام حديثان أحدهما ما رواه الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل تمتع عن أمه و اهل بحجة عن أبيه قال: انّ ذبح فهو خير له و إن لم يذبح فليس عليه شي ء لأنه انما تمتع عن أمه و اهلّ بحجة عن أبيه «1».

و الحديث ضعيف بصالح بن عقبة فانه لم يوثق و كونه في أسناد كامل الزيارات و تفسير القمي لا اثر له كما حقق في محله.

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل يحج عن أبيه أ يتمتع قال: نعم المتعة له و الحج عن أبيه «2».

و هذه الرواية غير معلومة المراد لانه ان كان حجه عن أبيه حج التمتع فكيف تكون المتعة له و إن كان نيابته في حج الافراد فيلزم أن يكون الاحرام من الميقات الا أن يقال انّ المقصود حج التمتع و الشارع جوز النحو المذكور في الحديث و يحتمل أن يكون المراد أن التمتع للنائب و لكن الحج للمنوب عنه و بعبارة اخري التمتع و الالتذاذ بين العمرة و الحج للنائب و لكن العمل للمنوب عنه أضف الي ذلك انه خلاف الاحتياط فيلزم رعايته و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب الذبح، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 27 من أبواب النيابة.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 267

[(مسألة 151): إذا فرغ المكلف من أعمال عمرة التمتع]

(مسألة 151): إذا فرغ المكلف من أعمال عمرة التمتع

وجب عليه الاتيان بأعمال الحج و لا يجوز له الخروج من مكة لغير الحج الا أن يكون خروجه لحاجة و لم يخف فوات اعمال الحج فيجب و الحالة هذه إن يحرم للحج من مكة و يخرج لحاجته ثم يلزمه أن يرجع الي مكة بذلك الاحرام و يذهب منها الي عرفات و إذا لم يتمكن من الرجوع الي مكة ذهب الي عرفات من مكانه و كذلك لا يجوز لمن أتي بعمرة التمتع أن يترك الحج اختيارا و لو كان الحج استحبابيا نعم إذا لم يتمكن من الحج فالاحوط أن يجعلها عمرة مفردة و يأتي بطواف النساء (1).

______________________________

(1) أما عدم جواز الخروج قبل الحج فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه زرارة «1» و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه في حديث قال:

تمتع فهو و اللّه أفضل ثم قال: انّ أهل مكة يقولون ان عمرته عراقية و حجته مكية كذبوا أو ليس هو مرتبطا بالحج لا يخرج حتي يقضيه «2» و منها ما رواه زرارة «3» و أما جواز الخروج للحاجة مع الاحرام للحج فاذا تمكن رجع الي مكة و إن لم يتمكن مضي الي عرفات فيدل عليه ما رواه حفص «4» و يدل علي التفصيل بين الحاجة و عدمها ما رواه حماد «5» و في المقام حديث «6» يستفاد منه جواز الخروج من

______________________________

(1) لاحظ ص 225.

(2) الوسائل: الباب 22 من أبواب أقسام الحج، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 225.

(4) لاحظ ص 258.

(5) لاحظ ص 233.

(6) لاحظ ص 217.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 268

______________________________

مكة بلا احرام مع وجود الحاجة و جواز الاحرام من الميقات و هذه الرواية أحدث فيكون فيه الترجيح

و لسيدنا الاستاد كلمات حول الرواية نتعرض لكل واحدة منها و نجيب عما أفاده:

الكلمة الاولي ما مضمونه أن الحديث مضطرب المتن لا يمكن الاعتماد عليه لعدم ارتباط بين الجواب و السؤال و فيه ان بينهما كمال الارتباط فان الراوي يسأل أولا عن جواز الخروج عن مكة بعد انقضاء عمرة التمتع و الامام روحي فداء لتراب مقدمه يجيب بأنه مع الحاجة يخرج و يفصّل بين رجوعه في شهر المتعة و غير ذلك الشهر ثم يسأل عن حكم رجوعه في ذلك الشهر و الامام عليه السّلام يجيب عن سؤال الراوي بفعل والده و أبيه روحي فداه و من الظاهر ان فعل الامام حجة.

الكلمة الثانية: انّ مما يوجب اضطراب المتن و تشويشه ان أباه عليه السّلام إذا كان متمتعا بالحج كيف خرج قبل الحج و حمله علي الاضطرار لا شاهد عليه.

و يرد عليه انّ الظاهر من الجواب ان الامام المسئول عليه السّلام يجيب عن سؤال السائل و حمل الكلام علي مطلب أجنبي عن السؤال خلاف المحاورات العقلائية فيعلم انّ أباه كانت متمتعا بالحج و مع ذلك خرج و المجوز لخروجه حاجته عليه السّلام و العرف ببابك.

الكلمة الثالثة: انّ الصادق عليه السّلام متي كان مجاورا في مكة و هل جاور مدة سنتين أو أقل أو أكثر.

و فيه أنه يمكن أنه جاور مدة في مكة مقدار شهر أو أقل أو اكثر و لا يكون هذا أمرا بعيدا.

الكلمة الرابعة: أنه مخالف للمتسالم عليه بين الاصحاب و فيه اذا تم اجماع

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 269

[(مسألة 152): كما لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة بعد تمام عمرته كذلك لا يجوز له الخروج منها في أثناء العمرة]

(مسألة 152): كما لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة بعد تمام عمرته كذلك لا يجوز له الخروج منها في أثناء العمرة فلو علم المكلف

قبل دخوله مكة باحتياجه الي الخروج منها كما هو شأن الحملدارية فله أن يحرم أولا بالعمرة المفردة لدخول مكة فيقضي اعمالها ثم يخرج لقضاء حوائجه و يحرم ثانيا لعمرة التمتع و لا يعتبر في صحته مضي شهر من عمرته الأولي كما مر (1).

______________________________

تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السّلام نأخذ به و الا فلا وجه لرفع اليد عن الرواية و ينبغي رعاية الاحتياط بلا اشكال و لا كلام و اللّه العالم و الاحتياط طريق النجاة.

ثم أنه لو فرض ان حجه كان مندوبا لا يجوز له أن يترك الحج إذ مقتضي اطلاق جملة من النصوص عدم الفرق بين كون عمله واجبا أو مستحبا لاحظ ما رواه زرارة «1» نعم اذا لم يتمكن من الحج يحتاط بجعل عمرته مفردة و يأتي بطواف النساء لاحتمال شمول النصوص الدالة علي من فاته الموقفان يتبدل حجه بالعمرة المفردة و الّا فمقتضي القاعدة سقوط وجوب الحج عنه لان المفروض عدم امكانه.

(1) أما عدم جواز الخروج أثناء العمرة فلا طلاق جملة من النصوص منها ما رواه زرارة «2» و اما ما أفاده الماتن من جواز الاحرام للعمرة المفردة لمن كان له حاجة في الخروج و عدم اعتبار فصل شهر بين عمرة التمتع و العمرة المفردة فقد تقدم الكلام حوله في مسألة 137 و قلنا انّ مقتضي اطلاق حديث اسحاق «3» عدم الفرق فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 225.

(2) لاحظ ص 225.

(3) لاحظ ص 217.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 270

[(مسألة 153): المحرّم من الخروج عن مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة أو أثنائها انما هو الخروج عنها الي محل آخر]

(مسألة 153): المحرّم من الخروج عن مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة أو أثنائها انما هو الخروج عنها الي محل آخر و لا بأس بالخروج الي اطرافها و توابعها و عليه فلا بأس

للحاج أن يكون منزله خارج البلد فيرجع الي منزله اثناء العمرة أو بعد الفراغ منها (1).

[(مسألة 154): إذا خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة من دون احرام و تجاوز المواقيت]

(مسألة 154): إذا خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة من دون احرام و تجاوز المواقيت ففيه صورتان:

الأولي: أن يكون رجوعه قبل مضي شهر عمرته ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع الي مكة بدون احرام فيحرم منها للحج و يخرج الي عرفات.

الثانية: أن يكون رجوعه بعد مضي شهر عمرته ففي هذه الصورة تلزمه اعادة العمرة (2).

______________________________

(1) نقل عن بعض أن الخروج الممنوع مخصوص بالمواضع البعيدة فلا بأس بالخروج الي فرسخ أو فرسخين و لا وجه له فان مقتضي اطلاق دليل المنع عدم الفرق بين القريب و البعيد و عن بعض تحديده بما زاد عن الحرم و فيه ما في قبله من انه مناف لاطلاق الدليل و عن المحقق النائيني تحديده بالمسافة الشرعية و هذا يلحق بسابقيه و عن سيدنا الاستاد جواز الخروج الي ضواحي مكة و توابعها لعدم صدق الخروج و هذا أيضا ملحق ببقية الاقوال التي تخالف الاطلاق فالحق عدم الجواز علي الاطلاق.

(2) أما إذا كان رجوعه في شهر العمرة و كان خروجه لجهله فيدل علي جواز

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 271

[(مسألة 155): من كانت وظيفته حج التمتع لم يجز له العدول الي غيره]

(مسألة 155): من كانت وظيفته حج التمتع لم يجز له العدول الي غيره من أفراد أو قران و يستثني من ذلك من دخل في عمرة التمتع ثم ضاق وقته فلم يتمكن من اتمامها و ادراك الحج فإنه ينقل نيته الي حج الافراد و يأتي بالعمرة المفردة بعد الحج و حدّ الضيق المسوّغ لذلك خوف فوات الركن من الوقوف الاختياري في عرفات (1).

______________________________

دخوله بلا احرام حديث حماد «1» و أما جواز خروجه لحاجة فيدل علي جوازه أيضا حديث حماد و لكن يعارضه حديث اسحاق «2» حيث يستفاد منه انه يلزم الاحرام

للحج و الترجيح مع حديث اسحاق للاحدثية و أما إذا كان رجوعه في غير شهر العمرة فيدل علي وجوب تجديد العمرة حديث اسحاق فلاحظ.

(1) في هذه المسألة ثلاث جهات:

الجهة الأولي: انّ من وظيفته حج التمتع لا يجوز له العدول الي غيره من الافراد و القران و هذا واضح ظاهر فان العدول يحتاج الي الدليل و بعبارة واضحة مقتضي القاعدة الاولية الإتيان بالوظيفة فاذا لم يأت بها يكون عاصيا و يكون كالتارك بل العدول أسوأ حالا عن الترك فان التارك للوظيفة يكون عاصيا لاجل ترك الواجب و أما العادل عنها فمضافا الي ترك الواجب يكون مشرعا و مدخلا ما ليس من الدين في الدين.

إن قلت لو شك في جواز العدول ما المانع عن الاخذ بالبراءة و الحكم بالجواز

______________________________

(1) لاحظ ص 233.

(2) لاحظ ص 217.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 272

______________________________

قلت أولا هذا التقريب جار في كل مورد فيجوز للمكلف تبديل واجبه بفعل آخر كما لو عدل عن الاتيان بصلاة الظهر الي الصوم و هل يمكن الالتزام به.

و ثانيا: انه لا مجال للاخذ بالبراءة فانّ البراءة انما تجري في مورد احتمال الوجوب أو الحرمة و في المقام الاشكال ناش من أنه هل جعل الشارع بدلا عن الواجب الاولي و يكتفي عن الواجب بالمعدول إليه أم لا و مقتضي الدليل الاجتهادي و الاصل العملي عدم الاكتفاء أما الدليل الاجتهادي فهو الاطلاق فإنّ مقتضاه عدم الاثر لغير ما أمر به و بعبارة واضحة الامر بشي ء يقتضي الاتيان بمتعلقه و مقتضي اطلاقه عدم الاكتفاء بغيره و اما الاصل العملي فمقتضاه عدم جعل الشارع بدلا للواجب.

الجهة الثانية: في انّ المتمتع الداخل في عمرة التمتع لو ضاق وقته عن الاتمام يجب

عليه ان ينقل نيته من التمتع الي حج الافراد و يأتي بالعمرة المفردة بعد الحج و الظاهر انه لا اشكال عندهم و لا خلاف في أصل المدعي.

الجهة الثالثة: في حدّ الضيق الموجب للعدول و فيه اقوال و منشأ الخلاف اختلاف النصوص و من تلك النصوص ما رواه الحلبي «1» و منها ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المتمتع يطوف بالبيت و يسعي بين الصفا و المروة ما ادرك الناس بمني «2» و منها ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتع يقدم مكة يوم التروية صلاة العصر تفوته المتعة فقال: لا له ما بينه و بين غروب الشمس و قال: قد صنع ذلك رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «3» و منها ما رواه علي بن

______________________________

(1) لاحظ ص 181.

(2) الوسائل: الباب 20 من أبواب اقسام الحج، الحديث 8.

(3) الوسائل: الباب 20 من أبواب اقسام الحج، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 273

______________________________

يقطين قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السّلام عن الرجل و المرأة يتمتعان بالعمرة الي الحج ثم يدخلان مكة يوم عرفة كيف يصنعان قال: يجعلانها حجة مفردة و حدّ المتعة الي يوم التروية «1» و ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن المرأة تدخل مكة متعة فتحيض قبل أن تحل متي تذهب متعتها قال: كان جعفر عليه السّلام يقول زوال الشمس من يوم التروية و كان موسي عليه السّلام يقول صلاة المغرب من يوم التروية فقلت جعلت فداك عامّة مواليك يدخلون يوم التروية و يطوفون و يسعون ثم يحرمون بالحج

فقال زوال الشمس فذكرت له رواية عجلان أبي صالح فقال: إذا زالت الشمس ذهبت المتعة فقلت فهي علي احرامها أو تجدد احرامها للحج فقال: لا هي علي احرامها قلت: فعليها هدي قال:

لا الا أن تحب أن تطوّع ثم قال: أما نحن فاذا رأينا هلال ذي الحجة قبل ان نحرم فاتتنا المتعة «2» و لا بد من العمل علي طبق هذه الرواية إذ لا يخلو الأمر من أحد أمرين إما يكون الجمع بين النصوص قابلا و يمكن ارتفاع التعارض و تكون النتيجة الاخذ بحديث ابن بزيع و إما لا يكون الجمع قابلا و يكون التعارض موجودا بينها لا بد من ترجيح أحد الطرفين فلا بد من الاخذ بحديث ابن بزيع لكونه أحدث.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من هذه الأبواب، الحديث 11.

(2) نفس المصدر، الحديث 14.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 274

[(مسألة 156): إذا علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن اتمام العمرة و ادراك الحج قبل أن يدخل في العمرة]

(مسألة 156): إذا علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن اتمام العمرة و ادراك الحج قبل أن يدخل في العمرة لم يجز له العدول من الأول بل وجب عليه تأخير الحج الي السنة القادمة (1).

[(مسألة 157): إذا أحرم لعمرة التمتع في سعة الوقت و أخّر الطواف و السعي متعمدا الي زمان لا يمكن الاتيان فيه بهما و ادراك الحج]

(مسألة 157): إذا أحرم لعمرة التمتع في سعة الوقت و أخّر الطواف و السعي متعمدا الي زمان لا يمكن الاتيان فيه بهما و ادراك الحج بطلت عمرته و لا يجوز له العدول الي الافراد علي الأظهر لكن الأحوط ان يعدل إليه و يتمها بقصد الأعم من حج الافراد و العمرة المفردة (2).

______________________________

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة إذ المفروض عدم امكان الاتيان بالوظيفة فلا يجوز الدخول في عمرة التمتع و أما جواز العدول في الفرض فيحتاج الي الدليل و الحال انّ الدليل يختص بالداخل في العمرة لاحظ ما رواه اسماعيل بن بزيع «1» و بعبارة اخري المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي انّ من يدخل في عمرة التمتع بمقتضي وظيفته إذا عرضه عارض مانع عن الاتمام يكون تكليفه التبديل و لا يشمل من يكون عالما بعدم الامكان قبل العمل هذا من ناحية و من ناحية اخري العدول خلاف القاعدة فلاحظ.

(2) الظاهر ان ما أفاده تام فانه ابطل عمرته متعمدا و دليل التبديل يختص بالعاجز لاحظ حديث ابن بزيع المتقدم آنفا فانه لا اطلاق فيه مضافا الي أن دليل الحكم الاضطراري لا يشمل الاضطرار المسبب عن الاختيار و الا يلزم ارتكاب

______________________________

(1) لاحظ ص 273.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 275

______________________________

جميع المحرمات بالاكراه أو الاضطرار المسببين عن الاختيار و هل يمكن الالتزام به كلا، إن قلت فما الوجه في جواز التيمم للصلاة حتي في فرض كون الاضطرار ناشيا عن الاختيار بأن

يريق الماء قلت هذا من باب ان الصلاة لا تسقط بحال فلا وجه للمقايسة بين المقامين الّا أن يقال انّ المفروض انه أراق الماء و دليل الحكم الاضطراري لا يشمل الاضطرار الاختياري فلا يلزم التيمم لكن الاحتياط طريق النجاة و لقائل أن يقول سلمنا عدم شمول الدليل للمقام و لا يجوز العدول و لكن ما المانع عن اتمام العمرة و يكتفي بالوقوف الاضطراري لعرفة أو يكتفي بالوقوف الاختياري للمشعر أو الاضطراري له إذ المفروض أنّ الوقوف الاضطراري قائم مقام الاختياري علي ما يأتي إن شاء اللّه تعالي، و قد ورد حديث من أدرك المشعر فقد أدرك الحج.

و يرد عليه انّ الكلام هو الكلام فانّ دليل أجزاء الوقوف الاضطراري يختص بالاضطرار الخارج عن الاختيار و هل يجوز تبديل عمرته بالمفردة الظاهر انه لا يجوز لعدم الدليل عليه فالنتيجة فساد عمرته و أيضا يفسد احرامه اذ الاحرام الصحيح ما يترتب عليه الاعمال و المفروض عدمه و إن شئت فقل ما الدليل دل علي بقاء الاحرام بصورة الصحة مع عدم العمل بالوظيفة و بعبارة أوضح لا يكون الاحرام عملا مستقلا في قبال بقية الاعمال بل يكون مرتبطا بها.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 276

[حج الافراد]

اشارة

حج الافراد مرّ علي انّ حج التمتع يتألف من جزءين هما عمرة التمتع و الحج و الجزء الأول منه متصل بالثاني و العمرة تتقدم علي الحج.

أما حج الافراد فهو عمل مستقل في نفسه واجب كما علمت علي من يكون الفاصل بين منزله و بين المسجد الحرام أقل من ستة عشر فرسخا و فيما إذا تمكن مثل هذا المكلف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضا، و عليه فاذا تمكن من أحدهما دون

الآخر وجب عليه ما يتمكن منه خاصة و إذا تمكن من احدهما في زمان و من الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كل وقت و اذا تمكن منهما في وقت واحد وجب عليه حينئذ الاتيان بهما و المشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم الحج علي العمرة المفردة و هو الاحوط (1).

______________________________

(1) قد تقدم الكلام حول انقسام الحج الي أقسام ثلاثة و ان العمرة داخلة في حج التمتع بخلاف القران و الافراد فان العمرة لا ترتبط بالحج فيهما و ان العمرة المفردة واجبة استقلالا بالنسبة الي من يكون وظيفته حج الافراد انما الكلام في أنه هل يلزم الاتيان بالحج قبل العمرة أم لا احتاط الماتن في تقديم الحج و هو المشهور بين القوم و ادعي عليه الاجماع و ربما يقال يستفاد المدعي من النصوص منها ما رواه معاوية «1» و منها ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القارن الذي

______________________________

(1) لاحظ ص 226.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 277

______________________________

يسوق الهدي عليه طوافان بالبيت و سعي واحد بين الصفا و المروة و ينبغي له أن يشترط علي ربّه إن لم تكن حجة فعمرة «1» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انما نسك الذي يقرن بين الصفا و المروة مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه الّا بسياق الهدي و عليه طواف بالبيت و صلاة ركعتين خلف المقام و سعي واحد بين الصفا و المروة و طواف بالبيت بعد الحج الحديث «2» و منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يكون القارن الّا

بسياق الهدي و عليه طوافان بالبيت و سعي بين الصفا و المروة كما يفعل الفرد فليس بافضل من المفرد الّا بسياق الهدي «3» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت و طوافان بين الصفا و المروة و يقطع التلبية من متعته اذا نظر الي بيوت مكة و يحرم بالحج يوم التروية و يقطع التلبية يوم عرفة حين تزول الشمس «4».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القارن لا يكون الّا بسياق الهدي و عليه طواف بالبيت و ركعتان عند مقام ابراهيم عليه السّلام و سعي بين الصفا و المروة و طواف بعد الحج و هو طواف النساء «5» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المفرد للحج عليه طواف بالبيت و ركعتان عند

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب اقسام الحج، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 10.

(4) نفس المصدر، الحديث 11.

(5) نفس المصدر، الحديث 12.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 278

______________________________

مقام ابراهيم عليه السّلام و سعي بين الصفا و المروة و طواف الزيارة و هو طواف النساء و ليس عليه هدي و لا اضحية قال: و سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال: نعم ما شاء و يجدّد التلبية بعد الركعتين و القارن بتلك المنزلة يعقدان ما احلا من الطواف بالتلبية «1» و لا دلالة في النصوص علي المدعي إذ لا يستفاد من الجمع بين الحج و العمرة بعطف الثاني علي الأول الّا مطلق الجمع و يؤيد المدعي ما أرسله الصدوق

قال: و قال: أمير المؤمنين عليه السّلام امرتم بالحج و العمرة فلا تبالوا بايّهما بدأتم «2» و مقتضي الاصل العملي عدم الاشتراط و الترتيب لكن مقتضي الاحتياط تقديم الحج كي لا يكون خلاف الشهرة و الاجماع المدعي.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 13.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب العمرة، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 279

[(مسألة 158): يشترك حج الافراد مع حج التمتع في جميع أعماله و يفترق عنه في أمور:]

(مسألة 158): يشترك حج الافراد مع حج التمتع في جميع أعماله و يفترق عنه في أمور:

أولا: يعتبر اتصال العمرة بالحج في حج التمتع و وقوعهما في سنة واحدة كما مر و لا يعتبر ذلك في حج الافراد.

ثانيا: يجب النحر أو الذبح في حج التمتع كما مر و لا يعتبر شي ء من ذلك في حج الافراد.

ثالثا: لا يجوز تقديم الطواف و السعي علي الوقوفين في حج التمتع مع الاختيار و يجوز ذلك في حج الافراد.

رابعا: انّ احرام حج التمتع يكون بمكة و أما الاحرام في حج الافراد فهو من احد المواقيت الآتية.

خامسا: يجب تقديم عمرة التمتع علي حجه و لا يعتبر ذلك في حج الافراد.

سادسا: لا يجوز بعد احرام حج التمتع الطواف المندوب علي الاحوط الوجوبي و يجوز ذلك في حج الافراد (1).

______________________________

(1) قد تعرض قدّس سرّه للفروق التي بين حج الافراد و حج التمتع منها اتصال العمرة بالحج في التمتع و قد تقدم ان عمرة التمتع داخلة في الحج و اما حج الافراد فلا يرتبط بالعمرة و لذا يمكن ان يكون احدهما واجبا علي مكلف و لم يكن الآخر واجبا عليه كما انه يمكن العكس بالنسبة الي مكلف آخر كما انه يمكن ان يكون كلاهما واجبا علي مكلف و في الفرض اذا أتي باحدهما دون الآخر يكون ممتثلا بالنسبة

الي ما أتي به و اثما بالنسبة الي ما تركه و ملخص الكلام انه لا ارتباط

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 280

______________________________

بين الامرين.

و منها أنه يجب النحر أو الذبح في حج التمتع كتابا و سنة و نتعرض لهما ان شاء اللّه تعالي فيما بعد و أما عدم وجوبهما في الافراد فلعدم الدليل عليه بل الدليل قائم علي عدم الوجوب لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها أنه لا يجوز تقديم الطواف و السعي علي الوقوفين في حج التمتع كما نتعرض له ان شاء اللّه تعالي و أما في حج الافراد فيجوز لدلالة النص لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مفرد الحج أ يعجل طوافه أو يؤخّره قال هو اللّه سواء عجله أو أخّره «2».

و ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المفرد للحج يدخل مكة يقدّم طوافه أو يؤخّره فقال: سواء «3»، و ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: هما سواء عجّل أو أخّر «4» و منها ان احرام حج التمتع من مكة و تبين وجهه ان شاء اللّه تعالي و أما حج الافراد فميقاته احد المواقيت الآتية التي يتعرض لها الماتن و نتعرض لادلة ذلك التفصيل ان شاء اللّه تعالي فانتظر و منها وجوب تقديم عمرة التمتع علي الحج و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ حديثي زرارة «5» و لا يجب تقديم الحج علي العمرة في الافراد و ان كان الاحوط و قد تقدم الكلام حول الفرع

______________________________

(1) لاحظ ص 277.

(2) الوسائل: الباب 14 من أبواب اقسام الحج، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) نفس

المصدر، الحديث 5.

(5) لاحظ ص 225.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 281

[(مسألة 159): إذا أحرم لحج الافراد ندبا جاز له أن يعدل الي عمرة التمتع]

(مسألة 159): إذا أحرم لحج الافراد ندبا جاز له أن يعدل الي عمرة التمتع الّا فيما اذا لبّي بعد السعي فليس له العدول حينئذ الي التمتع (1).

______________________________

و علي الجملة مقتضي القاعدة عدم وجوب رعاية الترتيب و لكن مقتضي الاحتياط رعاية ما عليه المشهور من تقديم الحج و منها عدم جواز الطواف المندوب بعد احرام حج التمتع و جوازه بعد احرام حج الافراد أما عدم الجواز في الأول فنتعرض لدليله عند تعرض الماتن للفرع و أما جوازه بعد احرام حج الافراد فهو علي مقتضي القاعدة الاولية مضافا الي النص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال: نعم ما شاء و يجدّد التلبية بعد الركعتين و القارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية «1».

(1) ادعي علي جواز العدول عدم الخلاف و الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لبّي بالحجّ مفردا ثم دخل مكة و طاف بالبيت و سعي بين الصفا و المروة قال: فليحلّ و ليجعلها متعة الا أن يكون ساق الهدي فلا يستطيع أن يحل حتي يبلغ الهدي محلّه «2» و مقتضي الحديث المشار إليه و أمثاله انه يجوز العدول بعد الاتيان بالطواف و السعي و مقتضي المتن الجواز علي الاطلاق و كيف يمكن الالتزام به مع انّ العدول علي خلاف القاعدة الأولية.

ثم انّ الماتن خصص الجواز بصورة عدم التلبية بعد السعي و الحال انّ المستفاد من

حديث اسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت و يسعي بين الصفا و المروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة قال: إن كان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب اقسام الحج، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 22 من أبواب الاحرام، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 282

______________________________

لبّي بعد ما سعي قبل أن يقصر فلا متعة له «1» ان المانع عن العدول التلبية بين السعي و التقصير و أما اذا كان بعده فلا فإنه حقق في محله ان القضية الشرطية لها المفهوم، ثم انّ للمسألة صورا:

الأولي: ان يحرم بالحج مفردا و لا يخطر بباله العدول الا أنه بعد الطواف و السعي يعرض له العدول و يدل علي جواز العدول في هذه الصورة حديث ابن عمّار المتقدم ذكره آنفا.

الثانية: أن يكون قاصدا من الاول للعدول و نقل عن المدارك الاشكال في جواز العدول في هذه الصورة لكن يدل علي جوازه ما رواه عبد اللّه بن زرارة قال:

قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام اقرأ منّي علي والدك السلام و قل انما اعيبك دفاعا منّي عنك فان الناس و العدوّ يسارعون الي كل من قرّبناه و حمدنا مكانه بادخال الاذي فيمن نحبّه و نقرّبه الي أن قال و عليك بالصلاة الستة و الأربعين و عليك بالحج ان تهلّ بالافراد و تنوي الفسخ اذا قدمت مكة فطفت و سعيت فسخت ما أهللت به و قلّبت الحج عمرة و أحللت الي يوم التروية ثم استأنف الاهلال بالحج مفردا الي مني و اشهد المنافع بعرفات و المزدلفة فكذلك حجّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هكذا أمر اصحابه ان

يفعلوا ان يفسخوا ما أهلّوا به و يقلبوا الحج عمرة و انما أقام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي احرامه لسوق الذي ساق معه فان السائق قارن و القارن لا يحلّ حتي يبلغ الهدي محلّه و محلّه النحر بمني فاذا بلغ احلّ هذا الذي امرناك به حج التمتع فالزم ذلك و لا يضيقن صدرك و الذي اتاك به أبو بصير من صلاة احدي و خمسين و الاهلال بالتمتع بالعمرة الي الحج و ما أمرنا به من أن يهل بالتمتع فلذلك عندنا معان و تصاريف لذلك ما يسعنا و يسعكم و لا يخالف شي ء من ذلك

______________________________

(1) الوسائل: الباب 19 من أبواب اقسام الحج، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 283

[(مسألة 160): إذا أحرم لحج الافراد و دخل مكة جاز له أن يطوف بالبيت ندبا]

(مسألة 160): إذا أحرم لحج الافراد و دخل مكة جاز له أن يطوف بالبيت ندبا و لكن يجب عليه التلبية بعد الفراغ من صلاة الطواف علي الأحوط (1).

______________________________

الحق و لا يضاده و الحمد للّه ربّ العالمين «1».

الثالثة: أن يريد البقاء علي حجه و لا يريد العدول و في هذه الصورة يجب تجديد التلبية لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل افرد للحج فلمّا دخل مكة طاف بالبيت ثم أتي أصحابه و هم يقصرون فقصر ثم ذكر بعد ما قصر أنه مفرد للحج فقال ليس عليه شي ء اذا صلّي فليجدد التلبية «2».

الرابعة: أن يكون قاصدا للبقاء و لم يأت بالتلبية بعد الطواف و مقتضي بعض النصوص انحلال احرامه لاحظ ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من طاف بالبيت و بالصفا و المروة احلّ احبّ أو كره «3» و

قال في الحدائق: و الاشهر الاظهر انقلاب حجه عمرة يتمتع بها الي الحج «4».

(1) يدل علي جواز الاتيان بالطواف المندوب ما رواه ابن عمّار «5» و أيضا يدل علي وجوب التلبية لكن الحديث يختص بصورة كون الطواف المندوب بعد طواف الفريضة فاسراء الحكم الي غير الصورة المشار إليها خلاف القاعدة لكن يظهر من بعض الكلمات دعوي الاجماع علي وجوبها مطلقا فيمكن أن وجوب الاحتياط في كلام الماتن ناشئا عنه و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب اقسام الحج، الحديث 11.

(2) الوسائل: الباب 11 من أبواب التقصير.

(3) الوسائل: الباب 5 من أبواب اقسام الحج، الحديث 5.

(4) الحدائق: ج 14 ص 404.

(5) لاحظ ص 281.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 284

[حج القران]

[(مسألة 161): يتحد هذا العمل مع حج الافراد في جميع الجهات]

حج القران (مسألة 161): يتحد هذا العمل مع حج الافراد في جميع الجهات غير ان المكلف يصحب معه الهدي وقت الاحرام و بذلك يجب الهدي عليه و الاحرام في هذا القسم من الحج كما يكون بالتلبية يكون بالاشعار أو بالتقليد و اذا احرم لحج القران لم يجز له العدول الي حج التمتع (1).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1» و لاحظ ما رواه الحلبي «2» فالنتيجة انه لا فرق بين الافراد و القران الا بسياق هدي و اما تحقق الاحرام باحدي الثلاثة فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

تقلّدها نعلا خلقا قد صليت فيها و الاشعار و التقليد بمنزلة التلبية «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يوجب الاحرام ثلاثة أشياء التلبية و الاشعار و التقليد فاذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد

احرم «4» و منها ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا كانت بدن كثيرة فأردت أن تشعرها دخل الرجل بين كل بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن و يشعر هذه من الشق الأيسر و لا يشعرها أبدا حتي يتهيأ للاحرام فانه اذا اشعرها و قلّدها وجب عليه الاحرام و هو

______________________________

(1) لاحظ ص 277.

(2) لاحظ ص 277.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 1، ص: 284

(3) الوسائل: الباب 12 من أبواب اقسام الحج، الحديث 11.

(4) نفس المصدر، الحديث 20.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 285

[في واجبات عمرة التمتع]

[الواجب الأول من واجبات عمرة التمتع الإحرام]

[مواقيت الاحرام]

اشارة

مواقيت الاحرام هناك أماكن خصصتها الشريعة الاسلامية المطهرة للاحرام منها و يجب أن يكون الاحرام من تلك الأماكن و يسمي كل منها ميقاتا و هي عشرة (1):

______________________________

بمنزلة التلبية «1» و أما عدم جواز عدوله الي التمتع فمضافا الي انه مقتضي الاصل الاولي اذ العدول خلاف الاصل و مضافا الي دعوي الاجماع علي عدم الجواز يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

أيما رجل قرن بين الحج و العمرة فلا يصلح الا أن يسوق الهدي قد اشعره و قلّده قال و إن لم يسق الهدي فليجعلها متعة «2».

(1) قال الطريحي الميقات هو الوقت المحدود للفعل و استعير للمكان و منه مواقيت الحج لمواضع الاحرام و قال الراغب في مفرداته و قد يقال الميقات للمكان الذي يجعل وقتا للشي ء كميقات الحج و أما وجوب الاحرام من احد المواقيت فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن

عمار «3».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 19.

(2) الباب 5 من أبواب اقسام الحج، الحديث 2.

(3) لاحظ ص 227.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 286

[1- مسجد الشجرة]
اشارة

1- مسجد الشجرة و يقع قريبا من المدينة المنورة و هو ميقات اهل المدينة و كل من أراد الحج عن طريق المدينة و يجوز الاحرام من خارج المسجد محاذيا له من اليسار أو اليمين و الأحوط الاحرام من نفس المسجد مع الامكان (1).

______________________________

(1) في المقام جهات من البحث:

الجهة الأولي: انّ مقتضي الصناعة تخصيص الميقات بمسجد الشجرة فإنه صرح في حديث الحلبي «1» و فسّر ذو الحليفة بمسجد الشجرة و لا اثر لما ذكر في حديث أبي أيوب الخراز قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: حدثني عن العقيق أوقت وقته رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أو شي ء صنعه الناس فقال: انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و وقّت لأهل المغرب الجحفة و هي عندنا مكتوبة مهيعة و وقّت لاهل اليمن يلملم و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل و وقّت لأهل نجد العقيق و ما انجدت «2» إذ بعد تفسير الكلمة في تلك الرواية بمسجد الشجرة لا يبقي مجال للأخذ بالكلمة في هذه الرواية كما هو ظاهر و مما ذكر يظهر انّ الصناعة تقتضي اختصاص الحكم بخصوص المسجد و بعبارة واضحة مقتضي ما يستفاد من ظهور نصوص الباب ما ذكرناه من الاختصاص و من الغريب من أفاده سيدنا الاستاد علي ما في تقريره الشريف من عدم لزوم الاحرام من نفس المسجد و في المقام حديث رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن

احرام أهل الكوفة و اهل خراسان و ما يليهم و اهل الشام و مصر من أين هو فقال: أما أهل الكوفة

______________________________

(1) لاحظ ص 227.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 287

______________________________

و خراسان و ما يليهم فمن العقيق و أهل المدينة من ذي الحليفة و الجحفة و أهل الشام و مصر من الجحفة و أهل اليمن من يلملم و أهل السند من البصرة يعني من ميقات أهل البصرة «1» و مقتضاه لأهل المدينة من ذي الحليفة و الجحفة و لا بد من رفع اليد عن اطلاق لفظ ذي الحليفة و اختصاص الميقات بالمسجد للنصوص الدالة عليه فلا بد من رفع اليد عن الاطلاق فالنتيجة التخير بين المسجد و الجحفة و هذا الحديث معارض بحديث ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسي عليه السّلام قال:

سألته عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة البرد و كثرة الأيام يعني الاحرام من الشجرة و أرادوا أن يأخذوا منها الي ذات عرق فيحرموا منها فقال: لا و هو مغضب من دخل المدينة فليس له أن يحرم الّا من المدينة «2» و حيث انه لا يميز الاحدث يسقطان عن الاعتبار و لا بد من الاقتصار علي مسجد الشجرة لكن حديث ابراهيم ضعيف بجعفر بن محمد بن حكيم فيبقي التخيير علي حاله و يدل علي التخيير أيضا حديثان آخران احدهما ما رواه معاوية بن عمّار أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل من أهل المدينة احرم من الجحفة فقال لا بأس «3».

و ثانيهما: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام من أين يحرم الرجل إذا جاوز الشجرة فقال: من الجحفة

و لا يجاوز الجحفة الّا محرما «4» و يدل علي المدعي ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام خصال عابها عليك اهل مكّة قال: و ما

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 8 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 6 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 288

______________________________

هي قلت قالوا احرم من الجحفة و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم احرم من الشجرة قال: الجحفة أحد الوقتين فاخذت بادناهما و كنت عليلا «1».

الجهة الثانية: ان مسجد الشجرة ميقات لكل من أراد الحج من طريق المدينة و يدل عليه مضافا الي السيرة الخارجية ما رواه صفوان بن يحيي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: كتبت إليه أن بعض مواليك بالبصرة يحرمون ببطن العقيق و ليس بذلك الموضع ماء و لا منزل و عليهم في ذلك مئونة شديدة و يعجلهم اصحابهم و جمالهم و من وراء بطن العقيق بخمسة عشر ميلا منزل فيه ماء و هو منزلهم الذي ينزلون فيه فتري ان يحرموا من موضع الماء لرفقه بهم و خفقته عليهم فكتب ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وقت المواقيت لاهلها و من أتي عليها من غير أهلها و فيها رخصة لمن كانت به علة فلا تجاوز الميقات الّا من علة «2».

الجهة الثالثة: في أنه هل يجوز الاحرام من خارج المسجد محاذيا له أم لا قال السيد الحكيم قدّس سرّه في هذا المقام بل في جامع المقاصد جواز الموضع كله لا يكاد يدفع و العمدة فيه ان الظاهر من توقيت الميقات إرادة الاحرام منه بلحاظ البعد

عن مكة فلا يتجاوزه بلا احرام لا اعتبار المكان الخاص في مقابل جانبيه انتهي موضع الحاجة من كلامه و الانصاف انه تخرص بالغيب مثلا لو قال المولي سر من النجف الي كربلاء لا بدّ أن يكون مسيرك من النجف هل يمكن ان يقال يكفي كون بلد السير من محاذي النجف كلا و هذا العرف ببابك و هل يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الصدوق: الّا أنه قال: و هو مسجد الشجرة كان يصلي فيه و يفرض الحج فاذا خرج

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب المواقيت، الحديث 4.

(2) الوسائل: الباب 15 من هذه الأبواب، لا حديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 289

[(مسألة 162): لا يجوز تأخير الاحرام من مسجد الشجرة الي الجحفة الّا لضرورة]

(مسألة 162): لا يجوز تأخير الاحرام من مسجد الشجرة الي الجحفة الّا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع (1).

______________________________

من المسجد و سار و استوت به البيداء حين يحاذي الميل الأوّل احرم «1».

الظاهر انه مشكل إذ يمكن أن يكون الجواز من الاحكام المخصوصة به أرواحنا فداه و مع الاحتمال المذكور كيف يمكن الحكم بالجواز بالنسبة الي عامة المكلفين مضافا الي انّ الظاهر انّ ما رواه الصدوق عين ما رواه الكليني و لذا يقول الحر قدّس سرّه و رواها الصدوق و عليه تكون النسخة مختلفة و مع اختلاف النسخة لا يبقي مجال للاستدلال بما رواه الصدوق للمعارضة الا أن يقال انه مع دوران الامر بين الزيادة و النقيصة لا بدّ من الاخذ بالزيادة لكن الظاهر تعدد الحديث فاما يكون حديث الصدوق مجملا للتنافي بين الصدر و الذيل فان المستفاد من الصدر انه صلّي اللّه عليه و آله احرم من المسجد و من الذيل يستفاد انه احرم من المحاذي في البيداء فلا

يمكن الاخذ به و اما يكون معارضا لحديث الكليني و حيث انّ الاحدث غير معلوم لا بدّ من الاقتصار علي المسجد لوضوح الامر و جريان السيرة عليه و لعلّه لما ذكرنا افتي سيدي الوالد قدّس سرّه بلزوم كون الاحرام من نفس المسجد فالحق انه لا مجال للجزم بجواز المحاذاة و الاحتياط الاستحبابي بل لا اقل من ايجاب الاحتياط.

(1) المعروف بين القوم علي ما نقل عنهم عدم الجواز و يدل علي المدعي ما رواه معاوية بن عمّار «2» و لكن لا يمكن الاعتماد علي هذه الرواية بالنسبة الي الحكم المذكور بعد ثبوت التخيير المستفاد من حديث ابن جعفر و لا تنافي بين حديث ابن جعفر و حديث ابن عمار و حديث الحلبي «3» كما هو ظاهر و أما جواز التأخير من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من المواقيت، الحديث 4.

(2) لاحظ ص 277.

(3) لاحظ ص 287.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 290

[2- وادي العقيق]
اشارة

2- وادي العقيق و هو ميقات اهل العراق و نجد و كل من مرّ عليه من غيرهم و هذا الميقات له أجزاء ثلاثة المسلخ و هو اسم لأوله و الغمرة و هو اسم لوسطه و ذات عرق و هو اسم لآخره و الأحوط الاولي ان يحرم المكلف قبل أن يصل ذات عرق فيما اذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض (1).

______________________________

باب العذر فما يمكن ان يستدل به عليه ما رواه الحضرمي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

اني خرجت بأهلي ماشيا فلم أهل حتي أتيت الجحفة و قد كنت شاكيا فجعل أهل المدينة يسألون عني فيقولون لقيناه و عليه ثيابه و هم لا يعلمون و قد رخص رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله

و سلّم لمن كان مريضا أو ضعيفا أن يحرم من الجحفة «1» و الحديث ضعيف به و لكن جواز التأخير الي الجحفة يستفاد من جملة من النصوص كما تقدم فيجوز بلا عذر فكيف مع العذر و هل يمكن اثبات الجواز بقاعدة نفي الحرج أو الضرر علي مسلك القوم الظاهر انه لا يمكن اذ غاية ما يستفاد من القاعدة رفع الحكم الحرجي أو الضرري و اما اثبات البدل للمرفوع فلا يستفاد منهما نعم في باب الصلاة نلتزم بوجوب الميسور فيها من باب ان الصلاة لا تسقط بحال و علي هذا الاساس لو كان المكلف معذورا عن الاحرام عن الميقات فمقتضي القاعدة سقوط وجوب الحج عنه.

(1) أما كونه ميقاتا لأهل العراق فتدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «2» و منها ما رواه علي بن جعفر «3» و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام أيضا قال: سألته عن احرام أهل الكوفة و خراسان و من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب المواقيت، الحديث 5.

(2) لاحظ ص 227.

(3) لاحظ ص 287.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 291

______________________________

يليهم و اهل مصر من أين هو قال احرام اهل العراق من العقيق و من ذي الحليفة و اهل الشام من الجحفة و اهل اليمن من قرن و اهل السند من البصرة أو مع أهل البصرة «1» و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام أيضا قال: سألته عن المتعة في الحج من أين احرامها و احرام الحج قال: وقت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لاهل العراق من العقيق و لاهل المدينة و من

يليها من الشجرة و لاهل الشام و من يليها من الجحفة و لاهل الطائف من قرن و لاهل اليمن من يلملم فليس لاحد أن يعدو من هذه المواقيت الي غيرها «2» و منها ما في الأمالي قال: انّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وقّت لأهل العراق العقيق و وقت لاهل الطائف قرن المنازل و وقت لاهل اليمن يلملم و وقت لاهل الشام المهيعة و هي الجحفة و وقت لاهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة «3» و أما كونه ميقاتا لاهل نجد فتدل عليه أيضا جملة من النصوص منها ما رواه رفاعة بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: وقت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم العقيق لاهل نجد و قال هو وقت لما انجدت الارض و انتم منهم و وقت لاهل الشام الجحفة و يقال لها المهيعة «4» لكن يستفاد من حديث عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: وقت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لاهل المشرق العقيق نحوا من بريدين ما بين بريد البغث الي غمرة و وقت لاهل المدينة ذا الحلفة و لاهل نجد قرن المنازل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب المواقيت، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 9.

(3) نفس المصدر، الحديث 11.

(4) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 292

______________________________

و لاهل الشام الجحفة و لاهل اليمن يلملم «1» ان ميقات اهل نجد قرن المنازل فيقع التعارض بين الطرفين.

ان قلت لا تعارض بين الاثباتين كما هو المشهور فما المانع ان نلتزم بجواز الاحرام من كلا الميقاتين.

قلت: لا اشكال في انّ المستفاد من النصوص

بحسب الفهم العرفي انها في مقام التحديد و تدل بالمفهوم علي عدم كون غير ما ذكر ميقاتا و بعبارة اخري لا يكون مفادها مجرد الاثبات و حيث انه لم يميز الاحدث عن السابق يتساقطان فلا بد من العمل علي مقتضي الاحتياط و لقائل أن يقول ما المانع عن تخصيص مفهوم احد الطرفين بمنطوق الطرف الآخر كما انّ الأمر كذلك في قولهم اذا خفي الاذان فقصر و اذا خفيت الجدران فقصر فالنتيجة كفاية الجامع و أما كونه ميقاتا لمن يمر عليه فيدل عليه ما رواه صفوان بن يحيي «2».

ثم أنه يقع الكلام في تحديد وادي العقيق من حيث المبدأ و المنتهي و النصوص بالنسبة الي هذه الجهة مختلفة فلا بد من ملاحظتها و يقع الكلام تارة في أوله و اخري في آخره أما بالنسبة الي اوله فيدل حديث أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: حدّ العقيق اوّله المسلخ و آخره ذات عرق «3» علي كون المسلخ أوله و يعارض الحديث مرسل الصدوق قال: قال الصادق عليه السّلام: أوّل العقيق بريد البغث

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) لاحظ ص 288.

(3) الوسائل: الباب 2 من أبواب المواقيت، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 293

______________________________

و هو بريد من دون بريد غمرة «1».

و مثله في عدم الاعتبار ما رواه يونس بن عبد الرحمن قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السّلام انا نحرم من طريق البصرة و لسنا نعرف حدّ عرض العقيق فكتب احرم من وجرة «2» و يستفاد من حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أوّل العقيق بريد البعث و هو دون المسلخ بستة أميال ممّا يلي العراق و بينه

و بين غمرة أربعة و عشرون ميلا بريدان «3» ان أول العقيق بريد البعث فيقع التعارض بين الجانبين و لا مجال لان يقال انه لا تعارض بين النصوص إذ يمكن ان الامام عليه السّلام في مقام بيان اسم المكان لا في مقام تعيين الميقات فانه خلاف الظاهر إذ الظاهر انّ الامام ارواحنا فداه في مقام بيان الحكم الشرعي.

و الذي يختلج بالبال ان يقال حيث ان الاحدث من الحديثين غير معلوم لا بدّ من العمل علي طبق الاصل العملي فاذا وصل الي الحد الأول يحكم بعدم وصوله الي الميقات بمقتضي الاستصحاب و اذا وصل الي الحد الثاني يحرز وصوله الي الميقات في زمان و يشك في تجاوزه عنه يحكم بمقتضي الاستصحاب ببقائه عنده فيحرم بل يستفاد من حديث الحميري انه كتب الي صاحب الزمان عليه السّلام يسأله عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء و يكون متصلا بهم يحج و يأخذ عن الجادة و لا يحرم هؤلاء من المسلخ فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخّر احرامه الي ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة أم لا يجوز الا أن يحرم من المسلخ فكتب إليه في الجواب يحرم من

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 294

[(مسألة 163): يجوز الاحرام في حال التقية قبل ذات عرق سرا]

(مسألة 163): يجوز الاحرام في حال التقية قبل ذات عرق سرا من غير نزع الثياب الي ذات عرق فاذا وصل ذات عرق نزع ثيابه و لبس ثوبي الاحرام هناك (1).

______________________________

ميقاته ثم يلبس الثياب و يلبّي في نفسه فاذا بلغ الي ميقاتهم اظهره «1» ان الميقات المسلخ ليس غيره و الرواية تامة سندا اذ الظاهر من الأخبار هو الحسي و مقتضاه

ان الطبرسي بنفسه شاهد كتاب الحميري فتكون الرواية معتبرة و اما من حيث الدلالة فيظهر منه انّ الميقات هو المسلخ و يستفاد من الحديث ان لبس المخيط و إن كان حراما لكن لا بأس به بلحاظ التقية فلا بد من العمل بها لأنها أحدث و أما بالنسبة الي آخره فالظاهر انه لا اثر للبحث عنه إذ علي ما تقدم منا ان المستفاد من حديث الحميري ان الميقات هو المسلخ و مع قطع النظر عن هذه الجهة يكون الكلام بالنسبة الي آخر العقيق مثل الكلام الذي تقدم بالنسبة الي أوله أي بعد التعارض يكون مقتضي الاصل عدم وصوله إليه بمقتضي الاستصحاب و بعد وصوله الي الحد الثاني يعلم بكونه و اصلا الي انتهاء الحد و بمقتضي الاستصحاب يحكم ببقائه فيه فلاحظ فتحصل مما ذكرنا انّ مقتضي القاعدة لزوم الاحرام في المسلخ و لا يجوز التأخير بلا فرق بين حال التقية و عدمها و بلا فرق بين حال المرض و عدمه و اذا اوجب التقية أو المرض التأخير يلزم أن يكون الحكم بالجواز مستندا الي دليل.

(1) الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان يقال يقع الكلام في المقام تارة بالنسبة الي ترك لبس ثوبي الاحرام و اخري بالنسبة الي لبس المخيط المحرم علي المحرم اما بالنسبة الي الأول فلا بد من قيام دليل علي جوازه و الّا يشكل الامر فانه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب الميقات، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 295

[3- الجحفة]

3- الجحفة و هي ميقات اهل الشام و مصر و المغرب و كل من يمر عليها من غيرهم اذا لم يحرم من الميقات السابق عليها (1).

______________________________

لو استفيد من الدليل ان لبس الثوبين

من واجبات الحج و ان لم يكن مفهوما للاحرام لا بد من الاتيان به و عدم امكانه يسقط وجوب الحج و إن شئت فقل دليل جواز التقية لا يقتضي كون العمل الصادر عنها بدلا عن العمل الواجب الاختياري فيلزم قيام دليل عليه و أما بالنسبة الي الثاني فيمكن القول بأنه لا يضر بالحكم إذ حرمة لبس المخيط علي المحرم يتوقف علي الاحرام و ما دام لم يحرم لا يكون حراما عليه و بعبارة اخري النهي عن لبس المخيط لا يتوجه الّا بعد تحقق الاحرام فلا مانع عن الاحرام غاية الأمر انه بعد تحقق الاحرام يتحقق و موضوع الحرمة و المفروض ان مقتضي الرفع أي رفع الحرمة بلحاظ التقية أو المرض عدم الحرمة هذا كله بمقتضي القاعدة الاولية و لكن قد ظهر مما تقدم انّ مقتضي حديث الحميري لزوم الاحرام من المسلخ و جواز لبس المخيط لاجل التقية و الظاهر من الحديث انّ المكلف يجب عليه ان يحرم من المسلخ و يلبس ثوبي احرامه و يلبس فوقهما لباسه المخيط و بعد وصوله الي ذات عرق يظهر ما اخفاه و اللّه العالم.

(1) أما كون الجحفة ميقاتا للمذكورين فمضافا الي عدم الخلاف المدعي في المقام يدل عليه من النصوص ما رواه أبو أيوب الخراز «1».

فانه يدل علي المدعي بالنسبة الي اهل المغرب و مثله ما رواه معاوية بن

______________________________

(1) لاحظ ص 286.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 296

[4- يلملم]

4- يلملم و هو ميقات اهل اليمن و كل من يمرّ من ذلك الطريق و يلملم اسم لجبل (1).

______________________________

عمّار «1» و لاحظ ما رواه الحلبي «2» فانه يدل علي انها ميقات لاهل الشام و لاحظ ما رواه علي بن جعفر

«3» فانه يدل علي كونها ميقاتا لاهل الشام و مصر و اما جواز الاحرام لمن يمرّ عليها فيدل عليه ما رواه صفوان بن يحيي «4».

(1) مضافا الي دعوي عدم الخلاف تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو أيوب الخراز «5» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «6» و منها ما رواه الحلبي «7» و منها ما رواه علي بن جعفر «8» و منها ما رواه عمر بن يزيد «9» و منها ما رواه علي بن جعفر «10» و منها ما في الأمالي «11» و منها ما في كتاب المقنع قال: وقّت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لاهل الطائف قرن المنازل و لاهل اليمن يلملم و لاهل الشام

______________________________

(1) لاحظ ص 227.

(2) لاحظ ص 227.

(3) لاحظ ص 287.

(4) لاحظ ص 288.

(5) لاحظ ص 286.

(6) لاحظ ص 227.

(7) لاحظ ص 227.

(8) لاحظ ص 286.

(9) لاحظ ص 291.

(10) لاحظ ص 291.

(11) لاحظ ص 291.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 297

[5- قرن المنازل]

5- قرن المنازل و هو ميقات اهل الطائف و كل من يمرّ من ذلك الطريق و لا يختص بالمسجد فأي مكان يصدق عليه انه من قرن المنازل جاز له الاحرام منه فإن لم يتمكن من احراز ذلك فله أن يتخلص بالاحرام قبلا بالنذر كما هو جائز اختيارا (1).

______________________________

المهيعة و هي الجحفة و لاهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة و لاهل العراق العقيق «1».

و يعارض هذه النصوص ما رواه علي بن رئاب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الاوقات التي وقتها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم للناس فقال: ان رسول اللّه صلّي اللّه

عليه و آله و سلّم وقّت لاهل المدينة ذا الحليفة و هي الشجرة و وقّت لاهل الشام الجحفة و وقّت لأهل اليمن قرن المنازل و لاهل نجد العقيق «2» فان المستفاد من الحديث انّ ميقات اهل اليمن قرن المنازل و لكن الترجيح بالأحدثية مع ما يدل علي انّ ميقات أهل اليمن يلملم لاحظ ما رواه ابن جعفر المتقدم آنفا و أما كونه ميقاتا لمن يمر عليه فقد تقدم وجهه و أما كون يلملم اسما لجبل فيدل عليه ما عن القاموس.

(1) أما كونه ميقاتا لاهل الطائف فمضافا الي دعوي عدم الخلاف فيه تدل علي المدعي جملة من النصوص المتقدمة قريبا منها ما رواه أيّوب الخراز و منها ما رواه معاوية بن عمار و منها ما رواه الحلبي و منها ما رواه علي بن جعفر و منها

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب المواقيت، الحديث 12.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 298

[6- مكة القديمة]

6- مكة القديمة في زمان الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و التي حدها من عقبة المدنيين الي ذي طوي و هي ميقات حج التمتع (1).

______________________________

ما رواه في الأمالي «1» و أما كونه ميقاتا لمن يمرّ عليه فقد تقدم ان الدليل الدال عليه حديث صفوان و اما عدم اختصاص الميقاتية بالمسجد فلأن الحكم مترتب في لسان الدليل علي عنوان قرن المنازل و طريق التخلص كما في المتن ان يحرم قبلا بالنذر و ملخص الكلام الامر دائر بين الاحرام من مكان يحرز المكلف انه يصدق عليه عنوان قرن المنازل و بين ان يحرم قبلا بالنذر.

(1) قد ادعي عليه عدم الخلاف و الاجماع و السيرة جارية عليه و أما النصوص فقد

اختلفت فإنه يستفاد من بعضها لزوم كون الاحرام من المسجد الحرام و يكون عند مقام ابراهيم أو في حجر اسماعيل لاحظ حديث معاوية بن عمار «2» و لا يجب الاحرام بالقيد المذكور قطعا فانه خلاف السيرة و خلاف المرتكز عند المتشرعة و بعبارة اخري مقتضي الصناعة لزوم العمل بالحديث مراعيا للقيد المذكور فيه و لا مجال لحمله علي الاستحباب جمعا بينه و بين ما يعارضه فانه جمع تبرعي لا يصار إليه و يستفاد من بعضها جواز الاحرام من مكة علي الاطلاق لاحظ حديث الصيرفي «3» و المستفاد من الحديث انه لا خصوصية لموضع خاص بل اللازم الاحرام من مكة من أي موضع منها و ليس المراد من الطريق طريق عرفات لانه قد استفيد من جملة من النصوص ان المكلّف بعد اتيانه بعمرة التمتع يجب عليه البقاء في مكة و لا يجوز له الخروج عنها الّا في صورة الاتيان بالحج فانه محتبس بالحج و ان

______________________________

(1) لاحظ ص 296.

(2) لاحظ ص 264.

(3) لاحظ ص 263.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 299

______________________________

أبيت و قلت مقتضي الاطلاق جوازه فيما يكون خارجا عن مكة و كان في طريق عرفات قلت يعارضه ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام من أيّ المسجد احرم يوم التروية فقال: من أي المسجد شئت «1».

و أيضا يعارضه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا أردت أن تحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين اردت أن تحرم الي أن قال ثم ائت المسجد الحرام فصلّ فيه ست ركعات قبل أن تحرم و تقول اللهم اني أريد الحج الي أن قال احرم لك شعري و بشري

و لحمي و دمي، الحديث «2» و لا يميز الأحدث منها فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن و هو المسجد الحرام.

ثم انّ الماتن أفاد انّ المراد من مكة هي القديمة في زمان الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و التي حدها من عقبة المدنيين الي ذي طوي و الظاهر انه استند فيما ادعاه الي حديث معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام اذا دخلت مكة و انت متمتع فنظرت الي بيوت مكة فاقطع التلبية و حدّ بيوت مكة التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيّين فإنّ الناس قد احدثوا بمكة ما لم يكن فاقطع التلبية و عليك بالتكبير و التهليل و التحميد و الثناء علي اللّه عزّ و جلّ بما استطعت «3» و ما رواه البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام انه سئل عن المتمتع متي يقطع التلبية قال: اذا نظر الي عراش مكة عقبة ذي طوي قلت: بيوت مكة قال: نعم «4» و ما رواه أبو خالد مولي علي و ابن يقطين

______________________________

(1) الوسائل: الباب 21 من أبواب المواقيت، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 21 من المواقيت، الحديث 4.

(3) الوسائل: الباب 43 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 300

______________________________

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمّن احرم من حوالي مكة من الجعرانة و الشجرة من أين يقطع التلبية قال: يقطع التلبية عند عروش مكة و عروش مكة ذي طوي «1» بتقريب انّ المستفاد من هذه الطائفة ما ادعاه و الذي يختلج بالبال ان يقال انّ دعوي ان المراد من مكة القديمة في زمان الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم

لا شاهد عليه اصلا و بلا دليل و لا يستفاد من حديث ابن عمّار الحدّ المدعي فانه قد فرض في كلامه ارواحنا فداه دخول المكلف مكة و بعد فرض دخوله اذا رأي بيوتها يقطع التلبية فتكون مكة أوسع من المقدار المذكور في كلامه نعم لا اشكال في انّ المراد من مكة في كلام الامام عليه السّلام الفرد الخارجي و لا يكون علي نحو القضية الحقيقة بل اشارة الي الموجود الخارجي في زمانه و عصره لا عصر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لقائل أن يقول انه لا فرق بين ما يستفاد من كلام النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و بين ما يستفاد من كلام أوصيائه مخازن الوحي أرواحنا فداهم و بعبارة واضحة المراد من كلمة مكة مفهوم مشترك بين كلامه و بين ما صدر عن أوليائه و اصفيائه و توضيح المدعي يتوقف علي تقديم مقدمة و هي انّ القضايا الصادرة عن الموالي أو عن كل متكلم علي انحاء:

النحو الأول: أن تكون حقيقية محضة كما لو قال المولي يجب اكرام العالم أو قال يجب الحج علي المستطيع و مثلهما غيرهما فان القضية علي النحو المذكور حقيقية و لا نظر فيها الي الخارج و مرجعها الي قضية شرطية أي لو وجد عالم في الخارج يجب اكرامه و يمكن ان لا يوجد عالم فيه الي الابد كما انّ مرجع الجهة الثانية الي قوله ان وجد في الخارج مستطيع يجب عليه الحج و يمكن أن لا يوجد مستطيع فيه الي الأبد و هكذا.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 301

______________________________

النحو الثاني: أن تكون القضية خارجية محضة كقوله قتل من

العسكر، فانها ناظرة الي من في الخارج في اطار خاص و دائرة مخصوصة و ليس فيها شائبة الحقيقية.

النحو الثالث: ما يكون وسطا بين النحوين السابقين أي بلحاظ تكون خارجية و بلحاظ آخر تكون حقيقية و قبل بيان المدعي ننبه بنكتة و هي ان الواضع حين يضع اللفظ للمعني يعتبر الموضوع له لا بشرط بالنسبة الي العوارض التي تعرض للموضوع له بلا فرق بين أسماء الأجناس و أسماء الأشخاص مثلا يضع لفظ الانسان للحيوان الناطق بنحو لا بشرط بالنسبة الي عوارضه التي تكون قابلة ان يعرضه و كذلك اذا وضع زيدا اسما لابنه يلاحظ الموضوع له بنحو لا بشرط و قس عليه جميع الموارد فاذا وضع لفظ مكة اسما لتلك البلدة المكرمة يكون الموضوع له ملحوظا علي نحو لا بشرط بالنسب الي العوارض التي تعرض لتلك البلدة فلا فرق في صدق الموضوع و الاسم علي تلك البلد بين كونها باردة أو حارة و بلا فرق بين كونه وسيعة أو ضيقة و هكذا فلو ترتب حكم علي تلك البلدة بذلك العنوان و المفهوم الذي اخذ و لوحظ في مقام الوضع يجري عليها علي الاطلاق فالقضية خارجية من حيث كون البلدة موجودا خارجيا و حقيقية بلحاظ الاطلاق و سريان الحكم أين ما سري العنوان و الذي يوضح المدعي انه لو قال المولي لعبده لا تنظر الي جزء من أجزاء تلك المرأة الخارجية لا يجوز للعبد النظر الي شعر تلك المرأة أعم من أن يكون نابتا في زمان التكليف أو نابتا بعد ذلك، فالنتيجة انّ الأحكام المترتبة علي عنوان مكة تجري عليها علي الاطلاق فلا وجه لان يقال المراد من مكة القديمة و بعبارة واضحة اذا قلنا المراد في

قولهم عليهم السّلام- مكة- علي نحو القضية الحقيقية يكون

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 302

______________________________

صحيحا كما ان المراد لو قلنا القضية خارجية أيضا يكون تاما غاية الامر ان كل واحد منهما باعتبار و لا تناقض بين الكلامين و يتفرع علي هذا التقريب اثر مهم في الحج فالنتيجة انه لا بد من تحقق الاحرام من المسجد الحرام اللهم الا أن يتحقق اجماع تعبدي كاشف عن عدم وجوب رعاية الشرط المذكور قال السيد الحكيم قدّس سرّه في هذا المقام أي في مقام كون الاحرام من مكة اجماعا كما قيل بل حكي عن جماعة و النصوص و إن كانت غير وافية به فان اكثرها تضمن المسجد و لا اشكال في عدم وجوبه و في بعضها التخيير بين المسجد و الطريق و الرحل و هو أيضا غير واجب الي آخر كلامه زيد في علو مقامه و قال في الحدائق الرابع ان يحرم بالحج من بطن مكة و افضله المسجد و افضله المقام أو الحجر و قد اجمع علماؤنا كافة علي ان ميقات حج التمتع مكة «1» انتهي موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه و لنا أن نقول ان الوارد في النصوص المشار إليها أما لفظ المسجد أو الرحل أو الطريق و لم يرد فيها لفظ الميقات كي يقال لا بد من احرازه و مقتضي الاصل عدمه الّا في الموضع الذي يكون صدقه مسلما و عليه يدخل المقام في باب دوران الامر بين الاقل و الاكثر و قد حقق في محله من الأصول جريان البراءة بالنسبة الي الزائد فنقول لا اشكال في وجوب الاحرام في مكة أو الأعم منها و الطريق و أما الزائد عليه و هو

اشتراط كونه في المسجد أو في الحجر أو عند المقام فكلها مورد الشك و مقتضي البراءة عدم الوجوب و إن شئت فقل ليس الشك في الفراغ بعد العلم بالاشتغال كي يكون مقتضي الاصل لزوم الاحتياط بل الشك في المقدار الذي تكون الذمة مشغولة به و هذا مورد البراءة علي ما هو المقرر إن قلت ان المستفاد من حديث معاوية بن

______________________________

(1) الحدائق: ج 14 ص 359.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 303

[7- المنزل الذي يسكنه المكلف]

7- المنزل الذي يسكنه المكلف و هو ميقات من كان منزله دون الميقات الي مكة فإنه يجوز له الاحرام من منزله و لا يلزم عليه الرجوع الي المواقيت (1).

______________________________

عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من تمام الحج و العمرة أن تحرم من المواقيت التي وقتها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا تجاوزها و انت محرم، الحديث «1» ان الواجب الاحرام من الميقات قال عليه السّلام: ان من تمام الحج و العمرة ان تحرم من المواقيت التي وقتها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا تجاوزها الّا و أنت محرم فلا بد من الاحتياط كي يحصل العلم بفراغ الذمّة قلت: عنوان الميقات ينتزع من الموضع الذي يجب ان يحرم فيه هذا من ناحية و من ناحية اخري قد استفيد من النصوص وجوب الاحرام من تلك المواضع فالواجب مردد بين الامور المذكورة و لا أمر من قبل المولي بالاحرام في غير المذكورات فالامر كما تقدم فلاحظ و هذا التقريب الذي ذكرناه أبداه احد جلساء البحث و نعم ما أفاده.

(1) مضافا الي دعوي عدم الخلاف و الاجماع تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية

بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كان منزله دون الوقت الي مكة فليحرم من منزله «2»، قال و قال في حديث آخر اذا كان منزله دون الميقات الي مكة فليحرم من دويرة اهله «3».

و منها ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا كان منزل الرجل دون ذات

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 17 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 304

______________________________

عرق الي مكة فليحرم من منزله «1» و منها ما رواه أبو سعيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عمن كان منزله دون الجحفة الي مكة قال: يحرم منه «2» و منها ما رواه رباح بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يروون ان عليا عليه السّلام قال: ان من تمام حجك احرامك من دويرة أهلك فقال: سبحان اللّه لو كان كما يقولون لم يتمتع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بثيابه الي الشجرة و انما معني دويرة أهله من كان أهله وراء الميقات الي مكة «3» قال: و سئل الصادق عليه السّلام عن الرجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم قال: من منزله «4» قال: و في خبر آخر من كان منزله دون المواقيت ما بينه و بين مكة فعليه أن يحرم من منزله «5».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و من كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فميقاته منزله «6» و منها ما رواه رياح قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام انا نروي

أن عليا عليه السّلام قال: ان من تمام الحج و العمرة أن يحرم الرجل من دويرة أهله فقال: قد قال ذلك علي عليه السّلام لمن كان منزله خلف هذه المواقيت، الحديث «7».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 7.

(6) نفس المصدر، الحديث 8.

(7) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 305

[8- الجعرانة]

8- الجعرانة و هي ميقات أهل مكة لحج القران و الافراد و في حكمهم من جاور مكة بعد السنتين فإنه بمنزلة اهلها و أما قبل ذلك فحكمه كما تقدم في المسألة (146) (1).

______________________________

(1) يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج «1» فان الحديث يدل بوضوح علي انّ ميقات اهلها مكة و من يلحق بهم الجعرانة و ان الاحرام من مكة مخصوص بمن تكون له المتعة و يدل عليه أيضا ما رواه أبو الفضل قال: كنت مجاورا بمكة فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام من أين أحرم بالحج فقال: من حيث احرم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من الجعرانة أتاه في ذلك المكان فتوح فتح الطائف و فتح خيبر و الفتح فقلت متي أخرج قال: إن كنت صرورة فاذا مضي من ذي الحجة يوم فاذا كنت قد حججت قبل ذلك فاذا مضي من الشهر خمس «2».

و ربما يقال ان ميقات اهل مكة و من يلحق بهم نفس مكة و الذي يمكن أن يذكر في تقريبه وجهان:

الوجه الأول: ان المستفاد من الاخبار الدالة علي من كان منزله دون الميقات ميقاته منزله فيكون حكم المكي كذلك.

و يرد عليه انه لو أريد من التقريب ان تلك الروايات

تشمل أهالي مكة حيث ان منزلهم دون الميقات فهو غير تام إذ العنوان المأخوذ في الدليل لا يشمل أهالي مكة كما نسب الي صاحبي الحدائق و الجواهر بل مخصوص بمن يكون منزله واقعا بين الميقات و مكة و الذي يوضح المدعي ما رواه معاوية بن عمّار «3» فانه يستفاد من

______________________________

(1) لاحظ ص 252.

(2) الوسائل: الباب 9 من أبواب اقسام الحج، الحديث 6.

(3) لاحظ ص 227.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 306

[9- محاذاة مسجد الشجرة]

9- محاذاة مسجد الشجرة فإنّ من اقام بالمدينة شهرا أو نحوه و هو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة فاذا سار ستة أميال كان محاذيا للمسجد و يحرم من محل المحاذاة و في التعدي عن محاذاة مسجد الشجرة الي محاذاة غيره من المواقيت بل عن خصوص المورد المذكور اشكال بل الظاهر عدم التعدي إذا كان الفصل كثيرا (1).

______________________________

الحديث ان الحكم المذكور مخصوص بمن يكون منزله بين الميقات و مكة و إن كان المراد من التقريب ان العنوان المأخوذ في الموضوع و ان لم يشمل أهل مكة لكن يفهم من الدليل ان الحكم مطلق شامل لهم لانهم دون الميقات فيرد عليه ان الحكم الشرعي أمر تعبدي لا تناله عقولنا و لا بد في الجزم بالحكم الاستناد الي دليل معتبر أضف الي ذلك ان المستفاد من النص كما تقدم ان اهالي مكة و من كان في حكمهم ميقاتهم الجعرانة.

الوجه الثاني: النصوص الدالة علي انّ الاحرام من مكة فان اطلاقها يشمل اهالي مكة و بعبارة اخري مقتضي اطلاق تلك النصوص ان كل من يريد أن يحرم للحج يحرم من مكة و الخروج عن تحت تلك النصوص يحتاج الي الدليل.

و يرد عليه

ان المستفاد من الدليل المتقدم في صدر المسألة ان اهالي مكة ميقاتهم للحج الجعرانة و انهم لا متعة لهم و ان الاحرام للحج من مكة مخصوص بالتمتع فالنتيجة ان ميقات أهالي مكة و من يلحق بهم في الحكم الجعرانة.

(1) لا اشكال في أنه لا يجوز التعدي عن الموارد التي عينت للاحرام منها و في المقام ورد النص الخاص لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

من أقام بالمدينة شهرا و هو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق اهل المدينة الذي يأخذونه فليكن احرامه من مسيرة ستة أميال فيكون حذاء الشجرة

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 307

[10- ادني الحل]

10- ادني الحل و هو ميقات العمرة المفردة بعد حج القران أو الافراد بل لكل عمرة مفردة لمن كان بمكة و اراد الاتيان بها و الأفضل أن يكون من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم (1).

______________________________

من البيداء «1» و لاحظ ما رواه ابن سنان أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اقام بالمدينة و هو يريد الحج شهرا أو نحوه ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة فاذا كان حذاء الشجرة و البيداء مسيرة ستة أميال فليحرم منها «2» فيجوز التعدي بلحاظ هذه الطائفة لكن لا بد من التحفظ علي الخصوصية التي ذكرت فيها و علي هذا الاساس لا بد من الاقتصار علي مقدار المحاذاة المذكور في الحديث فيلزم أن يكون البعد ستة أميال لا أزيد و لا أقل و أيضا يلزم الاقتصار علي خصوص مسجد الشجرة و لا يجوز التعدي الي مطلق المحاذاة و اللّه العالم بحقائق الأمور.

(1) أما كون أدني الحل ميقات العمرة

المفردة لمن كان بمكة فيدل عليه ما رواه عمر بن يزيد «3» فان الحديث يدل بإطلاقه علي ان من يكون بمكة و يريد أن يأتي بالعمرة المفردة يخرج و يحرم من الجعرانة أو الحديبية أو ما أشبههما فإنه يستفاد من الحديث أمران أحدهما عموم الحكم لكل من يريد الاعتمار و هو في مكة و لذا يمكن ان يقال انه لو دخل مكة أحد بلا احرام عصيانا أو نسيانا و أراد الاعتمار يمكنه العمل بإطلاق الحديث.

ثانيهما: أنه لا يختص جواز الاحرام بالمذكور في الرواية لمكان قوله أرواحنا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 7 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) لاحظ ص 228.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 308

______________________________

فداه أو ما اشبهها و يؤكد المدعي ما رواه جميل بن دراج «1» و أما كون هذه المواضع المذكورة في الحديثين أفضل كما في المتن فالظاهر أنه لا دليل عليه و استدل سيدنا الاستاد علي الافضلية بأمرين أحدهما ذكرهما في الحديثين ثانيهما التأسي بالنبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الظاهر ان شيئا من الأمرين لا يكون دليلا أما الأول فلعطف غير المذكورين عليهما و هو بنفسه يدل علي كون الجميع في صف واحد و أما التأسي فلا ندري أن ما صدر عن وجوده المقدس أرواحنا فداء لتراب قدمه لاجل خصوصية في المحل المختار أو من باب كونه أحد المصاديق هذا من ناحية و من ناحية اخري الجزم بالحكم بلا دليل معتبر تشريع نعم الاتيان بالخصوصية برجاء الافضلية حسن فان باب الرجاء واسع فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 228.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 309

[أحكام المواقيت]

اشارة

أحكام المواقيت

[(مسألة 164): لا يجوز الاحرام قبل الميقات]

(مسألة 164): لا يجوز الاحرام قبل الميقات و لا يكفي المرور عليه محرما بل لا بد من الاحرام من نفس الميقات و يستثني من ذلك موردان:

1- ان ينذر الاحرام قبل الميقات فإنه يصح و لا يلزمه التجديد في الميقات و لا المرور عليه بل يجوز له الذهاب الي مكة من طريق لا يمرّ بشي ء من المواقيت و لا فرق في ذلك بين الحج الواجب و المندوب و العمرة المفردة نعم اذا كان احرامه للحج فلا بد من أن يكون احرامه في أشهر الحج كما تقدم.

2- إذا قصد العمرة المفردة في رجب و خشي عدم ادراكها اذا أخر الاحرام الي الميقات جاز له الاحرام قبل الميقات و تحسب له عمرة رجب و ان أتي ببقية الأعمال في شعبان و لا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة و المندوبة (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لا يجوز الاحرام قبل الميقات و هذا علي طبق القاعدة الاولية إذ بعد ما علم من الشرع الأقدس أنه يشترط أن يكون الاحرام من محل خاص و لو لم يدل علي عدم الجواز دليل فان الاتيان بالمشروط بلا رعاية شرطه تشريع محرم و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 310

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لا ينبغي لحاج و لا معتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها و ذكر المواقيت ثم قال: و لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «1»،

و منها ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: انا نروي بالكوفة ان عليا عليه السّلام قال: ان من تمام حجّك احرامك من دويرة اهلك فقال: سبحان اللّه لو كان كما يقولون لما تمتع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بثيابه الي الشجرة «2».

و منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و ليس لاحد أن يحرم دون الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فانما مثل ذلك مثل من صلي في السفر اربعا و ترك اثنتين «3».

و منها ما رواه ميسر قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا متغيّر اللون فقال لي: من أين أحرمت قلت: من موضع كذا و كذا فقال ربّ طالب خير تزل قدمه ثم قال يسرك ان صليت الظهر أربعا في السفر قلت لا قال: فهو و اللّه ذاك «4» و منها ما رواه ميسر أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل أحرم من العقيق و آخر من الكوفة أيهما أفضل فقال: يا ميسر أ تصلي العصر أربعا أفضل أم تصليها ستا فقلت:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 311

______________________________

أصليها أربعا أفضل قال: فكذلك سنة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أفضل من غيرها «1»، و منها ما رواه حنان بن سدير قال: كنت أنا و أبي و أبو حمزة الثمالي و عبد الرحيم القصير و زياد الاحلام فدخلنا علي أبي جعفر عليه السّلام فرأي

زيادا قد تسلّخ جسده فقال له من أين احرمت قال: من الكوفة قال: و لم احرمت من الكوفة فقال: بلغني عن بعضكم أنه قال ما بعد من الاحرام فهو أعظم للأجر فقال: ما بلّغك هذا الّا كذّاب ثم قال لأبي حمزة من أين أحرمت قال: من الربذة قال له و لم لانّك سمعت ان قبر أبي ذر رضي اللّه عنه بها فأحببت أن لا تجوزه ثم قال لأبي و لعبد الرحيم من أين أحرمتما فقالا: من العقيق فقال: أصبتما الرخصة و اتبعتما السنة و لا يعرض لي بابان كلاهما حلال الا أخذت باليسير و ذلك ان اللّه يسير يحبّ اليسير و يعطي علي اليسير ما لا يعطي علي العنف «2».

الفرع الثاني: أنه يجوز الاحرام قبل الميقات بالنذر و هذا هو المشهور بين القوم و تدل علي جوازه جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل جعل للّه عليه شكرا ان يحرم من الكوفة قال: فليحرم من الكوفة و ليف للّه بما قال «3» و منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال: كتبت الي أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن رجل جعل للّه عليه أن يحرم من الكوفة قال: يحرم من الكوفة «4» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول لو انّ عبدا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من المواقيت، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) الوسائل: الباب 13 من المواقيت، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 312

______________________________

انعم اللّه عليه نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية فجعل علي نفسه أن يحرم بخراسان

كان عليه أن يتمّ «1» و صاحب الحدائق يعبر عن حديث الحلبي بالصحيح «2».

و عليه لا اشكال في الحديث من حيث السند و سيدنا الاستاد تعرض لاعتبار سند الحديث و اثبت تماميته و يعبر عن الحديث الثالث بالمعتبر و قد تعرضنا لاعتبار سند الحديث في كتاب مصباح الناسك في شرح المناسك و يمكن أن يقال اذا لم يكن جائزا لشاع و ذاع اذ المسألة مورد الابتلاء و الاحرام بالنذر قبل الميقات أمر جار في الخارج و مشهور في الألسن فكيف لا يكون مشروعا هذا من حيث السند و في المقام وجوه من الاشكال:

الوجه الأول: أنه يشترط في جواز النذر رجحان متعلقه و مع عدم الرجحان كما هو المفروض لا يصح النذر و يرد عليه ان الأحكام الشرعية تعبدية و يلزم علينا متابعة الشارع الأقدس و من الممكن تخصيص ذلك الكلي بأن نقول لا يلزم الرجحان في هذا المورد مضافا الي أنه يمكن تحقق الرجحان في المنذور بالنذر فان تقدم الرجحان علي النذر رتبي لا زماني.

إن قلت: فعليه يجوز تحليل كل محرم و مكروه بالنذر قلت: كلا فان اللازم وجود الدليل و في المقام الدليل موجود و هو النص و الضرورة.

الوجه الثاني: من الاشكال أنه يلزم لغوية جعل المواقيت اذ المفروض جواز الاحرام قبلها.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) الحدائق: ج 14 ص 462.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 313

______________________________

و فيه انه لا يلزم اللغوية فإنه يحرم التجاوز عنها بلا احرام و جواز الاحرام منها و وجوبه في حق من لم يحرم قبلها بالنذر مضافا الي ان الشارع يلزم عليه جعل الاحكام طبق ما يري و لا يرتبط جعله بالعمل الخارجي و الا يلزم أن يكون

جعل الحرمة للقاذورات و الكثافات لغوا لعدم تصدي احد لذلك.

الوجه الثالث: من الاشكال ان الالتزام بصحة النذر بلحاظ الاخبار يستلزم الدور و من الظاهر انه لا يمكن الالتزام بالعمل بالنص في مورد استحالة الموضوع عقلا و المقام كذلك اذ يتوقف صحة النذر علي كون المتعلق مشروعا و جائزا و جواز المتعلق و رجحانه يتوقف علي صحة النذر و هذا دور و الدور محال فلا بد من رد النصوص الي أهلها.

و يرد عليه ان صحة النذر تتوقف علي ان المتعلق مشروعا أو راجحا و أما رجحان المتعلق فلا يتوقف علي الصحة بل يتوقف علي فعل المكلف و التزامه فلا دور فالنتيجة ان نذر الاحرام قبل الميقات صحيح و يرتب عليه أنه يجوز المرور من الميقات بلا تجديد الاحرام إذ تحصيل الحاصل محال كما انه يجوز له الذهاب بحيث لا يمرّ علي ميقات من المواقيت ثم أنه لا فرق بين الحج الواجب و المندوب و العمرة المفردة و ذلك لاطلاق الدليل الشامل لجميع المذكورات نعم اذا كان الاحرام للحج لا بد أن يكون في أشهر الحج لقيام الدليل علي وجوب ايقاع احرامه في أشهره و الروايات الدالة علي جوازه قبل الميقات ناظرة الي الظرف المكاني فلا بد من رعاية الشرط المقرر في الظرف الزماني.

الفرع الثالث: أنه اذا قصد العمرة المفردة في رجب و خشي عدم ادراكها اذا أخّر الاحرام الي الميقات جاز له الاحرام قبل الميقات و تحسب له عمرة رجب

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 314

______________________________

لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن الرجل يجي ء معتمرا ينوي عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق فيحرم قبل الوقت و

يجعلها لرجب أم يؤخّر الاحرام الي العقيق و يجعلها لشعبان قال: يحرم قبل الوقت لرجل فان لرجب فضلا و هو الذي نوي «1» فان الحديث يدل علي المدعي بوضوح و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الواجبة و المندوبة كما ان مقتضاه و عدم الفرق بين كون الواجب اصاليا أو عارضيا.

ثم أنه لا فرق في الحكم المذكور بين العمرة الرجبية و غيرها لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ليس ينبغي أن يحرم دون الوقت الذي وقته رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم الّا أن يخاف فوت الشهر في العمرة «2» فان الحديث مطلق بالنسبة الي هذه الجهة و من ناحية اخري ان لكل شهر عمرة ثم انه لو نذر ان يأتي بالعمرة المفردة في شهر رجب أو في غيره فهل يمكن و هل يجوز الافتاء بحصول الوفاء بالنذر بالاتيان بالاحرام قبل الميقات أخذا بإطلاق الحديثين أم لا الظاهر انه يشكل الالتزام به إذ مقتضي الالتزام النذري الاتيان بالمركب في الظرف الخاص و الاجزاء بغير المأمور به خلاف القاعدة الأولية و المستفاد من النص ان العمل المشار إليه يفي بالفضل الموعود و أما وفائه باثبات الاجزاء حتي بالنسبة الي الامر النذري فلا يستفاد منه و إن شئت فقل المستفاد من النص الاجزاء بالنسبة الي العنوان الاولي و اما العناوين الثانوية فلا تعرض للنص بالنسبة إليها.

ثم أنه هل يفي النص بالاجزاء بالنسبة الي التأخير العمدي الاختياري أو

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من المواقيت، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 315

[(مسألة 165): يجب علي المكلف اليقين بوصوله الي الميقات و الاحرام منه]

(مسألة 165): يجب علي المكلف اليقين بوصوله الي الميقات و الاحرام منه

أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجة شرعية و لا يجوز له الاحرام عند الشك في الوصول الي الميقات (1).

[(مسألة 166): لو نذر الاحرام قبل الميقات و خالف و أحرم من الميقات]

(مسألة 166): لو نذر الاحرام قبل الميقات و خالف و أحرم من الميقات لم يبطل احرامه و وجبت عليه كفارة مخالفة النذر إذا كان متعمدا (2).

______________________________

يختص بالاتفاق و الاضطرار الخارج عن الاختيار الظاهر هو الثاني و الوجه فيه أن الظاهر ان الحكم المذكور من قبيل البدل الاضطراري و من ناحية اخري قد ذكرنا كرارا و نقول الآن أيضا ان دليل الاضطرار لا يشمل و لا ينطبق علي الاضطرار الناشي عن الاختيار.

(1) هذا من الواضحات الاولية فان مقتضي الاصل عدم الوصول و من الظاهر ان الاحرام قبل الميقات غير جائز بل يكفي الشك في عدم الجواز إذ مع عدم احراز المشروعية يكون تشريعا محرما فلاحظ.

(2) ما أفاده علي طبق القاعدة أمّا صحة احرامه فلتمامية المقتضي و عدم المانع و قد حقق في محله أن الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده و أيضا حقق في الاصول جواز الترتب و أما وجوب الكفارة فلحنث النذر و المقام نظير ما لو نذر المكلف ان يصلي صلاة الظهر في المسجد و لكن حنث و صلّي في الدار تكون صلاته تامة و لكن يجب عليه الكفارة الحنث النذر.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 316

[(مسألة 167): كما لا يجوز تقديم الاحرام علي الميقات لا يجوز تأخيره عنه]

(مسألة 167): كما لا يجوز تقديم الاحرام علي الميقات لا يجوز تأخيره عنه فلا يجوز لمن اراد الحج أو العمرة أو دخول مكة أن يتجاوز الميقات اختيارا الا محرما حتي اذا كان امامه ميقات آخر فلو تجاوزه وجب العود إليه مع الامكان نعم اذا لم يكن المسافر قاصدا لما ذكر لكن لما وصل حدود الحرم أراد أن يأتي بعمرة مفردة جاز له الاحرام من أدني الحل (1).

______________________________

(1) أما عدم جواز التأخير عنه فمضافا الي الاجماع

المدعي كما عن الجواهر و اجماع العلماء كافة كما عن كشف اللثام تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه الحلبي «2» و منها ما رواه صفوان بن يحيي «3» و منها ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسي عليه السّلام في حديث قال: من دخل المدينة فليس له أن يحرم الّا من المدينة «4» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و لا تجاوز الجحفة الّا محرما «5».

و أما وجوب الرجوع الي الميقات الذي تجاوز عنه و لم يحرم منه حتي اذا كان امامه ميقات آخر فلا طلاق النص لاحظ ما رواه الحلبي «6» و ما رواه علي بن

______________________________

(1) لاحظ ص 227.

(2) لاحظ ص 287.

(3) لاحظ ص 288.

(4) الوسائل: الباب 15 من المواقيت، الحديث 2.

(5) الباب 16 من هذه الأبواب، الحديث 2.

(6) لاحظ ص 227.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 317

______________________________

جعفر «1» و غيرهما فان مقتضي اطلاق هذه النصوص عدم الفرق بين الصورتين فيجب الرجوع مع الامكان و أما إذا لم يكن المكلف قاصدا للحج و لا للعمرة لكن لما وصل حدود الحرم و اراد أن يأتي بعمرة مفردة جاز له الاحرام من أدني الحل فلا أدري ما الوجه فيه و أي مستند استند الماتن عليه نعم قال بعد كلمة بالجواز كما صنع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم حيث احرم من الجعرانة عند رجوعه من غزوة حنين و الظاهر انه لا يتم الاستدلال المذكور لان الدليل علي فعله ما رواه الصدوق «2» فان الحديث مرسل لا اعتبار به مضافا الي

ان وجه فعله أرواحنا فداه غير معلوم عندنا و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص 208.

(2) لاحظ ص 228.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 318

[(مسألة 168): إذا ترك المكلف الاحرام من الميقات عن علم و عمد حتي تجاوزه]

(مسألة 168): إذا ترك المكلف الاحرام من الميقات عن علم و عمد حتي تجاوزه ففي المسألة صور:

الأولي: أن يتمكن من الرجوع الي الميقات ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع و الاحرام منه سواء أ كان رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه فإن أتي بذلك صح عمله من دون اشكال.

الثانية: أن يكون المكلف في الحرم و لم يمكنه الرجوع الي الميقات لكن امكنه الرجوع الي خارج الحرم ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع الي خارج الحرم و الاحرام من هناك.

الثالثة: أن يكون في الحرم و لم يمكنه الرجوع الي الميقات أو الي خارج الحرم و لو من جهة خوفه فوات الحج و في هذه الصورة يلزمه الاحرام من مكانه.

الرابعة: أن يكون خارج الحرم و لم يمكنه الرجوع الي الميقات و في هذه الصورة يلزمه الاحرام من مكانه أيضا، و قد حكم جمع من الفقهاء بفساد العمرة في الصور الثلاث الأخيرة و لكن الصحة فيها لا تخلو من وجه و إن ارتكب المكلف محرما بترك الاحرام من الميقات لكن الأحوط مع ذلك اعادة الحج عند التمكن منها و أما إذا لم يأت المكلف بوظيفته في هذه الصور الثلاث و أتي بالعمرة فلا شك في فساد حجه (1).

______________________________

(1) أما وجوب الرجوع في الصورة الاولي فهو علي طبق القاعدة إذ المفروض أنه لم يأت بالمأمور به و أنه متمكن من الاتيان به فيجب و لا ينافي

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 319

______________________________

الوجوب المذكور عصيانه بتجاوزه عن الميقات بلا احرام و أما اذا

كان في الحرم و لم يمكنه الرجوع الي الميقات فإن امكنه الرجوع الي خارج الحرم يجب أن يخرج و يحرم من الخارج و إن لم يمكنه يحرم من مكانه فالدليل عليه ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ترك الاحرام حتي دخل الحرم فقال: يرجع الي ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم فان خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه فان استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج «1» و حكم الصورة الثالثة حكم الثانية و الدليل عليه اطلاق حديث الحلبي و أما حكم الصورة الرابعة فيستفاد من حديث الحلبي فان المستفاد منه وجوب الرجوع الي الميقات و مع عدم الامكان من خارج الحرم و مع عدم الامكان من مكانه داخل الحرم و اما وجه حكم جمع من الفقهاء بالفساد في الصور الثلاث الاخيرة فلأن المركب ينتفي بانتفاء جزئه أو شرطه و المفروض ان الاحرام لا بد أن يتحقق من الميقات و لم يتحقق و الاجزاء يحتاج الي الدليل.

و يرد عليه ان حديث الحلبي يدل علي الصحة بالنحو الذي ذكر فيه و تخصيص العام علي طبق القاعدة و لا تنافي بين الصحة و كون المرور بلا احرام محرما و اما وجه الاحتياط المذكور في المتن فلاجل الخروج عن الخلاف و أما وجه فساد حجه اذا لم يأت بالوظيفة المقررة من حديث الحلبي و أتي بالعمرة غير مراع لوظيفته فلأن عمرته باطلة فيكون حجه كذلك.

بقي شي ء و هو انّ المذكور في حديث الحلبي رجوعه الي ميقات بلاده فيلزم التحفظ علي الشرط المذكور.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب المواقيت، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 320

[(مسألة 169): إذا ترك الاحرام عن نسيان أو اغماء أو ما شاكل ذلك]

(مسألة 169): إذا ترك

الاحرام عن نسيان أو اغماء أو ما شاكل ذلك أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات فللمسألة كسابقتها صور أربع:

الصورة الاولي: أن يتمكن من الرجوع الي الميقات فيجب عليه الرجوع و الاحرام من هناك.

الصورة الثانية: أن يكون في الحرم و لم يمكنه الرجوع الي الميقات لكن امكنه الرجوع الي خارج الحرم و عليه حينئذ الرجوع الي الخارج و الاحرام منه و الاولي في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم الاحرام من هناك.

الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم و لم يمكنه الرجوع الي الخارج و عليه في هذه الصورة ان يحرم من مكانه و إن كان قد دخل مكة.

الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم و لم يمكنه الرجوع الي الميقات و عليه في هذه الصورة أن يحرم من محله، و في جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلف اذا قام بما ذكرناه من الوظائف و في حكم تارك الاحرام من احرم قبل الميقات أو بعده و لو كان عن جهل أو نسيان (1).

______________________________

(1) وجوب الرجوع الي الميقات و الاحرام من هناك علي طبق القاعدة الاولية فإن المستفاد من ادلة وجوب الاحرام من المواقيت لزوم رعاية الشرط

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 321

______________________________

المذكور مضافا الي النصوص الخاصة لاحظ أحاديث الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نسي أن يحرم حتي دخل الحرم قال: قال أبي يخرج الي ميقات أهل أرضه فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه فان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم «1» و لاحظ ما رواه الحلبي «2» أيضا و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السّلام عن رجل مرّ علي الوقت الذي يحرم الناس منه فنسي أو جهل فلم يحرم حتي أتي مكة فخاف أن رجع الي الوقت أن يفوته الحج فقال: يخرج من الحرم و يحرم و يجزيه ذلك «3»، و لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فارسلت إليهم فسألتهم فقالوا ما ندري أ عليك احرام أم لا و أنت حائض فتركوها حتي دخلت الحرم فقال عليه السّلام ان كان عليها مهلة فترجع الي الوقت فلتحرم منه فان لم يكن عليها وقت فلترجع الي ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها «4» و أما ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته عن رجل ترك الاحرام حتي انتهي الي الحرم فاحرم قبل أن يدخله قال: إن كان فعل ذلك جاهلا فليبن مكانه ليقضي فان ذلك يجزيه ان شاء اللّه و ان رجع الي الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فانه أفضل «5»، فلا يعتد بسنده فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 319.

(3) الوسائل: الباب 14 من أبواب المواقيت، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 322

______________________________

و نسبته مع بقية النصوص و أما وجوب الرجوع الي خارج الحرم مع عدم امكان الرجوع الي الميقات فقد صرح في حديثي الحلبي و أما الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن فلا دليل عليه نعم قد صرح به في حديث ابن عمّار و لكن يختص الحديث بالطامث و التعدي عن مورده لا وجه له بل

مقتضي القاعدة ان يجب عليها بالمقدار الممكن و لا يجب علي غيرها بل يكفي الاحرام من خارج الحرم علي الاطلاق اللهم الا أن يقال انه لا يفهم العرف اختصاص الحكم بالطامث بل الحكم عام لجميع المكلفين و عليه يكون الحديث مقيدا للاطلاقات و عن المسالك الاستدلال علي الوجوب بقاعدة الميسور و يرد عليه أولا ان قاعدة الميسور لا دليل معتبر عليها و ثانيا أنه لا مجال للاخذ بالقاعدة مع دلالة النص علي كفاية الخروج عن الحرم و الاحرام من هناك.

و ما أفاده في المتن لا ينطبق علي القاعدة لان المستفاد من حديث ابن عمار لزوم الابتعاد فاما يجب علي الطامث فقط و إما يجب علي الاطلاق و اللّه العالم.

و أما الصورة الثالثة فيدل علي الحكم المذكور فيها حديثا الحلبي فان مقتضي اطلاقهما شمول الحكم حتي في صورة دخول مكة كما انّ اطلاق حديثه الثاني عدم الفرق بين الناسي و الجاهل و غيرهما من ذوي الاعذار و أما الصورة الرابعة فأفاد سيدنا الاستاد قدّس سرّه تفصيلا علي ما في تقريره الشريف و هو أنه تارة يكون امامه ميقات آخر و اخري لا.

أمّا علي الأول فان كان ممكنا يحرم من ذلك الميقات إذ مقتضي القاعدة الاولية المستفاد من الشرع الاقدس لزوم الاحرام من الميقات فلا تصل النوبة الي البدل الاضطراري و أما اذا لم يمكنه فيحرم من مكانه أو من أيّ موضع قبل دخوله الحرم.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 323

[(مسألة 170): إذا تركت الحائض الاحرام من الميقات لجهلها بالحكم الي أن دخلت الحرم]

(مسألة 170): إذا تركت الحائض الاحرام من الميقات لجهلها بالحكم الي أن دخلت الحرم فعليها كغيرها الرجوع الي الخارج و الاحرام منه إذا لم تتمكن من الرجوع الي الميقات بل الاحوط لها في هذه الصورة

أن تبتعد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم علي ان لا يكون ذلك مستلزما لفوات الحج و فيما اذا لم يمكنها انجاز ذلك فهي و غيرها علي حد سواء (1)

______________________________

و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة أنه لا وجه للتفصيل فإن مقتضي حديث الحلبي وجوب الرجوع الي ميقات اهل بلاده و مع خوف الفوت يحرم من خارج الحرم و مقتضي اطلاق الحديث لزوم الاحرام مع الامكان عن خارج الحرم فلا يجب الاحرام من محله بل اللازم الاحرام عن خارج الحرم علي الاطلاق فما افاده في المتن من التفصيل و وجوب الاحرام من خصوص محله مبني علي الاحتياط و في جميع الصور إذا عمل بالوظيفة المقررة يكون عمله صحيحا فان المأمور به اذا انطبق علي المأتي به بكون الاجزاء عقليا و مما تقدم يظهر ان من احرم قبل الميقات أو بعده يكون مثل من لم يحرم إذ الاحرام في غير الميقات كعدمه و هذا واضح ظاهر و لا فرق فيه من هذه الجهة بين أن يكون عن جهل أو عن نسيان.

(1) يدل علي المدعي حديث معاوية بن عمّار «1».

______________________________

(1) لاحظ ص 321.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 324

[(مسألة 171): اذا فسدت العمرة وجبت اعادتها مع التمكن]

(مسألة 171): اذا فسدت العمرة وجبت اعادتها مع التمكن و مع عدم الاعادة و لو من جهة ضيق الوقت يفسد حجه و عليه الاعادة في سنة اخري (1).

[(مسألة 172): قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة فيما اذا أتي المكلف بها من دون احرام لجهل أو نسيان]

(مسألة 172): قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة فيما اذا أتي المكلف بها من دون احرام لجهل أو نسيان و لكن هذا القول لا يخلو من اشكال و الأحوط في هذه الصورة الاعادة علي النحو الذي ذكرناه فيما اذا تمكن منها و هذا الاحتياط لا يترك البتة (2).

______________________________

(1) إذ الفاسد بحكم العدم فلا بد من اعادتها و عل فرض عدم اعادتها يفسد الحج و تبدل حج التمتع بالافراد لا دليل عليه بل مقتضي الاصل عدمه فما أفاده في المتن تام.

(2) لا اشكال في ان القول المذكور علي خلاف القاعدة الاولية فانّ الاجزاء يحتاج الي الدليل فلا بد من قيام دليل عليه و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي طائفة من النصوص منها حديثا علي بن جعفر «1» و هذان الحديثان لا يرتبطان بالعمرة و صريحان في احرام الحج فلا مورد للاستدلال بهما علي المدعي و أما ما رواه جميل بن دراج مرسلا عن أحدهما عليهما السّلام في رجل نسي أن يحرم أو جهل و قد شهد المناسك كلّها و طاف و سعي قال: تجزيه نيته إذا كان قد نوي ذلك فقد تم حجّه و ان لم يهلّ و قال في مريض اغمي عليه حتي أتي الوقت فقال يحرم عنه «2» و ما رواه أيضا مرسلا عن أحدهما عليهما السّلام في مريض أغمي عليه فلم يعقل حتي أتي

______________________________

(1) لاحظ ص 265.

(2) الوسائل: الباب 20 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 325

[(مسألة 173): قد تقدم ان النائي يجب عليه الاحرام لعمرته من احد المواقيت الخمسة الأولي]

(مسألة 173): قد تقدم ان النائي يجب عليه الاحرام لعمرته من احد المواقيت الخمسة الأولي فان كان طريقه منها فلا اشكال و إن كان طريقه لا يمر بها كما

هو الحال في زماننا هذا حيث ان الحجاج يردون جدة ابتداء و هي ليست من المواقيت فلا يجزئ الاحرام منها حتي اذا كانت محاذية لاحد المواقيت علي ما عرفت فضلا عن أن محاذاتها غير ثابتة بل المطمأن به عدمها فاللازم علي الحاج حينئذ أن يمضي الي احد المواقيت مع الامكان أو ينذر الاحرام من بلده أو من الطريق قبل الوصول الي جدة بمقدار معتد به و لو في الطائرة فيحرم من محل نذره و يمكن لمن ورد جدة بغير احرام ان يمضي الي رابغ الذي هو في طريق المدينة المنورة و يحرم منه بنذر باعتبار انه قبل الجحفة التي هي احد المواقيت و اذا لم يمكن المضي الي احد المواقيت و لم يحرم قبل ذلك بنذر لزمه الاحرام من جدة بالنذر ثم يجدد احرامه خارج الحرم قبل دخوله فيه (1).

______________________________

الوقت فقال يحرم عنه رجل «1» فلا اعتبار بسندهما فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتهما فالنتيجة عدم تمامية القول المشار إليه و يترتب عليه ان الاظهر الاعادة.

(1) أما وجوب الاحرام من الميقات مع الامكان فهو علي طبق القاعدة و أما عدم جواز الاحرام من جدة فلانها لا تكون من المواقيت و الاحرام لا بد أن يكون من الميقات و اما جواز الاحرام بالنذر من بلده أو في الطريق قبل جدة بمقدار معتد

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 326

______________________________

به فلما تقدم من جواز نذر الاحرام قبل الميقات لكن لا أدري ما الوجه في اشتراط الابتعاد بالمقدار المعتد به اذ ما دام يشك في الوصول الي جدة الذي لا يجوز التعدي عنه بلا احرام يجري الاستصحاب و في المقام اشكال و هو انه

كيف ينعقد النذر مع عزم المكلف علي ركوب الطائرة و الاستظلال و الحال انه محرم علي المحرم و يمكن الجواب عن الاشكال المذكور بان الاحرام ليس عبارة عن العزم علي ترك المحرمات كي يكون منافيا مع العزم و عليه يجوز ان يحرم بالنذر و بعد الاحرام يكون معذورا بالنسبة الي الاستظلال و اما الاحرام بالنذر من رابغ قبل الجحفة فهو علي القاعدة فانه من مصاديق الاحرام قبل الميقات بالنذر و اما ما افاده من لزوم الاحرام بالنذر من جدة ثم تجديده خارج الحرم.

فالذي يختلج بالبال عدم تماميته إذ مع الشك في انّ جدة قبل الميقات أو بعده أو محاذيه يحكم بكونها قبله فإنه مقتضي الاستصحاب و إن علم بكونها بعده يدخل في موضوع من لم يمكنه الرجوع الي الميقات فيحرم من خارج الحرم و لا ادري كيف يقول علي ما في التقرير لان ميقات هذا الشخص إن كان من أدني الحل يكون احرامه في جدة مصداقا للاحرام قبل الميقات و إن كان بعده يسقط منه فيلزم ان يحرم من مكانه لانّ المفروض عدم تمكنه من الرجوع و يرد عليه انّه بأي وجه يمكن أن يكون احرامه من أدني الحل و اللّه العالم.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 327

[(مسألة 174): تقدم انّ المتمتع يجب عليه ان يحرم لحجه من مكة]

(مسألة 174): تقدم انّ المتمتع يجب عليه ان يحرم لحجه من مكة فلو احرم من غيرها عالما عامدا لم يصح احرامه و ان دخل مكة محرما بل وجب عليه الاستئناف من مكة مع الامكان و الّا بطل حجه (1).

[(مسألة 175): إذا نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة وجب عليه العود مع الامكان]

(مسألة 175): إذا نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة وجب عليه العود مع الامكان و الّا احرم في مكانه و لو كان في عرفات و صح حجه و كذلك الجاهل بالحكم (2).

______________________________

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة فان المركب ينتفي بانتفاء احد اجزائه أو أحد شرائطه و اجزاء غير المأمور به عنه خلاف الاصل الأولي.

(2) أما وجوب العود مع الامكان فهو علي طبق القاعدة الاولية فان الاجزاء بغير المأمور به خلاف القاعدة الّا أن يقال ان مقتضي اطلاق حديث ابن جعفر الذي نتعرض له بعد قليل عدم الفرق بين امكان الرجوع الي مكة و عدمه و أما صحة الحج في صورة نسيان الاحرام و التذكر في عرفات فيدل عليه حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكر و هو بعرفات ما حاله قال يقول اللهم علي كتابك و سنة نبيك صلي اللّه عليه و آله فقد تم احرامه فان جهل ان يحرم يوم التروية بالحج حتي رجع الي بلده إن كان قضي مناسكه كلها فقد تم حجه «1».

لكن لا بد من الاقتصار علي مفاد النص و لا يستفاد منه الاحرام من مكانه علي الاطلاق هذا بالنسبة الي الناسي و أما بالنسبة الي الجاهل فيدل علي الحكم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من المواقيت، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 328

[(مسألة 176): لو نسي احرام الحج و لم يذكر حتي أتي بجميع اعماله صح حجه]

(مسألة 176): لو نسي احرام الحج و لم يذكر حتي أتي بجميع اعماله صح حجه و كذلك الجاهل (1).

______________________________

ذيل الحديث المشار إليه و استدل سيدنا الاستاد علي ما في تقريره الشريف علي المدعي بالنسبة الي الناسي بحديث الحلبي «1» و الحال انّ الحديث المذكور راجع

الي نسيان احرام العمرة و كلامنا في نسيان احرام الحج و اللّه العالم.

(1) اما بالنسبة الي الجاهل فيدل علي المدعي حديث علي بن جعفر «2» و اما بالنسبة الي الناسي فلا دليل علي المدعي و حمل الجاهل علي مطلق العذر لا دليل عليه كما انّ صدق عنوان الجاهل علي الناس محل تأمل و اشكال.

______________________________

(1) لاحظ ص 321.

(2) لاحظ ص 327.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 329

كيفية الاحرام

[واجبات الاحرام ثلاثة أمور]

اشارة

واجبات الاحرام ثلاثة أمور:

[الأمر الأول: النية]
اشارة

الأمر الأول: النية و معني النية ان يقصد الاتيان بما يجب عليه في الحج أو العمرة متقربا به الي اللّه تعالي و فيما اذا لم يعلم المكلف به تفصيلا وجب عليه قصد الاتيان به اجمالا و اللازم عليه حينئذ الاخذ بما يجب عليه شيئا فشيئا من الرسائل العملية أو ممن يثق به من المعلمين فلو احرم من غير قصد بطل احرامه و يعتبر في النية أمور:

1- القربة كغير الاحرام من العبادات.

2- ان تكون مقارنة للشروع فيه.

3- تعيين ان الاحرام للعمرة أو للحج و ان الحج تمتع أو قران أو افراد و انه لنفسه أو لغيره و انه حجة الاسلام أو الحج النذري أو الواجب بالافساد أو الندبي فلو نوي الاحرام من غير تعيين بطل إحرامه (1).

______________________________

(1) إن كان المراد من النية القصد فلا اشكال في لزومه إذ العمل الاختياري متوقف علي القصد و مع عدم القصد لا يكون ممتثلا للامر و بعبارة واضحة لا يعقل ان يتعلق الامر و البعث بالامر الخارج عن القصد و الاختيار نعم لا مانع عن تعلق الامر بالجامع بين الأمرين فان الملاك قائم بالفعل الصادر عن المكلف و مقتضي الاطلاق عدم تقيد المأمور به بالحصة المقصودة إن قلت علي هذا الاساس يمكن تعلق الأمر بالعمل الخارج عن الاختيار قلت: كيف يمكن الحال ان البعث لاجل ان ينبعث العبد و يتحرك نحو المأمور به و مع عدم الاختيار لا مجال للتحريك كما هو

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 330

______________________________

واضح نعم كما تقدم لا موجب للالتزام بتعلق الامر نحو العمل الاختياري فان الامر ابراز لاعتبار العمل في ذمة المكلف و مقتضي الاطلاق عدم الفرق كما تقدم قريبا

و لكن لا يمكن الالتزام بكفاية الفعل القائم بالمكلف و لو مع عدم صدق الانتساب كحركة المرتعش فان حركة يد المرتعش كحركة الشجر أي لا تستند الي المكلف و لذا لا يصح ان يقال انه يحرك يده و ليصح السلب و صحة السلب علامة المجاز و صفوة القول انه لا اشكال في لزوم القصد في المقام فانه المرتكز عند اهل الشرع و ادعي عليه الاجماع و عدم الخلاف مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه ابن أبي نصر «1» و لاحظ ما رواه أحمد بن محمد «2» و لاحظ ما رواه ابن أبي نصر أيضا عن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: كيف تصنع بالحج فقال: أما نحن فنخرج في وقت ضيق تذهب فيه الأيّام فافرد له الحج قال قلت رأيت ان أراد المتعة كيف يصنع قال ينوي المتعة و يحرم بالحج «3» و لاحظ ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له اني أريد أن أتمتع بالعمرة الي الحج فكيف أقول قال تقول اللهم اني أريد أن اتمتع بالعمرة الي الحج علي كتابك و سنة نبيك و ان شئت اضمرت الذي تريد «4» و لاحظ ما رواه أبو الصباح مولي بسام الصيرفي قال اردت الاحرام بالمتعة فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام كيف أقول قال تقول اللهم اني أريد التمتع بالعمرة

______________________________

(1) لاحظ ص 262.

(2) لاحظ ص 262.

(3) الوسائل: الباب 22 من أبواب الاحرام، الحديث 7.

(4) الوسائل: الباب 17 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 331

______________________________

الي الحج علي كتابك و سنة نبيّك و ان شئت اضمرت الذي تريد «1» و لاحظ ما رواه يعقوب

بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت كيف تري انّ اهلّ فقال ان شئت سميت و إن شئت لم تسمّ شيئا فقلت له: كيف تصنع انت قال اجمعهما فأقول لبيك بحجة و عمرة معا لبيك ثم قال اما اني قد قلت لاصحابك غير هذا «2» و لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لبي بحجة و عمرة و ليس يريد الحج قال ليس بشي ء و لا ينبغي له أن يفعل «3» و لاحظ أبو بكر الحضرمي و زيد الشحام و منصور بن حازم قالوا امرنا أبو عبد اللّه عليه السّلام ان نلبّي و لا نسمّي شيئا و قال أصحاب الاضمار احبّ إليّ «4» و لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار انه سأل أبا الحسن موسي عليه السّلام قال أصحاب الاضمار احبّ إليّ فلبّ و لا تسمّ شيئا «5».

و يلزم أن يكون بقصد القربة لانه لا اشكال في كون الاحرام من العبادات و لا يتم الامر فيها الّا مع القربة ثم انه لا تتوقف النية علي العلم بما يجب عليه علي نحو التفصيل بل يكفي قصد العمل اجمالا و لا دليل علي اشتراط العلم التفصيلي و علي تقدير عدم العلم تفصيلا يجب الاخذ شيئا فشيئا عن الرسالة العملية أو عن المعلّم شفها و نتيجة ما ذكر انه لو احرم بلا قصد بطل احرامه إذ المفروض انه لم يأت بما بجب عليه و يلزم أن تكون النية مقارنة للعمل اذ مع عدمها يكون العمل فاقدا

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح

المناسك، ج 1، ص: 332

[(مسألة 177): لا يعتبر في صحة النية التلفظ و لا الاخطار بالبال]

(مسألة 177): لا يعتبر في صحة النية التلفظ و لا الاخطار بالبال بل يكفي الداعي كما في غير الاحرام من العبادات (1).

______________________________

للشرط ثم انه لا بد من تعيين ان الاحرام لعمرة او الحج و ان العمرة هي المفردة أو التمتع و إن الحج ما هو لكن يكفي التعين الواقعي كما لو كان مكتوبا في ورقة و لا تكون الورقة حاضرة عنده لكن يشير إليها فلو قصد الاحرام لما يعيّنه بعد ذلك فهل يكفي؟ الحق انه يكفي اذ المفروض انه معين في الخارج و من ناحية اخري يكفي القصد الاجمالي.

(1) أما عدم اعتبار التلفظ فلعدم الدليل عليه بل مقتضي الاطلاق اللفظي و الاصل العملي عدم الاعتبار مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه حماد بن عثمان «1» و لاحظ ما رواه أبو الصباح مولي بسام الصيرفي «2» و يستفاد من بعض النصوص رجحان الاضمار و عدم التلفظ فلاحظ ما رواه أبو بكر الحضرمي و زيد الشحام و منصور بن حازم «3» و لاحظ ما رواه اسحاق بن عمّار «4» و أيضا لا دليل علي لزوم الاخطار فيكفي مجرد النية كبقية العبادات فإن مقتضي الاطلاق و الاصل كذلك كما ان السيرة جارية عليه.

______________________________

(1) لاحظ ص 330.

(2) لاحظ ص 330.

(3) لاحظ ص 331.

(4) لاحظ ص 331.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 333

[(مسألة 178): لا يعتبر في صحة الاحرام العزم علي ترك محرماته حدوثا و بقاء الا الجماع و الاستمناء]

(مسألة 178): لا يعتبر في صحة الاحرام العزم علي ترك محرماته حدوثا و بقاء الا الجماع و الاستمناء فلو عزم من اوّل الاحرام في الحج علي ان يجامع زوجته أو يستمني قبل الوقوف بالمزدلفة أو تردد في ذلك بطل احرامه علي وجه و اما لو عزم علي الترك من أول الأمر و لم يستمر عزمه

بأن نوي بعد تحقق الاحرام الاتيان بشي ء منهما لم يبطل احرامه (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة أمور:

الأمر الأول: أنه لا يعتبر في تحقق الاحرام العزم علي ترك المحرمات و الوجه في ذلك ان الاحرام موضوع شرعي تعبدي و مأخوذ من الشرع الأقدس فلا بد من مراجعة النصوص و الحكم بما يستفاد منها و المستفاد من جملة منها انّ الاحرام عبارة عن التلبية أو ما يكون في حكمها من الاشعار أو التقليد منها ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كانت البدن كثيرة قام فيما بين ثنتين ثم اشعر اليمني ثم اليسري و لا يشعر أبدا حتي يتهيأ للاحرام لانه اذا اشعر و قلّد و جلّل وجب عليه الاحرام و هي بمنزلة التلبية «1» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البدنة كيف يشعرها قال: يشعرها و هي باركة و ينحرها و هي قائمة و يشعرها من جانبها الايمن ثم يحرم اذا قلدت و اشعرت «2» و منها ما رواه حريز بن عبد اللّه «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «4» و منها ما رواه عمر بن يزيد عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب اقسام الحج، الحديث 7.

(2) نفس المصدر، الحديث 18.

(3) لاحظ ص 284.

(4) لاحظ ص 284.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 334

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اشعر بدنته فقد احرم و ان لم يتكلم بقليل و لا كثير «1».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل ساق هديا و لم يقلّده و لم يشعره قال: قد أجزأ عنه

ما اكثر ما لا يقلّد و لا يشعر و لا يجلّل «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا «3» فان المستفاد من هذه النصوص ان الاحرام يتحقق بالتلبية أو بما يكون في حكمها فالعزم علي ترك المحرمات لا يكون مقوما و ركنا في الاحرام و عليه نقول فرق بين الاحرام في المقام و الاحرام في الصلاة فان المصلي حين يحرم للصلاة لا بد من أن يكون عازما لترك المحرمات و أما في المقام فلا و الوجه فيه انّ المحرمات في الصلاة منافيات معها و لذا تبطل الصلاة بها فالعزم علي فعلها أو التردد فيها ينافي مع قصد العمل أي الصلاة و اما في المقام فلا تنافي بين العمل و تلك المحرمات و بعبارة واضحة الاتيان بالمحرمات لا يوجب بطلان الحج فالنتيجة ان ما افاده في المتن من عدم الاعتبار تام لا خدشة فيه.

الأمر الثاني: أنه لو كان بعض المحرمات منافيا مع الحج كالجماع و الاستمناء قبل الوقوف بمزدلفة علي القول به لا يصح الاحرام مع العزم علي ارتكابه أو مع التردد فيه إذ معه التنافي لا يعقل الجمع بين قصد الاحرام و العزم علي ارتكاب المنافي أو التردد فيه.

الأمر الثالث: أنه لو عزم علي الارتكاب أو تردّد فيه بعد تحقق الاحرام

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب اقسام الحج، الحديث 21.

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب اقسام الحج، الحديث 10.

(3) لاحظ ص 284.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 335

[الأمر الثاني: التلبية]
اشارة

الأمر الثاني: التلبية و صورتها أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، و الأحوط الأولي اضافة هذه الجملة «ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك» و يجوز

اضافة لك الي الملك بأن يقول «و الملك لك لا شريك لك لبيك» (1).

______________________________

صحيحا لا يوجب فساد الحج لعدم الدليل عليه و لا يقاس بباب الصلاة إذ يمكن أن يقال انّ العزم علي الاتيان بالمنافي أو التردد فيه يوجب بطلان الصلاة لانه يشترط فيها بقاء النية حتي في الأكوان المتخللة و مثل الصلاة الصوم فان العزم علي الابطال أو التردد فيه ينافي الصوم و أما في المقام فلا دليل علي البطلان و مقتضي القاعدة الاولية عدمه فلاحظ.

ثم انّ الاحرام هل يحصل بالتلبية كما هو مفاد جملة من النصوص أو يحصل بغير التلبية أيضا كما يستفاد من جملة من النصوص منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام كيف اصنع إذا أردت الاحرام قال: اعقد الاحرام في دبر الفريضة حتي اذا استوت بك البيداء فلبّ قلت أ رأيت اذا كنت محرما من طريق العراق قال: لبّ اذا استوي بك بعيرك «1» فانّ مقتضي هذه الرواية أنه يحصل بتحقق الاحرام بالنية في الميقات و لا يشترط تحققه بالتلبية و مع فرض التعارض يقدم هذه الرواية بالأحدثية فلاحظ.

(1) لا اشكال و لا كلام في وجوب التلبية و السيرة جارية عليها و عن الجواهر انه اجماعي نقلا و تحصيلا مضافا الي النصوص الدالة علي وجوبها انما الكلام في امرين احدهما انه هل يشترط تحقق الاحرام بها أم لا و قد تقدم منا انّ مقتضي الصناعة عدم الاشتراط.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 34 من أبواب الاحرام، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 336

______________________________

ثانيهما: أنها بأيّة صورة و يستفاد من حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال

التلبية ان تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك، لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك داعيا الي دار الاسلام لبيك لبيك غفّار الذنوب لبيك، لبيك اهل التلبية لبيك لبيك ذا الجلال و الاكرام لبيك لبيك تبدئ و المعاد أليك لبيك لبيك تستغني و يفتقر أليك لبيك لبيك مرهوبا و مرغوبا أليك لبيك لبيك إله الحق لبيك لبيك ذا النعماء و الفضل الحسن الجميل لبيك لبيك كشّاف الكرب العظام لبيك لبيك عبدك و ابن عبدك لبيك لبيك يا كريم لبيك تقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة و نافلة و حيث ينهض بك بعيرك و اذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك و بالاسحار و اكثر ما استطعت و اجهر بها و ان تركت بعض التلبية فلا يضرك غير ان تمامها افضل و اعلم انه لا بد من التلبيات الأربع التي كنّ في أول الكلام و هي الفريضة و هي التوحيد و بها لبّي المرسلون و اكثر من ذي المعارج فان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم كان يكثر منها.

و أوّل من لبّي ابراهيم عليه السّلام قال: ان اللّه عزّ و جلّ يدعوكم الي ان تحجوا بيته فأجابوه بالتلبية و لم يبقي احد اخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل و لا بطن امرأة الّا اجاب بالتلبية «1».

الواجب التلبيات الأربع كما في المتن و الزائد عليها مندوب، و أمّا ما أفاده الماتن من الاحتياط الاستحبابي بالنسبة الي جملة ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك فما أدري وجهه و ايّة خصوصية في

هذه الجهة بخصوصها كما انّ ما

______________________________

(1) الوسائل: الباب 40 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 337

[(مسألة 179): علي المكلف أن يتعلم الفاظ التلبية و يحسن أداءها بصورة صحيحة كتكبيرة الاحرام في الصلاة]

(مسألة 179): علي المكلف أن يتعلم الفاظ التلبية و يحسن أداءها بصورة صحيحة كتكبيرة الاحرام في الصلاة و لو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر فاذا لم يتعلّم تلك الألفاظ و لم يتيسّر له التلقين يجب عليه التلفظ بها بالمقدار الميسور و الاحوط في هذه الصورة الجمع بين الاتيان بالمقدار الذي يتمكن منه و الاتيان بترجمتها و الاستنابة لذلك (1).

______________________________

افاده من جواز اضافة «لك» الي الملك المستفاد من حديث عاصم بن حميد قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم لما انتهي الي البيداء حيث الميل قربت له ناقة فركبها فلمّا انبعثت به لبّي بالأربع فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة و الملك لك، لا شريك لك ثم قال: هاهنا يخسف بالاخابث ثم قال: ان الناس زادوا بعد و هو حسن «1» غير معلوم وجهه إذ لو قلنا بانه لا تعارض بين النصوص يكون كلها جائز العمل و يكون مفاد كل واحد منها مستحبا و ان قلنا بانها متعارضة لا بد من العمل علي طبق القواعد و الالتزام باستحباب مفاد الكل من باب استحباب مطلق الذكر و الذي يختلج بالبال أن يقال ان الواجب التلبيات الأربع و كلها افضل كما صرح في حديث معاوية و ما ورد في حديث عاصم أيضا جائز و محبوب و لا تنافي بين الامرين و اللّه العالم.

(1) أفاد في هذه المسألة أمرين:

الامر الأول: ان الواجب علي المكلف ان

يتعلم الفاظ التلبية بأي نحو و لو بتلقين الغير و الوجه فيه انّ الواجب التكلّم بهذه الألفاظ كما ورد عن الشرع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 36 من أبواب الاحرام، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 338

______________________________

الأقدس علي نحو يكون موافقا مع القواعد العرفية و بعبارة اخري يجب الاتيان بها صحيحا و وجوب شي ء يقتضي وجوب مقدمة ذلك الشي ء و هذا ظاهر واضح.

الامر الثاني: أنه لو لم يمكنه و لم يتعلم و لم يمكن التلقين يجب عليه الاتيان بها بالمقدار الميسور و مقتضي الدقة ان يقال الذي لا يتمكن تارة يكون عدم تمكنه ناشيا عن الاختيار و يكون مقصرا و اخري لا يكون كذلك و يكون معذورا أما القسم الاول فالظاهر انه مصداق لتارك الحج و لا فرق بينه و بين من لا يستأجر المركوب لوصوله الي ذلك المكان المقدس و اما القسم الثاني فهل يجب عليه التلفظ بالمقدار الميسور أو الاتيان بترجمتها أو الاستنابة الانصاف ان الجزم بوجوب احد هذه الامور في غاية الاشكال اما الاتيان بالمقدار الميسور فلا يتم علي طبق القاعدة الاولية و الاجزاء علي خلاف الاصل الاولي و أما الاستدلال بقاعدة الميسور فيرد عليه انه قد حقق في محله عدم تماميتها و اما الاستدلال بحديث مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السّلام يقول: انك قد تري من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح و كذلك الأخرس في القراءة في الصلاة و التشهّد و ما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم و المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلّم الفصيح، الحديث «1» فيرد عليه انه ضعيف به و أمّا الاستنابة فلا دليل عليها و

خبر زرارة ان رجلا قدم حاجّا لا يحسن ان يلبّي فاستفتي له أبو عبد اللّه عليه السّلام فامر له أن يلبّي عنه «2» ضعيف بضرير و أما الاتيان بالترجمة فأيضا لا دليل عليه نعم مقتضي الاحتياط الجمع بين الامور الثلاثة و لقائل أن يقول لا مجال للاحتياط في المقام

______________________________

(1) الوسائل: الباب 59 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 2.

(2) الوسائل: الباب 39 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 339

[(مسألة 180): الاخرس يشير الي التلبية بإصبعه مع تحريك لسانه]

(مسألة 180): الاخرس يشير الي التلبية بإصبعه مع تحريك لسانه و الأولي أن يجمع بينها و بين الاستنابة (1).

______________________________

لحرمة دخول المكلف مكة بلا احرام فاذا كان احرامه باطلا يكون كالعدم و يكون الدخول حراما عليه. و هل يسقط عنه الحج بحيث لو تمكن بعد ذلك و استطاع ان يحج الظاهر ان الحكم بعدم الوجوب مشكل غايته و صفوة القول ان مقتضي القاعدة الاولية سقوط وجوب كل مركب مع عدم امكان الاتيان به بجميع اجزائه و شرائطه نعم في باب الصلاة فقد دل الدليل علي عدم سقوطها بحال و لا بد من الاتيان بها بالمقدار الممكن منها.

(1) استدل عليه بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ان عليا صلوات اللّه عليه قال تلبية الاخرس و تشهده و قراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه و اشارته باصبعه «1» و الحديث ضعيف بالنوفلي و كونه في اسناد كامل الزيارات أو تفسير القمي لا اثر له فالحكم مبني علي الاحتياط و مقتضي القاعدة سقوط الحج عنه الا ان يتم الأمر بالاجماع و الحاصل كما تقدم قريبا ان الاتيان بالمقدار الميسور لا دليل عليه الّا في باب الصلاة فان المستفاد من النص أنها عماد

الدين و لا تسقط بحال و المحذور الذي تقدم قريبا جار في المقام أيضا.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 340

[(مسألة 181): الصبي غير المميز يلبّي عنه]

(مسألة 181): الصبي غير المميز يلبّي عنه (1).

[(مسألة 182): لا ينعقد احرام حج التمتع و احرام عمرته و احرام حج الافراد و احرام العمرة المفردة الّا بالتلبية]

(مسألة 182): لا ينعقد احرام حج التمتع و احرام عمرته و احرام حج الافراد و احرام العمرة المفردة الّا بالتلبية و اما حج القران فكما يتحقق احرامه بالتلبية يتحقق بالاشعار أو التقليد و الاشعار مختص بالبدن و التقليد مشترك بين البدن و غيرها من انواع الهدي و الأولي الجمع بين الاشعار و التقليد في البدن و الاحوط التلبية علي القارن و إن كان عقد احرامه بالاشعار أو التقليد ثم ان الاشعار هو شق السنام الايمن بأن يقوم المحرم من الجانب الأيسر من الهدي و يشق سنامه من الجانب الأيمن و يلطخ صفحته بدمه و التقليد هو ان يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلي فيها (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «1».

(2) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لا ينعقد احرام حج التمتع و احرام عمرته و احرام حج الافراد و احرام العمرة المفردة الّا بالتلبية و قد تقدم منا انّ مقتضي ما روي عن الرضا روحي فداه «2» تحقق الاحرام بالنية و العقد في الميقات و في المقام جملة من النصوص يستفاد منها جواز الاتيان بالمنافيات قبل التلبية منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بأن يصلي الرجل في مسجد الشجرة و يقول الذي يريد أن يقوله و لا يلبّي ثم يخرج فيصيب من الصيد و غيره فليس عليه فيه

______________________________

(1) لاحظ ص 24.

(2) لاحظ ص 335.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 341

______________________________

شي ء «1» و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يقع علي أهله بعد ما

يعقد الاحرام و لم يلبّ قال ليس عليه شي ء «2» و منها ما رواه حفص بن البختري و عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه صلّي ركعتين في المسجد الشجرة و عقد الاحرام ثم خرج فأتي بخبيص فيه زعفران فأكل منه «3» و منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل إذا تهيّأ للاحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبّي «4» و منها ما أرسله جميل بن درّاج عن أحدهما عليهما السّلام في رجل صلّي الظهر في مسجد الشجرة و عقد الاحرام ثم مسّ طيبا أو صاد صيدا أو واقع أهله قال ليس عليه شي ء ما لم يلبّ «5» و منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل المحرم يدهن بعد الغسل قال: نعم الحديث «6» و منها ما أرسله النضر بن سويد قال: كتبت الي أبي ابراهيم عليه السّلام رجل دخل مسجد الشجرة فصلّي و احرم و خرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبّي ان ينقض ذلك بمواقعة النساء أله ذلك فكتب نعم أو لا بأس به «7» فان قلنا بأنه لا تعارض بين الطرفين بأن نقول يتحقق الاحرام بالنية في الميقات و يترتب حكم المنافيات بعد التلبية فنعم المطلوب و ان قلنا بالتعارض فالترجيح مع حديث

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

(5) نفس المصدر، الحديث 9.

(6) نفس المصدر، الحديث 11.

(7) نفس المصدر، الحديث 12.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 342

______________________________

البزنطي للاحدثية الا أن يتم الامر بالاجماع و

الاتفاق و اللّه العالم.

و لقائل أن يقول ان المستفاد من حديث البزنطي ان شرط تحقق الاحرام التلبية فلا تنافي بين النصوص و بعبارة اخري الراوي يسأل الامام عليه السّلام عن كيفية الاحرام و الامام يجيب بانه عبارة عن عقده أي نية الاتيان بالواجبات و التلبية فلا تنافي بين عقده و اشتراطه بها كما لو سئل السائل احدا عن كيفية غسل الجنابة و المسئول يجيب بأنه عبارة عن غسل الرأس و الجانبين و قراءة سورة من سور القرآن و الظاهر انّ هذا التقريب تام فلا تعارض بين هذه الرواية و حديث معاوية ابن عمّار «1» حيث قال عليه السّلام يوجب الاحرام ثلاثة أشياء التلبية و الاشعار و التقليد فاذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد احرم و بهذا النحو نجمع بين الطرفين و قد جمع سيدنا الاستاد قدّس سرّه بينهما بأن المراد من قول السائل «بعد ما عقد الاحرام» نية الاحرام و هذا الجمع خلاف الظاهر مضافا الي انه نسأل ان السائل هل فرض في سؤاله انه نوي في الميقات نية الاتيان بالاعمال أم لا أما علي الأول فتحقق الاحرام إذ المراد من الاحرام كما تقدم نية الاتيان بالاعمال و أما علي الثاني فمضافا الي انه خلاف الظهور يلزم جواز تأخير الاحرام عن الميقات و هل يمكن القول به و بعبارة واضحة تارة نقول يجوز تأخير التلبية التي تكون شرطا في الاحرام و اخري نقول يجوز تأخير الاحرام عن الميقات فلاحظ.

الفرع الثاني: انه لا يتحقق احرام حج التمتع و احرام عمرته و حج الافراد و العمرة المفردة الّا بالتلبية و الدليل عليه قوله عليه السّلام في حديث ابن عمّار يوجب الاحرام ثلاثة أشياء التلبية و الاشعار

و التقليد فانه يستفاد من هذه الرواية أنه لا يتحقق الاحرام في غير حج القران الّا بالتلبية مضافا الي ان السيرة جارية علي

______________________________

(1) لاحظ ص 284.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 343

______________________________

المنوال المذكور.

الفرع الثالث: ان احرام حج القران كما يتحقق بالتلبية كذلك يتحقق بالاشعار أو التقليد و هذا هو المعروف بين القوم علي ما في كلام سيدنا الاستاد قدّس سرّه و يدل علي المدعي قوله عليه السّلام في حديث ابن عمّار ان الاحرام يحصل بالتلبية أو الاشعار أو التقليد و في حديث آخر «1» و الاشعار و التقليد بمنزلة التلبية و صفوة القول أنه لا اشكال و لا كلام في لزوم الاحرام للحج و العمرة هذا من ناحية و من ناحية اخري يستفاد من النص أنه يتحقق الاحرام بالتلبية علي الاطلاق لاحظ حديث معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: تحرمون كما أنتم في محاملكم تقول لبيك اللهم لبيك لبّيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك بمتعة بعمرة الي الحج «2».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الاحرام يتحقق بالتلبية في كل مورد يكون الاحرام لازما و لاحظ جملة من النصوص الواردة في هذا الباب الدالة علي المدعي منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا احرمت من مسجد الشجرة فان كنت ماشيا لبّيت من مكانك من المسجد تقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبّيك، لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك بحجة تمامها عليك، و اجهر بها كلّما ركبت و كلّما نزلت و كلّما هبطت واديا أو علوت اكمة أو لقيت راكبا و بالاسحار

«3» و منها ما روي عن الحسن بن علي العسكري عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم في

______________________________

(1) لاحظ ص 284.

(2) الوسائل: الباب 40 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 40 من أبواب الاحرام، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 344

______________________________

حديث موسي عليه السّلام فنادي ربنا عز و جل يا امة محمد فاجابوه كلهم و هم في اصلاب آبائهم و في أرحام امهاتهم لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك قال فجعل اللّه عزّ و جلّ تلك الاجابة شعار الحج «1».

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص الاخر منها ما رواه الحلبي قال:

سألته لم جعلت التلبية فقال ان اللّه عزّ و جلّ أوحي الي ابراهيم عليه السّلام ان أَذِّنْ فِي النّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالًا وَ عَليٰ كُلِّ ضٰامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فنادي فاجيب من كل وجه يلبون «2».

و منها ما رواه سليمان بن جعفر قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن التلبية و علتها فقال: ان الناس إذا احرموا ناداهم اللّه تعالي ذكره فقال: يا عبادي و أمائي لأحرمنّكم علي النار كما أحرمتم لي فقولهم لبّيك اللهم لبيك، اجابة للّه عزّ و جلّ علي ندائه لهم «3».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن التلبية لم جعلت فقال: لان ابراهيم عليه السّلام حين قال اللّه عزّ و جلّ له وَ أَذِّنْ فِي النّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالًا نادي و اسمع فاقبل الناس من كل وجه يلبّون فلذلك جعلت التلبية «4».

فان المستفاد

من هذه النصوص ان الاحرام يتحقق بالتلبية في كل ما يتوقف

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) الباب 36 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 36 من أبواب الاحرام، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 345

______________________________

عليه بلا فرق بين حج التمتع و القران و الافراد غاية الامر قد دل الدليل علي ان الاشعار و التقليد بمنزلة التلبية فما عن السيد و ابن ادريس من عدم انعقاد احرام القارن الا بالتلبية غير سديد كما ان ما عن جملة من الاجله من انعقاده منه مشروط بالعجز عن التلبية أيضا غير تام فان المحكم اطلاق النص الدال علي الجواز فلاحظ.

الفرع الرابع: ان الاشعار مختص بالبدن و الوجه فيه ان دليل الاشعار وارد في خصوص البدن و يكفي لعدم الجواز عدم الدليل في غيره و ان شئت فقل ان العبادات توقيفية و لا بد من قيام الدليل عليها.

الفرع الخامس: انّ الاولي في البدن الجمع بين الاشعار و التقليد و الحق ان يقال يلزم الجمع بين الامرين فيها و الوجه فيه النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: البدن تشعر في الجانب الأيمن و يقوم الرجل في الجانب الأيسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلّي فيها «1».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا قال: البدنة يشعرها من جانبها الايمن ثم يقلدها بنعل قد صلي فيها «2» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «3» و منها ما رواه حريز بن عبد اللّه «4» فان المستفاد من هذه الروايات لزوم الجمع بين الامرين و لا يعارضها ما رواه عمر بن يزيد «5» اذ الاطلاق قابل للتقييد و

ليس بعزيز

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب أقسام الحج، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 17.

(3) لاحظ ص 333.

(4) لاحظ ص 284.

(5) لاحظ ص 333- 334.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 346

______________________________

و يستفاد من حديث معاوية بن عمّار «1» الاجزاء مع عدم اشعار الهدي و تقليده و يمكن ان يقال انه لا تعارض بين الجانبين فان المستفاد من نصوص الوجوب لزومهما أو لزوم أحدهما و المستفاد من هذه الرواية العفو و بعبارة اخري المستفاد من مجموع النصوص ان الاشعار و التقليد أو أحدهما لازم و واجب لكن المكلف إذا لم يأت بهما يقبل العمل منه و إن أبيت مما ذكرنا و قلت يكون النصوص متعارضة فان مقتضي مفهوم حديث معاوية بن عمّار «2» عدم تحقق الاحرام الّا بأحد هذه الامور الثلاثة و مقتضي خبره الآخر «3» الاجزاء نقول يلزم الاتيان باحد الامور المذكورة و الا يشكل احرامه و صفوة القول انه بعد تعارض النصوص و عدم تميز الاحدث عن الحادث و الجديد عن القديم نقول يلزم أصل الاحرام بلا اشكال و يشك في لزوم الاكثر و مقتضي الاصل عدم وجوب الاكثر كما في بقية الموارد فلا تقل بأن حديث ابن عمار الدال علي كفاية أحد الامور مرجعا بعد التعارض بل هو طرف المعارضة فانه بعد سقوط الجميع تصل النوبة الي الاصل العملي كما تقدم فلاحظ.

الفرع السادس: أنه يكفي أحد الأمرين للقارن إذا كان هديه من البدن و الوجه فيه اطلاق الدليل لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «4» و لاحظ ما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «5» و ان شئت فقل يكفي أحد الامرين علي كلا التقديرين أي اعم من

______________________________

(1) لاحظ ص 334.

(2) لاحظ

ص 284.

(3) لاحظ ص 334.

(4) لاحظ ص 284.

(5) لاحظ ص 284.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 347

______________________________

كون النصوص متعارضة أو لا تكون أما علي الأول فلأصل البراءة عن الأكثر و أما علي الثاني فان صناعة الجمع تقتضي ما ذكر فلاحظ.

الفرع السابع: ان الأحوط في القارن الجمع بين التلبية و الاشعار أو التقليد و الوجه فيه الخروج عن شبهة الخلاف فانه تقدم خلاف السيد و غيره و اللّه العالم.

الفرع الثامن: ان الاشعار هو شق السنام الأيمن بأن يقوم المحرم من الجانب الأيسر من الهدي و يشق سنامه من الجانب الأيمن لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «1» هذا فيما لا تكون البدن كثيرة و أما لو كانت كذلك فيقوم الرجل بين كل بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن و يشعر هذه من الشق الأيسر لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه «2» و أما لطخ صفحة الهدي فالظاهر أنه لا دليل عليه فالحكم مبني علي الاحتياط.

و في المقام طائفة من النصوص تدل علي لزوم كونها باركة حين الاشعار و قائمة حين النحر لاحظ ما رواه الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البدن كيف تشعر قال تشعر و هي باركة و يشق سنامها الأيمن و تنحر و هي قائمة من قبل الأيمن «3» و ما رواه عبد اللّه بن سنان «4» و قد تقدم ان النتيجة ان الجامع واجب و الزائد لا يلزم.

الفرع التاسع: ان التقليد عبارة عن تعليقه نعلا خلقا صلي فيها علي رقبة الهدي لاحظ ما رواه ابن عمار و تقدم قريبا و أما جواز تجليل الهدي بدلا عن

______________________________

(1) لاحظ ص 345.

(2) لاحظ ص 284.

(3) الوسائل: الباب 12 من أبواب اقسام

الحج، الحديث 14.

(4) لاحظ ص 333.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 348

[(مسألة 183): لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر و الأكبر في صحة الاحرام]

(مسألة 183): لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر و الأكبر في صحة الاحرام فيصح الاحرام من المحدث بالاصغر أو الأكبر كالمجنب و الحائض و النفساء و غيرهم (1).

______________________________

الاشعار و التقليد فقد دل عليه حديث الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن تجليل الهدي و تقليدها فقال: لا تبالي أيّ ذلك فعلت و سألته عن اشعار الهدي فقال: نعم من الشق الأيمن فقلت متي يشعرها قال: حين يريد أن يحرم «1».

و الحديث ضعيف بمعلي بن محمد و أما حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

كان الناس يقلدون الغنم و البقر و انما تركه الناس حديثا و يقلدون بخيط و سير «2» فيعارضه حديث ابن عمار و الترجيح مع حديث ابن عمار بالأحدثية فلاحظ.

(1) و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الأول: الأصل الجاري في موارد الشك بين الأقل و الأكثر الارتباطيين فان مقتضاه عدم الاشتراط.

الوجه الثاني: اطلاق ادلة الاحرام فان مقتضي الاطلاق المقامي عدم الاشتراط.

الوجه الثالث: النص الخاص لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المرأة الحائض تحرم و هي لا تصلي قال: نعم اذا بلغت الوقت فلتحرم «3»، و لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض تريد الاحرام قال: تغتسل و تستثفر و تحتشي بالكرسف و تلبس ثوبا دون

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب اقسام الحج، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 9.

(3) الوسائل: الباب 48 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 349

[(مسألة 184): التلبية بمنزلة تكبيرة الاحرام في الصلاة]

(مسألة 184): التلبية بمنزلة تكبيرة الاحرام في الصلاة فلا يتحقق الاحرام الا بها أو بالاشعار أو التقليد لخصوص القارن فلو نوي الاحرام

و لبس الثوبين و فعل شيئا من المحرمات قبل تحقق الاحرام لم يأثم و ليس عليه كفارة (1).

______________________________

ثياب احرامها و تستقبل القبلة و لا تدخل المسجد و تهلّ بالحج بغير الصلاة «1» و لاحظ ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل عن امرأة حاضت و هي تريد الاحرام فتطمث قال: تغتسل و تحتشي بكرسف و تلبس ثياب الاحرام و تحرم فاذا كان الليل خلعتها و لبست ثيابها الاخر حتي تطهر «2» و لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض تحرم و هي حائض قال: نعم تغتسل و تحتشي و تصنع كما تصنع المحرمة و لا تصلّي «3».

و ما تضمن بعض النصوص من اشتراط احرامها بجملة من الأمور لا يجب بمقتضي السيرة الجارية علي خلافها.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه ما دام المكلف لم يحرم يجوز له الاتيان بالمحرمات علي المحرم و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «4» و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «5» و منها ما رواه حفص بن البختري و ابن الحجاج «6» و منها

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) لاحظ ص 340.

(5) لاحظ ص 341.

(6) لاحظ ص 341.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 350

______________________________

ما عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام انهما قالا اذا صلّي الرجل الركعتين و قال الذي يريد أن يقول من حج أو عمرة في مقامه ذلك فانه انما فرض علي نفسه الحج و عقد عقد الحج و قالا ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله

و سلّم حيث صلّي في مسجد الشجرة صلّي و عقد الحج و لم يقل صلّي و عقد الاحرام فلذلك صار عندنا ان لا يكون عليه فيما أكل مما يحرم علي المحرم و لانه قد جاء في الرجل يأكل الصيد قبل أن يلبّي و قد صلّي و قد قال الذي يريد أن يقول و لكن لم يلبّ، و قالوا: قال أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام يأكل الصيد و غيره فانما فرض علي نفسه الذي قال فليس له عندنا أن يرجع حتي يتم احرامه فانما فرضه عندنا عزيمته حين فعل ما فعل لا يكون له أن يرجع الي أهله حتي يمضي و هو مباح له قبل ذلك و له أن يرجع متي ما شاء و اذا فرض علي نفسه الحج ثم أتم بالتلبية فقد حرم عليه الصيد و غيره و وجب عليه في فعله ما يجب علي المحرم لانه قد يوجب الاحرام ثلاثة أشياء الاشعار و التلبية و التقليد فاذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد احرم و اذا فعل الوجه الآخر قبل أن يلبّي فلبّي فقد فرض «1» و منها ما أرسله جميل بن دراج عن أحدهما عليهما السّلام انه قال في رجل صلّي في مسجد الشجرة و عقد الاحرام و اهل بالحج ثم مس الطيب و أصاب طيرا أو وقع علي أهله قال: ليس بشي ء حتي يلبّي «2» و منها ما رواه علي بن عبد العزيز قال: اغتسل أبو عبد اللّه عليه السّلام للاحرام بذي الحليفة ثم قال لغلمانه هاتوا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب الاحرام، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 351

______________________________

ما عندكم من

الصيد حتي ناكله فأتي بحجلتين فأكلهما «1» و منها ما رواه عبد اللّه بن مسكان مثله الي قوله حتي نأكله الا أنه قال للاحرام ثم أتي مسجد الشجرة فصلّي «2».

و منها ما رواه حريز «3» و منها ما ارسله جميل بن درّاج «4» و منها ما رواه زياد ابن مروان قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام ما تقول في رجل تهيأ للاحرام و فرغ من كل شي ء الصلاة و جميع الشروط الا أنه لم يلبّ أله أن ينقض ذلك و يواقع النساء فقال نعم «5» و منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء «6» و منها ما أرسله النضر بن سويد «7» و منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فيمن عقد الاحرام في مسجد الشجرة ثم وقع علي أهله قبل أن يلبّي قال: ليس عليه شي ء «8».

الفرع الثاني: ان الاشعار و التقليد بمنزلة التلبية بالنسبة الي القارن و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن البدن كيف تشعر قال: تشعر و هي معقولة و تنحر و هي قائمة تشعر من جانبها

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) لاحظ ص 341.

(4) لاحظ ص 341.

(5) الوسائل: الباب 14 من أبواب الاحرام، الحديث 10.

(6) لاحظ ص 341.

(7) لاحظ ص 341.

(8) الوسائل: الباب 14 من أبواب الاحرام، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 352

[(مسألة 185): الأفضل لمن حج عن طريق المدينة تأخير التلبية الي البيداء]

(مسألة 185): الأفضل لمن حج عن طريق المدينة تأخير التلبية الي البيداء و لمن حج عن طريق آخر تأخيرها الي أن يمشي قليلا و لمن حج من مكة تأخيرها الي الرقطاء

و لكن الأحوط التعجيل بها مطلقا و يؤخر الجهر بها الي المواضع المذكورة (1).

______________________________

الايمن و يحرم صاحبها إذا قلّدت و اشعرت «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «2» و منها ما رواه حريز بن عبد اللّه «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «4».

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أن الأفضل لمن حج عن طريق المدينة تأخير التلبية الي البيداء و المنقول عن بعض لزوم التأخير الي البيداء لمن حج عن طريق المدينة و عن بعض تخصيص الحكم بالراكب و المرجع نصوص الباب فلا بد من ملاحظتها فنقول قد دلت جملة من النصوص علي وجوب التأخير منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا صلّيت عند الشجرة فلا تلبّ حتي تأتي البيداء حيث يقول الناس يخسف بالجيش «5» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يكن يلبّي حتي يأتي البيداء «6» و منها ما رواه معاوية ابن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صل المكتوبة ثم احرم بالحج أو بالمتعة و اخرج

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب اقسام الحج، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 277.

(3) لاحظ ص 284.

(4) لاحظ ص 284.

(5) الوسائل: الباب 34 من أبواب الاحرام، الحديث 4.

(6) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 353

______________________________

بغير تلبية حتي تصعد الي أوّل البيداء الي أوّل ميل عن يسارك فاذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فلبّ الحديث «1» و منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر «2» و منها

ما رواه معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التهيؤ للاحرام فقال في مسجد الشجرة فقد صلّي فيه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قد تري اناسا يحرمون فلا تفعل حتي تنتهي إلي البيداء حيث الميل فتحرمون كما انتم في محاملكم تقول لبّيك اللهم لبّيك الحديث «3» و منها ما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا صلّيت في مسجد الشجرة فقل و أنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم ثم قم فامش حتي تبلغ الميل و تستوي بك البيداء فاذا استوت بك فلبّه «4» و لا ريب في أنه لا يلزم العمل بظواهر هذه النصوص فانه لا اشكال و لا كلام في جواز الاحرام من الشجرة و عليه السيرة القطعية و الاشكال فيه يقرع الاسماع و يعد غريبا عند أهل الشرع اضف الي ذلك ان حديث ابن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام «روحي فداه» قال: قلت له إذا أحرم الرجل في دبر المكتوبة أ يلبّي حين ينهض به بعيره أو جالسا في دبر الصلاة قال أيّ ذلك شاء صنع «5» يدل علي التخيير بين الأمرين و علي فرض التعارض يكون الترجيح مع حديث ابن عمار لكن لك أن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 34 من أبواب الاحرام، الحديث 6.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 1، ص: 353

(2) لاحظ ص 335.

(3) الوسائل: الباب 34 من أبواب الاحرام، الحديث 3.

(4) الوسائل: الباب 35 من أبواب الاحرام، الحديث 3.

(5) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك،

ج 1، ص: 354

______________________________

تقول ان حديث البزنطي «1» أحدث فان ابن عمار من أصحاب الكاظم عليه السّلام و حديث البزنطي عن الرضا روحي فداه، أما التفصيل بين الراكب و الماشي فيستفاد من حديث عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان كنت ماشيا فاجهر باهلالك و تلبيتك من المسجد و إن كنت راكبا فاذا علت بك راحلتك البيداء «2» فان المستفاد من هذا الحديث التفصيل بين الراكب في البيداء و الماشي من المسجد بتخصيص الاجهار من المسجد بالثاني و الاجهار في البيداء بالأوّل و لا يرتبط الحديث بالمقام إذ لا اشكال في عدم وجوب الاجهار فيمكن القول بالتفصيل بين الموردين بالنسبة الي الافضلية فالنتيجة جواز التلبية من الشجرة و يجوز تأخيره الي البيداء.

إن قلت كيف يجوز التأخير مع وجوب كون الاحرام من الميقات و التجاوز عن الميقات بغير الاحرام غير جائز قلت الأمر بيد الشارع الاقدس و التخصيص في الأحكام الشرعية لا يكون عزيزا مضافا الي ان عقد الاحرام أي نية الاتيان بالاعمال في الميقات غاية الامر أنه لا يتحقق دخول المكلف في حرم اللّه و حبسه الا بالتلبية فتلخص أنه يجوز التعجيل كما انه يجوز التأخير و مقتضي الاحتياط الاتيان بها في كلا الموضعين.

الفرع الثاني: انّ الافضل لمن حج عن غير طريق المدينة تأخيرها الي ان يمشي قليلا و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي حديثان أحدهما ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان احرمت من غمرة أو من بريد البعث صليت و قلت ما يقول المحرم في دبر صلاتك و ان شئت لبيت من موضعك و الفضل ان

______________________________

(1) لاحظ ص 335.

(2) الباب 34 من

هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 355

______________________________

تمشي قليلا ثم تلبّي «1» و ثانيهما ما رواه البزنطي «2» بدعوي انّ العرف يفهم عموم الحكم و الانصاف ان الدعوي المذكورة خالية عن الشاهد لا سيما بالنسبة الي الحكم الشرعي الذي يكون تعبديا محضا فلا بد من مراعاة الاحتياط.

الفرع الثالث: انه لو احرم من مكة فعن الصدوق انه يستحب تأخيرها الي الرقطاء و عن بعض التفصيل بين الراكب و الماشي و العمدة النصوص فنقول من تلك النصوص ما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و اذا اهللت من المسجد الحرام للحج فان شئت لبّيت خلف المقام و افضل ذلك ان تمضي حتي تأتي الرقطاء و تلبّي قبل أن تصير الي الابطح «3» و مقتضي هذه الرواية جواز التلبية خلف المقام و تأخيرها الي الرقطاء و الافضل هو الثاني و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: إذا أردت أن تحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين اردت أن تحرم الي أن قال ثم تلبّي من المسجد الحرام كما لبيت حين احرمت «4».

و مقتضي هذه الرواية جواز الاحرام من المسجد و منها ما رواه زرارة قال:

قلت لأبي جعفر عليه السّلام متي ألبّي بالحج فقال اذا خرجت الي مني ثم قال: إذا جعلت شعب الرب علي يمينك و العقبة علي يسارك فلبّ بالحج «5».

و الحديث ضعيف بسليمان بن محمد و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 35 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 335.

(3) الوسائل: الباب 46 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في

شرح المناسك، ج 1، ص: 356

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم التروية ان شاء اللّه فاغتسل ثم البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا و عليك السكينة و الوقار ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثم اقعد حتي تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين احرمت من الشجرة فاحرم بالحج و عليك السكينة و الوقار فاذا انتهيت الي فضاء دون الروم فلبّ فاذا انهيت الي الروم و اشرفت علي الابطح فارفع صوتك بالتلبية حتي تأتي مني «1» و لا تنافي بين هذه الرواية و الحديث الدال علي كون الافضل التأخير الا أن يقال ان المستفاد من ذلك الحديث الفضل و من هذا الحديث التعيّن فيقع التعارض بين الجانبين لكن لا اشكال في جواز الاحرام من المسجد فان السيرة القطعية جارية عليها و الخدش في جوازها يعدّ من غرائب الكلام مضافا الي أنه بعد المعارضة تصل النوبة الي التساقط و الاخذ بالاصل و مقتضاه عدم التقييد فالنتيجة هو الجواز من المسجد حال كون القول المذكور موافقا للاحتياط و لقائل أن يقول لا بد من رفع اليد عن التعين المستفاد من حديث ابن عمّار بعد جوازها من المسجد بالسيرة فلا يجب التأخير الي فضاء فلا مانع عن العمل علي طبق حديث الفضلاء الدال علي ان الفضل هو التأخير.

و منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة ثم صل ركعتين خلف المقام ثم اهلّ بالحج فان كنت ماشيا فلبّ عند المقام و إن كنت راكبا فاذا نهض بك بعيرك و صلّ الظهر ان قدرت

بمني الحديث «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 52 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 46 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 357

______________________________

و مقتضي هذه الرواية التفصيل بين الماشي و الراكب بكون التلبية عند المقام بالنسبة الي الماشي و بالنسبة الي الراكب التأخير الي زمان نهوض البعير ففي النظرة الاولي يختلج بالبال أن يقال لا بد من تخصيص دليل جواز التأخير بهذه الرواية بان يقال يجب التلبية بالنسبة الي الماشي أن تكون عند المقام و اما بالنسبة الي الراكب فيجوز التأخير الي زمان نهوض الحيوان لكن حيث ان التلبية لا تجب ادائها عند المقام بل تجوز في كل جزء من المسجد لا يبقي مجال للتقييد و التخصيص فالنتيجة ان التأخير الي الرقطاء جائز بالنسبة الي مطلق الحاج بلا فرق بين الماشي و الراكب و يجوز التأخير للراكب الي زمان نهوض الحيوان بالنسبة الي الراكب فانه قد ثبت في الاصول انه اذا وقع التعارض بين الاسباب كما لو قال اذا خفي الاذان فقصر و في دليل آخر اذا خفي الجدران فقصر تكون النتيجة الالتزام بكفاية احد الامرين و الامر في المقام كذلك اذ المذكور في حديث عمر بن يزيد كفاية نهوض الحيوان بالنسبة الراكب و المذكور في الحديث الآخر الانتهاء الي الرقطاء فيكفي أحدهما.

بقي شي ء و هو ان عمر بن يزيد مشترك بين الموثق و غيره فما الحيلة في التشخيص و لذا نقول المستفاد من كلام يسدنا الاستاد في رجاله في هذا المقام ان المعروف المشهور هو بياع السابري و قد حقق في محله ان المشترك ينصرف عند الاطلاق الي هو المعروف المشهور هذا من ناحية و من ناحية اخري ان بياع السابري

وثق فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 358

و البيداء بين مكة و المدينة علي ميل من ذي الحليفة نحو مكة «1» و الرقطاء موضع يسمي مدعي دون الردم (2).

[(مسألة 186): يجب لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة]

(مسألة 186): يجب لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة و لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم اذا جاء من خارج الحرم و عند مشاهدة الكعبة ان كان قد خرج من مكة لاحرامها و من حج بأي نوع من أنواع الحج قطعها عند الزوال من يوم عرفة (3)

______________________________

(1) قال الطريحي قدّس سرّه و البيداء أرض مخصوصة بين مكة و المدينة علي ميل ذي الحليفة نحو مكة.

(2) قال الطريحي الرقطاء موضع دون الردم و قال في مادة (دعا) المدعي موضع دون الردم يعبّر عنه بالرقطاء الي آخر كلامه و عن الفاضل الأسترآبادي انه بعد تفتيش التاريخ لم نجد فيه ان يكون رقطاء اسم موضع و علي هذا الاساس يكون مقتضي الاستصحاب عدم الوصول الي ذلك المحل الي ان يثق بالوصول.

(3) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انه يجب لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة و يقع الكلام في هذا الفرع في مقامين:

المقام الأول: في وجوب القطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه الحلبي عن

______________________________

(1) لاحظ ص 299.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 359

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التمتع اذا نظر الي بيوت مكة قطع التلبية «1» و منها ما رواه ابن أبي نصر «2» و منها ما رواه سدير قال: قال أبو جعفر و أبو عبد

اللّه عليهما السّلام اذا رأيت ابيات مكة فاقطع التلبية «3» و منها ما رواه عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن تلبية المتمتع متي يقطعها قال: إذا رأيت بيوت مكة «4» فان مقتضي هذه الروايات وجوب قطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة و من الظاهر بحسب الفهم العرفي ان الميزان الوصول الي موضع تمكن المشاهدة فالميزان بهذا الحد و لا خصوصية للمشاهدة بحيث لو كان الحاج أعمي لا يشمله الحكم كما ان العرف يفهم انه لا موضوعية لبقاء البيوت بل الميزان هو الحد و لعل الماتن لهذه الجهة عبّر بقوله «بموضع البيوت» و في المقام حديث رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته أين يمسك المتمتع عن التلبية فقال إذا دخل البيوت بيوت مكة لا بيوت الابطح «5» و المستفاد منه يعارض بقية النصوص حيث ان المستفاد منه كون الميزان دخول البيوت و الترجيح مع تلك النصوص بالاحدثية فان الحديث الرابع «6» من الباب عن الرضا عليه السّلام و في المقام نصوص تدل علي ان المعتمر يقطع التلبية عند دخول الحرم منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و إن كنت معتمرا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 43 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

(2) لاحظ ص 299.

(3) الوسائل: الباب 43 من أبواب الاحرام، الحديث 5.

(4) الوسائل: الباب 43 من أبواب الاحرام، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 7.

(6) لاحظ ص 299.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 360

______________________________

فاقطع التلبية اذا دخلت الحرم «1» و منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل مكة مفردا للعمرة فليقطع

التلبية حين تضع الابل اخفافها في الحرم «2» و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يقطع التلبية المعتمر اذا دخل الحرم «3» و العمرة بإطلاقها تشمل عمرة التمتع لكن مقتضي القاعدة تقييد هذه النصوص بما تقدم حيث دلت تلك النصوص علي ان الميزان في المتمتع مشاهدة بيوت مكة و مما ذكر يظهر وجه الجمع بين ما تقدم و حديث عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث و من خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتي ينظر الي الكعبة «4».

هذا تمام الكلام في المقام الأول.

و أما المقام الثاني: و هو انّ حد بيوت مكة عقبة المدنيّين فيدل عليه ذيل حديث معاوية بن عمّار «5».

الفرع الثاني: ان من اعتمر عمرة مفرده من خارج الحرم يقطع التلبية عند دخول الحرم و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «6» و منها ما رواه عمر بن يزيد المتقدم آنفا و منها ما رواه مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 45 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 45 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 8.

(5) لاحظ ص 299.

(6) لاحظ ص 359.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 361

______________________________

يقطع صاحب العمرة المفردة التلبية إذا وضعت الابل اخفافها في الحرم «1».

و يستفاد من طائفة من النصوص ان الميزان في قطع التلبية بالنسبة الي من اعتمر العمرة المفردة مشاهدة بيوت مكة منها ما رواه يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة من أين يقطع التلبية قال: إذا

رأيت بيوت ذي طوي فاقطع التلبية «2» و الحديث ضعيف بمحسن فانه لم يوثق و للحديث طريق آخر و هو ما رواه الصدوق باسناده الي يونس و طريقه إليه ضعيف علي ما كتبه الحاجياني و منها ما رواه البزنطي قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الرجل يعتمر عمرة المحرم من أين يقطع التلبية قال: كان أبو الحسن عليه السّلام من قوله يقطع التلبية اذا نظر الي بيوت مكة «3» و يقع التعارض بين هذه الرواية و بين الطائفة الاولي و مقتضي القاعدة تخصيص حديث البزنطي بتلك الطائفة فان حديث البزنطي و ان كان واردا في عمرة المفردة بلحاظ ذكر المحرم لكن مطلق من حيث كون الابتداء من داخل الحرم أو خارجه و تلك النصوص تختص بكون الاحرام من الخارج فتكون مخصصة و مقيدة للاطلاق و منها ما رواه فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام قلت: دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية قال: حيال العقبة عقبة المدينين فقلت ابن عقبة المدينين قال: بحيال القصارين «4»، و الحديث بكلا سنديه ضعيف اما بسند الصدوق فهو ضعيف علي ما كتبه الحاجياني و اما اسناد الشيخ إليه فالظاهر

______________________________

(1) الوسائل: الباب 45 من أبواب الاحرام، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 12.

(4) نفس المصدر، الحديث 11.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 362

______________________________

انه غير معلوم فلا يكون الحديث معتبرا.

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتي ينظر الي المسجد «1» و هذه الرواية تختص بالاحرام داخل الحرم و منها ما رواه عمر بن يزيد «2» و هذه الرواية

مطلقة من حيث كون الاحرام من خارج الحرم أو داخله فيقيد بما يدل علي ان الميزان دخول الحرم فلاحظ.

الفرع الثالث: ان من اعتمر عمرة مفردة من ادني الحل يقطع التلبية عند مشاهدة الكعبة و النصوص الواردة في المقام علي طوائف:

الطائفة الاولي: ما يدل علي ان المعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة و الدال عليه حديث البزنطي «3» و طائفة تدل علي من اعتمر من التنعيم يقطع التلبية عند مشاهدة المسجد و الدليل عليه حديث معاوية بن عمّار المتقدم آنفا.

و طائفة تدل علي من خرج عن مكة يريد العمرة يقطع التلبية عند مشاهدة الكعبة لاحظ ما رواه عمر بن يزيد المتقدم آنفا.

و طائفة تدل علي انّ المعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية اذا وضعت الابل اخفافها في الحرم و الدليل عليه حديث مرازم «4».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) لاحظ ص 360.

(3) لاحظ ص 361.

(4) لاحظ ص 360.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 363

______________________________

فنقول بالنسبة الي العمرة المفردة المرجح حديث البزنطي لكونه احدث يبقي التعارض بين حديث معاوية بن عمار و عمر بن يزيد «1» و حيث انّ حديث ابن عمار اخص اذ قيد بخصوص الاعتمار من التنعيم يقيد حديث ابن يزيد بحديث ابن عمّار.

الفرع الرابع: انّ الحاج بأي نوع كان يقطع التلبية عند الزوال من يوم عرفة و تدل عليه عدة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام انه قال: الحاج يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قطع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم التلبية حين زاغت الشمس يوم

عرفة و كان علي بن الحسين عليهما السّلام يقطع التلبية اذا زاغت الشمس يوم عرفة قال أبو عبد اللّه عليه السّلام فاذا قطعت التلبية فعليك بالتهليل و التحميد و التمجيد و الثناء علي اللّه عزّ و جلّ «3».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: ان كنت قارنا بالحج فلا تقطع التلبية حتي يوم عرفة عند زوال الشمس «4» و منها ما رواه ابن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية عند زوال الشمس «5» و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال:

سألته عن رجل احرم بالحج و العمرة جميعا متي يحل و يقطع التلبية قال: يقطع

______________________________

(1) لاحظ ص 360.

(2) الوسائل: الباب 44 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 44 من أبواب الحرام، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 364

[(مسألة 187): إذا شك بعد لبس الثوبين و قبل التجاوز من الميقات في أنه قد أتي بالتلبية أم لا]

(مسألة 187): إذا شك بعد لبس الثوبين و قبل التجاوز من الميقات في أنه قد أتي بالتلبية أم لا بني علي عدم الاتيان و اذا شك بعد الاتيان بالتلبية انه أتي بها صحيحة أم لا بني علي الصحة (1).

______________________________

التلبية يوم عرفة اذا زالت الشمس و يحلّ اذا ضحي «1» و منها ما عن الصادق عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قطع التلبية يوم عرفة عند زوال الشمس قلت: انا نروي انه لم يزل يلبّي حتي رمي جمرة العقبة الي أن قال: فقال أبو جعفر عليه السّلام انما قطع

رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم التلبية يوم عرفة عند زوال الشمس «2» ثم انه لا اشكال في عدم جواز الاتيان بالتلبية بعنوان الوظيفة المقررة اذ المفروض ان المستفاد من الشرع انتهاء امده فيكون تشريعا محرما و لكن هل يكون حراما بحيث يكون التكلم بهذه الكلمة حراما الظاهر انه لا دليل عليه فان المستفاد من النهي أنها لا تكون مطلوبة كما كانت و أما الزائد عليه فلا دليل عليه فلاحظ بل لو كانت هذه الكلمة ذكرا لا مانع عن الاتيان بها بعنوان الذكر.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو شك بعد لبس الثوبين و قبل التجاوز عن الميقات في أنه أتي بالتلبية أم لا بني علي العدم لاستصحاب عدم الاتيان بها و الظاهر ان الماتن ناظر الي جريان قاعدة التجاوز حيث قيد الحكم بصورة عدم التجاوز و لكن حيث انا لا نري اعتبار قاعدة التجاوز لا نفرق بين الصورتين و تفصيل الكلام من هذه الجهة موكول الي مجال آخر.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 365

[الأمر الثالث: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب علي المحرم اجتنابه]
اشارة

الأمر الثالث: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب علي المحرم اجتنابه يتزر بأحدهما و يرتدي بالآخر و يستثني من ذلك الصبيان فيجوز تأخير تجريدهم الي فخّ كما تقدم (1).

______________________________

الفرع الثاني: أنه لو شك في أنه أتي بها صحيحة أم لا بني علي الصحة لقاعدة الفراغ يا زرارة اذا خرجت من شي ء و دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء و يلزم في جريان قاعدة الفراغ الدخول في الغير لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة

قال: يمضي قلت: رجل شك في الاذان و الاقامة و قد كبّر قال: يمضي قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ قال: يمضي قلت: شك في القراءة و قد ركع قال: يمضي قلت: شك في الركوع و قد سجد قال: يمضي علي صلاته ثم قال: يا زرارة اذا خرجت من شي ء ثمّ دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء «1»، فانه لو كان المراد من ذيل الحديث قاعدة التجاوز لم يكن وجه لقوله عليه السّلام ثم دخلت في غيره اذ موضوع قاعدة التجاوز بعد الدخول في الغير و بعبارة واضحة الدخول في الغير مقوم لجريان قاعدة التجاوز و الحال ان المستفاد من الحديث، التقسيم أي الشك في شي ء إذا كان بعد الدخول في غيره فلا يعتني به و ان كان قبله يعتني به فالحديث ناظر الي اعتبار قاعدة الفراغ و الظاهر انه لم يسبقني الي هذه الدقة أحد و لا غرو بيده الخير و هو علي كل شي ء قدير.

(1) في المقام جهات من البحث:

الجهة الاولي: في وجوب لبس ثوبي الاحرام و لا ريب في وجوبه كما انه لا خلاف فيه بين المسلمين كما في بعض الكلمات و عن الذخيرة لا أعلم خلافا في هذا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 23 من أبواب الخلل في الصلاة، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 366

______________________________

الحكم بين الاصحاب و عن التحرير الاجماع عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن وهب «1» و منها ما رواه هشام بن سالم قال: أرسلنا الي أبي عبد اللّه عليه السّلام و نحن جماعة و نحن بالمدينة انا نريد أن نودعك فارسل إلينا ان اغتسلوا بالمدينة فاني أخاف أن

يعزّ الماء عليكم بذي الحليفة فاغتسلوا بالمدينة و البسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ثم تعالوا فرادي أو مثاني «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا انتهيت الي العقيق من قبل العراق أو الي الوقت من هذه المواقيت و أنت تريد الاحرام ان شاء اللّه فانتف ابطك و قلّم اظفارك و اطل عانتك و خذ من شاربك و لا يضرك بأي ذلك بدأت ثم استك و اغتسل و البس ثوبيك و ليكن فراغك من ذلك ان شاء اللّه عند زوال الشمس و ان لم يكن عند زوال الشمس فلا يضرّك ذلك غير أني احب أن يكون ذلك عند زوال الشمس «3» مضافا الي جريان السيرة القطعية عليه بحيث يكون القول بخلافه أو التشكيك فيه مستنكرا.

الجهة الثانية: أنه يشترط التجرد عما يجب علي المحرم اجتنابه و يمكن الاستدلال بما رواه معاوية بن وهب المتقدم آنفا و بما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ذكر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الحج فكتب الي من بلغه كتابه ممن دخل في الاسلام ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يريد الحج يؤذنهم بذلك ليحج من اطاق الحج فاقبل

______________________________

(1) لاحظ ص 59.

(2) الوسائل: الباب 8 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(3) الباب 15 من هذه الأبواب، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 367

______________________________

الناس فلمّا نزل الشجرة امر الناس بنتف الابط و حلق العانة و الغسل و التجرد في ازار و رداء أو ازار و عمامة يضعها علي عاتقه لمن لم يكن له رداء و ذكر انه حيث لبّي

قال لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يكثر من ذي المعارج و كان يلبّي كلّما لقي راكبا أو علا اكمة أو هبط واديا و من اخّر الليل و في ادبار الصلاة فلمّا دخل مكة دخل من اعلاها من العقبة و خرج حين خرج من ذي طوي فلمّا انتهي الي باب المسجد استقبل الكعبة و ذكر ابن سنان ان باب بني شيبة فحمد اللّه و اثني عليه و صلي علي أبيه ابراهيم عليه السّلام ثم أتي الحجر فاستلمه فلما طاف بالبيت صلي ركعتين خلف مقام ابراهيم عليه السّلام و دخل زمزم فشرب منها و قال اللهم اني أسألك علما نافعا و رزقا واسعا و شفاء من كل داء و سقيم، فجعل يقول ذلك و هو مستقبل الكعبة ثم قال لاصحابه ليكن آخر عهدكم بالكعبة استلام الحجر فاستلمه ثم خرج الي الصفا ثم قال ابدأ بما بدأ اللّه به صعد علي الصفا فقام عليه مقدار ما يقرأ الانسان سورة البقرة «1».

فان المستفاد منه بحسب الفهم العرفي اشتراط اللبس بالتجرد عنه و يترتب عليه انه لو لم يجرد نفسه عنه يكون لبسه للثوبين كالعدم بلا فرق بين الحدوث و البقاء فيترتب عليه حكم من لا يكون لابسا لهما لكن يستفاد من حديث عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث ان رجلا اعجميّا دخل المسجد يلبّي و عليه قميصه فقال لابي عبد اللّه عليه السّلام اني كنت رجلا اعمل بيدي و اجتمعت لي نفقة فجئت احج لم اسأل احدا عن شي ء

و افتوني هؤلاء ان اشق قميصي و انزعه من قبل رجلي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب اقسام الحج، الحديث 15.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 368

______________________________

و ان حجي فاسد و ان عليّ بدنة فقال له متي لبست قميصك ابعد ما لبيت أم قبل قال: قبل أن ألبّي قال فاخرجه من رأسك فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل أيّ رجل ركب امرا بجهالة فلا شي ء عليه طف بالبيت سبعا و صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السّلام واسع بين الصفا و المروة و قصّر من شعرك فاذا كان يوم التروية فاغتسل و اهلّ بالحج و اصنع كما يصنع الناس «1» عدم الاشتراط بقاء و لقائل أن يقول انه لا اشكال في ان المستفاد من الطائفة المشار إليها من النصوص اشتراط الاحرام بالتجرد عما يحرم لبسه لكن المستفاد من طائفة اخري عدمه منها ما رواه معاوية بن عمار و غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل احرم و عليه قميصه فقال ينزعه و لا يشقه و ان كان لبسه بعد ما احرم شقّه و اخرجه مما يلي رجليه «2» و منها ما رواه عبد الصمد بن بشير المتقدم آنفا.

و مناه ما رواه خالد بن محمد الاصم قال: دخل رجل المسجد الحرام و هو محرم فدخل في الطواف و عليه قميص و كساء فاقبل الناس عليه يشقون قميصه و كان صلبا فرآه ابو عبد اللّه عليه السّلام و هم يعالجون قميصه يشقونه فقال له كيف صنعت فقال احرمت هكذا في قميصي و كسائي فقال انزعه من رأسك ليس ينزع هذا من رجليه انما جهل فأتاه غير ذلك فسأله فقال ما

تقول في رجل احرم في قميصه قال:

ينزع من رأسه «3».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 45 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 45 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 45 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 369

______________________________

و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان لبست ثوبا في احرامك لا يصلح لك لبسه فلبّ و اعد غسلك و ان لبست قميصا فشقه و اخرجه من تحت قدميك «1» فيقع التعارض بين الطرفين و حيث ان الاحدث غير معلوم يدخل المقام في كبري عدم تميز الحجة عن غيرها فتصل النوبة الي القواعد الاخر فيمكن ان يقال ان مقتضي دليل الاحرام بإطلاقه عدم الاشتراط كما انّ مقتضي اصالة البراءة عن الشرطية و كذلك استصحاب عدم الاشتراط، عدمه فلاحظ و لقائل أن يقول يمكن الجمع بين الطرفين بان نقول طائفة تدل علي عدم الاشتراط و طائفة اخري تدل عليه و طائفة ثالثة تدل علي التفصيل بين الجاهل و العالم فيجمع بين الطرفين بان يقال مع الجهل لا يضر و مع العلم يضر.

الجهة الثالثة: انه يجب ان يتزر باحدهما و يرتدي بالآخر كما عليه السيرة القطعية و يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

الجهة الرابعة: انه يستثني من ذلك الصبيان فانه يجوز تجريدهم عن المحرم عند الفخ و الدليل عليه ما رواه أيوب أخو اديم قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام من أين يجرّد الصبيان فقال كان أبي يجرّدهم من فخ «3» و المجلسي قدّس سرّه قال: في ذيل الحديث الظاهر من التجريد الاحرام كما فهمه الاكثر فان كان الأمر كذلك لا يدل

الحديث علي المدعي فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) لاحظ ص 366.

(3) الوسائل: الباب 17 من أبواب اقسام الحج، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 370

[(مسألة 188): لبس الثوبين للمحرم واجب تعبدي]

(مسألة 188): لبس الثوبين للمحرم واجب تعبدي و ليس شرطا في تحقق الاحرام علي الأظهر و الأحوط ان يكون لبسهما علي الطريق المألوف (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: ان لبس الثوبين لا يكون شرطا في تحقق الاحرام و يقع الكلام في هذا الفرع تارة في مقتضي القاعدة الأولية و اخري فيما يستفاد من النص الخاص فيقع الكلام في موضعين:

أما الموضع الأول: فيمكن ان يقال ان مقتضي القاعدة الالتزام بالاشتراط و الوجه فيه ان المركب الاعتباري يشترط كل جزء منه بالاجزاء الاخر و حيث ان لبس الثوبين من واجبات الحج فلا يمكن القول بكونه واجبا تعبديا مستقلا الا ان يقال انه لا دليل علي المدعي المذكور اذ يمكن ان يكون شي ء دخيلا في مركب و لا يكون مشروطا بتقدمه علي الجزء الآخر فبالنتيجة يمكن ان يكون لبس الثوبين دخيلا في الحج و لكن لا يشترط فيه تقدمه علي الاحرام.

و يرد عليه ان المستفاد من النص لزوم التجرد و لبس الثوبين في الميقات لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «2» فان المستفاد من الحديثين اشتراط الاحرام بلبسهما.

و أما الموضع الثاني: فاستدل علي عدم الاشتراط بحديث معاوية بن عمّار «3» فان مقتضاه عدم الاشتراط و يرد عليه انه لو تم الدليل علي الاشتراط لا يبقي مجال

______________________________

(1) لاحظ ص 366.

(2) لاحظ ص 59.

(3) لاحظ ص 284.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 371

______________________________

للاخذ بإطلاق الحديث بل لا بد من تقييده و ربما

يستدل علي المدعي بحديث ابن بشير «1» بتقريب ان المستفاد من الحديث انعقاد الاحرام و لو مع عدم لبس الثوبين.

و يرد عليه انّ المستفاد من الحديث حرمة لبس القميص علي المحرم و لا تعرض في الحديث لعدم لبس الثوبين.

الفرع الثاني: انه هل يشترط فيه ان يكون علي الطريق المألوف أم لا الظاهر هو الثاني للنص الخاص لاحظ ما رواه الحميري عن صاحب الزمان عليه السّلام انه كتب إليه يسأله عن المحرم يجوز أن يشدّ المئزر من خلفه علي عنقه بالطول و يرفع طرفيه الي حقويه و يجمعهما في خاصرته و يعقدهما و يخرج الطرفين الاخيرين من بين رجليه و يرفعهما الي خاصرته و يشدّ طرفيه الي وركيه فيكون مثل السراويل يستر ما هناك فان المئزر الأول كنا نتزر به اذا ركب الرجل جمله يكشف ما هناك و هذا الستر فاجاب عليه السّلام جائز ان يتزر الانسان كيف شاء اذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض و لا ابرة تخرجه به عن حد المئزر و غرزه غرزا و لم يعقده و لم يشدّ بعضه ببعض و اذا غطّي سرته و ركبتيه كلاهما فان السنة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرة و الركبتين و الّا حبّ إلينا و الافضل لكل واحد شدّه علي السبيل المألوفة المعروفة للناس جميعا ان شاء اللّه تعالي «2».

______________________________

(1) لاحظ ص 367.

(2) الوسائل: الباب 53 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 372

[(مسألة 189): يعتبر في الإزار أن يكون ساترا من السرّة الي الركبة]

(مسألة 189): يعتبر في الإزار أن يكون ساترا من السرّة الي الركبة كما يعتبر في الرداء أن يكون ساترا للمنكبين و الأحوط كون اللبس قبل النية و التلبية فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده (1).

[(مسألة 190): لو احرم في قميص جاهلا أو ناسيا نزعه و صح احرامه]

(مسألة 190): لو احرم في قميص جاهلا أو ناسيا نزعه و صح احرامه بل الاظهر صحة احرامه حتي فيما اذا احرم فيه عالما عامدا و اما اذا لبسه بعد الاحرام فلا اشكال في صحة احرامه و لكن يلزم عليه شقه و اخراجه من تحت (2).

______________________________

(1) المستفاد من النص لزوم الاتزار و الارتداء لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» كما ان السيرة جارية علي المنوال المذكور و بعبارة واضحة الواجب صدق عنوان الاتزار و الارتداء و اما الزائد علي العنوانين المذكورين فلا يلزم و لا يخفي ان مجرد ستر المنكبين لا يصدق عليه عنوان الارتداء و اللّه العالم و أما ما أفاده من كون الاحوط كون اللبس قبل الاحرام فقد تقدم انه المستفاد من النص فراجع.

(2) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: انه لو احرم في قميص و جعله ثوب احرامه يكون احرامه صحيحا بلا فرق بين العالم و الجاهل لعدم اشتراط الاحرام بنزع اللباس و عدم مانعيّة المخيط عن صحته و كلا الدعويين مخدوشان لما تقدم من ان المستفاد من النص اشتراط الاحرام بالتجرد عن المحرم و بكون المحرم لابسا لثوبيه.

الفرع الثاني: انه لو لبس القميص بعد الاحرام يكون احرامه صحيحا و يلزم شقه و اخراجه من تحته و الدليل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن

______________________________

(1) لاحظ ص 366.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 373

[(مسألة 191): لا بأس بالزيادة علي الثوبين في ابتداء الاحرام و بعده]

(مسألة 191): لا بأس بالزيادة علي الثوبين في ابتداء الاحرام و بعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك (1).

______________________________

عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا لبست قميصا و أنت محرم فشقه و أخرجه من تحت قدميك «1» و منها ما رواه

ابن عمّار أيضا «2» و منها ما رواه ابن عمّار أيضا «3».

(1) و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الأول: اطلاق دليل وجوب ثوبي الاحرام فان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين ترك غيرهما أو المقارنة بينهما و ثوب آخر و بعبارة واضحة لا مانع عن لبس ازيد من ثوبين بمقتضي الاطلاق و ان شئت فقل تارة يلبس في أوّل الامر ازيد من ثوبين و اخري يلبس بعد اللبس و كلتا الصورتين جائزتان بالإطلاق غاية الامر بالنسبة الي الصورة الاولي يكون الاطلاق لفظيا اذ كما يصدق لبس الثوبين علي الاثنين كذلك يصدق علي لبس الاكثر و يكون الاكثر من مصاديق المأمور به و أما بالنسبة الي الصورة الثانية فقد تحقق الامتثال لكن مقتضي الاطلاق المقامي عدم المنع من اللبس الثاني.

الوجه الثاني: البراءة عن المانعية كما حقق في محله.

الوجه الثالث: النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يتردي بالثوبين قال: نعم و الثلاثة ان شاء يتقي بها البرد و الحرّ «4» و لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: سألته عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 45 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 368.

(3) لاحظ ص 369.

(4) الوسائل: الباب 30 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 374

[(مسألة 192): يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلي]

(مسألة 192): يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلي فيلزم ان لا يكونا من الحرير الخالص و لا من اجزاء ما لا يؤكل لحمه و لا من المذهب و يلزم طهارتهما كذلك نعم لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها في الصلاة (1).

[(مسألة 193): يلزم في الازار أن يكون ساترا للبشرة غير حاك عنها]

(مسألة 193): يلزم في الازار أن يكون ساترا للبشرة غير حاك عنها و الاحوط اعتبار ذلك في الرداء أيضا (2).

______________________________

المحرم يقارن بين ثيابه و غيرها التي احرم فيها قال لا بأس بذلك إذا كانت طاهرة «1».

(1) قال في الحدائق قد صرح الاصحاب بأنه لا يجوز الاحرام فيما لا يجوز لبسه في الصلاة و يدل علي المدعي ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كل ثوب تصلي فيه فلا بأس ان تحرم فيه «2» فان المستفاد من الحديث بحسب المتفاهم العرفي انه لو لم يكن كذلك لم يكن جائزا و يدل علي المدعي في الجملة حديث ابن عمار المتقدم آنفا نعم لا بأس بنجاسة معفو عنها و الدليل عليه حديث حريز اذ المستفاد منه ان الميزان في الجواز و عدمه جواز الصلاة فيه و عدمه.

(2) قد فصل سيدنا الاستاد قدّس سرّه بين الازار و الرداء و قال ما مضمون كلامه اما الازار فان لم يكن ساترا فلا يجوز قطعا اذ لا يكون ساترا للعورة فيلزم الاشتراط المذكور و اما في الرداء بما هو رداء فالحكم مبني علي الاحتياط و يرد عليه انه لو

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) الباب 27 من هذه الأبواب، لا حديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 375

[(مسألة 194): الأحوط في الثوبين أن يكونا من المنسوج]

(مسألة 194): الأحوط في الثوبين أن يكونا من المنسوج و لا يكونا من قبيل الجلد و الملبد (1).

[(مسألة 195): يختص وجوب لبس الازار و الرداء بالرجال دون النساء]

(مسألة 195): يختص وجوب لبس الازار و الرداء بالرجال دون النساء فيجوز لهن أن يحرمن في البستهن العادية علي ان تكون واجدة للشرائط المتقدمة (2).

______________________________

فرض ستر عورته بشي ء آخر غير ازاره فلا وجه للاشتراط المذكور حتي في الازار علي ما رامه و اما السيد الحكيم قدّس سرّه فقد استشكل في الشرط المذكور بأنه لا يشترط في لباس المصلي كونه ساترا نعم يشترط في الصلاة ستر العورة فالاشتراط المذكور في غير محله و لنا أن نقول المستفاد من حديث حريز ان الميزان في الجواز جواز الصلاة و هل يجوز الصلاة في ازار أو رداء لا يكون ساترا للعورة كلا و بعبارة اخري الرداء يلزم ان يكون جائزا للمصلي أن يصلي فيه وحده و الحال أنه لو لم يكن ساترا لا يجوز فلاحظ.

(1) لعدم صدق عنوان الثوب علي الجلد و لا علي الملبد و مع الشك يحرز عدم الصدق باصالة عدمه عليهما فالحق أن يقال الاظهر في الثوبين ان يكونا من المنسوج.

(2) قال في الجواهر ثم ان الظاهر عدم وجوب لبس ثوبين مخصوصين للاحرام تحت ثيابها و ان احتمله بعض الافاضل بل جعله احوط الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

أقول: العمدة ملاحظة النصوص الواردة في بيان حكم الحائض فنقول من

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 376

______________________________

تلك النصوص ما رواه منصور بن حازم «1» فان المستفاد من هذه الرواية وجوب احرامها في الميقات و من ناحية اخري قد فسر الاحرام في كلامهم أرواحنا فداهم بان الاحرام عبارة عن التلبية حال كون الملبي لابسا لثوبي الاحرام و ان شئت

فقل ان الحديث يلزم علي المرأة الاحرام علي الطريق المتعين في الشريعة المقدسة و منها ما رواه يونس بن يعقوب «2».

فان المستفاد من الحديث وجوب ثياب الاحرام عليها و قوله عليه السّلام ثياب احرامها اشارة الي ما عين في الشريعة أي الثوبين و العرف ببابك و منها ما رواه زيد الشحام «3» و هذه الرواية اوضح دلالة علي المدعي حيث ان المذكور فيها ثياب الأحرام فانه لا يبعد ان يكون اللام للعهد أي الثياب المعين في الشريعة و ان أبيت نقول ثياب الاحرام ثياب معروفة في الشريعة فكلامه اشارة إليه و منها ما رواه معاوية بن عمّار «4» و هذه الرواية اوضح دلالة علي المقصود حيث صرح فيها بأنها تصنع كما يصنع المحرم بناء علي نسخة التهذيب فلا اشكال في الوجوب و لا ينقضي تعجبي كيف لا يلاحظون هذه النصوص لا سيما الاخير منها و اللّه العالم.

ثم انه لو قلنا بعدم الوجوب و قلنا يجوز ان تجعل ثوب احرام ثيابها كما يقولون فنسأل أنه بأيّ دليل و وجه نقول يلزم ان يكون ما لبسته واجدا للشرائط فان المفروض كما يقولون لا يشملها دليل وجوب الثوبين و لا تجري في المقام قاعدة

______________________________

(1) لاحظ ص 348.

(2) لاحظ ص 348.

(3) لاحظ ص 349.

(4) لاحظ ص 349.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 377

[(مسألة 196): ان حرمة لبس الحرير و إن كانت تختص بالرجال و لا يحرم لبسه علي النساء]

(مسألة 196): ان حرمة لبس الحرير و إن كانت تختص بالرجال و لا يحرم لبسه علي النساء الا أنه لا يجوز للمرأة أن يكون ثوباها من الحرير و الأحوط ان لا تلبس شيئا من الحرير الخالص ظ في جميع احوال الاحرام (1).

______________________________

الاشتراك فمقتضي القاعدة عدم الاشتراط الا أن يقال ان المستفاد من حديث حريز ان

المحرم في كل لباس يحرم يلزم ان يكون ذلك اللباس واجدا للشرائط بلا فرق بين الثوبين و غيرهما.

(1) وقع الخلاف في المسألة بين الاعلام و الجواز مشهور بين المتأخرين و العمدة النصوص الواردة في هذا المقام و تدل جملة من الروايات علي المنع منها ما رواه سماعة انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرمة تلبس الحرير فقال: لا يصلح ان تلبس حريرا محضا لا خلط فيه فاما الخزّ و العلم في الثوب فلا بأس ان تلبسه و هي محرمة و ان مرّ بها رجل استترت منه بثوبها و لا تستتر بيدها من الشمس و تلبس الخزّ اما انهم يقولون ان في الخز حريرا و انما يكره المبهم «1» و منها ما رواه جميل أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتّع كم يجزيه قال: شاة و عن المرأة تلبس الحرير قال: لا «2».

و منها ما رواه عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين، الحديث «3»، و منها ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة هل يصلح لها أن تلبس

______________________________

(1) الوسائل: الباب 33 من أبواب الاحرام، الحديث 7.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

(3) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 378

[(مسألة 197): إذا تنجس احد الثوبين أو كلاهما بعد التلبس بالاحرام]

(مسألة 197): إذا تنجس احد الثوبين أو كلاهما بعد التلبس بالاحرام فالأحوط المبادرة الي التبديل أو التطهير (1).

______________________________

ثوبا حريرا و هي محرمة قال: لا و لها ان تلبسه في غير احرامها «1» فان مقتضي هذه النصوص عدم الجواز فلا مجال لان يقال ان المستفاد من حديث حريز هو الجواز

اذ يجوز للمرأة أن تصلي في الحرير فيجوز أن تحرم فيه فان مقتضي القاعدة تخصيص حديث حريز بالنصوص المشار إليها فالنتيجة عدم الجواز نعم يجوز لها لبسه في الحرّ و البرد لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا ينبغي للمرأة ان تلبس الحرير المحض و هي محرمة فاما في الحرّ و البرد فلا بأس «2» ثم ان الماتن احتاط بعدم لبسها الحرير الخالص في جميع أحوال الاحرام و الحق ان يقال ان الاظهر كذلك فان المستفاد من حديث سماعة المتقدم ذكره آنفا كذلك فلاحظ.

(1) قد فصل سيدنا الاستاذ بين الحدوث و البقاء و التزم باشتراط الطهارة في الأول و عدمه في الثاني بدعوي ان المستفاد من الدليل كذلك و الظاهر ان ما افاده غير تام لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة قال: لا يلبسه حتي يغسله و احرامه تام «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المحرم يقارن بين ثيابه التي احرم فيها و بين غيرها قال: نعم اذا كانت طاهرة «4» فان المستفاد من الحديثين عدم الفرق بين الأحداث و الابقاء و العرف ببابك.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 10.

(2) الوسائل: الباب 16 من أبواب لباس المصلي، الحديث 4.

(3) الوسائل: الباب 37 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(4) الوسائل: الباب 37 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 379

[(مسألة 198): لا تجب الاستدامة في لباس الاحرام]

(مسألة 198): لا تجب الاستدامة في لباس الاحرام فلا بأس بإلقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة كما لا بأس بتبديله علي أن يكون البدل واجدا للشرائط (1).

______________________________

(1)

قد استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بأن وجوب لبس الثوبين يعتبر حدوثا لا بقاء و الاستدلال المذكور من صغريات المصادرة بالمطلوب و الحق أن يقال أن المستفاد من النص لزوم الاستدامة لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1» فانه لو لم يكن الاستدامة واجبة لم يكن وجه للمنع الّا مع غسله الا أن يقال ان المستفاد من الحديث المنع عن لبس النجس فلا يرتبط بالمقام لكن هذا النقاش خلاف الظاهر.

______________________________

(1) لاحظ ص 378.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 380

[تروك الإحرام]

اشارة

تروك الاحرام قلنا في ما سبق ان الاحرام يتحقق بالتلبية أو الاشعار أو التقليد و لا ينعقد الاحرام بدونها و ان حصلت منه نية الاحرام فاذا احرم المكلف حرمت عليه امور و هي خمسة و عشرون كما يلي:

1- الصيد البري 2- مجامعة النساء 3- تقبيل النساء 4- لمس المرأة 5- النظر الي المرأة 6- الاستمناء 7- عقد النكاح 8- استعمال الطيب 9- لبس المخيط للرجال 10- التكحل 11- النظر في المرآة 12- لبس الخف و الجورب للرجال 13- الكذب و السبّ 14- المجادلة 15- قتل القمّل و نحوه من الحشرات التي تكون علي جسد الانسان 16- التزيين 17- الادّهان 18- ازالة الشعر من البدن 19- ستر الرأس للرجال و هكذا الارتماس في الماء حتي علي النساء 20- ستر الوجه للنساء 21- التظليل للرجال 22- اخراج الدم من البدن 23- التقليم 24- قلع السن 25- حمل السلاح.

[1- الصيد البرّي]
اشارة

1- الصيد البرّي

[مسائل في الصيد]
[(مسألة 199): لا يجوز للمحرم سواء كان في الحل أو الحرم صيد الحيوان البري أو قتله]

(مسألة 199): لا يجوز للمحرم سواء كان في الحل أو الحرم صيد الحيوان البري أو قتله سواء كان محلل الأكل أم لم يكن كما لا يجوز له قتل الحيوان البرّي و ان تأهّل بعد صيده و لا يجوز صيد الحرم مطلقا و إن كان الصائد محلا (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لا يجوز للمحرم اذا كان في الحل صيد الحيوان البري و كذا اذا كان في الحرم و يدل علي المدعي قوله تعالي أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ مَتٰاعاً

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 381

______________________________

لَكُمْ وَ لِلسَّيّٰارَةِ وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً وَ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «1» فان مقتضي اطلاق الآية الشريفة حرمة صيد الحيوان البري حال الاحرام بلا فرق بين الحل و الحرم و يدل عليه أيضا ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تستحلنّ شيئا من الصيد و أنت حرام و لا و أنت حلال في الحرم و لا تدلن عليه محلا و لا محرما فيصطاده و لا تشر إليه فيستحل من اجلك فان فيه فداء لمن تعمّده «2» فان الحديث يدل علي حرمة الصيد علي الاطلاق حال الاحرام بلا فرق بين الحل و الحرم و مقتضي الاطلاق في الآية و الرواية عدم الفرق بين محلل الأكل و محرمه.

الفرع الثاني: أنه لا يجوز للمحرم قتل الحيوان البري علي الاطلاق أي بلا فرق بين الحل و الحرم و بلا فرق بين محلل الأكل و محرمه لاحظ حديث معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: ثم اتق قتل الدواب كلها الّا الافعي و العقرب

و الفأرة فأما الفأرة فانها توهي السقاء و تضرم علي أهل البيت و اما العقرب فان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مدّ يده الي الحجر فلسعته فقال لعنك اللّه لا برّا تدعينه و لا فاجرا و الحيّة ان ارادتك فاقتلها و ان لم تردك فلا تردها و الاسود الغدر فاقتله علي كل حال و ارم الغراب و الحداة رميا علي ظهر بعيرك «3».

الفرع الثالث: أنه لا يجوز صيد الحرم مطلقا و ان كان الصائد محلا لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ

______________________________

(1) المائدة: 96.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 81 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 382

[(مسألة 200): كما يحرم علي المحرم صيد الحيوان البري تحرم عليه الاعانة علي صيده و لو بالاشارة]

(مسألة 200): كما يحرم علي المحرم صيد الحيوان البري تحرم عليه الاعانة علي صيده و لو بالاشارة و لا فرق في حرمة الاعانة بين أن يكون الصائد محرما أو محلا (1).

[(مسألة 201): لا يجوز للمحرم امساك الصيد البرّي و الاحتفاظ به]

(مسألة 201): لا يجوز للمحرم امساك الصيد البرّي و الاحتفاظ به و ان كان اصطياده له قبل احرامه و لا يجوز له أكل لحم الصيد و ان كان الصائد محلا و يحرم الصيد الذي ذبحه المحرم علي المحل أيضا و كذلك ما ذبحه المحل في الحرم و الجراد ملحق بالحيوان البرّي فيحرم صيده و امساكه و أكله (2).

______________________________

وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً البيت عني أو الحرم فقال من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن من سخط اللّه عزّ و جلّ و من دخله من الوحش و الطير كان آمنا من ان يهاج أو يؤذي حتي يخرج من الحرم «1».

(1) لاحظ ما رواه الحلبي «2» و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون الصائد محرما أو محلا.

(2) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أن لا يجوز للمحرم امساك الصيد البري يظهر من كلمات القوم ان الحكم متسالم عليه بينهم و يدل علي المدعي حديث الحلبي المتقدم آنفا و مثله في الدلالة حديث عمر بن يزيد عن أبي بعد اللّه عليه السّلام قال: و اجتنب في احرامك صيد البر

______________________________

(1) الباب 88 من هذه الأبواب، الحديث 2.

(2) لاحظ ص 381.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 383

______________________________

كله و لا تأكل مما صاده غيرك و لا تشر إليه فيصيده «1» و لا فرق في الحكم المذكور بين كون اصطياده قبل احرامه أو بعده و ذلك للاطلاق.

الفرع الثاني: أنه لا يجوز للمحرم اكل لحم الصيد لاحظ حديث معاوية بن

عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تأكل من الصيد و أنت حرام و إن كان أصابه محل، الحديث «2» و لا فرق بين كونه محرما أو محلا كما صرح في الحديث.

الفرع الثالث: أنه يحرم الصيد الذي ذبحه المحرم علي المحل المشهور بل المتسالم عليه عندهم علي ما في كلام سيدنا الاستاد قدّس سرّه أنه بحكم الميتة و لا يجوز أكله لاحد و ما يمكن أن يستدل به عليه عدة نصوص منها ما ارسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له المحرم يصيب الصيد فيفديه أ يطعمه أو يطرحه قال: اذا يكون عليه فداء آخر قلت: فما يصنع به قال: يدفنه «3» فان الدفن اشارة الي انه لا يجوز الانتفاع به و المرسل لا اعتبار به و مراسيل ابن أبي عمير كمراسيل غيره في عدم الاعتبار.

و منها ما رواه وهب عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: إذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله الحلال و الحرام و هو كالميتة و إذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام «4» و التقريب ظاهر فانه قد صرح في الحديث بكونه ميتة و الحديث ضعيف سندا فلا يعتد به فان وهب الراوي عن الامام كذاب أو يحتمل انه هو.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 2 من هذه الأبواب، الحديث 3.

(3) الوسائل: الباب 10 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 384

______________________________

و منها ما رواه اسحاق عن جعفر عليه السّلام ان عليا عليه السّلام كان يقول اذا ذبح المحرم الصيد في غير

الحرم فهو ميتة لا يأكله محل و لا محرم و اذا ذبح المحل الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محل و لا محرم «1» و الحديث ضعيف سندا بالخشاب حيث انه لم يوثق فلا دليل علي الحرمة و مقتضي الاصل الأولي من البراءة هو الجواز كما حقق في محله الا اذا ثبت ان الحكم مشهور واضح أي الحرمة.

الفرع الرابع: أنه لا يجوز اكل ما ذبحه المحل في الحرم أي يحرم ما ذبحه المحل في الحرم للمحرم و المحل لاحظ حديث اسحاق الذي تقدم آنفا و قد تقدم كونه غير معتد به لعدم اعتبار سنده فلا وجه للحرمة.

الفرع الخامس: ان الجراد ملحق بالحيوان البري و يترتب عليه حكمه لاحظ النصوص الواردة في المقام منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: مرّ علي صلوات اللّه عليه علي قوم يأكلون جرادا فقال: سبحان اللّه و انتم محرمون فقالوا انما هو من صيد البحر فقال لهم: ارمسوه في الماء اذا «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس للمحرم أن يأكل جرادا و لا يقتله الحديث «3» و منها ما رواه يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجراد أ يأكله المحرم قال: لا «4» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 7 من أبواب تروك الحرام، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 7 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 385

[(مسألة 202): الحكم المذكور انما يختص بالحيوان البري]

(مسألة 202): الحكم المذكور انما يختص بالحيوان البري و أما صيد البحر كالسمك فلا بأس

به و المراد بصيد البحر ما يعيش فيه فقط و أما ما يعيش في البر و البحر كليهما فملحق بالبري و لا بأس بصيد ما يشك في كونه برّيا علي الاظهر و كذلك لا بأس بذبح الحيوانات الاهلية كالدجاج و الغنم و البقر و الابل و الدجاج الحبشي و ان توحشت كما لا بأس بذبح ما يشك في كونه اهليا (1).

______________________________

أبي جعفر عليه السّلام قال: المحرم لا يأكل الجراد «1».

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: ان صيد البحر كالسمك لا بأس به اجماعا كما في بعض الكلمات و يكفي للجواز عدم قيام دليل علي المنع مضافا الي ان المستفاد من الآية الشريفة أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ مَتٰاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّٰارَةِ وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مٰا دُمْتُمْ حُرُماً وَ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «2» هو الجواز فان التقسيم قاطع للشركة و بعبارة واضحة قد حكم الشارع الأقدس بحلية صيد البحر و ذيّل الكلام بتحريم صيد البرّ في حال الاحرام و العرف يفهم التفصيل و يدل علي المدعي ما ارسله حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بأن يصيد المحرم السمك و يأكل مالحه و طريّه و يتزوّد و قال أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ مَتٰاعاً لَكُمْ قال مالحه الذي يأكله و فصل ما بينهما كلّ طير يكون في الآجام يبيض في البرّ و يفرخ في البرّ فهو من صيد البرّ و ما كن من صيد البرّ يكون في البرّ و يبيض في البحر فهو من

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) المائدة: 96.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 386

______________________________

صيد البحر «1» و مورد الرواية و ان كان خصوص السمك

و لكن استشهاد الامام بالآية يقتضي عموم الحكم و شموله لغير السمك علي نحو الاطلاق و يدل عليه أيضا حديث معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و السمك لا بأس بأكله طريّه و مالحه و يتزوّد قال اللّه تعالي أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ مَتٰاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّٰارَةِ قال: فليختر الذين يأكلون و قال فصل ما بينهما كل طير يكون في الآجام يبيض في البر و بفرخ في البرّ فهو من صيد البرّ و ما كان من الطير يكون في البحر و يفرخ في البحر فهو من صيد البحر «2» و التقريب هو التقريب.

الفرع الثاني: ان الحيوان الذي يعيش في البحر و البرّ كليهما ملحق بالبري و استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بحديث معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام الجراد من البحر و قال كل شي ء أصله في البحر و يكون في البر و البحر فلا ينبغي للمحرم ان يقتله فان قتله فعليه الجزاء كما قال اللّه عزّ و جلّ «3» و يرد عليه ان الحكم في الحديث مرتب علي قسم خاص أي ما يكون أصله في البحر و لا وجه لاسراء الحكم الي بقية الموارد مضافا الي انّ كلمة لا ينبغي لا تدل علي الحرمة و عليه نقول المستفاد من الآية الشريفة اختصاص الحكم بخصوص ما يكون بريا ففي غيره نحكم بالجواز علي طبق القاعدة الاولية الّا فيما ثبت بالدليل.

الفرع الثالث: أنه لو شك في كونه بريا لا بأس بصيده و الوجه فيه انّ استصحاب عدم كونه منه يقتضي الجواز.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

(3) نفس المصدر،

الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 387

______________________________

الفرع الرابع: انه لا بأس بذبح الحيوانات الاهلية كالدجاج و أمثاله و البقر و نحوه و الدجاج الحبشي و الوجه فيه خروجها موضوعا و تخصصا عن تحت دليل الحرمة فان المحرم ما يكون بريا فلا يصدق العنوان علي ما نحن فيه مضافا الي جملة من النصوص الدالة علي الجواز منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم يذبح ما حلّ للحلال في الحرم ان يذبحه و هو في الحل و الحرم جميعا «1» و منها ما رواه حريز أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم يذبح الابل و البقر و الغنم و كل ما لم يصف من الطير و ما احلّ للحلال ان يذبحه في الحرم و هو محرم في الحل و الحرم «2» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام المحرم ينحر بعيره أو يذبح شاته قال: نعم، الحديث «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الدجال الحبشي فقال: ليس من الصيد انّما الطير ما طار بين السماء و الارض و صفّ «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال: كل ما لم يصفّ من الطير فهو بمنزلة الدجاج «5» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و سألته عن دجاج الحبش قال: ليس من الصيد انّما الصيد ما طار بين السماء و الارض «6».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 82 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(2) نفس

المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) الوسائل: الباب 40 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

(6) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 388

______________________________

الفرع الخامس: انه لا بأس بذبح ما يشك في كونه اهليا اذ الحكم مترتب علي موضوع خاص و مقتضي الاصل عدم كون المشكوك فيه من مصاديق ذلك العنوان و يمكن الايراد علي التقريب المذكور بأن المستفاد من حديث معاوية بن عمّار «1» حرمة قتل الدواب كلها فاذا شك في حيوان من حيث كونه أهليا أو بريا لا مجال للاصل مع وجود عموم الفوق.

ان قلت لا يجوز الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية قلت المفروض ان مقتضي عموم النهي عن قتل كل دابة حرمة القتل علي نحو العموم غاية الامر قد ثبت جواز قتل الحيوان الاهلي و ببركة الاستصحاب يحكم بعدم كون ما شك فيه من الاهلي فيحرم قتله و اللّه العالم.

بقي شي ء و هو ان الصدوق ذكر حديثا دالا علي حصر جواز القتل في الابل و البقر و الغنم و الدجاج: و هو ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يذبح في الحرم الّا الابل و البقر و الغنم و الدجاج «2» و يعارضه ما نقل عنه صاحب الوسائل في ذيل حديث أبي بصير يعني ليث بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تذبح في الحرم الابل و البقر و الغنم و الدجاج «3» و رواه الصدوق باسناده عن ابن مسكان، و لا ترجيح لاحدهما علي الآخر مضافا الي ان حديث الصدوق يعارضه ما رواه حريز «4» و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي الاصل الاولي و مقتضاه

الجواز الا أن يقال المرجع بعد التعارض عموم دليل حرمة قتل الدواب فلا بد في مقام

______________________________

(1) لاحظ ص 381.

(2) الفقيه: ج 2 ص 172.

(3) الوسائل: الباب 82 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(4) لاحظ ص 385.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 389

[(مسألة 203): فراخ هذه الأقسام الثلاثة من الحيوانات البرية و البحرية و الأهلية و بيضها تابع للاصول في حكمها]

(مسألة 203): فراخ هذه الاقسام الثلاثة من الحيوانات البرية و البحرية و الاهلية و بيضها تابع للاصول في حكمها (1).

______________________________

الحكم بالجواز نتوسل بتقريب آخر و هو ان حديث صدوق يسقط بالمعارضة مع ما نقله صاحب الوسائل فالمحكم ادلة الجواز ان قلت أي موجب لإيقاع التعارض بين حديث الفقيه مع ما نقله صاحب الوسائل و لم لا تقولون بوقوع التعارض بين حديث الفقيه و جميع ما دل علي الجواز قلت التعارض فرع وجود المقتضي في كل طرف من المتعارضين و هذا الشرط مفقود في حديث الصدوق و بعبارة واضحة لا اشكال في انّ دليل الاعتبار لا يشمل حديث الصدوق أعم من ان يكون هنا دليل آخر أم لا فوجوده كالعدم فلا تصل النوبة الي التعارض و هذا مطلب مهم و حجر اساسي في كثير موارد و اللازم علي اللبيب الخبير ملاحظته و لك أن تقول يمكن الجمع بين النصوص بان نقول مقتضي القاعدة تخصيص العام بالخاص و عليه نلتزم بعدم الجواز فيما قام الدليل عليه و نلتزم بالجواز في غيره.

(1) انه اذا ثبت اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم فهو و الّا فللنقاش في الحرمة مجال إذ ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوب الكفارة لاحظ جملة من الروايات منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قيمة الحمامة درهم و في الفرخ نصف درهم

و في البيضة ربع درهم «1» و منها ما رواه الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل عن رجل أكل من بيض حمام الحرم و هو محرم قال عليه لكل بيضة دم و عليه ثمنها سدس أو ربع درهم الوهم من صالح ثم قال ان الدماء لزمته لأكله و هو محرم و ان الجزاء لزمه لأخذه بيض

______________________________

(1) الوسائل: الباب 10 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 390

______________________________

حمام الحرم «1» و منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في الحمام درهم و في البيضة ربع درهم «2».

و منها ما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قالا: سألناه عن محرم وطئ بيض القطاة فشدخه فقال يرسل الفحل في مثل عدة البيض من الغنم كما يرسل الفحل في مثل عدة البيض من الابل «3» و منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في كتاب علي عليه السّلام في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض النعام «4» و منها ما أرسله ابن رباط عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن بيض القطاة قال: يصنع فيه في الغنم كما يصنع في بيض النعام في الابل «5» و منها ما رواه سليمان بن خالد قال: سألته عن رجل وطئ بيض قطاة فشدخه قال يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من الابل و من أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم «6» و نمها ما رواه سليمان بن خالد أيضا قال: سألته عن محرم وطئ بيض قطاة فشدخه قال: يرسل الفحل

في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من النعام في الابل «7» فان وجوب الكفارة يدل بالاولوية علي الحرمة.

و يرد عليه انه لا تلازم بين الكفارة و الحرمة فلو لا الاجماع الكاشف يكون

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) الوسائل: الباب 25 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

(5) نفس المصدر، الحديث 3.

(6) نفس المصدر، الحديث 4.

(7) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 391

[(مسألة 204): لا يجوز للمحرم قتل السباع الا فيما اذا خيف منها علي النفس]

(مسألة 204): لا يجوز للمحرم قتل السباع الا فيما اذا خيف منها علي النفس و كذلك اذا آذت حمام الحرم و لا كفارة في قتل السباع حتي الأسد علي الأظهر بلا فرق بين ما جاز قتلها و ما لم يجز (1).

______________________________

مقتضي القاعدة عدمها.

(1) في هذه المسألة ثلاثة فروع:

الفرع الأول: أنه لا يجوز للمحرم قتل السباع و الدليل عليه ما رواه معاوية بن عمار «1» نعم يجوز قتله اذا خاف علي نفسه لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كل ما يخاف المحرم علي نفسه من السباع و الحيات و غيرها فليقتله و ان لم يردك فلا ترده «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال: يقتل المحرم كل ما خشيه علي نفسه «3».

الفرع الثاني: أنه يجوز قتل السبع الذي يؤذي حمام الحرم لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار أنه أتي أبو عبد اللّه عليه السّلام فقيل له: ان سبعا من سباع الطير علي الكعبة ليس يمرّ به شي ء من حمام الحرم الّا ضربه فقال: فانصبوا له و اقتلوه فانه قد الحد «4».

الفرع

الثالث: أنه لا كفارة في قتل السباع بلا فرق بين جواز القتل و عدمه و الوجه فيه عدم الدليل علي وجوبها و مقتضي القاعدة الاولية و الأصل من

______________________________

(1) لاحظ ص 381.

(2) الوسائل: الباب 81 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) الوسائل: الباب 42 من أبواب كفارات الصيد.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 392

[(مسألة 205): يجوز للمحرم أن يقتل الافعي و الأسود الغدر]

(مسألة 205): يجوز للمحرم أن يقتل الافعي و الأسود الغدر و كل حية سوء و العقرب و الفأرة و لا كفارة في قتل شي ء من ذلك (1).

______________________________

الاستصحاب علي المشهور و البراءة عدمه و اما الآية الشريفة يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ «1» فهي اشارة الي الحيوانات التي لها مماثل كالنعامة و مثلها البدنة و الظبي و مثلها المعز و الشاة و بقر الوحش و مثلها البقرة الاهلية هذا كله في غير الاسد و اما الاسد فقد ورد فيه حديث و هو ما رواه أبو سعيد المكاري قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل قتل اسدا في الحرم قال عليه كبش يذبحه «2» و الحديث ضعيف سندا مضافا الي انه اخص من المدعي.

(1) العمدة ملاحظة النصوص الواردة في المقام منها ما رواه حريز «3» و المستفاد من الحديث جواز قتل كل حيوان يريد السوء بالنسبة الي المحرم و منها ما رواه حسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي يقتل المحرم الاسود الغدر و الافعي و العقرب و الفارة فان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم سمّاها الفاسقة و الفويسقة و يقذف الغراب

و قال اقتل كل واحد منهنّ يريدك «4» و المستفاد من الحديث جواز القتل في صورة كون الحيوان مريدا للسوء و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقتل في الحرم و الاحرام الافعي و الاسود الغدر و كل حيّة سوء و العقرب و الفأرة و هي الفويسقة و يرجم الغراب و الحداة رجما فان عرض لك لصوص

______________________________

(1) المائدة: 95.

(2) الوسائل: الباب 39 من أبواب كفارات الصيد.

(3) لاحظ ص 391.

(4) الوسائل: الباب 81 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 393

______________________________

امتنعت منهم «1» و المستفاد من الحديث و إن كان جواز القتل بلا قيد لكن لا بد أن يقيد بما تقدم و تخصيص الجواز بصورة إرادة السوء و منها ما رواه معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن محرم قتل زنبورا قال: إن كان خطأ فليس عليه شي ء قلت: لا بل متعمدا قال: يطعم شيئا من طعام قلت أنه أرادني قال: كل شي ء أرادك فاقتله «2».

و المستفاد من الحديث أن موضوع جواز القتل إرادة السوء من الحيوان فالنتيجة ان جواز القتل علي الاطلاق منوط بإرادة السوء من الحيوان و منها ما رواه معاوية بن عمار «3» و المستفاد من الحديث ان الافعي و العقرب و الفأرة يجوز قتلها علي الاطلاق و يعارض الحديث في المذكورات حديث ابن أبي العلاء «4» و بعد التعارض يكون المرجع اطلاق دليل الحرمة بالنسبة الي كل حيوان الا في صورة إرادة السوء و بعبارة واضحة ان حديث معاوية بلحاظ ان التقسيم قاطع للشركة يدل علي عدم القيد فيقع التعارض بينه و بين حديث حسين فان مقتضي حديث حسين

جواز القتل عند إرادة السوء بالنسبة الي المذكورات و حديث معاوية يجوز القتل بالنسبة إليها بلا قيد أي يدل علي عدم الفرق فيقع التعارض بين الطرفين و المرجع اطلاق دليل الحرمة.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 6.

(2) نفس المصدر، الحديث 9.

(3) لاحظ ص 381.

(4) لاحظ ص 392.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 394

[(مسألة 206): لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب و الحدأة]

(مسألة 206): لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب و الحدأة و لا كفارة لو أصابهما الرمي و قتلهما (1).

______________________________

(1) قد ذكر في هذه المسألة فرعين:

الفرع الأول: أنه لا بأس للمحرم رمي الغراب و الحداة و يدل علي جواز رميهما ما رواه معاوية بن عمار «1» و ما رواه الحلبي «2» و يدل علي جواز قذف الغراب حديث حسين بن أبي العلاء «3» فلا اشكال في أصل الحكم انما الكلام في أنه هل يختص الحكم بخصوص زمان كون الرامي راكبا علي بعيره أو مطلق.

الحق هو الثاني اذ قد ثبت في محله أنّ المثبتين لا تعارض بينهما و المفروض ان القيد المذكور جاء في حديث معاوية و اما حديث الحلبي و كذا حديث حسين فهما خاليان عن القيد المذكور هذا من ناحية و من ناحية اخري قد ثبت في الاصول انه لا مفهوم للوصف و اللقب.

الفرع الثاني: أنه لا كفارة فيما اذا قتلا بالرمي و هذا علي طبق القاعدة الاولية فان وجوب الكفارة يحتاج الي الدليل و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص 381.

(2) لاحظ ص 392.

(3) لاحظ ص 392.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 395

[كفارات الصيد]
اشارة

كفارات الصيد

[(مسألة 207): في قتل النعامة بدنة و في قتل بقرة الوحش بقرة]

(مسألة 207): في قتل النعامة بدنة و في قتل بقرة الوحش بقرة و في قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة و في قتل الظبي و الأرنب شاة و كذلك في الثعلب علي الاحوط (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: انّ في قتل النعامة بدنة و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في قول اللّه عزّ و جلّ فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ» قال في النعامة بدنة و في حمار وحش بقرة و في الظبي شاة و في البقرة بقرة «1»، و منها ما رواه سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في الظبي شاة و في البقر بقرة و في الحمار بدنة و في النعامة بدنة و فيما سوي ذلك قيمته «2» و منها ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: المحرم يقتل نعامة قال:

عليه بدنة من الابل قلت: حمار وحش قال: عليه بدنة قلت: فالبقرة قال: بقرة «3» و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالي: لٰا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ قال من أصاب نعامة فبدنة و من أصاب حمارا أو شبهه فعليه بقرة و من أصاب ظبيا فعليه شاة بالغ الكعبة حقا واجبا عليه أن ينحر ان كانت في حجّ فبمني حيث ينحر الناس و إن كان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 396

______________________________

في عمره

نحر بمكة و ان شاء تركه حتي يشتريه بعد ما يقدم فينحره فانه يجزي عنه «1»، و منها ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام جزاء من قتل من النعم و هو محرم نعامة فعليه بدنة و في حمار الوحش بقرة و في الظبي شاة يحكم به ذوا عدل منكم و قال عدله أن يحكم بما رأي من الحكم أو صيام يقول اللّه هَدْياً بٰالِغَ الْكَعْبَةِ و الصيام لمن لم يجد الهدي فصيام ثلاثة أيّام قبل التروية بيوم و يوم التروية و يوم عرفة «2» مضافا الي دعوي عدم الخلاف.

الفرع الثاني: ان في قتل بقرة الوحش بقرة و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حريز «3» و منها ما رواه سليمان بن خالد «4» و منها ما رواه يعقوب بن شعيب «5».

الفرع الثالث: أن في قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة لاحظ حديثي حريز المتقدم آنفا و سليمان بن خالد المتقدم آنفا قال سيدنا الاستاد في تقريب الاستدلال علي التخيير ان الامر ظاهر في التعيين و التخيير خلاف الاصل العقلائي كما ثبت في الاصول و لكن هذا فيما لم يكن للمتعلق بديل في دليل آخر كما في المقام حيث أنه قد ورد في أحد الحديثين عنوان البدنة و ذكر في الآخر عنوان البقرة و حيث انا نقطع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب كفارات، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) لاحظ ص 395.

(4) لاحظ ص 395.

(5) لاحظ ص 395.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 397

______________________________

بعدم وجوب كليهما نرفع اليد عن اطلاق كل منهما بالنصوصية في الآخر و ان شئت قلت: ان كل واحد من الدليلين نص في الكفاية

و ظاهر في الانحصار فالظهور في كل واحد منهما قابل لان يخصص بالآخر إذ النص اخص من الظاهر هذا غاية ما يمكن ان يقال في مقام الجمع كما افاده سيدنا الاستاد و لكن هذا مشكل و لا يمكن تصديقه إذ تارة يدل دليل علي وجوب شي ء كما لو قال المولي يجب صوم يوم الخميس و قال في دليل آخر اكتفي بالصدقة من الصوم فلا اشكال في انّ المستفاد من مجموع الدليلين التخيير و اما اذا ورد في كل من الدليلين الامر و الالزام بشي ء كما في المقام و أمثاله و علمنا من الخارج عدم وجوبهما جميعا و بعبارة اخري علمنا ان الواجب احدهما لا كليهما يقع التعارض بين الطرفين إذ كل واحد منهما يطارد الآخر و بعبارة واضحة ان احد الدليلين يدل علي وجوب البدنة بخصوصها و الآخر يدل علي وجوب البقرة بخصوصها فكل ينفي مدلولها الآخر فلا بد من معاملة التعارض معهما و حيث ان المرجح الوحيد عندنا الاحدثية يكون الاحدث هي الحجية و من ناحية اخري لا نميز بين القديم و الحادث يدخل المقام في كبري اشتباه الحجة بغيرها فيحصل العلم الاجمالي بوجوب احدهما فان قلنا بمقالة المشهور أي قلنا ان العلم الاجمالي يكون منجزا بالجملة لا بد من الاحتياط و الجمع بين الامرين و ان قلنا بما سلكناه و هو عدم كون العلم الاجمالي منجزا يكتفي باحد الامرين ان قلت ما الفرق بين المقام و ما لو تعدد الشرط و اتحد الجزاء كما لو قال المولي في دليل اذا جاءك زيد اكرمه و قال في دليل آخر اذا صلي زيد صلاة الليل اكرمه حيث نقول بتخصيص كل واحد من الدليلين بالدليل الآخر

و النتيجة كفاية أحد الأمرين في وجوب الاكرام و الحال أنه قد ثبت في محله ان الشرطية ذات مفهوم قلت القياس مع الفارق فان الشرطية تدل

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 398

______________________________

علي كون العلة منحصرة و لازمها نفي العلية من جميع ما يمكن أن يكون علة و هذه الكلية قابلة لان تخصص و تقيد و حيث ان المنطوق الآخر أخص من هذه الكلية يخصصها و اما في المقام فكل من الدليلين يدل علي ان الواجب في الواقع الأمر الكذائي بخلاف ما يدل الآخر و لا معني للتعارض الّا هذا فافهم و اغتنم.

الفرع الرابع: انّ في قتل الضبي شاة و يدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه حريز «1» و منها ما رواه سليمان بن خالد «2» و منها ما رواه أبو الصباح قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ في الصيد مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ قال في الظبي شاة و في حمار وحش بقرة و في النعامة جزور «3» و منها ما رواه زرارة «4» و منها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزٰاءٌ مِثْلُ مٰا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ قال في الظبي شاة و في الحمام و أشباهها و إن كان فراخا فعدتها من الحملان و في حمار الوحش بقرة و في النعامة جزور «5».

الفرع الخامس: ان في قتل الارنب شاة و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه البزنطي عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن محرم أصاب ارنبا أو ثعلبا

______________________________

(1) لاحظ ص 395.

(2) لاحظ

ص 395.

(3) الوسائل: الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(4) لاحظ ص 395.

(5) الوسائل: الباب 1 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 399

______________________________

فقال في الارنب دم شاة «1» و منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الارنب يصيبه المحرم فقال: شاة «هديا بالغة الكعبة» «2» و منها ما رواه أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن محرم أصاب ارنبا أو ثعلبا فقال في الأرنب شاة «3» و منها ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل ثعلبا قال عليه دم قلت فأرنبا قال: مثل ما في الثعلب «4».

الفرع السادس: ان في قتل الثعلب شاة علي الاحوط و الوجه في الاحتياط و عدم الجزم أنه لا دليل معتبر علي الوجوب فيه بل يستفاد و يستشمّ من بعض النصوص عدمه حيث ان السائل يسأل عن الارنب و الثعلب و الامام روحي فداه يجيب و يذكر خصوص الارنب و اما حديث أبي بصير المذكور فيه الثعلب فهو ضعيف سندا بكلا طريقيه فالحكم مبني علي الاحتياط للخروج عن شبهة الخلاف.

______________________________

(1) الباب 4 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 400

[(مسألة 208): من أصاب شيئا من الصيد]

(مسألة 208): من أصاب شيئا من الصيد فان كان فداؤه بدنة و لم يجدها فعليه اطعام ستين مسكينا لكل مسكين مدّ فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما و ان كان فداؤه بقرة و لم يجدها فليطعم ثلاثين مسكينا فان لم يقدر صام تسعة أيام و إن كان فداؤه شاة و لم

يجدها فليطعم عشرة مساكين فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام (1).

______________________________

(1) أفاد قدّس سرّه أنه لو أصاب شيئا و كان فداؤه بدنة و لم يجدها فعليه اطعام ستين مسكينا لكل مسكين مدّ من طعام فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما و يدل علي المدعي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السّلام قال: سألته عن رجل محرم اصاب نعامة ما عليه قال عليه بدنة فان لم يجد فليتصدق علي ستين مسكينا فإن لم يجد فليصم ثمانية عشر يوما «1» و الحديث يقدم علي ما عارضه من النصوص لكونه احدث و في المقام حديثان آخران أحدهما لمعاوية بن عمار قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الابل فان لم يجد ما يشتري بدنة فأراد أن يتصدق فعليه ان يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدّا فان لم يقدر علي ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام و من كان عليه شي ء من الصيد فداؤه بقرة فان لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا فان لم يجد فليصم تسعة أيام و من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام «2».

ثانيهما: لداود الرقي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يكون عليه بدنة واجبة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 6.

(2) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 13.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 401

[(مسألة 209): اذا قتل المحرم حمامة و نحوها في خارج الحرم فعليه شاة]

(مسألة 209): اذا قتل المحرم حمامة و نحوها في خارج الحرم فعليه شاة و في فرخها حمل أو جدي و في كسر بيضها درهم علي الأحوط و اذا

قتلها المحل في الحرم فعليه درهم و في فرخها نصف درهم و في بيضها ربعه و اذا قتلها المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفارتين و كذلك في قتل الفرخ و كسر البيض و حكم البيض إذا تحرك فيه الفرخ حكم الفرخ (1).

______________________________

في فداء قال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما «1».

و يمكن أن يقال لا تعارض بين حديث ابن جعفر و ابن عمار و انما التعارض بينهما و حديث الرقي و الترجيح بالأحدثية مع الطائفة الاولي.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنّ المحرم اذا قتل حمامة و نحوها في خارج الحرم فعليه شاة و يدل علي المدعي ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في الحمام و أشباهها إن قتله المحرم شاة و ان كان فراخا فعدلها من الحملان الحديث «2».

و الحديث ضعيف فانّ محمد بن فضيل مشترك و لا طريق الي التمييز.

و لكن يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في محرم ذبح طيرا: أنّ عليه دم شاة يهريقه فان كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضان «3» فانّ الحديث يدلّ بإطلاقه علي وجوب الكفارة

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 402

______________________________

في قتل كل ما يصدق عليه الطير فلا يختص الحكم بحمامة و نحوها.

الفرع الثاني: انه لو قتل المحرم فرخ الحمامة تجب فيه الكفارة و هي حمل أو جدي و الحديث في هذا المورد مختلف فقد ورد في حديث حريز بن

عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم اذا أصاب حمامة ففيها شاة و إن قتل فراخه ففيه حمل و إن وطئ البيض فعليه درهم «1»، عنوان حمل و ورد في حديث ابن سنان يعني عبد اللّه «2» التخيير بين الجدي و الحمل و قد ذكرنا قريبا انه يتحقق التعارض في هذه الموارد فلا بد من الرجوع الي باب التعادل و الترجيح و المفروض عدم تميز الحادث عن القديم فتصل النوبة الي الأصل العملي فيدخل المقام في باب الاقل و الاكثر الارتباطيين و المقرر عند القوم جريان البراءة عن الأكثر.

و انا قد فصلنا و قلنا تجري البراءة العقلية و أما البراءة الشرعية فلا تجري لكن يكفي لرفع الكلفة الزائدة البراءة العقلية و تفصيل الكلام من هذه الجهة موكول الي مجال آخر.

و علي الجملة حيث إنّا نعلم بتوجه تكليف إلينا و نشك في انّ المكلف به الجامع بين الحمل و الجدي أو خصوص الحمل تجري البراءة العقلية أي قبح العقاب بلا بيان و ينفي الزائد بحكم البراءة و يكتفي بأحد الأمرين و لكن جريان البراءة العقلية أيضا مشكل إذ مع الشك لا بدّ من الاحتياط بمقتضي دليله نعم الذي يهوّن الحطب انّا قد ذكرنا في بحث العلم الاجمالي أنه يجوز جريان الاصل في احد الطرفين و عدم التعرض للطرف الآخر.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 401.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 403

______________________________

الفرع الثالث: ان في كسر بيضها درهم علي الاحوط و الوجه في الاحتياط انه ورد في المقام حديثان أحدهما يدل علي وجوب الدرهم لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه «1».

ثانيهما: يدلّ علي وجوب نصف الدرهم

لاحظ ما رواه في تهذيب عن يونس ابن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اغلق بابه علي حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض فقال: ان كان اغلق عليها قبل أن يحرم فان عليه لكل طير درهما و لكل فرخ نصف درهم و البيض لكل بيضة نصف درهم و ان كان اغلق عليها بعد ما احرم فان عليه لكل طائر شاة و لكل فرخ حملا و ان لم يكن تحرك فدرهم و للبيض نصف درهم «2».

و الحديث الثاني غير تام سندا فان موسي الذي يروي عن يونس مجهول فلا يعتد بالحديث و عليه يكون وجوب الدرهم علي طبق القاعدة و لا يكون مبنيا علي الاحتياط.

الفرع الرابع: أنه اذا قتلها المحل في الحرم يكون عليه درهم و في فرخها نصف درهم و في بيضها ربعه اما ثبوت الدرهم فيها فيمكن الاستدلال عليه بما رواه صفوان بن يحيي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: من أصاب طيرا في الحرم و هو محل فعليه القيمة و القيمة درهم يشتري علفا لحمام الحرم «3» و بما رواه حفص بن

______________________________

(1) لاحظ ص 402.

(2) التهذيب: ج 5 ص 350، الحديث 129.

(3) الوسائل: الباب 10 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 404

______________________________

البختري «1» و أما وجوب نصف الدرهم في الفرخ فيدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن فرخين مسرولين ذبحتهما و أنا بمكة محلّ فقال لي لم ذبحتهما فقلت جاءتني بهما جارية قوم من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما فظننت أني بالكوفة و لم أذكر الحرم فذبحتهما فقال تصدّق بثمنها فقلت

و كم ثمنهما فقال درهم خير من ثمنهما «2».

و أما وجوب ربع الدرهم في البيض فيدل عليه حديث حفص المتقدم ذكره آنفا.

الفرع الخامس: أنه لو قتلها المحرم في الحرم يجب عليه الجمع بين الكفارتين لاحظ حديثي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة و ثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدق به أو يطعمه حمام مكة فان قتلها في الحرم و ليس بمحرم فعليه ثمنها «3» و زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال: اذا أصاب المحرم في الحرم حمامة الي أن يبلغ الظبي فعليه دم يهريقه و يتصدق بمثل ثمنه أيضا فان أصاب منه و هو حلال فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه «4».

و المذكور في حديث زرارة التصدق بها و المذكور في حديث الحلبي التخيير بين التصدق و اطعام حمام مكة و الأحدث حديث الحلبي حيث انه من الصادق عليه السّلام و حديث زرارة عن الباقر عليه السّلام و أيضا ان المذكور في حديث الحلبي قوله عليه السّلام و ثمن

______________________________

(1) لاحظ ص 390.

(2) نفس الباب، الحديث 7.

(3) الباب 11 من هذه الأبواب، الحديث 3.

(4) الوسائل: الباب 11 من هذه الأبواب، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 405

______________________________

الحمام درهم أو شبهه و لا يبعد أن يكون المراد به ما يكون مرادا من قوله عليه السّلام «بمثل ثمنه» و كيف كان يكفي اذا كان من يتصدق به شبه ثمن الحمام أي شبه الدرهم من بقية أنواع النقود و حيث ان كلامه عليه السّلام علي نحو الاطلاق يكون حاكما علي جميع الموارد التي ثبت فيها وجوب اداء الدرهم.

الفرع السادس: أن المحرم اذا قتل الفرخ في

الحرم يجب عليه الجمع بين الكفارتين استدل سيدنا الاستاد قدّس سرّه علي ما في تقريره الشريف علي المدعي بأنه قد ثبت في الاصول عدم التداخل في الاسباب فاذا تعدد السبب يتعدد المسبب و حيث ان المفروض ان القتل صدر عن المحرم في الحرم يكون السبب اثنين أحدهما هتك الحرم. ثانيهما: هتك الاحرام فيلزم تعدد الكفارة و يرد عليه انه لا اشكال في أصل الكبري و ان التداخل في الأسباب خلاف القاعدة كما انّ تداخل المسببات كذلك لكن الاشكال في الصغري و هو ثبوت تعدد السبب في المقام إذ الأحكام الشرعية تحتاج الي الدليل و لا دليل علي أن يكون كل من العناوين سببا لكفارة مستقلة كي نلتزم بتعددها بل المقدار الذي قام عليه الدليل انه تجب الكفارة في قتل الفرخ فلا بد من قيام دليل علي المدعي و مما ذكرنا في الفرخ يظهر الاشكال في البيض و حديث الحارث بن المغيرة «1» لا يدل علي المدعي فانه ورد في مورد خاص و لا وجه لاسراء الحكم من ذلك الموضوع الي مورد آخر مضافا الي أنّ الحديث لا يعتدّ به سندا و أمّا اذا كسر بيض الحمام و قد تحرك فيه الفرخ فقد ورد فيه النص الخاص لاحظ ما رواه علي بن جعفر قال: سألت أخي موسي عليه السّلام عن رجل كسر بيض الحمام و في البيض

______________________________

(1) لاحظ ص 389.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 406

[(مسألة 210): في قتل القطاة و الحجل و الدراج و نظيرها حمل قد فطم من اللبن]

(مسألة 210): في قتل القطاة و الحجل و الدراج و نظيرها حمل قد فطم من اللبن و أكل من الشجر و في العصفور و القبرة و الصعوة مدمن الطعام علي المشهور و الأحوط فيها حمل فطيم و في قتل

جرادة واحدة تمرة و في اكثر من واحدة كف من الطعام و في الكثير شاة (1).

______________________________

فراخ قد تحرك فقال: عليه ان يتصدق عن كل فرخ قد تحرك فيه بشاة و يتصدق بلحومها ان كان محرما و إن كان الفراخ لم يتحرك تصدق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم «1».

و لا بد من العمل علي طبق هذه الرواية و لا يعتد بمعارضها إذ المفروض ان حديث ابن جعفر أحدث فالترجيح معه.

(1) أما بالنسبة الي القطاة فمضافا الي دعوي عدم الخلاف يدل علي المدعي ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السّلام في القطاة إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن و أكل من الشجر «2».

فلا اشكال في الحكم و أما بقية المذكورات في المسألة فالظاهر أنه لا دليل معتبر علي المدعي فيها و دعوي عدم الخلاف لا أثر لها كما أن دعوي عدم القول بالفصل بين القطاة و البقية لا ترجع الي محصل و أما الحديث الآخر لسليمان بن خالد عن أبي جعفر عليه السّلام قال في كتاب أمير المؤمنين عليه السّلام: من أصاب قطاة أو حجلة أو درّاجة أو نظيرهن فعليه دم «3» المشتمل علي لفظ «أو نظيرهن» فهو غير معتبر سندا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 26 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 5 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 407

______________________________

لعدم ثبوت وثاقة محمد بن عبد الحميد الواقع في الطريق و مجرد كون الرجل في اسناد كامل الزيارات لا أثر له كما مر منا مرارا و كرارا فعليه فان ثبت اجماع تعبدي

كاشف عن رأي المعصوم فهو و الّا فلا بد من الالتزام من كون الكفارة فيها قيمتها بمقتضي حديث ثالث لسليمان بن خالد «1»، لكن لا تصل النوبة الي الأخذ بحديث سليمان بل المحكم في المقام حديث ابن سنان «2» فان مقتضي هذه الرواية أن المحرم إذا ذبح طيرا يكون عليه دم شاة فلاحظ و أما بالنسبة الي القبرة و العصفور و الصعوة فقد ورد فيها حديثان أحدهما ما أرسله صفوان بن يحيي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في القنبرة و العصفور و الصعوة يقتلهم المحرم قال عليه مدمن طعام لكل واحد «3».

ثانيهما: ما ارسله صفوان أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: القنبرة و الصعوة و العصفور إذا قتله المحرم فعليه مدّ من طعام عن كل واحد منهم «4» و كلاهما ضعيفان بالارسال فلا بد من العمل بمقتضي حديث ابن سنان المتقدم آنفا فان مقتضاه ان الجزاء في قتل الطير دم شاة يهريقه و أما الجراد فان قتل جرادة واحدة ففيها تمرة و ان قتل جرادا كثيرا ففيه كف من الطعام و إن كان أكثر فعليه شاة أمّا بالنسبة الي الجرادة الواحدة فالدليل علي المدعي ما رواه معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس للمحرم أن يأكل جرادا و لا يقتله قال قلت ما تقول في رجل قتل جرادة و هو محرم قال: تمرة خير من جرادة و هي من البحر و كل شي ء أصله من البحر

______________________________

(1) لاحظ ص 395.

(2) لاحظ ص 401.

(3) الوسائل: الباب 7 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 408

______________________________

و يكون في البرّ و البحر فلا ينبغي للمحرم

أن يقتله فان قتله متعمدا فعليه الفداء كما قال اللّه «1».

و أما بالنسبة الي الكثير فالدليل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن محرم قتل جرادا قال: كف من طعام و ان كان اكثر فعليه شاة، و بهذا الاسناد مثله الا أنه قال قتل جرادا كثيرا «2».

و أما بالنسبة الي الأكثر فالدليل علي المدعي نفس حديث ابن مسلم فان الأمر يدور بين نقصان لفظ كثير و زيادته و الترجيح في احتمال النقيصة أي احتمال ان الراوي نقص من الحديث ارجح من أنه زاد فلا بد من الاخذ بالزائد فلا بد في وجوب الكف من الطعام أن يصدق عنوان الكثير و مع عدم الصدق يقتصر علي التمرة الا أن يقال لا وجه صناعي فيما ذكر إذ لا يعلم ما هو الواجب فيه و يمكن أن نقول يدور الأمر فيه بين التمرة و الكف من الطعام فيدخل المقام في باب دوران الأمر بين التعيين و التخيير و بعبارة واضحة لا اشكال في الجامع و إنما الشك في الخصوصية و البراءة عنها تقتضي عدم وجوبها الا أن يقال الأمر دائر بين المتباينين إذ نعلم اجمالا بوجوب أحد الأمرين فلا بد من اعمال قانونه فالنتيجة أنه إذا قتل جرادة واحدة تجب عليه التمرة و إذا تكرر منه تجب عليه لكل جرادة تمرة بلا فرق بين فصل كل واحدة منها بالكفارة و عدمه و إذا كان قتل دفعة واحدة كثيرا يكون عليه كف من الطعام و إذا قتل اكثر يكون عليه دم شاة و إذا كان القتل واقعا دفعة واحدة علي عدد لا يصدق عليه الكثير يتحقق العلم الاجمالي بوجود أحد

أمرين فلا بد من

______________________________

(1) الوسائل: الباب 37 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 409

[(مسألة 211): في قتل اليربوع و القنفذ و الضبّ و ما أشبهها جدي]

(مسألة 211): في قتل اليربوع و القنفذ و الضبّ و ما أشبهها جدي و في قتل العظاية كف من الطعام (1).

[(مسألة 212): في قتل الزنبور متعمدا اطعام شي ء من الطعام]

(مسألة 212): في قتل الزنبور متعمدا اطعام شي ء من الطعام و إذا كان القتل دفعا لإيذائه فلا شي ء عليه (2).

______________________________

العمل بمقتضاه و قد ذكرنا في محله أن العلم الاجمالي لا يكون منجزا بالجملة فيجوز الاكتفاء بأحد الأمرين.

و لقائل أن يقول إذا تعدّد المقتول لا يصدق عليه عنوان قتل جرادة واحدة فلا يترتّب عليه حكمها و المفروض أنه لا يصدق عليه عنوان الكثير فلا يجب عليه شي ء إلا أن يقطع بأنّ فيه شي ء فيحصل العلم الاجمالي و أنّا بإثبات القطع مع انّ الحكم تعبّدي.

(1) أما ثبوت الجدي في المذكورات فلحديث مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: في اليربوع و القنفذ و الضبّ إذا أصابه المحرم فعليه جدي و الجدي خير منه و انما جعل هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد «1» و أما ثبوته في قتل ما أشبهها فلما ذكر عليه السّلام من التعليل فانه يفهم منه جريان الحكم في الاشباه و النظائر و أما ثبوت كف من الطعام في قتل العظاية فلحديث معاوية قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام محرم قتل عظاية قال: كفّ من طعام «2».

(2) يدل علي ما أفاده في هذه المسألة ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن محرم قتل زنبورا قال: إن كان خطاء فليس عليه شي ء

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(2) الباب 7 من هذه الأبواب، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 410

[(مسألة 213): يجب علي المحرم أن ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد]

(مسألة 213): يجب علي المحرم أن ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد فان لم يتمكن فلا بأس بقتلها (1).

[(مسألة 214): لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلي كل واحد منهم كفارة مستقلة]

(مسألة 214): لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلي كل واحد منهم كفارة مستقلة (2).

______________________________

قلت: لا بل متعمدا قال: يطعم شيئا من طعام قلت: إنه أرادني قال: أن أرادك فاقتله «1».

(1) أما وجوب الانحراف عن الجادة فلحديث معاوية قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الجراد يكون في ظهر الطريق و القوم محرمون فكيف يصنعون قال:

يتنكبونه ما استطاعوا، قلت: فان قتلوا منه شيئا فما عليهم قال: لا شي ء عليهم «2» و أما عدم البأس مع عدم امكان الانحراف فلحديثي حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

علي المحرم أن يتنكب الجراد إذا كان علي طريقه فان لم يجد بدّا فقتل فلا بأس «3» و زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال: المحرم يتنكب الجراد إذا كان علي الطريق فان لم يجد بدّا فقتل فلا شي ء عليه «4».

(2) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا اجتمع قوم علي صيد و هم محرمون في صيده أو اكلوا منه فعلي كل واحد منهم قيمته «5».

______________________________

(1) الباب 8 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 38 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

(5) الباب 18 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 411

______________________________

و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

و أتي قوم اجتمعوا علي صيد فأكلوا منه فان علي كل انسان منهم قيمة فان اجتمعوا في

صيد فعليهم مثل ذلك «1»، و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجلين أصابا صيدا و هما محرمان الجزاء بينهما أو علي كل واحد منهما جزاء فقال: لا بل عليهما أن يجزي كل واحد منهما الصيد قلت: ان بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه فقال: إذا أصبتم بمثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتي تسألوا عنه فتعلموا «2»، و منها ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السّلام في محرمين أصابا صيدا فقال علي كل واحد منهما الفداء «3».

و أما حديث ابان بن تغلب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها و أكلوها فقال عليهم مكان كل فرخ اصابوه و أكلوه بدنة يشتركون فيهنّ فيشترون علي عدد الفراخ و عدد الرجال قلت: فانّ منهم من لا يقدر علي شي ء قال: يقوّم بحساب ما يصيبه من البدن و يصوم لكل بدنة ثمانية عشر يوما «4» فتكون نسخة التهذيب «5» مخالفة مع نسخة الفقيه «6».

و لا مجال لاعمال قاعدة دوران الأمر بين الزيادة و النقيصة إذ التغاير بالتباين

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) نفس المصدر، الحديث 7.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) تهذيب ج 5 ص 353 الحديث 140.

(6) الفقيه: ج 2 ص 236، الحديث 14.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 412

[(مسألة 215): كفارة أكل الصيد ككفارة الصيد نفسه]

(مسألة 215): كفارة أكل الصيد ككفارة الصيد نفسه فلو صاده المحرم و أكله فعليه كفارتان (1).

______________________________

لا بالأقل و الأكثر و لا يميز و لقائل أن يقول أنه لا موضوع للتعارض إذ حديث التهذيب لا يعتد به لضعف سنده فيبقي حديث الصدوق

و لا بأس بالعمل به فانه وارد في مورد خاص و المفروض اعتبار سنده و إن شئت قلت لا تعارض بينه و بين بقية روايات الباب أي تخصص تلك الروايات بهذه الرواية.

(1) يدل علي ما أفاده في الفرع الأول ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا و هم حرم ما عليهم قال: علي كل من أكل منهم فداء صيد كلّ انسان منهم علي حدته فداء صيد كاملا «1» و أما حديث يوسف الطاطري قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام صيد أكله قوم محرومون قال:

عليهم شاة شاة و ليس علي الذي ذبحه الّا شاة فلا يعتد به لضعف سنده إذ لم يثبت وثاقة الرجل و لقائل أن يقول أنّ قول الشيخ أن العمل برواية الطاطريين لاجل وثاقتهم توثيق منه ايّاهم لكن الحكم بن أيس في السند و الرجل لم يوثق و طريق الصدوق الي الطاطري ضعيف علي ما كتبه الحاجياني.

و أما ما أفاده في الفرع الثاني و هو تعدد الكفارة عند تعدد السبب فهو علي طبق القاعدة الاولية إذ قد ثبت في الأصول ان التداخل في الأسباب أو المسببات علي خلاف القاعدة لا يصار إليه الّا مع قيام دليل عليه.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 413

[(مسألة 216): من كان معه صيد و دخل الحرم يجب عليه ارساله]

(مسألة 216): من كان معه صيد و دخل الحرم يجب عليه ارساله فإن لم يرسله حتي مات لزمه الفداء بل الحكم كذلك بعد احرامه و إن لم يدخل الحرم علي الأحوط (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: إن من كان معه صيد و دخل الحرم يجب عليه

ارساله و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن طائر أهليّ ادخل الحرم حيّا فقال: لا يمسّ لانّ اللّه تعالي يقول وَ مَنْ دَخَلَهُ كٰانَ آمِناً «1».

فانه يستفاد من الحديث انّ كل من دخل الحرم يكون آمنا و لو كان الداخل حيوانا فلا يجوز امساكه بعد ان دخل الحرم و منها ما رواه شهاب ابن عبد ربّه قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام انّي اتسحر بفراخ أوتي بها من غير مكة فتذبح في الحرم فأتسحّر بها فقال: بئس السحور سحورك أ ما علمت أن ما دخلت به الحرم حيّا فقد حرم عليك ذبحه و امساكه «2» و دلالة الحديث علي المدعي واضحة و لاحظ بقية النصوص الدالة علي المدعي.

الفرع الثاني: أنه لو لم يرسله و مات يجب عليه الفداء لاحظ ما رواه ابن بكير قال: سألت أحدهما عليهما السّلام عن رجل أصاب طيرا في الحل فاشتراه فادخله الحرم فمات فقال: إن كان حين ادخله الحرم خلّي سبيله فمات فلا شي ء عليه و إن كان امسكه حتي مات عنده في الحرم فعليه الفداء «3» و ما رواه بكير بن أعين عن

______________________________

(1) الباب 12 من هذه الأبواب، الحديث 11.

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 414

[(مسألة 217): لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد و أكله بين العمد و السهو و الجهل]

(مسألة 217): لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد و أكله بين العمد و السهو و الجهل (1).

______________________________

أحدهما عليهما السّلام مثله الّا أنه قال: أصاب ظبيا ثم قال فمات الظبي في الحرم «1» و كلا الحديثين ضعيفان أما الأول فبسهل و أما الثاني فبكير

و مجرد مدحه في لسان الامام عليه السّلام لا يكون دليلا علي وثاقته في الكلام مضافا الي انّ الحديث وارد في الظبي و دعوي عدم الفرق بينه و غيره بلا وجه فالحكم مبني علي الاحتياط.

الفرع الثالث: انّ الحكم كذلك بعد احرامه و إن لم يدخل الحرم أما بالنسبة الي حرمة الامساك و وجوب الارسال فالدليل عليه حرمة الصيد بالنسبة الي المحرم فانه يحرم عليه صيد البر و أما وجوب الفداء إذا مات فربما يستدل عليه بالاجماع المدعي في المقام أي الاجماع علي وجوب الكفارة في كلا الموردين و حال الاجماع في الاشكال ظاهر و استدل عليه بما عن صاحب الجواهر و هو أنه مع وجوب الارسال لا يكون مالكا فتكون يده عادية و مقتضي قاعدة علي اليد هو الضمان.

و يرد عليه أولا: انه لا دليل علي انّ الحيوان يخرج عن ملك من في يده.

و ثانيا: أنه نفرض خروجه عن ملكه لكن لا دليل علي الضمان علي الاطلاق و انما الضمان انما يتحقق فيما يكون المأخوذ ملكا للغير و المقام لم يفرض فيه كذلك فلاحظ.

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تأكل من الصيد و أنت حرام و إن كان اصابه محلّ و ليس عليك فداء ما اتيته بجهالة الّا الصيد فان عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد «2»،

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 9.

(2) الوسائل: الباب 31 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 415

______________________________

و منها ما رواه ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن المحرم يصيد الصيد بجهالة قال: عليه كفارة

قلت فان أصابه خطأ قال: و أي شي ء الخطأ عندك قلت ترمي هذه النخلة فتصيب نخلة أخري فقال: نعم هذا الخطأ و عليه الكفارة قلت: فانه أخذ طائرا متعمدا فذبحه و هو محرم قال عليه الكفارة قلت: جعلت فداك أ لست قلت انّ الخطأ و الجهالة و العمد ليسوا بسواء فبأيّ شي ء يفضل المتعمد الجاهل و الخاطئ قال: انه اثم و لعب بدينه «1» و منها ما رواه أحمد بن محمد قال:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 1، ص: 415

سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطأ أو عمد أعم فيه سواء قال: لا قال: فقلت جعلت فداك ما تقول في رجل أصاب الصيد بجهالة ثم ذكر مثله الّا أنه قال أخذ ظبيا متعمدا و ترك لفظ الجاهل «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما وطأته أو وطأه بعيرك و أنت محرم فعليك فداؤه و قال: اعلم أنه ليس عليك فداء شي ء أتيته و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجك أو عمرتك الّا الصيد فان عليك الفداء بجهالة كان أو عمد «3» و منها ما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

إذا رمي المحرم صيدا و أصاب اثنين فانّ عليه كفارتين جزاءهما «4» و منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن المعتمد في الصيد و الجاهل و الخطاء سواء فيه قال: لا فقلت له الجاهل عليه شي ء

فقال: نعم فقلت له:

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 416

______________________________

جعلت فداك فالعمد بأيّ شي ء يفضل صاحب الجهالة قال: بالاثم و هو لاعب بدينه «1» و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «2» و منها ما رواه منصور قال:

حدّثني صاحب لنا ثقة قال: كنت أمشي في بعض طرق مكة فلقيني انسان فقال:

اذبح لي هذين الطيرين فذبحتهما ناسيا و انا حلال ثم سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال:

عليك الثمن «3» إن قلت مقتضي حديث الرفع عدم ترتب الاثر علي الخطاء لاحظ ما رواه صفوان بن يحيي و أحمد بن محمد بن أبي نصر جميعا عن أبي الحسن عليه السّلام في الرجل يستكره علي اليمين فيحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك فقال: لا قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: وضع عن امتي ما اكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ما أخطئوا «4» و النسيان لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: رفع عن أمتي تسعة أشياء الخطاء و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يعلمون و لا يطيقون و ما اضطروا إليه و الحسد و الطيرة و التفكر في الوسوسة في الخلوة ما لم ينطقوا بشفة «5» كما انّ مقتضي حديث عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال لرجل اعجمي أحرم في قميصه اخرجه من رأسك فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل

أيّ رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

(2) لاحظ ص 404.

(3) الباب 10 من هذه الأبواب، الحديث 8.

(4) الوسائل: الباب 12 من أبواب الايمان، الحديث 12.

(5) الوسائل: الباب 56 من أبواب جهاد النفس، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 417

[(مسألة 218): تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو نسيانا أو خطأ]

(مسألة 218): تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو نسيانا أو خطأ و كذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم أو من المحرم مع تعدد الاحرام و أما اذا تكرر الصيد عمدا من المحرم في احرام واحد لم تتعدد الكفارة (1).

______________________________

الحديث «1» عدم ترتب الاثر علي العمل الصادر عن جهالة.

قلت: الامر و إن كان كذلك لكن لا بد من رفع اليد عن القاعدة بالنصوص الواردة في المقام فان باب التخصيص و التقييد مفتوح بكلا مصراعيه.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو نسيانا أو خطا و اللازم ملاحظة نصوص الباب و استفادة الحكم منها فنقول من تلك النصوص ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يصيب الصيد قال عليه الكفارة في كل ما أصاب «2».

فانّ مقتضي هذه الرواية تكرر الكفارة بتكرر الصيد فيعلم أنه لا فرق بين العمد و غيره ان قلت النسيان لم يذكر في النصوص فما وجه الحاق النسيان بالجهل و الخطاء قلت: يمكن ان يقال ان العرف يفهم من النصوص ان الصيد بخصوصه لا يفرق فيه مضافا الي أنه ذكر في بعض النصوص عنوان النسيان لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «3» و لاحظ ما رواه منصور «4».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 47 من

أبواب كفارات الصيد، الحديث 1.

(3) لاحظ ص 404.

(4) لاحظ ص 416.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 418

______________________________

الفرع الثاني: انه تتكرر الكفارة مع العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه صفوان بن يحيي «1» و منها ما رواه فضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم و هو غير محرم قال: عليه قيمتها و هو درهم يتصدق به أو يشتري طعاما لحمام الحرم و ان قتلها و هو محرم في الحرم فعليه شاة و قيمة الحمامة «2».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «3» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انه سأله عمّن قتل حمامة في الحرم و هو حلال قال: عليه ثمنها ليس عليه غيره «4» و منها ما رواه محمد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اهدي إليه حمام اهليّ جي ء به و هو في الحرم محلّ قال: ان أصاب منه شيئا فليتصدّق مكانه بنحو من ثمنه «5».

الفرع الثالث: أنّه تتكرر الكفارة بتكرر الصيد عمدا من المحرم مع تعدد الاحرام لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «6» فانّ مقتضي اطلاق الحديث ان كل صيد من المحرم موضوع لوجوب الكفارة هذا من ناحية و من ناحية اخري قد ثبت في محله انّ التداخل في الأسباب علي خلاف القاعدة و لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار

______________________________

(1) لاحظ ص 403.

(2) الوسائل: الباب 10 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 6.

(3) لاحظ ص 404.

(4) الوسائل: الباب 10 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 9.

(5) نفس المصدر، الحديث 10.

(6) لاحظ

ص 417.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 419

______________________________

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام محرم أصاب صيدا قال: عليه الكفارة قلت: فان هو عاد قال: عليه كلّما عاد كفّارة «1» أيضا و دلالة الحديث علي المدعي أوضح من سابقه.

الفرع الرابع: أنه لو تكرر الصيد مع العمد في احرام و احل لا تتكرر الكفارة و الدليل عليه طائفة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه و يتصدق بالصيد علي مسكين فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاء و ينتقم اللّه منه و النقمة في الآخرة «2» فان المفروض في الرواية ان المحرم يعود و بعبارة اخري موضوع الحكم عنوان المحرم و يتكرر منه الصيد فلا بد من فرض بقائه علي احرامه و الحال يكرر الصيد و أوضح في الدلالة علي المدعي ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في محرم أصاب صيدا قال عليه الكفارة قلت فان أصاب آخر قال: إذا أصاب آخر فليس عليه كفّارة و هو ممّن قال اللّه عزّ و جلّ وَ مَنْ عٰادَ فَيَنْتَقِمُ اللّٰهُ مِنْهُ «3» و منها ما رواه حفص الأعور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد فقولوا له هل أصبت صيدا قبل هذا و أنت محرم فان قال نعم فقولوا له أن اللّه منتقم منك فاحذر النقمة، فان قال لا فاحكموا عليه جزاء ذلك الصيد «4» و بهذه الطائفة يخصص ما يدل بإطلاقه عليه وجوب الكفارة و لو مع التكرر فالنتيجة هو التفصيل كما في المتن.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 47 من أبواب كفارات الصيد، الحديث 3.

(2) الباب 48 من

هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 420

[2- مجامعة النساء]
اشارة

2- مجامعة النساء

[(مسألة 219): يحرم علي المحرم الجماع]

(مسألة 219): يحرم علي المحرم الجماع أثناء عمرة التمتع و أثناء العمرة المفردة و أثناء الحج و بعده قبل الاتيان بصلاة طواف النساء (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه يحرم علي المحرم في احرامه الحج الجماع و هذا من الواضحات الفقهية و في بعض الكلمات أنه مقطوع به عند الاصحاب و عن الجواهر الاجماع بقسميه عليه و قيل انه استفاض نقل الاجماع عليه و يدل عليه قوله تعالي: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِي الْحَجِّ وَ مٰا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّٰهُ وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّٰادِ التَّقْويٰ وَ اتَّقُونِ يٰا أُولِي الْأَلْبٰابِ «1» و قد فسر الرفث في النصوص بالجماع منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا احرمت فعليك بتقوي اللّه و ذكر اللّه و قلة الكلام الّا بخير فان تمام الحج و العمرة ان يحفظ المرء لسانه الّا من خير كما قال اللّه عزّ و جلّ فان اللّه عزّ و جلّ يقول فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِي الْحَجِّ فالرفث الجماع و الفسوق الكذب و السباب و لا جدال قول الرجل لا و اللّه و بلي و اللّه «2» و منها ما رواه علي بن جعفر قال: سألت أخي موسي عليه السّلام عن الرفث و الفسوق و الجدال ما هو و ما علي من فعله فقال الرفث جماع النساء و الفسوق

______________________________

(1) البقرة: 197.

(2) الوسائل: الباب 32 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 421

______________________________

الكذب و المفاخرة و الجدال قول الرجل

لا و اللّه و بلي و اللّه الحديث «1».

و منها ما رواه زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرفث و الفسوق و الجدال قال: أما الرفث فالجماع و أما الفسوق فهو الكذب ألا تسمع لقوله تعالي يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهٰالَةٍ و الجدال هو قول الرجل لا و اللّه و بلي و اللّه و سباب الرجل الرجل «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِي الْحَجِّ و الرفث الجماع و الفسوق الكذب و السباب و الجدال قول الرجل لا و اللّه و بلي و اللّه «3».

الفرع الثاني: أنه يحرم الجماع في احرام عمرة التمتع و يمكن الاستدلال عليه مضافا الي الاجماع و التسالم و وضوح الأمر بالآية الشريفة إذ المفروض ان عمرة التمتع داخلة في الحج و جزء منه.

الفرع الثالث: أنه يحرم الجماع في العمرة المفردة و يمكن الاستدلال علي المدعي فيها بوضوح الأمر فيه و كونه متسالما عليه بين الاصحاب و ربما يستدل عليه بانه يوجب الكفارة و وجوب الكفارة يكشف عن الحرمة و فيه أنه لا ملازمة بين الأمرين و الشاهد عليه ان تأخير قضاء الصوم الي السنة اللاحقة يوجب الفدية و مع ذلك لا يكون التأخير حراما و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل محرم واقع

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

(3) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك

في شرح المناسك، ج 1، ص: 422

______________________________

أهله قال: قد أتي عظيما، الحديث «1»، فان قوله روحي فداه قد أتي عظيما يدل علي كونه حراما كما هو واضح و لكن السند مخدوش و منها ما رواه مسمع أبي سيّار قال:

قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام يا أبا سيّار انّ حال المحرم ضيقة ان قبّل امرأته علي غير شهوة و هو محرم فعليه دم شاة و ان قبّل امرأته علي شهوة فأمني فعليه جزور و يستغفر اللّه و من مسّ امرأته و هو محرم علي شهوة فعليه دم شاة و من نظر الي امرأته نظر شهوة فأمني فعليه جزور و ان مسّ امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شي ء عليه «2» فانه لو لم يكن الامناء حراما لم يكن وجه لوجوب الاستغفار و التوبة و إذا فرضنا حرمة الامناء بلا جماع فيفهم بالاولوية القطعية حرمة الجماع و هذا العرف ببابك و استدل سيدنا الاستاد قدّس سرّه علي المدعي بأنه لا خلاف في فساد العمرة المفردة بالجماع و الحال أنه يجب عليه الاتمام لقوله تعالي وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ «3» فانه يستفاد من الآية الشريفة وجوب اتمام الحج و العمرة فلا يجوز الجماع لانه يوجب بطلان العمرة.

و يرد عليه أولا أنه علي فرض تمامية الاستدلال بالآية علي وجوب الاتمام لا يكون الجماع حراما إذ الواجب الاتمام و الأمر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده.

و ثانيا: ان المستفاد من طائفة من النصوص ان المراد بالآية الشريفة الاتيان بالحج و العمرة لا وجوب اتمامهما بعد الشروع منها ما رواه الفضل أبي العباس «4»

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من أبواب تروك الاحرام، الحديث

2.

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

(3) البقرة: 196.

(4) لاحظ ص 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 423

______________________________

و منها ما رواه عمر بن اذينة «1»، و منها ما رواه الفضل أبي العباس «2».

الفرع الرابع: أنه لا يجوز له الجماع قبل طواف النساء و الدليل عليه مضافا الي أنه مما قطع به الاصحاب علي ما في كلام بعضهم تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل نسي طواف النساء حتّي يرجع الي أهله قال: لا تحلّ له النساء حتي يزور البيت فان هو مات فليقض عنه وليّه أو غيره فأما ما دام حيّا فلا يصلح أن يقضي عنه، و ان نسي الجمار فليسا بسواء ان الرمي سنة و الطواف فريضة «3» و منها ما رواه معاوية بن عمار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل نسي طواف النساء حتي أتي الكوفة قال:

لا تحلّ له النساء حتي يطوف بالبيت قلت: فان لم يقدر قال: يأمر من يطوف عنه «4» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل نسي طواف النساء حتي دخل أهله قال: لا تحلّ له النساء حتي يزور البيت، و قال يأمر أن يقضي عنه ان لم يحج فان توفّي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليّه أو غيره «5» و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: رجل نسي طواف النساء حتي رجع الي أهله قال: يأمر من يقضي عنه ان لم يحج فانه لا تحلّ له

______________________________

(1) لاحظ ص 8.

(2)

لاحظ ص 8.

(3) الوسائل: الباب 58 من أبواب الطواف، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 424

______________________________

النساء حتي يطوف بالبيت «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو لا ما منّ اللّه عزّ و جلّ علي الناس من طواف النساء لرجع الرجل الي أهله و ليس يحلّ له أهله «2». و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا ذبح الرجل و حلق فقد أحلّ من كلّ شي ء أحرم منه الّا النساء و الطيب فاذا زار البيت و طاف و سعي بين الصفا و المروة فقد أحلّ كل شي ء أحرم منه الّا النساء و إذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كل شي ء أحرم منه الّا الصيد «3» و منها ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل رمي و حلق أ يأكل شيئا فيه صفرة قال: لا حتي يطوف بالبيت و بين الصفا و المروة ثم قد حلّ له كلّ شي ء الّا النساء حتي يطوف بالبيت طوافا آخر ثم قد حلّ له النساء «4» و منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أعلم انّك اذا حلقت رأسك فقد حلّ لك كل شي ء إلّا النساء و الطيب «5» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السّلام عن المتمتع اذا حلق رأسه ما يحل له فقال: كل شي ء الّا النساء «6».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 58 من أبواب الطواف، الحديث 8.

(2) الباب 2 من هذه الأبواب، الحديث 2.

(3) الوسائل:

الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

(5) نفس المصدر، الحديث 4.

(6) نفس المصدر، الحديث 8.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 425

[(مسألة 220): إذا جامع المتمتع اثناء عمرته قبلا أو دبرا عالما عامدا]

(مسألة 220): إذا جامع المتمتع اثناء عمرته قبلا أو دبرا عالما عامدا فانّ كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته و وجبت عليه الكفارة و هي علي الأحوط جزور و مع العجز عنه بقرة و مع العجز عنها شاة و إن كان قبل الفراغ من السعي فكفارته كما تقدم و لا تفسد عمرته أيضا علي الأظهر و الأحوط اعادته قبل الحج مع الامكان و الّا أعاد حجه في العام القابل (1).

______________________________

و منها ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام أنه كان يقول اذا رميت جمرة العقبة فقد حلّ لك كل شي ء حرم عليك الّا النساء «1» و منها ما رواه محمد بن حمران ال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحاج غير المتمتع يوم النحر ما يحل له قال كل شي ء الّا النساء و عن المتمتع ما يحل له يوم النحر قال: كل شي ء الّا النساء و الطيب «2».

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو جامع المتمتع أثناء عمرته و كان جماعه بعد السعي لا تفسد عمرته و تجب عليه الكفارة بلا فرق بين أن يكون الجماع في القبل أو في الدبر أما عدم البطلان فهو علي طبق القاعدة الأولية فان البطلان يحتاج الي الدليل و مجرد الحرمة لا يكون دليلا علي الافساد أضف الي ذلك ان جملة من النصوص تدل علي المدعي منها ما رواه الحلبي أنه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع طاف

بالبيت و بين الصفا و المروة و قبّل امرأته قبل أن يقصد من رأسه قال عليه دم يهريقه و إن

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 11.

(2) الباب 14 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 426

______________________________

كان الجماع فعليه جزور أو بقرة «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع وقع علي امرأته قبل أن يقصّر قال ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه «2» و منها ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت متمتع وقع علي امرأته قبل أن يقصّ فقال عليه دم شاة «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع وقع علي امرأته و لم يقصر قال: ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما و إن كان جاهلا فلا شي ء عليه «4» و منها ما رواه عمران الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طاف بالبيت و بالصفا و المروة و قد تمتع ثمّ عجّل فقبّل امرأته قبل أن يقصّر من رأسه قال عليه دم يهريقه و إن جامع فعليه جزور أو بقرة «5».

و أما عدم الفرق بين القبل و الدبر فالجزم به مشكل فان المتبادر من الجماع و الدخول و المواقعة و أمثالها هو الدخول المتعارف فالحاق الدبر بالقبل مبني علي الاحتياط و أما الكفارة فالنصوص مختلفة ففي بعضها قد حكم بالتخيير بين الجزور و البقرة كما في حديث عمران الحلبي و في حديث آخر للحلبي و في بعضها الآخر قد حكم بالجزور كما في

حديثي ابن عمار و في بعضها قد حكم بالشاة كما في حديث ابن مسكان فيقع التعارض بين دليل التخيير و التعيين و قد تقدم منا انه يلزم اعمال قانون

______________________________

(1) الوسائل: الباب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 427

______________________________

باب التعارض و حيث انّ الأحدث غير معلوم تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه البراءة عن الاكثر كما هو المقرر في محله فالنتيجة هو التخيير و يرد علي التقريب المذكور انّ التخيير بين الامور الثلاثة مقطوع العدم إذ المتأخر و الأحدث إن كان الحديث الدال علي التخيير بين الجزور و البقرة فالتخيير بين الأمرين و لا ثالث لهما و إن كان الأحدث الدال علي وجوب الجزور فهو المتعين و إن كان الحديث الدال علي وجوب الشاة فهي علي نحو التعيين و أما التخيير بين الأمور الثلاثة فهو غير محتمل فيكون المورد من موارد العلم الاجمالي أي يعلم بوجوب الشاة أو أحد الحيوانين فعلي المشهور لا بد من الاحتياط حيث يرون العلم الاجمالي منجزا بالجملة و أما علي مسلكنا فيمكن اجراء البراءة بالنسبة الي طرف واحد فالنتيجة أيضا التخيير.

الفرع الثاني: أنه اذا جامع قبل الفراغ عن السعي فأفاد في المتن بعدم فساد عمرته و وجوب الكفارة عليه و المشهور و المعروف عند القوم علي ما في بعض الكلمات فساد عمرته و وجوب الكفارة عليه.

أقول: الذي يمكن أن يذكر في تقريب البطلان أو ذكر وجوه:

الوجه الأول: ان العمرة المفردة تفسد بالجماع فكذلك تفسد عمرة التمتع لعدم الفرق بينهما الّا في بعض الأحكام كوجوب طواف النساء للمفردة

و عدمه في عمرة التمتع.

و فيه أن الأحكام الشرعية تعبدية و لا مجال لقياس مورد بمورد آخر فلا يعتد بالوجه المذكور.

الوجه الثاني: ان الجماع بعد الفراغ عن السعي و قبل التقصير مما يخشي منه

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 428

______________________________

الفساد كما في صحيحة ابن عمّار فاذا كان حال الجماع بعد السعي كذلك يكون الجماع قبله موجبا للفساد بالأولوية.

و فيه انّ الجماع بعد السعي فيه خشية الفساد لا نفسه فغاية ما يمكن أن يقال انّ الجماع قبله يخشي منه الفساد بالأولوية أضف الي ذلك أن الأحكام الشرعية أمور تعبدية لا مجال لهذه التقريبات فيها.

الوجه الثالث: اطلاقات النصوص الدالة علي بطلان الحج بالجماع و عن الجواهر انّ تلك النصوص منصرفة الي خصوص الحج الذي يكون مقابلا مع العمرة فانظر فيها الي الجماع الواقع أثناء العمرة و يرد عليه انه لا وجه للانصراف إذ المفروض انّ عمرة التمتع داخلة في الحج الي يوم القيامة لاحظ ما رواه زرارة «1».

و أورد سيدنا الاستاد بما حاصل كلامه ان كان المراد من الحج في السنة الآتية فساد الحج الذي وقع فيه الجماع فسادا حقيقيا و الحج المأتي به في السنة اللاحقة هو الحج الواجب عليه فعدم صحة الاستدلال علي المدعي بالرواية واضح جدا لانّ فساد عمرة التمتع لا يوجب الحج عليه من قابل فإن تدارك العمرة أمر سهل غالبا و إذا فرضنا ضيق الوقت ينقلب حجه الي الافراد و يأتي بالعمرة المفردة بعد الحج و إن كان المراد بالحج في القابل العقوبة و يكون المأتي به في هذه السنة حجة الاسلام فأيضا لا يمكن أن يكون الحكم شاملا للعمرة إذ في الرواية حكم بالتفريق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه

و عليهما بدنة و عليهما الحج من قابل فاذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرق بينهما الخ إذ لا يتصور في عمرة التمتع الرجوع غالبا الي المكان الذي أحدثنا فيه مضافا الي انه علي فرض شمول الدليل للعمرة لا بد من

______________________________

(1) لاحظ ص 178.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 429

______________________________

تخصيصها بالنصوص الدالة علي عدم بطلان العمرة بالجماع الواقع قبل التقصير إذ المأخوذ في الدليل صدق عنوان الجماع قبل التقصير و مقتضي اطلاق العنوان المذكور عدم الفرق بين كون الجماع بعد السعي و قبل التقصير أو يكون قبل السعي فإن عنوان القبلية بالنسبة الي التقصير صادق علي كلا الفرضين.

أقول: أما بالنسبة الي ما أفاده أولا فنقول أولا نختار الاحتمال الاول بأن يكون الحج في السنة الأولي فاسد و انما يحكم باتمامها عقوبة و لا مانع من الأخذ بالإطلاق إذ لا تنافي بين امكان الاتيان بالعمرة و كون الأمر في تداركها سهلا و بين الالتزام في خصوص المورد بوجوب العمل علي طبق الحكم المقرر في حديث زرارة فان الأحكام الشرعية أمور تعبّدية لا مجال لغير الشارع الأقدس التصرف فيها.

و ثانيا: نختار الاحتمال الثاني لكن نقول يكفي لاتمام الأمر و الأخذ بالإطلاق وجود فرد واحد و بعبارة واضحة الحكم في هذه القضية كبقية القضايا الشرعية مترتبة علي الموضوعات التي قدر وجودها ففي كل مورد تحقق الموضوع يترتب عليه الحكم و لو نادرا.

و أما بالنسبة الي ما أفاده ثانيا أي تخصيص الاطلاق بما دل علي عدم البطلان إذا كان قبل التقصير بتقريب تحقق الاطلاق في عنوان قبل التقصير فيرد عليه بأنّ العرف محكم في تشخيص المفاهيم فنسأل هل يفهم في المحاورات العرفية من نصوص الباب مطلق القبلية بحيث

يشمل ما لو كان قبل السعي أو قبل الطواف أو يفهم أنه أتي بما عليه من الطواف و السعي و قبل أن تقصير جامع و الذي يؤيد المدعي أنّ السؤال وقع عن الفعل المنافي قبل التقصير و بعد الاتيان بالوظيفة لاحظ حديثي

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 430

[(مسألة 221): إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلا أو دبرا عالما عامدا قبل الوقوف بالمزدلفة]

(مسألة 221): إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلا أو دبرا عالما عامدا قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفارة و الاتمام و اعادة الحج من عام قابل سواء كان الحج فرضا أو نفلا و كذلك المرأة إذا كانت محرمة و عالمة بالحال و مطاوعة له علي الجماع و لو كانت المرأة مكرهة علي الجماع لم يفسد حجها و تجب علي الزوج المكره كفارتان و لا شي ء علي المرأة و كفارة الجماع بدنة مع اليسر و مع العجز عنها شاة و يجب التفريق بين الرجل و المرأة في حجتهما و في المعادة إذا لم يكن معهما ثالث الي أن يرجع الي نفس المحل الذي وقع فيه الجماع و إذا كان الجماع بعد تجاوزه من مني الي عرفات لزم استمرار الفصل بينهما من ذلك المحل الي وقت النحر بمني و الأحوط استمرار الفصل الي الفراغ من تمام أعمال الحج (1).

______________________________

الحلبي «1»، فانّ المرتكز في ذهن الراوي البطلان إذا كان قبل السعي و التقصير و انما السؤال عن التعجيل و ارتكاب المنافي قبل التقصير و الامام عليه السّلام لم يردعه عما كان مركوزا عنده و إن أبيت عما قلنا فلا أقل من عدم الجزم بإطلاق القبل و شموله لما قبل السعي فالنتيجة أنّ الجماع أثناء عمرة التمتع محكوم بأحكام الجماع أثناء الحج.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه اذا جامع

المحرم قبلا أو دبرا عالما عامدا قبل الوقوع بمزدلفة فسد حجه أما عدم الفرق بين القبل و الدبر فقد تقدم الاشكال فيه و قلنا ان الظاهر

______________________________

(1) لاحظ ص 425- 426.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 431

______________________________

اختصاص الحكم بالقبل و أما فساد حجه فيدل عليه ما رواه سليمان بن خالد قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في حديث و الرفث فساد الحج «1» إن قلت يستفاد من حديث زرارة «2» ان المحسوب عليهما الحجة الأولي و هل يمكن أن يكون العمل فاسدا و مع ذلك يكون مصداقا للمأمور به.

قلت: الأحكام الشرعية أمور تعبدية لا تنالها عقولنا و اللازم علينا اتباع الدليل و المفروض كذلك و من الممكن انّ تلك المصلحة الملزمة لا يمكن تحصيلها بعد الاتيان بالعمل الفاسد و من الممكن قيام الملاك الملزم في اتمام هذا العمل الذي أفسده و بعبارة واضحة في حد نفسه يكون العمل الفاسد كالمعدوم و لكن الأمر و الاختيار بيد الحاكم و إن شئت فقل لا يكون العمل الفاسد مصداقا للمأمور به و لكن للمولي أن يقبله لمصلحة و الظاهر انّ الأشكال يرتفع بما ذكرنا.

الفرع الثاني: أنه تجب عليه الكفارة و هي بدنة مع اليسر و مع العجز عنها شاة و الدليل عليه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الرفث و الفسوق و الجدال ما هو و ما علي من فعله قال: الرفث جماع النساء و الفسوق الكذب و المفاخرة و الجدال قول الرجل لا و اللّه و بلي و اللّه فمن رفث فعليه بدنة ينحرها فان لم يجد فشاة و كفارة الجدال و الفسوق شي ء يتصدق به إذا

فعله و هو محرم «3».

و لاحظ ما رواه علي بن جعفر أيضا عن أخيه عليه السّلام في حديث قال: فمن رفث

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 8.

(2) لاحظ ص 178.

(3) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 16.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 432

______________________________

فعليه بدنة ينحرها و إن لم يجد فشاة و كفارة الفسوق يتصدق به اذا فعله و هو محرم «1» و حيث انّ الحديث أحدث يعمل به و يقدم علي معارضه.

الفرع الثالث: أنه يجب عليه الاتمام و الاعادة من قابل و الدليل عليه طائفة من النصوص منها ما رواه زرارة «2».

الفرع الرابع: أنه لا فرق بين كون الحج واجبا أو مندوبا و الوجه فيما أفاده اطلاق النص لاحظ حديث زرارة و غيره من نصوص الباب.

الفرع الخامس: أن حال المرأة كالرجل إذا كانت محرمة و عالمة و مطاوعة علي الجماع و الدليل عليه حديث زرارة و أما إذا كانت مكرهة لا يفسد حجها و تجب علي الزوج المكره كفارتان و لا شي ء علي المرأة لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل محرم وقع علي أهله فيما دون الفرج قال: عليه بدنة و ليس عليه الحج من قابل و إن كانت المرأة تابعته علي الجماع فعليها مثل ما عليه و إن كان استكرهها فعليه بدنتان و عليه الحج من قابل … آخر الخبر «3».

الفرع السادس: انه يجب التفريق بين الزوجين في سنة الحج و في المعادة إذا لم يكن معهما ثالث الي أن يرجعا الي نفس المحل الذي وقع فيه الجماع و في هذا الفرع جهات من البحث:

الجهة الأولي: انّ الحج هو الأول

و الثاني عقوبة كما صرح به في بعض النصوص و قد تقدم منا انه لا تنافي بين كون العمل فاسدا و بين جعل الشارع اياه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 4.

(2) لاحظ ص 178.

(3) الباب 7 من هذه الأبواب، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 433

______________________________

مصداقا للمأمور به و يكتفي به.

الجهة الثانية: ان التفريق بين الزوجين انما يلزم إذا لم يكن معهما ثالث و الّا فلا يلزم لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل وقع علي امرأته و هو محرم قال: إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن لم يكن جاهلا فعليه سوق بدنة و عليه الحج من قابل فإذا انتهي الي المكان الذي وقع بها فرّق محملاهما فلم يجتمعا في خباء واحد الّا أن يكون معهما غيرهما حتي يبلغ الهدي محله «1».

الجهة الثالثة: أنّ الحكم المذكور مخصوص بما يكون الجماع قبل الوقوف بمزدلفة لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا وقع الرجل بامرأته دون مزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل «2» و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا واقع المحرم امرأته قبل أن يأتي المزدلفة فعليه الحج من قابل «3».

الجهة الرابعة: في بيان حد الافتراق بينهما و في أيّ زمان ينتهي الحكم المذكور و النصوص الواردة في المقام مختلفة و لا بد من التفصيل بأن يقال إذا رجعا في غير ذلك الطريق لا مانع عن الاجتماع لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت أ رأيت من

ابتلي بالجماع ما عليه قال عليه بدنة و إن كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما بدنتان ينحرانهما و إن كان استكرهها و ليس

______________________________

(1) الوسائل: الباب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 12.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 10.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 434

______________________________

يهوي منها فليس عليها شي ء و يفرّق بينهما حتي ينفر الناس و يرجعا الي المكان الذي أصابا فيه ما أصابا قلت: أ رأيت إن أخذا في غير ذلك الطريق الي أرض اخري أ يجتمعان قال: نعم، الحديث «1» و لا يعارضه ما رواه محمد بن مسلم «2» إذ حديث الحلبي أحدث فالترجيح معه و أما إذا رجعا من نفس المكان فالنصوص مختلفة فمنها ما يدل علي انّ الحد وصولهما الي المكان الذي أصابا فيه و يقضيا المناسك لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل محرم وقع علي أهله فقال: إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن لم يكن جاهلا فانّ عليه أن يسوق بدنة و يفرق بينهما حتي يقضيا المناسك و يرجعا الي المكان الذي أصابا فيه ما أصابا و عليه الحج من قابل «3» و ما رواه زرارة «4» و منها ما يدل علي انّ الحد بلوغ الهدي محله لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يقع علي أهله فقال: يفرّق بينهما و لا يجتمعان في خباء الا أن يكون معهما غيرهما حتي يبلغ الهدي محله «5» و ما رواه أيضا معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «6» و منها ما يدل علي انّ الحد نفر الناس

لاحظ حديث الحلبي «7» فيقع التعارض بينها و حيث انّ الأحدث من هذه النصوص غير معلوم تصل النوبة الي الأصل العملي و مقتضاه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 14.

(2) لاحظ ص 178.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

(4) لاحظ ص 178.

(5) نفس المصدر، الحديث 5.

(6) لاحظ ص 433.

(7) لاحظ ص 433.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 435

[(مسألة 222): إذا جامع المحرم امرأته عالما عامدا بعد الوقوف بالمزدلفة]

(مسألة 222): إذا جامع المحرم امرأته عالما عامدا بعد الوقوف بالمزدلفة فإن كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة علي النحو المتقدم و لكن لا تجب عليه الاعادة و كذلك اذا كان جماعة قبل الشوط الخامس من طواف النساء و أما إذا كان بعده فلا كفارة عليه أيضا (1).

______________________________

الاقتصار علي الأقل و هو بلوغ الهدي حمله.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو كان الجماع بعد الوقوف بمزدلفة قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة و لا تجب الاعادة أما عدم وجوب الاعادة و صحة الحج فهو علي طبق القاعدة الاولية فان البطلان يحتاج الي الدليل مضافا الي عدم الخلاف في المسألة اضف الي ذلك ان النص الخاص دال علي عدم البطلان لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «1».

فانّ مفهوم القضية عدم وجوب الاعادة إذا لم يكن الجماع دون مزدلفة و لاحظ ما رواه أيضا معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع وقع علي أهله و لم يزر قال: ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه إن كان عالما و إن كان جاهلا فلا شي ء عليه، و سألته عن رجل وقع علي امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال: عليه جزور سمينة و إن كان جاهلا فليس عليه شي ء الحديث «2» فانّ المستفاد

من الحديث انّ الجماع إذا كان قبل طواف الزيارة لا يكون

______________________________

(1) لاحظ ص 433.

(2) الوسائل: الباب 9 من أبواب كفارة الاستمتاع، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 436

______________________________

حجه باطلا و أما وجوب الكفارة عليه فيدل عليها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و ربما يقال كما في كلام سيدنا الاستاد قدّس سرّه انّ كفارته بدنة و ان لم يجدها فشاة استنادا الي حديث علي بن جعفر «2» و لكن يشكل الالتزام به إذ نسبة حديث ابن عمار الدال علي تعين الجزور الي حديث ابن جعفر نسبة الخاص الي العام فان حديث ابن جعفر ناظر الي مطلق الوقت و حديث ابن عمّار ناظر الي الجماع الواقع قبل طواف الزيارة و العام يخصص بالخاص كما هو المقرر.

الفرع الثاني: أنه لو كان جماعه قبل الشوط الخامس من طواف النساء تجب عليه الكفارة و هي البدنة و إن لم يقدر فشاة و استدل الماتن علي مدعاه بحديث حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج الي منزله فنقض ثم غشي جاريته قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه و يستغفر اللّه و لا يعود و إن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثمّ خرج فغشي فقد افسد حجّه و عليه بدنة و يغتسل ثم يعود فيطوف اسبوعا «3» و هذه الرواية مخدوشة من حيث السند فإن حمران لم يوثق صريحا و ما ورد في جلالته أعم من وثاقته مضافا الي ان المذكور فيه لزوم التكفير بالبدنة فلا

وجه لما أفاده نعم يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث علي بن جعفر

______________________________

(1) لاحظ ص 435.

(2) لاحظ ص 431.

(3) الوسائل: الباب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 437

[(مسألة 223): من جامع امرأته عالما عامدا في العمرة المفردة]

(مسألة 223): من جامع امرأته عالما عامدا في العمرة المفردة وجبت عليه الكفارة علي النحو المتقدم و لا تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي و اما إذا كان قبله بطلت عمرته أيضا و وجب عليه أن يقيم بمكة الي شهر آخر ثم يخرج الي أحد المواقيت و يحرم منه للعمرة المعادة و الأحوط اتمام العمرة الفاسدة أيضا (1).

______________________________

المتقدم آنفا فان مقتضي اطلاق الخبر ان الكفارة واجبة بالنحو المذكور لكن يشكل بأن الحديث لا يمكن أن يكون بنفسه دليلا علي وجوب الكفارة نعم إذا ثبت وجوبها يكون الحديث دالا علي المراد منها فاذا شك في أصل الوجوب يشكل الاستدلال عليه بالحديث فالنتيجة أنّ مقتضي الاحتياط أن يكفر ببدنة و أما حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: سألت أبي جعفر بن محمد عليهما السّلام عن رجل واقع امرأته قبل طواف النساء متعمدا ما عليه قال يطوف و عليه بدنة «1» فلا يكون فيه التفصيل المذكور مضافا الي أنّ الموضوع للكفارة في الحديث عنوان المواقعة قبل طواف النساء و الكلام في الجماع أثناء الطواف و لم يفرق بين المقامين لكن الانصاف أنه لا مانع عن الأخذ بحديث ابن جعفر بلحاظ اطلاقه الا أن يقال أنّ الطواف اسم لمجموع الاشواط فيكون ما قبله عبارة عن زمان عدم الشروع فيه.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه إذا جامع زوجته عالما عامدا في العمرة المفردة وجبت عليه الكفارة.

أقول: تارة يكون

الجماع قبل السعي و اخري يكون قبل طواف النساء أما إذا

______________________________

(1) الباب 10 من هذه الأبواب، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 438

______________________________

كان قبل السعي فيدل علي وجوب الكفارة ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشي أهله قبل أن يسعي بين الصفا و المروة قال: قد أفسد عمرته و عليه بدنة و عليه أن يقيم بمكة حتي يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج الي الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لأهله فيحرم منه و يعتمر «1»، و كفارته بدنة علي ما صرح به في الحديث و أما إذا كان الجماع بعد السعي فيدل علي وجوب الكفارة اطلاق حديث ابن جعفر «2» فانّ اطلاق الحديث يقتضي عدم الفرق بين كون الجماع قبل طواف النساء في الحج أو في العمرة المفردة.

الفرع الثاني: أنه يبطل عمرته إذا كان الجماع قبل السعي و يجب عليه الاقامة في مكة الي شهر ثم الخروج الي أحد المواقيت و يحرم منه للعمرة المعادة و الدليل عليه حديث مسمع الذي تقدم آنفا.

الفرع الثالث: أنه لو جامع بعد السعي لا تبطل عمرته و الوجه فيه عدم الدليل علي البطلان فان البطلان يحتاج الي الدليل.

الفرع الرابع: أنه هل يجب اتمام العمرة الاولي الفاسدة أم لا؟ الذي يمكن أن يقال أو قيل في تقريب الوجوب وجوه:

الوجه الأول: استصحاب بقاء الوجوب فإذا شك في بقائه يحكم عليه بالوجوب بالاستصحاب و فيه أنّ الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد مضافا الي انّ جريان الاستصحاب يتوقف علي بقاء

______________________________

(1) الوسائل: الباب 12 من

كفارات الاستمتاع، الحديث 2.

(2) لاحظ ص 437.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 439

[(مسألة 224): من أحلّ من احرامه إذا جامع زوجته المحرمة]

(مسألة 224): من أحلّ من احرامه إذا جامع زوجته المحرمة وجبت الكفارة علي زوجته و علي الرجل أن يغرمها و الكفارة بدنة (1).

______________________________

الموضوع و المفروض أنّ موضوع وجوب الاتمام العمرة الصحيحة و قد فرض فسادها أضف الي ما ذكر الاشكال في وجوب الاتمام.

الوجه الثاني: انّ المكلف إذا صار محرما لا يخرج عن الاحرام الّا بالاتيان بالمحلّل فلا بد من الاتمام كي يتحقّق الاحلال و أجاب سيدنا الاستاد عن الوجه المذكور بأن الجماع يكشف عن بطلان الاحرام من أول الأمر فلا مجال للاتمام و يرد عليه أنه كيف يكون كاشفا عن بطلانه من أول الأمر و الحال أنّ الافساد يتوقف علي كون العمل صحيحا كي يفسده المفسد الا أن يقال لا نتصور المعني للافساد الّا كون العمل مشروطا بعدم ذلك الأمر الذي يكون مفسدا فما أفاده تام.

الوجه الثالث: أنّ فساد العمرة كفساد الحج فكما أنه لو فسد يجب اتمام كذلك يجب في العمرة و فيه ان القياس باطل و الأحكام الشرعية تعبدية لا تنالها عقولنا و افهامنا.

الوجه الرابع: أنه أمر بالانتظار الي الشهر و هذا يشعر بأنه من باب عدم التقارن بين العمرتين فيجب الاتمام و بعبارة اخري يستشعر من الدليل ان وجوب الاتمام مفروغ عنه و فيه أنّ الاشعار لا يكون دليلا فالحكم بالاتمام مبني علي الاحتياط.

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أحلّ من احرامه و لم تحل امرأته فوقع عليها قال: عليها بدنة يغرمها زوجها «1».

و مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق بين كون الزوجة مكرهة أو مطاوعة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 5 من أبواب

كفارات الاستمتاع، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 440

[(مسألة 225): إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو نسيانا صحت عمرته و حجه]

(مسألة 225): إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو نسيانا صحت عمرته و حجه و لا تجب عليه الكفارة و هذا الحكم يجري في بقية المحرمات الآتية التي توجب الكفارة بمعني انّ ارتكاب أيّ عمل علي المحرم لا يوجب الكفارة إذا كان صدوره منه ناشئا عن جهل أو نسيان و يستثني من ذلك موارد:

1- ما إذا نسي الطواف في الحج و واقع أهله أو نسي شيئا من السعي في عمرة التمتع فأحلّ لاعتقاده الفراغ من السعي و ما إذا أتي أهله بعد السعي و قبل التقصير جاهلا بالحكم.

2- من امرّ يده علي رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو شعرتان.

3- ما إذا دهن عن جهل و يأتي جميع ذلك في محالّها (1).

______________________________

و مقتضي القاعدة رفع اليد عن الاطلاق في صورة الاكراه لحديث الرفع.

(1) أما بالنسبة الي الجهل فتدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة قال: سألته عن محرم غشي امرأته و هي محرمة فقال: إن كانا جاهلين استغفرا ربّهما و مضيا علي حجهما و ليس عليهما شي ء، الحديث «1».

و منها ما رواه زرارة أيضا قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجل وقع علي أهله و هو محرم قال: أ جاهل أو عالم قال: قلت جاهل قال: يستغفر اللّه و لا يعود و لا شي ء

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 441

______________________________

عليه «1».

و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم وقع علي أهله فقال: إن كان جاهلا فليس عليه شي ء، الحديث «2».

و منها ما رواه زرارة

و أبو بصير جميعا قالا: سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل أتي أهله في شهر رمضان أو أتي أهله و هو محرم و هو لا يري الا أنّ ذلك حلال له قال: ليس عليه شي ء «3»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار «4» و منها ما رواه زرارة «5» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «6» و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بحديث عبد الصمد بن بشير «7».

و في المقام نكتة و هي أنّ هذه الرواية هل تشمل الجاهل المتوجه إليه التكليف أم تختص بالجاهل الغافل و بعبارة أخري هل تشمل المورد الذي يكون ارتكاب العمل ناشيا عن عدم المبالات الظاهر انّها لا تشمل المورد المذكور و بعبارة واضحة لا بد من صدق عنوان ان منشأ الارتكاب الجهل بالحكم الشرعي و إن شئت فقل لا بد أن يكون معذورا عند نفسه و مع التفات و احتمال الحرمة كيف يمكن أن يري نفسه معذورا ثم أنه هل يكون فرق بين الجهل القصوري و التقصيري أولا لا يبعد أن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

(4) لاحظ ص 434.

(5) لاحظ ص 178.

(6) لاحظ ص 433.

(7) لاحظ ص 416.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 442

______________________________

لا يكون فرق بين الموردين إذ يصدق العنوان المأخوذ في الدليل علي الجهل التقصيري كصدقه علي الجهل القصوري و لا تنافي بين هذا و بين كونه معاقبا في الآخرة إذ قد ثبت بالدليل أنه يعاقب المكلف علي عصيانه إذا كان ناشيا عن جهله التقصيري هذا بالنسبة الي الجهل و أما بالنسبة الي مورد النسيان فيدل علي المدعي ما رواه زرارة

عن أبي جعفر عليه السّلام في المحرم يأتي أهله ناسيا قال: لا شي ء عليه انما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان و هو ناس «1» و يمكن الاستدلال عليه أيضا بحديث رفع النسيان و في المقام شبهة و هي أنه كيف يمكن اثبات صحة العمل بحديث الرفع و الحال أن شأن الحديث رفع الآثار المترتبة علي الفعل الصادر عن النسيان أو الجهل و لذا لو أكره أحد علي الافطار في شهر رمضان لا يكون عاصيا و لكن يبطل صومه و إن شئت فقل وجوب الاعادة أو القضاء من آثار عدم امتثال الأمر حيث انّ المأمور به غير واجد للشرط أو مقرون بالمانع أو نقص منه جزء فكيف يحكم بالصحة في المقام و الجواب عن هذه الشبهة ان الأمر كما ذكر في مقام تقريب الاشكال لكن الشارع إذا رتب امرا علي فعل بعنوان الجزاء و العقوبة يرتفع ذلك الجزاء و المقام كذلك إذ الاعادة قد عينت من قبل الشارع بعنوان الجزاء و العقوبة هذا بالنسبة الي أهل الحكم و أما الموارد المستثناة فنتعرض لشرح كلام الماتن عند تعرضه لها إن شاء اللّه تعالي فانتظر.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 443

[3- تقبيل النساء]
اشارة

3- تقبيل النساء

[(مسألة 226): لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة]

(مسألة 226): لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة فلو قبلها و خرج منه المني فعليه كفارة بدنة أو جزور و كذلك إذا لم يخرج منه المني علي الأحوط و أما إذا لم يكن التقبيل عن شهوة فكفارته شاة (1).

______________________________

(1) أما عدم جواز تقبيل زوجته عن شهوة فمضافا الي دعوي عدم الخلاف بل دعوي الاجماع عليه عن بعض الأعاظم يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه منصور بن حازم «2»، و منها ما رواه عمر بن يزيد «3» و منها ما رواه سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتمتع قلت: إذا حلق رأسه يطليه بالحناء قال: نعم الحناء و الثياب و الطيب و كل شي ء الّا النساء رددها عليّ مرتين أو ثلاثا، قال: و سألت أبا الحسن عليه السّلام عنها قال:

نعم الحناء و الثياب و الطيب و كلّ شي ء الّا النساء «4» و منها ما رواه اسحاق بن عمّار «5» و منها ما رواه الحسين بن علوان «6» و منها ما رواه محمد بن حمران «7» و منها ما رواه جميل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المتمتع ما يحلّ له إذا حلق رأسه قال: كل

______________________________

(1) لاحظ ص 424.

(2) لاحظ ص 424.

(3) لاحظ ص 424.

(4) الوسائل: الباب 13 من أبواب حلق و التقصير، الحديث 7.

(5) لاحظ ص 424.

(6) لاحظ ص 425.

(7) لاحظ ص 425.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 444

______________________________

شي ء الّا النساء و الطيب قلت: فالمفرد قال: كلّ شي ء الّا النساء ثم قال: و انّ عمر يقول الطيب و لا نري ذلك شيئا «1» فانه

يستفاد من هذه النصوص ممنوعية المرء في حال الاحرام عن جميع الاستمتاعات و بعبارة اخري حذف المتعلق يفيد العموم و المفروض استثناء النساء في النصوص هذا من ناحية و من ناحية أخري الحكم التكليفي لا يتعلق بالأعيان الخارجية فلا بد من تقدير فعل و حيث انه لم يذكر يفهم أن كل استمتاع منها حرام اللهم الا أن يقال الاستدلال بهذه النصوص غير تام إذ المستفاد من الروايات المشار إليها انّ كل فعل يكون حراما علي المحرم يصير حلالا الا الفعل الحرام الذي يتعلق بالنساء و كون التقبيل عن شهوة حراما أول الكلام و الاشكال و اثبات الحرمة بهذه النصوص دوري إذ يتوقف شمول هذه النصوص للتقبيل علي كونه محرما بالدليل الشرعي و الحال انّ اثبات حرمته يتوقف علي شمول الدليل إياه و يمكن اثبات المدعي بما ورد في طائفة من الأحاديث منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يكون الاحرام الّا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة فان كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم و إن كانت نافلة صلّيت ركعتين و أحرمت في دبرهما فاذا انفتلت من صلاتك فاحمد اللّه و أثن عليه و صلّ علي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و تقول: اللهم اني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك و آمن بوعدك و اتبع أمرك فاني عبدك و في قبضتك لا أوقي الّا ما وقيت و لا آخذ الّا ما اعطيت و قد ذكرت الحج فاسألك أن تعزم لي عليه علي كتابك و سنة نبيّك صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و تقويني علي ما ضعفت عنه و تسلم مني مناسكي

في يسر منك و عافية و اجعلني من وفدك الذين رضيت و ارتضيت و سميت و كتبت

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من هذه الأبواب، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 445

______________________________

اللهم اني خرجت من شقة بعيدة و انفقت مالي ابتغاء مرضاتك اللهم فتمّم لي حجّي و عمرتي اللهم انّي أريد التمتع بالعمرة الي الحج علي كتابك و سنة نبيّك صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليّ اللهم إن لم تكن حجة فعمرة احرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخي و عصبي من النساء و الثياب و الطيب ابتغي بذلك وجهك و الدار الآخرة قال: و يجزيك ان تقول هذا مرّة واحدة حين تحرم ثم قم فامش هنيئة فاذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا فلبّ «1».

فان المستفاد من محتوي الحديث انّ المحرم يحرم جميع شراشر وجوده من النساء قال: الطريحي في مادة (حرم) و حرّمت زيدا احرمه بالكسر يتعدي الي مفعولين منعته اياه اضف الي ذلك ان الارتكاز المتشرعي أصدق شاهد علي الحرمة بحيث يكون القول بخلافه أو ابداء الشبهة يقرع الاسماع فلاحظ.

و أما لو قبّلها عن شهوة و خرج منه المني فعليه جزور و يستغفر ربه فالدليل عليه ما رواه مسمع أبي سيّار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا سيّار ان حال المحرم ضيقة فمن قبّل امرأته علي غير شهوة و هو محرم فعليه دم شاة و من قبّل امرأته علي شهوة فأمني فعليه جزور و يستغفر ربّه، الحديث «2» و أما إذا لم يمن فكفارته بدنة فالدليل عليه ما

رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة علي امرأته الي أن قال قلت المحرم يضع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 446

[(مسألة 227): إذا قبّل الرجل بعد طواف النساء امرأته المحرمة]

(مسألة 227): إذا قبّل الرجل بعد طواف النساء امرأته المحرمة فالأحوط أن يكفر بدم شاة (1).

[4- مسّ النساء]
اشارة

4- مسّ النساء

[(مسألة 228): لا يجوز للمحرم أن يمسّ زوجته عن شهوة]

(مسألة 228): لا يجوز للمحرم أن يمسّ زوجته عن شهوة فان فعل ذلك لزمه كفارة شاة فإذا لم يكن المس عن شهوة فلا شي ء عليه (2).

______________________________

يده بشهوة قال: يهريق دم شاة قلت: فان قبّل قال: هذا اشدّ ينحر بدنة «1»، و أمّا إذا قبّل عن غير شهوة فكفارته شاة فالدليل عليه ما رواه مسمع أبي سيّار «2» و مما ذكرنا يظهر انّ ما أفاده في المتن من الخيار بين البدنة و الجزور غير تام.

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

سألته عن رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النساء و لم تطف هي قال عليه السّلام: دم يهريقه من عنده «3». و الوجه في الاحتياط اعراض الاصحاب عن الحديث.

(2) يدل علي كلا الحكمين ما رواه مسمع أبي سيّار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا سيّار انّ حال المحرم ضيقة الي ان قال و من مسّ امرأته بيده و هو محرم علي شهوة فعليه دم شاة و من نظر الي امرأته نظر شهوة فأمني فعليه

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 445.

(3) الوسائل: الباب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 447

______________________________

جزور و من مسّ امرأته أو لازمها عن غير شهوة فلا شي ء عليه «1».

بتقريب انّ صدر الحديث أعم من الامناء لكن لا بد من رفع اليد عن الاطلاق بما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن محرم نظر الي امرأته فأمني أو أمذي و هو محرم قال: لا شي ء عليه و لكن ليغتسل و يستغفر ربّه و

إن حملها من غير شهوة فأمني أو أمذي و هو محرم فلا شي ء عليه و إن حملها أو مسّها بشهوة فأمني أو أمذي فعليه دم و قال في المحرم ينظر الي امرأته أو ينزّلها بشهوة حتي ينزل قال عليه بدنة «2» و لا مانع عن تخصيص الحديث الأول بمورد نادر بدعوي أنه قلما يتفق استلزام المسّ للانزال فلا بد من رفع اليد عن مفهوم الحديث الثاني إذ لا نري مانعا عن الالتزام بالتقييد فإن غاية ما في الباب أن يقال أنه داخل في كبري تخصيص الأكثر المستهجن و الجواب أنه لا نري استهجانا فيه و أمثاله فان الأحكام الشرعية مجعولة علي نحو القضايا الحقيقية و هذا العرف ببابك مثلا لو قال المولي يجب الحج علي المستطيع من حيث المال و قال في دليل آخر أردت بالاستطاعة المالية الاستطاعة المالية الحاصلة من التجارة الفلانية فهل يمكن للفقيه رفع اليد عن الدليل الحاكم بدعوي انّ حمل دليل المحكوم علي الافراد النادرة مستهجن و إن أبيت عما قلت و اصررت علي مرامك.

أقول: يقع التعارض بين الدليل و حيث لا يميّز الأحدث تصل النوبة الي الأصل العملي و النتيجة الاقتصار علي المقيد و أما عدم جواز المسّ عن شهوة فمضافا

______________________________

(1) الباب 17 من هذه الأبواب، الحديث 3.

(2) الوسائل: الباب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 448

[5- النظر الي المرأة و ملاعبتها]
اشارة

5- النظر الي المرأة و ملاعبتها

[(مسألة 229): إذا لاعب المحرم امرأته حتي يمني]

(مسألة 229): إذا لاعب المحرم امرأته حتي يمني لزمته كفارته بدنة و إذا نظر الي امرأة أجنبية عن شهوة أو غير شهوة فأمني وجبت عليه الكفارة و هي بدنة أو جزور علي الموسر و بقرة علي المتوسط و شاة علي الفقير و أما إذا نظر إليها و لو عن شهوة و لم يمن فهو و إن كان مرتكبا لمحرم الا أنه لا كفارة عليه (1).

______________________________

الي الارتكاز يمكن الاستدلال عليه بما رواه معاوية بن عمّار «1» بالتقريب الذي تقدّم منا.

بقي شي ء و هو انّ المذكور في الحديث قوله عليه السّلام أمني أو أمذي فلا وجه للاقتصار علي خصوص الامناء اللهم الا أن يقال أنه مقطوع الخلاف.

(1) ذكر الماتن في هذه المسألة ثلاثة فروع:

الفرع الأول: أن المحرم إذا لاعب امرأته حتي يمني لزمته كفارة بدنة و الدليل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله و هو محرم حتي يمني من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما قال: عليهما جميعا الكفارة مثل ما علي الذي يجامع «2» و المستفاد من الحديث انّ كفارته كفارة الجماع و قد تقدم هناك انّ مقتضي حديث ابن جعفر «3» ان

______________________________

(1) لاحظ ص 444.

(2) الوسائل: الباب 14 من أبواب كفارات الاستمتاع.

(3) لاحظ ص 431.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 449

______________________________

كفّارة الجماع بدنة و إن لم يجدها فشاه ففي المقام يكون الأمر كذلك:

الفرع الثاني: أنه اذا نظر الي امرأة أجنبية عن شهوة أو عن غير شهوة فأمني تجب عليه الكفارة و هي بدنة أو جزور علي الموسر و بقرة علي المتوسط و

شاة علي الفقير و لا أدري ما هو المدرك لهذا الحكم فان النص الوارد في المقام حديثان أحدهما عن أبي جعفر عليه السّلام و هو ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل محرم نظر الي غير أهله فانزل قال: عليه جزور أو بقرة فان لم يجد فشاة «1».

ثانيهما: عن الصادق عليه السّلام و هو ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل محرم نظر الي ساق امرأة فأمني فقال: إن كان موسرا فعليه بدنة و إن كان وسطا فعليه بقرة و إن كان فقيرا فعليه شاة، ثمّ قال: أما انّي لم أجعل عليه هذا لانه أمني انما جعلته عليه لانه نظر الي ما لا يحلّ له «2».

و المذكور في الحديث الأول التخيير بين الجزور و البقرة للموسر و إن لم يجد فشاة و المذكور في الثاني البدنة للموسر و البقرة للمتوسط و الشاة للفقير و المرجح عند المعارضة مع الحديث الثاني حيث انه أحدث.

الفرع الثالث: أنه لو نظر الي الأجنبية بشهوة أو بغير شهوة لا شي ء عليه و يدل عليه ما عن معاوية بن عمّار في محرم نظر الي غير أهله فأنزل قال: عليه دم لانه نظر الي غير ما يحل له و إن لم يكن انزل فليتق اللّه و لا يعد و ليس عليه شي ء «3»، فانه قد صرح فيه أنه ليس عليه شي ء لكن يرد عليه انّ الحديث لا يكون مرويا عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 450

[(مسألة 230): إذا نظر المحرم الي زوجته عن شهوة فأمني]

(مسألة 230): إذا نظر المحرم الي زوجته عن شهوة فأمني

وجبت عليه الكفارة و هي بدنة أو جزور و أما إذا نظر إليها بشهوة و لم يمن أو نظر إليها بغير شهوة فأمني فلا كفارة عليه (1).

______________________________

الامام عليه السّلام بل المروي عنه ابن عمّار و قوله لا اعتبار به عندنا و الالتزام بأن الحديث عن الامام عليه السّلام و هذه الجملة تتمة لحديث آخر لابن عمّار مضافا الي انّ الكليني التزم في أول كتابه أنه لا يروي عن غير الامام فالرواية عن الامام مخدوش بأنه لا دليل علي المدعي المذكور و مجرد التزام الكليني في أول الكتاب لا يكون سببا لرفع اليد عن ظهور الحديث في كونه مرويا عن ابن عمّار اضف الي ذلك أنه معارض مع حديث آخر لأبي بصير «1» فانه قد صرح في ذيل الحديث ان الكفارة لاجل النظر الي ما لا يحل له و لا تشترط الكفارة بالامناء بل السبب لها النظر الحرام فلاحظ.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه لو نظر المحرم الي زوجته عن شهوة فأمني تجب عليه الكفارة و هي جزور أو بدنة و الذي يستفاد من النص الوارد في المقام أن كفارته جزور لاحظ ما رواه مسمع «2» و يستفاد من حديث ابن عمار «3» انّ كفارته بدنة فيقع التعارض بين الخبرين الا أن يقال أنه لا فرق بينهما و علي كلا التقديرين لا وجه للتخيير الوارد في كلام الماتن إذ علي تقدير الاتحاد لا مجال للتخيير و علي تقدير التعدد و المغايرة لا وجه له أيضا الا أن يقال بصراحة كل واحد من الخبرين في الكفاية نرفع اليد عن ظهور الآخر في التعين و لكن أنكرنا التقريب المذكور و قلنا

______________________________

(1) لاحظ ص 449.

(2) لاحظ ص 446.

(3)

لاحظ ص 446.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 451

______________________________

لا بد من العمل معهما من عمل التعارض و أما التنافي بين صدر حديث ابن عمار مع ذيله حيث أنّ المستفاد من الصدر أنّ النظر المنتهي الي الانزال لا يوجب الكفارة و الحال ان الذيل يدل علي انّ النظر المنتهي الي الانزال يوجبها فان قلنا بأن الصدر أعم من الذيل إذ لم يقيد الصدر بالانزال الناشي عن الشهوة و بعبارة اخري الصدر مطلق فيقيد بالذيل و لا تعارض بين الصدر و الذيل فلا اشكال و إن قلنا انّ التنافي بين الصدر و الذيل يوجب الاجمال لا بد من العمل بحديث مسمع الدال علي وجوب الكفارة و علي كلا التقديرين يكفي اختيار الجزور إذ مع الشك و فرض المغايرة يكون مقتضي اصالة البراءة عدم تعين البدنة بل مقتضي الاحتياط اختيار الجزور فانه لو قلنا انّ حديث ابن عمار مجمل فلا يترتب عليه الأثر و يبقي حديث مسمع خاليا عن الاشكال.

الفرع الثاني: أنه إذا نظر عن شهوة و لم يمن أو نظر بلا شهوة و أمني بلا اختيار لا تجب الكفارة أما عدم الكفارة في الشق الأول بمفهوم حديث مسمع «1» إذ علق وجوب الكفارة علي النظر عن شهوة و تحقق الامناء و مفهومه إذا لم يكن عن شهوة أو كان و لكن لم يتحقق الامناء لا تجب الكفارة و أما عدمها في الشق الثاني فلا مقتضي لها مضافا الي أنه يدل علي عدمها مفهوم حديث مسمع بل يدل علي المدعي صدر حديث ابن عمار فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 446.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 452

[(مسألة 231): يجوز استمتاع المحرم مع زوجته في غير ما ذكر]

(مسألة 231): يجوز استمتاع المحرم مع زوجته في غير ما ذكر علي

الأظهر الا أنّ الأحوط ترك الاستمتاع منها مطلقا (1).

______________________________

(1) تارة نقول تختص الحرمة بما يكون مذكورا في النصوص فلا وجه للتعدي عن تلك المذكورات مضافا الي انّ مجرد جعل الكفارة علي شي ء لا يكون دليلا علي حرمة ذلك الفعل و أخري نقول انّ المستفاد من قول المحرم أحرم لك لحمي و بشري الي آخر الدعاء حرمة الاستمتاعات فلا وجه للاقتصار و لا مقتضي للتخصيص إذ كيف يكون بشرته محرم عليها الاستمتاع و مع ذلك لا بأس بتلذذه من صوتها و أمثاله و لا يكون تناف بين الأمرين و أيضا هل التلذذ بصوتها و المزاح معها كما كان معها في حال الاحلال لا يكون منافيا مع ارتكاز المتشرعة نعم إذا قامت السيرة الجارية بين المتشرعة علي جملة من الاستمتاعات بلا نكير بينهم يمكن الالتزام بالجواز لكن أني لنا بذلك فلاحظ.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 453

[6- الاستمناء]
[(مسألة 232): إذا عبث المحرم بذكره فأمني فحكمه حكم الجماع]

6- الاستمناء (مسألة 232): إذا عبث المحرم بذكره فأمني فحكمه حكم الجماع و عليه فلو وقع ذلك في احرام الحج قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت الكفارة و لزم اتمامه و اعادته في العام القادم كما أنه لو فعل ذلك في عمرته المفردة قبل الفراغ من السعي بطلت عمرته و لزمه الاتمام و الاعادة علي ما تقدم و كفارة الاستمناء كفارة الجماع و لو استمني بغير ذلك كالنظر و الخيال و ما شاكل ذلك فأمني لزمته الكفارة و لا تجب اعادة حجه و لا تفسد عمرته علي الأظهر و إن كان الأولي رعاية الاحتياط (1).

______________________________

(1) أما الامناء الناشي عن العبث بالذكر فحكمه كما ذكر في المتن و الدليل عليه حديث اسحاق بن عمّار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قلت ما

تقول في محرم عبث بذكره فأمني قال: أري عليه مثل ما علي من أتي أهله و هو محرم بدنة و الحج من قابل «1» و أما الاستمناء بنحو آخر فان كان ذلك السبب العبث بالأهل فيدل علي وجوب الكفارة ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «2» و أما إن كان ذلك السبب أمرا آخر كالخيال و أمثاله فلا دليل علي ترتب الكفارة عليه و العجب عن سيدنا الاستاد حيث يقول في المقام ان المستفاد من الحديث انّ الموضوع للكفارة مطلق الاستمناء الاختياري و العبث بالأهل من باب المثال و في عين الحال لا يلتزم بعموم الحكم الذي رتب علي الامناء بسبب العبث بالذكر و ما الفارق بين المقامين و الظاهر أنه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 15 من أبواب كفارات الاستمتاع، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 448.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 454

[7- عقد النكاح]
[(مسألة 233): يحرم علي المحرم التزويج لنفسه أو لغيره]

7- عقد النكاح (مسألة 233): يحرم علي المحرم التزويج لنفسه أو لغيره سواء أ كان ذلك الغير محرما أم كان محلا و سواء ا كان التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع و يفسد العقد في جميع هذه الصور (1).

______________________________

ليس تاما فلا بد من الالتزام بالكفارة لعموم الامناء التوسل بدليل آخر كالتسالم إن كان و اللّه العالم.

(1) قد حكم قدّس سرّه بحرمة نكاح المحرم تكليفا و وضعا أما حرمته تكليفا فمضافا الي عدم الخلاف بين الأصحاب كما في بعض الكلمات يستفاد المدعي من بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس للمحرم أن يتزوج و لا يزوّج و إن تزوّج أو زوّج محلا فتزويجه باطل «1» فانّ مقتضي اطلاق صدر الحديث عدم جواز النكاح تكليفا و وضعا، و

بعبارة واضحة لم يقيّد في الكلام متعلق النفي فيكون مقتضي الاطلاق شمول النفي لكلا الأمرين و قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه في هذا المقام: انّ العطف بالواو كما في نسخة الوسائل غلط جزما و الصحيح ما في التهذيب و الاستبصار و الفقيه حيث يكون العطف بالفاء إذ لو كان بالفاء يكون الحديث في الدلالة علي الحرمة أظهر لانه لو كان بالواو يكون المعطوف تأكيدا لما قبله و أما مع الفاء فلا يحمل علي التأكيد بل يكون تفريعا و لا مجال لتفريع الشي ء علي نفسه فلا بد من حمل الصدر علي الحكم التكليفي و من الذيل الوضعي.

و يرد عليه أولا: انّ اطلاق الصدر يقتضي شمول النفي لكلا الأمرين كما تقدم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 455

______________________________

و ثانيا: أنه لا مجال لتفريع عدم الصحة علي الحرام التكليفي لأنه لا تلازم بين الأمرين كما هو واضح عند الخبير و هو مع كونه من أساطين الفن و مشار إليه بالبنان في هذه الميادين كيف صدر عنه ما قرر في المقام.

و ثالثا: أنه لا مانع من التفريع مع كون المراد من المعطوف عليه الحكم الوضعي بل لا بد من أن يكون كذلك أي في الصدر يحكم بفساد العقد و تكون النتيجة أن نكاح المحرم في وعاء الشرع لا اعتبار به فإن تصدي و نكح يكون نكاحه فاسدا كما لو قال المولي البول من الأعيان النجسة فانّ لاقاه جسم ينجس ذلك الجسم بملاقاته مع البول و كما لو قال المولي لا يصح بيع الخمر فمن باعه يكون بيعه فاسدا و إن شئت فقل في مثل هذه الموارد يبين المولي الحكم الكلي

ثم يطبقه علي الصغري فلاحظ و يستفاد من الحديث حرمة التزويج للغير بعين التقريب الذي ذكرناه بالنسبة الي نفسه و مقتضي اطلاق النص عدم الفرق بين كون العقد عقد دوام أو انقطاع كما أنه لا فرق بين كون ذلك الغير محرما أو محلا و تدل علي بطلان النكاح مضافا الي الحديث المتقدم ذكره طائفة أخري من النصوص منها ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم يتزوّج قال: نكاحه باطل «1» و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: ان رجلا من الانصار تزوّج و هو محرم فأبطل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم نكاحه «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال:

المحرم لا يتزوّج و لا يزوّج فان فعل فنكاحه باطل «3».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 456

[(مسألة 234): لو عقد المحرم أو عقد المحل للمحرم امرأة و دخل الزوج بها و كان العاقد و الزوج عالمين بتحريم العقد في هذا الحال]

(مسألة 234): لو عقد المحرم أو عقد المحل للمحرم امرأة و دخل الزوج بها و كان العاقد و الزوج عالمين بتحريم العقد في هذا الحال فعلي كل منهما كفارة بدنة و كذلك علي المرأة إن كانت عالمة بالحال (1).

[(مسألة 235): المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد و الشهادة عليه]

(مسألة 235): المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد و الشهادة عليه و هو الأحوط و ذهب بعضهم الي حرمة أداء الشهادة علي العقد السابق أيضا و لكن دليله غير ظاهر (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا ينبغي للرجل الحلال إن يزوّج محرما و هو يعلم أنه لا يحلّ له قلت: فان فعل فدخل بها المحرم فقال: إن كانا عالمين فان علي كل واحد منهما بدنة و علي المرأة إن كانت محرمة بدنة و إن لم تكن محرمة فلا شي ء عليها الا أن تكون قد علمت أنّ الذي تزوجها محرم فان كانت علمت ثم تزوّجته فعليها بدنة «1» و مورد الحديث و إن كان عقد المحل للمحرم لكن لا يستفاد الاختصاص بل يفهم عرفا انّ المناط كون العقد للمحرم فلا فرق بين مورد الحكم و غيره أي لو كان العقد للمحرم لا يصح و يترتب عليه الحكم المذكور في الحديث.

(2) الظاهر أنه لا دليل لا علي حرمة الحضور و لا علي التحمل و لا علي الأداء و الحديثان الواردان في المقام كلاهما ضعيفان بالارسال أحدهما ما أرسله ابن أبي شجرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يشهد علي نكاح محلين قال: لا يشهد «2».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 14 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 10.

(2) الوسائل: الباب 14 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك،

ج 1، ص: 457

[(مسألة 236): الأحوط أن لا يتعرض المحرم لخطبة النساء]

(مسألة 236): الأحوط أن لا يتعرض المحرم لخطبة النساء نعم لا بأس بالرجوع الي المطلقة الرجعية و بشراء الاماء و إن كان شراؤها بقصد الاستمتاع و الأحوط أن لا يقصد بشرائه الاستمتاع حال الاحرام و الاظهر جواز تحليل امته و كذا قبوله التحليل (1).

______________________________

و ثانيهما: ما أرسله الحسن بن علي بن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم لا ينكح و لا ينكح و لا يشهد فان نكح فنكاحه باطل «1».

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما من حيث الصناعة فلا دليل علي لزومه بل مقتضي القاعدة الجواز وضعا و تكليفا في جميع ذكر في المتن و مرسل حسن بن علي علي رواية الكليني و الذي زاد فيه لا اعتبار به و لا يخطب و أما الرجوع الي المطلقة الرجعية و كذا شراء الاماء فلا يصدق عليهما عنوان التزويج فلا مقتضي لحرمتهما وضعا و لا تكليفا فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 458

[8- استعمال الطيب]
[(مسألة 237): يحرم علي المحرم استعمال الزعفران و العود]

8- استعمال الطيب (مسألة 237): يحرم علي المحرم استعمال الزعفران و العود و المسك و الورس و العنبر بالشمّ و الدلك و الأكل و كذلك لبس ما يكون عليه أثر منها و الأحوط الاجتناب عن كل طيب (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه يحرم علي المحرم استعمال الزعفران و بقية المذكورات في المتن بالشم و الدلك و الأكل.

أقول: النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما يوجب حصر الطيب في أربعة أشياء و هي المسك و العنبر و الورس و الزعفران لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تمس شيئا من الطيب و أنت محرم و لا من الدهن

و أمسك علي أنفك من الريح الطيبة و لا تمسك عليها من الريح المنتنة فإنه لا ينبغي للمحرم أن يتلذّذ بريح طيبة و اتق الطيب في زادك فمن ابتلي بشي ء من ذلك فليعد غسله و ليتصدق بصدقة بقدر ما صنع و انّما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء المسك و العنبر و الورس و الزعفران غير أنه يكره للمحرم الأدهان الطيبة الّا المضطر الي الزيت أو شبهه يتداوي به «1» و ما رواه عبد الغفار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول الطيب: المسك و العنبر و الزعفران و الورس «2» و منها ما يقتضي الحصر في المسك و العنبر و الزعفران و العود لاحظ ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 8.

(2) نفس الباب، الحديث 16.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 459

______________________________

الطيب: المسك و العنبر و الزعفران و العود «1» و يكون بعضها معارضا مع البعض الآخر و لا مجال لان يقال يرفع اليد عن ظهور كل واحد منها بالنص الوارد في الآخر إذ كل واحد من هذه النصوص في مقام التحديد و تكون نسبته مع غيره نسبة التباين لا العموم و الخصوص كي يخصص العام بالخاص و هذا العرف ببابك و حيث لا يميز الحادث عن القديم نأخذ بالقدر المشترك بينهما و هو الزعفران و المسك و العنبر فإنه لا تعارض بينها بالنسبة الي هذه الثلاثة و بالنسبة الي العود و الورس لا بد أن يعامل معاملة العلم الاجمالي الا أن يقال يقع التعارض بين المنطوق في كل منهما مع مفهوم الحصر في الآخر و مقتضي القاعدة تخصيص

كل من المفهومين بالمنطوق في الآخر فالنتيجة شمول الحكم لكلا الأمرين فلاحظ.

الفرع الثاني: أنه يحرم لبس ما يكون فيه أثر من تلك الأمور فلاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اني جعلت ثوبي احرامي مع أثواب قد جمرت فأخذ من ريحها قال: فانشرها في الريح حتي يذهب ريحها «2» و هذه الرواية تختص بالعود و لكن يمكن أن يقال انّ النهي عن ذلك المورد يقتضي الاجتناب عن اللباس الذي يكون فيه أثر منها فان المستفاد من حديث ابن عمّار حرمة الطيب و حذف المتعلق يفيد العموم و إن شئت فقل انّ مقتضي الاطلاق سريان الحكم.

الفرع الثالث: انّ الأحوط الاجتناب عن كل طيب يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط اطلاق الطيب في بعض النصوص لاحظ حديث معاوية بن عمّار عن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 15.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 460

[(مسألة 238): لا بأس بأكل الفواكه الطيبة الرائحة كالتفاح و السفرجل]

(مسألة 238): لا بأس بأكل الفواكه الطيبة الرائحة كالتفاح و السفرجل و لكن يمسك عن شمها حين الأكل علي الأحوط (1).

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تمس شيئا من الطيب و لا من الدهن في احرامك و اتق الطيب في طعامك و امسك علي انفك من الرائحة الطيبة و لا تمسك عليه من الرائحة المنتنة فانه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة «1» و لكن الاطلاق يقيد بما حصر فيه الطيب في الامور الخاصة نعم الاحتياط طريق النجاة.

(1) في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: أنه يجوز أكل الفواكه التي لها رائحة طيبة و السيرة جارية عليه مضافا الي أنه يستفاد الجواز من النص الخاص لاحظ ما رواه عمار بن

موسي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المحرم يأكل الأترج قال: نعم قلت له: له رائحة طيبة قال: الاترج طعام ليس هو من الطيب «2».

الفرع الثاني: أنه يحتاط عن شمها و الدليل عليه طائفة من النصوص منها ما رواه الحلبي و محمد بن مسلم جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم يمسك علي انفسه من الريح الطيبة و لا يمسك علي أنفسه من الريح الخبيثة «3»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تمس شيئا من الطيب في احرامك و امسك علي انفك من الرائحة الطيبة و لا تمسك عليه من الرائحة المنتنة، الحديث «4» و الظاهر انّ الوجه في الاحتياط و عدم الجزم بالحرمة جريان السيرة علي الاكل و عدم الامساك عن شم رائحتها و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 26 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(3) الباب 24 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(4) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 461

[(مسألة 239): لا يجب علي المحرم أن يمسك علي أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا و المروة]

(مسألة 239): لا يجب علي المحرم أن يمسك علي أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا و المروة إذا كان هناك من يبيع العطور و لكن الأحوط لزوما أن يمسك علي أنفسه من الرائحة الطيبة في غير هذا الحال و لا بأس بشم خلوق الكعبة و هو نوع خاص من العطر (1).

______________________________

(1) قد تعرض في هذه المسألة لأمور ثلاثة:

الأمر الأول: أنه لا يجب علي المحرم الامساك علي أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا و المروة إذا كان هناك من يبيع العطور و الدليل عليه ما

رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: لا بأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا و المروة من ريح العطّارين و لا يمسك علي أنفه «1» و المستفاد من الحديث رفع الحرمة بالنسبة الي ريح العطارين و أما غيره فلا دليل علي جواز شمه.

الأمر الثاني: أنه لا بأس بشم خلوق الكعبة و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خلوق الكعبة يصيب ثوب المحرم قال: لا بأس و لا يغسله فانه طهور «2» و منها ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خلوق الكعبة و خلوق القبر يكون في ثوب الاحرام فقال: لا بأس بهما هما طهوران «3» و منها ما رواه يعقوب بن شعيب قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة قال: لا يضرّه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 20 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) الباب 21 من هذه الأبواب، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 462

______________________________

و لا يغسله «1» و منها ما رواه سماعة أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصيب ثوبه زعفران الكعبة و هو محرم فقال: لا بأس به و هو طهور فلا تتقه ان يصيبك «2» و مقتضي القاعدة الحاق خلوق القبر بخلوق الكعبة لما صرح به في رواية حماد بن عثمان و الحديث تام سندا فان اسناد الصدوق الي الرجل معتبر علي ما ذكره الحاجياني.

الأمر الثالث: انّ الاحتياط اللازم أن يمسك أنفه عن الرائحة الطيبة في غير حال السعي بين الصفا و

المروة و الوجه فيه نهي شم الرائحة الطيبة في جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار أيضا «4»، إن قلت قد حصر الطيب في جملة في الأمور الخاصة فلا وجه للمنع عن مطلق الرائحة الطيبة.

قلت: الريح عرض و الطيب جوهر فلا تنافي بين الأمرين و لقائل أن يقول انّ كلمة لا ينبغي في ذيل الحديثين تمنع عن القول بوجوب الاحتياط.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) لاحظ ص 459- 460.

(4) لاحظ ص 458.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 463

[(مسألة 240): إذا استعمل المحرم متعمدا شيئا من الروائح الطيبة]

(مسألة 240): إذا استعمل المحرم متعمدا شيئا من الروائح الطيبة فعليه كفارة شاة علي المشهور و لكن في ثبوت الكفارة في غير الأكل اشكال و إن كان الأحوط التكفير (1).

[(مسألة 241): يحرم علي المحرم أن يمسك علي أنفه من الروائح الكريهة]

(مسألة 241): يحرم علي المحرم أن يمسك علي أنفه من الروائح الكريهة نعم لا بأس بالاسراع في المشي للتخلص من ذلك (2).

______________________________

(1) أما بالنسبة الي الأكل فيدل علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم فان كان ناسيا فلا شي ء عليه و يستغفر اللّه و يتوب إليه «1».

و أما بالنسبة الي غير الأكل فلا دليل علي المدعي بل الدليل دال علي وجوب الصدقة لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار «2» و ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

لا يمس المحرم شيئا من الطيب و لا الريحان و لا يتلذذ به فمن ابتلي بشي ء من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر شبعه يعني من الطعام «3» فيلزم أن يتصدق بمقدار ما يشبع.

(2) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي و محمد بن مسلم «4» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «5» و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم اذا مر علي بينة فلا يمسك علي أنفه «6» و أما جواز الاسراع في المشي فهو علي طب القاعدة إذ النهي عنه غيره فلا وجه لحرمته فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 4 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 458.

(3) الوسائل: الباب 18 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 11.

(4) لاحظ ص 460.

(5) لاحظ ص 460.

(6) الوسائل: الباب 24 من أبواب تروك

الاحرام، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 464

[9- لبس المخيط للرجال]
[(مسألة 242): يحرم علي المحرم أن يلبس القميص و القباء و السروال و الثوب المزرور]

9- لبس المخيط للرجال (مسألة 242): يحرم علي المحرم أن يلبس القميص و القباء و السروال و الثوب المزرور مع شد أزراره و الدرع و هو كل ثوب يمكن أن تدخل فيه اليدان و الأحوط الاجتناب عن كل ثوب مخيط بل الأحوط الاجتناب عن كل ثوب يكون مشابها للمخيط كالملبد الذي تستعمله الرعاة و يستثني من ذلك الهميان و هو ما يوضع فيه النقود للاحتفاظ بها و يشدّ علي الظهر أو البطن فإن لبسه جائز و إن كان من المخيط و كذلك لا بأس بالتحزم بالحزام المخيط الّذي يستعمله المبتلي بالفتق لمنع نزول الامعاء في الانثيين و يجوز للمحرم أن يغطي بدنه ما عدا الرأس باللحاف و نحوه من المخيط حالة الاضطجاع للنوم و غيره (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه يحرم علي المحرم أن يلبس القميص و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا لبست قميصا و أنت محرم فشقه من تحت قدميك «1» و منها ما رواه بن عمار و غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل احرم و عليه قميصه فقال: ينزعه و لا يشقّه و إن كان لبسه بعد ما

______________________________

(1) الوسائل: الباب 45 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 465

______________________________

أحرم شقّه و أخرجه ممّا يلي رجليه «1» و منها ما رواه عبد الصمد بن بشير «2» و منها ما رواه خالد بن محمد الأصم «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «4».

الفرع الثاني: أنه يحرم عليه أن يلبس

القباء و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا اضطرّ المحرم علي القباء و لم يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا و لا يدخل يديه في يدي القباء «5» و منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يلبس المحرم الخفين إذا لم يجد نعلين و إن لم يكن له رداء طرح قميصه علي عنقه أو قباءه بعد أن ينكسه «6» و منها ما رواه مثني الحناط عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اضطرّ الي ثوب و هو محرم و ليس معه الّا قباء فلينكسه و ليجعل اعلاه اسفله و يلبسه «7» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: و ان اضطرّ الي قباء من برد و لا يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا و لا يدخل يده في يدي القباء «8».

و منها ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من اضطرّ الي ثوب و هو محرم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 45 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(2) لاحظ ص 367.

(3) لاحظ ص 368.

(4) لاحظ ص 368.

(5) الوسائل: الباب 44 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(6) نفس المصدر، الحديث 2.

(7) نفس المصدر، الحديث 3.

(8) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 466

______________________________

و ليس له إلا قباء فلينكسه و ليجعل اعلاه اسفله و ليلبسه «1».

و يقع التعارض بين هذه الروايات إذ يستفاد من بعضها القلب و من بعضها النكس و حيث انّ الأحدث غير مميز تصل النوبة الي الأصل و مقتضاه التخيير.

إن قلت: مقتضي الاحتياط الترك و عدم

الاستعمال لا مقلوبا و لا منكوسا قلت: المفروض تحقق الضرورة و اللابديّة و لنا أن نقول لا تعارض بين النصوص إذ المستفاد من الحديث الثاني و الثالث و الثامن وجوب النكس و أما الحديث الأول فالمذكور فيه عنوان القلب و القلب لا ينافي النكس فيحمل علي النكس و أما بقية الروايات المذكورة في الباب فغير نقيّة الاسناد أما الخامس و السادس فبالبطائني و أما السابع فبضعف اسناد الصدوق الي محمد بن مسلم و الذي يهون الخطب ان الاحتياط ممكن بأن يلبسه منكوسا و مقلوبا فلا تصل النوبة الي التطويل بل يمكن أن يقال انّ الصناعة تقتضي الجمع بين الأمرين إذ لا تنافي بين الحكمين.

الفرع الثالث: أن يحرم عليه أن يلبس السروال و تدل علي المدعي طائفة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تلبس ثوبا له ازرار و أنت محرم الّا أن تنكسه و لا ثوبا تدرعه و لا سراويل الا أن لا يكون لك ازار و لا خفين الا أن لا يكون لك نعل «2» و منها ما رواه معاوية بن عمار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تلبس و أنت تريد الاحرام ثوبا تزرّه و لا تدرعه و لا تلبس سراويل الّا أن لا يكون لك إزار و لا خفين الّا أن لا يكون لك نعلان «3».

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 8.

(2) الوسائل: الباب 35 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 467

______________________________

الفرع الرابع: يحرم عليه أن يلبس الثوب المزرور مع شد ازراره و الدليل عليه ما رواه معاوية بن عمّار «1» و

لمعاوية حديث آخر «2» يستفاد منه المنع عن لبس مطلق ما يكون له ازرار لكن المطلق يقيد و يحمل علي المقيد.

الفرع الخامس: أنه يحرم عليه أن يلبس الدرع و يدل عليه حديثا معاوية بن عمّار، المتقدمان آنفا.

و العجب ان سيدنا الاستاد فرق في المتن بين المزرور و الدرع فقيد الحرمة في الأول بشد الازرار و اطلق الحرمة في الدرع و الحال أنه لا وجه ظاهرا للتفريق بين الأمرين نعم يمكن أن يقال أنه يستفاد من حديث يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور فقال: نعم و في كتاب علي عليه السّلام لا يلبس طيلسانا حتي ينزع ازراره فحدثني أبي أنه انّما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل عليه «3» و حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثل ذلك و قال انما كره ذلك مخافة أن يزرّه الجاهل فأمّا الفقيه فلا بأس أن يلبسه «4» جواز لبس الطيلسان مع اشتراط عدم شد ازراره و هذا حكم خاص بمورده و لا وجه لاجرائه الي بقية الموارد و عليه لا يتوجه الايراد المذكور في كلامنا الي ما أفاده سيدنا الاستاد.

الفرع السادس: ان الاحتياط يقتضي الاجتناب عن لبس كل ثوب مخيط

______________________________

(1) لاحظ ص 466.

(2) لاحظ ص 466.

(3) الوسائل: الباب 36 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(4) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 468

______________________________

و المعروف بين الاصحاب بل في ألسن أهل الشرع حرمة لبس كل ثوب مخيط و عن بعض الأعاظم دعوي اجماع العلماء كافة عليها و عن الشهيد أنه لا دليل عليه و الذي يمكن أن يذكر في تقريب المنع عن مطلق المخيط وجوه:

الوجه الأول:

الاجماع و فيه انّ الاجماع لا يكون حجة لا منقوله و لا محصله نعم اذا كان كاشفا عن رأي المعصوم يكون حجة من باب الظفر علي رأي من يكون متصلا بالوحي و أني لنا بذلك.

الوجه الثاني: دعوي ان المذكورات في النصوص أي القميص و الدرع و غيرهما من باب المثال و يرد عليه أنه تخرص بالغيب و لا دليل عليه و الأحكام الشرعية أمور تعبدية لا تنالها عقولنا و أفهامنا مضافا الي انّ بعض المذكورات أعم من المخيط كالدرع إذ يمكن جعله من غير المخيط كما لو صنع من اللبد.

الوجه الثالث: أنه يستفاد من جملة من النصوص لزوم التجرد عن مطلق الثياب منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه أيوب أخو أديم قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام من أين يجرد الصبيان قال: كان أبي يجرّدهم من فخ «2» و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المحرم اذا احتاج الي ضروب من الثياب يلبسها قال: عليه لكل صنف منها فداء «3» فيلزم الاجتناب عن كل ثوب مخيط و يرد عليه أولا انّ حديث ابن مسلم يدل علي وجوب الكفارة و وجوبها أعم من الحرمة.

______________________________

(1) لاحظ ص 444.

(2) الوسائل: الباب 18 من أبواب المواقيت، الحديث 1.

(3) الوسائل: الباب 9 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 469

______________________________

و ثانيا: أنه يلزم بمقتضي التقريب المذكور الاجتناب عن كل ثوب و لو لم يكن مخيطا.

و ثالثا: أنّ مقتضي الاطلاق المقامي اختصاص الحرمة بما ذكر في النصوص من العناوين الخاصة حيث أنّ المولي كان في مقام البيان و لم يذكر الّا امورا

خاصة.

و رابعا: أنه قد دل الدليل علي جواز استعمال كل الأثواب الّا الدرع لاحظ ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عمّا يكره للمحرم أن يلبسه فقال: يلبس كل ثوب الّا ثوبا يتدرعه «1» فالنتيجة ان لزوم الاجتناب عن كل مخيط من باب الاحتياط.

الفرع السابع: أن الأحوط الاجتناب عن كل ثوب يكون مشابها للمخيط و لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي الصناعة هو الجواز كما انّ الاحتياط التام الاجتناب عن لبس كل ما يصدق عليه عنوان الثوب علي نحو الاطلاق.

الفرع الثامن: أنه يجوز لبس الهميان و تدل علي جوازه مضافا الي السيرة و ارتكازه في أذهان المتشرعة جملة من النصوص منها ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يصر الدّراهم في ثوبه قال: نعم و يلبس المنطقة و الهميان «2» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يشد علي بطنه العمامة قال: لا ثم قال: كان أبي يقول: يشد علي بطنه المنطقة التي فيها نفقته يستوثق منها فانّها من تمام حجّه «3» و منها ما رواه يعقوب بن سالم قال: قلت

______________________________

(1) الوسائل: الباب 36 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

(2) الوسائل: الباب 47 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 470

______________________________

لأبي عبد اللّه عليه السّلام يكون معي الدراهم فيها تماثيل و انا محرم فاجعلها في همياني و اشدّه في وسطي فقال: لا بأس أو ليس هي نفقتك و عليها اعتمادك بعد اللّه عزّ و جلّ «1» و منها ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه

عليه السّلام: المحرم يشدّ الهميان في وسطه فقال: نعم و ما خيره بعد نفقته «2»، و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام يشدّ علي بطنه نفقته يستوثق بها فانها تمام حجه «3» و منها ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يشد علي بطنه المنطقة التي فيها نفقته قال: يستوثق منها فانها تمام حجه «4».

فان مقتضي اطلاق هذه الروايات جواز لبسها و لو كانت مخيطة إن قلت يقع التعارض بين هذه الطائفة و تلك الطائفة بالعموم من وجه إذ تفترق تلك الطائفة هذه عن هذه الطائفة فيما لا يكون مصداقا للهميان و تفترق هذه الطائفة عن تلك الطائفة في الهميان الذي لا يكون مخيطا و يقع التعارض بين الطرفين في الهميان المخيط قلت: يرد عليه أولا أنه لا دليل علي حرمة لبس مطلق المخيط بل المنهي عنه عناوين خاصة فلا موضوع للتعارض.

و ثانيا: أنه نفرض التعارض لكن الأحدث من المتعارضين غير معلوم فالنتيجة هو الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 5.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 471

[(مسألة 243): الأحوط أن لا يعقد الازار في عنقه بل لا يعقده مطلقا]

(مسألة 243): الأحوط أن لا يعقد الازار في عنقه بل لا يعقده مطلقا و لو بعضه ببعض و لا يغرزه بإبرة و نحوها و الأحوط أن لا يعقد الرداء أيضا و لا بأس بغرزه بالإبرة و أمثالها (1).

______________________________

الفرع التاسع: أنه لا بأس بالتحزم بالحزام المخيط لمن يكون مبتلي بالفتق و الوجه فيه عدم ما يقتضي المنع فانه لا دليل علي حرمة مطلق المخيط كما تقدم.

الفرع العاشر: أنه يجوز

للمحرم أن يغطي بدنه ما عدا الرأس باللحاف و نحوه من المخيط حالة الاضطجاع للنوم و غيره و الوجه فيه خروجه موضوعا إذ أوّلا لا دليل علي حرمة لبس مطلق المخيط كما تقدم و ثانيا: أنه لا يصدق عليه لبس الثوب نعم لا يجوز تغطيته الرأس به لعدم جواز تغطيته.

(1) يقع الكلام تارة في الازار و اخري في الرداء أما الازار فقد ورد الدليل الدال علي عدم جواز عقده في عنقه لاحظ ما رواه سعيد الأعرج أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يعقد ازاره في عنقه قال: لا «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال: المحرم لا يصلح له أن يعقد ازاره علي رقبته و لكن يثنيه علي عنقه و لا يعقده «2».

و يعارضهما ما رواه الحميري عن صاحب الزمان عليه السّلام أنه كتب إليه يسأله عن المحرم يجوز أن يشدّ المئزر من خلفه علي عنقه بالطول و يرفع طرفيه الي حقويه و يجمعهما في خاصرته و يعقدهما و يخرج الطرفين الأخيرين من بين رجليه و يرفعهما الي خاصرته و يشدّ طرفيه الي وركيه فيكون مثل السراويل يستر ما

______________________________

(1) الوسائل: الباب 53 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 472

______________________________

هناك فان المئزر الأول كنا نتزر به إذا ركب الرجل جمله يكشف ما هناك و هذا استر فأجاب عليه السّلام: جائز ان يتزر الانسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض و لا أبرة تخرجه به عن حد المئزر و غرزه غرزا و لم يعقده و لم يشدّ بعضه ببعض و إذا غطّي سرته و

ركبتيه كلاهما فان السنة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرة و الركبتين و الاحبّ إلينا و الأفضل لكل احد شدّه علي السبيل المألوفة المعروفة للناس جميعا ان شاء اللّه «1» و الترجيح مع حديث الحميري للأحدثية الا أن يقال لا تعارض بين الجانبين إذ السؤال في حديث الحميري عن شد المئزر عن العنق و الشد أعم من العقد غاية ما يستفاد من جوابه أرواحنا فداه الجواز علي الاطلاق فيقيد بالتقييد الوارد في الحديثين فلا تغفل و أما الاحتياط بعدم غرزه بإبرة و نحوها فالظاهر أنه يستفاد من حديث الاحتجاج هذا بالنسبة الي الازار.

و أما الرداء فلا بأس بعقده و لا يغرزه لعدم الدليل علي المنع نعم الاحتياط حسن بلا كلام.

تذنيب: لا فرق في حرمة لبس ما لا يجوز لبسه بين لبسه في أول الاحرام أو أثنائه فان المستفاد من الدليل حرمته علي الاطلاق بلا قيد بل ورد في جملة من النصوص نزعه إذا كان لابسا إيّاه منها ما رواه معاوية بن عمّار «2»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار «3» أيضا و منها ما رواه عبد الصمد بن بشير «4» و منها ما رواه معاوية

______________________________

(1) الوسائل: الباب 53 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 3.

(2) لاحظ ص 464.

(3) لاحظ ص 464.

(4) لاحظ ص 367.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 473

[(مسألة 244): يجوز للنساء لبس المخيط مطلقا عدا القفازين]

(مسألة 244): يجوز للنساء لبس المخيط مطلقا عدا القفازين و هو لباس خاص يلبس لليدين (1).

______________________________

ابن عمّار «1» و في المقام نكتة و هي أنّ المكلف إذا أراد أن يحرم هل يجب عليه أن ينزع ما لا يجوز لبسه للمحرم فيه اشكال إذ لا نري وجها للوجوب فإن حرمة لبس اللباس الكذائي للمحرم مشروطة

بالاحرام و من الظاهر انّ الحكم المشروط لا يصير فعليا قبل فعلية شرطه إن قلت المستفاد من الدليل مبغوضية اللباس الكذائي و لو في زمان قصير و من الظاهر أنه لو أحرم فيه تحقق المبغوضية فيلزم الاجتناب قلت: يرد عليه أولا أنه أيّ دليل دل علي المبغوضية فان المبغوضية مستفادة من النهي و المفروض أنّ النهي مشروط بالقدرة و المفروض عدم قدرة المكلف علي الترك في أول تحقق الاحرام و لو بمقدار خمس دقائق.

و ثانيا: أنه لا دليل علي لزوم الاجتناب عن مبغوض المولي الّا فيما يكون روح الحكم موجودة كما لو لم يكن المولي قادرا علي بيان مراده و صفوة القول أنّ اللازم علي العبد بحكم العقل امتنان أوامر المولي و الانزجار عن نواهيه و أما الازيد علي ذلك فلا دليل عليه.

(1) لا اشكال في الجواز و الشاهد عليه السيرة الجارية و الارتكاز مضافا الي جملة من النصوص منها ما رواه عيص بن القاسم «2» و منها ما رواه النضر بن سويد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن المحرمة أيّ شي ء تلبس من الثياب قال: تلبس الثياب كلّها الّا المصبوغة بالزعفران و الورس و لا تلبس القفازين، الحديث «3»،

______________________________

(1) لاحظ ص 368.

(2) لاحظ ص 377.

(3) الوسائل: الباب 33 من أبواب الاحرام، الحديث 2.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 474

[(مسألة 245): إذا لبس المحرم متعمدا شيئا مما حرم لبسه عليه فكفارته شاة]

(مسألة 245): إذا لبس المحرم متعمدا شيئا مما حرم لبسه عليه فكفارته شاة و الأحوط لزوم الكفارة عليه و لو كان لبسه للاضطرار (1).

______________________________

و منها ما رواه الحلبي عليه السّلام قال: لا بأس ان تحرم المرأة في الذهب و الخزّ و ليس يكره الّا الحرير المحض «1» و منه ما رواه ابن

عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته ما يحلّ للمرأة أن تلبس و هي محرمة فقال: الثياب كلها ما خلا القفازين و البرقع و الحرير قلت: أ تلبس الخز قال: نعم قلت: فانّ سداه إبريسم و هو حرير قال: ما لم يكن حريرا خالصا فلا بأس «2» و أيضا تدل طائفة من النصوص علي جواز لبسها ما لا يجوز للرجال لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

المرأة تلبس القميص تزرّه عليها و تلبس الحرير و الخزّ و الديباج فقال: نعم لا بأس به و تلبس الخلخالين و المسك «3» و ما رواه محمد بن علي الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة إذا أحرمت أ تلبس السراويل قال: نعم انما تريد بذلك الستر «4» فالنتيجة جواز لبس الثياب كلها الّا القفازين و الحرير المحض لاحظ ما رواه سماعة «5».

(1) الدليل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة بن أعين قال:

سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من نتف ابطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 4.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 1.

(4) الوسائل: الباب 50 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(5) لاحظ ص 377.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 475

______________________________

لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه دم شاة «1» و منها ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه و هو محرم ففعل ذلك ناسيا

أو جاهلا فلا شي ء عليه و من فعله متعمدا فعليه دم «2» فلا اشكال في صورة العمد انّما الكلام في صورة الاضطرار فإنّ اطلاق الدليل يشمل صورة الاضطرار لكن مقتضي حديث رفعه الحاق المضطر بالجاهل و الناسي و ما يمكن أن يذكر في تقريب وجوبها علي المضطر وجوه:

الوجه الأول: دعوي عدم الخلاف و الاجماع بقسميه و فيه انّ الاجماع لا دليل علي اعتباره فكيف بعدم الخلاف.

الوجه الثاني: اطلاق حديث زرارة و تقدم الجواب عنه و قلنا دليل رفع الاضطرار ينفي الكفارة عن المضطر.

الوجه الثالث: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المحرم إذا احتاج الي ضروب من الثياب يلبسها قال: عليه لكل صنف منها فداء «3»، و فيه انّ الحكم وارد في مورد خاص من الاضطرار و هو الاحتياج الي ضروب من الثياب فلا يرتبط الحديث بالمقام مضافا الي أنه لم يذكر في الحديث انّ المراد بالفداء الشاة.

الوجه الرابع: قوله تعالي: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) الوسائل: الباب 9 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 476

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مصباح الناسك في شرح المناسك، دو جلد، انتشارات محلاتي، قم - ايران، اول، 1425 ه ق مصباح الناسك في شرح المناسك؛ ج 1، ص: 476

______________________________

اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لٰا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتّٰي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذيً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذٰا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ

أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ «1».

بتقريب كون المراد منها إنّ من كان منكم مريضا فلبس ففدية من صيام أو نسك و فيه انّ الآية الشريفة لا ترتبط بالمقام و يكون المراد منها أنه من كان محتاجا الي الحلق مضافا الي انّ من لبس المخيط لا تكون كفارته مخيرة بين الصيام و النسك فلاحظ.

______________________________

(1) البقرة: 196.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 477

[10- الاكتحال]
[(مسألة 246): الاكتحال علي صور]

10- الاكتحال (مسألة 246): الاكتحال علي صور:

1- أن يكون بكحل أسود مع قصد الزينة و هذا حرام علي المحرم قطعا و تلزمه كفارة شاة علي الأحوط الاولي.

2- أن يكون بكحل أسود مع عدم قصد الزينة.

3- أن يكون بكحل غير أسود مع قصد الزينة و الأحوط الاجتناب في هاتين الصورتين كما انّ الأحوط الأولي التكفير فيهما.

4- الاكتحال بكحل غير أسود و لا يقصد به الزينة و لا بأس به و لا كفارة عليه بلا اشكال (1).

______________________________

(1) يقع الكلام في هذه المسألة تارة بالنسبة الي المحرمة و اخري بالنسبة الي المحرم أما المحرمة فنقول لا بأس ملاحظة النصوص منها ما رواه معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يكتحل الرجل و المرأة المحرمان بالكحل الاسود الّا من علّة «1» فانّ المستفاد من هذا الحديث عدم جواز الاكتحال بالاسود الّا من علّة و منها ما رواه زرارة عنه عليه السّلام قال: تكتحل المرآة بالكحل كله الّا الكحل الاسود للزينة «2» و لا تعارض بين الحديثين و منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة تكتحل و هي

محرمة قال: لا تكتحل قلت: بسواد ليس فيه طيب قال: فكرهه من أجل انه زينة و قال: إذا اضطرت إليه فلتكتحل «3».

______________________________

(1) الوسائل: الباب 33 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 3.

(3) نفس المصدر، الحديث 14.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 478

______________________________

فالمستفاد منه عدم جواز الاكتحال علي الاطلاق الّا من ضرورة و الظاهر ان الضرورة عبارة عن العلة فالنتيجة عدم جواز الاكتحال لها الّا في صورة العلة.

و أما المحرم فالنصوص الواردة في المقام متضاربة منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس أن يكتحل و هو محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه فاما للزينة فلا «1» و المستفاد من هذه الرواية ان الاكتحال للزينة حرام علي المحرم مطلقا و أما إذا لم يكن للزينة فان كان فيه طيب يوجد ريحه فلا يجوز و الّا فيجوز علي الاطلاق و منها ما رواه معاوية أيضا «2» و المستفاد من هذه الرواية المنع عن الكحل الاسود علي الاطلاق الّا من علة و لا تعارض بين هذه الرواية و تلك إذ غاية ما في الباب تخصيص تلك الرواية بهذه و التخصيص علي طبق القاعدة الأولية.

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يكتحل المحرم إن هو رمد بكحل ليس فيه زعفران «3» و مقتضي القاعدة تخصيص هذه الرواية بالحديث الاول و الثاني فان المستفاد من هذه الرواية عدم الجواز علي الاطلاق الّا عند الرمد بشرط أن لا يكون فيه زعفران و الحديث الأول دال علي الجواز مع اشتراط شرطين و الحديث الثاني دال علي جواز الاكتحال بالاسود عند

الاضطرار و منها ما رواه معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرم لا يكتحل الّا من وجع و قال لا بأس بأن تكتحل و أنت محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه فأما

______________________________

(1) الوسائل: الباب 33 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 477.

(3) الوسائل: الباب 33 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 479

______________________________

للزينة فلا «1» و المستفاد من هذه الرواية ما هو المستفاد من الحديث الأول من أحاديث الباب فيكون محكوما بذلك الحكم و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الكحل للمحرم فقال: أما بالسواد فلا و لكن بالصبر و الحضض «2» و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز الاكتحال بالأسود و لا بد من تقييده بما دل علي الجواز الّا لزينة فالنتيجة أنه لا يجوز للمحرم الاكتحال للزينة و أيضا لا يجوز له الاكتحال بالاسود الّا من علة و أيضا لا يجوز بما يكون فيه طيب يوجد ريحه و أيضا لا يجوز له الاكتحال بما فيه زعفران هذا بالنسبة الي الحكم التكليفي و أما لو ارتكب ما هو محرم عليه فهل تجب عليه الكفارة مقتضي القاعدة الأولية عدم وجوبها و ما يمكن أن يستدل به علي الوجوب حديثان أحدهما ما رواه زرارة بن أعين «3» بتقريب انّ المستفاد من الحديث انّ كل عمل منهي عنه إذ ركبه المحرم تجب عليه الكفارة و كفارته شاة و يرد علي التقريب المذكور أنه لا يستفاد المدعي من الحديث بل الرواية واردة في أمور خاصة و لا وجه للتعدي عنها الي غيرها.

ثانيهما: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي

بن جعفر عليهما السّلام قال لكل شي ء خرجت من حجك فعليه فيه دم تهريقه حيث شئت «4» بتقريب انّ الحديث حرّف و لا بد من بديل خرجت ب (جرحت) و الحديث ضعيف سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 33 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) لاحظ ص 474.

(4) الوسائل: الباب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 5.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 480

[11- النظر في المرآة]
[(مسألة 247): يحرم علي المحرم النظر في المرآة للزينة]

11- النظر في المرآة (مسألة 247): يحرم علي المحرم النظر في المرآة للزينة و كفارته شاة علي الأحوط الأولي و أما إذا كان النظر فيها لغرض آخر غير الزينة كنظر السائق فيها لرؤية ما خلفه من السيارات فلا بأس به و يستحب لمن نظر فيها للزينة تجديد التلبية أما لبس النظارة فلا بأس به للرجل أو المرأة إذا لم يكن للزينة و الأولي لاجتناب عنه و هذا الحكم لا يجري في سائر الأجسام الشفافة فلا بأس بالنظر الي الماء الصافي أو الأجسام الصقيلة الاخري (1).

______________________________

(1) النظر في المرأة تارة يكون للزينة و اخري لغاية اخري اما إذا كان للزينة فيحرم للنص لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تنظر المرأة المحرمة في المرآة للزينة «1» و ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا ينظر المحرم في المرآة لزينة فان نظر فليلبّ «2».

فانّ المستفاد من الحديثين حرمة النظر فيها بهذه الغاية، إن قلت المستفاد من الحديثين الآخرين حرمة النظر علي الاطلاق أحدهما ما رواه حماد يعني ابن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تنظر في المرآة و أنت محرم فانه

من الزينة «3».

ثانيهما: ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تنظر في المرآة و أنت

______________________________

(1) الوسائل: الباب 34 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 481

______________________________

محرم لانه من الزينة، الحديث «1» فانّ المستفاد منهما ان النظر حرام معللا بكونه من الزينة.

قلت: الأمر و إن كان كذلك لكن لا بد من رفع اليد عن الاطلاق بالمقيد و المفروض انّ الحكم مقيد في الحديثين المذكورين أولا يكون النظر بهذه الغاية الا أن يقال المقيد المشار إليه لا مفهوم له و من المقرر أنه لا تنافي بين المثبتين و قربنا المدعي بالتقريب المذكور في الدورة السابقة و اثبتناه في كتابنا المسمي بمصباح الناسك في شرح المناسك و أورد سيدنا الاستاد علي التقريب المذكور و مضمون كلامه علي ما في تقريره الشريف انّ المراد من قوله عليه السّلام فانه من الزينة انّ النظر في المرآة تزين فلا اطلاق في الحديث كي يقال لا تنافي بين المطلق و المقيد و بعبارة اخري نهي عن النظر بقصد الزينة مضافا الي أنه لا مجال لأن يقال انّ القيد لا مفهوم له إذ لو لم يكن له مفهوم يكون ذكره لغوا فلا بد من الالتزام بالمفهوم كي لا تلزم اللغوية في كلام المولي.

أقول: ما أفاده غير تام أما ما قاله أولا: بأن المراد من قوله عليه السّلام فإنه من الزينة المنع عن النظر لاجل الزينة فيرد عليه أنه ادعاء بلا بينة فان الظاهر من الكلام ان النظر في مرآة زينة فلا بد من الاجتناب عنها و أما ما أفاده ثانيا فيرد عليه أنه قد ثبت في

محله من الاصول ان الوصف لا مفهوم له كما انّ اللقب كذلك و الّا يلزم أن يكون قوله جعل اللّه ماء البحر طهورا ذا مفهوم و هو كما تري و أما الاتيان بالوصف و القيد فيمكن بلحاظ ملاك يكون معلوما عند المولي اضف الي ذلك أن الحكومة تقدم علي معارضها و المستفاد من كلام الامام عليه السّلام ان مجرد النظر في المرآة زينة

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 482

______________________________

فيحرم علي الاطلاق، و هل يجب الاتيان بالتلبية إذا نظر فيها للزينة مقتضي قوله عليه السّلام فليلب وجوبه و لا مجال لرفع اليد عنه بالتسالم علي عدمه الّا أن يقال إذا كان واجبا لشاع و ذاع لكن الانصاف ان الجزم بعدم الوجوب مشكل فلا يترك الاحتياط.

ثم انه لو قلنا بوجوب التلبية و لم يلب هل يكون بلا احرام و بعبارة اخري وجوب التلبية هل يكون مستلزما لبطلان الاحرام أم لا الظاهر هو الثاني فانه لم يذكر في الروايات أنه لو وجبت التلبية و لم يلب يبطل احرامه و إن شئت فقل انه كفارة لذنبه لا انّ احرامه يصير باطلا بحيث يحتاج الي تجديد الاحرام و هل تلحق بالمرآة بقية الاجسام الشفافة أم لا الحق هو الثاني لعدم الدليل و أما لبس النظارة فإن كانت في العرف معدة للزينة يشكل الجواز لعموم العلة و ألّا يجوز.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 483

[12- لبس الخف و الجورب]
[(مسألة 248): يحرم علي الرجل المحرم لبس الخف و الجورب]

12- لبس الخف و الجورب (مسألة 248): يحرم علي الرجل المحرم لبس الخف و الجورب و كفارة ذلك شاة علي الأحوط و لا بأس بلبسهما للنساء و الأحوط الاجتناب عن لبس كل ما يستر تمام ظهر القدم و إذا لم

يتيسر للمحرم نعل أو شبهه و دعت الضرورة الي لبس الخف فالأحوط الأولي خرقه من المقدم و لا بأس بستر تمام ظهر القدم من دون لبس (1).

______________________________

(1) فصل الماتن في المقام بين الرجل و المرأة بعدم الجواز بالنسبة الي الأول و الجواز بالنسبة الي الثاني فنقول أما بالنسبة الي الرجل فيدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

و لا تلبس سراويل الّا أن لا يكون لك إزار و لا خفين الا أن لا يكون لك نعلان «1» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: و أيّ محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين إذا اضطرّ الي ذلك و الجور بين يلبسهما إذا اضطرّ الي لبسهما «2» و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل هلكت نعلاه و لم يقدر علي نعلين قال له أن يلبس الخفين ان اضطر الي ذلك و ليشقه علي ظهر القدم، الحديث «3» و منها ما رواه رفاعة بن موسي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يلبس الجور بين قال: نعم و الخفين إذا اضطر إليهما «4» و منها ما رواه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 51 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 51 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 484

______________________________

محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في المحرم يلبس الخفّ إذا لم يكن له نعل قال:

نعم لكن يشق ظهر القدم «1» ثم انه يجوز له

لبس الخف إذا دعت الضرورة إليه و كذلك يجوز له لبس الجوربين في صورة الضرورة و يدل علي المدعي ما رواه رفاعة، و طريق الصدوق الي رفاعة تام علي ما ذكره الحاجياني زيد توفيقه و يدل علي المدعي أيضا ما رواه الحلبي «2» مضافا الي انّ القاعدة الأولية تقتضي الجواز فانّ مقتضي حديث رفع الاضطرار الجواز عنده ثم انه هل يجب خرق ظهره يستفاد الوجوب من حديث ابن مسلم المتقدم آنفا لكن السند مخدوش بعدم صحة اسناد الصدوق الي ابن مسلم كما ان حديث أبي بصير «3» الدال علي المدعي مخدوش بالبطائني ثم انه هل تجب الكفارة لو لبس الجورب أو الخف أم لا ربما يقال كما في كلام لسيدنا الاستاد بأنه يمكن الاستدلال عليها بحديثي زرارة «4» لكن لا مجال له لعدم صدق الثوب لا علي الخف و لا علي الجورب و أما الاحتياط بالاجتناب عن كل ما يستر ظهر القدم فلا وجه له لعدم الدليل عليه هذا كله بالنسبة الي الرجل و أما بالنسبة الي المرأة فقد استدل سيدنا الاستاد علي الجواز بالنسبة إليها بما رواه العيص «5» بتقريب انّ الحديث دال علي جواز لبس المرأة ما شاءت من الثياب غير

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 5.

(2) لاحظ ص 483.

(3) لاحظ ص 483.

(4) لاحظ ص 474- 475.

(5) لاحظ ص 377.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 485

______________________________

القفازين فان المولي كان في مقام البيان و لم يستثني الخف و الجورب فيدل كلامه علي جواز لبسهما للمرأة و يرد عليه أولا انّ عنوان الثياب لا يصدق لا علي الجورب و لا علي الخف فلا مجال للاستدلال بهذا التقريب.

و ثانيا: انّ الادلة الواردة في المقام موضوعها الرجل فان

تم قاعدة الاشتراك لا بد من الالتزام بالحرمة و إن لم تتم فلا نحتاج في اثبات الجواز الي الدليل الخاص بل يكفي لإثباته الأصل العملي إذا عرفت ما تقدم نقول الحق أن يقال للاستدلال علي المدعي انّ المفروض انّ الدليل كما تقدم قاصر شموله بالنسبة الي المرأة و أما قاعدة الاشتراك فانما هي بالاجماع و التسالم و لا تسالم في المقام بل الالتزام به مخالف للسيرة الجارية العملية و الارتكاز المتشرعي نعم يختلج ببالي القاصر انّ السائل إذا سئل الامام عن رجل صلّي ركعتين ثم شك يكون الظاهر من الكلام انّ السؤال عن مطلق المكلف لا عن خصوص المذكور.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 486

[13- الكذب و السب]
اشارة

13- الكذب و السب

[(مسألة 249): الكذب و السب محرمان في جميع الأحوال لكن حرمتهما مؤكدة حال الاحرام]

(مسألة 249): الكذب و السب محرمان في جميع الأحوال لكن حرمتهما مؤكدة حال الاحرام و المراد من الفسوق في قوله تعالي (فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج) هو الكذب و السب، أما التفاخر و هو اظهار الفخر من حيث الحسب أو النسب فهو علي قسمين:

الأول: أن يكون ذلك لإثبات فضيلة لنفسه مع استلزام الحط من شأن الآخرين و هذا محرم في نفسه.

الثاني: أن يكون ذلك لإثبات فضيلة لنفسه من دون أن يستلزم اهانة الغير و حطا من كرامته و هذا لا بأس به و لا يحرم علي المحرم و لا علي غيره (1).

______________________________

(1) النصوص الواردة في المقام متعارضة فمنها ما فسر الفسوق بالكذب و السباب منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «2» أيضا و منها ما فسره بالكذب و المفاخرة لاحظ ما رواه علي بن جعفر «3» فيقع التعارض بين الحديثين و لا مجال لان يقال يخصص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر بتقريب انّ دلالة المفهوم بالظهور و دلالة المنطوق بالصراحة و الوجه في عدم المجال ان كل واحد من الحديثين ناظر الي تفسير الفسوق مثلا لو تكلّم المولي بكلمة و اختلف راويان و مخبران في تفسيرها فقال أحدهما انّ المولي فسر مراده بالصلاة و قال الثاني فسر

______________________________

(1) لاحظ ص 420.

(2) لاحظ ص 421.

(3) لاحظ ص 420.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 487

______________________________

المولي كلامه بالصوم هل يمكن أن يقال بأنه نأخذ بكل واحد و نلتزم بلزوم كلا الامرين و الحال أنه يفهم المعارضة بين الأخبارين و بعبارة اخري ينفي كل مخبر ما أخبره الآخر و هذا العرف ببابك

فالنتيجة هو التعارض و الترجيح مع حديث علي بن جعفر للأحدثية و أما كفارة الفسوق فالنصوص بالنسبة إليها متعارضة فبعض منها يدل علي انّ كفارته بدنة لاحظ ما رواه سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في حديث و في السباب و الفسوق بقرة و الرفث فساد الحج «1» و بعض منها يدل علي أنها الاستغفار لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت أ رأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه قال: لم يجعل اللّه له حدا يستغفر اللّه و يلبّي «2» و بعض منها يدل علي أنها شي ء يتصدق به لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السّلام في حديث قال: و كفارة الفسوق يتصدق بها إذا فعله و هو محرم «3» و في المقام شبهة و هي أنه لا تعارض بين حديث ابن جعفر و حديث سليمان بن خالد بأن نقول حديث سليمان يوجب كون الكفارة بقرة و المذكور في حديث ابن جعفر عنوان الشي ء و من الظاهر لزوم تقييد المطلق بالمقيد و يرد علي التقريب المذكور أنه يقع التعارض بين حديثي سليمان و الحلبي و لا يميّز الأحدث عن غيره و يحتمل أن يكون حديث الحلبي أحدث فلا مجال لأن يكون حديث سليمان مقيدا بحديث ابن جعفر إذ المفروض أنه نسخ بحديث الحلبي و حديث الحلبي نسخ بحديث ابن جعفر فالمرجع حديث ابن جعفر، بقي الكلام في تحقيق معني المفاخرة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 2 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 2 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 2.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1،

ص: 488

[14- الجدال]
اشارة

14- الجدال

[(مسألة 250): لا يجوز للمحرم الجدال و هو قول «لا و اللّه» و «بلي و اللّه»]

(مسألة 250): لا يجوز للمحرم الجدال و هو قول «لا و اللّه» و «بلي و اللّه» و الأحوط ترك الحلف حتي بغير هذه الألفاظ (1).

______________________________

و الحق أن يقال انّ المتبادر من معني المفاخرة بيان كون المفاخرة أرفع و أعلي درجة من الطرف الآخر و هذا لا يستلزم هتك الطرف المقابل بل أعم منه.

(1) لا اشكال و لا كلام في حرمة الجدال علي المحرم كتابا و سنة و اجماعا أما من الكتاب فقوله تعالي: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِي الْحَجِّ وَ مٰا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّٰهُ وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّٰادِ التَّقْويٰ وَ اتَّقُونِ يٰا أُولِي الْأَلْبٰابِ «1» و أما من السنة فجملة منها تدل علي حرمتها و ستمرّ عليك النصوص أو بعضها و تدل علي انّ المراد من الجدال الجملة المذكورة في المتن جملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن عمّار «2» و منها ما رواه علي بن جعفر «3» و منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام- و ذكر مثل الحديث الأول- و زاد: و قال اتق المفاخرة و عليك بورع يحجزك عن معاصي اللّه فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام من التفث أن تتكلم في احرامك بكلام قبيح فاذا دخلت مكة و طفت بالبيت تكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة. قال: و سألته عن الرجل لا لعمري و بلي لعمري قال ليس هذا من الجدال و انما الجدال لا و اللّه و بلي

______________________________

(1) البقرة: 197.

(2) لاحظ

ص 420.

(3) لاحظ ص 420.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 489

______________________________

و اللّه «1» و منها ما رواه زيد الحشام «2» و منها ما رواه معاوية بن عمّار «3» فانقدح أن المراد من الجدال ليس هو المعني اللغوي أي مطلق المخاصمة كما عليه العامة حسب النقل و بعبارة واضحة المستفاد من كلام مخازن الوحي أرواحنا فداهم ان الجدال عبارة عن هاتين فالجدال مصداقه صيغتان و هما لا و اللّه و بلي و اللّه و بعبارة أوضح أنه لا مجال لأن يتوهم أحد أنه يشترط في ترتب الحكم اجتماع الجملتين بل يكفي تحقق إحداهما و يؤكّد المدعي أنه لا يمكن استعمالهما في مقام واحد إذ إحداهما تستعمل في الاثبات و الاخري في النفي فكيف يمكن أن تستعملا في مقام واحد ثم انّ مقتضي نصوص المنع عن الجدال عدم اختصاص حرمته بصورة المخاصمة بل يحرم و لو لم يكن في ذلك المقام ثم أنه هل الحكم بخصوص ما ورد في النص في مقام بيان المراد من الجدال أي جملة لا و اللّه و بلي و اللّه أو يعم لكل حلف لا اشكال في انّ النصوص المفسرة للجدال لا تشمل غيرهما و لا بد من تخصيص الحكم بهما و ربما يقال أنه يستفاد من جملة من النصوص عموم الحكم لكل يمين لاحظ حديث معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في حديث الجدال قول الرجل لا و اللّه و بلي و اللّه و اعلم انّ الرجل اذا حلف بثلاثة ايمان ولاء في مقام واحد و هو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه و يتصدق به و اذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل و عليه

دم يهريقه و يتصدق به. قال: و سألته عن الرجل يقول لا لعمري و بلي لعمري قال: ليس

______________________________

(1) الوسائل: الباب 32 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

(2) لاحظ ص 421.

(3) لاحظ ص 420.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 490

______________________________

هذا من الجدال و انما الجدال قول الرجل لا و اللّه و بلي و اللّه «1».

و حديثي أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا حلف الرجل ثلاثة ايمان و هو صادق و هو محرم فعليه دم يهريقه و اذا حلف يمينا واحدة كاذبا فقد جادل فعليه دم يهريقه «2» و عن أحدهما عليه السّلام قال: إذا حلف بثلاثة ايمان متتابعات صادقا فقد جادل و عليه دم و اذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل و عليه دم «3».

بتقريب انّ الموضوع للكفارة في هذه النصوص عنوان الحلف و الحلف بإطلاقه شامل لكل حلف و الحق أن يقال انّ الأمر و إن كان كذلك لكن اثبات الكفارة أعم من كون الفعل حراما نعم يستفاد من حديث معاوية ان الحلف بثلاثة ايمان ولاء في مقام واحد يكون مصداقا للجدال فيكون حراما إذ هو جدال بالحكومة كما أنه لو حلف كاذبا يمينا واحدة فقد جادل و يكون حلفه مصداقا للجدال بالحكومة كما انه يستفاد من حديث أبي بصير أنه إذا حلف المحرم ثلاثة ايمان صادقا فعليه الكفارة و إذا حلف واحدة كاذبة فعليه الكفارة أيضا و حيث انّ الجدال و عنوانه يصدق في الموردين بالحكومة و الجعل يترتب عليه حكمه أي إذا حلف ثلاثة أيمان ولاء صادقة أو إذا حلف واحدة كاذبة يكون مجادلا بالحكومة و أما إذا فرضنا أنه حلف حلفا صادقا متعددا بغير ولاء و

لم يكن الحلف بهاتين الصيغتين لا يكون مجادلا فلا يترتب عليه الكفارة كما أنه لا يكون حراما لعدم الدليل علي الحرمة و الحق أنه لا يتم تقريب الحكومة إذ المستفاد من النص ان اليمين التي تترتب

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 3.

(2) نفس المصدر، الحديث 7.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 491

______________________________

عليه الكفارة تختص بالصيغة الخاصة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه أنه قال: اليمين التي تكفّر ان يقول الرجل لا و اللّه و نحو ذلك «1» و لقائل أن يقول لا يستفاد الانحصار من الحديث إذ قد ذكر فيه و نحو ذلك مضافا الي ان غاية ما يستفاد من الحديث الانحصار بلحاظ الاطلاق و من الظاهر انّ الظهور قابل لان يقيد بالمقيد.

ثم أنه هل يمكن القول بكفاية التلفظ بمعني الجملتين كما لو قال مثلا نعم و اللّه أو يقول فعلت و اللّه أو لا يمكن الظاهر هو الثاني إذ مع التبديل بل لا يتحقق العنوان المأخوذ في الدليل و مع انتفاء الموضوع ينتفي الحكم كما هو المقرر ثم انّ الحكم هل يختص بالحلف الذي يكون في مقام الانشاء أو يعم ما كان في مقام الاخبار أيضا ربما يقال بالعموم للاطلاق في الدليل و لكن الحق أنه يختص بما يكون في مقام الأخبار و الدليل عليه ما يفصل في النصوص بالنسبة الي الكفارة بين الكذب و الصدق لاحظ أحاديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الجدال في الحج فقال:

من زاد علي مرتين فقد وقع علي الدم فقيل له الذي يجادل و هو صادق قال عليه

شاة و الكاذب عليه بقرة «2» و أبي بصير «3» و أيضا أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا جادل الرجل و هو محرم فكذب متعمدا فعليه جزور «4» و يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يقول لا و اللّه و بلي و اللّه و هو صادق عليه

______________________________

(1) الوسائل: الباب 30 من أبواب الايمان، الحديث 13.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 6.

(3) لاحظ ص 490.

(4) الوسائل: الباب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 9.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 492

[(مسألة 251) يستثني من حرمة الجدال أمران]

(مسألة 251) يستثني من حرمة الجدال أمران:

الأول: أن يكون ذلك لضرورة تقتضيه من احقاق حق أو ابطال باطل.

الثاني: أن لا يقصد بذلك الحلف بل يقصد به أمرا آخر كإظهار المحبة و التعظيم كقول القائل لا و اللّه لا تفعل ذلك (1).

______________________________

شي ء قال: لا «1»، و الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: قلت فمن ابتلي بالجدال ما عليه قال: إذا جادل فوق مرتين فعلي المصيب دم يهريقه و علي المخطئ بقرة «2».

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه أبو بصير- يعني ليث بن البختري- قال:

سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه و اللّه لا تعمله فيقول و اللّه لأعملنّه فيخالفه مرارا يلزمه ما يلزم الجدال قال: لا انما اراد بهذا اكرام أخيه إنما كان ذلك ما كان فيه معصية «3» فانه يستفاد من الحديث ان اليمين الموضوع للحكم و يكون جدالا شرعا ما يمكن أن يكون معصية و ما يمكن فيه العصيان ما كان في مقام الاخبار و أما ما كان في الانشاء

فلا يتصور فيه الصدق و الكذب فلاحظ.

(1) أما إذا كان المورد الضرورة فارتفاع الحرمة علي طبق القاعدة الأولية فإن الارتفاع مقتضي حديث الرفع الذي يقتضي رفع الالزام و أما إذا لم يكن مصداقا للضرورة فلو كان المقام مقام التزاحم و رجح جانب الحلف فأيضا ارتفاع

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 8.

(2) نفس المصدر، الحديث 2.

(3) الوسائل: الباب 32 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 7.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 493

[(مسألة 252): لا كفارة علي المجادل فيما إذا كان صادقا في قوله]

(مسألة 252): لا كفارة علي المجادل فيما إذا كان صادقا في قوله و لكنه يستغفر ربّه هذا فيما إذا لم يتجاوز حلفه للمرة الثانية و إلا كان عليه كفارة شاة و أما إذا كان الجدال عن كذب فعليه كفارة شاة للمرة الأولي و شاة اخري للمرة الثانية و بقرة للمرة الثالثة (1).

______________________________

الحرمة علي طبق القاعدة لما حقق في محله في باب التزاحم و أما لو لم يكن كذلك فارتفاع الحرمة بلحاظ احقاق حق أو ابطال باطل علي نحو الاطلاق محل الاشكال لعدم ما يقتضي ذلك نعم لو كان ابطال الباطل أو احقاق الحق لازما و كان طريقه منحصرا في الحلف يدخل المقام في باب التزاحم كما تقدم و أما ارتفاع الحرمة فيما لا يقصد بالحلف الاخبار بل يكون معنونا بعنوان الانشاء فيكون خارجا عن محل الكلام موضوعا و يكون خروجه خروجا تخصيصا.

(1) اللازم ملاحظة نصوص المقام و استفادة الحكم الشرعي منها فنقول من تلك النصوص ما رواه سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في الجدال شاة، الحديث «1» و المستفاد من هذه الرواية ان كفارة الجدال مطلق تكون شاة و منها ما رواه الحلبي «2» و المستفاد من هذه الرواية التفصيل

بأن يقال من جادل أكثر من مرتين فان كان صادقا فعليه دم و إن كان كاذبا عليه بقرة و هذه الرواية تنفي بمفهومها الكفارة عن الذي يكون صادقا و كان جداله أقل من الثلاثة فتخصص الرواية الاولي بالثانية و تكون النتيجة أنه إن كان المجادل صادقا و كان جداله أقل من الثلاثة لا شي ء عليه و إن كان أكثر من اثنين فعليه دم و إن كان كاذبا فان كان أقل

______________________________

(1) الوسائل: الباب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

(2) لاحظ ص 492.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 494

______________________________

من ثلاثة تكون عليه شاة و إن كان أكثر تكون عليه البقرة و منها ما رواه معاوية بن عمّار «1» و المستفاد من هذه الرواية أن المكلف إذا حلف ثلاثة أيمان ولاء عليه دم و إذا حلف واحدة كاذبة يكون عليه الدم و بهذه الرواية يخصّص حديث ابن خالد إذ مفهوم هذه الرواية عدم الكفارة بلا ولاء و المطلق يقيد بالمقيد و منها ما رواه معاوية ابن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انّ الرجل إذا حلف بثلاثة ايمان في مقام ولاء و هو محرم فقد جادل و عليه حدّ الجدال دم يهريقه و يتصدق به «2» و المستفاد من هذه الرواية انّ المكلف إذا حلف ثلاثة ايمان ولاء عليه دم و بمفهومه ينفي الكفارة عن الذي يحلف في غير صورة الثلاث ولاء و أيضا يوجب مطلق الدم علي الثلاث ولاء فلا بد أن يقيد مفهومه بما يدل علي الكفارة في صورة الكذب و لو كان واحدة و في صورة كون الحلف ثلاثة وجوب البقرة إذا كان كاذبا و منها ما رواه أبو بصير

«3» و المستفاد من هذه الرواية أن الحلف إذا كان كاذبا تكون كفارته الجزور و الحديث ضعيف بضعف اسناد الشيخ الي عباس بن معروف علي ما كتبه الحاجياني و هكذا في كلام سيدنا الاستاد علي ما في تقريره الشريف فالنتيجة أن المحرم إذا كان صادقا و حلف ثلاثة ايمان ولاء يكون عليه الدم و إذا كان كاذبا و كان أكثر من مرتين و كان ولاء تكون عليه البقرة.

ثم ان الولاء عبارة عن كون الثلاثة متواليات في مقام واحد و أما إذا لم تكن متواليات أو كانت و لكن كانت في أكثر من مقام واحد لا يترتب عليه الحكم.

______________________________

(1) لاحظ ص 489.

(2) الوسائل: الباب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 5.

(3) لاحظ ص 491.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 495

______________________________

ثم أنه تترتب علي ما تقدم فروع:

الفرع الأول: أنه قد جعل في بعض النصوص موضوع الحكم عنوان اليمين لاحظ أحاديث معاوية بن عمّار «1» و أبي بصير «2» و معاوية بن عمّار «3» و أبي بصير «4» فهل يمكن القول بعدم اختصاص الحكم بالصيغتين الخاصتين أم لا الظاهر هو الاختصاص و ذلك لوجهين أحدهما ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور «5».

فانّ المستفاد من هذه الرواية ان اليمين التي تكفر في هذا الاطار الخاص و الدائرة المخصوصة فلا بد أن تكون بهذه الصيغة الخاصة و نحوها.

ثانيهما: جملة من نصوص الباب لاحظ أحاديث معاوية بن عمّار المتقدم أولا و أبي بصير المتقدم آنفا و محمد بن مسلم «6» فان المستفاد بحسب الفهم العرفي من هذه النصوص ان الامام عليه السّلام ناظر الي بيان حكم ما جعله جدالا لا في مقام بيان اعتبار فرد مصداقا للجدال تعبدا

و حكومة و بعبارة اخري قوله عليه السّلام في حديث ابن عمّار و اعلم انّ الرجل الخ ناظر الي بيان حكم ما صدر منه في صدر الحديث فالنتيجة أنه لا تترتب الكفارة الّا فيما تكلم المحرم بالصيغة الخاصة لا الأعم منها.

______________________________

(1) لاحظ ص 489.

(2) لاحظ ص 490.

(3) لاحظ ص 494.

(4) لاحظ ص 490.

(5) لاحظ ص 491.

(6) لاحظ ص 491.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 496

______________________________

الفرع الثاني: أنه لو تلفظ بالجملة و بالصيغة الخاصة صادقا لكن تكلم بها مرة أو مرتين فهل يكون حراما أو تختص الحرمة بصورة الاتيان بها ثلاث مرات ولاء لقائل أن يقول ان الحرمة التكليفية تختص بتلك الصورة و ذلك لدلالة جملة من النصوص بالمفهوم علي عدم الحرمة عند انتفاء الشرط المذكور لاحظ حديث معاوية بن عمّار المتقدم آنفا فان المستفاد من الحديث بالمفهوم ان المحرم إذا لم يحلف أو حلف أقل من ثلاثة أو حلف ثلاثا لكن لا ولاء لم يكن مجادلا فلا يكون ما صدر عنه حراما و بهذا التقريب يقيد ما دل علي حرمة الصيغة علي الاطلاق من الكتاب و السنة و هل يمكن القول به.

الفرع الثالث: أنه هل يترتب الحكم بما لو أتي المحرم بترجمة الصيغة الخاصة أم لا الظاهر هو الثاني إذ الموضوع المذكور في النصوص اللفظ المخصوص فالتعدي منه الي غيره تخرص بالغيب و قول بغير علم.

الفرع الرابع: أنه لو تلفظ بالصيغة الخاصة غلطا فهل يترتب عليه الحكم أم لا الظاهر هو الثاني إذ لا اشكال في انّ الغلط ليس مصداقا للموضوع المقرر شرعا و الالتزام بعدم الفرق بين الصحيح و الغلط يحتاج الي قيام دليل عليه.

إن قلت فعلي ذلك لو باع داره من المشتري

و تكلم بالصيغة غلطا يلزم أن لا يكون العقد صحيحا و يكون البيع فاسدا و الحال ان الأمر ليس كذلك و ما الفارق بين المقامين.

قلت: بين المقامين بون بعيد إذ في البيع يلزم ابراز اعتباره بمبرز و لو كان فعلا من الافعال و لا خصوصية للكلام و بعبارة واضحة تتوقف الصحة علي صدق عنوان

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 497

______________________________

البيع و بعد تحقق الصدق يشمله دليل الصحة من قوله تعالي أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ و أما فيما يكون الحكم مخصوصا بخصوص لفظ خاص فلا يمكن التعدي و الالتزام بكفاية غلطه و لذا لو طلق زوجته و أتي بصيغة الطلاق غلطا لا نلتزم بالكفاية.

و حيث انجر الكلام الي هنا نتعرض لفرع مهم يكون مورد الابتلاء به و هو أنه لو سلم أحد علي المصلي لكن كان سلامه غلطا فهل يجب الجواب الظاهر أنه يشكل الالتزام بالوجوب لان الدليل الدال علي وجوب الرد لا يشمل اللفظ الغلط إن قلت أن الأمر كذلك لكن نتمسك بإطلاق قوله تعالي حيث دل بإطلاقه علي وجوب رد التحية قلت الاصحاب لم يلتزموا بوجوب رد التحية و السيرة و الارتكاز المتشرعي شاهد أصدق علي ما نقول و لا يشك أحد في عدم وجوب رفع العمامة عن الرأس لو رفع الغير عمامته عن رأسه احتراما و اكراما كما هو المتداول عند فريق من الناس بالنسبة الي القلنسوة و أمثالها و علي هذا الاساس يمكن أن يقال الجواب في الفرض المذكور خلاف الاحتياط بل يكون حراما إذ يوجب بطلان الصلاة و ابطالها حرام.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 498

[15- قتل هوام الجسد]
اشارة

15- قتل هوام الجسد

[(مسألة 253): لا يجوز للمحرم قتل القمل و لا القاؤه من جسده]

(مسألة 253): لا يجوز للمحرم قتل القمل و لا القاؤه من جسده و لا بأس بنقله من مكان الي مكان آخر و إذا قتله فالأحوط التكفير عنه بكف من الطعام للفقير أما البق و البرغوث و أمثالهما فالأحوط عدم قتلهما إذا لم يكن هناك ضرر يتوجه منهما علي المحرم و أما دفعهما فالأظهر جوازه و إن كان الترك أحوط (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: أنه لا يجوز للمحرم قتل القمل و يمكن الاستدلال علي المدعي بطائفة من النصوص منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام هل يحكّ المحرم رأسه أو يغتسل بالماء قال: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة، الحديث «1»، و منها ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اتق قتل الدواب كلّها و لا تمس شيئا من الطيب و لا من الدهن في احرامك و اتق الطيب في زادك و امسك علي انفك من الريح الطيبة و لا تمسك من الريح المنتنة فإنه لا ينبغي لك أن تتلذذ بريح طيبة فمن ابتلي بشي ء من ذلك فليعد غسله و ليتصدق بقدر ما صنع «2» و منها ما رواه أبو الجارود قال: سأل رجل أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قتل قملة و هو محرم قال: بئس ما صنع قلت: فما فداؤها قال: لا فداء لها «3» و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا أما الحديث الأول فبالارسال إذ عنوان غير واحد لا يوجب

______________________________

(1) الوسائل: الباب 73 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 4.

(2) الباب 18 من هذه الأبواب، الحديث 9.

(3) الوسائل: الباب 15 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 8.

مصباح الناسك

في شرح المناسك، ج 1، ص: 499

______________________________

تعنون الخبر بالمتواتر و طريق الصدوق الي أبان ضعيف و أما الحديث الثاني فبابراهيم النخعي فانه لم يوثق و أما الحديث الثالث فان اسناد الصدوق الي أبان بن تغلب ضعيف و أبان الواقع في السند لا ندري أريد منه ابن تغلب أو ابن عثمان و كلاهما يرويان عن أبي الجارود.

الفرع الثاني: أنه لا يجوز القائه عن البدن لاحظ ما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال المحرم يلقي عنه الدواب كلها الّا القمّلة فانّها من جسده و ان أراد أن يحوّل قملة من مكان الي مكان فلا يضرّه «1» و أما حديث مرّة مولي خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يلقي القملة فقال ألقوها أبعدها اللّه غير محمودة و لا مفقودة «2» الدال علي الجواز ضعيف سندا فالنتيجة عدم جواز القائها علي البدن و بالفحوي يدل الحديث علي عدم جواز قتلها.

الفرع الثالث: أنه يجوز نقلها من مكان الي مكان آخر لاحظ ما رواه معاوية ابن عمّار المتقدم آنفا.

الفرع الرابع: أنه إذا قتلها فالأحوط التكفير عنه بكف من الطعام للفقير و تدل علي التكفير بالطعام عدة نصوص منها ما رواه حماد بن عيسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقيها قال: يطعم مكانها طعاما «3» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المحرم ينزع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 78 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 5.

(2) نفس المصدر، الحديث 6.

(3) الوسائل: الباب 15 من أبواب بقية كفارات الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 500

______________________________

القملة عن جسده

فيلقيها قال: يطعم مكانها طعاما «1» و منها ما رواه الحلبي قال:

حككت رأسي و أنا مرحم فوقع منه قملات فأردت ردهن فنهاني و قال: تصدق بكفّ من طعام «2» نعم في حديث حسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

المحرم لا ينزع القملة من جسده و لا من ثوبه متعمدا و ان قتل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده «3»، ذكر عنوان قبضة بيده و لكن الحديث وارد في القتل الخطائي و أيضا هذه الروايات ناظرة الي التكفير لاجل الالقاء و غاية ما يمكن أن يقال أنها بالفحوي تدل علي وجوب الكفارة في القتل لكن المستفاد من حديث معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما تقول في محرم قتل قملة قال:

لا شي ء عليه في القملة و لا ينبغي أن يتعمد قتلها «4» عدم كفارة علي قتل القملة عمدا و حيث انّ الاحدث غير محرز تصل النوبة الي البراءة و علي الجملة ان حديث ابن عمار المشار إليه آنفا يعارض ما يدل بالفحوي علي وجوب الكفارة للقتل و أيضا يعارض ما يدل بالمطابقة علي وجوب قبضة إذ كيف لا كفارة في العمد و تكون في الخطاء و بعبارة واضحة حديث ابن عمار يدل علي عدم وجوب الكفارة في قتل القملة بلا فرق بين العمد و الخطاء فالمرجع بعد المعارضة أصل البراءة عن الوجوب فلاحظ.

الفرع الخامس: أن الأحوط عدم قتل البق و البرغوث و أمثالهما الّا في مورد

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 4.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 501

______________________________

توجه ضرر منها علي المحرم ربما يستدل

علي الحرمة بحديث زرارة «1» و الحديث ضعيف سندا بالارسال و السند الآخر أيضا ضعيف و ربما يستدل عليه بما رواه معاوية بن عمّار «2» و الحديث ضعيف سندا بالنخعي و ربما يستدل علي المدعي بحديث جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يقتل البقة و البراغيث إذا أذاه قال: نعم «3» بتقريب انّ جواز القتل علق علي الايذاء فلا يجوز بدونه و يرد عليه ان التعليق وارد في كلام السائل لا في كلام الامام عليه السّلام فالحكم مبني علي الاحتياط و مقتضي الصناعة هو الجواز ثم انه علي فرض كونه حراما يصير جائزا في صورة الايذاء كما ذكر في حديث جميل فلا ينطبق علي ما في المتن الا أن يقال ان الايذاء من مصاديق الضرر.

الفرع السادس: أنه يجوز دفعها و إن كان الترك أحوط و مقتضي حديث معاوية بن عمّار «4» جواز الالقاء و الدفع فلا مقتضي للاحتياط الّا التورع.

______________________________

(1) لاحظ ص 498.

(2) لاحظ ص 498.

(3) الوسائل: الباب 78 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 7.

(4) لاحظ ص 499.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 502

[16- التزين]
اشارة

16- التزين

[(مسألة 254): يحرم علي المحرم التختم بقصد الزينة]

(مسألة 254): يحرم علي المحرم التختم بقصد الزينة و لا بأس بذلك بقصد الاستحباب بل يحرم عليه التزين مطلقا و كفارته شاة علي الأحوط الأولي (1).

______________________________

(1) تارة يتكلم في التختم من حيث هو و اخري من حيث كونه مصداقا للزينة فيقع الكلام في موضعين أما الموضع الأول فنقول قد وردت في الخاتم جملة من الروايات منها ما رواه نجيح عن أبي الحسن عليه السّلام قال: لا بأس بلبس الخاتم للمحرم «1» و المستفاد من هذه الرواية جواز لبس الخاتم للمحرم و الحديث ضعيف سندا بنجيح و منها ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تلبس المرأة المحرمة الخاتم من ذهب «2» و مقتضي هذه الرواية جواز لبس الخاتم الذهب للمرأة و منها ما رواه محمد بن اسماعيل قال: رأيت العبد الصالح عليه السّلام و هو محرم و عليه خاتم و هو يطوف طواف الفريضة «3» و ما رواه أيضا قال: رأيت علي أبي الحسن الرضا عليه السّلام و هو محرم خاتما «4» و مقتضي الحديثين أنهما عليهما السلام كانا لا بسين الخاتم و لا يستفاد من الحديثين الّا الجواز في الجملة إذ لا لسان في الفعل و لم يذكر بأن لبساه بأيّ نحو كان و منها ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:

و سألته أ يلبس المحرم الخاتم قال: لا يلبسه للزينة «5» و الحديث ضعيف بصالح بن

______________________________

(1) الوسائل: الباب 46 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

(2) نفس المصدر، الحديث 5.

(3) نفس المصدر، الحديث 3.

(4) نفس المصدر، الحديث 6.

(5) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 503

______________________________

السندي إذ هو لم يوثق و

كونه في اسناد كامل الزيارات لا أثر له كما ان عمل المشهور به علي فرض تحققه لا يوجب انجبار ضعفه فالنتيجة أنه لا دليل علي حرمته بما هو و مقتضي البراءة هو الجواز.

و أما الموضع الثاني فلا بد من التفصيل بأن يقال إن كان التختم مصداقا للزينة في مورد يحرم لبسه لانه قد استفيد من بعض النصوص ان لبس ما يكون زينة حرام منها ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكتحل المرأة المحرمة بالسواد ان السواد زينة «1».

فبعموم العلة نلتزم إن كل عمل يكون مصداقا للزينة عرفا يكون حراما للمحرم و يؤيد المدعي ما رواه الحلبي «2» و انما عبرنا بالتأييد لان لفظ الكراهة لا يدل علي الحرمة الا أن يقال لفظ الكراهة يدل علي عدم الرضا بمتعلقه فطبعا يكون المكروه حراما و هذا لا ينافي كون الفعل المكروه في قبال الحرام جائزا اللهم الا أن يقال أنه كيف لا يكون التنافي بين الأمرين فالحق أن الحديث مؤيد للمدعي لا دليل عليه و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثي حماد يعني ابن عثمان «3» و حريز «4» فانقدح ان الميزان كونه مصداقا للزينة عرفا بلا مدخلية لقصد التزين به و عدمه فلو كان مصداقا لها يكون لبسه حراما و إن لم يقصد به التزين و إن لم يكن مصداقا لها يكون لبسه جائزا و ان قصد به التزين.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 33 من هذه الأبواب، الحديث 4.

(2) لاحظ ص 477.

(3) لاحظ ص 480.

(4) لاحظ ص 480.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 504

______________________________

ثم انه هل يحرم التزين علي المرأة المحرمة كما يحرم علي الرجل المحرم أم لا مقتضي حديث حريز «1» حرمته

عليها فان مقتضي هذه الرواية حرمة التزين بالزينة علي الاطلاق بلا فرق بين الرجل و المرأة.

و لما انجر الكلام الي هنا ينبغي بل يلزم ذكر نكتة و هي ان الأصحاب أجروا الأحكام الثابتة للرجال علي النساء و استدلوا بالاجماع علي قاعدة الاشتراك في التكليف بين الرجال و النساء و الحال أن حال الاجماع من حيث الاشكال أمر واضح فانه قد ثبت في محله عدم الاعتبار للاجماع لا لمنقوله و لا لمحصله مضافا الي أنه نري في بعض الموارد يستشكلون في الاشتراك قائلين انه لا اجماع علي الاشتراك في المقام فيكشف انه لا اجماع علي الكبري إذا عرفت ما تقدم نقول الذي يختلج بالبال أن يقال ان الأصل الأولي في جعل التكاليف الاشتراك بين جميع الامة و عدم الاشتراك يحتاج الي مخصص و ذلك لان الرسول المكرم أرواحنا فداه بعث لتبليغ الأحكام لكل واحد من أحاد الأمة و لكل شخص من أشخاص المكلفين فلو بين حكما علي النحو الكلي العام يشمل كل احد و ان مقتضي القاعدة كذلك إذ لا يكون الحكم الشرعي حكما شخصيا فيكون الحكم لجميع آحاد المكلفين بلا فرق بين أن يكون العنوان الذي القي اللّه التكليف عنوانا جامعا للرجل و المرأة كقوله تعالي يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ* و كقوله تعالي: فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ أو يكون عنوانا خاصا كقوله تعالي: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* فان الموصول و ان كان مذكرا لا يشمل المؤنث لكن العرف يفهم ان الحكم عام شامل لكلا الفريقين.

______________________________

(1) لاحظ ص 503.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 505

[(مسألة 255): يحرم علي المحرم استعمال الحناء فيما إذا عد زينة خارجا]

(مسألة 255): يحرم علي المحرم استعمال الحناء فيما إذا عد زينة خارجا و إن

لم يقصد به التزين نعم لا بأس به إذا لم يكن زينة كما إذا كان لعلاج و نحوه (1).

______________________________

و يستفاد من حديث عمّار «1» جواز لبس المرأة الخاتم من الذهب و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين أن يكون مصداقا للزينة أم لا و بلا فرق بين أن يكون اللبس بقصد الزينة أو لم يكن فيقع التعارض بين الطرفين فيما يكون مصداقا للزينة و حيث ان الأحدث غير معلوم تصل النوبة الي البراءة و مقتضاها الجواز فلاحظ الا أن يقال لا تعارض بين العنوان الأولي و الثانوي و من الظاهر انّ عنوان الزينة عنوان ثانوي فلا تعارض فلا تصل النوبة الي البراءة، و هل يكون في فعله كفارة أم لا، الحق هو الثاني لعدم الدليل عليها نعم لا اشكال في انّ الاحتياط حسن.

(1) يدل علي الحرمة ما يكون دالا علي حرمة مطلق الزينة لاحظ ما رواه حريز «2» و ما رواه زرارة «3» و لا فرق في الحرمة فيما يكون مصداقا للزينة بين الرجل و المرأة و ربما يقال كما في كلام سيدنا الاستاد قدّس سرّه أنه إذا كان استعماله لاجل التداوي لا بأس به و استدل علي المدعي بحديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

سألته عن الحناء فقال: ان المحرم ليمسه و يداوي به بعيره و ما هو بطيب و ما به بأس «4» و الظاهر ان الاستدلال في غير محله إذ المستفاد من الحديث ان عدم البأس

______________________________

(1) لاحظ ص 502.

(2) لاحظ ص 503.

(3) لاحظ ص 477.

(4) الوسائل: الباب 23 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 1.

مصباح الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 506

[(مسألة 256): يحرم علي المرأة المحرمة لبس الحلي للزينة]

(مسألة 256): يحرم علي المرأة المحرمة لبس

الحلي للزينة و يستثني من ذلك ما كانت تعتاد لبسه قبل احرامها و لكنها لا تظهره لزوجها و لا لغيره من الرجال (1).

______________________________

من حيث عدم كونه من مصاديق الطيب و بعبارة اخري الحكم حيثي فلو فرض كونه مصداقا للزينة و لم تكن ضرورة في استعماله يحرم و لو لاجل التداوي ما دام لا يصدق عنوان الضرورة الموجب لارتفاع الحرمة و لا فرق في الحكم بين صورة قصد التزين به أو عدمه فان الميزان في الحرمة كونه مصداقا للزينة فلاحظ.

(1) المستفاد من نصوص الباب هو التفصيل بأن يقال لا يجب علي المرأة نزع الحلي الذي لبسته قبل أن تحرم و الدليل عليه ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للاحرام لم تنزع حليها «1» و لكن يجب عليها أن لا تظهره للرجال لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة يكون عليها حلي و الخلخال و المسكة و القرطان من الذهب و الورق تحرم فيه و هو عليها و قد كانت تلبسه في بيتها قبل حجّها أ تنزعه إذا أحرمت أو تتركه علي حاله قال تحرم فيه و تلبسه من غير ان تظهره للرجال في مركبها و مسيرها «2» و يحرم عليها لبس الحلي المشهور لقصد الزينة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: المحرمة تلبس الحلي كله الّا حليّا مشهورا للزينة «3» و به تخصص رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: المحرمة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 49 من أبواب تروك الاحرام، الحديث 9.

(2) نفس المصدر، الحديث 1.

(3) نفس المصدر، الحديث 4.

مصباح

الناسك في شرح المناسك، ج 1، ص: 507

______________________________

لا تلبس الحلي و لا المصبغات الا صبغا لا يردع «1» و يجوز لها لبس الخلخالين و المسك و الدليل عليه ما رواه يعقوب بن شعيب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا بأس أن تلبس المرأة الخلخالين و المسك «2».

و به نختم الجزء الأول و يتلوه الجزء الثاني إن شاء اللّه تعالي

______________________________

(1) نفس المصدر، الحديث 2.

(2) نفس المصدر، الحديث 8.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.